ما هى القيادة الثورية ؟ ، ما هى أهمية وجودها ؟ ، و لماذا ننعتها بالثورية ؟ .
لقد تبدو هذه الأسئلة بداية و قد يستنكرها بعض غير قليل من العاملين بالسياسة و المهرولين مع رذاذ الثورة و يمقتها المثقفون و تمتعضها الصفوة و تنفر منها النخب و يحتقرها المتثورين الانتهازيين ، وهى ضالة القابضون على جمر الثورة العارفون ببواطن شئونها المشبعة صدورهم بعبق ببخورها (البنبان) . القيادة الثورية هى بوصلة الثورة التى تحدد مسار اتجاهها الصحيح حتى لا تضل طريقها أو تكون فريسة و عرضة لكمين من أعدائها ، لذلك تكون مدركة و ملمة بتضاريس ارضها وعليمة بأحوال طقسها ، وذات حس استطلاعى أمنى يزيد من حرصها على ضمان سلامتها و لها قرنأ استشعار لاقطة لكل تحركات الأعداء من حولها و لها فطنة و ذكاء حاد ينجدها فى حالة الطوارئ و يمكنها من اتخاذ القرارات المصيرية التى تحتاج إلى جراءة تفوق حد الشجاعة وتدخل خانة المغامرة المحسوبة بدقة متناهية . لذلك هذه القيادة نادرة و متفرده بصلابة عودها و رباطة جاشها وكارزميه بطبعها . من هنا تنبع أهمية وجودها بكل الصفات التى أطلقت عليها و بدونها حتما سوف تتعثر مسيرة الثورة و تتباطأ خطأها و يوهن الصراع قواها ، وتصبح عرضة الطامعين فى فنائها . اما ثورية هذه القيادة هى بيت القصيد ، لأنه من الجايز قد تتوفر كل هذه الصفات فى قيادة ما ولكن ينقصها الوعى الثوري و هاهنا تبدو قضية ، لأن معنى الثورة الحقيقى بزخمة الواسع فى أحداث التغير النوعى الجذرى الشامل لا يتجسد على أرض الواقع فى غياب الرؤية الثورية وادبها و سلوكها الاخلاقى و من يؤمنون بهذا الوعى المكتسب من تجارب الواقع الحياتى للشعوب السودانية (هنا نتحدث عن الثورة السودانية ) و توظيفه من قبل القيادة الثورية للوصل بالثورة إلى مراميها و أهدافها الكلية فى خلق واقع جديد . وأصرارنا على هذه الصفات المفترض توفرها فى القيادة الثورية ينبع من ان الثورة منذ حالة اندلاعها الأولى تتعرض خلال مسيرتها بمطبات و حواجز و موانع شائكة و مضنية يغمرها الغموض فى بعض الاحيان و يكون حاجبا لاستقراء المستقبل من أجل الولوج بالثورة من مرحلة إلى أخرى ، و اعداء الثورة يتجددون و تختلف ملامحهم و حجمهم ونوعية ادواتهم مع كل مرحلة تنتقل إليها الثورة ، بل وقد ينتقل البعض من معسكر الثورة إلى مربع الثورة المضادة والعكس صحيح ، و هذا التمايز و التبدل فى تطور صفات الثورة المضادة ليس شأنا مزاجيا ، إنما لعوامل موضوعية تكون أكثر عمقا و كثافة فى حالة بلد كالسودان ، لتعدد المكونات الاثنية والثقافات و المعتقدات وضعف وهشاشة بنية القوى السياسية و بذلك تتشابك المصالح لجموع غفيرة مع الثورة فى مرحلة ما من مراحل الثورة وتتنافر وتتقاطع مصالح البعض كل ما اقتربت الثورة من تحقيق أهدافها ، لأن الثورة فى السودان إذا ما قدر لها النجاح و أنجزت شعاراتها و توجتها بسودان جديد ، سوف تنقلب الأمور رأسا على عقب لدى الكثير من الفئات السياسية و المجتمعية حتى من معسكر الثورة نفسها . حسم الصراع لصالح الثورة يعنى تغير لعبة الحكم والسياسة فى السودان ثلاثة مائة وستون درجة مؤية (360%)و يتبع تلك التحولات على الجانب الاجتماعية و الثقافيى والاقصادى و النفسي تحول على قدر المنوال ، مما يقود لكشف كل ما كان مدسوسا ومسكوت عنة و موارى عن جموع الشعوب السودانية لحقب طويلة من تاريخ هذا البلد ، وسيكون هذا بمثابة يوم الحشر لروؤس و لفئات كثيرة و الذى يعقبة الحساب الناجز ولا مفر . لذا لكل هذه التعقيدات و السياسية والاجتماعية والأمنية ، فإننا ان اردنا فى مثل وضع كوضعنا فى السودان قيادة ثورة ناجحة و نصل بها إلى مبتغاها ، فسيتعذر ذلك فى غياب ما أسلفنا من قيادة ثورية و رؤية ثورية ، لأن المهمة من شدة ثقلها تكاد تئن منها الجبال الراسيات . وكل الظواهر البادية على وضعية الثورة السودانية تشير وتؤكد على ما سردنا و ان كان باختصار شديد . فعلينا الاختيار هل نطمع فى وضع كما كان إبان ثورة (١٩٢٤) بقيادة على عبد اللطيف وصحبه الماظ ، ام أكتوبر (١٩٦٤) او أبريل (١٩٨٥) بكل مآلاتهما ام عازمون هذه المرة لأحدث ثورة حقيقية كاملة الدسم تبدل مستقبل بلادنا إلى غد مشرق تنعم به كل شعوب السودان ،وتعتق نفسها من ماضى مكبل بالظلم والاستبداد ، و تنطلق نحو رحاب الامم المتقدمة وتصبح لنا عظمة وشأن ، وهذا حسن الخيار و شرط حدوثه قيادة ثورية تتولى أمر زمام ثورتنا و حينها النصر حليفنا بلا منازع و سنعبر بها إلى بر الأمان .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة