الزواج العرفي ..فتاوى باطلة !!

الزواج العرفي ..فتاوى باطلة !!


05-02-2006, 05:26 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=50&msg=1146544003&rn=0


Post: #1
Title: الزواج العرفي ..فتاوى باطلة !!
Author: Faisal Al Zubeir
Date: 05-02-2006, 05:26 AM

مستحقات الزواج العرفي .. مهر المثل وثبوت النسب والإرث ووجوب العدة ‏

انزعجنا انزعاجاً مروعاً مما نشر بصحيفة السوداني بعدد20/4في باب حوادث ‏وقضايا حيث اطلق احد المحامين فتاوي باطلة بل ومحرضة على سفك دماء الفتيات ‏المسلمات دون سند من الشرع او القانون،حيث نسب الى المحامي انه قال ان احد ‏اقرباء فتاة تزوجت عرفياً وحملت ممن تزوجها جاء الي مكتبه يستفتيه، فاذا به ‏يصف الموقف بأن(الحمل لا والد له) وانه اكد(ان محكمة الاحوال الشخصية لا تقبل ‏دعاوي اثبات النسب لمولود نتج عن زواج عرفي...وان المرأة لاتطلق...وانها تعتبر ‏زانية)وانه قرر انه اذا لجأ الناس الي الزواج العرفي(ستكون هناك اباحية). حقيقة ‏الامر ان هذه فتوى مروعة،وما كان يجوز نشرها في صحيفة محترمة كالسوداني، ‏ومؤكد انها تسربت خلسة من المرجعية القانونية للصحيفة،ذلك ان الثابت تماما ان ‏هناك مئات ان لم يكن آلاف من الطالبات الجامعيات قد تزوجن زواجاً عرفياً، وهناك ‏قطعاً الاف من الفتيات الآخريات نتيجة للظروف القاهرة التي يمر بها المجتمع ‏السوداني لم يجدن سبيلا للزواج خلاف اللجوء الي الزواج العرفي، والفتوي تصم كل ‏هؤلاء بانهن زانيات، وان المولود منهن لا والد له.‏‎ ‎الفتوى التي قدمها المحامي فتوى ‏قبيحة ولا صلة لها بقانون الاحوال الشخصية الواجب التطبيق، وفي مستوى مختلف ‏انها ضد حقوق الانسان بالنسبة للنساء.‏‎ ‎

مستوى قانون الأحوال الشخصية‎ ‎

اهل الانقاذ قاموا بتقنين ماكان يعمل به في المحاكم الشرعية في قانون سمي بقانون ‏الاحوال الشخصية للمسلمين لسنة1991م اي انهم قننوا الراجح من المذهب الحنفي ‏وصيروه قانوناً واجب التطبيق في الاحوال الشخصية للمسلمين في السودان.‏‎ ‎تقرر ‏المادة12من القانون ان للزواج ركنين ينعقد بهما،الاول هو وجود زوجين ذكر وانثي ‏معينين ولاحرمة بينهما، والثاني هو الايجاب والقبول.‏‎ ‎والواضح ان ركني الزواج ‏متوفران في الزواج العرفي الامر الذي يستوجب الانتقال الى بحث شروط صحة ‏العقد بعد ان انعقد العقد، وهي شروط مذكورة في المادة25وحددت بانها اشهاد ‏شاهدين، وعدم اسقاط المهر، والولي بشروطه القانونية،وبالنسبة للزواج العرفي فان ‏شرط الشاهدين متوفر،وكذلك شرط عدم اسقاط المهر،وتجدر الملاحظة هنا ان ‏النص لايستوجب دفع مهر،وانما يستوجب فقط عدم اسقاطه والشرط الوحيد الذي ‏لايتوفر في الزواج العرفي هو وجود الولي.‏‎ ‎

والزواج في الشريعة نوعان، زواج صحيح وزواج غير صحيح،والزواج الصحيح ‏هو الذي تتوفر اركانه وجميع شرائط صحته كما اشرنا اليها اما الزواج غير ‏الصحيح فانه اما ان يكون زواجاً باطلاً او زواجاً فاسداً، والزواج الباطل هو الذي ‏يختل فيه ركن من اركانه وهو لايترتب عليه اي شئ من آثار الزواج. اما الزواج ‏الفاسد فهو الذي تتوفر اركانه ويختل فيه شرط من شروط صحته ولهذا فان الواضح ‏ان الزواج العرفي هو زواج فاسد لعدم توفر شروط الولي فيه.‏‎ ‎تقرر المادة 64من ‏قانون الاحوال الشخصية للمسلمين انه(يترتب على الزواج الفاسد بعد الدخول الآثار ‏الآتية وهي:‏‎ ‎

