مطلوب القبض على هذا السوداني!

رندا عطية

لقد عرفته من عيناه , هذا ما قالته تلك المراة التي تعرفت على خاطف تلك الطفلة الاميركية. و عندما تساءلت اوبرا وينفري مقدمة البرامج الاميركية الشهيرة عن تفسير لمعرفة تلك المراة للخاطف من عيناه رغم طول المدة اجابتها عالمة النفس ان اول ما يدور ببال اي رجل حينما يلتقي برجل اخر هو قياس قوته لقوته , اما المراة و لانها تهتم بالروح فان اول ما يلفت انتباهها هو عينا الرجل , لذا فانني اطالب بالقبض و باثر رجعي على ذاك السوداني الذي دمغنا جميعا بلون العيون العسلي , لتصبح بيانات جواز سفر اي منا: انه ذو عيون عسلية , و اسمر اللون. و انا من هنا اساله و من قال لك اننا جميعا نمتلك لون واحد من العيون و باي حق اختزلتنا في هذا اللون, فلو انك فقط ادمت النظر في عيني من كانوا حولك لعلمت ان عيوننا متعددة الالوان, ففيها الرمادي المشوب بشيء من لون الزمرد, و فيها الاسود, و فيها البني المتدرج, لهذا فانني ارجع السبب الرئيسي لما نحن فيه الان من شعور بعضنا بالتهميش و اتهام الاخر بالاستعلاء لذاك السوداني ذو العيون العسلية الاصلية, فهو من غرس في عقلنا الباطن ان سودانية ايا منا مجروحة ان لم تكن من ذوات اللون العسلي, فلو اننا وجدنا جوازات سفرنا تحمل في بيان لون العيون مختلف الالوان لنظر كل منا متمعنا لعيون الاخر متعرفا عليه في اطار الهوية الجامعة, و لكي تتمعن في عيني شخص جيدا لابد ان تشعر بتساوي الندية بينكما هذه الندية التي مولودها الشرعي هو الاحترام المتبادل الذي ارضيته المشتركة هو تنوعنا الذي هو سر تفردنا, لكن لمن نشكو ذلك الذي جعل عيوننا كلها عسلية ما هو في النهاية سوداني, و بالمناسبة هو منو القال ليك انه اي سوداني اسمر اللون؟ و هو سؤال لا معنى له و سنتر الخرطوم يتغذى بحيوية ذاك السوداني ابيض اللون بياض ود الريف , و هذا الاخر بلغ من السواد ان تمنته كل غيداء ان تضعه كحلا بعينيها , و آخر خاطف لونين , اما تلك الخضرة الدقاقة فتحكي عن عبقرية الزمان و المكان الذي امتزجت فيه السلطنة الزرقاء بالعبدلاب , و فيه الاصفر الفاقع لونه يسر الناظرينا..
لهذا كان من الطبيعي ان تسعى صحيفة (السوداني) لان تكون عبقرية الصحافة السودانية و العربية تميزا او ليست هي المتفردة بشعار (الهوية الجامعة), حتىان موضوع عمودي هذا هو من وحي هويتها هذه و التي حينما انصهرنا تحتها اصبح ذاك السوداني هو(ابانا) حتى اصبحت احس ان ابيات شاعرنا الراحل اسماعيل حسن: عرب ممزوجة بدم الزنوج الحارة ديل اهلي , اقيف في الدارة و وسط الدارة و اتنبر و اقول للدنيا ديل اهلي ان هذه الابيات هي الدواة التي تمد اقلامنا بحبرها..

تعرفي يا رندا أول ما قرأت عنوان البوست خفت أكون مطلوب القبض عليَّ !! العيون عسلية ظلم وأي ظلم .
العيون السودانية عيون (هجين ) .وفي أحادية الوصف ظلم كبير ، المرأة تنظر بالعاطفة والرجل ينظر بالعقل .