الكورونا ليست مزحة بقلم كمال الهِدي

الكورونا ليست مزحة بقلم كمال الهِدي


03-20-2020, 02:08 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1584709680&rn=0


Post: #1
Title: الكورونا ليست مزحة بقلم كمال الهِدي
Author: كمال الهدي
Date: 03-20-2020, 02:08 PM

02:08 PM March, 20 2020

سودانيز اون لاين
كمال الهدي-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




تأمُلات



. أبتدر هذا المقال بالتأكيد على أن الدكتور أكرم أحد أكثر وزراء حكومة الثورة احتراماً عندي بسبب ما رأيناه منه من عمل جاد منذ لحظة توليه منصبه.

. قصدت أن أبدأ بذلك حتى لا يتوهم البعض أننا نظلمه بما ستطالعونه في متن المقال.

. ولكونه أحد ثلاثة وزراء ثوريين حقيقة كان لابد من التأكيد على هذه الجزئية.

. وما يجب أن يفهمه الجميع حكومة وشعباً و(عساكر) أن هذا الوباء الذي ضرب العالم ليس مزحة.

. الكورونا هزت كل أرجاء هذه المعمورة، ومن الظلم أن نتناولها في هذا السودان الشاسع كأمر يخص وزارة الصحة وحدها.

. ففي كل بلدان العالم يتم التعامل معها كقضية وطنية تتطلب تضافر جميع الجهود الجادة من أجل محاصرتها.

. إلا أننا في السودان ما زلنا نتعامل مع هذا الفيروس اللئيم بكثير من الاستهتار على المستويين الحكومي والشعبي.

. بالنسبة للحكومة فلا تكفي العبارات المنمقة التي يتحفنا بها رئيس الوزراء. ولا التصريحات المتكررة عن الإستعداد الجيد لمحاصرة الفيروس، بينما نرى على أرض الواقع شيئاً مغايراً.

. ما سمعناه بالأمس من عضو مجلس السيادة الأستاذة عائشة لم يعكس شيئاً مما ردده دكتور حمدوك في خطابه.

. وقد كان مخجلاً جداً أن تدعو عضو مجلس السيادة الشعب للجود بالموجود من أجل إغاثة بضع مئات من العائدين.

. وماذا طلبت عائشة!

. سندوتشات ومياه وعصائر كعون سريع من المواطنين!

. خجلت لحظتها لحكومتنا، وظننت أنني أستمع لسكرتير فريق بإحدى الروابط، أو ثائر يتحدث من أمام القيادة عند بدء الاعتصام.

. أيعقل أن تتعامل الحكومة مع أمر جلل كالذي نحن بصدده بهذا الشكل!!

. إن فشلتم في توفير أربعمائة وجبة مع مياهها وعصائرها، كيف نتوقع منكم تحقيق الأهداف الكبيرة يا أعضاء حكومة ثورتنا!!

. ثم كيف تقول عائشة أن كل دعم مطلوب الآن وإلى حين وصول الأطقم الصحية وكأنهم قد تفاجأوا بالعائدين، أو أن العائدين نزلوا هكذا من السماء دون سابق إنذار!!

. ألا يعطي ذلك الإنطباع بأن الحكومة تتعامل مع الكورونا وكأنها مزحة!!

. لماذا لم تعدوا أنفسكم جيداً وتوفروا كل شيء قبل وصول بصات العالقين!

. وبالنظر لخطورة الفيروس ما كان مقبولاً أن تستقبلوا تلك الجموع قبل وصول الكادر الصحي المدرب للتعامل معهم، سيما أننا نعلم جميعاً درجة استهتار مواطننا وتعامله البسيط مع مثل هذه الأمور.

. ثم جاءت الطامة الكبيرة حين شاهدت منذ لحظات الفيديو المأساوي الموجود أعلى صفحتي بالفيس.

. لم أصدق في البدء أن من افترشوا الأرض هم نفس من كانت عائشة تدعوا المواطنين لأن يدعموهم بالسندوتشات والمياه.

. حكومتك لم توفر لهم المكان الآمن والأسرة يا عائشة فكيف تطلبين لهم السندوتشات من أفراد الشعب العاديين!

. لم يكونوا مجموعة معزين قادمين من إحدى القرى لتقديم الواجب لأهل ميت حتى يكون الهم الأساسي هو توفير الطعام لهم.

. فهؤلاء عادوا من بلد موبوء وربما يحمل أي منهم الفيروس لذلك كان لابد من تعامل احترافي معهم منذ الوهلة الأولى.

. ثم كيف يهون عليكم أن يفترش عدد من المواطنين الذين أتوا بكم لمناصبكم الحالية الأرض بذلك الشكل المهين وفي مكان مظلم رغم قربه الشديد من مسكن رئيس الوزراء شخصياً!

. أين د. حمدوك الذي حدثنا عن التعاون معاً لتجاوز هذه المحنة!

. وأين العسكر الذين لا نسمع لهم صوتاً إلا إذا كان هناك ما يعيق تحقيق أهداف ثورتنا!

. العائدون يفترشون الأرض في مثل هذه الظروف وما زال العسكر على ذات ممارساتهم وأقوالهم الماسخة.

. فقد صرحوا بأن المستشفيات العسكرية لن تستقبل أي حالات، مع أن الجيوش في كل بلدان العالم قد أُسُتُنفرت للتعامل مع هذا الوباء.

. وهل يظن هؤلاء أن الفيروس سيفرق بين ابن فريق أو ابنة غفير إن هجم علينا بشكله المُدمر!
. استهتاركم وغلظتكم في التعامل مع مواطنيكم يمكن أن تؤدي لكارثة حقيقية في مثل هذه الظروف.

. وما لم تتحلوا بقدر من المسئولية، لن تستطيع وزارة الصحة بمفردها أن تفعل شيئاً لمكافحة هذا البلاء.

. فكفوا عن التصرف كتجار وتصدوا لمسئولياتكم كرجال دولة ولو مرة في حياتكم.

. أما وزير الإعلام فليس أمامنا سوى أن نقول له (نوم العوافي).

. فالرجل كإعلامي يدرك جيداً طبيعة وعادات شعبنا، وإلى أي درجة يحتاج هذا الشعب لحملات توعوية مكثفة.

. لكن المحزن أن قنواتنا ما زالت على ضلالها القديم.

. وصحفنا منشغلة بكل ما من شأنه أن يعيق الثوار عن تحقيق أهدافهم.

. إعلام غير مسئول يقف على رأسه وزير تقاعس عن أداء الدور المناط به، فكيف لنا أن نواجه مثل هذا الوباء المُنهك!

. لا يروق لي بالطبع الاستهتار و (ركوب الرأس) الذي يتعامل به بعض المواطنين مع الوباء الخطير.

. لكن ماذا بوسعنا أن نفعل تجاه الشعب إذا كان رب البيت للدف ضارباً!!

. نحن أمام وضع يتطلب الكثير من الجدية والالتزام والحسم من الحكومة، وبدون ذلك ستحل الكارثة دون أدنى شك.