ستموت في العشرين, خواطر متفرقة

ستموت في العشرين, خواطر متفرقة


12-06-2019, 02:18 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=500&msg=1575638298&rn=5


Post: #1
Title: ستموت في العشرين, خواطر متفرقة
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 12-06-2019, 02:18 PM
Parent: #0

01:18 PM December, 06 2019

سودانيز اون لاين
محمد حيدر المشرف-دولة قطر
مكتبتى
رابط مختصر





ستموت في العشرين .. خواطر متفرقة


كانت مظاهر الفخامة المحيطة بتفاصيل المكان تلقي بظلالها الانيقة على الوجوه السمراء المتناثرة في ابهاء متحف الفن الاسلامي حيث يعرض فيلم ستموت في العشرين في احدى قاعاته.. اصطف عدد كبير من الذين لم يقتنوا تذاكرهم عبر الانتنرنت, وكانت التذاكر الالكترونية قد نفذت تماما قبل اربعة ايام من العرض الذي يبدو انه الأخير في الدوحة.

اصطفوا قبل ساعة من بداية العرض في صف طويل على وعد غير مؤكد بتوفير بطاقات صعود للفيلم عند بدايته.

نعم.. فذلك فيلم تصعد اليه الروح وتعانقه بحميمية لطيفة جدا!!!

تم الترحيب بالحضور بالغتين الانجليزية والعربية مع توجيهات عدم التصوير من داخل القاعة (الامر الذي تم خرقه بواسطة احد الشباب وتم التعامل معه بصورة طيبة) ..

كنت محايدا جدا تجاه توقعاتي وفي الخاطر الحملة المسعورة التي تجري وقائعها في ذلك الوطن الثائر الجميل. وعلى الرغم من خلفية نيل الفيلم لجائزة اظنها مرموقة جدا في مجال السينما, الا انني وعلى نحو متشائم نوعا ما احتفظت بتوقعاتي المحايدة. ولقد فاق الفيلم توقعاتي

(ليس في الفيلم ما يكفي لازعاج أي مجتمع محافظ بالمناسبة)

مضت نحو نصف ساعة من العرض, حاقت فيها اللعنة بالمولود الجديد "مزمل" أن سيموت في العشرين.. وتنقلت كاميرا أمجد ابوالعلا بصورة انيقة بين تمرحلات شخصية "مزمل" والمحيط الاجتماعي والثقافي والديني لتلك القرية المنسية داخل متاهات ذلك الوطن الحزين. مضت نصف الساعة تلك قبل أن يشتعل الصراع بغتة بظهور "سليمان" المباغت ..

هذه الشخصية في قناعتي الشخصية تمثل المنعطف الدرامي الأهم في طريق الحكاية .. حكاية "ستموت في العشرين" .. ولعلها تختزن بين تفاصيلها الرسالة التي اراد لها صانعو هذا العمل الدرامي الجميل أن تصل للناس من خلال فكرة الفداء الغامض والملتبس الى حد بعيد

تم من خلال شخصية سليمان "محمود ميسرة السراج" ابراز الصراع في الفيلم وتسليط الضوء على التناقضات والثنائيات التي حفل بها العمل كثنائية الحداثة والماضي, العلمانية والفكر الديني, العلم والخرافة الخ.. كل هذه الثنائيات لم يفرضها العمل عنوة او بصورة فجة على المشاهد, وانما ترك للدراما والصورة أن تعمل وأن تنتج احتمالاتها المختلفة عند المتلقي.

حلق محمود ميسرة السراج عاليا خارج سرب الاعتياد والرتابة للسينما السودانية, ولولا بعض الضعف الحواري "على مستوى السيناريو" وفي بعض المشاهد .. لكان السراج اكثر ابداعا (وتلك مسؤولية أمجد ابوالعلا)

مشكلة السيناريو في الفيلم باعتقادي المتواضع تتمثل في وجود سيناريو افضل لو كان السيناريست قد استعان بمخازن الذخيرة اللغوية المحلية للمجتمع السودان موضوع الحكاية, وبما يلائم قدرة الممثلين (وبعضهم هواة) على طلاقة الحديث التلقائي بهذه الذخيرة اللغوية مع الانتباه لطموحات الصورة التي يراد تركيزها عند المخرج. هي موازنة دقيقة نجح الفيلم في الحفاظ عليها في بعض المشاهد .. وكان من الممكن ان تكون افضل في بعض المشاهد بكل تأكيد.

على مستوى المحاكمة العقلية لحركة وتواجد الشخصيات في فضاء الفيلم, كان الظهور المباغت لشخصية سليمان المحورية جدا مثيرا للكثير من الشكوك حول طريقة انزراعه المباغت في تفاصيل تلك القرية.

لسنا مثلا ازاء عودة كعودة مصطفى سعيد في موسم الهجرة للشمال. عودة لها ما يفسرها على مستوى الشخصية وعلى مستوى الصراع الذي شاد مجده الادبي الطيب صالح. فشخصية سليمان لا تبدي أي نوع من الندم, ولا تطلب أي نوع من الخلاص, وانما هي مستغرقة تماما في غي عبثتيها وتمردها على الواقع وكراهيتها له, فما الذي يعيد شخصية كهذه لتلك القرية التي تمثل كل ما ترفضه وتحتقره بصورة عميقة جدا .

