فى البدء...كانت كادقلى

فى البدء...كانت كادقلى


02-03-2005, 09:44 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=50&msg=1141503069&rn=0


Post: #1
Title: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-03-2005, 09:44 AM

ذات صباح خريفى الملامح من شهر يونيو, تململت مدينة كادقلى فى فراشها قليلا وهى تحاول الخروج لمواجهة اليوم.

هذه المدينة التى يكسو ملامحها هدوء سرمدى غريب.
وهى ايضا حبلى بأسرارهامنذ أن كانت فى البدء صغيرة.

أفريقية الملامح.
تكسوها ابتسامة هادئة, شفافة
ويملؤها حب صادق وعفوى
لو وزع على العالم لاختفت كل ترسانات الاسلحة
وتحول كوكب الارض الى مهرجان للحب والسلام.

تململت كادقلى قليلا
ثم القت نظرة وادعة وحزينة على شوارعها.

كيف اصبحوا اليوم؟

كانت الشمس تطل من خلف اكوام من السحب التى تنذر بيوم ممطر.
فتبسمت كادقلى
وادركت ان الارض ايضا تتحرك فى تلك الساعة
لتخرج انعامها على ابنائها.

فى تلك اللحظة بدأ الصبيان والبنات الخروج الى المدرسة.

فى ذاك اليوم ومن فى الستينات
امتلات شوارع كادقلى
بفتيات فى زيهن المدرسى
فستان أبيض
طرحة بيضاء
حذاء ابيض
و(بستلة) تحوى فطور الصباح
ثم سنطة المدرسة المصنوعة عادة من القماش.

الصبيان ايضا انتشروا فى شوارع المدينة
بأرديتهم الكاكى
قمصان بيضاء
واحذية لا يهم من أى نوع
وشنطة المدرسة
التى تحوى ايضا وجبة الافطار

ملاْت الضحكات البريئة شوارع المدينة

واضافت الألوان الابيض والكاكى الى كرنفال الالوان فى تلك المدينة

وتعالت الضحكات والنكات
حتى وصلوا الى مدارسهم فى وسط المدينة...

Post: #2
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-03-2005, 09:54 AM
Parent: #1

ثم تدثرت كادقلى بردائها الاخضر الجميل الذى تلبسه عادة فى هذا الموسم.
رداء يجمع كل درجات اللون الاخضر
ويغطى جبالها كما لو أن أنه قد فصل خصيصا غطاءا للجبال.
ثم انعكست تلك الالوان على الارض
بلونها البنى القاتم
وملاْت رائحة الارض مدينة كادقلى
رائحة طيبة
ذكية
تنعش فى أهلها اجمل الذكريات واغلاها
وهى رئحة الذكريات
رفاق المدرسة
الحبوبة والجد أهم ركائز فترة الطفولة فى حياة أبناء وبنات كادقلى
الوالدين
بقية الاسرة
الشارع العريض

وكل الوجوه الهادئة
والوادعة
التى تغذى فى ابنائها حبا
يكبر معهم ويصطحبهم اينما ذهبوا
ويساعذعم فى تحمل كل انواع الشقاء والاغتراب.

ضربيت المدارس اجراسها
واصطف التلاميذ لتحية العلم
وتعالت الاصوات البريئة
تردد فى كل مدارس المدينة:

نحن جند الله
جند الوطن
ان دعا داعى الفداء
لم نهن
نتحدى الموت
عند المحن

هذه الارض لنا!
فليعش سوداننا!
عالما بين الامم!
يابنى السودان!
هذا رمزكم!
يحمل العبء!
ويحمى أرضكم!

Post: #3
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-03-2005, 10:03 AM
Parent: #2

فى مدرسة كادقلى للبنات
وعند لحظة تفتيش الزرى المدرسى
شعرت ميمونة ببعض الخوف و الوجل وهى تتحسس شعر رأسها الكثيف.
وبدأ التفتيش
الاظافر
الزى المدرسى
الاحذية
ثم توجهت الطوابير نحو الفصول

ميمونة طفلة صغيرة
تتمتع بملامح افريقية صارخة
اسنانها شديدة البياض
وهى فارهة
ذات ابتسامة دائمة
يتجاوب معها الصخر
وهى أيضا ذكية جدا
ومثابرة
ورغم أنها تسكن فى حى تقو
وهو مشوار ساعة واكثر من المدرسة
ولا توجد أى وسيلة للمواصلات
الا أن ميمونة هى أول من يدخل المدرسة
واخر من يفارقها.

ثم طلبت ست نفيسة من تقرا صفحة المطالعة
فارتفعت الايدى

أنا ست..أنا ست..أنا ست
فنادت ست نفيسة على ميمونة
التى بدأت بقراءة الفقرة بعنوان:
منقو زمبيرى

أجادت ميمونة القراءة
أثنت عليها المدرسة
ثم قامت بشرح قصة منقو زمبيرى وهو شاب من جنوب السودان.

انتهت حصة المطالعة
تلتها حصة الحساب
وضرب الجرس لساعة الافطار...

Post: #5
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-03-2005, 10:14 AM
Parent: #3

فى مدرسة كادقلى الشرقية الابتدائية

كان صابر تية قد أجاد أداؤه فى الحصتين الاولى والثانية
ثم خرج الى فناء المدرسة يبحث عن رفاقه
لم يكن لديه فطور
وهو عادة لا يشغل باله بمسالة الفطور هذه
تكفيه العصيدة التى تطبخها جدته فى الصباح الباكر
ويكفيه ان لديه كل الكراسات والكتب
والاقلام

ورغم انه شديد المرح
الا انه بين الحين والاخر تغطى ملامحه مسحة حزن عميقة
يجتهد فى أخفائا
ويتظاهر أصدقائه بعدم ملاحظتها منعا لاحراجه

وجد أحد اصدقائه يبحث عنه ويقول
افندى دايرك؟
انا؟
نعم
ليه؟
والله ما عارف

دلف الطفل المذعور الى غرفة افندى
وفى وجهه علامة استفهام كبيرة
وخوف
بادره افندى حسن قائلا:
تعال يا ولد
نعم فندى
جدك اصبح كيف؟
كويس فندى بس امبارح كان عنده حمى.
وديتوه الاسبتالية؟
نعم فندى
والدكتور قال شنو؟
كتب ليه دوا فنى
اشتريتوه؟
فاطرق الطفل وقد كست وجهه كل علامات الحزن.

فرد الاستاذ قائلا:
خواجة بكتر داير ليه واحد يبيع الزيت قدام الدكان.
نعم فندى
انا كلمته عنك وقال موافق.
حاضر فندى
بعد المدرسة تمشى الدكان وهو حيدفع ليك أسبوع مقدم.

الجمت الدهشة لسان الفتى
وخرج من المكتب تصطحبه دمعة ساخنة استقرت فى عينيه.

Post: #6
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-03-2005, 10:33 AM
Parent: #5

فى ذاك الاثناء

وفى الحادية عشر صباحا

كانت السماء قد بدأت تمطر مطرا غذيرا
وبدأت المياه تغسل شوارع المدينة النظيفة بطبيعة الحال.
امتلا السوق الكبير بالباعة و الزبائن
والباعة عادة من الشماليين والايطاليين واليونانيين.

امتلآ السوق(البرا) ايضا بنساء المورو وهن يحملن الهالوك والدليب والويكة والنبق والدوم وكل ما جادت به تلك الارض الكريمة.
ودلف كل الرواد الى فارندات الاسواق والطواحين لاتقاء المطر.
جلست نساء العرب ايضا باوعيتهن الفرغة بعد أن نفذن بيع اللبن فى ذاك الصباح
ثم حضرن للتسوق أيضا.

تبسمت كادقلى مرة أخرى
وانتصبت واقفة هذه المرة تلحظ حركة الحياة فى ذاك اليوم.

وقد بدت عملاقة فى ذاك الثوب الاخضر
وبدت فى حاله من السكينة وهدوء النفس وهى تعانق تلك الجبال الشامخة التى تحيط بها فى شكل دائرى
عناقا فى انسجام وتناغم لا ترسمه الا صورة الخالق عز وجل

الموظفين وهم عادة من الشماليين
يجلسون خلف مكاتبهم ويديرون نظاما بيروقراطيا قاتلا ومميتا
ل
والاهالى لا يدرون ماذا يجرى خلف تلك المكاتب.

أمتلاْت مستشفى كادقلى بالرواد

وخلف تلك المنازل
كانت النساء تعمل بهمة ونشاط
ويمارسن اعمالهن اليومية المعتادة

أستمرت الحياة بذاك الشكل الروتينى الطبيعى
حتى ظهر ذاك اليوم
حينما وقفت الامطار فجأة
وبدأ الناس العودة ادراجهم.

هنا تنهدت كادقلى عميقا
وغطى وجهها الوديع نوعا من الحزن مرة اخرى
ولم يلحظ اى من أبنائها سبب ذاك الحزن.

هكذا الابناء والبنات

لا يقفون كثيرا عند مشاعر الابوين...

نواصل القصة...

Post: #8
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: munswor almophtah
Date: 02-03-2005, 10:47 AM
Parent: #5

بتزكر يا ابنى
يا با عصفور
فندى قلم
وكلى الم
بقول ياريت
فندى كتاب
وكلى عذاب
اقول ياريت
كأنك يا جناى
زبون مرق مغبون
من الكنتين
فى عندك زيت
لا يا ابن العم
ولا الصابون
لا يا ابن العم
كأنى بقول
حاتدفع كم
كانى ابيت
وكم هميت
بتزكر ياابنى عصفور
جوا الفصل
كالمتسول المجدوع
وسط الشارع الزحمة
بلا رحمة
وعام الطفل
دق الباب
وكان اضراب
وعام الطفل
دق الباب
وكان اضراب


محجوب شريف



منصور

Post: #21
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-04-2005, 08:46 AM
Parent: #8

صباح الخير منصور

قصيدة معبرة جدا وتؤكد ان الوطن بكامله يحمل نفس الجراح.
هكذا عودنا شاعر القصيدة والمبدع محجوب شريف.

سلام...

Post: #4
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: munswor almophtah
Date: 02-03-2005, 10:06 AM
Parent: #2

الحمد للة الذي جعل نور تاور تسلك مسلك آل كادقلى حتى ولوسلك اهلها او بعض اهها مسالك اخر اللهم ارحم كادقلى وآل كادقلى وآل آل كادقلى فى العالمين انك حميد مجيد...... لعزتها بسودانها وحبها لة




منصور

Post: #7
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-03-2005, 10:37 AM
Parent: #4

صباح الخير منصور المفتاح

استبشر خيرا بهذه المداخلة وانت أول واحد يدخل.
فأنت بعض أهلى
ومن رحم ذاك السودان
الذى يقتلنا حبا وكرامه

ما هو ذنبنا فى ان نحرم من هذه الجنة؟

Post: #9
Title: Really U reiterated some of the good olden days to me with my friend who affiliates to this Cit
Author: elhilayla
Date: 02-03-2005, 10:59 AM
Parent: #1


Salam Sister Nour
Really U reiterated some of the good olden days to me with my friend who affiliates to this City.Z
I really felt much interested in your memories and the OLDEN days - English says - Old is Gold- so I encourage you to carry on
BTW I lost the contact with my Kadoglian friend;last news about him was late 1987.Z

I will call you and let you try to track him down with me, I really need his news very badly.Z

Zainelabdin elhilayla
BTW I called that day and left a message.Z


Post: #22
Title: Re: Really U reiterated some of the good olden days to me with my friend who affiliates to this
Author: nour tawir
Date: 02-04-2005, 08:48 AM
Parent: #9

صباح الخير أخى زين العابدين الحليلة

شاكرة ومقدرة هذا الدخول.
واذا كتبت اسم صديقك هذا فى المسنجر الخاص بى
بالتأكيسد سوف نجد مكانه.

سلام...

Post: #10
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: Yasir Elsharif
Date: 02-03-2005, 12:37 PM
Parent: #1

الأخت العزيزة الأستاذة الأديبة نور تاور،

تحية المودة والاحترام

لقد قرأت بمزيد الغبطة والسرور، أضحك أحيانا وتدمع عيناي أحيانا أخرى.. لك الشكر..

الهالوك والدليب.. والله مشتهي لي هالوك.. أرجو أن تسمحي لي بالتداخل، وآسف على التداخل بطريقتي..

لم أحظ بزيارة كادوقلي ولكني زرت مدينة الدلنج مرتين.. مرة في الستينات في رحلة مدرسية ومرة في النصف الثاني من الثمانينات لزيارة الأستاذ الجمهوري مامون عبد الله لطفي الذي كان معلما هناك والأستاذة الجمهورية هدى عثمان التي كانت معلمة في المدرسة الثانوية للبنات على ما أذكر..

الدلنج ارتبطت في ذاكرتي بجدي السيد عبد الرحيم الخليفة عبد الله والد الأستاذة سعدية عبد الرحيم المعروفة للكثيرين في الشبكة والمنابر السودانية.. كان جدي السيد عبد الرحيم، رحمه الله ونفعنا ببركته العميمة، يعمل موظفا في مدينة الدلنج، ويحط نزله عندنا في ذهابه إلى أمدرمان أو رجوعه منها إلى الدلنج وكذلك أسرته الكريمة، بحكم القرابة وصداقته للوالد عليه رحمة الله.. لا زلت أذكر ذلك اليوم في أواخر الستينات الذي كانت فيه زوجته وابنته الكبرى الأستاذة سعدية قادمتين بالقطار من الخرطوم إلى الأبيض ثم إلى مدينة الدلنج.. وشاءت الأقدار أن تتوفي زوجته في تلك الرحلة في القطار عند مدينة الرهد وكان معها بجانب ابنتها سعدية صغرى بناتها على ما أذكر.. تلقى والدي اتصالا تلفونيا من محطة السكة الحديد يخبره بالنبأ الحزين وتمت الاستعدادات لاستقبال الجثمان وجرى الاتصال التلفوني بجدي السيد عبد الرحيم يخبره ولكن يبدو أنه قد فهم خطأ أن المتوفية هي ابنته سعدية.. وقد تحرك من مدينة الدلنج ليأتي لحضور الدفن في مقابر دليل الواقعة في الجزء الجنوبي من المدينة.. ولا زلت أذكر أنه أدرك الناس في المقابر مستعدا للصلاة بهم صلاة الجنازة.. ولكنه أراد أن يلقي نظرة الوداع الأخيرة ففوجئ بأن المتوفية هي زوجته وأم أولاده، فلم يزد على أن قال "سبحان الله.. إنها ليست ابنتي وإنما زوجتي" ثم أسدل الكفن في مكانه وأم الناس للصلاة في تسليم عجيب لأمر الله عز وجل.. ولا زالت هذه الحادثة موجودة في ذاكرتي كأنما قد حدثت البارحة.. رحمها الله رحمة واسعة ونفعنا ببركة هذا الرجل الصالح.. لقد كان صديقي برغم فارق السن الكبير فهو عم والدتي.. وقد فوجئت به موجودا في يوم من الأيام في منتصف السبعينات في أحد مؤتمرات الجمهوريين في جلسة داخلية في منزل العم الراحل محمد فضل الصديق بمدينة أمدرمان الموردة، وقد أعرب عن إعجابه بما رأى وسمع من الأستاذ محمود ومن الجمهوريين..

قبل أيام قرأت في هذا البورد عن وفاة أحد مواطني الدلنج وهو السيد يوسف شامي وكنت أسمع إسمه كثيرا من أبناء جدي السيد عبد الرحيم.. ومناسبة ذكر إسمه هو أنه كان مسيحيا ولكن برغم ذلك كانت تربطه علاقة جميلة بالمسلمين أمثال جدي السيد عبد الرحيم.. رحمة الله عليه.. فكردفان كانت تحب الأغراب الذين يفدون إليها ويتخذونها موطنا.. ولا زلت أذكر أن إسم فصلي السنة الأولى بمدرسة كردفان الأهلية الوسطى في بداية الستينات كانت "أولى روصوص وأولى سمان".. لا أعرف من هو روصوص ولكن سمان كان تاجرا سوريا وكان أيضا من المسيحيين.. وقد ساهم في بناء تلك المدرسة فسمي أحد الفصول باسمه..

إذا وجدت فرصة فسأنقل نصا أدبيا رائعا من كتاب "أزرق اليمامة" للأستاذ بشرى الفاضل إسمه "كالو يتناول إفطاره في السماء"، ولكن في بوست آخر وسأضع وصلته في بوستك هذا يا سيدتي نور..

وأملي أن تكون الأخت رودا مطلعة على هذا البوست، وأنا متأكد أنها ستعجب به..

والسلام
ياسر

Post: #23
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-04-2005, 08:56 AM
Parent: #10

صباح الخير أخى ياسر الشريف

سوف نستغرق فى تفاصيل تلك الفترة الذهبية قبل أن يتراكم عليها غبار التاريخ ثم يكتب بشكل مشوه فيما بعد.

سوف أعود لمداخلتك فى نهاية الاسبوع, أما بالنسبة للاستاذة سعدية عبد الرحيم
فهى من السودانيات اللائى يناضلن بشراسة ضد فساد الانظمة فى السودان وخاصة ثورة الانقاذ.
وهى أيضا صحفية متميزة كانت تعمل فى وكالة الانباء السودانية سونا فى الخرطوم.

التقيتها فى القاهرة وعملنا معا فى لجنة المرأة التى كانت تتناول قضايا المرأة السودانية وخاصة المعتقلات فى سجون السودان.

أنت ايضا اعدتنى الى فترة ولو كانت غاية الصعوبة ولكنها أيضا جمعتنا بخيرة السودانيين والسودانيات وهى فترة التسعينات فى القاهرة.

حسب علمى سعدية لاجئة فى أمريكا
و معها شقيقتها الصغرى نجوى زوجة الصحفى الممتاز احمد محمود.

سلام...

Post: #11
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: عبد الوهاب المحسى
Date: 02-03-2005, 01:43 PM
Parent: #1

1- كا دقلى : بيت دقلى

2- كلن كا كول : الذى بيته من حجر (قرية الشاعر الراحل اسماعيل حسن )
بمنطقة الشايقيه الان)

3- كا توم : الخرطوم : بيت توم وهو من الشلك .

4- كا با : الكعبه المشرفه : بيت الاله با وهو من الالهه النوبيه .

Post: #24
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-04-2005, 09:03 AM
Parent: #11

صباح الخير اخى عبد الوهاب المحسى

هذا موضوع شيق وهو تشابه اللغة بين نوبة الشمال والغرب.

ارجوا أن يسعفنا الوقت ونعمل فيه دراسة توضح نوع العلاقة.


كاد الله : تعنى أهل كادقلى

كادو ما مسلا : تعنى أهل الله

وقد لا حظت فى بعض علب البهارات التىنشتريها من الهنود فى أوتاوا كلمة (مسلا) ومعناها بلغتنا الله (عز وجل).

يا ترى ما هى العلاقة؟

سلام...

Post: #12
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: ود الشيخ
Date: 02-03-2005, 01:55 PM
Parent: #1



بكل أدب يا نور اُحبُك واُحبُ كادوقلي
في عينيك

Post: #25
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-04-2005, 09:05 AM
Parent: #12

صباح الخير ود الشيخ

كادقلى وانا ننقل اليك بيت من احدى قصائد نزار قبانى وهو:

وحين أنا لا أقول أحبك
فمعناه أنى احبك أكثر

سلام...

Post: #13
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: Yasir Elsharif
Date: 02-03-2005, 02:27 PM
Parent: #1

وهذا هو البوست الذي وعدتك به يا أستاذة نور..

كالو يتناول إفطاره في السماء.. الأستاذ بشرى الفاضل

Post: #14
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-03-2005, 09:56 PM
Parent: #13

اعزائى:

منصور المفتاح
زين العابدين الحليلة
ياسر الشريف
عبدالوهاب المحسى
ود الشيخ
ياسر الشريف

أرد عليكم فردا فردا صباح الغد

ولنواصل الان قصة الحبيبة كادقلى

ولنرى كيف قضت تلك الاْمسية.

وهى على فكرة قصة فيها الواقع ممزوج بالخيال ولا تدخل فى حيز الذكريات.

Post: #15
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-03-2005, 10:14 PM
Parent: #14

أنتهى اليوم الدراسى فى كادقلى الابتدائية للبنات.
ودلفت ميمونة كعادتها من الفصل وهى مهرولة لتلحق بزميلاتها.
تعالت الضحكات والصرخات فى فناء المدرسة.
وفيما هى تجرى نحو الباب نادتها ست نفيسة.

توقفت ميمونة فجأة
والتفتت
فهى اما فى حالة جرى
واما فى حالة وقوف مفاجئ
تتلفت حولها بعينين واسعتين
ووجه تعلوه علامة استفهام فيها مكر وشقاوة اطفال

ميمونة...
نعم ست
تعالى
نعم ست
انا ما حبيت احرجك فى طابور الصباح لكن شعرك ما مرتب ليه؟
ترددت ميمونة قليلا ثم ردت بنبرة جادة جدا, عكس مشهدها الطفولى
ست أمى رجعت متأخرة من الزرع أمبارح وكانت مشغولة فى البيت.
عارفةو ولكن أنتى كبرتى ولازم تتعلمى تعملى شعرك براك.
حاضر ست
ثم فلتت هاربة كما لو أنها تخشى نهاية ذاك اللقاء

بدت صديقاتها فى حالة ملل وقلق
يا ميمونة انمت كل يوم مؤخرانا كدى؟
دى ست نفيسة قالت لى امشط شعرى

يالله خلاص نمشىو الوكت تأخر

عادت ميمونة والقت بشنطة المدرسة فى اقرب عنقريب ثم دلفت الى المطبخ لتجهيز طعام الغداء لآخوتها
كل شئ تم على عجل
ثم غسلت أخوتها
وخرجت الى جارتهن زينب
سيدة وقورة
دائمة الابتسامة
يصعب لمن يرى معها اى من اطفال الحى ان يصدق انهم ليسوا ابنائها
رغم انها تزوجت من عشرة سنين ولم تنجب طفلا

خير يا ميمونة اخوانك كويسين
كويسين خالتى زينب
ثم وقفت تتلفت يمينا ويسارا كعادتها كأنها تستكشف المنزل
دايرين حاجة يا ميمونة؟
أمى لسة ما جات وست نفيسة قالت لى أمشط شعرى
و...
خلاص فهمت تعالى

قامت زينب بغسل شعر ميمونة وجمعته فى عدد من الضفائر
وحملتها بصحون من عيش الريف المغلى وبعض النبق واللالوب واشياء اخرى قائلة,

ودى دا لاخوانك يا ميمونة
واخوانك ما يطلعوا الشارع لغاية ما أمك ترجع
حاضر خالتى
ثم دلفت مهرولة
لا حقتها صيحات زينب
براحة يا ميمونة ماتدفقى الحاجات
لم تسمع ميمونة التى كانت قد قطعت شوطا بأتجاه منزلهم...

Post: #17
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: ابنوس
Date: 02-03-2005, 10:37 PM
Parent: #15

سأعود يا نور
بيني وهذه الحكابات عشق خاص ... ةارى في ندينتك تفاصيل مدن منسيّة اخرى
واصلي هذا الحكي وركزي على شوارع كادقلي.. ولا تنسي ميمونة

Post: #27
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-04-2005, 09:17 AM
Parent: #17

صباح الخير أخى ابنوس

اسعدنى أنجذابك لاْمهات المدن كادقلى

وسوف لن أنسى شوارعها التى تكبر فى داخلى وتتمدد كل يوم وكل لحظة.

وسوف لن أنسى ميمونة البنت الشقية التى اقتبستها من أحدى زميلاتى فى المرحلة الابتدائية.

ومهما نسيت يا ابنوس

فأن كادقلى بالنسبة الى عشقا خاصا

وضوءا سرمديا
وعدد من السنين الضوئية

هو الذى يعيننى على البقاء

وتجمل الاهوال.

وسوف أواصل يا ابنوس

حتى مطلع الفجر.

وبعد مغيب الشمس

سلام...

Post: #18
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-03-2005, 10:38 PM
Parent: #15

بدأت الشمس تلملم اطرافها للرحيل وهى مازالت خلف السحب
وقفت كادقلى أمامها فى مشهد فيه كثير من التجلة والاحترام
ثم التفتت الى ابنائها لتراقب بقية الامسية

كانت المدينة هادئة
والشوارع شبة فارغة
ومن بقى منهم فى الشارع فى ذاك الوقت
بدا يسرع الخطى وباله مشغول بأمر ما.

وبدا كما لو ان الامطار سوف تهطل مرة اخرى

فى هذه اللحظة بالذات ركزت كادقلى كل انتباهها على صابر تية وهو يهرول فى طريقه الى بيتهم فى حجر النار
وقد كان مشوارا طويلا بالنسبة لطفل
مشوار من السوق حيث قضى الامسية فى بيع الزيت فى دكان بكتر
ولم ينسى ان يكلف احد اصدقائه ليبلغ جدته وجده
بدا مهموما كعادته
وفى وجهه وحركاته عناد
كان عليه ان يقطع المشوار من السوق, حى الملكية, البان جديد ثم حجر النار

ولكن صابر لم ينتبه لذاك المشوار
فقد كان كل همه ان يوصل الدواء لجده
ويسلم بقية المبلغ لجدته
ثم يقوم بالواجب المدرسى

كانت فى يده لفافة اخرى غير الدواء
ولم يفتح الباب حتى بادرته جدته قائلة:

بركة الجيت يا ولدى
فى حاجة حصلت حبوبة؟
لا مافى حاجة.
جدى كيف؟
جدك كويس
هاكى الدواء
وجبت كمان رطل سكر ووقية بن وشاى وصابون

حينئذ تذكرت جدته والده
فبدأت تعالج دموعها.

دلف صابر الى الغرفة ووجد جده مستلقيا
مساء الخير جدى
مساء الخير يا ولدى واسترسل حده قائلا,
صاحبك كان هنا وقال لينا انت حتتأخر. نعل ما تعبك الخواجة؟
لا يا جدى. كنت ببيع الزيت بس

فى ذاك الاثناء أحضرت جدته الدواء والملعقة وسلمتهم لجده قائلة:
الليه اشناء الله تنوم كويس
الله يبارك فى صابر

فردد الجد دعائها:
الله يبارك فيه ويوفقه محل ما يقبل واسترسل موجها كلامه لصابر
امش غسل وغير هدومك وتعال نتعشى

بعد العشاء عاد صابر لغرفته وبدأ يستذكر دروسة على ضوء المصباح الزيتى

ولكنه توقف فجأة كمن تذكر شيئا مهما
وبدأ يفكر فى تلك الوظيفة التى سوف تحرمه من قصص الحرب التى يرويها له جده كل مساء
كما وان هذه الوظيفه سوف تحرمه من أصطحابهما الى الزرع بعد أن تغلق المدارس أبوابها لعطلة نص السنة.

