خيارات الثورة السودانية-تحليل الوضع الراهن

خيارات الثورة السودانية-تحليل الوضع الراهن


07-17-2019, 10:17 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=500&msg=1563355068&rn=0


Post: #1
Title: خيارات الثورة السودانية-تحليل الوضع الراهن
Author: Khalid Elsayed
Date: 07-17-2019, 10:17 AM

10:17 AM July, 17 2019

سودانيز اون لاين
Khalid Elsayed-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر



خيارات الثورة السودانية

علي عبد الرحيم
١٥/٠٧/٢٠١٩

المآلات المحتملة للثورة السودانية كانت كلها عنيفة بدرجة ما عدا خياري الاستسلام أو التسوية التي تؤجل حل الاشكالات الحقيقية. واقعيا، لا يتأتى لثورة لا تستخدم العنف أن تهزم حاكما يحمل السلاح الا بواحدة من ثلاث:
1. انقسام داخل القوة المسلحة لصالح الثورة وانتصار أنصار الثورة عسكريا (ساستبعد احتمال التدخل الخارجي الان).
2. يأس المستبد من قيادة البلد وتسليمه السلطة أو هروبه من البلاد. هذا اليأس يمكن أن يحصل بسبب انقطاع السند الخارجي والداخلي (يشمل العسكري) مع استمرار للحراك الثوري الذي يشل الحياة الطبيعية في البلد (تظاهر، إضراب، عصيان، إلخ)
3. أن يتحول المستبد نفسه الى المسار الديموقراطي (هذا يعني أن ينال عفوا قضائيا وإلا أُخذ الى المحكمة مباشرة). الشرط الأساسي لصدق هذا التحول هو تجريد المستبد من أي قوة عسكرية تتبع له بحلها أو إلحاقها بالجيش الوطني.

لا يوجد خلاف فيما أعلم أن المشكلة الحقيقية الآن للانتقال الديموقراطي في السودان هي حميدتي ومليشيات الدعم السريع. والاتفاق الذي حصل في الخامس من يوليو اختار التسوية التي تؤجل مواجهة المشكلة عشما أن يخرج الحل من رحم الزمن، على منهج الشيخ فرح ود تكتوك. وربما تثبت الأيام أن هذا الاختيار كان هو الأسلم كون فيه استفراغ للوسع في تجنب سقوط ضحايا جدد، ولكن لا ينبغي الركون الى حسن الظن في المجلس العسكري بعد أن خَبِرنا غدره في أبشع الصور حين فض الإعتصام بالدم. هذا الاتفاق هو أقرب الى هدنة يحتاجها الطرفان. فالمجلس العسكري يحتاج أن يستجمع أنفاسه بعد أن أفزعته مليونية آخر يونيو ورأى إجماعا سودانيا على رفضه بل وبغضه الشديد. أما قيادة الثورة فهم في حاجة لبحث وسائل جديدة لإحداث تغيير في المشهد السياسي. فالتظاهرات والعمل الجماهيري قد خدم غرضه بنزع الشرعية عن المجلس العسكري وبيان رغبة السودانيين في الحكم المدني الخالص، ولكن هذه الحشود لا تكفي لإخراج العسكر – حميدتي تحديدا – من قصر الحكم.

لم يكن الحذر أبدا من قسمة المجلس السيادي ولا التشريعي، فالانتقال الذي تم في ١٩٨٥ كان المجلس العسكري قائما بالكامل مع حكومة تنفيذية مدنية ودون مجلس تشريعي. بل إن الأمر أبعد من ذلك. فالثورة المضادة في مصر وليبيا انقضت على الحكم المدني بعد انتهاء الفترة الانتقالية والوصول الى حكومة منتخبة. لذلك، فإننا إن منحنا العسكر الفترة الانتقالية كاملة وصدقوا في نقلها ما ضرنا عسكرية الانتقال، ولو سلّم العسكر الفترة الانتقالية خالصة للمدنيين ما أمِنّا مكرهم في سنوات الحكم الديموقراطي إن اضمروا نية الحكم. كان الأجدى أن يتجه التفاوض نحو مواطن الإشكال الجوهرية عوضا عن الشكلية، فإفراغ المدن من قوات المليشيات وتيئيس حميدتي من حكم السودان عسكريا أكبر ضمانة لمدنية الدولة من قسمة مجلس السيادة أو نسب المجلس التشريعي. معلوم أن العسكر، وبعد عقود من الامتيازات الممنوحة تزلّفا من البشير سيجدون صعوبة بالغة في أن يكون أمرهم بيد سلطة مدنية غير منتخبة ولعلهم يتجرعون سلطة المنتخبة بصعوبة. الأجدى هو التفاوض معهم على قدر من الاستقلالية في الفترة الانتقالية مع حفظ مخصصات المؤسسة وامتيازاتها الإقتصادية. هذا هو المعهود في مفاوضة الأنظمة القهرية لتسليم السلطة لمدنيين حسب استقراءات صمويل هنتغتون والتي ذكرتها في مقالات سابقة، ولا أدري على أي أساس قامت مفاوضاتنا مع العسكر في شؤون المحاصصات وكأن هوية فرد واحد في المجلس السيادي هي الفصل في طبيعة الدولة: إن كان مدنيا فهي مدنية وإن كان عسكريا فهي عسكرية!

الوعي السياسي للثوار وقياداتهم ينبغي أن يرتفع ليقلل كلفة الانتقال، وقوى الحرية والتغيير يجب أن تحدد دورها تجاه الثورة، أهو القيادة أم النيابة، فالخلط بين الأمرين مضر لاختلاف التفويض. فالقيادة تتخذ قرارات توجه مسار الثورة بكاملها بينما الجهة التي لا تعدو أن تكون ممثلا للثوار لا تملك ذلك التفويض وينحصر دورها في النيابة عن الجماهير، ولكن أين تُصنع القرارات في هذه الحالة؟ القيادة ضرورية للثورة ولكن عليها أن تتحمل المسؤولية كاملة ولا تلجأ لدور النائب حين تصطدم بمزاج الجماهير. أبرز المسائل التي تحتاج الى رفع الوعي هي مفهوم الثورة السلمية. كيف للذي يلتزم السلم التام أن يطلب ممن يحمل السلاح تسليما غير مشروط للحكم، وفوق ذلك وعيد بالقصاص والحساب العسير؟! هذه السلمية المطلقة والتي ألهمت السودانيين والعالم لها ثمن باهظ، ذلك أنها تستدعي المساومة مع المستبد، وإلا فما الذي يدفعه للتسليم للأعزل؟ القاعدة تبدو كالتالي: من أراد أن ينتزع السلطة كاملة من العسكر ويحقق عدالة كاملة فعليه أن يتهيأ للحرب، ومن أراد أن يحفظ سلمية الحراك فعليه أن يتهيأ للمساومة والتنازل والعدالة المنقوصة. الجمع بين الامتناع عن العنف مطلقا وتحقيق أهداف الثورة كاملة ليس واقعيا. عليه فإن الاتجاه الحالي في المفاوضات والذي يتكلم صراحة عن حصانات للعسكر يعيد التفاوض الى المسار الواقعي والصحيح. وكلام حميدتي صراحة عن خراب الخرطوم إن حصلت المواجهة فيه دلالة على سقوط الأقنعة التي أضاعت الكثير من الوقت والجهد.

المسار السياسي هو الأسلم والأفضل على ما فيه من مرارة. والمساومة اللازمة في هذا المسار تستدعي حصرا وتحديدا دقيقا لما يقع خارج إطار أي مساومة، ورأيي أن ذلك هو الحرية الكاملة للشعب السوداني. لذلك فإن توزيع السلطات في الفترة الانتقالية ومنح العفو مقابل التنازل وما شابه ذلك من أمور كلها تقع داخل إطار التفاوض إن كانت تقود الى تحقيق هدف الثورة. ومع الإقرار أن امتناع العسكر طوعا عن انتزاع الحكم بقوة السلاح هو حال حضاري ربما لم نصل اليه بعد ما يعني أن كل مسار نتخذه لأجل الحرية لن يكون مأمونا بالكامل، الا أن هناك إجراءات لازمة لهذا الهدف؛ وفي السياق السوداني الحالي فإن إفراغ المدن من مليشيات حميدتي واحتواءها داخل القوات المسلحة في المستقبل القريب هو اجراء لا يبدو أن الحرية تتحقق دونه. فإذا صحّت هذه المقدمات تتجلّى النتيجة شيئا ما (ويظل الواقع يحتمل بعض الاختلاف الطفيف): يمكن للثوار أن يمنحوا حميدتي العفو والامتيازات المالية والمنصب الدستوري في الفترة الانتقالية ولكن لا سبيل له للإمساك بقواته مهددا للسودانيين، هنا ينبغي أن تنتهي المساومة.