ان محاكمة شخصية سليمان قد تتم على عدة مستويات, شخصية المثقف المتمرد على السلطات المجتمعية المتمثلة في الأب وفي الدين وغيرهما .. الا أن استخدامها بصورة جوهرية لادارة الصراع الجوهري في سياق عمل فني كان يحتم عملية اثراء فني لهذه الشخصية من خلال اثراء طبيعة وكيفيات العودة للقرية, وتماما كما فعل الطيب صالح مع شخصية مصطفى السعيد. كان ذلك ممكنا بدلا عن عودة غير مفهومة يعقبها عبثية ضاربة باطنابها في مساحة حركة الشخصية وخط سيرها وتداخلها في الاحداث دونما هدف واضح الا الاستغراق في عبثية مفرطة

الشبلي ورابحة قدما اداء متميزا وكوميديا راقية .. وكلاهما اضاف للفيلم الكثير من خلال المساحة التي تواجدا فيها..

اجادت اسلام في شخصية الأم لحد كبير وان كانت الحبكة العامة لم تسعفها كثيرا في توفير مساحة ابداعية كانت ممكنة من خلال وجود رفض داخلي لفكرة اللعنة, بل على العكس تماما اذ حتمت عليها حبكة الفيلم "الضعيفة في هذه الحالة" ان تستسلم تماما لفكرة اللعنة مما قلص مساحة ابداع كانت اسلام قادرة عليها لو تنازعت الشخصية بين الرفض والقبول (من شأن أي أم أن تفعل ذلك) ..

لم ينجح طلال عفيفي في تغييب صورة المثقف الخرطومي الانيق عن خاطري .. واعني صورتة الحقيقية التي ترسبت في خاطري جراء معرفتي الاسفيرية بطلال من خلال المنابر ومواقع التواصل الاجتماعي .. كان من الممكن للمخرج ان يستفيد من ادارة صراع داخل في شخصية الاب بين رفض اللعنة وقبولها واعطاء طلال مساحة اكثر للابداع.

أتم "مزمل" العشرين. ولن اكتب كثيرا هنا لكي احفظ للناس متعة المشاهدة ولكن .. جاء الموت في نهاية الفيلم بعدة صور .. هل ماتت الخرافة أم مات المثقف أم تمت مساومة الموت بموت بديل؟!

ثم وكيف يكون الانبثاق الجديد للحياة؟!


فيلم لا يمكن تفويته, وهو علامة فارقة في تأريخ السينما في السودان ونقطة تحول في علاقة المجتمع السوداني بالسينما قد توفر ارضية مناسبة لانطلاق جديد وقوي لقطار السينما وانتاجها.

فاتتني الاشادة باداء "نعيمة" .. تلك الفتاة التي تنثر الحياة في تفاصيل اي مدينة او قرية في السودان .. وتشعل الذكريات .. ممثلة مجيدة جدا



Post: #2
Title: Re: ستموت في العشرين, خواطر متفرقة
Author: خضر الطيب
Date: 12-06-2019, 07:09 PM
Parent: #1

دا تحليل شخص متخصص يا دكتور المشرف
محبتي

Post: #3
Title: Re: ستموت في العشرين, خواطر متفرقة
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 12-06-2019, 08:50 PM
Parent: #2

تسلم يا خضر يا حبيب ..
كل الود والتقدير..
الفيلم ممتع بصورة استثنائية فيها قدر كبير من الحميمية تجاه الأعمال السينمائية السودانية الجيدة

Post: #4
Title: Re: ستموت في العشرين, خواطر متفرقة
Author: محمد أبوالعزائم أبوالريش
Date: 12-06-2019, 10:17 PM
Parent: #3


سلام،

ممكن نعرف على ماذا استند مناهضي الفيلم على رفضه؟

Post: #5
Title: Re: ستموت في العشرين, خواطر متفرقة
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 12-08-2019, 11:36 AM
Parent: #1



أبوريش
تحية طيبة يا صديقي ..

مناهضو الفيلم في قناعاتي الشخصية ازعجهم بصورة عميقة تسليط الضوء واعمال مبضع الفن في جسد الخرافة الدينية والتعليم الديني ...

احد اهم لقطات الفيلم كانت مشهد أحد الشيوخ (في احدى الخلاوي) وهو يتحسس جسد الشاب, كما وأن مجمل الفيلم قد يكون رسالة في الضد من السلطة الدينية بصورة عامة وسلطة الشيخ في قرى السودان بصورة اكثر تحديدا


المشهد ذو المحتوى الجسدي لا يرتقي لمرحلة أن تحتاج تلفزيونات المحيط الاقليمي لان تعمل فيه مقص الرقيب .. مشهد اغتصاب يبدأ بصراع جسدي قبل بادرة استسلام الضحية وانتهى المشهد.

اعتقد ان الحملة في الاساس ضد فكرة الفيلم الاساسية ولكنهم اختاروا ان يديروها من المدخل ده ونسجوا الاكاذيب حول المشهد, بل زانهم اطلقوا على الفيلم وصف (فيلم الدعارة السوداني)

مخجل جدا أن تتماهى بعض الاقلام الصحفية الحرة مع مثل هذا البؤس والهوس الديني

Post: #6
Title: Re: ستموت في العشرين, خواطر متفرقة
Author: Abdullah Idrees
Date: 12-08-2019, 07:31 PM

عرض جميل مشرف ..
اتمنى نشوفو قريب

Post: #7
Title: Re: ستموت في العشرين, خواطر متفرقة
Author: محمد حيدر المشرف
Date: 12-08-2019, 07:39 PM
Parent: #1

لا تفوتو يا صاحبي الفهمان ..

والاجمل في قاعات السينما لمن استطاع إليها سبيلا