ماذا يفعل؟
غدا يستشير اصحابه
ويروى لهم أيضا تجربته المثيرة فى الجلوس أمام الدكان وبيع الزيت
هنا شعر بالفخر والزهو ,ليس للمسئولية التى هبطت فجأة
ولكن لانه الوحيد فى المدرسة الذى يتحدث معه الخواجة بكتر

Post: #19
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-03-2005, 11:00 PM
Parent: #18

تسارعت حركة كادقلى
وشيخ بارك فى المصلاية يعد حباتهابقية المساء
وبدا أن أبنائها لا يخلدون للنوم باكرا
قصص وتفاصيل كثيرة
وهى فى ذاك الحب لكل ابنائها وبناتها, تنسى همومها
تسرع الخطى تارة
وتهدأ تارة اخرى
تجر الغطاء على أمرأة مسنة وحيدة
وتمسح عرق شاب ارهقته الحياة وحرمته النوم
ثم تقف عند تاجر تتعرض تجارته للخطر
وبقارى يخشى على ابقاره من المرض
وبائعة لبن تحسب الارطال ومها الجنيهات التى لا تكفى كل صباح
ومزارعين تعلقت وجوههم بالسماء
يبتهلون الى المولى عز وجل أن يجعله موسما وفير الخير
وشيخ بارك فى مصلاته يحسب حبات سبحته
وقسيس يعد الكلمة التى سوف يلقيها فى مناسبة الغد
ثم تقف عند ميمونة وصويحباتها للتأكد من أنهن نلن قسطا وفيرا من النوم

وسط هذا المشهدالمتحرك والساكن الهادئ والصاخب
الوادع الذى يتههده الخطر المجهول
لفت انتباه كادقلى جلسة فى احد احيائها
تختلف فى طبيعتها ومضمونها
ولكنها حتما جلسة فيها خطر
كان استاذ حسن قد دعا بعض اصدقائه وهم خمسة الى طعام العشاء فى منزله
ثم بدا فى شرح سبب تلك الدعوة
كانوا جميعا متوسطى التعليم
فى مقتبل العمر
يملاِؤهم حماس دافق
ويبدو انه امر جلل
كما توقعت كادقلى

فهى ام تعرف ابنائها تماما
وبدأ استاذ حسن:
يا جماعة أنا ناديتكم الليلة عندى أسئلة محيرانى وعايزكم تساعدونى.
خير يا حسن

انتوا مبسوطين؟
كان السؤال غريبا ومفاجئا
تقصد شنو؟
يعنى حالتنا فى كادقلى دى صاح؟
برضو ما فاهمين
احنا المتعلمين فى كادقلى, ناس البلد , يعنى خريجين الثانوى, خليلكم من الجامعة كتار؟
لا أبدا
عندك مفتشين فى الغابات اتنين او تلاتة, وتعليمهم متوسط.
يعنى خلصوا كاتشا الوسطى بس.
وعندك موظفين ومفتشين فى المحلج بتاع القطن, برضو اتنين او تلاتة.
وفى مدرسين ابتدائى زينا كدا
ومدرسين فى كاتشا الوسطى
وبس.
فسألهم مرة اخرى

وحتى الموظفين ديل مرتباتهم مكفيا اولادهم؟
لا طبعا. يعنى لو ما الزراعة العندنا ما عارفين نعمل شنو.
والمدارس؟
بسيطة طبعا.
ما فى ثانوى اولاد أو بنات.
المدرسة المتوسطة للبنات فى الجبال كلها موجودة فى الدلنج وبيسافروا ليها بنات يعتبروا اطفال.
فسأل حسن, طيب انا سؤالى :ليه؟

Post: #20
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-03-2005, 11:24 PM
Parent: #19

هطلت الامطار بغذارة
وصاحبها رعد مخيف
وبرق
وبدأت المياه تضرب يقوة وعناد على جدران المنازل
وأمتلكت السماء زمام الامر من كادقلى التى وقفت فى وسط تلك المياه وهى فى حيرة من امرها.

مالذى ينويه حسن؟ فهو مشاغب باستمرار
وقد تكهنت له بمصائب فى حياته
ماذا يمكن أن تفعل؟

تلك الاسئلة مشروعة

ولكن الاجابة عليها تؤدى الى التهلكة
يا الهى!
ساعدنى كى احمى ابنائى وبناتى.

وفيما هى تحدث نفسها,كان النقاش مستمرا فى منزل حسن
يدخل الى غرفة ابنائة ليلقى نظرة ثم يعود ليواصل الجلسة
التى تحولت بفعل فاعل الى أجتماع.

استمر النقاش الى الساعات الاولى من الصباح وهم يقلبون الامر ذات اليمين وذات اليسار.
استعرضوا كل أوجه الحياة فى كادقلى
فقال أحدهم,

الموضوع دا يا حسن كبير
وداير الناس كلها تشارك فيه
نسافر فى الاجازة الصغيرة
ونتوزع
نمشى المدن والقرى التانية
ونشوف الناس رأيهم شنو؟
استمر حسن كما لم يسمع المتحدث الاخير,

انتوا ملاحظين يا جماعة انحنا زى الضيوف فى بلدنا.
يعنى الواحد لما يجى ماشى جنب المجلس يمشى بسرعة كأنه ممنوع يمشى بى هناك.
الاسبتالية احنا شغالين فيها ممرضين وفراشين وغفرا.
التجار بياخدوا قروشك أول بأول
أبونا فى الكنيسة أما أغريقى أو جنوبى
أمام المسجد, حاج حمد جلابى

ضباط الجيش فى الحامية جلابة.
أنا ما فاهم حاجة.
فسأله أحدهم, قصدك شنو يا حسن نطردهم؟
أنتوا يا جماعة ما فاهمينى.
أنا ما قلت أطرد زول لكن البلد بتتسحب منك يوم ورا يوم وانت ما فاهم حاجة.
فرد أحدهم,
دى سياسة الدولة يمكن.
يا تو دولة؟
انتوا شايفين ايام الانتخابات بجونا جارين من الخرطوم, ويوزعوا تياب الزراق والدمورية وشوية ملح وسكر.
بعد الانتخابات قاعدين تشوفوهم.
فردوا جميعا, لا والله.

اذا ارصوات دى بتمشى وين؟
انا دا السؤال المحيرنى.

الموضوع دا كبير يا حسن وا########## صبحت.
نواصل مرة تانية.
احنا لحدى هنا فهمنا قصدك.
بدأوا فى مغدرة المنزل
تحت المطر
والرعد
والبرق
ووصت كل الصخب الذى احدثته السماء فى تلك الاْمسية.
بدأ على مدينة كادقلى قلق واضح
وتخوف من مجهول لا تدرى مصدره
ثم تابعتهم حتى اختفوا فى منازلهم

وعادت لتخلع ثوب المساء الذى كانت السماء قد لونته بضوء البرق

وبعض السواد الذى احثته نيران البرق
وبدأت تتهيأ لاعادة اللون الاخضر واستقبال اليوم التالى
بعد أن بدأ المطر فى التراجع قليلا
وبدا الجو باردا نوعا ما

حانت منها التفاته الى السماء
فأدركت أن الشمس فى طريقها الى الظهور اليوم...

Post: #26
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-04-2005, 09:12 AM
Parent: #13

يا سلاأأأأم ياسر الشريف

كلام الله عز وجل هو الذى يبعث على السكينة وهدوء النفس.

ودعنى اقول لك شيئا واشهد الله أنه واقع ملموس
وهو يا أخى أننى لاحظت فى النوبة قدرة على الحب والتسامح تفوق الوصف
ولا حظت فيهم طيبة القلب وتقاؤه
وحلو المعشر
وصدق الكلمة
وتفاصيل كثيرة.

وقرأت فى هذا البورد قبل فترة حديثا للرسول عليه الصلاة والسلام لا أدرى مدى صدقه يقول:
من لم يكن له أخا, فليتخذ اخا من النوبة.

ام سيدة المدن على الاطلاق

كادقلى

فأن دينها على أبنائها وبناتها لا يمكن سداده
مهما فعلنا.

سلام...

Post: #16
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: ود الشيخ
Date: 02-03-2005, 10:28 PM
Parent: #1



اها وبعدين

Post: #28
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-04-2005, 09:47 AM
Parent: #16

وبعدين يا ود الشيخ حصل الاتى:

تهيأت كادقلى تماما ليومها الجديد

وخرجت الى ابنائها وبناتها فى الشارع العريض
بثوبها الاخضر الجميل
وبدأت ترقب حركة الشارع والمارة

وهى تحنو على هذا
وتعتب على تلك

شعرت بنوع من القلق

وكسى وجهها الحزن الذى لا يفارقها حتى يعود اليها مرة أخرى كأشرس ما يكون.

وبينما هى فى ذاك المكان والزمان, فى التاسعة صباحا , بين حى الجلابة ومدخل بيوت التجار (الاقاريق)

لاحظت حركة سريعة فى الشارع

وبدأ الناس يركضون بذاك الاتجاه

وقد كانوا جميعا من الرجال

منهم من عض على جلبابه حتى يسرع الخطى

ومنهم من حمل طاقيته فى يده حتى لا تسقط

ومنهم من تأبط نعاله.

حينئذ أدركت كادقلى أن هناك خطب جلل.

وبدأت تسأل الرجال وهم يمرون من أمامها دون أن يلحظوا وجودها
رغم حضورها المؤكد
وجمالها المبهر

رأت فيمن رأت الفكى عبد الصمد الفلاتى وهو يردد بينه وبين نفسه(قطعا) بعض الايات القرانية.
وتذكرت كيف أن الفكى عبد الصمد يقاضى زبائنه خمسة قروش على البخرة وهو مبلغ كبير بالنسبة للاهالى.

ورأت ايضا اولاد كوكو جميعهم ومعهم والدهم

ورأت حاج حمد الشايقى أمام مسجد السوق

ورأت شاعر الدوبيت حسن وداللمين من المسيرية الذين يجيئون عادة فى فصل الخريف ثم يعودون بأنعامهم الى بحر العرب.

تحيرت كادقلى

وبدعين يا جماعة؟

أخيرا جدا وقف يحيى كاكدلا من حجر المك وكان قد دلف من ناحية حى المك رحال

وقبل أن تعيد اليه السؤال أجابها قائلا:

أنحنا ماشين جنازة الخواجة بنايوتى.

بنايوتى مات؟

نعم. مات أمبارح بالليل.

ترحمت عليه كادقلى وأنتظرت مزيدا من التفاصيل:

أدرك يحي واسترسل,

قالوا قبال ما يموت نادى أولاده وقال ليهم يجيبوا ليه كل الدفاتر الكاتب فيها اسماء الزباين الطالبهم قروش.

وقال ليهم يحرقوا الدفاتر دى كلها.

وحرقوها كلها.

بدا يحيى متحمسا وهو يروى حكاية الدفاتر هذه!

ويحيى على فكرة ممرض فى مستشفى كادقلى.

ثم سالته كادقلى:

ونطق الشهادة قبل ما يموت ؟

لا... لا...لا

الا دى.

قبل ما يموت جابوا ليه ابونا مكاريوس

وقالوا لابس صليب قدر دا.

وبعدين دا موضوع يخصه, مش كدا؟

فأومأت كادقلى برأسها وهى بين حزن على بنايوتى الذى لم يكن يضايق الاهالى فى تحصيل ديونه
وعلى ابنها محمد أحمد الوجيه الذى يحرص على فلوسه بشكل مخيف
ولا يرحم زبائنه.

فى تلك الاثناء

كانت والدة محمد أحمد وهى سيدة مسنه تقف بالجوار

وهى عادة تلبس الرداء الابيض الطويل والتوب والطرحة وتتزين
ثم تخرج الى الشارع بكامل زينتها البيضاء

لتقرأ أشعارها على المارة

أى شخص.

كانت فى طريقها الى الاسبتالية

لتقرأ لهم اشعارها خاصة وان الاسبتالية كانت تعج بالمرضى تلك الايام بسبب داء الملاريا.

ترحمت حاجة بتول على الخواجة بنايوتى
وتذكرت ابنها محمد احمد الذى لا يرحم الزبائن ثم انطلقت الى المستشفى لا تلوى على شئ.

Post: #29
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: ود الشيخ
Date: 02-04-2005, 11:01 PM
Parent: #1

Quote: منهم من عض على جلبابه حتى يسرع الخطى
ومنهم من حمل طاقيته فى يده حتى لا تسقط
ومنهم من تأبط نعاله.


ةالله يا نور بضحك على الوصف ده ومتخيل منظر الجماعة
جاكين وقايمين صوف
أها تمي

Post: #30
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: ودقاسم
Date: 02-04-2005, 11:40 PM
Parent: #1

أختي نور
لك التحية
جميل هذا الانسياب ، وعذبة هذه الذكريات ،،،
أتعذب كثيرا حين أرى جمال كادقلي والدلنج من خلال التلفزيون ، وألعن كل الذي منعني من زيارة تلك المناطق من بلادي ،،،
ليت الوطن يعود يوما كما كان آمنا مطمئنا ، متسعا لكل أبنائه ، لينعم أبناء الوطن بالتواصل والتوادد ،،
واصلي وسأقرأ كل حرف تكتبين ..

Post: #31
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: Ali Alhalawi
Date: 02-05-2005, 06:56 AM
Parent: #30

نور تاور .. قلم أقرأه بمزاااااااااج .. أول مايلفتك هو الهدوء الذى يلفه .. قلم يحكى بكل صدق .. يطرح قضاياه بصدق .. يدرك ما يقول .. و يعرف كيف يدخل العقول .. قلم فى قمة التهذيب .. يخط أحرفه بلا صراخ .. تكسوه بساطة الأهل و نور المعرفة.

الأخت نور ...

لك كل السلام .. تعجبنى كتاباتك و هدوئك و قوة منطقك .. أقرأ لك بإنتطام .. لم أود أن أعلق فى بوستاتك كنوع من المجاملة .. أريد أن أكتب فيها كلاما يليق بمقامها العالى

لا أعرف لماذا لم أحظى بلقائك فى كل زياراتى لأوتاوا .. قريبا سأكون هناك

Post: #34
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-05-2005, 03:18 PM
Parent: #31

الاخ المحترم على الحلاوى

تحياتى

تشكر على هذا الدخول الجميل

وقبل أن تحضر الى أوتاوا اتصل حتى لا يفوتنا شرف القيام بالواجب.
سوف أرسل تلفونى على ماسنجرك.

سلام....

Post: #33
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-05-2005, 03:11 PM
Parent: #30

الاخ المحترم ود قاسم

تحياتى

أتمنى من الله مخلصة أن يعود الوطن لابنائه كما قلت وان تزور مدينة كادقلى.
وهى تكون فى أوج جمالها أما فى بداية الخريف شهر يونيو
أو فى موسم الحصاد شهرى سبتمبر وأكتوبر

وأجمل ما فى كادقلى هو تناغم العلاقات الاجتماعية

وطيبةمعشر أهلها.

الشكر مجددا
ولكنك تستطيع أن تصبر نفسك بهذه القصص التى قصدت أن تكون واقعية ولكن الاسماء غير واقعية.

Post: #32
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: Manal Mohamed Ali
Date: 02-05-2005, 07:58 AM
Parent: #1

عزيزتي عاشقة كادقلي
لست من عشاق الكتابات الادبية ولكن .. فتحت هذا البورد فقط لكلمة كادقلي...
فانا عاشقة لهذه المدينة ... وانا الحلبية القادمة من عطبرة وتنقلت بحكم عملي لشتى بقاع الارض ولكني كنت ذات حنين دائم لتلك المدينة .. كانت هادئة عندما زرتها بالرغم من ان جراحات الحرب كانت ومازالت تنزف .... ولكن لوداعتها اثرت ان تداوي جروحها بصمت ونبل كريم.. وكنت عندما اتجول بين القرى وانا احمل حب شفيف لا ابناء النوبة وحزن على ما اصابهم ...
واحس عميقا جدا بانني سوف اعود يوما ما مرة الى هذه النائمة بين الجبال .. وان لي قدر ما في هذه المدينة .. ولقد صدقت كادقلي عندما ظلت ومنذ العام 1999 ترسل لي ما ياخذني اليها كل عام ... وسوف اكون بعد شهرين هناك ..
لها الشوق
منال

Post: #35
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-05-2005, 03:23 PM
Parent: #32

الاخت العزيزة منال

ونحن نحب كل من يحب كادقلى.
تعيشين بيننا كما لو أنها مدينتك الام عطبرة.
سوف أرسل لك تلفون الوالدة على ماسنجرك وما عليكى الا أن تقولى لها أنك تعرفيننى.
ونتكلم لما ترجعى أنشاء الله.

وامانة عليك أن تزورى كادقلى الابتدائية للبنات.

فهى بداية خطوتى فى الحياة

تحاتى...

Post: #36
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-05-2005, 03:43 PM
Parent: #35

رغم أن صابر تية قد اوى الى فراشة متأخرا بعد يوم دراسى حافل وقصص مثيرة فى دكان الخواجة بكتر حينما ذهب لبيع الزيت أمام الدكان بالامس , ألا أنه استيقظ فى وقته المعتاد وهو ملئ بالنشاط والحيوية.

وجد الزى المدرسى جاهزا ومعه طعام الافطار وجدته على أهبة الاستعداد لتقديم كل ما يلزمه حتى يغادر البيت.

ألقى عليها تحية الصباح ثم دلف الى غرفة جده ليطمئن عليه.

صباح الخير جدى

صباح الخير يا ولدى

نمت كيف جدى؟ الدواء نفع معاك؟

نمت كويس يا صابر. الدواء دا باين عليه كويس . الحمى نزلت والقحة وقفت والحمد لله.
يالله أجرى يا صابر عشان ما تتأخر على المدرسة.

أستعد الطفل الذى سوف يبلغ الحادية عشرة فى الشهر القادم , استعد فى زمن وجيز ثم التقط شنطة المدرسة وأسلم نفسه للشارع العريض.

كان الوقت مازال بكرا.
والشمس لم تخرج بكامل هيأتها وأداراتها بعد
غطى العشب كثير من الندى ذاك الصباح

وبدت الجبال وهى تحيط بكادقى كما لو أنها تحاول أن تحميها من عدوان خارجى.


وبدلا من أن يمارس صابر هوايته المفضله فى الصباح وهى الجرى وراء الفراش ومداعبته قبل أن يقابل أصحابه, الا أنه قد نسى هذا الامر تماما اليوم.

لديه ما هو أهم هذا الصباح .
بل ولديه يوم حافل يتطلب منه جهدا كبيرا.

وبدأ صابر يرتب فى ذهنه الكلمات التى سوف يروى بها قصته فى دكان الخواجة بكتر.

من أين يبدأ؟

ماذا يقول؟
ما هو أهم جزء فى قصة بيع الزيت هذة؟

وفجأة خطر له أن يغير خط سيره حتى لا يضطر الى سردالقصة لبعض اصدقائه ثم يعيدها فى المدرسة.

القصة حتمسخ كدا(هذا ما قاله لنفسه).

وهكذا حتى دخل المدرسة.

وصل مع بداية الجرس.

انتهت مراسم الصباح ودلف الى الفصل والتلاميذ ينظرون اليه بشغف شديد.

تحولت وجوههم الى علامات استفهام بمختلف الاحجام والاشكال والالوان.

حتى رن جرس الفسحة ودلف صابر الى ميدان المدرسة الفسيح....

Post: #37
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: Ishraga Mustafa
Date: 02-05-2005, 03:55 PM
Parent: #36

نور العزيزة

مررت من هنا
اسرتنى حروفك بعمق حكايتها
وساعود
فالنوية جزء حميم من طفولتى ومن الحى الذى مازالت اسرتى تسكنه
حى يتناغم فيه تنوعنا
وبهاء قلوبنا
والضوء المنبعث من سبحة اللالوب فى يد عم الزبير خميس
الذى اتى شابا من الجبال واحتوته كوستى

ساعود حتما
وواصلى هذا الحكى
فكم احببت ميمونه فيك وفى نساء بلدى

Post: #39
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-05-2005, 04:27 PM
Parent: #37

العزيزة أشراقة

زارتنا البركة

ويسعدنى أن كادقلى هى من جذبتك الينا.
وكلما أخط حرفا اشعر بالتعب لمجرد الذكريات الجميلة
واشجار النيم والمهوقنى الوارفة الظلال
ومنظر الخيران الهادرة فى فترة الخريف

ثم موسم الحصاد...

وجمال هو ابداع الخالق الخلاق!

تحياتى...

Post: #38
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-05-2005, 04:20 PM
Parent: #36

فجأة وبلا سابق تخطيط وجد صابر نفسه وسط حلقة دائرية وقد أحاط به اصدقاؤه. وبدا المشهد كما لو أنهم يحمون موظف حكومة فى فترة الانتخابات . والتف حوله التلاميذ وقد علموا بالخبر الذى انتشر فى المدرسة أنتشار النار فى الهشيم.

لم ينطق صابر بكلمة لان الاسئلة قد بدأت تنهال عليه من كل صوب.

أها وبعدين؟

وبعدين شنو ياجماعة انا قلت حاجة؟

ما هو أنت حتقول كل حاجة.(باصرار) حصل شنو؟

لمن بديت ابيع الزيت...

فقاطعه أحدهم, تبيع شنو يا أخى؟ من الاول.

أول ما دخلت الدكان الخواجة قال ليك شنو؟

قال لى أزيك يا صابر.
خش.

وقال ليك ازيك هو كان بعرفك قبل كدا؟

ما عارف. يمكن افندى وصفنى ليه.

لم يفهموا وصف الافندى هذه ولكنهم واصلوا..

وبعدين؟

وبعدين قال لى تعال يا صابر خت شنطة المدرسة هنا عشان ما تتوسخ بالزيت( التفتوا لبعضهم البعض فى دهشة واستحسان لتصرف الخواجة بكتر)
وبعدين؟

ختيت الشنطة.

وبعدين قال لى شيل الزيت والعبار و(البنبر) وامشى اقعد فى الحته ديك.

الحته ياتا يا صابر؟
قدام الدكان طوالى...

اها؟
بعد كدا جو الزباين.

حانت من صابر التفاته وهو فى ذاك المشهد التاريخى فرأى من بين الجمع مزمل ود التاجر محمد أحمد.
دهش صابر لان مزمل هذا لا يختلط بأحد.
لا يدرى أحد ما اذا كان هادئا أم (مفلهم)
فقط مزمل يتجنب التلاميذ لانهم يعلقون عليه
وهو كما يرون فارع الطول بالنسبة لسنه.
ممتلئ شحما ولحما ومتدفق من كافة الاتجهات.
وله كرش كبيرة جدا
ومنظر شنطة المدرسة فى يده كما لو أنها علبة سجاير ماركة برنجى او البحار.
لذلك لم يستطع أحد أن يقرر ما اذا كان مزمل هذا مغرورا ام هادئا أو (عوير)

لكزه أحدهم وبعدين يا صابر.
وبعدين فى واحد موظف جااشترى منى قزازة كاملة حقة زيت.

قلت موظف يا صابر؟!
اى.
ودفع ليك حق القزازة؟
ودفع لى حق القزازة.
وما نهرك؟
لا.
وينهرنى ليه؟

وبعدين الخواجة بكتر كل شوية يكورك لى.

يقول شنو ياصابر؟

يقول لى : أنت بعت بكم لخدى خسه يا صابر؟

أنفجر الموقف ضاحكا وازدادوا قربا من صابر وبدأ اصدقاؤة يمسحون ايديهم على قميصه كما لو أنه (أتكرفس).

فكر أحدهم قليلا ثم قال: قصة الزيت دى فيها خطر.

خطر شنو؟

افرض الموظف ما اداك قروشك كنت تعمل شنو؟
وما يدينى ليه؟

أفرض
ولا حاجه.
ولا حاجة؟ الخواجة يخصمها منك.
معقول؟
معقول ونص. وحاجة تانية كمان،

شنو؟
لو قزازة أتكسرت يخصموها منك ويمكن يرفدوك.

ياجماعة دا كلام شنو؟
كلام شنو؟ نسأل مزمل.

رايك شنو يا مزمل؟
فى شنو؟
يييييييه؟ فى بيع الزيت يا مزمل.

صحى لو القزازة أتكسرت يدفعوك تمنها وبعدين يقولوا ليك تنضف محل القزاز المكسور.

أها ما قلنا ليك؟ دا صابر ذاته قال الكلام دا.

وبعدين الموظف يمكن يقول صابر دا داير يعمل مظاهرة ويودونا كلنا السجن؟

يا جماعة...
مافى يا جماعة. الموضوع بتاع الزيت دا صعب.

فى ذاك الاثناء وبعد أن تحول اليوم المشهود الى يوم درامى ,وحينما برقت عينا صابر وحانت منه التفاته, رأى افندى حسن الذى ذهب لمشوار فى فترة الافطار وعاد واسند عجلته بالقرب من متكب الاساتذه ولم يقف كثيرا عند مشهد التلاميذ مع صابر لانه عرف معنى تلك الجمهرة.

ولكن صابر وفجأة وبأصرار وعناد شديد وقرار لا رجعة فيه قال...

اقول ليكم يا جماعة؟
ها؟
أنا ما حا ابطل بيع الزيت...
رن الجرس وعادوا جميعا الى الفصول فيما بدأ صابر يردد لنفسه...

اسيب بيع الزيت كيف؟

هم عورا ولا شنوا؟
وهم صحى عورا.. مش قالوا فى الكورة فى الغربية حديد
وفى الشرقية عوير؟

تارى الكلام دا صحى...

Post: #40
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: Hani Abuelgasim
Date: 02-05-2005, 04:35 PM
Parent: #1

أ. نور ..

نحن نتابع بشغف

وفي البدء كانت الكلمة ....

تحياتي ووافر ودي واحترامي

Post: #41
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-07-2005, 09:50 AM
Parent: #40

كانت الشمس قد قاربت المغيب فى ذاك اليوم.
وبدا شكل الاْهالى وهم يعودون من الزراعة حاملين معداتهم الزراعية,
فاس, محشاشة, كوريك... الخ وبعض أوانى الطعام.
وقد تلونت وجوههم بلون الشمس المذهب.

بدا عليهم الاعياء والتعب
ولكن بدا عليهم أيضا الرضا والهدوء النفسى لانقضاء يوم من العمل الدؤؤب
من مشرق الشمس حتى مغربها.
بدو وكأنهم نمل بشرى
يزحف الى دياره.

دخل أهل ميمونة الدار ووجودها تستذكر دروسها.

مساء الخير ميمونة
مساء الخير يابا
مساء الخير يمة

فبادرتها أمها قائلة:

شاطرة بتى.
البيت نضيف. أخوانك أتعشوا؟
أأأى يا أمى وكمان سووا الواجب حق المدرسة.
ثم دخلت ,أحضرت الماء فى ابريق الصلاة وساعدت والدها فى غسل رجليه ويديه.
وحملت (العراقى) الى الداخل وأحضرت الاخر النظيف.

ساعت والدتها فى أحضار طعام العشاء وفى ذاك الاثناء أعطت والدتها تقريرا مفصلا عن أحداث اليوم بما فيها قصة المشاط والهدايا التى صاحبت ذاك المشاط.
ثم جلست بالقرب من والدها وبدأت تتحدث:

أبوى الليه فى المدرسة درسونا قصة ولد اسمه منقو زمبيرى
والمدرسة قالت لينا منقو دا من الجنوب.
ابوى الجنوب دا وين؟

فرد والدها قائلا:
الجنوب يا ميمونة قريب مننا.
ومنقو يا أبوى دا زينا؟
زينا تماما يا ميمونة. وكمان عندهم بحر.
البحر دا زى الخور حقنا؟
لا يا ميمونة. البحر دا كبيييير.
والعيال ما بقعوا فوقه؟
لا يا ميمونة بيمشوا يجيبوا منه السمك.
سمك زى البنجيبه من الخور لمن يتملى يا ابوى؟
نعم. فى واحد زيه وفى واحد كبييير.
أبوى منقو دا بشبه منو؟
شفتى دينق الببيع الموية بالجوز فى الحلة؟
شفته يا ابوى.
اها بشبهه.
وطوييل زى دينق كدا؟
يمكن لمن يكبر يكون طويل زييه.
أبوى دينق دا ما بمشى يعيش مع ناس منقو ليه؟
عنده ظروفه يا بتى.
ظروف كيف يعنى؟
يعنى يمكن المشوار بعيد عليه.
طيب ما يشترى ليه حمار زى حقنا دا. دينق عنده قروش كتيرة.
شفتيها وين يا ميمونة.
شوفته لمن كان بحسبها وهو قاعد تحت الشدرة لمن أنا جاية من المدرسة.
دينق يقدر يشترى حمار.
لكن يا بتى دا موضوع كبير عليكى.
لمن تكبرى حا اقوله ليكى.
لمن ابقى قدر شنو يا ابوى.
لمن تدخلى سنة رابعة.
بعد سنتين يعنى.
سمح يا أبوى.

Post: #42
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-07-2005, 10:31 AM
Parent: #41

وبعد طول سمر قال والد ميمونة:

يالله يا بتى أمشى نومى عشان بكرة المدرسة.
حاضر يا بوى.
وقبل مغادرتها اضافت لوالدها قائلة:
ابوى بكرة الخميس.
عارف يا ميمونة. دايرة تمشى بيت عمتك بعد المدرسة.
أأأى يا بوى.
خلاص بعد المدرسة تمشى مع بنات عمتك. وتسمعى كلام عمتك.
وما (تكاوى) أخواتك. وتساعديهم فى الشغل.
حاضر يابوى.
ثم القت تحية المساء وغادرت المكان.


اصطحبت ميمونة بنات عمتها الى بيتهم فى حى الملكية بعد أنتهاء اليوم الدراسى.
وبنات عمتها يعشن فى وضع أحسن بكثير من وضع أسرة ميمونة.
فوالدهم يعمل فى محلج القطن.
ويقود (كومر) الحكومة.
وهن يلبسن ملابس مزركشة وجميلة.
ويوجد فى بيتهم ايضا (راديو) يتحدث فيه الناس.
بيتهم كبير واسرتهم مفروشة بملاءات مزركشة وجميلة.
ايضا لديهم مطبخ كبير
واوانى منزلية كبيرة وجميلة,
عكس ما يسمونه فى بيتهم(تكل)(بضم التاء والكاف).
وهى أيضا تعلم أنهم يحبونها كثيرا
خاصة عمتها التى تفضلها على بناتها فى التعامل.

سالت ميمونة نفسها عن سر هذه الخاصية, خاصة وان التعامل لا يصدر من باب الشفقة الذى كانت سوف ترفضه تماما ولا تعود اليهم مرة أخرى.
ولكنهم يحبونها بجد كما لو أنها واحدة من افراد اسرتهم.

وما أن دخلت ميمونة حتى هللت عمتهاواحتضنتها ثم اصطحبتها الى الداخل لتريها المفاجأة التى اعدتها لها.

وبعد طعام الغداء دخلوا جميعا الى غرفة البنات
وحتى أولاد عمها التلاتة وبدأوا يتسامرون.

قدم اليها احد ابناء عمها وأسمة سيد زجاجة عصير(كيتى كولا)

وبدأت ميمونة تمطرهم بالاسئلة كعادتها وهى تضحك وتقرقر وتتحرك حتى وهى مستلقية على السرير.
الرسم (الكديسة) فى القزازة دى منو؟

فرد سيد: دا حاج أبوالقاسم سيد المصنع يا ميمونة.
وبرسم(الكدايس)دى كل يوم فى القزاز؟
لا يا ميمونة. نفس القزازة دى بجوا يرجعوها ويغسلوها ويعبوها تانى.
حاج أبوالقاسم دا مش(راجل) حاجة كلتوم؟
ياهو زاتو. شفيته وين يا ميمونة؟
مشيت مع أبوى نشترى منهم الجاز حق (اللمبة) ,ابوى قال ليه أزيك يا حاج ابو القاسم.
ومش بتهم فاتيمتو البتبيع الطعمية والفول والتسالى وحلاوة اللكوم؟
يا ها زاتها.
طيب ليه ما بودوا فاتيمتو المدرسة زينا؟
الفلاته يا ميمونة واحدين منهم ما بودوا بناتهم المدرسة.
أأأ. فهمت.
طيب ليه؟
أنت هسه ما قلتى فهمتى؟
وبدْاْ سيد عصبيا بعض الشئ كعادته وبادر والدته التى كانت قد دخلت تحمل صينية الشاى,
ميمونة دى سؤالها كتير خلاص.

أنتهرته والدته:
بس يا ولد. ميمونة بتسال عشان عايزة تفهم.
والله دى ما تفهم أى حاجة.
عيب يا ولد.
هى كان ما بتفهم أى حاجة تجى الاولى كل سنة؟
أنا عارفاك مغيوظ منها.
أنا؟
أى.
ليه.
عشان أنت العشرة الاوائل ديل اصلك ما بتجى جنبهم. بس جارى داير تلعب كورة فى الحلة.

أحس سيد بالحرج الذى لم تللحظه ميمونة وواصلت اسئلتها:
الكومر حق عمى كافى دا أنتو بتركبوه؟
فردت احدى أخواتها.
لا يا ميمونة.
طيب ليه؟
عشان حق الحاكومة وابوى ما برضى نركبه.
الحاكومة كعبة كدى؟
الحكومة كعبة وكلامك صحيح.
يعنى بتشبة ست ماجدة مدرسة الحساب؟
ولية ست ماجدة؟
عشان طوالى بتصر وشها وتنهر البنات وتدقهم بالمسطرة.
لا الحاكومة مازى ست ماجدة يا ميمونة.
وبدأت ميمونة تفكر بجدية...
طيب زى مننننوا؟
عرفت يعنى زى الغول القالت عليه حبوبه مندى.
والغول ليه يا ميمونة؟
حبوبة قالت الغول دا أكعب حابة.
بكتل الناس, بمص دم العيال الصغار, وبيحرق الحلة وما يرضى يشوف زول مبسوط كله كله.
حبوبة قالت كدا؟
أأى.
فرد سيد قائلا:

تعرفى يا ميمونة حبوبة دى اشطر زول أنا شفته. لاْنه مافى زول قدر يوصف حاجة بتشبه الحاكومة دى زى حبوبة مندى.
اضافت ميمونةأنا عارفة حبوبة شاطرة و ما يلاكم نمشى ليها بكرة؟

فردت عمتها قائلة:
أمشوا طوالى يا ميمونة وقضوا معاها اليوم كله.
حاضر عمتى....

Post: #43
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-07-2005, 10:42 AM
Parent: #40

السيد المحترم /هانى أبوالقاسم

نهارك سعيد

ويسعدنى أكثر اهتمامك بالقصة التى تعكس فترة زمنية معينة فى كادقلى.
وتبدأ المرحلة فى الستينات.

سوف تتواصل القصة بأذن الله واتمنى من الله مخلصة ان تجذب بعضا من القرأ/ت لتعكس لهم/ن هذه الفترةالموغلة فى الشفافية,

والتى تعكس ايضا تناغم وانسجام المجتمعات فى هوامش السودان فى ذاك الوقت.

وميمونة هى احى الرموز العملاقة فى تلك الفترة والتى سوف نرى من مجريات الاحداث كيف تشكلت شخصيتها
وكيف تفاعلت الاحداث لترسم طريقها فى الحياة.

وترسم وجه كادقلى ذو الحضور الطاغى
والكبرياء
والارادة الحديدية.

تحياتى مرة اخرى

وأتمنى أن تداوم الدخول.

سلام...

Post: #44
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-08-2005, 09:20 AM
Parent: #43

أغلقت المدارس أبوابها لعطلة نصف السنة.

وانتشر الصبيان والبنات فى الحوارى والازقة والشوارع العرضة يلعبون ويركضون فى كل الاتجاهات.
لم يدرى أحدهم/ن ما تخبئه له الايام.

القت كادقلى عليهم نظرة فيها اسى وحزن.

وغريب أمر الحزن فى عينى كادقلى.

وغريب ايضا هدؤهاوجمالها المتجدد مع فصول السنة.

وغريبة قدرتها فى التحكم فى النفس والاصرار على الحياة.

واصل الاهالى الذهاب الى الزراعة وانضم بعض الاطفال اليهم فى ذاك النشاط الاقتصادى والاجتماعى الهام.

تواصل هطول الامطار بغزارة
وبدت كادقلى كما لو أنها تتحرك من داخل بركة مياة.

واستمرت الحياة بهدؤها وجمالها ومواطنيها الذين يتناولون الحياة كما لو أنها كتاب مقدس
تجب قرائته باهتمام شديد وحذر أيضا.

سار الاهالى جماعاتا ووحدانا الى مزارعهم

ونشطت تجمعات النفير حيث يتجه اهالى الحى كلهم الى العمل فى مزرعة احدهم/ن
وتتجه نفس المجموعة فى اليوم التالى الى زراعة شخصية اخرى
فى هذا الامر يكون/تكون صاحب المزرعة ملزما بتوفير الطعام فقط
وهو عادة بسيطا ولا يكلف شيئا
ولكنه ايضا غنى بكل البروتينات الملزمة لجسم الانسان.

مرت احداث ثورة مايو على كادقلى مرور الكرام
كما لو لان الامر يلا يهمهم فى شئ
ولسان حالهم يقول:

ماهى دى زى الفبلها والقبالها.

وبدات فى كادقلى حركة غير طبيعية
سريعة الايقاع
متفاعلة
موظفين تجى وموظفين تسافر
كوامر حكومة داخلة وكوامر تانية طالعة

حتى أنتهى موسم الامطار
وبدأت كادقلى تحصد زراعتها
وبلغ صابر الثانية عشرة من عمره
وطلعت ميمونة الاولى كعادتها

ثم تهيأت كادقلى لموسم الحصاد
وعطلة نهاية السنة فى المدارس

فى كل هذة الحركة
لم تلحظ كادقلى نشاط أستاذ حسن
وزملاؤه
الذين تحركوا بأتجاه اخر
تخشاه كادقلى دائما
ولكنها لا تملك أن تمنعهم

وبدأ ايقاع الحياه فى كادقلى سريعا متصاعدا عكس عادتها...

Post: #45
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-10-2005, 08:38 AM
Parent: #44

أستاذ حسن رجل مربوع القامة.
عريض الاكتاف نوعا وجسمه رياضى.
داكن السمرة
دائم الابتسام ودائم الهم.
يمشى فى الارض كمن يمشى على كوم من البيض.
ويتحدث الى كل من يقابله كما لوا أن ذاك الشخص من بقية اهله.

بعد الاجتماع الاخير فى منزله ذات مساء من شهر يونيو الماضى
تواصلت النقاشات بينه وبين زملائه فى لحظات خاطفة حينما كانوا يتقابلون فى السوق أو المستشفى أو أى شارع.

واخيرا تقرر أن يتم الاجتماع فى أحد الاحياء النائية من كادقلى
وليأخذ يوما بكامله حتى يصلوا الى نتيجة.
واجتمعوا فى منزل عمة الزاكى الذى يعمل فى طاحونةالخواجة منولى بجوار السوق(البرا).
بدا الاجتماع فى الثانية ظهرا واستمر الى ما بعد منتصف الليل
ولم ينتبه أحدهم الى الوقت وهو يتسرب من بين ايديهم.

وبدأ الزاكى الذى كان مشغولا بتقديم الخدمات وتناول الصحون من عمته زينب وهو داخل خارج.
وبعد أن استقر أخيرا بادر حسن مباشرة.

يا حسن أنت لا تعارض فكرة اتحاد عام جبال النوبة ولا تقبل نصوصه.
ارجو أن تفسر لنا ذلك.

أجاب حسن قائلا:
فكرة الاتحاد جيدة وهذا ما نحتاجه كخطوة أولية, ولكنه فى رأى يتناول قضية جبال النوبة بشكل كلاسيكى لا يعالج جذور المشكلة.
وما يطلبونه من حكومات الشمال سوف لن ينفذ(بأخوى وأخوك)
نحن لا نحتاج أن ترسم لنا حكومات الخرطوم حياتنا.
فقد دمرتها بما يكغى.
ونحن منذ الاستقلال من أنقلاب الى حكم ديمقراطى وكلهم فاشل فى تناول قضية السودان
و الوضع فى رأيى ينحدر ويتردى
وفى هذا أحساس بالاحباط من جيل السودانيين الذى وضع كل أحلامه فى أستغلال البلاد
مثلنا على سبيل المثال.

مثلاا قبل ثلاثة اشهر قام أنقلاب عسكرى
وقلب معه الاوضاع فى السودان رأسا على عقب.
أنا لا اثق فى أى نظام ديكتاتورى
ولا يعجبنى تناول الاحزاب للسياسة السودانية
والجنوبيين يطرقون الباب بشدة
والسياسة السودانية فى رأيى تشبه سوق الملجه فى أمدرمان.
أن ما أعنيه هو تناول جذور مشكلة جبال النوبة
بشكل رديكالى
ينفذ الى عمق الازمة ويخرج بحل
يحترم المواطنيين كبشر

يعنى اقصد نظام سياسى يعترف بأدمية مواطنيه
ويتناول السياسة بصدق.
ولا يفرق فى التنمية بين هذا الاقليم وذاك.

Post: #46
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-10-2005, 08:48 AM
Parent: #45

فكر محمد مليا ثم قال:

كلام حسن فيه كثير من المنطق فى رأيى.
فلننظر الى أنفسنا فى هذه الغرفة.
نحن جميعا ننتمى الى تيارات سياسية لا تخدم جبال النوبة.
مثلا كاكدلا ينتمى الى الحزب الاتحادى الديمقراطى
الصادق ينتمى الى حزب الامة
أنا أنتمى الى حزب البعث العراقى
وحتى سيد ينتمى الى الاخوان المسلمين.

السؤال هنا: مالذى تقدمه كل هذه التنظيمات للمنطقة؟
رايتم الناخبين فى فترة الانتخابات وهم يملاؤن المنطقة ضجيجا
هل رأيتوهم بعد نتيجة الانتخابات؟

لا يوجد لدينا صرف صحى راقى
ولا توجد كهرباء فى بلد فى عمر كادقلى
والطرق غير معبدة ونكاد نكون بمعزل عن العالم الخرجى
لا يوجد مشروع تنموى واحد فى البلد
المؤسسة الزراعية فى كادقلى جسم غامض لا نعرف ما تحلبه هذه الحكومات من المؤسسة
لا توجد لدينا مدارس بالقدر الكافى
أما التعليم ثانوى فيذهب البعض منا الى تلك المدارس ثم لا يعود
أما التعليم الجامعى فذاك أمر اخر

اعتقد أن لحسن وجهة نظر تستحق الدراسة.

Post: #47
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-10-2005, 09:14 AM
Parent: #46

رفع كاكدلا رأسه بعد أن كان مطرقا طيلة هذه الفترة وقال:

رغم أننى أحس بكل ما تقولونه الا أنه صعب على فهمى قليلا.

سؤالى هو كيف يمكن معالجة كل هذه الامور؟

هل سنحارب حكومات الشمال مثلا؟

فرد عليه الصادق قائلا:

الموضوع لم يصل الى مستوى الحرب بعد.
وأعتقد أن حسن يقصد الضغط على هذه الحكومات حتى تحسن من وضع المنطقة.

فرد حسن قائلا:

أنا لا اقصد مجرد الضغط.
فهو لا يكفى.
أن ما أعنيه هو أن نكون شركاء فى رسم سياسة البلد.
أن نكون سودانيين دون الاحساس بالتفرقة.
أن نكون جزءا من حكومات الشمال
أن لا نكون غرباء وأجانب فى بلدنا
يا جماعة هل يوجد فى حكومة الخرطوم وزير داخلية نوباوى؟
او وزير دفاع؟
أو وزير خارجيه مثلا؟

وسؤالى هو:

لماذا هذه التفرقة بين ابناء البلد الواحد؟

نحن نحارب لحكومات الشمال
وننتشر فى الخدمة المدنية فى كل السودان
ولكن المنطقة نفسها تعانى من أهمال متعمد.
وما يخيفنى هو أن تكون النية مبيته لما هو أسوا!!!!
وخوفى هو أن يكون الاهمال والتهميش هو توطئة لسياسة أخرى مخيفة ومرعبة!!!!

اما ما هى؟

فهذا سؤالى وهذا خوفى.

علق محمد الذى كان ينتظر أنتهاء حسن من كلامه بفارغ الصبر.

يا حسن الكلام دا خطير جدا.
واذا فهمتك بوضوح
فانت تقصد ان المنطقة مقبلة على جحيم حقيقى ولكنك لا تعرف نوع هذا الجحيم.

فرد حسن قائلا:

الحمد لله فهمتونى.
هذا ما اقصده تماما.

فى هذا الاثناء دخلت عمة الزاكى تحمل صينية الشاى فبادرها حسن قائلا:

عمتى زينب انتو شوال الفحم بتبيعوه بكم؟

فردت قائلة:

ما بنبيعه بالشوال لكن بالعبار.
يعنى 3 عبار بى تعريفة

فسال حسن:
وقروش الفحم دى كفاية؟

استحت قليلا ثم أطرقت قائلة:
والله يا ولدى الحمد لله

أحنا بس قصدنا نطلع حق السكر والملابس والصابون والبن
الباقى كله بيجى من الزراعة.

شكرا عمتى
ثم التفت اليهم بعد خروجها.

الم اقل لكم؟
شوال الفحم يكلف يوما كاملا فى الغابة لتكسير الحطب.
ثم حرقه والتعرض الى نيرانه بما فيه من مخاطر صحيه
ثم حمله الى السوق
ثم الجلوس طوال اليوم لاستخراج 3 او 4 قروش.

فرد الصادق قائلا:

ياحسن لو دخلنا فى هذه التفاصيل فسوف نقضى بقية عمرنا نحسب.
دعنا نعود الى اساس المشكلة وكيف يمكن تخليص المنطقة من البؤس الذى يعشعش فوق رؤسنا.

علق مالك الذى كان صامتا طوال الجلسة قائلا:

انا فى رأيى انه الموضوع دا يتواصل
وننتظر أيضا ردود أفعال الاخوة الذين تم بهم الاتصال.

خرجوا جميعا الى الشوارع الضيقة المتعرجة وقد اسدل الليل ستارة منذ فترة طويلة.
استقبلتهم نفحة هواء باردة
ونباح الكلاب
ومواء القطط
ونعيق الضفادع
والجبال التى تحيط بكادقى من كل أركانها.
كان الوقت متأخرا
والهدوء قد اطبق على المكان
كعادة كادقى
التى تأوى الى فراشها باكرا
وتحرص على الهدوء التام....

Post: #48
Title: دائم الابتسام ودائم الهم.
Author: elhilayla
Date: 02-10-2005, 09:29 AM
Parent: #1

Quote: أستاذ حسن رجل مربوع القامة.
عريض الاكتاف نوعا وجسمه رياضى.
داكن السمرة
دائم الابتسام ودائم الهم.
يمشى فى الارض كمن يمشى على كوم من البيض.
ويتحدث الى كل من يقابله كما لوا أن ذاك الشخص من بقية اهله.



Salam Sister Nour
If the name is
Adam
Instead of Hassan
I will definitely say
Hey
I got my friend - in fact my brother- Adam Mudir whom I lost for the last 18 years

Please carry on Sister Nour
I appreciate what you are suffering
BTW my brother Adam used to enlighten me too much about your area to the extent that I tried so many times to go there but unfortunately I could not succeed.
For sure I will go there if I get any news about my brother sooner or later
Salam


Post: #49
Title: Re: دائم الابتسام ودائم الهم.
Author: FRIGON
Date: 02-10-2005, 04:36 PM
Parent: #48

الأنيقه نور تاور
السلام عليكم

ما عارف ليه ما اندهشتا بعد ما عرفت إنك أديبه برضو....إحتمال لانو بيقولو ..مضمون الذول بيهد في وشو....وإنتى قلمك وصورتك خير سفير لدواخلك فينا..ربنا يحفظك أختي الفاضله..
حقيقه البوست كلو إبداع في إبداع عشان كده انا لامن اجي خاشي المنبر اول حاجه بفتش ليهو لأنو بي الجد الذول بستمتع بي قرايتو..واصلي أختي العذيذه وكلنا مربعين ايدينا وبنسمع..
التحيه لك ولضيوفك الكرام
.سلام

Post: #57
Title: Re: دائم الابتسام ودائم الهم.
Author: nour tawir
Date: 02-12-2005, 06:58 PM
Parent: #49

الاخ المحترم FRIGON

تحياتى وخالص شكرى وتقديرى على الكلام القلته.
ولكنك هنا حملتنى مسئولية أن أكتب كل يوم رغم ظروف الغربة ومعاناتها.
ولكننى سأحاول انشاء الله.

تحياتى

Post: #50
Title: Re: دائم الابتسام ودائم الهم.
Author: awadalla agabna
Date: 02-10-2005, 05:03 PM
Parent: #48

الأستاذة / نور تاور
ألجمتيني و ألقمتيني أحرفا و كلمات ...
فقط نتابع بذهول و أسى حتى نفيق
لك كل التقدير

Post: #51
Title: Re: دائم الابتسام ودائم الهم.
Author: nour tawir
Date: 02-11-2005, 08:42 AM
Parent: #50

فى موسم الحصاد من كل عام وفى شهرى سبتمبر وأكتوبر تحديدا تصبح كادقلى كرنفالا متحركا.

وتلبس لهذه المناسبة ثوبا مزركرشا مطرزا بالعشب ومنتجات الاهالى.
مغسول بندى العشب
وعيون المياه التى تنبع من كل ركن فى ذاك الموسم.

و الثوب مطرزا أيضا بخيرات الطبيعة البرية من شجر الدليب واللالوب وتمر الهندى والخروب و الجوغان وخيرات أخرى لا تعد ولا تحصى.

ترتدى كادقلى ذاك الثوب الفضفاض الذى تحرص أن تلونه بالالوان الحصاد أيضا من عيش الريف الصفراء والداكنة اللون.
الذرة باْنواها وأحجامها والوانها وطعمها المختلف.

منها الاخضر حلو الطعم و يؤكل بلا طبخ
الاصفر والبرتقالى الذى يشوى أو يغلى بقليل من الماء.
الفول السودانى
الشطة الحمراء والخضراء صغيرة الحجم وكثية المرارة
التبش والكارجقل(القرع)
السمسم
والقطن قصير الطيلة
ومنتجات كثييييرة جدا.

تخرج كادقلى الى أبنائها وهى فى كامل هيأتها وجمالها

ثم تطرب وتفرح وترقص
حين يقيم الاهالى مناسبات الزواج والطهور والخطوبات

مناسبات اخرى يجتمعون فيها لتناول مالذ وطاب ويتبادلون الحديث فى ههوء وفرح بادى على كل الوجوه
وهى تصنع العناقريب والبنابر
ثم تخيط النساء البروش (أغطية العناقريب)والطباق(أغطية للطعام)
ث ميقوم الرجال من الشيوخ والشباب بتجديد المنازل
وتخزين منتجات العام.

تسمع الموسيقى فى كل أركان كادقلى
وتسمع النساء يبادلن التحايا والسؤال عن الحال والاحوال.

وتنشط نساء المورو والعطورو وهيبان
فينزلن من عليائهن فى الجبال
يحملن على رؤوسهن الرياك(جمع ريكة وهو وعاء كبير يحمل فى الرأس)ملئ بالخيرات.

تنزل هؤلاء النسوة الى الاسواق ليبعن الدليب والهالوك
الويكة الناشفة والبامية
العسل والسمن
وخيرات اخرى كثييييرة

ثم يشترين البن والسكر والملابس لاأطفالهن
ويطحن العيش فى طاحونة منولى
ثم يعدن أدراحهن فى المساء.
وهن يمشين فى خط واحد
واحدة أثر الاخرى حتى فى الشوارع الواسعة فى كادقلى

السبب هو ضيق الطرق فى المزارع
فأصبحت عادة
ايضا تحمل كل منهن عصا طويلة ومتينة
تتوكأ عليها حتى وهى شابة
والعصا هذه تقدم مع اغراض الخطوبة لكل فتاة
لاْنها تساعدهن فى النزول من الجبال العالية.

ويستمر الكرنفال
اياما ولياليا وشهورا.

تغطى كادقلى شوارعها بالعشب البرى الطويل
ومنتجات الجباريك(جمع جبراكة) وهى مزارع صغيرة حول الاسرة
تزرع فيها الخضروات وكذلك عيش الريف والعيش الحلو
والكارجقل والتبش

وتسمن الدواجن والوز والبط الذى يربونه عادة فى اركان البيوت.
ومنتجات الجباريك هى عادة لاستهلاك الاسرة وليست للبيع.
لذلك قل أن ترى شخصا على بعد مائة متر وسط الحلال(بفتح الحاء وتشديدها) فى هذا الموسم
ولكنك تسمع الاصوات هنا وهناك
وهى تتبادل الاحاديث

وتنشط نساء البقارة أيضا
فيخرجن فى الصباح الباكر
مع النجمة
لبيع اللبن
وشراء مستلزمات الاسرة

وتنتشر فتيات الفلاتة تحت شجر النيم والمهوقنى الوارف الظلال
لبيع منتجاتهن من الفول المدمس والتسالى والطعمية واللقيمات وحلاوة لكوم.

Post: #52
Title: Re: دائم الابتسام ودائم الهم.
Author: nour tawir
Date: 02-11-2005, 09:47 AM
Parent: #51

خرج صابر وجده وجدته فى الصباح الباكر

وهم يحملون منتوجهم لذاك العام من القطن طويل التيلة.
حملوا بضاعتهم فى حمارين كانوا قد استلفوا أحدهما من جارهم جار النبى.
وخرجوا الى الشوارع الضيقة الملتوية تستقبلهم قطرات الندى
ونسيم الصباح البارد

أستقبلهم ايضا صياح الديوك هنا وهناك
ونباح الكلاب
وأعمدة الدخان من خلف بيوت الاهالى حيث بدأ بعض النسوة فى أعداد وجبة الافطار

وبدأت كادقلى تتمدد وتستعد للخروج.

قطع صابر صمت جده الذى طال فأفقده صبره:

بتفكر فى شنو يا جدى الوكت دا كله؟

انتبه جده الذى فوجئ بالسؤال:

بفكر فى القطن والمحلج يا صابر يا ولدى.

حيدونا كم؟

وحنشترى شنو؟

وحنوفر كم؟

فرد صابر الذى لم يلحظ قلق جده ولكنه أحس ببعض الضيق من نبرة صوته قائلا:

بعد شوية حنعرف يا جدى.

ايده جده قائلا:

بعد شوية حنعرف!!!

وحينما وصلوا المحلج كانت الجموع تتجمهر بالداخل وقد جلسوا جميعا على الارض يتسامرون.
وكانوا قد ربطوا حميرهم خارج المحلج ورصوا جوالات القطن بالقرب من السلك الذى يسور المحلج.

وما أن رأوا عم مرجان جد صابر حتى هللوا:

كنت تقول لينا يا عم مرجان ونحنا نجى نشيله ونبيعه ليك.
علقت أحداهن قائلة:
البركة الشفناه طيب.

فاقترب أحدهم من عم مرجان قائلا:
أنت تمشى أول الصف يا عم مرجان ووالله ماتقول حاجة.
وبعد ما توزن تقعد معانا أو تمشى كان داير.

شكره عم مرجان بحرارة وأخذ مكانه هو وأسرته.

بدأ صابر يتلفت ذات اليمين وذات اليسار وهو يفحص كل الحضور بعينيه الواسعتين المندهشتين فى كل الاحوال.

بعد قليل خرج موظف المحلج.

شاب فى مقتبل العمر.
يلبس بنطلونا أسود وقميصا ابيض.
تبدو عليه اثار النعمة والراحة
ويبدو أنه من الشمال.

وقف الموظف فى مصطبة عالية أمام الجمهور
القى تحية الصباح
فردوا بأحسن منها

ثم وقف الموظف برهة وهو ينظر الى الحضور
ولم ينس أن يركز على النساء اللائى يلبسن كلهن ثوبا من طراز واحد وهو ثوب (الزراق).
لم يفهم سر هذه الظاهرة الغريبة ولكنه قرر أن يسأل حينما توايته الفرصه فقال:

أول الصف يدخل.

دخل عم مرجان يعاونه صابر وبعض الشباب فى حمل القطن الى الداخل.
أنتهى الوزن ثم ذهب مع جده الى شباك لصرف المبلغ.

صعق صابر وبدأ يهتز من الغضب!

فتح فاه محاولا أن يتكلم فنظر اليه جده نظره ذات معنى فصمت.

وبعد خروجهم اسرع صابر فى الوقوف أمام جده وركز عينيه فى عينى جده وسأله بحدة:
جدى دا شنو؟

فى شنو يا صابر؟
دى شنو القروش الادوها ليك دى؟
فرد جده:
تلاتة جنيه فى الشوال. دى نعمة كبيرة يا ولدى. السنة دى زادوا لينا القروش.

فرد صابر:

موسم كامل يا جدى نجهز الارض
نزرع
نقلع القش مرتين
ننتظر القطن يفتح
نجمعه
نعبيه فى شوالات
نخته فى حمير ونجى المحلج
عشان تقول لى تلاته جنيه فى الشوال؟!

أنحنا من زمان كدى يا صابر ياولدى. كدى شوف الناس دى كلها. فيهم زول زعلان؟
المسالة طبيعية جدا يا صابر يا ولدى.

فرد صابر الذى لم يحدث كائنا من كان ألا بكل أدب وحياء, رد بحدة قائلا:

المسالة ما طبيعية يا جدى.

فبادره جده قائلا:

وحتمل شنو يا صابر؟

حا أدرس قانون يا جدى.

خرجوا ثلاثتهم الى شوارع المدينة العريضة بأتجاه السوق الكبير

ووجدوا كادقلى فى أنتظارهم

حيث أنها كانت تعلم أن ثلاثتهم فى حاجة ماسة الى حضن يرتمون فيه
ويطلقون العنان لدموعم.

مسح صابر دمعة (حارة) بدأت تنحدر من خده الايمن.

Post: #53
Title: Re: دائم الابتسام ودائم الهم.
Author: nour tawir
Date: 02-11-2005, 09:53 AM
Parent: #52

الاخوة الاعزاء

الحليلة
FRIGON
عوض الله عجبنا

تحياتى
خالص شكرى على الدخول
ومنتهى سعادتى بمتابعتكم
أعود اليكم صباح الغد أنشاء الله.


سلام...

Post: #54
Title: Re: دائم الابتسام ودائم الهم.
Author: nour tawir
Date: 02-12-2005, 04:49 PM
Parent: #53

أواصل الدخول بعد قليل

Post: #55
Title: Re: دائم الابتسام ودائم الهم.
Author: shazaly gafar
Date: 02-12-2005, 05:18 PM
Parent: #54

Quote: هنا تنهدت كادقلى عميقا
وغطى وجهها الوديع نوعا من الحزن مرة اخرى
ولم يلحظ اى من أبنائها سبب ذاك الحزن

Quote: خرجوا جميعا الى الشوارع الضيقة المتعرجة وقد اسدل الليل ستارة منذ فترة طويلة.
استقبلتهم نفحة هواء باردة
ونباح الكلاب
ومواء القطط
ونعيق الضفادع
والجبال التى تحيط بكادقى من كل أركانها.
كان الوقت متأخرا
والهدوء قد اطبق على المكان
كعادة كادقى
التى تأوى الى فراشها باكرا
وتحرص على الهدوء التام


اختى نور
حقيقة وانا اجوس بين حروفك الناضرة طربت ايما طرب واعتورتنى نشوة الموسيقى المكتوبة
فالتحية لك بخضرة كادقلى وقلمك
تسلمى
شاذلى

Post: #59
Title: Re: دائم الابتسام ودائم الهم.
Author: nour tawir
Date: 02-12-2005, 07:04 PM
Parent: #55

الف شكر يا أخ شاذلى ولنرى حال كادقلى اليوم.

Post: #60
Title: Re: دائم الابتسام ودائم الهم.
Author: nour tawir
Date: 02-12-2005, 07:33 PM
Parent: #59

دلف سيد الى الدار كما لو أن هناك شخصا يطارده.

سيد يبلغ من العمر اربعة عشر عاما ويقع بين الطفولة وبداية مرحلة الشباب.
وهو ابن الافندى كافى الذى يعمل مفتشا فى محلج القطن وأسرته ميسورة الحال نوعا.
وهو ابن عمة ميمونة التى كانت قد زارتهم فى الاسبوع الماضى.
ورغم انه فى الرابعة عشرة من عمره الا أنه مازال فى الصف الرابع الابتدائى.

وسيد طويل ونحيل وله عينين ضيقتين فيهما مكر ودهاء.
وهو دائم الحركة كما لو أن به عفريت.

دلف سيد الى الدار بتلك الهيئه وقد كان قميصه قد تمزغ تماما من ناحية الكتف الشمال.
ورغم ان قميصه اصفر اللون الا أنه وفيما يبدو ان سيد قد خرج من معركة حامية الوطيس.
له ساقان طويلتان متدليتان من تحت الشروت كما لو أنهما جوز(مفاريك).
وقد كان فى شفته السفلى بعض الدم.

وولولت أمه.

دا شنو يا سيد؟
الدقاك منو؟
أنت ما تطلع خمسة دقايق الا تجيب لينا مشكلة.
شكيتك على الله يا سيد

وهى فى تلك الحالة تولول وتصرخ رد عليها سيد بهدوء:

دقيت ود بسطاوى العجلاتى.

ثم بدأت الموال مرة أخرى.
سجم خشمى.
دقيت ود العجلاتى.
وسوا ليك شنو؟
الناس ديل ما بتاعين مشاكل.
أنا تطير عيشتى فى البيت دا
أنت يا سيد حتودينى القبر بلا يومى.
فتدخل سيد مرة أخرى وبنفس الهدوء قائلا:

كتب جواب لى واحدة من بناتك.
جواب؟
جواب شنو يعنى؟
زى الواجب حق المدرسة؟
لا. ما زى الواجب حق المدرسة.

كدى أقرا لى يا وش الشوم.

فبدأ سيديقرأ:

صديقتى وجارتى الحبيبة...

ولولت الام مرة اخرى...
الحبيبه؟ سجم خشمى.

قاطعها سيد:
استنى يا أمى..وواصل:

حينما تزورينى فى خيالى اعيش فى جنة الاحلام.

قاطعت الام:
تزوره الشكلوته بركة جاه النبى( وقد حولت سخطها هذه المره من سيد الى ود العجلاتى).

استنى يا أمى...
وواصل:

انت الزرع وأنا الماء
انت الارض وانا السماء.


تدخلت:
الليلة ووب.
أدينى الجواب دا يا سيد انا حا أمشى اشتكي مقصوف الرقبة دا هو وبسطاوى العجلاتى.

اعترضها سيد:
تمشى وين يا أمى. لو الناس شافوك ماشة بيت العمدة يقولوا ماشة تشتكى راجلها(وهو يبتسم بخبث).

صعقت
يا ولد خلى عندك ادب.
انت يا سيد لسانك دا طوالى فالت كدى؟
رد سيد بهدوء:
بوري الجواب لابوى.
فردت كمن اسقط فى يده:
ابوك لا يا سيد.
ابوك ايدة طرشة زيك كدى والعجلاتى وولده ماعندهم صحة.
يموت واحد يودوه السجن.

وفيما هما فى ذاك الموقف الدرامى الساخن فتح الباب الخارجى
فابتدرت ابنها كمن وجد نفسه امام الامر الواقع ثم قالت بصوت خافت فيه شماته.

اها جاك الموت يا تارك الصلاة.
الليلة يا سيد يومك كحلى
دخل افندى كافى كمن يشتل نفسه شتلا ولا يمشى.
فهو رجل ضخم الجثة
طويل بشكل ملفت, سته قدم وكسر
لا يبتسم الا لماما ولكنه حينما يضحك يجلجل صوته وهذا شئ نادر.
أنيق
ولكنه غير مسالم فى بعض الاحيان

وما ان رأى ابنه حتى بادره وبلا مقدمات:

دقيت منو الليلة يا سيد؟
دقيت ود بسطاوى العجلاتى.
سوا شنو؟
كتب جواب لى أختى.
ذهل والده وبدا علية الغضب.
والجواب وين يا سيد؟
ياهو.
قرأ الخطاب ثم قال لسيد بشكل امر

ارح...

Post: #61
Title: Re: دائم الابتسام ودائم الهم.
Author: nour tawir
Date: 02-12-2005, 07:53 PM
Parent: #60

بما أن الافندى كافى طويل فهو ايضا له خطوات واسعة وواثقة.
وصل بيت العجلاتى فى فترة خيل اليه انها عام كامل.

لم يلتفت الى ابنه ولم يتحدث معه.

عجلاتى رجل من خارج المدينة
لا احد يدرى من اين جاء هو وابنه.
استغل قطعة من الارض طرف حى الرديف و لا احد يدرى ايضا من هو مالكها.
وبنى لنفسه بيتا واستقر فيه ثم فتح محل العجلات بوسط السوق الكبير.
لا يزور أحدا ولا يزوره أحدا
وهذا امر غريب فى مدينة كادقلى.
يعيش مع ابنه فقط
ويذهب ابنه الى نفس مدرسة سيد.

بسطاوى العجلاتى رجل قصير
ممتلئ
له ثلاثة شعرات عجاف فى منتصف راسه يحرص على تثبيتهم بقليل من الفازلين
لذلك تلمع صلعته دائما وابدا
وهو رجل يبدو عليه الخوف من شئ لا يدريه الناس
ولا يدريه عجلاتى نفسه.

وقف افندى كافى (ينادونه افندينا) امما الباب الصغير وكان يتسطيع ان يرى داخل المنزل الا انه أخفض بصرة وركزه على الباب فقط
لم يطرق الباب لانه يعرف ايضا ان صوته جهورى
ويستطيع ان يجعله مخيفل عند الضرورة وهذا ما حدث:
وبدأ ينادى...

عجلاتى...
لا يدرى عجلاتى نفسه كيف وصل الى الباب وقد توجس خيفة واستبد به الذعر.

أفندينا؟ أهلا وسهلا. أتفضل.
انا ما جاى أتفضل يا بسطاوى. ولدك وين؟
موجود افندينا( وقد بدأ يرتعد)
سامى.. يا سامى...
دقيقة واحدة ووصل سامى يرتعد كالفرخة المبلولة.
وما ان وصل سامى حتى وجه افندى كافى حديثة لبسطاوى العجلاتى:

اسمع يابسطاوى العجلاتى....
نعم افندينا(وهو يرتجف)

هو أنذار أول وأخير..

حاضر افندينا..
ولدك ما يكتب جوابات لى بناتى ولا لاى بت فى البلد.
حاضر افندينا
ومايمشى يتحاوم جنب مدرسة البنات.
حاضر افندينا.
وما يمشى يشترى التسالى من فاتيمتو.
حاضر افندينا.
وحاجة تانية يا عجلاتى.
نعم افندينا..
ولدك ما يتحاتوم بالعجلة فى السوق مرة تانية..
بس افندينا بيمشى يجرب العجلات.

مايمشى
حاضر افندينا
ناول الخطاب لسامى الذى اصبح قاب قوسين او ادنى من الاغماء

قطع الجواب دا يا ولد
مزق سامى الخطاب.

Post: #62
Title: Re: دائم الابتسام ودائم الهم.
Author: nour tawir
Date: 02-12-2005, 08:10 PM
Parent: #61

فى طريق العودة بادر سيد والده قائلا:

ابوى عرفت كيف سامى بيمشى يشترى التسالى من فاتيمتو؟

رد والده: زى ما أنت عرفت انه كتب جواب لاختك. وواصل...
وحاجة تانية يا سيد
نعم ابوى
انت حكايتك شنو مع العشرة الاوائل؟
وسنة رابعة دى قاعد فيه لى متين؟

ابوى داير الصراحة؟
ولا شئ غير الصراحة
انا بمشى المدرسة غصب.
ليه؟
عشان انا ما بحب القراية.
وبتحب شنو يا سيد؟
ابوى داير أخش الديش.
وتخش الديش ليه يا سيد؟
عشان ايقى عسكرى
وتبقى عسكرى ليه يا سيد؟
عشان احمى البلد.
اسمع ياسيد:
الجيش من هنا ولى قدام ما حيحمى البلد.

بدت الحيرة على سيد؟
وحيحمى منو يا باوى؟
حيحمى الرئيس والناس الفى السلطة بس.
ليه يا ابوى؟
ليه دى الاجابة عليها صعبة.
وحتى لو بقيت عسكرى واترقيت وبقيت ظابط واكتر. عندك حد معين وينزلوك المعاش.
ليه يا باابوى؟
سياسة البلد.
سياسة البلد كيف؟
أنت نوباى يا سيد.
يعنى شنو يا باابوى
يعنى عندك عراقيل فى سكتك طول الحياة عشان بس انت نوباى.

شعر سيد بانقباض شديد وخوف وحيرة.
فواصل ابوه محولا مجرى الحديث:
تعرف يا سيد..
نعم ابوى
لو نجحت السنة دى ودخلت المتوسط
ها؟
حاشترى ليك عجلة.
تتكلم جد يا باوى؟
وانا حصل وعدتك بى حاجة وما عملتها.
لا يا باابوى

كانا قد وصلا الى المنزل فركض سيد لوالدته:

امى دايرك تعملى ليى (ترمس)شاى وتملى لى اللمبة جاز.

أحتارت..
ليه يا سيد؟
عشان داير اذاكر للصباح

ذهلت وبدأت تنادى لزوجها بصوت عالى لا تستخدمه الا فى حالات المصائب.
ابو سيد... ابو سيد... ابو سيد....

مالك يا أم سيد فى شنو تانى؟

سيد عنده حمى طلعت ليه فى راسه.

رد عليها وهو يبتسم... لو الحمى مانزلت لحدى بكرة الصباح حا أوديه الاسبتالية.
انتى بس أعملى ليه الدايره كله.

ثم التفت الى ابنه وتبادل معه نظرة ذات مغذى.

تلك النظرة, ذات مغذى بين الوالد والابن هى التى غيرت مجرى حياة سيد....

Post: #65
Title: Re: دائم الابتسام ودائم الهم.
Author: nour tawir
Date: 02-16-2005, 10:32 PM
Parent: #62

تدريجيا تحولت سماء كادقلى الى قطعة صفيح ساخن, وارتفعت حرارة الجو مع بداية انتهاء موسم الحصاد.

بدأت كادقلى تبدل ثوبها الاخضر المزركش بكل الوان الحصاد الى ثوب يميل لونه الى الاصفر والبنفسج والبنى بدرجاتهم المتفاوتة.

وبدأت الشمس فى شروقها وغروبها تضع لمساتها على ثوب كادقلى باللون المذهب والاحمر القانى والاضفر الداكن ثم البنفسج.

بدأت الحشائش الخضراء و اللينة الهشة تتحول الى اللون الاصفر والملمس الجاف , فيما احتفظت معظم الاشجار بلونها الاخضر الوارف الظلال.

اشجار النيم والمهوقنى العملاقة.

واشجار الحراز التى تستبدل ثوبها الاصفر الجاف بلون مخضر وثمار تحبها الاغتام على وجه الخصوص.

وبدأ الجو السياسى يسخن تدريجيا ايضا.

فى احد تلك الايام تابط كافى( افندينا) عصاة واتجه صوب منزل استاذ حسن ليصحبه الى احد المناسبات الواجبة المجاملة.

كانت احدى السيدات المسنات قد توفيت فى حى السما( بتشديد السين وفتحها) فى اطراف المدينة جنوبا.

ودادا عشة كما كانوا يسمونها قد ماتت عن عمر يناهز المائة عام وقد عمرت.

كادت ان تكون احد معالم كادقلى وظاهرة متكررة ايضا, حيث انها عاشت طويلا واحتفظت بقدر كبير من ذاكرتها وروح المداعبة والسخرية اللطيفة.

توجه الاهالى من شتى انحاء كادقلى وايضا من القرى المجاورة الى ذاك الحى فى ذاك اليوم.

وجد افندينا استاذ حسن بأنتظاره.

ودون ان يقدم حسن واجب الضيافة خرج , لاْن كافى احد اعز اصدقائه ولا يحتاج الى بروتوكلات الضيافة.

كان المشوار طويلا ولكن انتهز الاثنان تلك الفرصة للحديث فى مواضيع لم يكن الوقت وظروف الاثنان يسمحون بتداولها.

كافى رجل طويل بشكل ملفت واستاذ حسن مربوع القامة,

جمعتهما مدارس كادقلى الابتدائية, وكاتشا الوسطى.

ثم واصل حسن فى معهد المعلمين بالدلنج فيما خرج كافى الى الحياة العامة وعمل فى محلج القطن بجوار السوق وتدرج حتى وصل الى وظيفة مفتش اقطان فيما أمتهن حسن مهنة التدريس الابتدائى.

كلاهما ينساب فى حديثه مع الاخر كما لو ان حديثهما متصل ولا ينتهى,

مهما باعدت بينهما الظروف والمشاغل.

بدأ كافى حديثه قائلا...

Post: #66
Title: Re: دائم الابتسام ودائم الهم.
Author: nour tawir
Date: 02-16-2005, 10:53 PM
Parent: #65

اين وصلتم؟

فى ماذا؟

فى اجتماعاتكم, فقد منعتنى ظروف قاهرة كما تعلم من حضور الجلسات الاخيرة.

كلما حاولنا ان نصل الى النتيجة النهاية ثم نبدأ التنفيذ يا كافى نجد ان هناك ثقرات اخرى.
تعلم ان ما نقوم به المقصود منه التغيير الجذرى والرديكالى, والعجلة فى هذه الاحوال تأتى بنتائج عكسية.

ثقرات مثل ماذا؟

اولا تعلم اننا نهدف أن نكون مواطنيين فعليين. متساوين فى كل شئ, والحلول الجزئية او ان نطالب الحكومات بتطوير المنطقة و كل هذه المحاولات غير مجدية.
لماذا لا نكون فى مركز اتخاذ القرار ونرسم سياسات البلدو العامة مثلهم؟
حينئذ يكون لجهودنا معنى.

ثقرات مثل ماذا يا حسن؟

البقارة مثلا.

مابهم؟
تعلم اننا نعيش سويا منذ مئات السنين.

نعم.
وتعلم ان التواصل الاجتماعى واللقاء فى المناسبات العامة منسجم.

نعم.

ولكن هناك مشكلة.

ما هى؟
المشكلة هى ان البقارى البسيط والذى يعانى من تخلف المنطقة مثلنا يعتبر جبال النوبة موطنا اصليا له.

وماذا فى ذلك؟

ليست هناك مشكلة, بل وان احدهم لا يستطيع ان يعيش خارج هذه البيئة الايكولوجية.

ثم ماذا؟
المشكلة فى المتعلمين من البقارة وانصاف المتعلمين.

كيف؟
هؤلاء من ينظر الى وجوده فى المنطقة على اساس انه صاحب رسالة سماوية وانه قد حضر خصيصا ليخرج النوبة من الظلمات الى النور.
ثم تأتى طموحاتهم السياسية.

واصل

مثل هذه العقلية مهيئة تماما الى استخدامات الحكومات الشمالية.
رأيت الاحزاب وما تفعله فى فترة الانتخابات.
الخطورة يا افندينا تكمن فى مسالة الاستعلاء العربى والدين الاسلامى الذى تستخدمه حكومات الشمال لتشترى ولاء البقارة.

وتدرك أيضا نوع الولاء الذى يكنه هؤلاء البسطاء للقادة الدينيين
.
هل تذكر زيارات السادة من حزب الامة او الاتحادى حينما يجرى الاهالى وراء العربة ليأخذوا التراب الذى سارت عليه العربة ليتبركوا به؟

نعم اذكره جيدا ولا انساه.

النوبة لم ولن يفعلوا ذلك.

اعلم ذلك.

اذا حكومات الشمال التى ما ان تجلس على كرسى البلاد حتى تتفنن فى اساليب القنع للحفاظ على ذاك الكرسى, تدرك هذه النقطة تماما وتستخدمها الاستخدام الامثل.
فى هذه الحالة يا كافى سوف تشتعل البلد من اقصاها الى اقصاها.

قاطعه كافى....

ولكن ماذا بشأن النظام القائم.
نظام ثورة مايو الموجود الان بكامل هيئته العسكرية والقمعية.
ما هو رايك فى الامر؟

Post: #68
Title: Re: دائم الابتسام ودائم الهم.
Author: nour tawir
Date: 02-16-2005, 11:14 PM
Parent: #66

قبل ان ارد على هذا السؤال استطرد فى مسالة البقارة, لاْن هؤلاء من يهمونى.

النظام القائم سوف يأخذ فترته ويذهب لحاله طالما ان البلاد لا يحكمها دستور دائم.
وطالما ان كل من يجتهد فى الحصول على كرسى السودان ماعليه الا ان يقوم بانقلاب.

فكرت كثيرا فى دعوة بعض ابناء البقارة ممن كانوا زملائنا فى المدرسة ولكننى ترددت.

لماذا؟

يوجد الحاجز النفسى اذا شئنا ام ابينا.
والتواصل والانسجام الانثروبولجى رغم مئات السنين الا انه محدود جدا.
هذا حاجز لا يستطيع بشر أن يكسه يا كافى,
ولكنه يأخذ مجراه الطبيعى وبهدوء.

النقطة الثانية هى أن ترددى نابع من ان يؤخذ البرنامج برمته ويسلم الى حكومات الشمال.

هذا معناه عدم الثقة يا حسن.

هذه ليست عدم ثقة ولكن حذر, نحتاج الى اسلوب دقيق جدا فى هذا الامر ونحتاج الى دراسة الامر بدقة, لاْن المشروع الماثل أمامنا تحكمه ارضية خرسانية محددة.

وماهى يا حسن؟

أن نشعر تجاه البعض بأننا مواطنيين متساويين فى كل شئ.
هل تستطيع أن تجزم بأن هذا هو واقع الحال يا كافى؟

بصراحة لا. عند نشوب اقل خلاف تظهر كلمة عبد.

وهذا هو قصدى. الحاجز النفسى الذى تحدثت عنه لا ينطلق من فراغ.

وما هو رأيك فى هذه الحالة يا حسن؟

رايى هو البحث عن وسيلة للاستمرار فى التعايش على ان نحترم اختلافاتنا الاثنية والفكرية والمذهبية والسياسية ... الخ
وأن نحترم بعضنا البعض كأخوة واخوات فى هذا البلد.

وهل حدث ما يؤكد غير ذلك يا حسن؟

أنا أتحدث عما هو أتى.
ينتابنى شعور غامض غير مريح من مجريات الاحداث فى المستقبل القريب.

ثم نأتى لهذه الثورة المايوية.
هذا الرجل دكتاتور ولا جدال فى ذلك.
مهما قدم من أطروحات البلد الواحد والاتحاد الاشتراكى وكل هذه الهلمة.
المسالة فى نهاية الامر تفكير احادى لن يقبله المواطن العادى.

ثم نعود لمربع الاحزاب والانتخابات والسيادة العربية والدين الاسلامى.
و كل هذه اللغة التى تستخدمها حكومات المركز لتمرير اجندتها السياسية.

حينئذ يجدون خامة طيعة من البقارة فى المنطقة.

كانا قد وصلا الى حى السما.

وبعد السلام والشاى والقهوة بدأت المراسم...

Post: #70
Title: Re: دائم الابتسام ودائم الهم.
Author: nour tawir
Date: 02-16-2005, 11:48 PM
Parent: #68

من عادة بعض قبائل النوبة ان يحتفلوا بالشخص الذى يفارق الحياة فى ارزل العمر.

وفلسفتهم فى هذ الشأن هى ان الميت قد اكمل دورة حياتة التى كانت هنيئة وقد ان اوانه ليلحق بأصدقائه واحبابه.

كانت الترتيبات قد تمت بعد الدفن لاقامة الحفل الساهر لدادا عشة.

وبما ان الحى يقع فى ركن قصى من كادقلى
كذلك كان بيتها فى ركن قصى من الحى وقع مباشرة أسفل احد اركان الجبل.

كانت الشمس قد مالت للمغيب.

وتراص الاهالى فى (الفسحة) بالقرب من بيت العمدة.

وبدأ احبابها واصدقائهاوابنائها وبناتها وهم فى كامل زينتهم من السكسك والذهب والفضة والملابس المزركشة.

ايضا اعدت الالات الموسيقية و(البخاس) جمع( بخسة) والكشاكيش اللازمة للايقاع.

وتراص الجميع رجالا ونساء

شيبا وشبابا تفوح منهم رائحة العطور المصنوعة من النباتات البرية وهى رائحة كادقلى.

بدا الجميع فى حالة فرحة حقيقية وعلت الزغاريد

واختلط الجمع فى مشهد رائع.

بدأ الغناء هادئا يعدد ماثر دادا عشة.

ثم تدريجيا علت الاصوات وتناول الغناء ايضا الاجداد وبطولاتهم

والارض والحصاد
والحب والسلام

و السعادة الابدية لدادة عشة وهى المحتفى بها فى تلك اللحظة بين الاهل والاصدقاء ممن سبقوها.

ورددت جبال كادقلى صدى تلك الاغانى

ورقص الجميع رقصة البخسة
ورقصات اخرى متعددة

واستمر الحفل حتى الساعات الاولى من الصباح

فيما انزوى حسن وكافى فى ركن قصى مع العمدة وبعض الرجال وواصلوا نقاشهم فى الامر.

العمدة رجل نحيل
دقيق الملامح
يميل لونه الى البنى الغامق
ودود
مسن
اعتمد فى اداء وظيفته على احترام الجميع
وحبهم له
فلم يجد صعوبة فى ذلك
سعد كثيرا بأهله
وسعدوا به

ولكن فى موضوع حسن وكافى تملكه الحزن العميق.

لم يتحدث كثيرا

ولكنه فقط كان يردد من وقت الى اخر

أن هذه الارض يا ابنائى هى معنى وجودنا

أخشى أن يأتى على الاجيال القادمة يوما

تكون فيه الارض بعيدة المنال!

حينئذ يا ابنائى تفقدون هويتكم!

وحينما تفقدون هويتكم

لن يصبح لوجودكم معنى!

Post: #71
Title: Re: دائم الابتسام ودائم الهم.
Author: nour tawir
Date: 02-17-2005, 00:02 AM
Parent: #70

بعد أنتهاء الحفل وفى طريق العودة أيضا تواصل الحديث بين الصديقين دون ان يشعر احدهما بالاعياء او التعب.

مرا فى طريقهما بالحامية العسكرية
ثم اول حى كليمو
ثم الكنيسة
وبعدها مركز الشرطة والسجن.

وقف حسن فى منتصف الطريق وبشكل مفاجئ وبدأ يطرق سمعه.

تلقائيا وقف كافى وبدا يتابع مع حسن

ثم همس حسن فى اذنه:

فى شنو يا كافى؟

رد الاخر همسا ايضا :

والله ما عارف.الاصوات دى جاية من الحراسة.

وباين عليهم ناس كتار

فى ناس بتتكلم بصوت على وفى ناس بتشتم الحكومة.

سامع ؟

ديل الا يكونوا جابوهم من مظاهرة او اجتماع سرى.

رد حسن وهو ما زال يهمس:

كلمتك يا حسن قلت ليك النميرى دا ما وراه غير المصايب.

رد كافى ايضا,

امن الدولة شغال اليومين ديل شغل شديد وكل خوفى على الطلبة.

نمشى بيت الصول زكريا نسمع منه.

رد حسن مندهشا:

هسه؟

ومال بتين؟

ما لازم نمشى نشوف ليهم مخرج.

حينئذ غيرا وجهتهما الى بيت الصول زكريا...

Post: #58
Title: Re: دائم الابتسام ودائم الهم.
Author: nour tawir
Date: 02-12-2005, 07:02 PM
Parent: #50

الاخ المحترم عوض الله عجبنا

تحياتى

وليتنا نفيق من هذه الدوامة التى تسلمنا من هوة الى هوة اخرى سحيقة ددون ذنب جنيناه.
لا يمكن أن تتخيل معاناتى وانا أكتب هذه القصة
لاْنها حقيقية.
الشخوص فقط هى التى تتلون وتننوع ثم تظهر وتختفى فى دوائر من الخيال.

ساتابع انشاء الله.

تحياتى

Post: #56
Title: Re: دائم الابتسام ودائم الهم.
Author: nour tawir
Date: 02-12-2005, 06:56 PM
Parent: #48

الاخ المحترم الحليلة

تحياتى

سعيدة بأهتمامك بهذه القصة.
ورغم أن اسماء الشخوص خيالية الا أننى احرص على تقديم قصة واقعية بكل تفاصيلها.
ويبدو ان هذا هو سبب انجذابك.
اواصل أنشاء الله.
وحمدا لله انك وجدت صديقك.

سلام...

Post: #63
Title: Re: دائم الابتسام ودائم الهم.
Author: awadalla agabna
Date: 02-15-2005, 05:15 PM
Parent: #56

الأخت / نور
تحياتي
لا أدري هل هذا كتاب كتبتيه أم هكذا تسردين بخيالك واقعنا هناك
عموما أنا قد قمت بجمع كل ما كتبتيه في مجلد واحد و عند المنتهى سنري ماذا سأفعل و حتما سأفيدك
رجاء: أملي أن تمنحينا وقتا إضافيا علاوة على الوقت التى تطلين علينا به فالشوق جارف لقراءة المزيد.
لأنه كلما أريد التعليق أراك تفتحين أبوابا جديدة فتهت في خيال كردفان و واقعه الأليم و عزانا ذاكرتك التي لا تنضب.
فلك التحية و هانحن في الإنتظار

Post: #64
Title: Re: دائم الابتسام ودائم الهم.
Author: nour tawir
Date: 02-15-2005, 09:33 PM
Parent: #63

الاخ المحترم عوض الله عجبنا

شكرا للاهتمام و الدخول

هذه رواية تتناول فترة زمنية معينة فى كادقلى.
و الفترة الزمنية تبدأ بالستينات. وقصدت ان اعكس اسلوب ومستوى الحياة المعيشية فى تلك الفترة من منظور socio-political

ايضانسيج العلاقات الاجتماعية بين الناس فى المدينة.

الاسماء خيالية والشخصيات خيالية ولكنها فى نفس الوقت شخصيات عاشت فى تلك الفترة وشكلت احداثها وتشكلت بها.

واذا لم اكن واضحة بالقدر الكافى استطيع ان أوضح باسهاب.

وقصدت ايضا الخروج من طوق السياسة و (متاعبها)بمعنى ان تكون القصة ظلا نهرب اليه كلما ارتفعت الحرارة السياسية فى المنبر! ولو ان الرواية فيها كثير من المتاعب التى صاحبت حياة الناس فى كادقلى فى تلك الفترة.

اواصل صباح الغد انشاء الله.
سلام...

Post: #67
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: sumah
Date: 02-16-2005, 10:56 PM
Parent: #1

منذ ان بدات الحكاية وانا في انتظارعلى بابور...يانور
فهل اذنت لة ان يدخل ...انه واقف هناك تحفة الملائكة...
لقد زرتها عندما سميت كاد..يغلى ... كيف هى الان ياترى..
تحياتى لك ونتمنى ان نسمع صوتك عبر الاثير فالجميع في انتظارك..
دمتم

Post: #69
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-16-2005, 11:19 PM
Parent: #67

الاخ العزيز sumah

يسرنى ان هناك من يسهر معى فى هذه اللحظة فى كادقلى العملاقة.

وهى قديما كادتى تغلى.

ولكن الغليان حدث

وحدثت امور لم تخطر على قلب بشر

وها نحن نستمع الى كادقلى وهى تحكى لنا روايتها.

الف شكر على الدخول

سلام...

Post: #72
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: democracy
Date: 02-17-2005, 03:59 AM
Parent: #1

الرائعة/نور تاور

تحياتي

حروفك نضرة وضاءة.....افكارك نيرة...عليك الاستمرار وعلينا ان نقرؤك.....

عدتي بنا الي ايام نيرات...كادقلي التي عشت فيها يافعا برفقة والدي الذي كان قاضيا بها...توتو كورو من المعالم التي حفرت في ذاكرتي بقوة...صديقي ابو الكل...دكاكين العم بكري محمد مدني واخوه عبدالله رحمه الله...انس وذا النون عبد الحفيظ...عروة رحمه الله...وكومر الفاتح عبد القادر يحمل التعيينات الي مدارس كاتشا.

واخيرا ابيات من شعر

انت من تلو
ولا من مورتا
ولا قمرا
ضل طريقو
علينا جا؟

لك المودة

سيف الدولة احمد خليل

Post: #73
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-17-2005, 10:19 AM
Parent: #72

الاخ المحترم Democracy

تحياتى وشكرا على الدخول

لكادقلى معالم كثيرة رائعة
وتفاصيل اكثر روعة
وحتى لا تسقط مع زحمة الحياة
وحركة الناس التى اصبحت اسرع ايقاعا
اتيت بفكرة هذا البوست
ويسرنى ان هناك من يقرؤه

تحياتى

وسوف اواصل

بأذن الله

Post: #74
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: munswor almophtah
Date: 02-17-2005, 08:07 PM
Parent: #73

كادوقلى فوق رموش العين




مصور

Post: #76
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-19-2005, 10:01 AM
Parent: #74

تحياتى لك وللاسرة الكريمة اخى منصور

وسوف احاول الاتصال بكم غدا انشاء الله.

وأشكرك كثيرا على تكرار الدخول.

واعتذر عن الكتابة بهذا الشكل المتقطع,

فأنت تعرف أكل العيش فى كندا شكله كيف.

سلام...

Post: #77
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: ود الشيخ
Date: 02-19-2005, 10:02 AM
Parent: #76

اهو ده يا نور

Post: #75
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: معتز تروتسكى
Date: 02-18-2005, 06:50 AM
Parent: #1

خالص التحايا00
استاذتى واختى الكبرى نور 00
اسما على مسمى00
وكانت البدايه كادقلى 00كادقلى كانت البدايه 00
كانت المطار 00حى المصانع 00المستشفى00السوق 00
وطريق السوق يتمتد تستقبلك الاشحار على جانبيه مرحبا 00
وطين الارض تشقق من فرض التفائل بالناس 00
مقدار الاشياء وحزن الغبار الذى المكان الالفه وغيم على الجبل00
ياااااااااااااااااااااااااااااااااه00
كم انتى جميله استاذتى بجمال عبق المكان الذى تتحدثين عنه 00
والغابات المطيره00 والخيران ابوحبل بعيد وقريب00
ودرة وقطن ابيض ومتين التقيك00
وعندما خيم الليل رحنا مجبرونين يالنا من جبناء 00
يالا جمالك الفتان كادقلى 00
حلبة صراع00 ورقيص 0ونار 00
وشيتا من البعيد جاى يملا عرضة الوحه الاخيره دموع من دم وارواح00
تحرس كادقلى تحرسها من كل دخيل00
تحرسها روح خالتيى (ميمونه وستنا)00
بيد العسعس كانت الوداع00 ياااااااااااااااااااااااااااااااااااه 00
وكانت وفيه كادقلى تلفهما بتربها فى تلك التشققات العريضه00
فاينور يوجد متسق فى تلك الشقوق لنا جميعنا وبالتاكيد مكاننا محفور فى كادقلى 00
وحزن بطول الغيبه
والمسافه كادقلى حبيبتى (نوبيه ياحلاتك والله يانوبيه
زهرة غاردينده ورمانه00
فى خدود اموره بتوليه
ورقصة زاديه كاكوكايه
بتراقص نجمه خريفيه
ونغازل الليل والليل شقيان
فى عيونك والله يانوبيه (كادقلى)00

Post: #78
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-19-2005, 10:06 AM
Parent: #75

الاخ العزيز تروتسكى

وحمدالله على السلامة مرة اخرى

هذه مداخلة مشحونة بكل تفاعلات من وطأت قدماه ارض كادقلى وتنسم نسيمها العبق برائحة الارض ورد الابتسامات للمارة بطول طريقه ومسافته.

فهذه ايضا عادة كادقلى ان يبتسم فى وجهك من تعرفه/ها ولا تعرفه/ها.

فهى تلقائية.

نواصل اليوم هذه الجولة داخل المدينة الوطن.

سلام...

Post: #79
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: ود الشيخ
Date: 02-19-2005, 12:03 PM
Parent: #1


nour tawir
دي خيانة كبيرة تورتسكي كتب ليك يوم 18 وانا شفتك
اونلاين يوم تسعتاشر رفعت ليك البوست عشان تتمي
الحُجى الجاي اهداء خاص لود الشيخ ولا بحاربك واعمل زي
ايام كنا جهال علامة صليب في جبهتي وما عارف ليه كنا بنمص صباعنا

Post: #80
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-19-2005, 06:14 PM
Parent: #79

الاخ المحترم ود الشيخ

دى غلبتنى فيها تب.
وعشان تانى ما تتلص على حا أكتب اليوم ما يكفى مئونة يومين
أنشاء الله.

Post: #81
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-19-2005, 06:38 PM
Parent: #80

غير استاذ حسن وافندينا من وجهتهما الى بيت الصول زكريا لاستطلاع امر الحراسة المملوئة فى ذاك الصباح الباكر.

طرق احدهما الباب بعصاه فخرج الصول حسن كما لو انه كان مختفيا وراء الباب.
كان واضح الاستياء,
ولم يدعومهما للدخول.

تبسما ولم يهتما كثيرا بتلك المقابلة الباردة (مع الصباح), لانه صاحبهما ويحلو لهما مداعبته.

بدا افندينا قائلا:

خلينا ندخل يا زكريا وبعدين نشوف الموضع شنو(كان يتحدث وهو فى طرقه الى داخل الدار), وتبعه حسن.
بعدين يا أخى جيب لينا قهوة مرة عشان نعرف نتكلم معاك.

قاطعه الصول زكريا الذى دخل على اثرهما كما لو انه احد الضيوف ايضا.

انتو دايرين شنو؟

استمر كافى:

دايرين نعرف الحاصل شنو؟

منى انا ؟

ايوا منك انت, ومال منو؟

شوفوا يا حسن ويا افندينا, تجونى فى شكلة واحد فلق التانى فتح ليه راسه؟
ممكن.
تجونى فى واحد طلق بهايمه فى زرع واحد تانى؟
ممكن.
دى كلها حاجات بتقبل الواسطة.

لكن تدخلونى فى مشاكل مع الحكومة؟ يفتح الله.

تدخل حسن,
يعنى فى مشكلة مع الحكومة؟

رد الصور زكريا وهو فى حالة استسلام تام لانه يعلم انهما سوف لن يغادرا مالم يملكهما الحقيقة كاملة.

شوفوا, الاولاد ديل كانوا بيخططوا لمظاهرة كبيرة ضد الدولة.
ناس الامن لقطوهم واحد واحد امبارح بالليل وختوهم فى الحراسة.
وياريت كان ما جابوهم.
واصل حسن
حصل شنو؟
الليل كله يغنوا ويكسروا فى اى حاجة فى الحراسة وهم ما عارفين الممكن يحصل ليهم.

استمر حسن:
انت قلت كانوا دايرين يعملوا مظاهرة.
نعم
ضد منو؟
ضد الحكومة.
ليه؟
الحكومة ما عاجباهم!
بس كدا يا زكريا؟
وكمان سمعوا حتكون فى زيادة فى الاسعار.

فرد افندينا:
وعرفوا من وين ناس الامن بالكلام دا؟
والله ما عارف لكن الظاهر واحد من الطلبة المعهم بلغ عنهم.

اللى هومين؟

والله مابعرف. وياريت هم ذاتهم ما يعرفوا.

كلام شنو دا ياحسن؟

لانه لو عرفوه, يومه تم.

عددهم كم يا زكريا؟
17
أعمارهم ؟
من 9 الى 16 سنة.

هز افندينا راسه وهو يردد, يعنى الحكومة ما دام خايفة من اطفال وبتعمل فيهم كدا.
مال الكبار كيف؟

كانت القهوة قد احضرت, لان المدام سمعت الجلبة فقامت بالواجب دون طلب.
بعدها توجه حسن وافندينا الى منازلهما ليعودا بعد الظهر لقسم الشرطة.

Post: #82
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-19-2005, 06:58 PM
Parent: #81

فى مكتب الضابط نبيل بقسم الشرطة استمرت المقابلة لاكثر من ساعة حاولا خلالها اقناع الضابط بالافراج عن الاطفال وقبول التعهد بعدم تكرار الامر.

رد الضابط نبيل لاستاذ حسن بلهجة فيها تهكم واستفزاز,

دا قسم شرطة يا استاذ حسن ما مدرسة.
ثانيا دى قضية امن دولة , ما مشاجرة.

واستمر بينهما حوار وجدل عقيم حول المسألة
الضابط نبيل بلهجته الاستفزازية
واستاذ حسن باسلوبه الهادئ.
وافندينا بحضوره المؤكد وهو يتابع بكل تركيز

ديل يا سعادة الضابط اطفال.

انا عارف , ولا انت عايز تعلمنى شغلى؟

لا ما داير اعلمك شغلك , لكن ديل ما عارفين ذاتهم عملوا كدا ليه.

ودى كمان عارفنها نحنا الحكومة.

عارفنها؟

نعم.

طيب حابسهم ليه؟

عشان عايز الروسين الوراهم(وكانت نظرته لاستاذ حسن ذات مغزى).

واصل حسن غير عابئ بالتهكم ولا السخرية
ما افتكر فى واحد عاقل يعرض الاطفال لمخاطر زى دى ويعرض حياتهم للخطر.

ديل لاكين ما أطفال.

ما أطفال؟
نعم.
ومال شنو يا حضرة الظابط؟

ديل عفاريت. العملناه فيهم كله من امبارح لحدى هسع ما جاب نتيجة.

تدخل افندينا,

ياريت يا حضرة الظابط تفرج عنهم بتعهد.
وجودهم جوه حيصعد المسالة ولو عاينت بالشباك حتلقى البلد كلها واقفة برة.

انت بتتهددنى يا كافى؟

انا ما بهددك. لكن انت جديد على البلد دى وعايز تثبت كفائتك وتورى الحكومة انك بتحافظ على الامن.
لكين لمن يلقوك ماسك ليك شوية اطفال فى الحراسة, دى حتهز موقفك.

فكر الضابط نبيل فى الامر فوجده معقولا جدا. وامر بأحضار التلاميذ كل مع ولى امره الذى كان يقف فى الخارج للتوقيع.
بدأ الضابط نبيل بافندينا لاْن سيد ابنه كان احد قادة التخريب(كما أسماهم).

Post: #83
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-19-2005, 07:34 PM
Parent: #82

انتهت كادقلى من جمع محصولها لذاك العام وبدأت استعدادها للصيف.
علما منها بأن فصل الصيف شديد الحرارة .

وبدا الاهالى ينهون اعمالهم منذ الصباح الباكر ثم يلوزون باشجار كادقلى العملاقة والوارفة الظلال من نيم ومهوقنى ولالوب وحراز وغيره.

وبدا ايضا بعض الاهالى يميلون الى قضاء كثيرا من الوقت فى الحدائق المنتشرة حول المدينة.

توالت السنين.

وتصاعد معها نشاط الحكومة فى البلد.

وفود تخرج ووفود تدخل.

وكثر تحليق طائرات الفوكرز والهيلوكوبتر فوق سماء كادقلى وهى تفرغ من جوفها بشرا لا تدرى كادقلى لماذا يأتون ولماذا يعودون.

وبدأت تنمية كادقلى اول ما بدأت بتكسير (جنينة الحكومة)!

والجنينة التى احتلت بضعة افدنة فى مدخل المدينة كانت ذات قيمة معنوية اكثر منها اقتصادية.

كانت الحديقة ملائ بالفواكه من كل لون.
موز, جوافة, منقا, بابايا, الحمضيات بأنواعها المختلفة وقائمة طويلة لا تنتهى من خيرات الله عز وجل على عباده.

ورغم ان الاهالى لم يكونوا يعلمون شيئا عن امر تلك الخيرات, الا ان الحديقة بقيت فى وجدانهم.

تهاجر العصافير الى كادقلى صيفا فتملاء الحديقة ضجيجا وخاصة طائر (الزرزور) الاحمر القاتى الصغير.

يحمل اطفال المدارس النبل(جمع نبلة) ويعكرون صفو العصافير, ثم يتصايح الاطفال وهم يلعبون ويعودون الى بيوتهم.

ولكن امر خيرات الجنينة لم يكن يشغل احدا.

كان يكفى وجودها.

ولكن استقطع جزءا كبيرا من الحديقة لبناء استراحة الحكومة وزوارها الذين ضاقت بهم البلد.

تم تأسست بعض المدارس وان كانت بالعون الذاتى , الا ان نظام مايو سحب تلك الانجازات لنفسه.

تاسست مدرسة وسطى واخرى ثانوية للبنات فى حى الرديف.
مدرستين متوسطة للبنين ومدرسة ثانوية هى ثانوية تلو

ثم مصنع نسيج كادقلى.

ثم تعيين محافظين يحضرون ثم يعودون.
لا يدرى الاهالى من اين يحضرونهم
ولا يدرون ايضا اين يذهبون

ولكن بقيت النقطة الجوهرية فى كل تلك التحولات
هى تعميق الاحساس بالغربة والاغتراب لدى المواطن العادى الذى لا يدرى ماذا يحدث فى بلده
ثم التهديد الذى يلوح فى الافق كلما تجرأ احدهم/ن بالسؤال

فتنامى الاحساس بالغربة والاغتراب لدى كادقلى.

وكست وجهها تلك النظرة الحائرة والحزينة

ولكن لم يقف الامر عند هذا الحد...

Post: #84
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-19-2005, 08:13 PM
Parent: #83

بلغت ميمونة السادسة عشرة من عمرها

فتاة طويلة, فارهة نحيفة.

مازالت تتحرك بلا انقطاع ولكن تلزمها وقفة تأمل فجأة وبلا مقدمات.

ومسحة حزن اصبحت جزءا من ملامح وجهها.

كانت ميمونة قد وصلت الصف الثالث الثانوى العالى.
مازالت تحافظ على الدرجات النهائية فى معظم المواد.

اصبح للابتسامة سحر هادئ
وزاد بياض الاسنان لمعانا

ولكنها كانت دائما مشغولة
ودائما تركض لتنجز شيئا معينا
ولم تفكر ميمونة فى امر ذاك الايقاع السريع فى حياتها
فقد تقبلت الامروبكل بساطة
لان الامر كان دائما هكذا.

انتهت من اليوم الدراسى وتوجهت صوب بيت جدتها لا تلوى على شئ.

دخلت

القيت التحية التى صاحبتها تهاليل جدتها

ثم القت شنطة المدرسة وخاطبيت جدتها وبجدية وصرامة,

حبوبة شفتى؟

انا حا أنضف البيت واغسل الهدوم واعوس واسوى الملاح
بس انت يا حبوبة بعد ما اخلص تحكى لى حكاية الغول من اول وجديد.
وما تنسى فيها حاجة.

يا بتى دا كله سويته وراجاكى بالغدا.
لكين قصة الغول دى شنو يا ميمونة؟
طوالى تسالى منها؟
وبعدين انتى يا ميمونة ما كبرتى على الحجا؟

كبرت يا حبوبة, بس حجوة الغول دى شاغلانى كتير.

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
كان كدى نمشى للفكى عبدالصمد يسوى ليكى بخرة.

الموضوع ما محتاج الفكى عبد الصمد, بس دايرة اعرف القصة دى كويييييس.

بعد الغداء جلستا تحت شجرة منقا بوسط الدار وبدات جدتها تحكى:

كان فى قديم الزمان وسالف الصبر والسلوان...

قاطعتها ميمونة,

حبوبة انتى لسه بتقولى سالف الصبر والسلوان؟

يا بتى الباقى غلبنى كله كله, بس الصبر والسلوان دى مريحانى.

طيب حبوبة كملى...

وبدأت حبوبة ميمونة توصف فى الغول فيما استقرت عينا ميمونة فى وسط جبينها كما لو انها تسمعها لاول مرة وهى شاردة بخيالها.

الغول يا بتى كان معزب الناس.
كان بيخطف العيل الصغار ويمص دمهم
وكان يمسك الناس الكبار يختهم فى السجن .
والسجن دا زى الفى المركز وفى واحد تانى تحت ا##########, وواحد تانى فوق الجبل, وواحد تانى جوة صفيح مولع نار.

وبعدين الغول كان بيحرق البيوت
يولع النار فى بلد بى حالها

وكل ما يحرق بيت يفرح ويتبسط
وكلما يموت زول يفرح ويتبسط

وبعدين السيدة الغولة لمن تبقى حامل يطلعوا عيالها لابسين تياب لونها كاكى زى حق العساكر كدى.
وطوالى يقوموا يتجاروا ويتتنططوا وياذوا الناس
وامهم مبسوطة وابوهم مبسوط.

ومرات يقلعوا الزرع حق الناس
عشان ما يكون عندهم حصاد ويموتوا من الجوع

او يخلوهم لامن يحصدوا وبعدين يشيلوه منهم

وبعدين فى يوم من الايام...

ثم وقفت الحبوبة فجأة وقالت لميمونة...

دايرة الصراحة يا ميمونة , انا حجوة الغول دى اصلى مابريدها.

بس عشان خاطرك

ولكن حينما حانت منها تلك الالتفاتة

لاحظت ان دموع ميمونة كانت قد بللت ووجهها وصدرها.

فعلقت الجدة قائلة:

انا عارفة يا ميمونة انتى قصة الغول دى دايرة بيها شنو.

يا بتى ابعدى من الحكومة الله يسترك.

وتوقفت عن الكلام...

Post: #85
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-20-2005, 12:09 PM
Parent: #84

فيما كان صابر يعد لامتحان الثانوية العامة, حدثت متغيرات فى حياته لم تكن فى الحسبان
وقد قارب ان يكمل الثامنةعشر من عمره .

اصبح فارع الطول.

نحيفا

صامتا احيانا وكثير الصخب مرة اخرى فى حضرة اصدقائه.

قلق

برئ
ديناميكى الحركة

مسرع الخطى من والى

ويحمل بين طيات كتب المدرسة (حمولة اخرى) من الاوراق الهامة.

وقد كان صابر طوال فترة مرحلة الثانوى العام والعالى
حلقة الوصل بين استاذ حسن و جماعته وبين مجموعة صابر فى المدرسة.

وبدا الامر كأعلان موسم الالعاب الاولمبية
حيث يقوم فريق بتسليم الشعلة الى من يليه.

الفترة الاولى بهدوئها ودراستها المتأنية الدؤوبة
والاعداد الفكرى فى صمت تام وحذر
والفترة التى تلتها بما فيها من اندفاع الشباب
ومثاليتهم فى تناول كل اوجه الحياة.

خرج صابر بعد انتهاء اليوم الدراسى ميمما وجهه شطر البيت وبرفقته سليمان ود اللمين شاعر الدوبيت...

Post: #86
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-20-2005, 12:39 PM
Parent: #85

سليمان ود اللمين شاب فى نفس عمر صابر.
واكثر من صابر نحافة.
وهو ايضا فى مرحلة بريئة من عمرة
وهو ايضا كثير القلق والحذر!
وسليمان ضاحك كثيرا
ويحافظ على اللكنة العربية فى كلامه
شديد الذكاء
له عينان ضيقتان شديدتا اللمعان
ويبدو كما لو انه يخفى امرا عن صديقه صابر
وبدا ايضا غير مرتاح البال من مسالة التكتم التى ارهقته كثيرا.

كانت دعوة من صابر ان يتناولا طعام الغداء فى بيته ثم يواصلان استذكار مادة الجغرافيا

وقد كان لكليهما شئ يود ان يقوله للاخر

ولم يعرف احدهما كيف يبدأ

ماذا يجب ان يقول

وماذا يجب ان يحجب عن صديقه
حسب واقع الحال.

بعد الغداء
وتحت شجرة النيم الوارفة الظلال
وامامهما ارتال من الخرائط والكتب
بدا ود اللمين وبلا سابق مقدمة الحوار التالى:

صابر ترا عندى سؤال.

أتفضل ياسليمان

انت بتسووا شنو فى المدرسة؟

كان السؤال مفاجئا حقا ولكن لصابر مقدرة غير عادية فى ضبط النفس.

زى شنو يعنى؟

انتو ترا طوالى عندكم كلام تحت تحت.

كلام زى شنو يا سليمان.

مانى عارف وبدور اعرف.

قبل ما اجاوب على سؤالك داير اعرف نفس الشئ منك يا سليمان.

ما فى شئ.

لا فى يا سليمان. فى حاجات بتحصل فى المدرسة من زمان انا ما فاهامها.
وعشان اكون صريح معاك اولاد البقارة كيمان كيمان..

والله يا صابر اولاد النوبة برضو كيمان كيمان

وانت شعورك شنو من الكيمان دى؟

والله ما مستريح يا ياصابر يا اخوى.

النوم جفل من عينى وكل ما ليها الحكاية زايدة.

طيب يا سليمان انت عندك شك فى انه انا خوك وصاحبك.

حاشا لله.

اذا دا موضوع الكيمان بتاعة النوبة.

كيق يعنى؟

يعنى باختصار البلد فيها تحرك ما مفهوم. ويظهر انه فى سياسة وراء الكواليس بخصوص المنطقة.
فى الحالة دى يا سليمان يا تكون البلد حقتنا كلنا, يا تكون حقة واحد مننا.

كلام يخوف يا صابر.

دا الحاصل. مافى تنمية فى البلد ودا موضوع يخصنا كلنا.
اهلنا تعبانين ودا كلام يخصنا كلنا
البلد بحكموها افندية من الخرطوم ودا برضو كلام يخصنا كلنا
ولكن عشان يجى واحد يقول ليك البقارى احسن من النوباى ولا العكس
الكلام دا يدمرنا نحن الاتنين.

كلامك مظبوط يا صابر

عشان كدا احنا عايزين المساواة للجميع. والمساواة دى عايزة تفهم تام من البقارة.

كيف يا صابر.

يعنى انت عشان بقارى تجى الحكومة تقول ليك انت عربى ومسلم والنوبة ديل كفرة . انت صاحب البلد والنوباى يشتغل عندك اجير.أنا ما قاعد امشى معاك صلاة الجمهة يا سليمان؟

القال كدا منو؟

مابيقولوها هسة ولكن بكرة بتنقال.

وعرفت كيف يا صابر(ضاقت عيناه فى حالة تركيز شديد).

عرفت من ولائكم للاحزاب.

تقصد حزب الامة؟

نعم واى حزب غيره مطروح فى الساحة.

بس حنا البقارة علاقتنا بالحزب تاريخية ودينية وعرقية كمان.

ما هى دى المشكلة.

مشكله ليه؟

لاْنه الحزب حيجى يستخدم الكلام دا كله.
انا وانت وغيرنا فى المدرسة عارفين.
لكن الما دخل مدرسة وما قادر يميز كلام الحكومة, والحزب بالنسبة ليه هو ولاء لسيدى اكثر مما هو ولاء للمنطقة(وديل الاغليبة الساحقة يا سليمان)
ديل الحيولعوا فى البلد حريقة...

Post: #87
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-20-2005, 01:10 PM
Parent: #86

انت محكوم بأهلك يا سليمان وانا محكوم بأهلى.
بس لو جا اليوم اليفتكر فيه البقارى انه البلد دى حقته والنوباى يغور فى ستين داهية, هاداك اليوم البلد لا بتبقى حقتى ولا بتبقى حقتك.

دا كلام قاسى يا صابر.
والانت بتقوله دا انشاء الله ما يحصل.

وانا برضو بقول انشاء الله ما يحصل يا سليمان, لكن اكون صريح معاك الامور ماشة فى اتجاه مخيف.

الا تكون عارف حاجة وما داير تقول لى يا صابر.

ماعندى اكتر من القلته ولكن ملاحظ ثورة مايو دى ابتدت تزرع مسالة العروبة ولكن بحذر.

كيف يعنى؟

دى ما عندى فيها تفاصيل, ولكن لو لاحظت حكاية مشاريع هبيلة الباعوها للتجار والبقارة,
اصحاب الارض الحقيقيين ما فى زول شاورهم ولا فى زول عوضهم وهم هسع اجراء عند المشترى.

بس دا محمود حسيب المحافظ. دى ما عملها بقارى.

نعم دا محمود حسيب المحافظ وقصدك تقول لى عملها نوباوى. محمود حسيب الحكومة لامست فيه ولائه للعرب . انت ناسى انه محمود حسيب قومى عربى؟

انا معاك معترف بأنه فى بعض النوبة الممكن يشتروا ذمتهم ويسلطوهم علينا. ولكن قبول مبدأ الشراء نفسه غلط.
كان مفروض تقيفوا وقفة غير دى مع اصحاب الارض.
حينئذ يا سليمان تكونوا اكدتوا انه احنا اهل وقلبكم على البلد زينا.

بس دا بيع وشراء.

ودى المصيبة يا سليمان. لمن تكون الارض هى بداية الطعم ومعروضه للبيع والشراء والحكومة عارفة انه الاهالى ما عندهم ارصدة فى البنوك عشان يشتروا, معنى ذلك دى مكيدة.

ييييييييييييييييياه. انت يا صابر قطعت شوط بعيد جدا فى التفكير.

واعمل شنو طيب؟

انت فاكر قعدتى فى السوق وبيع الزيت والكلام البسمعه السنين دى كلها فى الفاضى؟
انت كنت فاكر الحكاية بيع زيت وبس؟

والحل؟

لسه ما وصلنا مرحلة الحلول.
ولكن انا بنبه لمواطن الخطر يا سليمان.
شوف مصنع نسيج مادقلى.
الادارة جلابة. والعمال نوبة.
البقارى اهو ماشى ورا السعية طول السنه.
الدمورية بتمشى الشمال وبعدين نستوردها نحن بأضعاف أضعاف.
يعنى الارض حقتنا والقطن حقنا والعمالة حقتنا.
بس هم عشان الادارة يدفعونا التمن دا كله؟
ويديرونا ليه من اصلو ؟
دى سرقة بلد بحالها.
انا ما عايز اسالك عن البسووا فوقو البقارة لانى عارف من الانتخابات.
لكن بقول ليك يا سليمان, البلد دى احرص على انها تكون بتاعتنا كلنا.
يعنى يوم ما يجوا الكبار ويقولوا ليك انت بقارى حر وصابر دا نوباى عبد, حينئذ تأكد انه نحنا الاتنين فى مركب واحدة.

واتذكر كمان انه البيقول ليكم الكلام دا بتكون مصلحته حاجة تانية ما ليها علاقة بالبلد.

وأعمل شنو لما العمدة يقول كلام والكبار يثنوه؟

الادارة الاهلية اتلغت يا سليمان, رغم دورها الفاعل جدا وانها كانت بتحل مشاكل الناس البسيطة.
دى حلاها جعفر نميرى. وانت عارف انه فى نوبة ما بيتكلموا عربى من اصله والمك والعمدة والشيخ عارفين الناس وعارفين مشاكل البلدوبيحلوا مشاكل الناس ببساطة شديدة.
لما تجى الحكومة تحل الادارة الاهلية وتغض الطرف عن عمودية البقارة, فدى كلها مؤشرات لمستقبل مدمر.

لذلك وعشان احنا اصدقاء واتربينا مع بعض, وحريصين على العلاقة دى, انا ماحا اقول ليك بعمل فى شنو؟
وانت ما تشعر بالحرج عشان ما قادر تقول لى.
ولكن نتفق على انه البنعمل فيه نوبة ولا عرب يخص المنطقة والناس كلهم.
ما تخليهم يفرزوا العيشة يا سليمان
لانه لو فرزوها يبقى عيشتنا كلها اتقطعت فى البلد دى.
وعلى العموم الصيف الجاى انشاء الله ندخل الجامعة ونكون قريبين من الحدث ونشوف الحكومة دى بتفكر فينا كيف ودايرة مننا شنو...

Post: #88
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: معتز تروتسكى
Date: 02-25-2005, 12:17 PM
Parent: #87

فى البدء...كانت كادقلى
وكانت ثم كانت وستكون كادقلى 00
تحية بريحة الارض00
وناس صابر 00
الصابر00
وصبرو ما بطول اكتر من كده00
وكل دمانا الواحده متسربله وشاربه من سماءا رعودى تدوى بروق 00
وكان حين يضوى صوت الازيز وينخلع الاطفال 00
فقد كنا حداشر ونوباويه00
ذات مساء 00
النور عبدو00 وعلى توتو00 وجمعه00 وووووووو
يااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه00
وينك ياحقار مشتاق ليك00
وفعلا كادقلى00
نور 00

Post: #89
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-25-2005, 10:03 PM
Parent: #88

العزيز تروتسكى

تحياتى

الف شكر على رفع البوست

بجيكم بكرة الصباح انشاء الله , لانى راجعة من الشغل هسع ومخى مولع من كافة الاتجاهات.

سلام...

Post: #90
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-26-2005, 09:48 PM
Parent: #87

أحََس سليمان بضيق وقسوة شديدة فى كلام صابر, ولكن لاْنه من النوع الذى يمتص ثم يجتر ولا يحب الردود العاجلة, اثر الصمت.

انتهت المذاكرة لذاك اليوم وعاد سليمان الى البيت مهموما ومتنازعا.

يوجد فى كلام صابر صدق فى المعلومة وفى الاحساس بتلك المعلومة؛ولكن هناك موضوع اخر يؤرق سليمان ,حيث انه مقتنع تماما بتنظيم الاْخوان المسلمين ولا يرى ضررا منه.
لم يكن سليمان ليربط بين ذاك التنظيم وما يمكن ان يجره على البلد. وهو ايضا مستاء من سيطرة الطلاب من النوبة على الاتحاد المدرسى؛ وجماعة سليمان قد اظهروا تململا واضحا مما دفع بالطلاب النوبة لتكثيف الاجتماعات السرية فى الخلاء.

ماذا يدور فى تلك الاجتماعات ؟

هذا ما كان يؤرق سليمان وفضل الا يسأل صديقه فى ذاك الوقت.

ومن اين اتى صابر بكل تلك الشحنات الانفعالية عن الحكومات ؟

علما بأن طلاب ثانوية تلو , وفى اتفاق صامت قد قرروا عدم اللجوء الى الاضرابات, ويقول الطلاب من النوبة انهم بحاجة الى التعليم لمواجهة تلك الحكومات بالحجة والمنطق.
ولو ان الجو المدرسى هادئ فى ظاهره الا انه يوجد توتر صامت, ولا احد يريد ان يفصح.

بادره والده قائلا,

كيف صحة الحاج مرجان؟

بخير يا ابوى بس شكله تعبان اليوم وراقد فى الفراش.

واصل والده قائلا:

صابر متعلق كتير بى جده وانشاء الله ربنا يمد فى عمره.

امين يا بوى وبدا يخطو الى داخل غرفته, فاستوقفه والده؛

سليمان؟

نعم يا ابوى.

شايفك مهموم اليوم.

مافى حاجة يا ابوى.

لا فى يا سليمان, وبعدين ملاحظ سهرك برا البيت لانصاص الليالى.

يا ابوى ما فى حاجة.

واصل والده:

سليما يا ولدى, سياسة ودراسة ما بيتلموا.

سياسة شنو يا ابوى؟

تنظيم الاخوان المسلمين. انت فاكرنى ما عارف يا سليمان؟

احنا مسلمين بدون تنظيم يا ابنى.

مافى حاجة غلط فى التنظيم دا يا ابوى.

عرفت كيف؟

ما هو من الاْول كدا ما بيقولوا ليكم كل حاجة, لغاية ما الواحد يغرق وبعدين يبقى المروق صعب والاستمرار اصعب.

اسمع كلامى يا ولدى وخلى عنك السياسة.

افكر يا ابوى وتصبح على خير...

Post: #91
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-26-2005, 10:08 PM
Parent: #90

بعد مغادرة سليمان فَضل صابر البقاء فى (الحوش) قليلا والتمتع بتلك النسمة من الهواء البارد.

كان الظلام قد هبط على كادقلى.

بدت السماء صافيه, وبدا القمر هادئا ورزينا.

ظهرت بعض النجوم وبدأت تتراقص هنا وهناك.

كان الصمت رهيبا ومخيفا بعض الشئ رغم ان الهدوء هو احد سمات كادقلى الثابته.

وقف صابر وافرد طوله.

كان شديد النحافة ولكن جسمه رياضى و متناسق.

كان شديد السمرة ودائم الابتسام

وهو حينما يبتسم او يتحدث يكشف عن اسنان بيضاء شديدة الجاذبية.

كانت ابتسامته تلك وطبعه الودود هم المدخل الى قلوب كل الذين يقابلونه.

ولكنه ايضا كان مشغول البال وباستمرار.


استقرت عيناه حول الجبال وهى تحيط بكادقى كما لو انها ثوب من الحرير الداكن الذى يلف المدينة.

بدت كادقلى جميلة وجذابة فى ذاك المساء..

وادعة ,مستقرقة فى التفكير.

ولكنها حزينة كعادتها.

بدت خائفة بعض الشئ ولكن من شئ لا تدريه ولا تستطيع التكهن به.

انتعشت الكلاب ونشطت وهى تقوم بواجبها فى الحراسة

وخيل لصابر ان تلك المدينة التى تقع فى قلب اللا معقول

وتعانى فى صمت عميق , خيل اليه أن الزمن يخبئ لها كثيرا من المفاجاءت.

ولكن ماهى ؟

هذا مالم يستطع التكهن به.

تذكر والده ووالدته واخوته وهم جميعا يعيشون فى عطبره حيث يعمل والده عاملا فى السكة حديد.

تذكر ايضا كيف ان والده قرر ان يتركه وراءه حتى يعين جدته وجده.

وتذكر المستقبل المجهول امامه

والدراسة الجامعية

ثم برزت ميمونة فى مخيلته وبلا سابق انذار...

فى تلك اللحظة احس بزلزال يعصف بقلبه وعقله

وظهرت بعض حبات العرق فى جبينه.

وفيما هو فى تلك الحالة , سمع صرخة جدته من داخل الدار فهرع اليها...

حبوبة فى شنو ؟

جدك تعبان يا صابر, اجرى نادى العمدة...

Post: #92
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-26-2005, 10:28 PM
Parent: #91

هرع صابر الى داخل الغرفة اولا والقى نظرة على جده الذى كان يتنفس بصعوبة,

ثم خرج وهو يركض فى الشوارع المظلمه وبين الاشجار العملاقة الداكنة.

لم يدر صابر كيف وصل الى بيت العمدة ولا يدرى كيف خرج صوته وهو ينادى العمدة...

عمى زكريا...

خرج العمدة فى التو والحال كما لو انه كان يترقب تلك الزيارة

خرج الاثنان دون ان يكلف صابر نفسه بشرح المشكلة وكان احساسه فى تلك اللحظة بأن العمدة يدرى.

مشيا تارة وركضا تارة اخرى

دخل الاثنان الى غرفة الحاج مرجان مباشرة فيما كانت جدة صابر فى (الحوش) وهى تبكى تارة وتستغفر تارة اخرى.

أمتلات الدار فى دقائق معدودة كما لو ان اهل الحى يعيشون كلهم فى بيت واحد.
وبدأ الرجال يتجمعون امام الغرفة حيث ان العمدة منع الدخول.
وبدأت النسوة فى البكاء والعويل وقد امتلاْ بهن صحن الدار.

عم مرجان رجل احبه الجميع,

وقد كانت حياته هادئة وبلا كوارث تذكر.
كرس حياته لزوجته وحفيده وحافظ على علاقات جيدة مع كل من ربطته بهم علاقة فى المدينة وحتى الاحياء المجاورة.

فى الداخل وفيما كانت(المسرجة) تلقى بضوئها الباهت على محتويات الغرفة شبه العارية كان الحاج مرجان يرقد فى عنقريب صفير وعليه(برش) حريرة.

وحينما رأى العمدة, احس بالارتياح الشديد وبدأ يتكلم رغم ان العمدة منعه من الكلام.

العمدة زكريا

نعم يا حاج

صابر وحبوبته امانه فى رقبتك.

بعد عمر طويل يا حاج.

صابر ولد كويس وشاطر وانشاء الله حيبقى محامى لكن انا خايف عليه من السياسة.

سياسة شنو يا حاج ؟ مالبلد بخير والحمد لله.

البلد ما بخير يا عمدة. فى نار تحتى الرماد يا عمدة وصابر قلبه حار.

وبعدين الشنطة الانا خاتيها عندك يا عمدة وزى ما قلت ليك, اول ما يدخل الجامعة تديها ليه.

حاضر انشاء الله , انت بس ما ترهق نفسك يا عمدة.

نادى الحاج على حفيده بالاشارة وقبله فى جبينه ثم قال:

عافى منك يا صابر,

لما تمشى الجامعة لازم تمشى تزور ابوك وتخليه يجى يشوف حبوبتك.

لم يرد صابر فى تلك الحالة وهو يرتعد فى صمت...

Post: #93
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 02-26-2005, 10:39 PM
Parent: #92

رغم ان من عادة كادقلى ان تحتفل بوداع المسنين من ابنائها وبناتها , الا انها لم

تحتفل بوفاة الحاج مرجان جد صابر.

خيم على البلدة حزن عميق,

واطبق الصمت على الجميع كما لو ان وفاة الحاج امر ابلغ من الكلام.

دفن فى موكب مهيب وصامت ايضا...

القت عليه كادقلى نظرة وداع ملؤها الحزن والاسى

لاْن وفاة الحاج لم تكن مجرد انتقال شخص الى الدار الاخرة

ولكنها كانت تمثل بداية رحيل جيل العمالقة

بداية طى صفحة مشرقة وبراقة من تاريخ كادقلى

بداية النهاية لحياة ملؤها الشفافية والحب

بداية رحيل ثقافة وارث بشرى خاص

بكل تفاصيله الخرافية

وشفافيته الموغلة فى التاريخ اللامنتهى لتلك المدينة

وبداية ايضا لمشوار جديد لم تعتد كادقلى عليه...

Post: #94
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: FRIGON
Date: 03-08-2005, 09:20 PM
Parent: #93

up

Post: #95
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-08-2005, 09:59 PM
Parent: #94

العزيز FRIGON

تحياتى

شكرا على هذه اللفته الجميلة ولكن يا عزيزى كثرة المشاغل وتنوعها هو ما يدفعنى الى تقديم بوست على الاخر.

وسوف اجد متسعا من الوقت يوم الخميس أنشاء الله.

سلام...

Post: #96
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-23-2005, 05:43 PM
Parent: #93

عام 1983 كان صابر قد تخرج من المدرسة الثانوية والتحق بجامعة الخرطوم كلية الحقوق.

التحق سليمان وداللمين شاعر الدوبيت بكلية الطب من نفس الجامعة فيما التحق سيد ود

كافى(افندينا) بالكلية العسكرية رغم اعتراض والده.

اما مزمل ود التاجر فقد التحق بكلية الاقتصاد.

وقبل سفر صابر الى الخرطوم بايام ناداه العمدة فى بيته وقد كان الظلام دامسا.

كان الوقت خريفا وقد بدأت كادقلى تعد العدة لاستقبال الموسم الجديد.

تناثرت بعض السحب فى السماء , وتدثرت كادقلى بثوب قاتم وثقيل استعدادا لتلك الامسية.

كانت تلك عادة كادقلى , وهى ان تخرج لابنائها بكامل هيئتها وزينتها

مهما اعتلاها من هموم وكدر.

توجه صابر الى بيت العمدة الذى كان قد طلب حضوره فى امر هام.

نسى صابر امر تلك الشنطة التى قد اوصى بها جده قبل وفاته ولم يخطر بباله سبب دعوة العمدة فى مثل ذاك الوقت من الليل

خاصة وان السماء بدت فى حالة من الكدر والقلق والتوتر.

وحتى صابر نفسه كان فى حالة من الكدر والقلق دون ان يعرف السبب

ولكنه عزا نفسه بأن تلك الاحاسيس المبهمة قد تكون بسبب استعداده للدخول الى عالم جديد.

استقبلته كلاب العمدة

وهى شرسة وشبعانة ولئيمة.

لم يعبا بنباحها ,لان ما سيطر على ذهنه فى تلك اللحظة كان اكبر بكثير من كلاب العمدة

فتح الباب
ودخل صابر

وبعد الضيافة التى لم تستغرق وقتا طويلا بادره العمدة قائلا:

فاكر يا صابر الشنطة القال ليك جدك رحمة الله عليه , عليها؟

فاكرها يا عمدة.

ياهى دى. انا ذاتى ما عارف الجواها شنو.

شكرا يا عمدة.

حاول صابر ان يحرك الشنطة فوجدها ثقيلة,.

احس العمدة بالموقف فقال له:

الغفير حيشيلها ليك لحدى البيت يا صابر وسلم لى على الحاجة.

لو فى اى حاجة ناقصة تجينى طوالى.

حاضر يا عمدة.

ولمن تسافر
ما تشيل هم حبوبتك يا صابر.

انا عارف يا عمدة.

خرج صابر ومعه الغفير (قطن) يحمل الشنطة الى داره.

وضع الغفير الشنطة حيث وجهه صابر ثم انصرف.

جلس صابر يفكر كمن يخشى ما بداخل تلك الشنطة

طلب من حبوبته ان تعمل له كباية شاى.

شرب الشاى وهو ما يزال ينظر للشنطه ويفكر

اخيرا جدا قرر فتحهها!!!

ساعتئذ انفجر صابر بالبكاء باعلى صوته.

ساعتها بدأت سماء كادقلى تمطر وبغذارة!!!

اختلط صوت المطر والرعد وقوة البرق


فتح صابر قميصه للرعد والليل والمطر وهو غير عابئ او بالاصح لم يشعر بما حوله.


اختلطت دموهه بمياه الامطار التى اصبحت غزيرة فى تلك اللحظة. ومن حين الى اخر كان الرعد يبرق ويكاد يخيل لصابر انه يرى وجهه فى ضوء البرق.

كانت تلك اول مرة يبكى فيها جده

لان تلك كانت اول مرة يدرك فيها صابر ان جده قد رحل وبلا عودة.

استمر على تلك الحال

لا يدرى اهى ساعات ام قرون ام ملايين السنين الضوئية

حتى هده الاعياء

ثم دخل الى غرفته

وتلمس (المسرجه)

فاشعلها ليرى محتويات الشنطة.

كاتنت مليئة بكتب القانون الجنائى والمدنى وقانون العقارات وقانون الاحوال الشخصية.

كانت كتب وكما بدا له قد تم جمعها خبط عشواء

ما كتب باللغة الانجليزية او العربية.

ولكنها كتب قانون.

كان جده يعلم رغبته الملحة فى دراسة القانون

فقرر ان يساهم

حتى وهو فى العالم الاخر....

Post: #97
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-23-2005, 06:17 PM
Parent: #96

الغريب فى الامر أن ميمونة لا تجد الوقت الكافى للتسامر مع والدتها او والدها.

فهى اما مشغولة بالمذاكرة او فى طريقها الى بيت عمتها( والدة سيد) او بيت حبوبتها.

ولكنها فى تلة الامسية قررت وبمحض ارادتها ان تقضى وقتها فى البيت وان لا تفتح كتابا وان تتسامر مع افراد اسرتها.

بادرها والدها قائلا:

الليلة يا ميمونة ولا كتب ولا ماشة بيت عمتك ولا حبوبتك؟

خير يا بتى.

خير ياا بوى . ما فى حاجة , بس ولا دايرة اذاكر ولا دايرة امشى محل.

والزرق البتوزعيه كل يوم يا ميمونة؟

جفلت...

ورق شنو يا ابوى؟!

الورق البجيبوه ليك ناس صابر وسيد وانتى تشيلى وتوزعى!

مافى حاجة يا ابوى.

يا ميمونة يا بتى. ما تخافى. انا ما بمنعك تشتغلى سياسة, بس دايرك تخلى بالك من روحك.

ما كان يمكن ان تكذب وهى قد تم حصارها بذاك الشكل, فردت قائلة:

يا ابوى ناس رحمة الرحومة لمن دخلوا قسم البوليس وهددوا الناس وكتولهم ليه؟!

ما عارف يا بتى, لكين, كادقلى دى صابتها عين.

كيف يا ابوى؟!

ناس رحمة الرحومة يمكن يكونوا دايرين يلفتوا نظر الحكومة انه فى ظلم وحالتنا تعبانة. لكين الحكومة بكون ليه رأى تانى..

زى شنو يا ابوى؟

يعنى لو عدت الحكاية, ومسكوهم وعاقبوهم الموضوع حيبقى بسيط, لكين انا ما شايف كدا يا ميمونة.

وانت شايف شنو يا ابوى؟

أنا شايف يا ميمونة يا بتى انه مشكلة البلد دى ما فى اولادها, نوبة وبقارة وغيره ولكين فى الحكومة.

يعنى حيلبسوا التهمة دى فى ناس تانين ويمكن يقولوا تمرد.

ولو دا حصل يا ميمونة يا بتى, قولى على البلد دى يا رحمن يا رحيم.

شعرت بمقص وقصة فى الحلق وتوتر وشردت بذهنها, واحست بأن كل ما وزعته من اوراق قد اسقط فى يدها.

قطع عليها والدها شرودها قائلا:

سيد كيف؟!

ااا؟ سيد؟!

ما شفته قريب دا.

طيب يا ميمونة لو اتقدم ليكى سيد وصابر , نقول مبروك لى منو فيهم؟

يا ابوى دا كلام شنو؟

وبعدين كلهم قاعدين يقروا.

العمر ما فضل فيه شئ يا بتى. وانا قلبى موشوش من الحكومة وداير اشوف جديدك.

يا ابوى بعد خرف, وبعدين لما يتقدم ليك واحد فيهم.

الاتنين اتقدموا يا ميمونة, بس عشان الامتحانات قلت ما ازعجك.

صابر كلمك؟!

كلمنى يا ميمونة.

صمتت.

اذا نقول مبروك لى صابر. انا برضو قلت كدا. سيد ود عمتك راجل كويس, ممتاز, لكين طبعه حار شوية.

يا ابوى انت قلت
كلمتك, ما فى داعى تتكلم فى سيد.

ابتسم...

اما ما قلت كلمتى , انتى القلتى كلمتك يا بتى. لمن سكتى عن اسم صابر يبقى يا هو الراجل الانتى دايراه, اما سيد يشهد الله زى اى واحد من اولادى.

خلاص خشى ساعدى امك فى العشا وتعالى الليلة انا حا أحكى ليكى حكاية منقو زمبيرى.

فجأة تحولت الى تلك الطفلة ببرائتها وابتسامتها التى تفلق الصخر.

صحى يا ابوى؟!

صحى يا ميمونة. يالله اجرى أنا ما قلت ليكى حا احكيها ليكى لمن تكبرى؟

انت ما بتنسى يا ابوى؟!

ما بنسى حاجة وعدت بيها واحد من اولادى يا ميمونة.....

Post: #98
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: Jaja Jr
Date: 03-23-2005, 07:42 PM
Parent: #97

العزيزة نور
لك عاطر التحايا
قصتي مع هذه المدينة الفاضلة عشق لا ينتهي دخلتها لحضور عيد التعليم في عهد نميري والرجوع في اليوم التالي وإذا بي استوطنها واتمم دراستي في تلو العليا عرفت أشخاص كرام منهم من رحل عن هذه الفانية والبعض الاخر لايزال هنالك بعض الشخوص فى هذه الرواية أشهد بان لى معرفة بهم كالاخ يحيى كاكدلا
لك كل الحب وأنت تعدين هذه الذكريات الجميلة

Post: #99
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-24-2005, 08:28 AM
Parent: #98

العزيز Jaja Jr

تحياتى وتشكر على تشريفك بالدخول

الاسماء التى ترد فى هذه القصة خيالية حتى لو تطابقت مع الواقع.

ولكننى احاول رسم صورة عامة/مفصلة عن فترة تاريخية شفافة وغاية الاهمية فى تاريخ هذه المدينة الفاضلة.

واتمنى ان تنال اعجابكم.

مكرر الشكر والتقدير.

Post: #100
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-24-2005, 08:42 AM
Parent: #99

تتأثر كادقلى سلبا وايجابا بكل ما يجرى فى الخرطوم والمدن الاخرى.

وقد لاحظت فى السنوات الاخيرة من نظام مايو وبداية تطبيق الشريعة الاسلامية ان هناك توترا تحت السطح فى علاقات الاهالى الاجتماعية.

اسر وعائلات ربطتها علاقات حميدة لسنوات موغلة فى القدم, بدأت تتململ من بعضها البعض.

وبدأ اهالى كادقلى ومن النوبة تحديدا يواجهون عقبات فى تعاملاتهم اليومية مع الدولة وخاصة فى المجلس البلدى وسط المدينة.

اجتمع افندى حسن وافندينا كافى ويحيى كاكدلا طوال سنوات فترة مايو ولم تكن اجتماعاتهم حركة منسقة تدعو الى جسم خاص, ولكنها كانت اجتماعات لمتابعة ما يجرى فى المدينة وتلمس الطريق والتكهن بما يمكن ان تسفر عنه الايام.

الاهم فى تلك الاجتماعات هو تغذية بعض تلاميذ ثانوية تلو وتبصيرهم بما قد يأتى , حسب تحركات المدينة فى مجال الخدمة المدنية والصحة والتعليم.

كانت تلك الاجتماعات ايضا صمام امان للطلبة فى ثانوية تلو حيث انهم قدموا كامل الاحترام لتلك المجموعة ومشوا على نهجها وهو تجنب العنف ما أمكن والتركيز على الدراسة تحسبا لاْى طارئ.

فاذا حدث ما يعكر صفو كادقلى , يكون التعليم هو السلاح المطلوب فى هذه الحالة.

مدير ثانوية تلو لم يطمئن ولم يصدق هدوء المدرسة وكان يتوقع انفجارا فى كل لحظة ولكن ذلك لم يحدث.

شغل الطلاب بدراستهم وامور اسرهم حتى تفرقت بهم السبل بعد الامتحانات النهائية.

وفى عودة طلاب الجامعات منهم, كان صابر شديد الحرص للقاء سليمان ود اللمين الذى اصبح كثير الشرود والصرامة وبعيدا من المجتمع.

هذا رغم لقائاتهم المتكررة فى الخرطوم كلما سمح الوقت بذلك.

ذهب اليه صابر ذات صباح وبلا سابق ميعاد لاْن علاقتهما لا تحتاج التى تلك البروتوكولات وطلب صابر من سليمان ان يخرجا الى الخلاء قليلا ويتحدثا فيما يشغل بال صابر.

مع مستوى الثقة بين الشخصين, لم يتردد سليمان فخرجا الى سويا...

Post: #101
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-24-2005, 09:17 AM
Parent: #100

وصل المشوار بصابر وسليمان الى اطراف المدينة ثم تدريجيا بدأت المنازل تختفى لتحل مكانها اشجار اللالوب والنبق وكل خيرات مناطق السافنا الغنية.

بدات الشمس تتلمس طريقها الى كبد السماء التى تحولت بدورها الى قطعة صفيح ساخن.

اطبق الهدوء على المكان فيما عدا اصوات العصافير وبعض الحيوانات التى تسكن فى الغابة.

اخيرا جدا جلسا تحت شجرة وارفة الظلال واخرج سليمان بعض من الماء والاكل الذى اعدته والدته لهما.

اسند صابر ظهره للشجرة ومد بصرة الى الامام وهو هادئ وقد كسته موجة الحزن الغريب مرة اخرى وجلس سليمان بالقرب منه ومد بصره ايضا وبادر صابر دون ان يلتفت اليه...

يا صابر انت طوالى مهموم كدا؟

وانت يعنى المبسوط يا سليمان؟

من المفروض اننا سعداء وخاصة بعد دخول الجامعة وتحقيق بعض الاحلام.

دا مش الموضوع يا سليمان.

الموضوع شنو يا صابر؟

انت ملاحظ شنو فى كادقلى فى الاجازة دى؟
وبصراحة يا سليمان.

ما لا حظت شئ واضح ولكن عندى احساس مخيف وما عارف سببه شنو.

بداية جميلة عشان يا سليمان انا برضو حاسى وبعدين فى ناس كتار اشتكوا من معاملة الافندية فى المجلس.

زى شنو يعنى؟

يعنى يقابلهم الموظف مكشر. ويخلى الواحد واقف ساعات بدون ما يسأل فيه, وينهره ويقول ليه تعال بكرة.

الموضوع دا حاصل من زماااان يا صابر.

عارف ولكن التعامل مع النوبة بقى فيه حاجة ما واضحة.

يمكن عشان الحركة بتاعة ناس رحمة الرحومة لما ضربوا ام دولو والحكومة قالت دى بداية تمرد.

تمرد من مين يا سليمان.

بصراحة بيقولوا تمرد من النوبة.

وانت شايف شنو يا سليمان؟ الكلام دا منطقى؟

الكلام دا ما منطقى ولكن الحكومة متخوفة وبس.

وليه ما تتخوف من اى ناس تانين؟

تحمل المسئولية للنوبة ليه؟

والله يا صالح يا اخوى انا زيك ملخبط. يعنى لو خلونا زى ايام الطفولة وكل ناس فى حالهم يكون افضل فى رايى ولكن انت شفت فى الخرطوم وسمعت ارهاصات الحكومة عن النوبة.

شفت يا سليمان والحكاية زى ما تكون مدبرة عشان يجرونا لى حاجة ما معروفة.

تكون لاحظت يا سليمان المناوشات والاساءات الكان بوجهها واحد من مجلس الشعب لافندينا الرشحناه وفوزناه.

افندينا راجل مخلص يا سليمان ولكين مجلس الشعب ما هو برضو الحكومة وهم بيفتكروا انه افندينا بيشكل خطر عليهم.

من يا تو ناحية؟
الاساءات وصلت الى سب النوبة وبقت علنية. وما تنسى يا سليمان انه كادقلى فيها نسبة عالية من الامية. يعنى ناس الحكومة لو ركزوا على النغمة بتاعة نوبة وما نوبة دى ,النار حتولع.
وبعدين وصلت وين مع الاخوان المسلمين يا سليمان؟


اكون صريح معاك يا صابر, من ناحية العبادة انا ماشايف مشكلة وطول عمرنا مسلمين والحمد لله ولكين المزعج فى الامر انهم برضو بيركزوا على حكاية العروبة والاسلام وبيخططوا لاسلمة المنطقة.

جفل صابر....

واهو دا الانا خايف منه. يخططوا كيف؟

والاسلوب شنو الحيستخدموه عشان يفرضوا الاسلام على المسلمين فى جبال النوبة؟!

احتمال تكون المسألة فيها خطورة اكبر مما تتصور او اتصور يا صابر ولكن ومع الشريعة الاسلامية الفرضوها هسع واصبح الاسلام يفرض بالسوط وحد السيف, يمكن ايضا يفرض بالبندقية. انت شايف الخرطوم بتغلى وانا حاسى انه دى نهاية نميرى.

وحتى لو انتهى نميرى الحيجى بعده حينفذ البرنامج يا سليمان. انت ناسى انه الحكومات السودانية كلها من الاستقلال وحتى تاريخه حكومات اسلامية بشكل او اخر؟

عارف يا صابر ولكن الاسلام شئ واستخدامه لتمرير اجندة تانية دا موضوع تانى.

نظر اليه صابر باستغراب ودهشة.

واصل سليمان متجاهلا تلك النظرة...

انا عارف انت بتفكر فى شنو يا صابر. البلد دى انا اتولدت فيها وعشت فيها وجدودى كمان. يعنى ما عندنا غيرها.

لما الموضوع يتطرق للارض والحلال, فأنا مع البلد يا صابر ما مع الحكومة.

والاخوان المسلمين؟

ما عارف حااوصل معاهم لى شنو ولكن تأكد انى زيك حريص على البلد دى وكل امنيتى انه العامة لا يتم استخدامهم فيما يحرق الاخضر واليابس والنوباوى والبقارى وغيره.

اطمئنيت يا صابر؟

انا ما شاكى فيك يا سليمان وا لا الخوة دى كانت انتهت من زمان.

انا عايز اعرف البقارة فى راسهم فى شنو؟

ولما تحصل مصيبة, حيتصرفوا كيف؟

ننتظر ونشوف يا صابر...

الانتظار براه ما بكفى .

وفى ايدك او فى ايدى شنو؟

والله ما عارف لكين لازم تكون فى طريقة؟

على فكرة سيد عامل شنو فى الكلية الحربية؟

رد صابر,فترة طويلة ما شفته ولكين هو موجود فى اجازة قصيرة اليومين ديل وماشى ازوره.

ماشى تزوه بس ولا ماشى تسمع منه؟

الاتنين....

Post: #102
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-24-2005, 09:57 AM
Parent: #101

سيد كافى ابن افندينا قنبلة موقوتة ولكنها متحركة باستمرار.
اصبح شديد الطول مثل والده, ولكنه ايضا مبتسم باستمرار .

لاحظ صابر ان سيد قد اكتسب شخصية طاغية ديناميكية الحركة.

فهو يتحرك بثقة تكاد تصل الى حد الغرور وفى عينيه قوة الادراك والفهم والتمعن.

وبما يتميز به صابر من هدوء طاغى ايضا انتظر ان يبدأ سيد حديثه ولكنه لم ينتظر كثيرا, حيث امر سيد اخته ان تضع صينية الشاى بلهجة يفهم منها انه يريد حديثا خاصا ما صابر...

يا صابر الموضوع وضح تماما.

موضوع شنو؟

الجلابة ناوين لينا على نية ما يعلم بها الا الله.

كيف يا سيد؟

فى كلام كتير عن جبال النوبة وعن الاسلمة.

ونميرى ما فرض الاسلمة على البلد كلها يا سيد.

دا مش الموضوع. الاسلام فى جبال النوبة وحسب ما فهمت لازم ياخد طابع تانى.

زى شنو يعنى..

يفرض على كل النوبة.

والمسلمين؟

برضو يفرض عليهم!

دا مش كلام غريب يا سيد؟

اكتر من غريب. ولكن انا حاسسس انه المسالة مش هى الاسلام.

الاسلام مجرد سلم يوصل الى نهايات اخرى.

وبعدين حركة ام دولو القاموا بيها ناس رحمة الرحمومة رغم انهم بقارة ولكن الحكومة بتقول تمرد من النوبة.

تمرد على شنو؟
احنا هسع قلنا حاجة يا سيد؟

ماهو عشان احنا ما قلنا حاجة, دا المخوفهم وزارع الشك فى قلوبهم.

والله يا سيد هم عايزين يفرضوا وضع معين وبيفتشوا عن المبررات وبس.

وتفتكر ليه يا صابر؟

اولا فى اكتشاف للبترول فى هجيليجا يا سيد. تانيا فى يورانيوم فى ميرى, وغير كدا الثروة الحيوانية اساسها من جبال النوبة وفوق دا وداك انه المنطقة كلها زراعية وممتازة للتنمية الاقتصادية.

طيب ما يعملوا تنمية زى ما عايزين.

الكلام دا برضو يطلع منك ياسيد؟
هم عايزين الارض لكن بدون ناس.

قلت شنو يا صابر؟

زى ما قلت ليك. الكلية الحربية القربت تتخرج منها دى هى سلاح قوى اما انه سوف ينهيك او انه سوف ينهى اهلك.

غضب سيد ولكنه تمالك نفسه فسال صابر

وانت شايف شنو يا صابر؟

شايفك يا سيد الدم بيغلى فى عروقك.

الناس ديل ما اغبياء, اما انهم يتخلصوا منك وباسرع ما يمكن او انهم يستخدموك لو حسوا باستجابتك.

وانت برضو شايف شنو يا صابر؟(وهو كاظم الغيظ)

شايف انهم حيحاولوا يتخلصوا منك وباسرع ما يمكن.
هم عارفنك ابن افندينا, وافندينا جايب ليهم القلق, كلامه صعب وما بتبلع ليهم.
وشايفين فيك وطنية واحساس قوى بجبال النوبة, الكلام دا ما بيعجبهم.

لانهم دايرين يا تقول ليهم حاضر سيدى وتجى تقتل ليهم اهلك ويدوك دبورتين تلاته يا يجيبوا اجلك.

وبرضو شايف شنو يا صابر؟(وهو كاظم الغيظ ايضا)

شايف كدا حيجيبوا اجلك, او تلحق نفسك تشوف طريقة.

حينئذ تحدث سيد:

شوف يا صابر مهما كان برنامجهم عن جبال النوبة, وقسما عظما انا حاولع فيهم نار من هنا لغاية الخرطوم.

ما حتلحق تحرق اى حاجة.

الموضوع عايز تدبير وعايز تخطيط, وان دعا الحال وشلنا سلاح يا سيد, يبقى نشوف لينا حليف نحارب معه.

وحليف ليه يا صابر احنا ما بنقدر نحارب برانا؟!

نقدر نحارب برانا, ولكن انت ناسى انه نحنا واقعين فى النص. يعنى الحكومة عشان تحارب الجنوبيين لازم تمر من اول جبال النوبة لاخرها عشان تصل للجنوبيين من حدودنا الجنوبية, وعشان الجنوبيين يردوا على الحكومة لازم حيكون فى ضحايا من الاهالى الابرياء.

تقصد يا صابر شنو بالاهالى الابرياء؟!

بقصد البقارة.

الجنوبيين حينتقموا فى حربهم مع حكومات الشمال من البقارة, انت ناسى مشكلة الجنوب شكلها كيف؟

ما ناسى يا صابر ولكن احب اوضح ليك برضو انه الجنوبيين البيمنعهم شنو من ضرب النوبة خاصة وانهم بيحملوا النوبة ضربة حسن بشير نصر للجنوب؟

ليه؟

ليه لانه نحنا كنا عساكر.

كنا عساكر يا صابر بننفذ تعليمات عسكرية.

دا صحيح ولكن الجنوبيين ما بينظروا ليها من الناحية دى.

تقصد يا سيد انه وجودنا فى النص هو اول تعقيد فى الحرب بين الشمال والجنوب؟

بالظبط كدا.

وحتى اذا حاربنا معاهم مابرضوا يكون دا رأيهم؟

نعم برضو حيكون دا رأيهم ولكن احتمال لما تكون معاهم تقدر تأثر وتوضح ليهم موقف النوبة؟

افهم من كدا يا صابر انه نحنا نحارب مع الجنوبيين؟

عندك حل غيره يا سيد؟

وافرض لو حاربنا وانتهت الحرب والجنوبيين غدروا بينا؟

كيف يا سيد؟

يعنى اخدوا حقهم, انتقموا مننا وبعد داك لا بقينا مع الشمال ولا الجنوب ولا نقدر نحصل على حكم ذاتى ونكون طالعين من الحرب منهكين وما فى ايدنا نعمل حاجة؟

لا يا سيد. دايما فى ايدنا نعمل حاجة ولكن ولغاية ما نصل للنتيجة العايزناها , الله اعلم حجم الخسارة.

بالمناسبة ميمونة كانت هنا امبارح مع ابوها وامها واخوانها(وهو يضحك بخبث)
بقت سمحة شديد يا صابر.

عيب يا سيد دى بت خالك, وبعدين ما تزعل منى الزواج قسمة ونصيب.

ازعل منك كيف يا صابر؟
والله فرحان ليكم الاتنين لكين بتذكر مكاواتى ليها لما كانت صغيرة .

حول صابر مجرى الحديث...

خلى بالك من نفسك يا سيد.. انت فى وش المدفع مش وراه...

رد سيد وهو فى حالة انتباه شديد:

البلد كلها فى وش المدفع يا صابر والله يستر....

Post: #103
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-25-2005, 07:00 AM
Parent: #102

فى تصاعد سياسى درامى مفاجئ عام 19984 بدأ الوضع الامنى يتردى فى جبال النوبة وبدأت اليات الدمار تزحف اليها من الشمال.

اسقطت حكومة الفريق جعفر نميرى وتسلم الفريق سوار الدهب السلطة فى مرحلة انتقالية فى اليلاد.

بدأ بعض البقارة فى المنطقة يشهرون السلاح الذى استخدم للنهب ونزع ملكية اراضى الغير.

تحولت كادقلى الى ترسانة عسكرية فى وقت قصير جدا وقلبت حياة الناس راسا على عقب.

ذات مساء وميمونة تجلس فى صحن دارهم مع افراد اسرتها التى كانت ترحب بها فى اجازتها القصيرة من معهد التمريض العالى, دخلت امرأة تحمل ملامح طفلة وتربط حول ظهرها طفلا وتجر وراءها اثنين اخريين.

لم تكن تلك الملامح غريبة على ميمونة ولكنها فشلت فى تحديد هوية تلك المرأة/الطفلة.

بادرتهم بالسلام الحار واحتضنت ميمونة فيما طفرت دمعة من عينها.

احتارت ميمونة وبدأت تتلفت الى امها وابيها تستنجد بهما فى معرفة تلك المرأة والغرض من تلك الزيارة.

بادرتها والدة ميمونة قائلة وهى مبتسمة:

اتفضلى فاتيمتو.

ذهلت ميمونة:

فاتيمتو؟

فهى لم ترها منذ سنين خلت ومنذ ان اختفت فاتيمتو من تحت الشجرة التى كانت تبيع فيها الفول والتسالى والطعمية وحلاوة لكوم..

جلست ميمونة بجانبها فيما تفرق اهلها لاحساسهم بخصوصية تلك الزيارة غير المتوقعة.

بدأ الحوار التالى:

كيفك فاتيمتو؟ زمان ما شفتك.

انا اتزوجت وديل اولادى!

ماشاء الله(وهى فى غاية الدهشة)التلاتة؟

التلاتة يا ميمونة, احنا بزوجونا ضغار شديد.

والله انا مبسوطة انى شفتك بعد السنين دى كلها.

تحولت الجلسة الى ذكريات الطفولة وتجربة فاتيمتو تحت الشجرة وتعالت ضحكاتهن التى قطعتها فاتيمتو فجأة وبدأت تتحدث كما لو انها تلقى بيانا عسكريا:

انا جاية فى موضوع مهم وما دايرة زول يعرف.

اتفضلى فاتيمتو سرك فى بير.

محمدو!

محمدو مين يا فاتيمتو؟

الحلاق وسيد الدكان بتاع العجلات.

مالوه؟

زوجونى ليه اهلى وديل اولاده, وهو كمان ود عمى زى ما عارفة.

عارفة يا فاتيمتو.

محمدو عنده سلاح وعايز يحارب مع اى زول يدخل كادقلى.

يحارب منو؟

يحارب النوبة.

ليه يا فاتيمتو؟

ماعارفة, بيقول انه النوبة اسلامهم ضعيف وانهم برضو ظلمون نحنا الفلاته.

كلام غريب يا فاتيمتو يطلع من احمدو بالذات.

ماهو وضعه كويس وعنده دكانين وعنده زرع كمان.

عارفة, لكين عنده كم سنه بيجى متأخر وبيقول انه كان فى اجتماع الاخوان المسلمين.

والباقين يا فتيمتو؟ اخوانك وباقى اهلك.

كل واحد عنده راى براه. منهم كتير بيقولوا البلد دى حقتنا وما لازم يغشونا ناس السياسة الجايين من الخرطوم.

وفى فلاته غيره عندهم سلاح؟

والله الما عنده بندقية قاعد يفتش على واحدة يدافع بيها عن نفسه زى ما سمعتهم.

فعلا يا فاتييمتو البلد دى فيها ناس زى محمدو وفيها ناس قلبهم عليها لانه ما عندهم غيرها.

والحيحصل شنو يا ميمونة؟

والله ما عارفة يا فاتيمتو.
لكين نقول الله يستر.

رددت فاتيمتو وراءها.. الله يستر

ثم وقفت واستأذنت فى الذهاب قبل عودة محمدو من الخارج....

Post: #104
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-26-2005, 03:33 PM
Parent: #103

جلست ميمونة تفكر بعد خروج فاتيمتو.

تفكير دائرى لا يوصل الى نهايات منطقية ولكنه يعود الى نقطة البدء فى اصرار عنيد.

استلقت على عنقريب صغير(هباب) وسرحت بفكرها الى قمم الجبال التى كانت تحيط بها من كل ناحية.

هاهى كادقلى الحبيبة, مقبلة على خطر.

هذا الخطر سوف يجرف امامه الاخضر واليابس.
النوبة, البقارة, الجلابة والفلاته وغيرهم.

ماهو العمل؟

هدأت كادقلى هدوئا غريبا مخيفا
كمن يحاول جاهدا تجنب الخطر.

ولكن من من ابنائها وبناتها يعرف هذا الخطر القادم؟!

ولكن لماذا جبال النوبة بالذات؟

شعرت كادقلى بالذعر حينما تذكرت ان هذه الحياة الهانئة والهادئة والتى يتقبلونا بكل رضا وسماحة نفس, فى طريقها الى زوال.

القت نظرة على ميمونة التى استغرقت فى ذاك التفكير الدائرى ثم ذرفت دمعة,

تماما كأى ام قلقة على ابنائها وبناتها.

وفجأة ومن رحم ذاك الهدوء والظلام الذى القى عليه القمر بظلاله الباهتة,

دوت صرخة رددتها كل الجبال.

دوت صرخة من أمرأة كانت ايضا جزءا من رواد ذاك المساء الغريب.

جفلت ميمونة واحست بالاهالى يركضون بأتجاه ذاك الصوت.

تعالى نباح الكلاب.

سيطر القلق والكدر على كادقلى التى اسقط فى يدها بعد ان تأكدت ان الخطر لم يصبح محدقا

ولكنه قد بدأ بالفعل.

لم تدرى ميمونة كم من الوقت مكثت فى تلك الحالة

ولكنها هرولت الى والدها وهو داخل الى الدار.

ابوى الحصل شنو؟

راجل عمتك مندى.

مالوه؟!

لقوه مكتول ومرمى فى الشارع قريب من الزرع حقه.

سوى شنو؟

مافى زول عارف ولكين قالوا الليلة المغرب شافوا ليهم شباب عرب لابسين كاكى.

كاكى؟! يعنى حكومة يا باوى.

نعم حكومة لكين مالابسين الكاكى بتاع الجيش. لبسهم مختلف.

وكانوا حايمين يعملوا شنو؟!

ما عارف لكين الشافوهم قالوا عيونهم شر شر.

وشر ليه يا ابوى؟! مافى زول فى البلد دى ازا الحكومة.

ما هو دا المحيرنى يا ميمونة يا بتى.

وحاجة تانية كمان.

شنو يا ابوى؟!

لقوه مورم من الضرب وشخبطوا ليه وشه بالسكين!

يا باابوى دا كلام ما مفهوم كله كله.

انا بقول يا ميمونة يابتى ترجعى طوالى.

ارجع وين يا ابوى؟

الاجازة لسة.

انا عارف, ثم التفت الى احد ابنائه وقال:
بكره من بدرى تمشى تنادى لى صابر وسيد.

سيد رجع يا باابوى لكين بنادى ليك صابر...

Post: #105
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-26-2005, 03:57 PM
Parent: #104

دخل صابر ظهر ذاك اليوم ودلف الى دار أهل ميمونة بلا تردد رغم خجله الشديد وتردده فى زيارة بيت ميمونة واهلها.

ناداه والد ميمونة ودعاه لتناول الغداء معه ولكن صابر اعتذر وجلس وهو مطرق الرأس يفكر.
نادى والد ميمونة على احدى بناته لرفع صينية الغداء ثم التفت الى صابر.

سمعت الحصل يا صابر؟

سمعت يا عمى.

وقد بدأت حبات العرق تنصب من جبينه.

وانت رايك شنو يا صابر؟

احنا فى خطر يا عمى والمشكلة انه الاهالى ما عندها فكرة. وما فى زول عارف ليه ممكن تحصل حرب.

دى ما حرب يا صابر يا ولدى.

الحرب ليها ميادين خاصة. لكين دا غدر وانتقام واخلاق ما عرفناها فى البلد دى قبل كدا. والموضوع حيكبر باسرع مانحنا متوقعين.

ما هى لو حرب يا عمى الواحد بشيل بندقيته عديل كدى ويمشى الميدان, لكين زى ما تفضلت الموضوع ما مفهوم.
وشكله كدا انتقام اكتر مكن اى حاجة تانية.

انتقام ليه يا صابر يا ولدى؟

وحكومة تنتقم من اهالى ليه يا صابر؟

دى حاجة غريبة ما شفناها قبل كدا.

الزمن بقى ما مضمون يا صابر.

انا جاييكم البيت بكرة اتكلم مع حبوبتك تجى تعيش معانا وباخد اذن من العمدة كمان.

وبعدين حاأجيب المأذون يعقد ليك على ميمونة ولما تمشوا الخرتوم تتقابلوا يوم الخميس والجمعة فى بيت اخوى الكبير.

لم يتردد صابر ولم يناقش الموضوع وبدا كما لو انه لا يوجد حل اخر.

حاضر يا عمى. الانت عايزه حيحصل...

امتدت تلك الجلسة الى ما قبل المغرب.

دخل استاذ حسن وقد سيطر عليه القلق, وبدأ موجها حديثه لصابر...

كويس انى لقيتك هنا يا صابر.

تسافر بسرعة وتقابل الجماعة فى الخرطوم وتشرح ليهم الحصل.

