لا لإساءة الجيران,, بقلم ⁨إسماعيل عبد الله

لا لإساءة الجيران,, بقلم ⁨إسماعيل عبد الله


03-19-2020, 01:43 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1584621839&rn=1


Post: #1
Title: لا لإساءة الجيران,, بقلم ⁨إسماعيل عبد الله
Author: اسماعيل عبد الله
Date: 03-19-2020, 01:43 PM
Parent: #0

01:43 PM March, 19 2020

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله-الامارات
مكتبتى
رابط مختصر




ألإعلام سلاح ذو حدين, يمكنه أن يقوم برسالته المرجوة خير قيام إذا أحسنت إدارته, و كذلك يستطيع أن يجلب الخسائر المادية والمعنوية للحكومات والشعوب إذا أسيء تناوله, ولكم في (يونس محمود) مقدم البرنامج الصباحي الشهير بالاذاعة السودانية في عهد حكومة الجبهة الاسلامية عظة وعبرة, فهو بوم الصباح الناعق بالضلالة والفتنة الذي هدم علاقات السودان الراسخة مع بلدان الخليج العربي, بتخصيص برنامجه للإساءة إلى رموز سيادة تلك البلدان, إذ كان سبباً رئيساً في فقدان عدد لا يستهان به من العاملين لأعمالهم و وظائفهم هنالك, ومنذ ذلك التاريخ أمسى اسم هذا اليونس نذير شؤم لجموع السودانيين الذين تذوقوا مرارة قطع الارزاق في ذلك الزمان المظلم .
بعض الأقلام الشهيرة في الوسط الصحفي السوداني تناولت محنة الشعب المصري مع وباء كورونا, بنوبة من الشماتة والتشفي والتنميط والتعميم المخل, وذلك بالصاق بعض الخصائص السالبة التي تلازم الانسان أياً كان جنسه أو لونه أو بلده الذي أتى منه برمزية الشخصية المصرية, هذه الخصائص هي النظافة الشخصية من سواك واستحمام و سلوك غذائي, فوباء كورونا لم يترك فرد من عوالم الانسانية التي تدب على سطح الأرض إلا ونال منه سواء كان هذا الفرد متحضراً أم متخلفاً, من الشرق الآسيوي إلى الغرب الأوروبي و الجنوب الافريقي واللاتيني, وإنه لمن الجهالة أن تصف شعباً كاملاً تعداد سكانه يفوق المائة مليون نسمة بالقذارة, فمسألة التنميط و التعميم عندما تصدر من شخص مستنير فان ذلك يعتبر سلوكاً نابعاً من أحد أمرين , إما غبن شخصي أو حنق عنصري.
كتاب الأعمدة بالصحف السودانية الذين يتمتعون بنسبة كبيرة من المتابعين, عليهم الحذر كل الحذر من مغبة الوقوع في الخطأ الفادح الذي يستحيل تداركه, وليعلموا أنهم رسل للمحبة والسلام وليسوا دعاة للفتنة وتأجيج نيران الكراهية والبغضاء والعنصرية, وصدق من وصف الصحافة بالسلطة الرابعة, ففي واقع الأمر يمتلك الصحفيون سلطة حقيقية في توجيه الرأي العام و يقتدي بهم القراء و المعجبون, فعندما يفكر الصحفي السوداني كاتب العمود في تناول الشعب المصري بشيء من انتقاص المقام عليه أن يفكر ألف مرة في مصير آلآف السودانيين القاطنين لقاهرة المعز, وأن يعير انتباهاً لعدد العلماء الذين تخرجوا في الجامعات المصرية مستفيدين من المنح الدراسية التي كانت تقدمها أم الدنيا للطلاب السودانيين.
هنالك فارق كبير بين كتاب الأعمدة في الصحف الورقية, وبين العوام من المغردين في مواقع التواصل الاجتماعي, فكاتب العمود يجب أن لا ينجر وراء استفزازات عموم المرتادين لمنصات الفيس بوك و التويتر والانستقرام, فمثل هذه المقالات المنشورة في الصحف السودانية والمسيئة لشعوب بأكملها لا يمكن أن تجد مثيل ولا شبيه لها بصحيفة الاهرام المصرية وأخواتها, لكن من الطبيعي جداً أن تقرأ أفحش الكلمات القادحة في حق الشخصية السودانية من مصري متسكع في هذه القنوات التواصلية, فالكتابة في المنتديات العامة و غرف الدردشة و تطبيق واتساب ليست كالكتابة في الأعمدة اليومية التي تصدرها الصحف.
على القائمين على أمر صحافتنا أن يراعوا توازن المصالح في تناول علاقاتنا الخارجية القائمة بيننا وبين جيراننا في الاقليم واصدقائنا في العالم, المراعاة التي تسندها الرسالة الهادفة للكاتب الصحفي الذي يستوعب دوره ويدرك أبعاد تحدياته الوطنية, وأن عهد الصحفي الانفعالي الذي يكتب مستجيباً لردة الفعل العارضة قد ولى, كما ولى معها مقص الرقيب والكتابة تحت تأثير الخوف والرعب والرهبة من رأي الدكتاتور وبطش زبانيته, فلا يجب أن يكون الكاتب مجرد ناقل تلقائي لغضب الشارع دون استخلاص الشوائب من هذا الغضب و تقديمه في ثوب قشيب يسر الناظرين.
علينا أن نستوعب نبل أدبيات شباب ثورة ديسمبر المجيدة لكي نصهرها في قوالب المقالات اليومية التي ندلق حبرها على جنبات الصحف, فواجبنا أن نحدث الفرق الملموس بين ما كانت تقدمه الصحافة الصفراء للعهد البائد, وبين حروف العصر الجديد المتحررة في تهذيب أنيق يطوي صفحات الزفرات الحرى وثرثرات آخر الليل لذلك العهد الغيهب .

إسماعيل عبد الله
[email protected]