صديقي الفلسطيني عدنان أقام لسنواتٍ في السودان لإكمال الدِّراسة الجامعية، كان يقول لي إن بلدكم الوحيد في العالم، لا تستطيع أن تضع فيه برنامجاً يُمكن أن تُنجزه خلال اليوم. زيارة ضيفٍ بغير موعد مُسبق، أو انقطاع التيار الكهربائي، أو ازدحام المرور، وربما مشاجرة بين سائق حافلة والركاب؛ كُلُّ ذلك يمكن أن يقضي على ما تُخطِّط لإنجازه خلال اليوم! فلندع الأماني والرغبات جانباً. بصورة عملية مُباشِرة، وبمقايسة الزمن مع الواجبات المطلوب تنفيذها، علينا الإجابة عن هذا السؤال: ماذا بمقدور رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك أن يفعل خلال ٣٩ شهراً مدة الفترة الانتقالية؟!! إذا قمنا بوضع خارطةٍ زمنيةٍ للمهام الموضوعة في الوثيقة الدستورية، والمُراد تنزيلها على أرض الواقع خلال فترة الانتقال؛ سنجد بكُلِّ تأكيدٍ المُفارقة البائنة بين (المراد والمُمكن ) في المدى الزمني المُحدَّد! جزءٌ من ثقافتنا الاجتماعية التي تُعتبر عائقاً في تقدمنا إلى الأمام، غير عدم احترام الوقت وثقافة العمل؛ سعينا اللهوف لإنجاز مهام كثيرة ومُتعدِّدة في وقتٍ قصير دون ترتيب أولويات وتحديد مواقيت. ما أن ينتهي الزمن المُحدَّد لتلك المهام حتى نُفاجأ بالنتائج الناقصة والقاصرة عن بلوغ أيِّ كمالٍ في كُلِّ محاور العمل. سنجدلم يتم إنجاز شيء ذي بال، ومن هنا تتناسل الأعذار وتكثر المُبرِّرات ويشتعل التلاوم؛ فكُلُّ طرفٍ يقذف كرة اللهب في ملعب الآخر. ذكر وزير الإعلام الأستاذ فيصل محمد صالح، في إحدى المقابلات، أن حمدوك بدأ يتضجَّر من كثرة الهيئات والمؤسسات التابعة له، وعليه متابعة شؤونها المُعقَّدة. يُضاف إلى ذلك، متابعة الشؤون اليومية لدولاب الدولة، واستقبال كبار الزُّوار القادمين إلى السودان، وقيامه بزياراتٍ إلى دول في الإقليم والعالم. كذلك تنتظر حمدوك زياراتٌ الولايات ودوامة المجاملات الاجتماعية في العزاءات والأفراح المُلزِمة لقيادات الدولة. إذا كان قرارٌ واحدٌ مُتعلِّقٌ بفصل مدير مؤسسة مثل تلفزيون السودان، يستغرق كل هذا الوقت، فكم من الزمن تحتاج إليه قراراتٌ أُخرى أكثر أهمية ؟!! العقدة ليست في المهام الكثيرة والمُتشعِّبة التي تحيط بحمدوك، ماذا عن الأطراف العديدة التي تتجاذب حمدوك من كُلِّ جانب؟ قوى الحرية والتغيير بكُلِّ تفريعاتها وأجندتها المُتصارعة، وتجمع المهنيين بكُلِّ طلباته الفئوية، والمكون العسكري بكُلِّ وحداته! المطلوب من رئيس الوزراء، وهو يمشي على الحبل المشدود لإنجاز مهامِّه الكثيرة، أن يُراعي مصالح ومخاوف كُلِّ تلك الأطراف، ويتجنَّب غضبها عليه! مع كُلِّ هذه المعطيات، من الطبيعيِّ أن تجد شائعة استقالة حمدوك رواجاً كبيراً وتصديقاً واسعاً في الرأي العام. فمع الأخذ في الاعتبار أهمية كثيرٍ من الملفَّات المُراد من حمدوك إنجازها وحسمها، يجب أن يُكرِّس أغلب الوقت والجهد في إنجاز ثلاثة ملفَّات رئيسة: تحقيق السلام، ورفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، والترتيب للانتخابات القادمة. لو نجح حمدوك في تحقيق المهام الثلاث الرئيسية، فإن كثيراً من المشكلات الأُخرى ستجد الطريق مُمهَّداً للحل، حتى بعد انتهاء زمن الفترة الانتقالية؛ لذا دعوه يعمل ولا تُبدِّدوا طاقته ووقته في المعارك الصغيرة والقضايا غير المُنتِجة. إذا لم يحدث ترتيبٌ سريعٌ للأولويَّات، وتنسيق مُحكَمٌ بين كُلِّ الأطراف على كُلِّ الملفَّات، لن يكون من المستبعد أن يأتي صباح يومٍ قريبٍ تكون فيه استقالة حمدوك خبراً تتناقله الوكالات، أثناء جلوسه إلى جوار حرمه المصون في طائرة الخطوط الإثيوبية المُتَّجهة إلى أديس أبابا!
