مـــــــــدافع ( الدلاقيـــــــــــــــــن ) !! بقلم الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد

مـــــــــدافع ( الدلاقيـــــــــــــــــن ) !! بقلم الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد


03-08-2020, 07:24 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1583648640&rn=1


Post: #1
Title: مـــــــــدافع ( الدلاقيـــــــــــــــــن ) !! بقلم الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
Author: عمر عيسى محمد أحمد
Date: 03-08-2020, 07:24 AM
Parent: #0

بسم الله الرحمن الرحيم

مـــــــــدافع ( الدلاقيـــــــــــــــــن ) !!
بقلم الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد

سكان ( أم درمان ) لديهم مصطلحات خاصة وحكيمة .. وهي مصطلحات معروفة منذ أربعينات وخمسينات القرن الماضي .. ومن تلك المصطلحات كانوا يستخدمون عبارة ( فلان كمدفع الدلاقين ) .. وتلك كناية بأن فلان ذلك مجرد شخص ضحل المفاهيم .. وفي نفس الوقت إذا قال قولاُ فإن قوله لا يملك القيمة والوزن .. فهو كالطبل الأجوف يزعج بالضوضاء دون فائدة .. ولا يبذل قولاُ يستحق الرجاء .. وكلمة ( الدلاقين ) كلمة غريبة نوعاُ ما ويستخدمها فقط ناس ( أم درمان ) فيما أظن .. وهي كلمة تعني ( الثياب ) القديمة .. والشخص الجديد القادم لأم درمان لأول مرة حين يسأل عن معنى : (مدفع الدلاقين ؟؟؟ ) يجاب بأنه ذلك المدفع الذي كان يستخدم في شهر رمضان لتنبيه الناس عند وقت الإفطار والسحور .. وكذلك في الأعياد .. وذلك المدفع يقال أنه يعبأ بالبارود ثم بالثياب القديمة المبللة .. وعند إشعال البارود فإن ذلك المدفع يحدث دوياُ عالياُ للغاية .. ولكن محصلة ذلك الصوت العالي المرتفع مجرد هبوت من ( الدخان !! ) .. وهو هبوت لا يؤذي ولا يضر ولا يملك الآثار !!.. مما يؤكد أن الأحداث برمتها مجرد أصوات تنتهي عند حدها ولا تستحق ردود الأفعال !.. والذي يلاحظ الأوضاع في السودان في هذه الأيام بعد تلك الانتفاضة والثورة المجيدة يجد أن الساحات تنوء بتلك الأصوات العالية دون فائدة .. والذي يجعل الأحوال أشد إيلاماُ أنها أصوات تأتي من تلك القيادات الرفيعة العليا ثم ترحل أدراج الرياح كالعدم ولا تملك الأثر !.. مجرد ( فرقعات ) كفرقعات البالونات .. تتوالى تباعاُ تلك ( الفرقعات ) والشعب يعرف يقيناُ أنها مجرد ( فرقعات ) لا تطرد الجوع ولا تحارب الغلاء والشقاء .. ومثل ذلك التراشق الزائف يعرف في عرف العسكرية بمصطلح ( الفشنك !! ) .. وهو ذلك التراشق الذي يفجر البارود دون رصاص يصيب الأهداف !! .. ولا تبرد الأكباد .. خيبة لا تشرف مقام ذلك الرامي .. كما أنه لا يشرف مقام ذلك المرام !.. وهذا الزمن يمثل قمة المهازل في قادة اليوم والمسميات .. والعجيب الأعجب يتمثل في شعب ينتظر مياه السراب !.. وتلك علة قد أصبحت موروثة منذ سنوات عديدة .. حيث مراسيم الإذلال والخضوع التي دامت لثلاثين عاماُ !.. وهي مراسيم قد علمت الإنسان السوداني ظاهرة التخاذل والجبن والتناسي .. وقد تراجعت تلك النخوة والرجولة التي كانت في الماضي .. ليكون البديل هو ذلك البكاء والنحيب والعويل !.. وهو صاحب الأمجاد في التاريخ الذي أحرق ذلك الباشا بكمائن النار .. وذلك لمجرد أصوات كانت تمثل النشاز !.. أما اليوم فإن إنسان السودان ليس كإنسان الأمس !.. بل مجرد هيكل ينوء بالعيوب .. موت في القلوب والضمائر ،، وانتكاسة في الهمم والعزائم ،، وتشوهات في الرجولة ،، وأطماع في النفوس ،، وخلل في العقول ،، وتلك الصفات لا تليق بالرجال أهل الشأن .. وبحق وحقيقة فالجميع في السودان اليوم ( قيادة وشعباُ ) تصدق فيهم مقولة ( مدافع الدلاقين !! ) .. حيث لا نابغ في البلاد يشرف بالنبوغ .. ولا قائد في البلاد يشرف بالقيادة .. ولا عاقل في البلاد يشرف بالاحتكام .. ولا مجنون في البلاد يبتكر بالجنون !.. ولا بطل في البلاد يستحق الثناء .. والكل في السودان اليوم كأكوام النفايات يستحقون الإحراق بالنار .. والذي يزور السودان في هذه الأيام يمشي فوق الأوساخ والنفايات من المطار للديار .. ويبكي حين يشاهد الصفوف الطويلة والخلائق في الانتظار .. ثم تلجمه تلك اللكمات البغيضة من هؤلاء التجار الأشرار .. فيجد ألوان الغلاء والمبالغات في الأسعار .. وتجري الدموع في أحداقه حين يشاهد بلاد ( عزة ) توشك على الانهيار .. فوا أسفاه على دولة تموت يوما بعد يوم بكيد هؤلاء الأبناء الذين يماثلون ويعادلون الكفار .