من حرب الأدغال إلى آبار البترول .. رشاوى للجنوبيين !!

من حرب الأدغال إلى آبار البترول .. رشاوى للجنوبيين !!


04-04-2006, 00:56 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=50&msg=1144108584&rn=0


Post: #1
Title: من حرب الأدغال إلى آبار البترول .. رشاوى للجنوبيين !!
Author: Faisal Al Zubeir
Date: 04-04-2006, 00:56 AM

من حرب الأدغال إلى آبار البترول : ‏
ما حقيقة المبلغ الطائل الذي دفعته شركة‎ ‎النيل الأبيض لمواطني جونقلي وبور؟‎
هذا الصراع‎ ‎الخفي هل ستدخل بريطانيا وفرنسا طرفين فيه؟‎
مصطفى سري‎
كان السؤال حول‎ ‎شركة النيل الأبيض للبترول:لماذا التكتم الشديد حول اتفاقها وأعمالها؟ وعندما ‏يسأل‎ ‎المواطن في مناطق جونقلي وبور، لا يجد اجابة شافية. وهذا ما دفع المسؤول السياسي‎ ‎السابق للحركة الشعبية في لندن ياي جوزيف ان يقول إنها عملية تهجير تتم دون اعلان‎ ‎للمواطنين ‏ونزعوا منهم مناطقهم نزعاً‎!!..
في الحلقة الماضية اوردنا اسئلة متعددة‎ ‎وإفادات مختلفة من قيادات في الحركة الشعبية وحكومة ‏الجنوب، وأوردنا ان شركة النيل‎ ‎الأبيض للبترول يملكها قادة في الحركة والحكومة الاتحادية ‏وحكومة الجنوب مع مساهمين‎ ‎بريطانيين ومالديفيين ويوغسلافيين، وإن هنالك صراعاً خفياً بين ‏هذه الشركة وشركة‎ ‎توتال، ولها تداعيات وخلفيات في اتون الصراع السياسي والحرب الأهلية التي ‏قادها‎ ‎الجيش الشعبي لتحرير السودان بـ(22) عاماً مضت، وكيف ان النافذين في الحركة وهم‎ ‎الذين ‏يقودون الحملة بضراوة لصالح شركة النيل الأبيض للبترول في مناطق جونقلي وبور‎ ‎ويعبئون ‏جماهير تلك المنطقة، لوضع متاريس امام اسئتناف توتال للعمل في مربع‎ (BA) ‎بجونقلي‎!...
ويورد ياي جوزيف نقطة مهمة بقوله (بعد وفاة الراحل قرنق واستلام‎ ‎سلفاكير مقاليد السلطة في ‏الجنوب بدأت الشركة نشاطها من جديد وإن رياك مشار نائب‎ ‎رئيس حكومة الجنوب دخل بصورة ‏فعالة في افساح المجال لشركة النيل الأبيض، غير ان‎ ‎الرقم المالي الذي كشف عنه جوزيف في ‏افاداته لـ(السوداني) تضع علامات استفهام كبيرة‎ ‎اذ قال: (لقد تمت تغطية مثيرة لاستئناف الشركة ‏للعمل في جونقلي، وإن 240 مليون‏‎ ‎دولار- وهذا مبلغ كبير - دفعت للمواطنين، وإن الشركة تطلق ‏الشائعات بأنها وطنية مع‎ ‎انها مسجلة كشركة اجنبية، وهذا هو التناقض بعينه). غير ان ما يبدر الى ‏الذهن: اين‎ ‎تم توزيع هذه المبالغ الكبيرة التي رصدت- والتي قال ياي انها وزعت كرشاوي، لكن‎ ‎لمن؟‎.
والحركة، حسب افادت عديدين، استخدمت الخطاب العاطفي ضد شركة توتال، وهو ما‎ ‎اوردناه في ‏الحلقة الماضية بمساهمتها في الحرب ضد الحركة، وهذا ما ربحته الحكومة‎ ‎الفرنسية في وقت ‏لاحق بتسلمها الإرهابي كارلوس من حكومة السودان. لكن هل اقنع خطاب‎ ‎الحركة مواطني ‏المنطقة بجدوى التنقيب واستخراج البترول؟ كما ان الحركة استندت إلى‎ ‎انها وقعت اتفاقها مع ‏شركة النيل الأبيض قبل اتفاقية السلام الشاملة، ومعنى هذا ان‎ ‎هناك التزاما اخلاقيا وقانونيا، قد ‏يدفع بالذين وقعوا مع الشركة للدخول في مساءلة‎ ‎قانونية، وهم بالطبع في حكومة الجنوب ‏والحكومة الاتحادية‎!.
يقول الدكتور وليم‎ ‎كون بيور، المستشار القانوني السابق للحركة الشعبية، ضمن افادته في هذا ‏الملف (ان‎ 19 ‎من سلاطين المنطقة تم تسليم كل واحد منهم 4000 دولار. لكن هذا البترول ليس‎ ‎لجونقلي او بور او الجنوب نفسه، بل هو للسودان)، لكنه يفاجئنا في قوله لـ(السوداني‎) ‎ان اولئك ‏السلاطين الذين تسلموا ذلك المبلغ المتواضع ازاء مستقبل المنطقة كلها‎ ‎تراجعوا عن التوقيعات ‏لأنهم خدعوا خاصة انهم علموا ان القضية لها ارتباط بالتنقيب‎ ‎عن البترول وليس عمل ردميات ‏للسدود.. وهذا اعاد لذاكرة المواطنين والسلاطين على حد‎ ‎سواء ما فعلته شركة توتال من قبل، ‏والشركة التي كانت تنفذ حفر قناة جونقلي‎!.
ما‎ ‎يخيف منطقتي بور وجونقلي تحديداً، قضية التهجير والتفاوض مع اهالي المنطقة، باعتبار‎ ‎أن ‏نصوص اتفاقية السلام في ما يخص استغلال البترول منصوص عليه في المادة (190) من‎ ‎الفصل ‏الثالث من الدستور الانتقالي لسنة 2000م (تطوير ادارة قطاع البترول) والتي‎ ‎تشمل البند (أ): ‏‏(الاستغلال الأمثل للبترول بوصفه مصدراً طبيعياً غير متجدد بما‎ ‎يتفق مع: اولاً: المصلحة القومية ‏والصالح العام، ثانياً: مصلحة الولايات المتأثرة،‎ ‎ثالثاً: مصلحة السكان المحليين في المناطق ‏المتاثرة، رابعاً: السياسات القومية‎ ‎للبيئة، وأسس المحافظة على التنوع الحيوي ومبادئ حماية ‏التراث الثقافي‎.
‎(‎ب‎) ‎تمكين المستويات الحكومية الملائمة بالتعاون مع المجتمعات المحلية ذات الصلة من‎ ‎المشاركة ‏في تنمية وإدارة البترول في المراحل المختلفة، وذلك في الإطار الشامل‎ ‎لإدارة تنمية البترول‎).
وفي الفقرة (د) من ذات المادة تنص على: (التشاور مع‎ ‎اصحاب الحقوق في الأراضي وأخذ آرائهم ‏في الاعتبار عند اتخاذ القرارات المتعلقة‎ ‎باستثمار موارد باطن الأرض في المناطق التي لهم فيها ‏حقوق والتي يفترض انتفاعهم من‎ ‎استثماراتها).. والفقرة (هـ) تنص على: (التعويض العادل للذين ‏يستمتعون بحقوق‎ ‎الملكية الطبيعية في الأراضي التي يتم الاستيلاء عليها أو استثمارها لاستخراج‎ ‎الموارد الطبيعية في باطن الأرض وذلك عن المنطقة التي لهم فيها حقوق).. والقفرة‎ (‎و): (اشراك ‏المجتمعات التي تباشر في اراضيها تنمية موارد طبيعية في باطن الأرض،‎ ‎عبر ولاياتهم في ‏مفاوضات التعاقد على استغلال تلك الموارد‎).
اما ما يخص مهام‎ ‎لمفوضية القومية للبترول فنورد هنا للتذكير فقط نص المادة (191) البند الثالث‎ ‎القفرة (د) والتي تقول: (التفاوض حول عقود استكشاف واستثمار البترول في السودان‎ ‎وإبرامها ‏والتأكد من توافقها مع مبادئ وسياسات وموجهات المفوضية).. والبند الرابع‎ ‎القفرة (د) ينص: (اذا ‏اعترض الأعضاء غير الدائمين في المفوضية القومية للبترول‎ ‎الذين يمثلون الولاية او الولايات ‏المنتجة للبترول جميعاً على قرار المفوضية لا‎ ‎يوقع الوزير القومي المسؤول عن البترول على ‏العقد ويحيل الأمر الى مجلس الولايات،‎ ‎فإذا رفض مجلس الولايات الاعتراض بأغلبية ثلثيه يوقع ‏الوزير القومي على العقد، وإذا‎ ‎لم يرفض مجلس الولايات الاعتراض بأغلبية الثلثين خلال (24) ‏ساعة يوم عمل يحيل مجلس‎ ‎الولايات الاعتراض خلال تلك المدة وبأغلبية الثلثين الى آلية ينشئها ‏المجلس للتحكيم‎ ‎فيه، ويتم اصدار قرار التحكيم خلال ستة اشهر من الإحالة اليها ويكون قرار ‏التحكيم‎ ‎ملزماً‎)..
تلك هي بعض نصوص الدستور الانتقالي حول مفوضية البترول واستغلاله،‎ ‎ولعلنا افضنا في ذلك ‏لارتباطه بهذه القضية، اذ ان اتفاقية شركة النيل الأبيض التي‎ ‎وقعتها مع الحركة الشعبية اصبحت ‏ملزمة لحكومة الجنوب، جديدة العهد، بعد اتفاقية‎ ‎السلام الشامل. لكن المستشار القانوني وليم كون ‏بيور يقول ان احداً لم يطلع عليها‎ ‎احداً: (هنالك ورقة صغيرة وقعت عليها الحركة مع شركة النيل ‏الأبيض للبترول، وهذه‎ ‎الورقة لا تتعدى الثلاث ورقات)!!.. وإشارته ايضا مهمة بأن اتفاقية ‏البترول في‎ ‎العادة تصل إلى نحو (106) مادة قانونية تتحدث عن ملكية الأرض، وتقديم الخدمات‎ ‎الاجتماعية، والبيئة والمجتمع، الى جانب تقسيم العائدات، وقال: (هذا كتاب وكل نقطة‎ ‎فيها ‏تفسيرات وتفاصيل كثيرة.. وما نعرفه الآن أن اتفاق النيل الأبيض مع الحركة ورقة‎ ‎صغيرة ‏لأشخاص ليست لديهم خبرة في هذا المجال‎)!!.
ولزوم ما يلزم ان الصراع اتجه‎ ‎الى نواحٍ عديدة؛ سياسية، قانونية، وكذلك قبلية، لطبيعة التركيبة ‏السياسية‎ ‎والاجتماعية لجنوب السودان الذي خرج لتوه من حرب اهلية طويلة. وهذا الالتزام كما‎ ‎يقول وليم كون ( تحديد الالتزام وفق اتفاقية السلام من جانبي الحركة الشعبية‎ ‎والمؤتمر الوطني، ‏بمعنى حكومة الوحدة الوطنية وفق تشكيلها الحالي وحكومة جنوب‎ ‎السودان).. وهذا يعني ان ‏الإخلال بهذه الاتفاقية خاصة ما يتعلق بالتنقيب عن البترول‎ ‎يطرح في الأجهزة الدستورية وليس ‏‏(الاحتكام للأطروحات السياسية بل الى‎ ‎الدستور‎!!)..
لكن كون يؤكد على احقية حكومة الوحدة الوطنية وعبرها مفوضية‎ ‎البترول في مسائل التصديق ‏على تراخيص البترول للشركات، وهذا ما اوردناه سلفاً، ومن‎ ‎المحتمل ان تخسر الحركة سياسياً ‏لأنها عندما تتصل بمواطني المنطقة المنتجة للبترول‎ ‎وتتعامل مع المسالة سياسياً فقط، فإن ‏المواطنين يمكن ان يردوها، لأن الارض ملكهم‎.. ‎وكما قال كون - مع تحفظه على قضايا اخرى ‏داخل الحركة اراد الا يتطرق اليها الآن‎ - ‎فإن هذه القضية المطروحة ستشكل عقبة كبيرة في تنفيذ ‏السلام، اذا اصرت الحركة على‎ ‎المضي قدماً لتنفيذ اتفاقياتها مع شركة النيل الأبيض. بل هو يزيد ‏على ذلك بأن‎ ‎القضية اكبر من اشعال الحرب لأن دولاً مثل بريطانيا وفرنسا وحكومة الجنوب ‏وحكومة‎ ‎الوحدة الوطنية والتي تتضارب مصالحها ربما ستدخل في مواجهات قانوينة‎ ‎وسياسية‎!!..
وبالطبع المجتمع الدولي اصبحت له مصالح كبيرة في السودان خاصة‎ ‎اسهامه الكبير وغير المخفي ‏في تحقيق اتفاقية السلام معلوم، وليس من الحكمة العودة‎ ‎الى الحرب لحل هذه المعضلة، طالما ان ‏هنالك احتكاما للدستور. ويقول كون في افادته‎: (‎يمكن لحكومة الجنوب ان تقدم دعوى قانونية في ‏المحاكم اذا رأت ان هناك مظلمة‎).. ‎ويقصد المحكمة الدستورية وهي المعنية بالفصل في مثل هذه ‏القضايا المعقدة، خاصة ان‎ ‎الدستور الانتقالي كما وصفه احد السياسيين (حمال اوجه‎)!.
ومع المواد التي‎ ‎اوردناها من الدستور حول ملكية الأراضي لكن ما احيل الى (السوداني) من ‏محاولة تمرير‎ ‎اتفاقية شركة النيل الأبيض للبترول يثير اسئلة عديدة، نتركها الى حينها. اذ يكشف‎ ‎ياي جوزيف ان حاكم ولاية جونقلي فيليب كون عقد اتفاقية جانبية من شركة النيل‎ ‎الأبيض، وأن ‏توجيهاً صدر من حكومة الجنوب بأن يقدم الحاكم تسهيلات لعملية التنقيب،‎ ‎وهذا ما دفع الحاكم - ‏حسب ياي- الى ان يعقد اجتماعاً بين قبيلتي النوير والدينكا في‎ ‎مؤتمر فنجاك، كان الهدف الظاهري ‏منه خلق تعايش قبلي، لكن في باطنه ان يشعر‎ ‎المستثمرون في البترول ان الأمن (مستتب) ولا ‏يوجد نزاع بين القبيلتين‎!.
ولعل جمع‎ ‎السلاح الذي بادرت به ولاية جونقلي وبإشراف نائب رئيس حكومة الجنوب دكتور ‏رياك مشار‎ ‎ما يشير الى ذلك، رغم ان نزع السلاح منصوص عليه في اتفاق السلام او ما يعرف ‏في‎ ‎الاتفاقية‎ (DDR)‎، وكانت الإشارة التي قالها ياي ان الشركة عقدت اتفاقاً مع (19‏‎) ‎سلطانا ‏أخذت منهم توقيعات بالترحيب بشركة النيل الأبيض للبترول، وباعتبارهم اصحاب‎ ‎الأرض ولديهم ‏اعتراضات سابقة على شركة توتال الفرنسية، وهذا ما يجعل المواجهة بين‏‎ ‎توتال والنيل الابيض ‏مستقبلية.. وتلك هي الإشارة التي اوردها وليم كون المستشار‎ ‎التعاقدي السابقة للحركة (ان دولاً ‏مثل بريطانيا وفرنسا ستدخل على الأقل في مواجهة‎ ‎قانونية‎).
وأصبحت القضية الجوهرية، بعد الاجتماعات المتتالية لأبناء ومثقفي بور،‎ ‎هي مسألة التوقيعات ‏والتي رفضها المواطنون.. وهنا شدد وليم كون في قوله: (التعويض‎ ‎اساساً مرفوض لأن هناك ‏تهجيراً تم بالفعل، وغير معروف اين يسكن هؤلاء). وهذا ما‎ ‎يعيد الى الأذهان ما فعلته الحكومة في ‏بانتيو بترحيل المواطنين قسراً الى الجنوب،‎ ‎وهذا ما يخيف سكان بور، خاصة ان بعضاً من ‏مواطني بانتيو في الخارج رفعوا دعاوى تنظر‎ ‎فيها المحاكم في اميركا وكندا حول ما حدث‎..
وكان طلب وليم كون بيور واضحاً: (ان‎ ‎يتم اتفاق مكشوف بين المواطنين والشركات التي تريد ان ‏تستثمر في البترول بالمنطقة،‎ ‎وأن تراعى حقوق ملكية الأراضي والزراعة والمراعي ومصلحتهم ‏في انتاج البترول). وهناك‎ ‎حذر شديد من مستقبل ما بعد الاستفتاء على حق تقرير المصير بسؤال: ‏اذا تم انفصال‎ ‎الجنوب ماذا سيحدث؟، كان الرد سريعاً من المستشار القانوني: (سينشأ مركز جديد ‏في‎ ‎الجنوب وهو جوبا بدلاً عن المركز الحالي الخرطوم)!!، وتلك هي‎ ‎القضية‎.
‏(ونواصل)‏
نقلا عن السوداني العدد 146 – الموافق 3 ابريل 2006 ‏