السودان العربى.......د عمر عبد العزيز

السودان العربى.......د عمر عبد العزيز


03-10-2006, 09:50 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=50&msg=1141980619&rn=4


Post: #1
Title: السودان العربى.......د عمر عبد العزيز
Author: mohmmed said ahmed
Date: 03-10-2006, 09:50 AM
Parent: #0

السودان العربي ........................... د. عمر عبدالعزيز
لا معنى لعروبة السودان خارج نطاق التعايش المديد بين الأنساق الثقافية والاثنية التي ميّزت السودان بوصفه حالة مثلى لعبقرية الهوية العربية القائمة على التواشج والتعاطي المتفاعل مع الثقافات الأفريكانية، والشاهد أن السودان المتجدد والمتنوع إنما استرخى تاريخيا في أحضان الحقيقة المفارقة لمنطق العشيرة والقبيلة الأكثر ضيقا، فيما كان الانتساب السلالي مقدمة أساسية للتفاعل والتساكن، حتى أن “خلاسية” السودانيين أمر يتجاوز بمراحل خلاسية سكان أمريكا اللاتينية، ويشكل شاهدا تاريخيا على العمق الحضاري للثقافة العربية المحمولة على جناح التسامح والتعايش والتثاقف.

في الحالة السودانية يبدو الحاضن العربي متسعا لتفاصيل العناصر الثقافية المجتمعية المتعددة، وتتحول اللغة في مثل هذه الحالة إلى حمّالة أبعاد وتراكيب وقابليات اخرى، والشاهد أن الآداب السردية السودانية العربية، وكذا فنون المعالجات البصرية، والموسيقى. كل هذه الروافد الثقافية تحمل في طياتها ثقافة عربية افريكانية، فيما تختزل الآداب الدينية والتاريخية متعددة المنابع، ودونما قلق أو تخشّب.

ليس السودان الحالة العربية الوحيدة، لكنه الأكثر سطوعا في هذا البعد الذي نجد له ظلالا في موريتانيا واريتريا وتشاد ومالي والسنغال وجيبوتي والصومال، ما يحيل الوعاء العربي الحضاري إلى فضاءات تتجاوز جغرافيا الجامعة العربية وخريطتها التليدة المرسومة بمداد “سايكس بيكو” والمكرسة بوصفها نهاية العمق العربي في إفريقيا وآسيا.

لا يشعر أهل السودان بأنهم ينحدرون من منابت مجبولة على التطاحن والتنافي تأكيدا لمركزية هذه الاثنية أو تلك، ولا يعتقد حكماء السودان أن ما جرى في المدى القريب المنظور يستجيب لحكمة التاريخ ، وتضاريس الجغرافيا الثقافية الموصولة بتعايش الأنساق وتكاملها، بل بالعكس. فالسودان كان ولا يزال النموذج الأكثر جلاء لعبقرية الهوية القادمة من أساس التفاعل والتكامل، لا التنافي والتقاتل، ولهذا السبب تتسم العروبة التاريخية في هذا البلد الكبير بخصوصيات مداها فراغ الصحراء والسهول الممتدة، وأريجها دهشة الغابة وألوانها الملتهبة.

الصحراء ليست المدى المفتوح لمتاهة الترحّل والانتقالات فحسب، بل حالة مقرونة بالنظر إلى الزمان والمكان في بعديهما الأكثر نسبية وتحررا من قيود الارتهان للضرورة الفيزيائية، والغابة ليست حالة استحضار بيوسيكولوجي للخرافة، بل أنها أيضا بانوراما للزمان والمكان الأكثر حميمية في الالتصاق بالكائنات والنواميس.

السودان العربي ليس له إلا أن يكون إفريقياً بهذا المعنى الذي أشرت إليه، والسودان الإفريقي لا يمكنه الانخلاع من الهوية العربية بالمعاني الثقافية الأكثر شمولاً، فالعروبة هنا تتجاوز مرابع “بني عبس”، إلى فضاء الصحراء والغابات المترعة بالعناصر والحيوات والآماد. إنها عروبة تعيد تأصيل المفهوم، فيما تكشف عن خفايا السر الكبير وراء الإسلام الحنيف والهوية العربية المفارقة لمنطق العشيرة الضيق.

إذا أسقطنا هذا المشهد الواقعي التاريخي على ما جرى خلال العقود الأخيرة من الحرب الأهلية المدمرة، سنكتشف دون أدنى ريب أن النخب السياسية السودانية وقعت في مطب المفارقة الإجرائية والسلوكية لطبيعة البلاد وأهلها، بل للتاريح وحكمته، فسار الجميع على درب الآلام، وانتشرت المظالم، وتحولت السوية الإنسانية إلى حالة من التعصب المتبادل، واجتراح المبررات لتعميم المفارقة، وصولا إلى محطة “نيفاشا” التاريخية، التي ما كان لها أن تكون لولا كل البلايا والتضحيات والآلام.

شكلت اتفاقية نيفاشا مخرجا للمحنة، ووضعت ملامح فرضية نظرية تطبيقية لسودان جديد لا مركزي، تكون المواطنة فيه معيار الهوية، والمشاركة طريق التسيير، غير أن نيفاشا وقفت على ثنائية “السلطة - الجنوب”، وبالتالي فإنها أعطت للجنوب ما لم تعطه لبقية أقاليم السودان التي دفعت بدورها ثمن المركزية الفجة للنظام الشمولي، فإذا بنيفاشا الأمل تتحول في منظور المستقبل المرئي إلى خيار من اثنين: دولة كونفدرالية يكون الجنوب فيها طرفا، أو دولة جنوبية تنفصل عن الشمال.

ومثل هذه السيناريوهات ستكون مفجعة على كل الأطراف، ذلك أن انفصال الجنوب سيضع الجنوب على عتبة خلافات سياسية لن تكون اقل حدة من تلك التي كانت بين المركز والجنوب، واذا سارت صيغة نيفاشا الحالية قدما فان بقية أقاليم السودان التي تستشعر الغبن ستطالب بنصيبها في السلطة والثروة، مما يعيد العجلة إلى الوراء.

إن المطالبة بسودان جديد تقتضي “نيفاشا” المتجددة التي تنزاح إلى كل أقاليم السودان وتحقق صيغة فدرالية اتحادية أساسها التشارك وعنوانها المواطنة المتساوية ورهانها الفصل الإجرائي بين العقيدة والحياة دون مساس بما عرف عن التشريع الإسلامي بالضرورة، وفي النطاق الذي لا يفرض على الآخر غير المسلم ما لا يرتضيه من أحكام.

Post: #2
Title: Re: السودان العربى.......د عمر عبد العزيز
Author: Agab Alfaya
Date: 03-11-2006, 03:19 AM
Parent: #1

Quote: السودان العربي ليس له إلا أن يكون إفريقياً بهذا المعنى الذي أشرت إليه، والسودان الإفريقي لا يمكنه الانخلاع من الهوية العربية بالمعاني الثقافية الأكثر شمولاً، فالعروبة هنا تتجاوز مرابع “بني عبس”، إلى فضاء الصحراء والغابات المترعة بالعناصر والحيوات والآماد. إنها عروبة تعيد تأصيل المفهوم، فيما تكشف عن خفايا السر الكبير وراء الإسلام الحنيف والهوية العربية المفارقة لمنطق العشيرة الضيق.


التحية لك دكتور عمر المسكون بحب السودان وعشق فنه

وتسلم ، محمد سيد احمد

Post: #3
Title: Re: السودان العربى.......د عمر عبد العزيز
Author: محمد الأمين موسى
Date: 03-11-2006, 03:24 AM
Parent: #2

أشكرك كثيرا أخي محمد سيد، لأنك لفت الانتباه لهذه الشخصية العبقرية المحبة للسودان الغارقة في جماليا الفكر والفن..
إن القراءة لدكتور عمر عبد العزيز هي المتعة بعينها.. فهو التشكيلي والاقتصادي والإعلامي والمفكر والفيلسوف.. وفوق ذلك هو شعلة من التواضع تتحرك بحرية تامة بين ضروب المعرفة.. فله أجمل التحايا.. ونتمنى ألا يبخل بفكره الثاقب وملاحظاته العالمة على السودان والسودانيين.

Post: #4
Title: د عمر
Author: mohmmed said ahmed
Date: 03-11-2006, 05:09 AM
Parent: #1

د عمر عبد العزيز من القلة النادرة التى تعرف عن السودان ويكتب عنه بمعرفة وحب
هذه الرؤية المتقدمة للعروبة كثقافةوفكر اكثر رحابة وانسانية وفيها المخرج والسبيل
والحالة السودانيةهى احدى تجليات المثال لوحدة قائمة على التنوع مشرعة نوافذها للافريقى والعربى ولكل الثقافات بمختلف الالوان والاشكال