الإنقاذيون والسيارات .. د. الحسن المثني عمر الفاروق

الإنقاذيون والسيارات

د. الحسن المثنى عمر الفاروق
[email protected]

ظلت ممارسات حكومة الإنقاذ منذ مجيئها إلى يومنا هذا ، منذ أن كانت غضة ندية في عيون مفجريها ، إلى أن صارت شمطاء دميمة ، تثير الحنق والاستهجان ، ممارسات أقل ما توصف به أنها غير مسئولة ، ومن هذه الممارسات ما يتعلق بالسيارات وكيفية تعاملهم معها وحبهم الطفولي لامتلاك أكبر كمية منها ، وفيما يلي طرفاً من ذلك:

عمدت الإنقاذ في أيامها الأولى إلى تحجيم دور النقل الميكانيكي ، وبعد فترة حلته واستولت على سياراته التي بيعت بأرخص الأثمان ، ونتج عن ذلك غياب القيِّم على عربات الدولة والمستشار الذي يحدد الصالح والطالح منها ، وما ينبغي أن يستورد وما لا يستورد من العربات وفقاً لمعايير فنية عالية وخبرة هي جزء من تاريخ الخدمة المدنية العريقة في السودان تلك الخدمة التي قضى عليها الإنقاذيون ، مثلما قضوا على كل شئ جميل في السودان ، فاختلط الحابل بالنابل وصار كل من هب ودب من حكام الولايات ووزرائها الجهلة يسافر للتعاقد على شراء مجموعة من السيارات الكورية (الكهنة) ، مبددين الملايين من مال الشعب.

يحرص كل مسئولي الدولة على اقتناء سيارة خاصة به وأخرى بالأولاد وثالثة للمدام ورابعة لخدمات المنزل (لوزم السوق والقفة) ولابد أن تكون جديدة (لنج).

رئيس اتحاد الطلاب لابد له من سيارة جديدة ، وقد رأيت بأم عيني ، وأنا أقف في محطة المواصلات مودعاً زميلي الأستاذ بإحدى الجامعات ، وكانت المواصلات صعبة ، فإذا بأحد رؤساء الاتحادات الطلابية يمر من أمامنا تتهادى به فارهة الحشا من السيارات الجديدة .

مؤتمر القمة الإفريقي استجلبت له سيارات جديدة (لنج) بمئات الملايين من الدولارات ، علماً بأن لدى الدولة سيارات تكفي لنقل جميع المواطنين الأفارقة ناهيك عن رؤسائهم.

أول خاطر يتبادر إلى ذهن من يعين في أي مؤسسة ، نوع السيارة التي ستخصص له ، وستعلو قيمة السيارة تبعاً لمكانة هذا الموظف وقربه من مراكز القوى.

مسؤول بديوان الزكاة لم تعجبه سيارته الكوريلا الجديدة موديل سنة 2005 ، أتدرون لماذا ، لأن لونها أسود ، وهذا اللون (وِسّيخ) لا يتناسب مع جو السودان المغبر على مدار الساعة ، إضافة إلى أنها لافتة للنظر ، فعمد سيادته إلى استصدار أمر بتغيير لونها إلى الأبيض فتم له ما أراد بعد تكليف خزينة الزكاة مبلغاً يزيد عن الأربعة مليوناً من الجنيهات. ولا عزاء للفقراء ، وليذهب كل من بحاجة إلى مليم واحد يقيم به أَوده إلى الجحيم وليهنأ سعادة المسؤول.

إذا أراد المتنفذون في الدولة معاقبة المسئول وإهانته ، فأول صفعة يتلقاها منهم هي سحب السيارة بعد طرده من الوظيفة.

عندما أدرك سيادة الوزير أن وزارته إلى زوال وأنه سيفارقها فراق (الطريفي لجملو)، عمد إلى شراء سيارة جديدة تاركاً سيارته القديمة. لأن من دأب حكومة الإنقاذ أن تكرّم مستوزريها بتمليكهم سيارة الوزارة بعد نهاية خدمته بها كنوع من تطييب الخاطر ، فكلف ذلك خزانة الدولة مئات الملايين ، لأن الوزير ليس وحده وإنما معه جيش من وزراء الإنقاذ الذين هم عديد الحصى والرمل والتراب.

عندما أعلنت الدولة عن تفريغ ميناء بورتسودان ، تسابق الإنقاذيون ومحاسيبهم للحصول على الغنائم ، فاشتروا السيارات بتراب الفلوس.

ولاية الجزيرة عمدت إلى شراء عدد من سيارات اللاندكروز ، بقيمة تقارب الثلاثمائة مليون للسيارة الواحدة ، وعدد السيارات المطلوبة أكثر من عشر سيارات بينما يشرب أهل الجزيرة كدراً وطيناً من الترع والقنوات الموبوءة ، وأموالهم يبددها هؤلاء غير المسئولين.

أما الشعب فليس له من ذلك إلا الأسى والحسرة على زمان الصدق والأمانة ، فإذا تجرأ مواطن واستورد سيارة ، فالويل له مما تأخذه الدولة من جمارك ، وقد قرأت مقالاً جميلاً لأحد كتاب سودانايل يذكر أن الدولة تأخذ من مستورد السيارة من المغتربين أكثر مما تأخذه الشركة المصنعة للسيارة. علماً بأن المغترب أكثر أحقية بامتلاك السيارة من أي وزير من وزراء الإنقاذ المتخمين المتورمين من أكل مال السحت! ليس للشعب إلا الجوع والمرض والفاقة ، لأن ما ينبغي أن يخصص لدرء المرض والفاقة ، يذهب سدى لترضية هؤلاء المرضى من المسئولين الذي ابتلي بهم الشعب.

www.sudaneseonline.com

...

دكتور الحسن
لك التحية

يدور حديث كتير تحت الكواليس بان عربات الحكومة مسجلة باسماء الموظفين الحكوميين الموالين للنظام. و زي ما حماس وجدت الخزينة فاضية نحن برضو سنجد الحكومة بلا عربات لما تروح الانقاذ.

شكرا علي المرور والتعليق أخ عبدالله.