قدلة يا مولاي حافي حالق..في شوارع الخرطوم بقلم د.فراج الشيخ الفزاري

قدلة يا مولاي حافي حالق..في شوارع الخرطوم بقلم د.فراج الشيخ الفزاري


02-15-2020, 08:50 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1581796230&rn=0


Post: #1
Title: قدلة يا مولاي حافي حالق..في شوارع الخرطوم بقلم د.فراج الشيخ الفزاري
Author: د.فراج الشيخ الفزاري
Date: 02-15-2020, 08:50 PM

07:50 PM February, 15 2020

سودانيز اون لاين
د.فراج الشيخ الفزاري-قطر
مكتبتى
رابط مختصر




وحيث لم تعد أم درمان هي أم درمان كما كانت في مخيلة خليل فرح...ولم يعد الترام موجود في شوارعها المتهدمة..( والفات كله فارق).... تبقي احلامنا وذكرياتنا الجميلة مع الخرطوم القديمة معششعشة ومتثبتة باللاشعور ...
ونحن الذين عشنا ليال زمان ..لم يغيرنا الاغتراب والبعد عن الوطن..رغم اننا فارقنا الأهل والاحباب منذ الثمانينيات وظلت الخرطوم وذكرياتها الجميلة عالقة كما تركناها صبية يافعة لم تزد عن الامس الا اصبعا...
ولكننا نصاب بالهم والغم عندما نزورها فنجدها عاما بعد عام آخذة في الضمور وقد نحل عودها ونضبت مفاتنها واصبحت مجرد ذكريات لفاتنة نرها تشيب وتكبر قبل يومها.
أقول ذلك ونحن في بلاد الاغتراب وقد حبانا الله بنعمتين...ليس المال أحدهما ...بل الأمن والأمان ونظافة المدن...وكم تمنيت تحقيقهما في السودان.
والخرطوم ، قبل انقلابات ( بني عسكر ) كانت تتمتع وتترع بتلك الصفات والمزايا...
كانت شوارعها نظيفة ومرتبة وبيوتها آمنة وابوابها مفتزحة دون خزف او هلع حتي أنصاف الليالي.
كنا ...ونحن طلاب في الجامعة...نتنادي في عطلة يوم الخميس علي دخول سينما النيل الأزرق حيث الافلام الاجنبية آخر إنتاج هوليود وجوائز الأوسكار....ثم سيرا علي الاقدام إلي سينما الخرطوم غرب حيث تكملة السهرة بالدور الثاني مع الافلام العربية والهندية وارد القاهرة ونيودلهي مباشرة..
ثم نخىج سالمين آمنين ونحن نشق طريقنا عبر شارع الغابة والمنطقة الصناعية بعد الثانية عشر ليلا او مع تباشير الصباح....وليس في قلب خوف ولا توجس فالمدينة نائمة وغارقة في أحلامها الوردية فلا عسعس ولا جسجس الا من بعض دوريات الشرطة العادية هنا وهناك التي تفرضها واجبات الامن العام.
وكانت شوارع الخرطوم نظبفة...شارع القصر..شارع الجامعة ...وشارع الجمهورية حيث مركز المدينة..وحتي شارع الحرية من السوق العربي وحتي كشك ومحطة ابو حمامة..كان في غاية الروعة والجمال...
وفي الليالي الساهرة..كانت المصابيح والنثريات علي اعمدة الكهرباء تتوهج وتزداد بريقا واحيانا حتي الصباح فتحيل الليل صبحا والخرطوم نهارا وما أجملها( الخرطوم بالليل ).
وعلي حواف تلك المسالك والدروب كانت تتزين جوانبها بشتي انواع الزهور والرياحين التي يعبق عطرها ويطل نداها مع نسمات الصباح...
وعلي شارع النيل ...تتشابك اسجار البلوط حتي تحجب أشعة الشمس فتحيل صيفها الي ربيع منعش مع هبات نسائم النيل حيث الكورنيش الطبيعي الذي سبق إنشاؤه كل كورنيشات المدن العربية بلا إستثناء
ولم تكن الخرطوم وحدها ( المدينة الفاضلة ) في السودان ...فهناك ثمة مدن سودانية لا تقل روعة وجمالا..في واد مدني...الابيض...كسلا...شندي
عطبرة..بورتسودان...وغيرها..
ثم جاء العسكر. ...وتبدل الحال واصبح (أمن النظام ) قبل ( أمن المدينة) وخدمات المدينة وتجميل المدبنة...ومن يومها لم تعد الخرطوم هي الخرطوم التي تسكن الذاكرة...لقد هرمت وشاخت قبل يومها.
ويبقي في الخاطر سؤال يبحث عن جواب :متي تنام هذه المدينة المتعبة وتغمض عينيها وهي آمنة مطمئنة علي بيوتها المفتوحة بين الجيران....وتعود شوارعها النظيفة وهي خالية من التكسير والتدمير ورمي المخلفات.؟ بل متي يسترد أطفال المدينة براءتهم المفقودة ويلعبون في الميادين والمنتزهات المفتوحة كما يلعب كل اطفال العالم في أمن وسلامة وامان او خطر يتهددهم بأي شكل كان .؟
==============
د.فراج الشيخ الفزاري
[email protected]