عمالة !!

عمالة !!


05-07-2006, 01:13 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=50&msg=1146960811&rn=0


Post: #1
Title: عمالة !!
Author: Faisal Al Zubeir
Date: 05-07-2006, 01:13 AM

بين الإساءة والفخر‎ ‎
أن تصبح «عميلاً» لدولة أجنبية بالسودان‎ .. ‎
تقرير : خالد البلولة إزيرق ‏
إذا كنت تمتلك درجة عالية من الذكاء ، ويغلب عليك عنصر الأنا (الذاتية) ويختفي الوازع الوطني لديك ‏وتتجه بكلياتك نحو دول أومجموعات خارجية توفر لك حياة سهلة ورغدة مقابل مدها بالمعلومات ‏الداخلية تأكد حينها أنك (عميل).‏
مصطلح أستخدم كثيراً في الساحة السياسية أثناء الحرب الباردة من قبل القوى السياسية وإختفى ‏فجأة دون أن يذكره أحد. الفضول وحده قادنا إلى البحث عن هذا المصطلح وإلى أي مدى إستخدم في ‏السودان لتصفية الصراعات السياسية ، ومتى يكون الشخص عميلاً وإلى أي مدى أثرت التطورات ‏السياسية داخلياً وخارجياً على المصطلح .. وهل تحول من إساءة وإتهام الى مزية ومصدر فخر حتى ‏يسعد أحدهم بوصفه (رجل الدولة الفلانية)..!!‏
دلالة المفهوم
كثيراً ما يرمي السياسيون بعضهم بعضاً بتهمة العمالة والارتزاق والإرتهان للأجنبي ، وكلها تعبيرات ‏متشابهة تعني أن الشخص لا يملك أمر نفسه وأنه ينفذ أجندة خارجية ، تتضارب مع مصالح الوطن ، ‏وهذه النعوت تطلق أحيانا بلا سند ، هذا المستوى السياسي من مفهوم العمالة ، اما المستوى ‏الثاني فهو المفهوم المهني ، في عمل المخابرات تعني شخصاً ما تمكن جهاز مخابرات أجنبي ‏بوسائل التجنيد المعروفة ترغيباً أو ترهيباً ، من تجنيده لأداء مهام محددة أو أغراض تتمثل غالباً في ‏نقل المعلومات العسكرية أو الامنية أو الاقتصادية والاستراتيجية، إلى نقطة وسيطة تتولى نقلها لمركز ‏جهاز المخابرات الذي قام بالتجنيد ، ويكون مثل هذا الشخص في العادة على درجة عالية من الذكاء، ‏ويتم تدريبه تدريباً مهنياً عالياً خارج المكان الذي يراد له أن يعمل فيه ، ويشمل التدريب كيفية التخفي ‏والتنكر والهروب من المراقبة ، والتصوير السري، والدخول السري وإستخدام اجهزة المعلوماتية ‏والاتصال الحديثة المشفرة، ولمواجهة خطر هؤلاء العملاء ، قال اللواء الدكتور عادل عبد العزيز - الخبير ‏الاستراتيجي لـ (الرأي العام) (تقوم الدولة بتكوين وحدة أو جهاز يسمى مكافحة التجسس تكون مهمة ‏هذا الجهاز إكتشاف هؤلاء العملاء ، وإضعاف خطرهم، إما بمحاكمتهم أو مبادلتهم أو تصفيتهم ، ويقوم ‏هذا الجهاز بمهمة حماية معلومات الدولة الإستراتيجية).‏
من هو العميل؟
يرى مراقبون أن التشابك بين المصالح يؤدي إلى إمتهان العمالة ، وكلما تعددت وتباينت المصالح تزداد ‏العمالة ، ومفهوم العميل ليس مقصوراً في إطار السياسة الداخلية ، وليس بالضرورة أن يكون قاصراً ‏على جهة أجنبية ، فالفكرة في العميل أنه شخص يخدم أهداف جهة أخرى، لذلك ليس من السهل أن ‏يوصم شخص ما بأنه عميل أو عنصر مخابرات لدولة أخرى الا بعد التثبت من هذه التهمة الخطيرة ، ‏والتي تعاقب عليها غالب قوانين العقوبات في العالم بالإعدام، الدكتور- صفوت صبحي فانوس ‏المتخصص في العلاقات الدولية ذكر لي موقفاً حدث بجامعة الخرطوم في فترة التسعينات ، حيث ‏تجمع الطلاب في مظاهرة أمام مكتب المدير آنذاك ، وظلوا يهتفون عميل يا مدير ، فخرج المدير من ‏مكتبه وقال لهم يا أخوانا أنا ما عميل أنا «جبهة عديل» . حيث يرى فانوس (أن إتهام شخص بأنه عميل ‏لجهة أجنبية طعن في وطنيته لأنه يتبنى أجندة أجنبية، وأثناء إحتدام الصراع السياسي كان مصطلح ‏العميل جزءاً من الممارسة السائدة ولكن بعد الانفتاح السياسي حلت مفاهيم جديدة وتراجع بالتالي ‏مصطلح العمالة).‏
والعميل مفهوم يستخدم في السياسة والاقتصاد، في أوروبا العمالة تمارس في المجال الصناعي ‏بسرقة الافكار الصناعية لتطبيقها ، وسرقة خطط الإدارة والمقترحات في مجال الهندسة والطب ‏للإستفادة منها بدون تكلفة ، فهذا العميل أيضاً يمكن أن يكون شخصاً او شرطة او حكومة. فإلى أي ‏مدى تمارس هذه العمالة في السودان ، الدكتور / احمد الجعلي - مستشار الحرس الوطني ‏السعودي السابق قال لـ (الرأي العام) ان السودان تكثر فيه العمالة ولديها سوق رائج ، فهم عبارة عن ‏مجموعات وأعضاء محسوبين على الاحزاب بدون ذكر أسمائهم يمثلون إتجاهات ومصالح دول أخرى، ‏مشيراً إلى أن الفترة الانتقالية الحالية التي يمر بها السودان مرحلة تحولات ضخمة سيكون لها إفرازات ‏كثيرة سياسية وإجتماعية وإقتصادية بالتالي ستنمو خلالها العمالة بصورة مكثفة.‏
تلاشي المفهوم
إستخدم مفهوم العمالة في السودان بالمعنى السلبي ، بمعني الاتجاه للأجنبي لخدمة مصالحة ‏بالداخل مقابل حياة سهلة ورغدة ، وبالتالي إقتصر المصطلح على المجال السياسي ، وأستخدم ‏بكثافة في تصفية الخصومات السياسية ولكن نتيجة لعوامل داخلية وخارجية كثيرة إختفى المصطلح، ‏فهل يمكن أن تقول ان الكل صاروا عملاء ، أم أن العمالة قد إنتهت في السودان.‏
الدكتور - أسامة زين العابدين - أستاذ / العلوم السياسية ، قال لـ (الرأي العام) (إن تطور مفهوم ‏السياسة الدولية سعى بإتجاه تقليص مفهوم السيادة الوطنية ، وأصبح العالم كله قرية تتواصل مع ‏بعضها البعض سياسياً وإجتماعياً وإقتصادياً، فكثيراً ما نجد رؤية دولية أو أجنبية تتعارض مع الوضع القائم ‏في الدولة ، ولكن تجد من يتبناها من الداخل) بالتالي هذا التطور في السياسة الدولية والقانون ‏الدولي كذلك ، أسهم بقدر كبير في تلاشي مفهوم العمالة فأصبحت في إطار العلاقات الدولية كلمة ‏نعت لا تحمل نفس المعني الذي كان في بداية الأربعينات.‏
بعد ثورة الاتصالات والتكنولوجيا الحديثة ووسائل التجسس الحديث قل إهتمام الأجهزة الاستخباراتية ‏بالأفراد (العملاء) ، ولكن هل إنتهت العمالة كذلك في السودان بمفهومها المتداول، الدكتور أسامة زين ‏العابدين يقول (إن إستخدام المصطلح في البعد السياسي السوداني كان بصورة كبيرة إبان سنين ‏الإنقاذ الأولى ، ولا تنسى ذاكرة التاريخ كيف وصمت الحكومة ، الحركة الشعبية وزعيمها جون قرنق ‏بالإرتهان والعمالة لاسرائيل والغرب، وظلت تطلق عليه هذه النعوت حتى صار زعيماً وقائداً في الدولة ، ‏وكذلك المعارضة الشمالية في الخارج ابإن فترة التسعينات.‏
وهنالك من يرى أن العمالة تحولت لأمر إيجابي ولم تعد إساءة حتى يجد الشخص في وصفه أنه رجل ‏‏«الدولة الفلانية» ومصدر معلوماتها وعونها ميزة تقدمه على الكثيرين حتى يكسبوه لجانبهم ليخدم ‏مصالحهم لدى تلك الدولة ، او على الأقل يأمنوا الا يصابوا بالاذى من جانبه.. فأصبح عملاء الدول نجوم ‏مجتمع يستقبلون بالابتسامات وتخلى لهم المقاعد الامامية..!!‏
نقلا عن الرأي العام السبت 6 مايو 2006