عربة مراقبة عربات الحكومة: إتلع من دورك يا شيخ! بقلم عبد الله علي إبراهيم

عربة مراقبة عربات الحكومة: إتلع من دورك يا شيخ! بقلم عبد الله علي إبراهيم


03-01-2020, 06:10 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1583039408&rn=0


Post: #1
Title: عربة مراقبة عربات الحكومة: إتلع من دورك يا شيخ! بقلم عبد الله علي إبراهيم
Author: عبدالله علي إبراهيم
Date: 03-01-2020, 06:10 AM

05:10 AM February, 29 2020

سودانيز اون لاين
عبدالله علي إبراهيم-Missouri-USA
مكتبتى
رابط مختصر




(كان في أول عهدنا بالاستقلال إدارة لمراقبة عربات الحكومة ربما تبعت مصلحة النقل الميكانيكي التي ترى آثارها على يسارك وأنت تقطع كبرى الحديد من الخرطوم إلى بحري. ولم تصمد المصلحة لشره صفوة الحكم للتصرف المطلق في عربة الحكومة. وانتهت هذه الطبقة إلى التحلل منها كلية. فبدأت بالتخلص من لوحة إعلان الحكومة، وحلت مصلحة النقل ذاتها، وظللت زجاج سياراتها ورفعته، وتكاثرت في اقتنائها على بينة من موديل السنة. فهذه الطبقة لا تحتمل أي قيد على التصرف ما شاءت في المال العام وموجوداته. وهذه كلمة من بدايات الألفية القرن أنعى فيها عربة مراقبة الحكومة)
لم أصدق عينيّ وأنا أقرأ اللوحة على مبنى ما بشارع السيد عبد الرحمن (أظن) تقول "جهاز مراقبة عربات الحكومة". فقد اعتقدت أنه ليس من رقيب على تلك العربات العائرة من قديم الزمان، ولا من حسيب. فلم ينجح هذا الجهاز منذ تأسيسه في ضبط عربات الدولة. كانت له سيارة تطوف المدينة مكتوب عليها "عربة مراقبة عربات الحكومة". وكانت صيداً سهلاً لرسام الكاركتير الوسيم: عز الدين عثمان. لو تذكرت ربما رسمها مرة في وسط سيرة عرس ودلوكتها تقول يا ليل.
وليس الذنب في هذا "الفكك" ذنب الجهاز. فالدولة هي التي جعلت من عرباتها مطية لاستخدامات جزافية. فمنذ الاستقلال صارت العربة الحكومية طرفاً في انقسام السودانيين إلى "سابلة" و"راكبة. وبذا صارت أيقونة أو علامة لجاه صاحبها وترفعه عن السير راحلاً. وسمى الناس ذلك السير "11 خ" (خ= الخرطوم على لوحات الترخيص) بالقياس إلى نمر السيارات مثل "2 خ". ولم "تقع" لي رمزية السيارة الحكومية مثل وقوعها في رحلة ميدانية لي لجمع التاريخ الشفاهي في مكان ما. قلت لمرافقي إنه لا بأس أن نسير راجلين إلى بيت من قصدنا زيارته طالما كان بيته قريباً من حيث كنت أسكن. ويبدو أن مرافقي لم يعجبه الاقتراح ولكنه تجمل. وحين اجتمعنا بالرجل كان أول ما قال له: "والله الأستاذ جاء بعربية لكين قال يتمشى شوية". وعرفت أنني سقطت في برتوكول جاه الحكومة.
وأخذت الحكومة جاه عربتها إلى غاياته. فحلت مصلحة النقل الميكانيكي التي كانت تراقب العربة الحكومية في لحظة طلبها، ودخولها من جهة الحاجة إليها، واستيرادها، وصيانتها، ثم التخلص منها كفائض بعد عمر طويل إن شاء الله. ولا يدري أحد الآن من يقوم بهذا المهام العصية ومن "يرمرم" من ورائها. سمعت أن لوزارة المالية دوراً ما. وقد تعنى المالية بالمال فمن يعني بالتكنلوجيا؟ ثم صارت العربات تٌصرف لشاغلي المناصب الدستورية على هواهم: سيارة الوزير، وأخرى لشفع المدارس، والبوكس للحاجات من السوق، وسيارة المدام وهلمجرا. وهدد وزير المالية من قريب أنه لن يسمح للوزير بغير عربة واحدة "وأن عهد سيارة المدام انتهى". وسألته في هذا الباب: "المدام نمرة كم؟". إتلع (أطلع) من دورك. وهذه عبارة على لسان حلفاوي شاعت في الستينات.
وتقدس جاه العربة الحكومية. فرفعوا عنها الرقابة بالنمر الخاصة فضّل َكل مراقب لها حتى لو أراد. ولم تختف العربة عن الأنظار بل توارى سيدها الدستوري كذلك بالتظليل. ومن ديك وعيك. فلا رقابة ولا يحزنون.
حين رأيت لوحة جهاز مراقبة العربات الحكومية قلت إلا كان قامت بعاتي. ولكني سعدت بها أيضاً. فقد ظللت أسمع طويلاً عن "الرقابة المتبقية". وبدا لي أنني أرى صورة حية لها في الجهاز الحكومي لمراقبة عربات الحكومة. إتلع من دورك يا شيخ!

لطيفة
حكي لي أحدهم عن سائق قطار بالسكة الحديد نزل المعاش واستبدل بعضه لشراء عربة رخصها تاكسي تعينه على العيش. واستأجر لها سائقاً. وجاءه السائق في ليلة وسلمه إيراد اليوم وسأله أن يأخذ معه العربة تبيت معه فيبدأ بها صباحاً. فقال له الرجل:
-يا ولدي والله استغلت سواق قطر في السكة حديد 25 سنة القطر دا يوم واحد ما بات معاي.