أدبيات من تلودي

11:18 AM August, 24 2019

سودانيز اون لاين
حسن إبراهيم حسين-
مكتبتى
رابط مختصر

ادبيات من تلودي :

التوج :


مدينة تلودي التي تنام حالمة بغد مشرق
و تصحو على هديل القماري فوق أشجار النيم و الصباغ و الجميز .
اختارها الإنجليز عاصمة لجبال النوبة لما تمتاز به من كنوز تتمثل في ارضها المعطاءة و طبيعتها الخلابة التي ترد للروح الأمل و تشرح الصدر و تدخل في القلوب الحزينة الفرحة .

أتناول هنا منطقة التوج كنموذج فقط عن ملامح تلودي الفريدة التي يعز على أهل الفن في رسمها على لوحة واحدة لانها تأخذك عنوة في سياحة عبر وديان و قيزان و جبال و تلال .

التوج شرق تلودي هو ارض سهلية طينية هشة خصبة .
اختارها الإنجليز إبان الاستعمار كمزرعة ضخمة لإنتاج القطن ..
سجن تلودي هو ذلك السجن الذي استضاف ثوار ابو رفاس و هو اليوزباشي سليم ابو رفاس المصري الحنسية .
الذي كرر استفزازه لاهالي منطقة تلودي . اذ درج ان يختار اجمل الفتيات حينما تكون هنالك مناسبة فرح و اثناء رقصة النقارة ..
و حينما طفح الكيل تجمع الأهالي و خلصوا نجيا ، فاعلنوا مناسبة فرح وندر كبير للانتقام من هذا المأمور الفاسق ..فجاء مزهوا بحرسه و عندما أشار لإحدي الحسان ان تكون عروسة ليلته مزقت الحراب و السيوف بدلته الأنيقة .
لقد انتقموا منه وقتلوه شر مقتل رغم حراسته و سلاحة الناري وقبره لا زال في منطقة حي الرديف جنوب تلودي ..
فقامت الحكومة الاستعمارية بإعدام اعداد غفيرة منهم و ايداع كل من كان حاضرا و لم يشترك في القتل الى هذا السجن ..
كما استضاف هذا السجن ود توينجة و قصته المعروفة و هو ناظر عموم قبائل لفوفا في منطقة الليري .
حينما جمع أهله في سنة شهدت كساد في المحصول و كان لزاما عليهم ان يدفعوا الضريبة ( الطلبة).
جمعهم و طلب منهم ان يحتفظوا بما حصدوه لإعاشتهم و ان يقولوا للمأمور حين حضوره في الدرت انهم جمعوها و أعطوها للناظر ود توينجة و أكلها . وأنه سيتحمل عنهم عبء السجن حتى العام المقبل ان صلح المحصول فدوه و أخرجوه من السجن .
و قد كان جاء المأمور و بأورطته المدججة بالبنادق و اقتادوا ود توينجة مقيدا بالسلاسل الى سجن تلودي .
فأنشدت حكامة الدرملي أغنيتها المشهورة التي ذاع صيتها و تغنى بها فنانو الموسيقي و المسرح باختزال دون دراية بمعانيها فضلا عن تهجين كلماتها .
" الجنزير التقيل البقله ياتو
البوقد ناره يدفاها هو
الول ابو درجات المؤصل ماك نفو
فوق الحار الزول بلقا اخوه
و الجنزير التقيل هي السلاسل التي قيد بها ود توينجة الى السجن .

نعود لمزرعة التوج التي يقوم بنظافتها و حرثها و حصادها مساجين سجن تلودي .
فكل مساجينه محكوم عليهم بالأعمال الشاقة و التوج في مشقته هو توأم الموت ..
اذ يكثر فيه البعوض و العقارب و الثعابين فان لم يمت السجين بالملاريا مات بقرصة عقرب او لدغة ثعبان ..
و من سلم منهم كان نصيبه من كل هذا المجهود إزار و رداء من الدمورية المنسوجة من قطن مزرعة التوج انتاج اياديهم صنع في بريطانيا .

لذلك كان مضرب المثل لمن أراد ان يثني احدا عن ارتكاب جرم " دا بوديك التوج ".
و كانت حداثة المثل في هذه الأيام في الوتساب ان الشربوت بودي التوج ..
و هذه المناظر الخلابة تجد فيها جبل تلودي ( أبو أبرة جبل النوة)
أبرة بفتح الألف و الباء و تعني المسلة الكبيرة التي تحاكي عن فتحة على طرومة هذا الجبل
او انها منخر الثور المزموم

حسن ابراهيم حسين
الرياض في ١٤ اغسطس ٢٠١٩

تحياتي أخونا حسن إبراهيم
أيوا كدا

لينا زمن ننتظر أن يزين هذا الأدب الرصين البورد

الساحة الأدبية خالية من المبدعين الا من لمم

ولو لا ما دفع به عبد العزيز بركة ساكن الساحة الأدبية مؤخراً لقلنا أن معين الأبداع قد نضب

لذلك نرى أن حسن إبراهيم مبدع قد يكسر حاجز الركود

والله العظيم يا ول أبا ليك وحشة .. تلودي يا ناس ترقد في بطن الموت .. مثل الطفل في بطن أمه .. شهدت تلودي كل صنوف وجبروت الحروب .. وها هي تخرج للدنيا قوية فتية ..

بالله يا ول أبا ألحقنا بالسفر إلي تلودي في فترة الخريف ..ومعاناة أهلنا هناك ..
الادب يحمل قدر كبير من الأثنوغرافي والسياسة أيضاً ..


اللهم رد علينا كل غائب ... سعدت بمرورك من هنا ...


بريمة

[/url][/IMG]

تحياتي استاذ حسن ابراهيم
كتابة رائعة
و تعريف بمناطق وناس جميلة
واصل ...