الحرب ليست مستبعدة في الواقع ولكنها غير مقدمة كخيار فلا نلجأ إليها إن وجدنا عنها محيصا. وحيث أن الشعب السوداني فيه لُحمة واتحاد في شأن ثورته للحرية رغم انقساماته الداخلية في أمور أخرى عديدة، فإن الحرب الأهلية بدلالة الكلمة مستبعدة. بمعنى أن انقسام أهل السودان واحترابهم على قضية 'أهلية' مستبعد، فحميدتي لا يحمل قضية بل هو تاجر حرب ومن ينحاز اليه هو بالضرورة مرتزِق وهذا لا يجعل الحرب 'أهلية' وإن لم ينف كونها حربا داخلية. كذلك، فالجيش، وهو أكبر وأقدر كيان حامل للسلاح في البلد، لا يقف مع حميدتي الا في قيادته الكسيحة. باختصار، فأي مواجهة محتملة سيقف فيها حميدتي ومليشياته التي تقاتل لأجل المال من ناحية، والشعب السوداني بجيشه من ناحية أخرى، وهذا يعني أن السودانيين وكما فوضوا بعض السياسيين والمهنيين لقيادة الحراك الثوري، يمكن أن يفوضوا القوات المسلحة السودانية لقتال مليشيات حميدتي بعد إزاحة قيادتها الحالية. هذا لا يقلل من حجم الحرب ولا نتائجها خصوصا عند اعتبار أعداد المليشيات ومواقعهم وسط المواطنين، ولكنه يقلل من تداعيات ما بعد الحرب والتي تنشأ من حالة انتشار السلاح عند المواطنين والغبائن التي تنشأ بسبب الحرب بين الناس.

الخرطوم وسكانها سيكونون أكبر المتضررين من أي مواجهة بين الجيش الذي يكتم غيظا جارفا والمليشيات، ولعل هذا هو ما يمنع انقلابا في الجيش الآن. ولكن إن مضى حميدتي في سعيه لشلّ قدرات الجيش ورفع القدرة النوعية للمليشيات فكم يطول صبر الجيش؟ لعل حميدتي يدرك سوء منقلبه حال مواجهة الجيش ويختار السلامة. ومن الحكمة هنا أن يفتح قادة الثورة وأنصارهم من العسكر له وللمجلس العسكري مخارج آمنة تكون هي موضوع التفاوض بدلا من حالة الزيف التي تطغى على كل المشهد التفاوضي الآن. العفو العدلي والامتيازات المالية وقسمة في السلطة، هذه الثلاثية لا بد من منحها للمؤسسة العسكرية الرسمية وقادتها وإلا سلبوها بالسلاح. يمكن أن يفاوَض حميدتي وقواته على ذات المنح، أو لعل حميدتي يخرج ببعض قواته 'مستشارا عسكريا' لحلف الخليج محولا عمله العسكري الى القطاع الخاص.

حري بالسودانيين أن يسُوقوا حميدتي نحو الخروج الآمن سوقا، ولفعل ذلك يلزمهم أمران: أولا، أن يبيّنوا لحميدتي أنه لا سبيل له ولا لغيره لحكم السودان عسكريا وهذا دونه الأرواح، وثانياً، أنه إن اختار المواجهة سيخسر لا ريب. هذا يستدعي أن يظل الشارع السوداني في غليان مستمر على ما في ذلك من رهق للناس، كما يستدعي همسا حازما في أذن قيادة المجلس العسكري من قِبل زملائهم في الجيش أن صبر المؤسسة العسكرية تجاه محاولات إضعافها محدود جدا. ولعل حميدتي ومجلسه يستبينوا النصح إن أيقنوا أن السودانيين عازمون كل العزم على نيل حريتهم، أيّا كان الثمن!

Post: #2
Title: Re: خيارات الثورة السودانية-تحليل الوضع الرا�
Author: Khalid Elsayed
Date: 07-17-2019, 10:30 AM
Parent: #1

https://up.top4top.net/