أ-وجوب الاقل من المهر المسمي ومهر المثل.‏‎ ‎

ب-ثبوت النسب.‏‎ ‎

ج-حرمة المصاهرة.‏‎ ‎

د-وجوب العدة).‏‎ ‎
وتجدر الملاحظة ان ثبوت النسب يثبت الميراث فالمولود يرث والديه.‏‎ ‎وهذا يعني انه ‏ليس صحيحاً ما افتي به المحامي حول الوضع الشرعي للمرأة الحامل من زواج ‏عرفي، فهي زوجة امام الشرع وليست زانية كما زعم، وزوجها العرفي هو والد ‏الجنين شرعاً وعليها ان تعتد ان توفي زوجها او طلقها.‏‎ ‎
على مستوى الدستور وحقوق الانسان:‏‎ ‎
في الزمن الذي تبلورت فيه احكام الشريعة لم يكن تزويج الطفلة امراً مستهجناً، بل ‏كان امراً مألوفاً ومقبولاً لدى المجتمع، ولهذا قرر الفقهاء ان يكون لها خيار البلوغ، ‏وينبغي ان نلاحظ ان البلوغ هنا لايقصد به سن الرشد وانما يقصد به البلوغ الجسدي ‏وهو ظهور دلائل القدرة على الانجاب في الجسد، اما سن الرشد فامر يتعلق بالنضج ‏العقلي والبلوغ الجسدي امر يمكن ان يحدث بل هو غالباً مايحدث للطفلة وهي في ‏الثانية عشرة من عمرها اي انها لاتزال طفلة بمعايير هذا الزمان، وقد كان الغالب ‏من الاحوال ان تزوج الفتاة فور بلوغها ولهذا جاء شرط الولي كشرط صحة للزواج ‏كحماية للفتيات الاطفال.‏‎ ‎لقد دار الزمن دورات كاملة وتبدلت الامور وتغيرت ‏الاحوال ولهذا فاننا في حاجة لاجتهاد جديد يمنع تزويج الاطفال، بل لابد من تحديد ‏سن للزواج لايقل عن سن الرشد، كما اننا في حاجة الى اجتهاد يحقق مانصت عليه ‏المادة32(1) من الدستور الانتقالي من وجوب ان تكفل(الدولة للرجال والنساء الحق ‏المتساوي في التمتع بكل الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية ‏والاقتصادية...)‏‎ ‎

كما اوجبت الفقرة(5)من ذات المادة بان(تحمي الدولة حقوق الطفل كما وردت في ‏الاتفاقيات الدولية والاقليمية التي صادق عليها السودان).‏‎ ‎

ويلاحظ ان اصل هذه النصوص هو نص المادة16من الاعلان العالمي لحقوق ‏الانسان والتي تقرر ان(للرجل والمرأة متى ادركا سن الزواج حق التزويج وتأسيس ‏اسرة دون اي قيد بسبب العرق او الجنسية او الدين وهما متساويان في الحقوق عند ‏التزويج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله).‏‎ ‎

كما يجدر ان اشير بان المادة27(2)من الدستور الانتقالي جعلت مواثيق حقوق ‏الانسان التي صادق عليها السودان جزءاً من الدستور قد صادق على العهد الدولي ‏المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية والذي تقرر مادته23بأن:‏‎ ‎

‏(2) (يكون للرجل والمرأة ابتداء من بلوغ سن الزواج حق معترف به في التزوج ‏وتأسيس اسرة).‏‎ ‎

‏(3)(لاينعقد اي زواج الا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضى كاملاً لا اكراه ‏فيه).‏‎ ‎

وهذا يعني ان الفتاة التي بلغت سن الرشد وهو كما قلنا ليس سن البلوغ بل هو سن ‏الرشد او انه اكبر بكثير في بعض البلدان كالصين، هذه الفتاة لها مطلق الحق وبحرية ‏كاملة ان تتزوج دون ان يرهن ذلك على رأي او وجود وليها، او اخطار اهلها حسب ‏نص الدستور ومواثيق حقوق الانسان اذ لها حق متساوٍ مع الرجل في عقد الزواج ‏فاشتراط الولي بالنسبة لمن بلغت سن الزواج شرط صار غير دستوري ولهذا على ‏الفقهاء ان يجتهدوا في بلورة تأويل شرعي يجعل اسقاط الولي امر شرعي وتبقي ‏الزاميته مسألة اجتماعية واخلاقية فقط.‏‎ ‎

على المستوى الاجتماعي والاقتصادي:‏‎ ‎

ينبغي ان نلاحظ ان مسألة الزواج العرفي تتعلق بوضع الزوجين الاجتماعي ‏والاقتصادي اذ كل الشباب من الجنسين الملتزمين اجتماعيا بأسرهم ومحيطهم ‏الاجتماعي لايقبلون لانفسهم ان يتزوجوا عرفيا خاصة اذا كانت ظروفهم الاقتصادية ‏تسمح لهم بتكوين اسرة في العلن ولهذا فان من يلجأون الى الزواج العرفي يكونون ‏مجبرين تحت ضغوط قاسية، فليست هناك فتاة عادية تقبل لنفسها ان تتزوج دون علم ‏اهلها، او من وراء ظهرهم وليس هناك انسان سوي يمكن ان يشجع مثل هذا السلوك ‏ولكن ايضا ليس من حق اي انسان ان يصف هذا الزواج بانه زنا او ان المولود منه ‏ابن سفاح او انه لا طلاق فيه ولاعدة فهو زواج شرعي بعد الدخول ولاتنقصه الا ‏الزامية النفقة وحدها اذ انه يرتب كافة اثار الزواج العرفي الاخري كما اشرنا اليها.‏
نقلا عن السوداني العدد 175 الثلاثاء 2 مايو 2005