علم البديع و البيان في لغة أهل السودان

علم البديع و البيان في لغة أهل السودان


04-04-2006, 07:15 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=50&msg=1144131310&rn=1


Post: #1
Title: علم البديع و البيان في لغة أهل السودان
Author: ابو جهينة
Date: 04-04-2006, 07:15 AM
Parent: #0

علم البديع ، علم بديع في لغة الضاد ، و أهلنا في السودان ، لهم حصيلة من المفردات (البديعة) تفوق مفردات علم البديع عند العرب العاربة و المستعربة. و الدلالات على ذلك كثيرة بشهادة معظم الفطاحل و الجهابذة في هذه اللغة و بإعترافهم بأن السودان سيكون خط الدفاع الأخير للغة العربية بالأدباء و الكتاب و الشعراء و المادحين و الصوفية.
علم البديع هذا يتكون من الأقسام التالية:

(1) المبالغة :
و هي بلوغ المتكلم في وصفه لأمر من الأمور حدا مستبعدا أو مستحيلا ، سواء كان ذلك في الشدة أم في الضعف مثل قول الشاعر عمرو بن كلثوم :

إذا بلغ الفطام لنا صبي تخر له الجبابر صاغرينا

( عمرو بن كلثوم ) هذا لو كان حياً إلى يومنا هذا ، ما أن تبشره الداية و تقول له مبروك جاك ولد و تزغرد الحبوبة ، حتى ترتجف أوصال ناس القصر الجمهوري و القيادة العامة و أسياس أفورقي يعلن التعبئة العامة و موسوفيني يقول ألحقنا يا عم سام. و عمنا حسني ود مبارك يقول :

الله ، هو قِهْ ( يعني هو وصل ؟ ) ، بأوولك إيه يا طنطاوي ، إطلعوا من حلايب بسرعة أحسن الواد دة يطربأها على دماغ اللي خلفونا.

و يوم سماية الولد الهزبر هذا ، يعاد النظر في التوالي و مشاكوس و نيفاشا بشقيها و الأحزاب المؤتلفة و المؤلفة قلوبهم و المهمشة و المهشمة أفئدتهم ، و يعاد أهل الحماداب إلى ديارهم و يتم تمزيق إتفاقية سد مروي و يتم إصلاح محطة بري اللاحرارية إلى الآن. و العجب لو دخل الكلية الحربية يقومو ناس هناي يطبعوا ليهو البيان الأول من يوم دخولو الكلية ، و يوم يتخرج يلقى كل شي جاهز.




نحن السودانيين ، بلا فخر ، أجدع ناس في علم المبالغة. لو أردنا أن نعمل ( زوووم ) لأي موضوع ، لا يمكن أن يتم تعديل هذه المبالغة إلا بزوم معاكس من نفس المصدر أو ( بنيران صديقة) فنقول ( الضحك شرطو) ، هذه المبالغة بالذات تخيفني ، فمعنى هذا أن نهاية الشفتين عند إلتقاءهما بالجضوم معرضة للشرط في أي لحظة بسبب ضحكة مجلجلة.

و نقول عندما نريد أن ندعو على أحد : ( الحمى ال يجسوها بالمجس أو المقص).
يعني إن شاء الله الحمى بتاعتك دي ، و من شدتها لا يمكن لأحد ملامسة بشرتك و سطح جلدك إلا بمقص و الذي ستسري الحرارة من خلاله إلى الذي يجس حرارتك البركانية هذه دون قراءة أي أرقام ترموميترية ، يكفي أن نعرف أنك محروق و ريحتك شايطة.

عندنا مثل جميل في السودان ( ما بريدك ، و ما بحمل بلاك ). فهذا يعني علاقة المصلحة فقط ، أو يصلح كدعوة للتعايش السلمي بين قبائل التماس ، طبعا أكيد الواحد عقلو ينصرف بسرعة نحو تلك الفنانة التي كأنها أكلت ليها شطة كاربة و طوالي جات الأستوديو و هي لا تزال تعاني من حرقة الشطة و سجلت أغنية ( أخاصمك لا ، أحبك آه ) ، و رغم أنني أشك في أن أحدا يمكن أن يخاصمها ، إلا أن حبها من النوع المستحيل لأنها لن تعطي العاشق فرصة ليحبها و هي تتلوي كالصارقيل و الدودة الشريطية.

نقول أيضا ( ريحتو ترمي الصقر الطاير في السما ) ، معنى هذا أن لدينا ريحة ( غير متعوب في صناعتها ) يمكن أن نستعملها بدل صواريخ إستنغر أو توماهوك ، سلاح سري لا يحتاج إلى منصات إطلاق أو إلى تفتيش من ( المنافق بليكس ) أو ( البرادعي ) الضاحك ديمة ، على ماذا لا ندري.
و لو ود أفورقي عمل شنكبة أو عنكبة نودي ليهو كم واحد من أصحاب هذه الريحة الصاروخية و نختهم في همشكوريب ، و نجيب مراوح كبيرة و نخليها وراهم ، و يا ناس أسمرا جاكم الكيماوي و البايولوجي. و الله البحر الأحمر ما يوقفهم ، و يمكن الريحة تصل لأبو يمن بي هناك ، فيستعيض بها عن القات و يدمن ريحتنا هذه ، و نصدر ليهم الناس ديل لو عاوزين ، بس الواحد يمشي هناك و يقاول ليهو كم نفر ، كلما تجي للواحد الخرمة ، يشمموا شوية . شغلانة ساهلة و مربحة.

أنظروا لقوة المعنى و قوة الفخر الموغلة في المبالغة في هذه الجملة : ( سيوفهم تلحس الفقرة ) ، فهذه السيوف من حدتها ، ما عندها وقت تقطع أو تجز أو تنحر ، إنما هي لحسة واحدة كلحسة اللسان للآيس كريم و تكون فقرات العمود الفقري قد إنقسمت إلى دوائر دوائر كحبات الخيار في طبق السلطة.

نروح للقسم الثاني من علم البديع :

( 2 ) المطابقة : و هو أن يجمع المتكلم في كلامه بين كلمة و ضدها في المعنى ، مثل قول أبي فراس الحمداني :

أراك عصي الدمع شيمتك الصبر أما للهوى نهي عليك و لا أمر

فقد جمع الشاعر بين المصدر ( أمر ) و ضده ( نهى ).

كتب أحد الأطباء السودانيين الظرفاء لمريضه و صديقه الأكول النهم :

أراك عصي المضغ شيمتك البلع أما لبطنك نهي عليك ولا أمر
فرد عليه الصديق :
بلى إني أحب الأكل و بي لوعة و لكن جوعي لا يكفيه بحر

و قال الشاعر :
خلقوا و ما خلقوا لمكرمة فكأنهم خلقوا و ما خلقوا
رزقوا و ما رزقوا سماح يد فكأنهم رزقوا و ما رزقوا

معنى هذا أن هؤلاء الناس خلقهم الله و رزقهم من نعماءه و لكنهم كأنهم لم يخلقوا و لم يرزقوا لأنهم تنقصهم المكارم و أيضا بخلاء ، فلا صدقة و لا زكاة تماما مثل الذين يكنزون المال ، إلى أن تأتينا حكومة جديدة ، فيذهبون للبنك و هم يحملون أموالهم في الشوالات المهترءة و الصفائح الصدئة لتغييرها بالعملة الجديدة.
أم رشا عندما كانت في بنك السودان سألتْ أحد هؤلاء الكانزين عندما أتى للتغيير و هو يفرغ شوالاته بالعملة ( البقت ما بتعرف ليها لون ) :
قروشك ديل كم يا حاج ؟
فقال : و الله ما متأكد ، لاكين كل ربطة أدوني قصادا ربطة زيها.
و كأن عملتنا قد تحولت إلى ربطات ملوخية و جرجير.

(3) المقابلة :

أن يؤتى بمعنيين متوافقين أو بمعان متوافقة ثم بضديهما أو بأضدادهما على الترتيب مثل قول أبي فراس :

أيضحك مأسور و تبكي طليقة و يندب محزون و يسكت سال ؟

هنا مقابلتان ثنائيتان : الأولى ( أيضحك مأسور ) و معناها أيضحك من هو في السجن ، و يقابلها ( تبكي طليقة ) و معناها هل تبكي من كانت حرة طليقة فأنظر إلى يضحك و تبكي ثم مأسور و طليقة.
المقابلة الثانية ( يندب محزون ) و معناها هل يعدد المحزون أحزانه و يقابلها يسكت سال ، معناها هل يسكت رجل ذو تسلية . فأنظر إلى يندب و يسكت ، ثم محزون و سال.

( 4 ) التورية :

أن يذكر المتكلم في كلامه كلمة لها معنيان : أحدهما ظاهر قريب غير مراد أو مقصود و الآخر خفي بعيد لا يفطن له الذهن مباشرة و هو المراد و المقصود ، مثل قول الشاعر :

يمر بي كل وقت و كلما مر يحلو

التورية في كلمة مر ، فالمعنى القريب الظاهر غير المقصود و المراد من المرارة بدليل أن الشاعر ألمح بكلمة ( يحلو ) ، و المعنى البعيد الخفي المراد هو المرور.


(5) الجناس :
هو ما إختلفت فيه الكلمات في أنواع الأحرف أو شكلها أو عددها أو ترتيبها مثل :

يا للغروب و ما به من عبرة للمستهام و عبرة للرائي

العين في عبرة الأولى مفتوحة و في الثانية مكسورة.
و الجناس بين عبرة بمعنى دمعة و بين عبرة بمعنى عظة و هما متجانستان في جميع أحرفهما و مختلفتان في التشكيل فقط و هذا جناس ناقص ، أيضا مثال :

بيت من الشعر و بيت من الشعر ( بكسر الشين في الأولى و فتح الشين في الثانية).
أما الجناس التام هو ما إتفق فيه كل شيء حتى التشكيل مثل :

خليلي إن قالت بثينة : ماله أتانا بلا وعد ؟ فقولا لها لها

الجناس بين اللفظين لها و لها. فالأولى حرف جر مع ضمير متصل و الثانية فعل ماضي يلهو.

(6) الإقتباس :
و هو تضمين الكلام أو الشعر شيئا من القرآن الكريم أو الحديث الشريف :

مثل :
أنا شيخ الغرام من يتبعني أهده في الهوى صراطا سويا
أنا ميت الهوى و يوم أراهم ذلك اليوم يوم أبعث حيا
إن كانت العشاق من أخبارهم جعلوا النسيم إلى الحبيب رسولا
فأنا الذي أتلو لهم يا ليتني كنت إتخذت مع الرسول سبيلا

(7) السجع :
و هو توافق الفاصلتين أو الفواصل في الحرف الأخير من النثر مثل قول الخنساء في أخيها :

طويل النجاد ، رفيع العماد كثير الرماد إذا ما شتى

و نحن قوم في السودان ، يجري السجع فينا مجرى الدم ، و يتلبس الحادي في العتامير و البوادي ، و الشاعر في إنقطاعه و الأديب في صالونه ، حتى النساء ، هن ساجعات في بيوت البكيات ، و بيوت الأفراح و حتى الأمهات في تدليعهن لنا يقلن و هن يقمن بالتهشيك :
( يا عشا البايتات ، مقنع الخايفات ، أخو البنات ، فارس الحوبات ، دافس العركات ، )
و لزوم مجاراة روح العصر تمت إضافة : راكب الركشات ، فالركشة تحتاج لقوة قلب خاصة في الكلاكلات و الدروشاب ).
ألا توافقونني أن هذا التدليع برضو ينفع نشيد وطني يلهب الأعصاب فنتنادي خفافا و ثقالا لخوض حرب ضروس ؟
أنظروا لهذا التدليع من الأمهات في السودان ، و تدليع الأمهات لأولادهن عند الغير :من العرب العاربة:

تعال يا حبيب ماما يا كميل ( كميل معناها جميل ، و أستبدل الجيم بالكاف لأن الكاف حرف لطيف على الأسنان و الحلق و اللسان خاصة عند مضغ اللبان اللادي).
تعال يا بيضا يا حلوة يا طعمة . ( هذا من كثرة أكل الجبنة الحلوم).
وينك يا بعد قلبي و كبدي ( دي غايتو شتيمة مبطنة .. لأنو بعد قلبها و كبدها أظنو بيقع الطوحال أو المرارة و الإتنين ديل سمعتهم ما كويسة ).
تعال يا نظر عيني ( يعني ديل أصلهن ما يحتاجن نضارات أو عدسات لاصقة ، لإنو عندهن الولد دة بالنسبة ليهن نظر إحتياطي ).

إحدى المصريات في الرياض ، ذهبت مع جارتها السودانية لتعزية جارتهن التي جاء خبر وفاة عمها بالسودان، و تصادف وجود إحدى قريبات المتوفي ، و هي إمرأة من الجيل الذي شارف على الإنقراض ، و كانت تبكي و هي جالسة في نص الأوضة و النساء متحلقات حولها :
الليلة وووووب يا جمل الشيل ، الليلة ووووب يا ميزان الدهب الوزنو تقيل.. يا بحر الدميرة يا أسد القبيلة ، الليلة ضيفانك باتوا القوى في المسيد ، يا سيد الكرم و قايد الأجاويد).

فهمستْ المصرية في أذن جارتها السودانية : إنت مش قلتيلي إنو المتوفي إسمو الحاج ساتي ، أمال دول كلهم ماتوا إمتى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