حق لحمدوك ان يغضب.. بقلم الطيب مصطفى
نحمد الـله تعالى ان فتحت المدارس وانتظم ابناؤنا التلاميذ في دراستهم بعد ان كانوا مهددين بفقدان عام دراسي كامل كما نحمده ان احبط كيد الحزب الشيوعي الذي تلقى صفعة قوية حين فشل في سعيه لتعطيل قرار رئيس الوزراء د.حمدوك القاضي باستئناف الدراسة والذي وجد ترحيبا حارا لدى الشارع السوداني. لقد ظل الحزب الشيوعي يفرض اجندته على الشعب السوداني وقواه السياسية جميعها بل على حلفائه في قوى الحرية والتغيير من خلال تجمع المهنيين الذي ظل يقود المسيرات منذ بدء الثورة للضغط على المجلس العسكري لتحقيق مطلوبات الحزب الشيوعي ورأينا كيف اذعن المجلس العسكري لطلب قحت بقيادة الحزب الشيوعي واجاز الاتفاق السياسي الاقصائي ثم الوثيقة الدستورية المعيبة التي اقصت معظم القوى السياسية والحركات المسلحة بل والتي استبعدت الاسلام من مصادر التشريع . لقد شهدنا كيف ظلت لجنة المعلمين الشيوعية تنصب نفسها ناطقة باسم المعلمين بدون تفويض انتخابي من القواعد وكيف فرضوا انفسهم على حمدوك حين قدموا شروطا قالوا انه ينبغي ان يذعن لها قبل ان تبدأ الدراسة بالرغم من وجود نقابة واتحاد معلمين شرعيين ومعترف بهما لدى الاتحادات الاقليمية والدولية وبالرغم من ترحيب النقابة والاتحاد الشرعيين باستئناف الدراسة استجابة لرغبة الشارع. لم تمض ايام قلائل على انجلاء ازمة استئناف الدراسة حتى تحرك الشيوعيون مجددا حيث نظموا مسيرة يوم الخميس الماضي حاولوا من خلالها ان يقتحموا القصر الجمهوري لفرض اثنين من منسوبي حزبهم على حكومة حمدوك بل وتعيينهما بغض النظر عن منطوق الوثيقة الدستورية التي يفترض انها تنظم وتحدد الكيفية التي يتم بها ذلك وغيره خلال الفترة الانتقالية. لذلك وغيره حق لحمدوك ان يمتعض بل ويتميز غيظا من تصرفات ونزق الشيوعيين الذين دأبوا منذ اشتعال الثورة على تنظيم المسيرات لفرض اجندتهم على اصحاب القرار. لا احتاج الى التذكير بالاعيب الحزب الشيوعي وبلطجته التي عرف بها منذ ان اطل على المشهد السياسي في السودان في اربعينيات القرن الماضي والتي لطالما اوردته موارد الهلاك واخرها لعب دور الحكومة التي يشارك فيها من خلال واجهاته في قوى الحرية والتغيير مثل تجمع المهنيين وقوى الاجماع الوطني وغيرهما ، ولعب دور المعارضة من خلال سياساته وقراراته الشاذة بما فيها رفضه الاعتراف بالوثيقة الدستورية التي اجازها بل صنعتها واجهاته في قحت وفي الحكومة! لقد تسنم حمدوك منصب رئيس الوزراء بترشيح من الحزب الشيوعي وقحت وبموجب الوثيقة الدستورية ووفقا لاتفاق تراضى عليه كل من قحت والمجلس العسكري وبدلا من التوقف عن استخدام التظاهرات والمسيرات وغيرها من اساليب الضغط التي لطالما مورست على المجلس العسكري لانفاذ مطلوباتهم وبدلا من اتاحة الفرصة ل(حكومتهم) التي يراسها حمدوك للعمل بموجب الوثيقة الدستورية عاد الحزب الشيوعي مجددا لضلاله القديم حتى لو كان فيه خرقا لتلك الوثيقة الدستورية التي يفترض انها من صنعه هو اكثر من صنع غيره من قوى قحت!!! لكن بالـله عليكم تأملوا في اسباب مظاهرتهم الاخيرة لتدهشوا ولتزدادوا يقينا ببلطجة الرفاق الذين لم يتعلموا من تجاربهم واخطائهم الكارثية التي اقامت حاجزا سميكا بينهم وبين الشعب السوداني الذي ابتلي بوجودهم بينه رغم ان العالم اجمع لفظهم وركلهم بالاقدام سيما وانهم لا يمتون الى عقيدة ودين هذه البلاد بصلة كونهم يقدمون الملحد المعادي للدين (كارل ماركس) على سيدنا محمد صلى الـله عليه وسلم ، فقد طالبوا بتعيين رئيس القضاء الشيوعي عبدالقادر محمد احمد رئيسا للقضاء بالرغم من انه غادر مهنة القضاء منذ عقود من الزمان حين تقدم باستقالة مكتوبة للرئيس السابق عمر البشير عقب قيام انقلاب الانقاذ احتج فيها على تعيين السيد جلال علي لطفي رئيسا للقضاء بدون الرجوع لمجلس القضاء العالي ثم احتج كذلك بقوله ان جلال علي لطفي ترك مهنة القضاء (قبل حوالي عشربن عاما)! كيف بالـله عليكم يطالب الشيوعيون بتعيين هذا الرجل بالرغم من انه ترك القضاء قبل ثلاثين عاما وكذلك كيف يعين بدون موافقة مجلس القضاء العالي الذي لم يشكل حتى الان؟! من العجائب والغرائب ان عضوة مجلس السيادة عائشة موسى خاطبت المتظاهرين وقالت : (سنعين من تختارونه للقضاء)! بالـله عليكم ماذا نقول عن هؤلاء الذين لا يدرون شيئا عن حدود سلطاتهم واختصاصاتهم والذين لم ينتصحوا بالنصيحة التي مللنا من ترديدها ان ا(صمتوا ان كنتم لا تحسنون الحديث)! اقول لحمدوك : حق لك ان تطالب بوقف تلك المسيرات العبثية التي يستغلها اعداء الديمقراطية والحريات لتعكير الاجواء ولاحداث الفوضى وللاضرار بامن واستقرار البلاد في سبيل تحقيق اجندتهم الشريرة.
09-17-2019, 07:04 AM
adil amin adil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 39161
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة