المسيرية: كلُ شيء إلا قطرة دم أخرى! . . د. محمد محجوب هارون

المسيرية: كلُ شيء إلا قطرة دم أخرى! . . د. محمد محجوب هارون


03-07-2006, 05:27 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=50&msg=1141705673&rn=0


Post: #1
Title: المسيرية: كلُ شيء إلا قطرة دم أخرى! . . د. محمد محجوب هارون
Author: Omar
Date: 03-07-2006, 05:27 AM

المسيرية: كلُ شيء إلا قطرة دم أخرى! . .

د. محمد محجوب هارون




شاركت، أمس الأثنين، بتقديم عرض حول ظاهرة الحركات المسلّحة في غرب كُردفان استجابة لدعوة من مركز دراسات المجتمع، في مقرّه بحي المقرن بالخرطوم.
المنتدى أمّه عدد من أصدقائنا و (سياد خيرنا) من شخصيات قومية ذات وزن و مكانة اجتماعية وسياسية ممّن ينتمون لقبيلة المسيرية، إضافة إلى نفر من المهتمين و الأكاديميين و بعض الإخوان من قادة الدفاع الشعبي.
انشغل المنتدون بالنظر في توالد حركة شهامة، بدءا من شهامة (1) التي قادها المرحوم موسى علي حمدين في العام 2001، مرورا بشهامة (2) التي تزعمها إسماعيل ناما، و شهامة (3) التي تزعمها عبد الرحمن الرزيقي، وشهامة (4) التي جاء على رأسها عيسى عبد المولى في يوليو 2005.
و لقد شدّ انتباهي أمس توفّر مجتمع أهلنا المسيرية على عدد وافر من القيادات ذات الحكمة وحُسن التقدير، و إن كان هذا غير خاف عليّ بدءا. و مع ذلك، كان واضحا من مُجمل المداخلات التي تقدّموا بها في المنتدى أنّهم يملكون رؤية ناضجة لكيفية نزع فتيل الانفجار في غرب كُردفان، بل بدا لي أنّ مساحة الاختلاف بينهم ضيّقة، و أنّ امكانية تطوير أدوات لتحويل النزاع هُناك من نزاع مسلّح بغيض إلى حوار سياسي مثمر متوفّرة، و يمكن أن تُرى بالعين المجرّدة.
حركات شهامة المسلّحة كانت و مازالت حركات صغيرة من حيث عدد المقاتلين الذين انتموا لها في مراحلها المختلفة، لكنّ ليس من الحكمة تبخيس خطورتها. فميدانيا تجري شهامة عملياتها في و حول أوّل و أكبر منطقة نفطية في البلاد، و تجاور شهامة، جغرافيا، بقارة جنوب دار فور، مثل الرزيقات، الذين انخرط بعض منهم، كما في حالة شهامة (3)، في صفوف شهامة. و تواصلت بعض حركات شهامة مع حركة تحرير السُودان في دار فور. و يزيد من خطورة حركات شهامة التفكّك الذي يجري الآن، على الأرض، لحركة تحرير السُودان والتي تضم جماعات من المقاتلين المنتمين لقبيلة الرزيقات التي تربطها أواصر قربى متعدّدة مع المسيرية. و يوفّّر الخلاف حول ترسيم حدود أبيي وقودا إضافيا لهذه الحركات التي زاد من حجم التعاطف معها تصفية ولاية غرب كردفان بسبب ضمن اتّفاق السلام الشامل.
إنّ دخول منطقة غرب كردفان، و لو على نحو محدود، دورة الاحتجاج المسلّح التي طوّقت البلاد جنوبا وشرقا وغربا، ليس نهاية التاريخ. والخروج من هذه الدورة، عالية الثمن شديدة الهدر لمقدرات الوطن البشرية والماديّة، ليس هو الآخر أمرا مستحيلا. ولكن ما يمكن أن يجرجر البلاد إلى مصير في غرب كردفان مماثل لما حدث في دار فور هو سُوء التقدير السياسي، والتهوين من أمر هذه الحركات، والاكتفاء بمعالجات أمنية خجولة خلف الأبواب المُغلقة.
قلت للإخوان المنتدين، واعترف بأني قد استفدت كثيرا من آرائهم، إنّ ظاهرة حركات شهامة هذه يجب ألا تُختزل في كونها مجرّد جماعات مجاهدي دفاع شعبي تتظلّم في شؤون شخصية، وإن كان ذلك طرفا من الحقيقة. غير أنّ البداية الصائبة يجب أن تنطلق من كون هذه الحركات الاحتجاجية تعتبر جزءا من مناخ دولي عام. وأنّ هذه الاحتجاجات المطلبية تنتظم رقاعا متعدّدة في العالم. و في الإمكان أن تتكاثر مثل هذه الحركات أو تتلاشى اعتمادا على طريقة مواجهتها.
و في هذا الإطار رأيت أن أُحّذّر من التعويل على التعامل مع هذه الحركات من منطلق كونها مجرّد ملف أمني. ولقد حذّر كثيرون، كنّا من بينهم، من مثل ذلك في حالة النزاع المسلّح في دار فور، و منذ بداياته المبكّرة، غير أنّ (المكتولة ما بتسمع الصايحة). الصحيح هو أنّ التململ في غرب كُردفان قضية سياسية مائة بالمائة، وعلى المؤتمر الوطني (حزبا و حكومة) أن يلتقط القفاز.
قلت لأهلنا المسيرية كل شيء إلا . . إراقة قطرة دم واحدة تضاف إلى مستنقع الدم الذي أريق، ففي حسابات الدفاع الشعبي الرسمية قدّم المسيرية أربعة آلاف شهيد و عشرة آلاف معاق حرب!
و بما أنّ النخبة من أبناء المسيرية الموجودة في الخرطوم، و ذويهم في غرب كردفان، يتوفّرون على قدرات سياسية مشهودة، فليس من خيار أمامهم سوى أن يعملوا على استنفاد ما بين أيديهم من فرص عمل سياسي لتجنيب أهلهم، والبلاد كلّها، استنزافا إضافيّا. أمّا موضوع حساب نصيبهم من نفط جنوب كردفان و منطقة أبيي فالحساب ولد، ويكفي الذي تمّ بنهاية الأسبوع الماضي حول حساب حقوق جنوب السُودان من عائدات نفط الجنوب.
أمّا أبيي ذاتها فلماذا تُطرح قضيتها باعتبارها قضية المسيرية دون سواهم، في حين أنها هي قضية قومية كاملة التكوين القومي، كما ذهب نفر من حُضور المنتدى. و بهذه الحيثية فإنّ من الواجب أن تتوّلى الدولة في المركز المطالبة، والعمل على حسم خلاف أبيي بالعدل.
و يلزم هُنا أن أذكر إشارة ذكية طرحها أحد الإخوان موضوعها أنّ بروتوكول مشاكوس تمركز حول جنوب السُودان فقط، وحسب حدود 1956، الأمر الذي يجعل أبيي خارج دائرة الجدل بداية. و من حيث أنّ بروتوكول مشاكوس هو المرجعية الأولى لنايفاشا فلماذا الردّة عن مشاكوس، خاصّة في موضوع أبيي؟. و أوّلا وآخرا من ذا الذي يقول بأنّ الطريق الوحيدة المتاحة لحسم خلاف أبيي هي نزاع مسلّح جديد بين المسيرية و ذوي جوارهم و اصهارهم دينكا نوك؟
إنّ اللجوء للعنف المسلّح هو طريق سهلة سالكة، خاصّة لأهلنا المسيرية ممّن أورثتهم حياة البداوة والترحال عشق السلاح، وعشق استعمال السلاح. و لكن من قال أنّ قدر المسيرية هو التصدّي لحل مشكلاتهم، و مشكلات السُودان، بالاستغراق في إهدار دمهم الحر النبيل . . من قال ذلك؟!
عن جريدة الصحافة

Post: #2
Title: Re: المسيرية: كلُ شيء إلا قطرة دم أخرى! . . د. محمد محجوب هارون
Author: Adil Osman
Date: 03-07-2006, 06:13 AM
Parent: #1

Quote: المنتدى أمّه عدد من أصدقائنا و (سياد خيرنا) من شخصيات قومية ذات وزن و مكانة اجتماعية وسياسية ممّن ينتمون لقبيلة المسيرية، إضافة إلى نفر من المهتمين و الأكاديميين و بعض الإخوان من قادة الدفاع الشعبي.


Quote: إنّ دخول منطقة غرب كردفان، و لو على نحو محدود، دورة الاحتجاج المسلّح التي طوّقت البلاد جنوبا وشرقا وغربا، ليس نهاية التاريخ. والخروج من هذه الدورة، عالية الثمن شديدة الهدر لمقدرات الوطن البشرية والماديّة، ليس هو الآخر أمرا مستحيلا



Quote: إنّ ظاهرة حركات شهامة هذه يجب ألا تُختزل في كونها مجرّد جماعات مجاهدي دفاع شعبي تتظلّم في شؤون شخصية، وإن كان ذلك طرفا من الحقيقة.



Quote: قلت لأهلنا المسيرية كل شيء إلا . . إراقة قطرة دم واحدة تضاف إلى مستنقع الدم الذي أريق، ففي حسابات الدفاع الشعبي الرسمية قدّم المسيرية أربعة آلاف شهيد و عشرة آلاف معاق حرب!


شكرآ الاخ omar على نقل هذا المقال الذى يكشف اشياء كثيرة.
هذا هو حصاد سياسات الانقاذ/الجبهة الاسلامية التى اغرقت الوطن فى الدماء والحروب الاهلية.

يموت السودانيون بمختلف قبايلهم واديانهم كى يستمر الطفيليون ينهبون الثروات ويمصون دم الشعب السودانى باسم العقيدة وباسم الاسلام وباسم الوطنية.

ما اجرمته سلطة الجبهة فى حق البلاد والعباد لن ينتهى قريبآ، ولن يتجاوزه السودانيون الا بشق الانفس.

شوف استغلت الجبهة قبيلة المسيرية كيف فى الدفاع الشعبى؟ شوف ماتوا كم زول وهم "يجاهدون" ضد ابناء وطنهم؟ ابناء وطنهم الذين هم الان فى قمة السلطة؟ شوف اثار الحرب الاهلية فى التعويق وتشريد الاسر، وفى خلق الغباين والفتن بين ابناء البيت الواحد والاسرة الواحدة والقبيلة الواحدة، والمديرية الواحدة، وبين ابناء القبايل الذين تجاوروا وتواصلوا عبر القرون، وبين ابناء الولاية الواحدة وبين ابناء الوطن الواحد؟

السودانيون كلهم، بمختلف قبايلهم، يجب ان تكون معركتهم ضد الظلم الذى حاق بالجميع على يد سلطة طفيلية لا تستحى ان تفعل اى شئ فى سبيل بقائها وفى سبيل استغلالها للثروات والنعم.

سلطة طفيلية استغفلت الناس واستغلت العقيدة والوطنية. سلطة تريد ان تستمر على جماجم السودانيين حتى لو فنوا على بكرة ابيهم.

كلنا فى الظلم غرب. وشمال وشرق وجنوب . كلنا فى الظلم سودانيين. بمختلف قبايلنا وخشوم بيوتنا. كان مسيرية كان دينكا. كان شايقية كان نوبة. كان فور كان رزيقات. كن زغاوة كن تعايشة. كن محس كن بجا.

كلنا ذقنا الويلات من الطفيليين. فلتتوحد قوانا كلنا لاستعادة الوطن الذى يليق بنا وبتضحياتنا كسودانيين نبيلين احرار.

Post: #3
Title: Re: المسيرية: كلُ شيء إلا قطرة دم أخرى! . . د. محمد محجوب هارون
Author: Omar
Date: 03-07-2006, 09:34 AM
Parent: #2

صدقت عزيزى عادل... كلنا فى الظلم شرق .....لكن و كما تنبه صاحب المقال ... فالدم أغلى من أن يراق إن كان فى مقدورنا أن نلملم أطراف الوطن المثخن بالجراح... ما عاد فيه موضع لغمد جديد ... المسحوقون وحدهم من يدفع ثمن الحرب...

Post: #4
Title: Re: المسيرية: كلُ شيء إلا قطرة دم أخرى! . . د. محمد محجوب هارون
Author: nasir hussain
Date: 03-07-2006, 12:42 PM
Parent: #3

التحية العطرة لاخى عمر فى اجتهاده لنقل هذا الموضوع المؤلم الى المنبر للحوار والنقاش عسى يصل حوارنا الى اهلنا فى الداخل حتى يدركوا ان ابناءهم يتعاطون مشاكلهم وهمومهم رغم البعاد والغربة . والشكر اجزله للدكتور محمد مجحوب هارون فهو من ابناء المنطقة والغارقين حتى النخاع بهمومها وهذا واجبه نحو اهله فى جنوب كردفان . والشكر للاخ عادل على مشاركته فى هموم شعبه .
اخى عمر :
نحن كابناء لهذا القبيلة ولهذا الوطن فخورون كل الفخر بانتمائنا للاثنين معا . ولكن مصيبتنا مثل مصائب كل القبائل السودانية الاخرى هنالك سماسرة وتجار سياسة يرتزقون بدمائنا وارواحنا يمتهنون السياسة لبيع اهلهم فى سوق النخاسة للقلة الحاكمة . وهؤلاء موجودون الان فى مكاتب مكيفة داخل العاصمة القومية يعيشون على وظائف هامشيه ويقبضون ملاليما مقارنه بما تنتجة ارضهم وترابهم ولكن رغم ذلك رضوا لنفسهم هذا الذل والهوان وابت انفسهم والا ان يقبضون اثمان دماء اهلهم من الطرفين وان العددالمتوفى والذى ذكره الدكتور محمد فى مقاله 4 الف شخص هو بسبب هؤلاء المرتزقة الذى يدفعون لهم لكى يجيشون اهلهم لمحاربة اهلهم فى المنطقة . وانا لا الوم المسيرية وحدهم فايضا اوجه صوت لوم للحركة الشعبية اذ استخدمت جيشها ضد قبيلة المسيرية وكان يمكن ان تحييدهم حتى اذا لم يكونوا يقاتلون فى صفها وهذا اضعف الايمان . ونحن الان نعمل حتى نجنب اهلنا اى حروب اخرى . ولقد كتبت مقالا قبل سته شهور بعنوان ابيى القنبلة الموقوتة التى تسقط القلة الحاكمة وقلت ان المسيرية اذا ارادوا حل مشكلة ابيى عليهم ان يتوجهوا الى محاربة القلة الحاكمة فى الخرطوم ولا نريد اى حروب اخرى فى المنطقة وان مشكلتنا مع المؤتمر الوطنى وليس الدينكا . وانا مقتنع بان اى حرب اخرى خارج الخرطوم هى مضيعة للوقت وادار دماء اهلنا فى الهامش فيجب ان تعيش الخرطوم ما عاشته هذه الاقاليم حتى تتوقف الحروب نهائيا . لان القلة الحاكمة لم يحسوا او يعانوا كما يعاني اهلنا فى الهامش . وعندما تصلهم النار وتحرقهم فان ذلك سوف يساعد فى ان تقف الحرب ويعيش السودان حياة مستقرة . اما مسألة ابيى انا اوجه لومى الى الاخوة فى الحركة الشعبية فبدلا من ان يجنبونا الحرب فيما بيننا ويحلون مشكلة ابيى بواسطة الحل الشعبى مازالوا يصرون على الحل الدولى الذى لايفيد فى مثل هذه القضية وكنا نعتقد بانهم قد فهموا المؤتمر الوطنى وماذا يريد .فانه يصنع من ابيى كشمير اخرى . وايضا بدلا من ان تساهم قبيلة المسيرية فى النضال ضد المؤتمر الوطنى وتهزمه ، ولكن هيهات قد ادرك المؤتمر الوطنى بان المسيرية من اكثر القبائل التى يمكن ان تقاومه فى منطقة كردفان ولهذا صنع مشكلة ابيى حتى توجه القبيلة كل امكانياتهانحو ابيى . ولكن الحركة الشعبية لم تستوعب ذلك وسارت فى نفس خطى المؤتمر الوطنى وكان يمكن ان تكسب المسيرية الى صفوفها بموافقتها على جعل ابيى منطقة تكامل بين الجنوب والشمال او ولاية وحدها يديرها الدينكا والمسيرية وبذلك يكسبون المسيرية الى جانبهم حتى نهزم المؤتمر الوطنى ونعيش جميعنا فى سلام

Post: #5
Title: Re: المسيرية: كلُ شيء إلا قطرة دم أخرى! . . د. محمد محجوب هارون
Author: Omar
Date: 03-08-2006, 03:16 PM
Parent: #4

العزيز ناصر حسين...
شكرا على كلماتك العاقلة... فكما نقول " الجمرة بتحرق الواطيها" ... و لا يتشدق بالدعوة للحرب و إزكاء نارها إلا أولئك الذين يضمنون أن نارها لن تمس أطرافهم...
قضايا البلد التى نتشرف كلنا مثك بالإنتماء إليها تتطلب عدة أشياء :
أولا: أن يعى الناس حجم التآمر الذى يحيط بالبلد
ثانيا: أن يكون مقياس أى جهد يبذله الإنسان فى أى موقع كان "معارض أو موالى " للحكم القائم بمدى الفائدة او الضرر الذى سيترتب على فعله على حياة الناس الذين "يدعى" محاولة تغيير حياتهم للأفضل..
ثالثا: عدم إضاعة وقت الناس فى خلافات لا تفيد و أن يحاول الناس التأسيس لحوار يستصحب أشواق أهل السودان فى كل أنحائه و يتعامل مع تطلعاتهم و حاجاتهم..

القائمة طويلة يا صديقى ناصر ... نحتاج حقيقة كما ذكرت أن نتوقف هنا قليلا لنتعرف على تفاصيل المشكلة التى تتجمع نذرها .. الأزمة بدأت مع مناقشة أمر أبيي ..و لكل حجته... أهلنا المسيرية ... و أهلنا دينكا نقوك و كل المجموعات العرقية التى تعيش هناك لا صوت لها... نسمع فقط صوت من يتاجرون بقضايا الوطن... السلام الإجتماعى الذى يعيش فيه الناس فى تلك النواحى لا يحتمل أن نضيعه لأسباب لا يستوعبها أهل القضية الحقيقيون...كفانا ما حدث للنسيج الإجتماعى فى دارفور ... لا نحتاج لجراحات جديدة...

Post: #6
Title: Re: المسيرية: كلُ شيء إلا قطرة دم أخرى! . . د. محمد محجوب هارون
Author: nasir hussain
Date: 03-12-2006, 03:34 AM
Parent: #5

اخى عمر مرحبا بك
ان قضية ابيى هى من اخطر القضايا التى ابتدعتها القلة الحاكمه ، وكان يمكن ان تفعل كما فعل نميرى اذ قال هذه قضية اهل المنطقة ويمكن ان تحل هنالك على الارض بواسطة المسيرية والدينكا نقوك . اما ما قامت به هذه القلة الحاكمة هى بيع رخيض لاراضى الاخرين ومقايضتها لصالح ذواتهم الفانية واداخل مواطنى المنطقة فى دوامة الاقتتال . ولكن انا مازلت مصرا ان مشكلتنا ليست مع اهلنا دينكا نقوك بل مع المؤتمر الوطنى الذى اراد ان يرضى الاخرين بارضنا والتى اصبحت نموذجا للتعايش السلمى . وان يخرجنا من معركتنا الكبرى وهى معركةالهامش مع القلة الحاكمة فى خرطومها الطفيلية والتى تعيش على حساب اهلنا واقاليمنا . فعلى المسيرية ان يفهموا كيف المؤتمر الوطنى والذى مازال يخدعهم ويقنعهم بان الدينكا هم عدوه الاول وعلى قادتهم المرتزقين والمرتشين ان يتقوا الله فى اهلهم . وان اعطائهم نائب والى فى جنوب كردفان ماهى الا الاعيب المؤتمر الوطنى ضد الاخرين وخداعهم وان يلعب لعبة ( مديده حرقتنى ) بيننا واهلنا نقوك .

Post: #7
Title: Re: المسيرية: كلُ شيء إلا قطرة دم أخرى! . . د. محمد محجوب هارون
Author: محمود الدقم
Date: 03-12-2006, 07:06 AM
Parent: #1

الاخ عمر تحياتي بلا حدود:
تشكر انت وبقية الاخوان/ ولقد اتيت خيرا على استدعاء هذه المادة واضيف ايضا ان قدر الناس هناك في ابيي مسيرية ودينكا او التعايش بسلام فالحكومات ماضية والتعايش باقي واسمح لي في هذه العجالة ان انزل هذه المادة لعلاقتها بالموضوع ولك تحياتي وللبقية الكرام.

التنوع الثقافي بين المسيرية ودينكا أنغوك : الآمال والآلام:
http://www.arkamani.org/newcush_files/socioeconomic_iss...es/mahmoud-dagam.htm

Post: #8
Title: Re: المسيرية: كلُ شيء إلا قطرة دم أخرى! . . د. محمد محجوب هارون
Author: Omar
Date: 03-16-2006, 01:34 AM
Parent: #7

الأخ العزيز محمود الدقم ، شكرا جزيلا على الرابط و الذى يحتوى على مادة علمية جيدة ، و أسمح لى بإنزالها الآن ، فلنجعل هذا البوست مدخلا لإنهاء جهلنا بأهلنا فى منطقة أبيى و معرفة شئ من تاريخها و قبائلها....
مدخل
تشكل جغرافيا التعايش السلمي والتنوع الثقافي بين قبيلتي المسيرية المتحدرة من أصول عربية، و دينكا أنغوك المتحدرة من أصول أفريقية في منطقة أبيي بغرب كردفان، تيمة نادرة في فضاء التعايش السلمي والتنوع الثقافي في خارطة السودان المثخن بتجارب سياسية، ومغامرات سياسيين لتستنسل لنا هذه التجارب فيما بعد جروح حاولت طمس هذا التعايش وأدت الى تفريخ بيوض آسنة من التبعية الثقافية المخصيّة التى حملت على عاتقها اتحاف المشهد الثقافي الكسيح ببخور يزكم الانوف بما لا يترك لمستزيد.

لقد كانت وما زالت معالم التنوع الثقافي والتعايش السلمي بين القبيليتن المذكورتين تضئ دروب السابلة وقوافل الطيش العنصري هادية لهم نبراساً إذا ما أحسن وجيّر للخير والسلام الحقيقي سيكون بلا شك مدماك رائع لمعمار فسيفسائي من الاخوة التى تتعالى عن الآلام وتتطلع الى الآمال.

البدايات
تعود جينات بذور هذا التنوع الزاهي الى نهايات القرن التاسع عشر بين السلطان أروب بيونق جدّ السلطان دينق مجوك، الزعيم التاريخي لـ دنيكا أنغوك عندما عاصر أروب حقبة المهدية و بايع الإمام المهدي جنباً لجنب مع قادة المسيرية في مناجزة الترك بعد ما وضع أروب مصير ومسار قبيلة الأنغوك بين يدي الإمام محمد أحمد المهدي مفجّر الثورة المهدية التي تماسست على بذور سلفيّة إسلامية، وهى الاضاءات التى تناولها الدكتور فرانسيس دينق في أكثر من موضع ليتم تتويج هذه الرابطة الجينية في ابرام (ميثاق شرف التعاون والتآخي المقدس) بين القائد الأسطوري للمسيرية الناظر نمر على الجلّة والسلطان كوال أروب عام 1905م. بموجب هذه الوثيقة ازدات هجرات الأنغوك الى موطنهم الجديد بحر العرب ومنطقة أبيي التى يقطنها المسيرية منذ العام 1756م كما أشارات العديد من الوثائق (1) وفي وقت وجيز جداً بعد توقيع ميثاق الاخاء هذا تحول أفراد القبيلتين الى روح واحدة تنساب في جسدين مما جعل المفتش الإنجليزي ديبوري يسطر في تقريره السنوي لعام 1920-1921م قائلاً "ظلت العلاقة بين العرب والمسيرية جيدة ترعى قطعان العرب والدينكا جنباً الى جنب على الالسنة الدنيا وان كوال معجب بالناظر على الجلة". وازدهرت طرق تقنيات التجارة والتبادل الثقافي والاجتماعي.. الخ. بين الاثنين عاماً بعد عام، بعيداً عن المماحكات السياسية والطائفية والعرقية، أو المذهبية الدينية، وتوطدت علائق وأمشاج التآخي وسدّت فُرج الشك بينهما عندما امتدت شرايين التواصل الى التزاوج، وبروز جيل جديد ليشكّل دافع ابتنائي في جدار اخوة المسار والمصير، مما دفع سلطان دينكا أنغوك لاتخاذ قراره المصيري وعن كامل إرداته بعد التشاور مع العديد من حكماء الأنغوك الانضمام الى مجلس ريفي المسيرية بالمجلد بغرب كردفان عام 1953م، عندما تم تخيرهم بين الانضمام الى بحر الغزال، أو غرب كردفان، فاختار الثانية بالرغم من الضغوطات التى مارستها عليه السلطة السياسية الاستعمارية وبعض المعارضين لهم من أبناء القبيلة الذين اقحمهم وبرر لهم موقفه بأنه لن يحيد عن ميثاق التعايش المبرم في العام 1905م.

وان الحجة التى أوردها الدكتور فرانسيس بأن جده كوال أروب اتخذ قرار الانضمام خوفاً من بطش المسيرية تعتبر جحة غير مسنودة لحقائق تاريخية ولسبب بسيط وهو ان دينكا الأنغوك خاضوا قتالاً مريراً جنباً الى جنب مع المسيرية في مارس عام 1948م (2) ضد التحالف العسكري الذى كان قطبيه دينكا أويل ودينكا تويج حول محاولات الأخيرين الاستيلاء على مراعي أبيي، مما يفسر لنا ان وضع الأنغوك كان جيداً قتالياً.

وبلغ ألق التاخي رونقه عندما حضر السلطان دينق مجوك أول اجتماع لمجلس ريفي المسيرية بالمجلد 1953م، وتم اختيار منطقة رجل الفولة (من أعمال غرب كردفان) مركزاً لهذا التنوع الثقافي والكيان الجديد.

تمظهرات التنوع
تمخض من هذا التعايش السلمي والتنوع الثقافي بين المسيرية والدنيكا سياسياً واجتماعياً واستراتيجياً في بروز آليات فض النزاعات(3) والمحاكم الأهلية التقليدية القبليّة، وذهب بعض مثقفو المسيرية بتسمية بعض هذه الآليات بـ مجالس البرامكة(4). وبخصوص المحاكم تعتبر قرارتها حاسمة وعادلة للطرفين المتنازعين بغض النظر عن موضوع النزاع، ولكن اذا إرتأى السلطان المحلي للأنغوك أو الناظر المحلي للمسيرية أو بعض المتضررين بحق استئناف قرار المحكمة الأهلية، فيحق لهم الاستئناف لعموم سلطان دينكا الأنغوك أو عموم سلطان المسيرية وهكذا. وأبرز الأدبيات والأسس التى قامت عليها هذه المجالس هى : يجب على كل من القبيلتين احترام ميثاق الاخاء المبرم بين الناظر نمر على الجلّة والسلطان كوال أروب القاضي بتبجيل أعيان وكبارات وجهاء الأنغوك والمسيرية، مقادير الدية والضمانات تتراوح بين 71 بقرة الى 31 بقرة قابلة للمزيد، بمنطق الحقبة التى تراوحت بين العام 19077-1930م، العلاقة بين القبيليتين تقوم على استضافة المسيرية الأنغوك بأبيي في الأرض(5). ومن أبرز نتائج آليات فض النزاع القبلي هذه انها قامت باطلاق صراح سجناء أحداث 1965-1964م باصدار عفو عام عن من تسبب في القتل وخلافه من كلا الطرفين.

ونتيجة للمعاملات والتداخل والاحترامات والتجانس المتبادل بين الاثنين، لم يقف عامل اللون أو العرق في قضية التزاوج بين القبيلتين، وامتد هذا التآخي في أنماط العيش وسيكلوجيا التفكير وابستمولجيا صيرورات ايقاع الحياة بينهما ولعل (والله أعلم) ان العديد من أبناء المسيرية أخذو من دينكا الأنغوك قضية التعدد في الزواج، فاذا كان النمط اليوتوبي للأنغوك المبني على الأرواحية وكريم المعتقدات يخول لهم الزواج أكثر من عشرين امراة(6) فان المسيرية توقفت زيجاتهم عند أربعة لأن الشرع الكريم أمر بالتوقف عند ذلك، بينما أخذت الأنغوك من المسيرية اللغة العربية المحكيّة مما يجعلنا نتوقف عند كلمة (أبيي) والتى هى تصغير لكلمة (ابي) باللهجة المحلية للمسيرية، وكذلك في ثقافة الأزياء تاثرت الأنغوك بلبس الجلابية، والطاقية، وحذاء المركوب، الى ما بعد نهر كير الى أعالي النيل وغرب الاستوائية الى أدغال الجنوب، ولم يتوقف فقط عند حدود ثقافات الأنغوك فحسب بل ذهب الى قبائل النوير، واللاتوكا، ودنيكا أويل، ودينكا بور، والشلك، والمنداري، والتبوسا، الخ.. بينما تأثر المسيرية في ثقافة الأزياء بارتداء طواقي النخبة التى يلبسها سلاطين الأنغوك، كنمط اجتماعي للتلاقح الثقافي والتعايش السلمي والتنوع العرقي بين عموم هذه المجموعات.

أيضاً تجلت الموسيقى الشعبية التراثية كعنوان آخر للتعايش والتنوع الثقافي بينهما فآلة (ام كيكي) ذات الوتر الواحد أو الوترين أخذتها الأنغوك من المسيرية وكذلك (الربّابة) أو الطمبور (كما يسمى في بلاد الشايقية والمحس شمالاً)، اعتبرت أيضاً ملهمات إبداعية ما كان لها ان توجد بدون هذا التنوع والتعدد الثقافي الذى نتج بعد تعب السنين بينهما، وعلينا ألا ننسى النقارة التى تعتبر العمود الفقري لحد ما عند الطرفين. لم يتدخل المسيرية دينياً في معتقدات الأنغوك الأرواحيين أو المسيحين اللهم إلا بمقدار التداخل التجاري والثقافي والتأثر والتاثير الذى جعل العديد من أبناء الأنغوك يختارون الإسلام ديانةً لهم عن طواعية وليس عن إكراه، وإذا كانت الأنغوك تعتبر ان حيوان البقر مثل كائن مقدس، فان المسيرية أخذت المذهب الوسطي بين التقديس والتفريط ألا وهو الافتخار بالماشية، البقر خصوصاً. فعندما كانت الأنغوك يطلقون بعض أسماءهم على أبقارهم مثل شول، ونيال.. الخ، كانت المسيرية تطلق أسماء على أبقارها أيضاً مثل الحمرا، وضواية، والتور اب حجل، وهى صفة للإنسان (الضكران "الشجاع") وللثور أيضاً..الخ. كانت هذه المباهاة البينية بينهما تدل على مدى تقدير القبيلتين للماشية عامة والبقر خاصة، كمورد اقتصادي وعنوان اجتماعي.

تمظهر التعايش والتصاهر بينهما في اللغة المحكية كما أسلفنا سابقاً. فهناك المئات ان لم نقل الآلاف من أبناء المسيرية يتحدثون لهجة دينكا أنغوك بطلاقة قلّ نظيرها، وهؤلاء هم الذين استقرو تماماً في بلاد الدينكا وتزاوجوا وتوالدو من بنات ونساء الدينكا، فلا عجب ان تجد غلام مسيري سماه ابوه مجوك، أو بنت من المسيرية سمّيت بـ اشول، وهكذا امتد اكتساب اللغة حتى لغير المقيمين من أبناء المسيرية في الجنوب أو أبناء الأنغوك في ريف المجلد وبابنوسة والتبون.. الخ.

لقد فعل التزاوج بين المسيرية والأنغوك فعله في توطيد روح التآخي والتعاطف بينهما حتى تجاوزت العلاقة بينهما مصطلح التعايش السلمي والتنوع الثقافي الى مصطلح (اخوة المسار والمصير).

لم يتوقف هذا التنوع في الإطار الثقافي والاجتماعي فحسب بل امتد حتى شمل الجوانب الاقتصادية، فقد كانت المسيرية سيما الذين استقروا في ما بعد نهر كير وفي عمق بحر الغزل منحتهم الأنغوك أراضي زراعية مشاع بحكم النسب، أما بعض أبناء الأنغوك الذين رحلو شمالاً وعملوا رعاةً في ضواحي بابنوسة أوالمجلد أو الميريم الخ. فقد كانت تأتيهم نِسبهم (حصتهم) من المواشي حسب ما يلميه العُرف بين القبيلتين. واستطاع بعض أبناء الدينكا ان يفتحوا لهم مشاريع تجارية شمالاً في بلاد المسيرية وكأنهم وسط أهاليهم الأنغوك. وانتشرت التجارة بين الطرفين وكانت أكثر السلع تداولاً السكسك، والملح، والسكر، يبيعها المسيرية للأنغوك بينما الثانية تبيع السمك، والعسل، والأقمشة، والى حد ما، الفخاريات، للمسيرية.

بداية الامتحان
هذه اللوحة التي استعرضنا بعض صورها لم تكن مثالية في كل مراحل نموّها وتطورها بل كانت هناك أياد من الطرفين وأيادي سياسية ومنظمات كنسية غربية (بعد اكتشاف النفط) لم يعجبها هذا التعايش والتنوع لأن لها أجندتها السياسية فوقفت بالمرصاد وحاولت قتل اتفاقية التعايش السلمي وميثاق شرف الاخاء الذى أسس له السلطان كوال أروب والناظر نمر على الجلّة، أوالالتفاف حوله وتحويله الى مجرد تراثيات متحفية غير انجيلية مقدسة تارة، باسم احتكار الأرض، وتارة باسم الدين والجهوية، والانتصار العرقي الأفريقي أو العربي، مما عرض هذه اللوحة مرات ومرات الى خضّات كادت تقطع وتد اللحمة وتفتق شرايين التواصل. وقبل ان نتطرق الى جانب من هذه الآلام علينا ان نحدد الأسباب البنيوية التى يزعم كاتب هذه السطور أنها قامت بدور قوي في تفخيخ الوضع أكثر من مرة :
1- الجهل والأميّة للطرفين ونقصد بالجهل هنا والأمية، المستويات التنموية التعليمية المتدنية، وعدم تحديث هذه المجتمعات أو عدم رغبة المركز أصلاً في تنميتها، وابقاء الحال على ما هو عليه.
2- القرار السياسي الذى تبنته حركات الأنانيا الانفصالية بجنوب السودان 1972-1956م، الذى انطلق من بُعد عرقي محض أسس لثقافة الشمال - شمال، والجنوب - جنوب، بينهما برزخ لا يلتقيان، كرد فعل حانق من قبل بعض الجنوبيين لاستهتار المركز وتهميشه لهم في التوزيع العادل للثروة والسلطة(7).
3- محاولات حكومات الشمال منذ الاستقلال حتى تاريخ كتابة هذه الأسطر في جعل المسيرية وقود حرب وأكياس رمل ضد أنانيا-1 وأنانيا-2، ثم الحركة الشعبية لاحقاً، وعدم الاهتمام أصلاً بالتعايش السلمي والتنوع الثقافي ووثيقة الاخاء التى افضنا في الحديث عنها، بقدر ما كان هم هذه الحكومات معاقبة حزب الأمة باعتبار ان نسبة كبيرة من المسيرية جزء من حزب الأمة، أو ابقاء الطرفين في حالة اللا حرب واللا سلم.
4- اقدام الرئيس الأسبق جعفر نميري في حل آليات فض النزاع والمحاكم الأهلية وأصبح الواقع سيئاً بشكل لا يمكن وصفه. سبب اقدام النميري على هذه الخطوة كانت معاقبة حزب الأمة المعارض وأحداث الجزيرة أبا الدامية.
5- محاولات الحركة الشعبية الدؤوبة في تحطيم هذا التعايش السلمي طالما ان أبيي كانت تتبع لغرب كردفان (شمال السودان) ومحاولاتها المستميتة في جر أكبر عدد ممكن من شباب الأنغوك في الدخول في حرب الأرض المقدسة (أبيي) خصوصاً إذا ما علمنا ان هناك عدد لا بأس به من قيادات الحركة من أبناء أبيي.
6- أطماع شركات النفط الغربية عامة والأمريكية خاصة في نفط أبيي( بغض النظر عن من هو مالك الأرض الحقيقي المسيرية أم الأنغوك.
7- المنظمات الكنسيّة الغربية وخاصة منظمة التضامن العالمية(9) التى ترأسها البارونة ليندا كوكس وجون ايندر، وكذلك منظمة وورلد فيشن(10) التى اجّجت الصراع بين الدكتور رياك مشار وجون قرنق مطلع التسعينات في حرب الزعامة على الحركة، وغيرهم الذين لعبوا على موضوع الرق وتجارته بغية اقتلاع جذور هذا التعايش من أصوله ورميه في أتون العنصرية، واعتباره مجرد مزاعم زائفة.
8- الزج بالدين والجهاد والله والنبي والمسيح وان المسيرية ما هم الا امتداد للفكر المهدوي، وان ثورة الإنقاذ هي الثورة المهدية الحداثوية. وقد لعب بعض مثقفي المسيرية الذين ينضوون تحت لواء الجبهة الإسلامية دوراً لا بأس به في تكريس هذا الواقع، وكل منتسبي الحركة الشعبية من ناحية أخرى.
9- زج كميات كبيرة من أبناء قبيلة النوبا المنتسبين والمتعاطفين مع الحركة الشعبية(11) في أتون الحرب وجعلهم مخلب قط في خاصرة المسيرية بغرض تسجيل موقف عسكري.

في رأي الأسباب الآنفة الذكر شكلت حلقات جهنّمية في استمرار بركان الحرب ولكن كانت هناك محاولات جبّارة من وجهاء القبليتين لدرء واحتواء الآثار السالبة من هذه التطورات تمثلت في فتح أسواق الوار - وار للسلام عام 1992م.

تحديات التعايش بينهما مستقبلاً
بعد توقيع اتفاقية نيافاشا 2004م بين الحزب الحاكم والحركة والتى حوت على جوانب ايجابية مثل وقف نزيف الدماء، وعودة الأهالي الى قراهم، والتنمية، وحق تقرير المصير اذا تعذر التفاهم بين أبناء شمال السودان قاطبة وأبناء الجنوب قاطبة، وغيرها من الايجابيات، أيضاً هناك سلبيات قوية في هذه الاتفاقية. لكن ما يهمنا هنا بالتحديد الجزء المتعلّق بأسس التعايش والتنوع الثقافي بين المسيرية والأنغوك.

للأسف الشديد نجد ان الحزب الحاكم وقع في نفس الخطاء الذى وقع فيه الرئيس الأسبق جعفر نميري عندما انتقم من حزب الأمة بجعله المسيرية يدفعون ثمن معارضة الحزب لسياساته، والآن يعتقد كاتب هذه الأسطر ان حزب المؤتمر الوطني الحاكم أيضاً عاقب المسيرية بمواقف الأخير على سياسات الحكومة مع فارق جديد يتمثل في (قانون سلام السودان) الذى وقع في واشنطن في اكتوبر 2003م، والقاضي بشحن متسببي جرائم إبادة سودانيين الى محكمة الجزاء الدولية، مما أعطى الحركة الشعبية متنفّسا عميقاً كي تمارس ضغوطاتها على النظام، نقصد من كلامنا هذا كله الملف المتعلق ببرتوكول أبيي(12) الذى نصّ على ان أبيي هي موطن مشيخات الدينكا السبعة التى ضمت عام 1953 الى غرب كردفان، في تصادم واضح مع معطيات التاريخ والجغرافيا والواقع.

هذا النصّ اعتبره المسيرية القبيلة المتحدرة من أصول عربية، ضربة قاصمة ليس للتعايش السلمي فحسب، بل ربما يهدد السلم الأهلي في جنوب وغرب كردفان، مما جعلها تستنكره على اطلاقه، وقبل ان تستفيق المسيرية من توابع وذيول هذا النصّ، حكمت لجنة دولية(13) بقيادة الولايات المتحدة بتبيعة مناطق جديدة (موطن قبيلة الفلايتا بطن من بطون المسيرية) بانها جزء من دولة جنوب السودان الجديدة المرتقبة، علماً ان هذه المناطق الجديدة تتبع أصلاً لشمال السودان(14) وهي : التبون، والميريم، وكيلك، وناما، وهجليج، واعتبرت اللجنة (الأمريكية) لاعتبارات تتعلق بالكشف عن خام النفط - ان قرار الترسيم ملزم وغير قابل للاستئناف(*)، من هنا ان لم يتم حسم هذه الخارطة الجديدة لدويلة جنوب السودان الجديدة بالحوار العقلاني الهادئ المؤسس والغاءه تماماً، فان التعايش السلمي الذى بلغ قرابة القرن بين المسيرية والأنغوك سيصبح (حتماً) أثراً بعد عين، وهذا هو أس التحدي الكبير الذى يواجه ليس المسيرية والأنغوك فحسب، بل سيواجه كل السودانيين شماليين وجنوبيين.

تحدي آخر لا يقل خطورة عن الأول، يتمثل في الغاء شرط التعايش السلمي لمصلحة النفط، أو بمعنى آخر ان منطقة أبيي والتى مثلت طوال هذه السنون مسرحاً رائعاً للتعايش السلمي، تصر الحركة الشعبية بقيادة سالفا كير ان تذهب مباشرة الى بحر الغزال جنوباً، بغض النظر عن الوثائق التي فاضت عن أربعين وثيقة والتى أكدت تبعية أبيي الى شمال السودان، ان استغراق الحركة في هذا الشأن يعود بطبيعة الحال الى اكتشافات النفط كما أوضحنا سابقاً وأصبحت المعادلة على النحو التالي :
أبييx غرب كردفان = عدم تعايش سلمي أو تنوع ثقافي.
أبييx بحر الغزال = شركات نفط وتنمية، بغض النظر عن تاريخية المسيرية للمنطقة وكوال أروب وتعايش سلمي وتنوع ثقافي..الخ.

حتى الاستفتاء المقترح، فهو بنظري عديم الجدوى اطلاقا ففي موسم الصيف تذهب المسيرية بقطعانها جنوباً ولا يكون الأنغوك متواجدين في منطقة أبيي، فأي نوع من الاستفتاء سيتم في ظل عدم وجود الطرف الآخر الشريك الأساسي المستهدف في الاستفتاء، والعكس صحيح.

الخلاصات
نعم، عودة آليات فض النزاعات الأهلية التى كانت سائدة في وقت سابق، وبشروط تلك الحقبة ستصبح غير موضوعية بمقاييس الحاضر، ولكن يمكن تطويرها في شكل منتديات ومنابر ثقافية تؤسس لروح التنوع الثقافي، والتعدد الاثني، والتلاقح الثقافي. ان لعنة شركات النفط لن تصيب التعايش السلمي لوحده بل ستلامس نسيج الوجدان الإنساني الكائن بين المسيرية والأنغوك، وان الضرر الذى يصيب أحد هاتين القبيلتين سيمسّ الأخرى أيضاً، فالمسيرية والأنغوك وضعتا ناموساً باهي وغريب يصيب الباحث بالاندهاش ويجعله يتساءل كيف تعيش قبيلة عربية مسلمة طوال قرن من الزمان جنباً الى جنب مع قبيلة أفريقية يدين أغلبها بالأرواحية أو المسيحية دون أي تحرش عرقي أو ديني ينسف هذه اللوحة؟؟ وكيف لعشرات الآلاف من الطرفين يمجّدون وثيقة تعايش سلمي وضعها قياديان مؤسسان نقصد السلطان كوال أروب جد الأنغوك والناظر نمر على الجلّة ناظر عموم المسيرية عام 1905م، وكأنها وضعت بالأمس القريب؟؟ وكيف أيضاً ان تتزاوج وتتبادل اللهجات المحليّة وتكتسب كل واحدة ثقافة الأخرى حتى أصبحنا وكأننا بصدد قبيلة واحدة وليس قبيلتين؟

ان قدر المسيرية والأنغوك واحد، ان تقاتلا أو تصالحا، وان فناء واحدة منهما تعني عملياً فناء الأخرى، ان المسيرية والأنغوك خلقا ليكونا معاً، يعيشان معاً، ويموتا معاً.

وأخيراً ان المسيرية والأنغوك تذكرني قصة الفتاتين التوأمتين الايرانيتين اللتين ولدتا برأسين في جسد واحد، وفي سنغافورة، فشل الطب في فصل الرأسيين وتوفيت التوأمتان، بالرغم من نجاحه في مواضع أخرى، فهل سيستمر هذا التنوع في ظل تعنّت السياسيين والأحزاب السودانية الممياوية؟ وأطماع شركات النفط العالمية؟، وصمت إعلامنا الرسمي وبقية المؤسسات الثقافية الأخرى، عن عدم تناولها لهذا التنوع والتعايش السلمي بشكل معمّق؟

هوامش
1- انظر مذكرات السودان وسجلاته Sudan Notes and Records المجلّد رقم 22-الوثائق البريطانية، وكذلك خرائط ماردون 1901-1903م. وكذلك تقرير دي.كينسون المنشور عام 1951م، مجلّد 30 S.N.R
2- انظر بحث بعنوان (أبيي حقائق ووثائق)، ترجمة ابراهيم سعيد محمد احمد، يناير2004، الرياض، المملكة العربية، ص 8.
3- آليات فض المنازعات الأهلية هو أسلوب تقليدي يتبع في معظم جغرافيات غرب السودان وقد أثبت نجاعته في منطقة أبيي بين المسيرية والأنغوك.
4- مجلس البرامكة نمط اجتماعي يمثل أهل الحل والعقد لدى المجتمعات التقليدية لدى عموم قبائل البقارة ويشترط في عضويته النزاهة والعدل، وان يكون العضو قدوة ومثل يحتذى به في رد المظالم وأخذ حق الضعيف من المستعضف.
5- انظر مصدر سابق الرقم (1).
6- عادات وتقاليد الدينكا ضمنها البروفسور فرانسيس دينق في العديد من مؤلفاته نذكر منها على سبيل المثال : أحاجي الدينكا الشعبية.
7- حاولت مليشيا الأنانيا الانفصالية نسف هذا التعايش السلمي باعتبار ان أبيي تتبع لبحر الغزال ولعب أحمد دينق مجوك دوراً بازراً في هذا الاتجاه حتى استطاعت الأنانيا في شتاء 1964م من قتل أربعة من تجار المواشي من أبناء المسيرية قرب ميوم ونهبوا أبقاراً للمسيرية بالقرب من قوقريال مما أثار حفيظة بعض صبيان المسيرية فقاموا بقتل اثنين من دينكا أنغوك لتشن الأنانيا حرباً ضروساً ضد المسيرية قتلت منهم 142 رجلاً من قبيلة أولاد عمران أحد بطون المسيرية في الرقبة الزرقا ومثلوا بجثثهم مما ترك أثراً عنيفاً في نفسيات المسيرية.
8- انظر شهادة الأستاذ توفيق عبد الرحيم منصور في طمع شركة شيفرون في نفط أبيي، الراي العام السودانية، السبت : 13 مارس 2004
9- انظر د.منصورخالد، كتاب السودان أهوال حرب وطموحات السلام.. قصة بلدين ص 902، دار تراث، 2003م.
10- المرجع نفسه، ص759.
11- نقصد بهم مليشيات المرحوم يوسف كوه.
12- نص برتكول أبيي بملكية الانغوك لها.
13- انظر الصحف منها صيحفة البيان الاماراتية، (التبكير بإعلان تقرير الحدود حماقة أم أنبوب اختبار؟ عمر العمر الأحد 11 سبتمبر 2005 ،7 شعبان 1426هـ السنة السادسة والعشرون، العدد9216.
14- لم يسبق للحركة الشعبية أو الأنيانيتان أو أي جهة جنوبية ان طالبت أو حتى ذكرت ان تلك المناطق تشكل جزءاً من جنوب السودان على مدار تاريخ صراعها مع الشمال، ولكن لان هذه المناطق الاربعة تزخر بالنفط تم ضمها الى أبيي في خارطة ترسيم أبيي الدولية الجديدة.

ملاحظات أركاماني
* طالما أن الكاتب تحدث عن لجنة مفوضية ترسيم حدود أبيي المكونة من (5 أعضاء) من حكومة السودان، و(5) أعضاء من الحركة الشعبية/الجيش الشعبي لتحرير السودان، و(5) خبراء واحد منهم، وهو رئيس اللجنة من الولايات المتحدة الأمريكية، وآخر من إنجلترا، وثلاثة من الإيقاد، فإنه لا يجوز من الناحية "الموضوعية المحضة" تمشياً مع الروح العلمية للورقة، وصف لجنة الخبراء بـ "الأمريكية". أيضاً يلاحظ أن الكاتب يقول بأن قرار التحكيم ملزم وغير قابل للاستئناف. صحيح أنه ملزم حسب ملحق البروتوكول الخاص بأبيي لكن ليس في الملحق و في التقرير ما يشير الى أنه غير قابل للاستئناف.



التقرير من موقع أركمانى