ساله صابر:

فى حاجة تانية حصلت يا أستاذ حسن؟

حرقوا القرى المجاورة للمجلد.
وفى ناس مسلحين ومنظمين بيقوموا بالاجرام دا.
والموضوع بقى واضح.

حاضر استاذ حسن.

وحاجة تانية, فى جواب حيجيبه ليك افندينا بكره توديه لسيد.

انا حامشى اشيل الجواب بى نفسى.

وعلى فكرة سليمان ود اللمين رأيه شنو فى الكلام دا كله؟

سليمان مغلوب على امره استاذ حسن.

قابلته الصباح فى السوق وقال انه حيتخرج ويجى يشتغل دكتور فى مستشفى كادقلى.

ومزمل ود التاجر؟

مزمل عايز يتخرج من كلية الاقتصاد ويجى يشتغل فى مصنع النسيج عشان يكون قريب من الدكاكين بتاعتهم.

اشك فى الكلام دا يا صابر.

وليه يا استاذ؟

مش حيكون فى مصنع والجلابة عندهم بيوت فى مدن تانية فى السودان. لما تتأذى تجارتهم ويبقوا فى خطر حيمشوا.

المتضرر الاول من الكلام دا كله هو البقارة والنوبة.

وليه البقارة ما هم مع الحكومة؟

ما كلهم. المنتمين لحزب الامة والاخوان المسلمين هم الحيدخلوا فى الورطة دى, ولكن انا قصدى انه النوبة ما حيقيفوا ويتفرجوا.
ولا انت نسيت يا صابر؟

ما نسيت يا استاذ حسن...

Post: #106
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-28-2005, 10:30 AM
Parent: #105

اشتعل الموقف السياسى فى جبال النوبة كافة.

وانهار الموقف الامنى

وبدأ السلاح يدخل الى كل المنظقة وبأعداد مهولة.

وبدأت حركة السكان فى تصاعد وايقاع سريع ولكن الى اين وكيف المفر؟

تحولت ليالى كادقلى الى كابوس مرعب

وتحول نهارها الى ترقب وانتظار وحيرة.

عاد صابر الى الخرطوم ومعه ميمونة.


(اجتمعت (الخلية)

وهذا هو الاسم الذى اطلقه استاذ حسن على حركتهم بعد طول سنين وطول تخطيط و اجتماعات مكثفة.

بدأ كاكدلا الذى كان اكثرهم توترا وقلقا والاجتماع فى بيتهو يوم جمعة ونهار الحر:

يا جماعة انتوا متأكدين انه مافى زول جايب خبر للاجتماعات دى؟

رد استاذ حسن:

مافى زول الا يكون مننا ودا ما وارد.

تدخل افندينا:

الحكاية واضحة زى الشمس. يعنى احنا لو ما تحركنا ولو ما حاربنا النوبة ما حيقيفوا متفرجين.

السلاح الدخل البلد بيستخدم للنهب والسلب والقتل والحرق.

تدخل كاكدلا: انا بس محيرنى موضوع الحرقية دا.

بيحرقوا بيوت الناس ليه؟

تدخل افندينا:

لو تكون قريت عن هتلر, الفايكنج, وكل حروب العصور القديمة والحروب الرومانية او غيرها أعتمدت على النهب والحرق والقتل والاعتداء.

كاكدلا: برضو ليه؟

لانه مثل هؤلاء القوم عادة فيهم شراسة وتعطش للدماء وهم لا يلتزمون بأى اخلاقيات فى الحرب.

استاذ حسن: الفترة الانتقالية انتهت.
الحكومة ديمقراطية وبرضو الكتل متصاعد ومنظم كمان.

كاكدلا:وفى حاجة جديدة خطف العيال الصغار.

استاذ حسن: غايتو احنا دربنا العيال بما فيهم الكفاية ورسمنا ليهم الخطة فى كافة الاحتمالات.

الباقى على رب العالمين.

افندينا: ما تنسى يا حسن انه نحنا طرحنا خيار الحرب مع الجنوب وفى استجابة غير عادية.

كاكدلا: الجنوبيين احتمال 100% يغدروا بينا.

افندينا: يغدروا بينا فى حالة واحدة, اذا نحنا حاربنا معاهم بدون اتفاقية مبادئ.

وبعدين الشباب الحيمشى الحرب ديل بياكلوا النار.

كاكدلا: ما كلهم. انت ما عارف انه كلهم حيصمدوا ولا لا.

افندينا: ولو ما صمدوا يا كاكدلا حيرجعوا وين؟!

الا يعيشوا فى الجنوب طول العمر.

كاكدلا: انا ما مطمئن.

استاذ حسن :كل الاحتمالات واردة فى هذه الحرب.

كاكدلا: بسددى مش حرب. دا برنامج واضح للقضاء على اى نوباى, ويمكن بكره يغيروا الاسم كمان!!!!

استاذ حسن: يا كاكدلا. دى حرب وزى ما بيقوالوا الخواجات IT'S NOT A TEA PARTY

وفى الحرب تظهر اخلاقيات غريبة وتوقع غير المتوقع,

لانه الانت خاتى فيه الثقة ممكن يخذلك والانت ما مديه اعتبار ممكن يكون ياهو زولك زاتو.

افندينا: نهيئ انفسنا للقتل والموت لانه الناس دى لما تدخل كادقلى ما مهم يتكون شاكة فيك وفى تنظيمك.

اول ناس حيبتدوا بيهم المتعلمي.
ونحنا عددنا بسيط ومعروفين للجميع.

استاذ حسن: الموت علينا حق.

ولو كنت حا اموت دفاعا عن كادقلى , صدقونى ما بتمنى حاجة اكتر من كدا.

افندينا, سمعت بالفلاته الابتدوا يشتروا السلاح؟
ودى مشكلة تانية لانه فى كتير من الفلاته عينهم على حلال النوبة.

عموما نحن نعمر بنادق الصيد العندنا دى ونكون فى حالة استعداد.

كادلا: تمام افندينا.

Post: #107
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-03-2005, 09:57 PM
Parent: #106

تفرقت الخلية

وعاد كل الى بيته

استلقى كل فى سريره

وبدا يدرس كل الاحتمالات

فيما عدا كاكدلا الذى قضى الليلة بطولها وعرضها وهو يخرج ويدخل بلا هدف واضح

حاولت زوجة اساتذ حسن ان تتحدث معه فى امر ما

فطلب منها ان تتركه لحاله

لان لديه مايشغل باله

وشغل بالها ايضا بذاك التصريح الغريب

ليست هذه عادته

فهو صريح وواضح

مهما كان الامر

جلس افندينا اما مكتبه فى بيته

حاول ان يقرأ كتابا

فلم يستطع

توضأ

صلى

قرأ قليلا فى المصحف الشريق

حاول ان ينام

فلم يستطع

فى صبيخحة اليوم التالى

وقفت كادقلى كعادتها ترقب حركة الاهالى

الحياة طبيعية

ولكنها تنذر بالخطر

ماذا عساها فاعلة؟

ابنائها

وبناتها

معروفون بالعناد

والصبر على المكاره

يارب..

ذهب الاطفال الى مدارسهم

خرجوا من مدارسهم

ذهب الموظفون الى مكاتبهم

اه...

هنا يكمن الداء

هناك نظرات متعالية

ولهجة امرة

واستياء واضح

لاحظت كادقلى الهمس المتداول بين الناس...

والحذر

والتلفت..


حل المساء

واخلد الاهالى الى بيوتهم

هدهم التعب

من كل هذا الجرى وراء المعايش

قليلة العائد..

لبست كادقلها ثوبها الداكن..

فيما عدا نجمة تربعت فى وسط سمائها

وقمر باهت

حائر

والغول يعربد خارج المدينة

يستعدد للدخول

وفجأة..

سمع طلق نارى

تبعه اخر

جلس فى تلك اللحظة جميع اعضاء الخلية ومن بيوتهم

لانهم الوحيدين الملمين بتفاصيل الخراب المستعجل الاتى

من خلف جبال كادقلى..

انتبهت كادقلى تماما

واستيقظت تماما

واصبحت فى حالة انتباه تام

تواصل صوت الرصاص..

وفجأة وقف

وبنفس الطريقة التى بدأ بها...

لم يكن احد يعلم

من اين اتى الرصاص؟

ومن هم الضحايا؟

فى تلك الليلة المنذرة بالخطر..

استمرت الحيرة

حتى الثالثة صباحا

حينما طرق شخص باب استاذ حسن

عايزنك معانا فى القيادة

اى قيادة

العسكرية

دستة جنود مدججين بالسلاح

عيونهم كلها مكر

وكراهية....

Post: #108
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-05-2005, 10:30 AM
Parent: #107

تعوذ استاذ حسن من ابليس

وبسمل

وصعد الى البوكس

انطلقت العربة بسرعة 120/الساعة

لا تلوى على شئ

رفع استاذ حسن رأسه الى السماء

كما لو انه يشهد الله

وكادقلى على ذاك الموقف

كان هادئا

ثابتا

مرفوع الراس

مدرك فى قرارة نفسه

ان اللحظة قد حانت

وباسرع مما كان يتوقع...

دخل البوكس مبنى القيادة العسكرية

اى بالاحرى حامية كادقلى

كانت تلك اول مرة يدخل فيها الحامية

كان الهدوء غريبا

وباختصار لم يصدر اى صوت من اى ركن فى ذاك المكان

وفى ذاك الوقت

لكزه احدهم بعنف

انزل يالله

كاد ان يسقط على الارض

جذبه اخر من يده بعنف

من هنا

جاكم البلا فى خلقكم دى...

ادخلوه الى مكتب

ومن مكتب الى مكتب

ثم الى مكتب

حتى وجد نفسه فى نهاية الامر فى غرفة لا تبدو لها اى مساحة

والغرفة عارية تماما من اى شئ

بعد فترة قصيرة عاد احدهم

شخص اخر غير الذين احضروه

قوم تعال جاك بلا

سار استاذ حسن خلفه

ايضا ثابت

مرفوع الراس

هادئ تماما

قاده ذاك الجندى الى غرفة فيها طاولة وكرسى جلس عليه احد الضباط كما يبدو

شاب

تكسو وجههة كل علامات اللؤم والمكر والاجرام..

ليس هناك مكان يجلس فيه استاذ حسن

بدأ التحقيق:

اسمع يا افندى انت.. انا ما عندى وكت اضيعه معاك.

تجاوبنى بسرهة وننهى الموضوع دا وتمشى بيتكم

تذكره استاذ حسن.

هذا هو حماد احد تلاميذه

رد عليه: حاضر يا ابنى..

انا مش ابنك وما تخرج عن حدودك

حاضر حضرة الظابط

ايوا كدا..

اسمع يا افندى انت.. احنا عارفين كل نشاطكم واحسن تقول ومن نفسك ,انتوا بتخططوا لى شنو ضد الحكومة؟

احنا منو؟

وخططنا لى شنو ضد الحكومة؟

وزعنا منشورات؟

قدنا مظاهرات؟

اتكلمنا فى مكرفونات؟

ضربة بعصا غليظة مدبجة الرأس حتى كاد استاذ حسن ان يسقط..

وكمان بتتهزا؟

انا ما اتهزات. انت اتهمتنى بمعاداة الحكومة وانا قلت ليك عملت اى حاجة ضد الحكومة؟

والاجتماعات يا افندى؟

مع منو؟

لعملك كلهم هنا واعترفوا..

حينئذ ادرك استاذ حسن كذب ذاك الظابط الصعلوك...

اعترفوا بى شنو؟

الاجتماعات بتاعتكم..

احنا اصدقاء واهل ونشانا مع بعض وبنتقابل كل يوم وفى اى مكان فى كادقلى..

من هنا ورايح مش حتجتمعوا فى اى مكان يا افندى..

وبعدين انت ما عايز تعترف؟

اخير ليك انا..

الناس البرا ديل ما بعرفوا الله.

والله يا سعادة الظابظ اذا انت شايف انى انا عملت حاجة وانا ما عملتها, فأنا ممتثل لقضاء الله وقدره.

ذعر الضابط

يعنى بتدعى على بغضب رب العالمين؟

لا لا سمح الله.

اذا خلى ربك دا ينجيك مننا..

نادى على احدهم وامره بأن يقوم بالواجب...

كانت ليلة لا تخضع لاى قلم او تعبير..

المهم فى الامر اخرجوه فى منتصف النهار وهو لا يرى شمس الله المشرقة فى ذاك اليوم..

ثم رموه فى قارعة الطريق وهو بقايا جثة وبقايا روح.

بصق عليه احدهم وقال له:

المرة الجاية ما حتطلع منها يا عبد

احنا بس المرة دى راعينا حق الدراسة...

Post: #109
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-06-2005, 09:11 AM
Parent: #108

حينما تربعت الشمس فى سماء كادقلى فى ذاك اليوم الغريب...

كان الاهالى فى حالة هرج ومرج

اسرعت الاهالى الخطى بكل اتجاهات المدينة

وقد تحولت الحيرة الى غضب

وغضب جارف

استاذ حسن؟!

افندينا؟!

كاكدلا؟!

هؤلاء خيرة شباب البلد ورجالها وقت الشدة وفى كل وقت...

جمع الاهلى رجالهم من نواصى الشوارع واعادوا كل واحد الى بيته...

خرج افندينا وبنفس (كومر المحلج) الى بيت استاذ حسن ليطئن عليه ثم الى بيت كاكدلا ثم

اسرع حيث سمع طلق نارى بالليل...

ثلاثة شباب وجدوهم فى قارعة الطريق

جثثا هامدة...

ماهى جريمتهم؟

ماذا فعلوا؟

لم يحصل اى شخص فى كادقلى على اجابة لاى سؤال فى ذاك اليوم..

فقط كانت كلها تكهنات بأن الشباب قد تم قتلهم وهم فى طريقهم الى بيوتهم ليلا..

لا يوجد حظر تجول .

اذا ما الامر؟

تحدث بعض الاهالى الى افندينا..

لا يجب ان تتحرك بهذا الشكل فأنت مراقب..

لايجب؟

وهل كان يجب اذلالنا بهذا الشكل؟

هل كان يجب اسائتنا وضربنا والقائنا فى نواصى الشوارع كالكلاب الضالة التى تم

اعدامها؟

قسما عظما سوف يرون منى مالم يخطر على قلب بشر...

العداء وضح ودون اسباب واضحة..

والاليات زحفت على كل المنطقة..

وحرق القرى وقتل الاهالى خبط عشواء , قد غطى المنطقة...

والشر دخل كادقلى وباسرع مما توقعنا..

اذا فهى حرب, وللحرب رجال..

لم يذهب افندينا الى العمل..

وتحدى السلطة باستخدام (كومر الحكومة) فى غير اغراضه..

حكومة؟

وهل توجد حكومة؟

ومنذ متى كان فى السودان حكومة؟

ولا يقولن احدكم اننا فى زمن ديمقراطية..

اذا كانت هذه هى الديمقراطية, اذا فكيف الدكتاتورية؟

واضح جدا ان هذه البلد لم يحكمها سودانيين من صلب هذا الوطن ومن بطن هذا التراب..

ولن..

اذا هذه الحرب هى فى الاساس لانتزاع الحقوق...

وليت الامر وقف عند هذا الحد ولكنها ايضا للقضاء على اصحاب الحق...


وهو فى طريقه الى بيته مساء لم ينس ان يعرج على استاذ حسن مرة اخرى والذى كان فى

حالة صحية حرجة..

ويبدو انه كان اكثر تعذيبا فى تلك الليلة التى لم تكن لها اى ملامح...

دخل وبلا مقدمات بادر استاذ حسن..

اسمع يا حسن جانى رد على الجواب الرسلته للخلية فى الخرطوم بواسطة سيد ولدى

قريت الجواب وقطعته ونتقابل بكرة الصباح فى بيتك..

دا لو أصبحنا!

Post: #119
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: بكرى ابوبكر
Date: 03-04-2006, 09:10 PM
Parent: #100

up

Post: #110
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-06-2005, 09:43 PM
Parent: #1

أعود صباح الغد انشاء الله....

Post: #111
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-07-2005, 10:38 AM
Parent: #110

تحدى افندينا الحكومة تحديا لا جدال فيه

وتخطى كل الخطوط الحمراء فى ذاك التحدى

ولسبب بسيط, فهو قد فقد كل ثقة او امل فى اى حكومة سودانية..

عسكريين ثم ديمقراطيين والنتيجة واحدة

تهميش ثم اذلاال فى جبال النوبة والنتيجة واحدة

تعالى ثم غطرسة ثم لف ودوران من حكومات الشمال والنتيجة واحدة.

وشغلت ذهنه أسئلة كثيرة وهو يعلم تماما ان لا اجابة لها,


وهو البلد دى حقة من؟

سيدها منو من اصله؟

والحقارة والاجرام دا كله ليه و عشان شنو؟


وبما ان افندينا رجل واضح وهادر فى كل اراءه وتصرفاته

لا يقبل الحلول الوسط خاصة فى مسألة الحقوق والواجبات

فقد كان متأكدا تماما ان كوادر الحزب القومى ورغم نجاحاته فى بعض الدوائر الانتخابية وفى قلب الخرطوم

سوف ينزل ذاك النجاح على قاعدته نيران جهنم

اعتقالات ثم حبس ثم قتل ثم تصفية

ثم اشياء لا تخطر على قلب بشر

وليس كوادره من اقاليم السودان المختلفة

ولكن النوبة تحديدا..

لذلك قرر ان يقوم بدوره والواجب عليه دون ان يلتفت الى احد

كان اجتماع الخلية قصيرا ومحدودا

وتبودلت الكلمات كما لو انها تلغرافات

نسوا الشاى او رفضوه

المهم برد واعادوه

نسوا الاكل والشرب

وتقرر فى ذاك الاجتماع تسفير استاذ حسن للعلاج فى الخرطوم ومواصلة عمله من هناك

كاكدلا تقرر ابقاؤه فى كادقلى لمتابعة الموقف

اما افندينا فقد تقرر ان يقوم بجولة سرية على قرى الجبال لتنبيههم الى ما هو اتى

حتى تتم الاستعدادات لذلك

ان نجحت تلك الاستعدادات

حمل افندينا رشاشه ومعه ذخيرة

واختفى ما كادقلى...

Post: #112
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-09-2005, 07:47 AM
Parent: #111

اعود بعد قليل انشاء الله....

Post: #113
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-09-2005, 04:14 PM
Parent: #112

تأبط افندينا بندقيته وخرج من كادقلى ذات مساء متجنبا الشوارع الرئيسية للمدينة...

ثم دخل فى مزارع القطن والسمسم والاشجار الكثيفة..

متواريا بالجبال والليل...

حتى وصل الى القرية التى كانت بأنتظاره.

وجد العمده فى اطراف القرية بأنتظاره ومعه اعوانه..

ثم تبعهم افندينا دون كثير كلام..

كانوا يتحركون كالظلال وبسرعة فائقة..

حتى وصلوا مقر العمدة وجلسوا فى نصف دائرة...

وبدا العمدة كلامه:

سمعنا بالحصل يا افندينا...

والجبال الغربية بدأ فيها الحريق والكتل..

ولمن وصلنا منك المرسال حمدنا الله وقلنا نقعد نتفاكر..

ما فى وكت نتفاكر يا العمدة..

الناس ديل قريبين منكم...

ومسلحين..

انتوا سلاحكم كيف؟

بسيط. بنادق صيد وشوية ذخيره..

فى الحاله دى ياالعمدة نطلع الناس فوق راس الجبل وبسرعة...

ونواصل كلامنا فوق..


بما لافندينا من احترام وكلمة مسموعة

و بما للعمدة من احترام يصل حد التقديس فقد بدأ الاهالى فى النتفيذ..

والعمدة يعطى اوامره..

ما فى وكت تشيلوا اى حاجة البتقدروا عليه وبس...

قبل ما تصبج لازم نكون كلنا فى راس الجبل...


وبسرعة فائقة وقدرة من الشباب خلت المنطقة السهلية تماما...

وانتشروا فوق رؤوس الجبال وقد ساعد افندينا فى ادارتهم عسكريا...

وساعدهم فى كيفية اتخاذ مواقعهم حول روؤس الحبال..

وصوبوا بنادقهم وانتظروا..

كان الوقت ليلا..

وعلى مرمى البصر لا يرى المرء غير سلسلة من الجبال...

ورائحة المحاصيل تملاء انوفهم..

فالموسم موسم درت

وقد اخرجت الارض كل خيراتها...

اصبح الكلام همسا...

قال انفندينا للعمدة الذى كان يبلغ السبعين من عمره

ولكنه قوى البنيه

حاضر الذهن

سريع الحركة..

يالعمدة.. النوبة هالكين يعنى هالكين

لو ما ماتول الليلة الناس ديل حيرجعوا بكرة بسلاح اتقل وذخيرة كتيرة..

المهم الفضل لينا هسه, نموت بشرف...

رد العمدة: الشباب ما تخاف عليهم..

ووكت بقت الحرب عشان الارض..

انت بكرة تشوف يا ياكافى...

فيما هم يتحدثون..


وبقية اهل القرية كل من موقعه ينتظر..

وفى الثالثة صباحا..

وصل الشر وهو يكبر...


الله اكبر .. الله اكبر..

وبدأت الاصوات تقترب

ومن ثم بدأ الحرق من اطراف القرية...

وبدأت الدواب تجرى فى كل اتجاه

ولكن كان للاعداء خطه

وهو توجه مسار (البهايم) ومن ثم يستلمهم بعض الجماعة فى اطراق القرية فيما يشغل الباقون بضرب النار واشعال القرية...

لم يجدوا امامهم كائنا من كان..

خلت القرية تماما من اى شخص..

حينئذ انتبه الضابط وقال لهم..

دا كمين..

للخلف دور...

وما ان بدأوا بالتراجع حتى فتحت النيران من فوق راس الجبل,,

ولم يكن بمقدورهم الرد على تلك النيران من سطح الارض.

فقدوا بعض الارواح

وانسحبوا...


حتى التاسعة صباحا هدأ الجو تماما..

امر افندينا بعض الشباب بالنزول وجمع سلاح القتلى..

وتحدث الى العمدة قائلا:

المرة الجاية ما حيجوكم من الارض..

عرفوا الخطة..

المرة الجاية حيكون القصف جوى

وما فى حل غير الكراكير..

الكراكير يا افندينا فيها الدبايب والعقارب...

يموتوا من الدبيايب والعقارب ولا من منرصاص غادر؟

فهمت يا كافى يا ولدى..

واصل افندينا..

طبعا محصول السنة حرقوه كله..

مافى مشكلة. الجبال فيها خير كتير طول السنة.دبروا حالكم وانسوا المحصول..

فى ظهر ذاك اليوم نزل افندينا من الجبل ومعه بعض الشباب ببنادقهم زذخيرتهم..

ومن ابدى الاستعداد للذهاب معه امره افندينا بأن يبقى ويحمى القرية..

خرج مع نفر من الشباب لا يزيد عن الاثنى عشر شخصا

خرجوا للقرية التاليه حسب قرائته للخريطة التى يحملها

وحتى يساعد اهلها على الاستعدادات ايضا..

اسرعوا يا شباب..

لو الفى راسى دا صاح


الناس ديل ماشين القرية القدامنا ديك..

والليلة حيكون انمتقامهم اشد..

Post: #114
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-10-2005, 09:41 PM
Parent: #113

احدث خروج افندينا واستاذ حسن ومن قبلهم صابر , ميمونه, سيد سليمان ود اللمين من

كادقلى فراغا كبيرا..

اذ كان وجودهم مبعثا للاطمئنان

فقد كان لاستاذ حسن وافندينا دور واضح فى معالجة بعض القضايا البسيطة بين الاهالى والاسر...

اصبح الحديث همسا فى شوارع المدينة

واصبح التحرك بحذر ايضا...

رغم انه وفى مثل ذاك الوقت من كل عام , اى فى موسم الدرت تتم كثير من الافراح والحفلات..

ولكن اختفت الافراح

واصبح الجميع يهرولون الى منازلهم قبل غروب الشمس تجنبا للرصاص الذى لا يعرفون مصدره...

اصبحت كادقلى شديدة الحزن على الحال

وعلى ما هو اتى...

اصبح تحدى الحكومة علنيا.

والمعاملة فى دوائر الحكومة اتسمت بالقسوة والاهانة العلنية للنوبة

ايضا بدأت الحركة الشعبية تقوم بمناوشة نظام الخرطوم عن طريق جبال النوبة

اى ان جنود الحركة يقومون بعمليات عسكرية ويفرون

ثم تأتى قوات الحكومة وتدك القرية بمن فيها وما فيها بتهمة التامر مع المتمردين..

اهملت كادقلى مظهرها المشرق الجذاب وكست جبالها وشوارعها الوانا باهته لا يكاد يراها

الاهالى وهم يهرولون من والى...

فى عصر ذاك اليوم كان افندينا قد اقترب من القرية التى توجهوا اليها..


كان الشباب حوله صارمون

بدا عليهم الغضب العنيف

ولكن احدهم كان بالقرب من افندينا طوال الطريق يسأله:

وهم بيعملوا كدا ليه افندينا؟

دايرين الارض..,

وطيب ماهم عايشين معانا من زمان..

دا عبث من الحكومة والبقارة زى ما انت شايف كتير منهم تعليمهم محدود برضو.

ولو تلاحظ البقارى لمن يقول وحات الله..

احتمال يكون صادق او لا

ولكن لما يقول وحات سيدى لازم تثق فى كلامه..

ودا مربط الفرس يا ابنى.

اها و حات سيدى دى , هى البيستغلوها ويلعبوا بيها على عقولهم...


وهم فى طريقهم تجنبوا الشوارع الواضحة ولا نقول رئيسية واتخذوا من الجبال ومزارع

الذرة والقطن ستارا لهم..

وفجأه رأوامن على البعد نيرانا وصلت الى عنان السماء

وسمعوا الهرج والمرج

وجرى المواشى

فطلب منهم افندينا ان يغيروا وجهتهم..

النار دى اكلت الناس والزرع

مافضل زول

وما فضل شئ

مافى فايدة نوصلهم

نغير اتجاهنا يا اولاد....

Post: #115
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-12-2005, 09:19 AM
Parent: #114

اشرقت شمس كادقلى ذاك الصباح قبل اوانها وهى تسرع الخطى الى كبد السماء

الجو ساخن جدا ولم توجد نسمة هؤاء واحدة

تحول الهمس والهدوء الى حركة سريعة واحيانا هرولة..

وكادقلى تسرع معهم الخطى الى اكمال تلك الترتيبات

وبما ان السيل قد بلغ الزبى

فقد قررت كادقلى ان حكومات الخرطوم تحتاج الى ذاك الاجراء للفت النظر

خرج من احد الشوارع الضيقة مجموعة شباب من مختلف الاعمار

وحتى تلاميذ المدارس

ونساء

واطفال

وحتى الشيوخ والعجزة..

كلهم مسرعين ويبدو ان هناك خطب جلل

لم يكن هناك هرج ومرج

ولكن يبدو ان الهدف كان واضحا...

وان الامر كان مخططا بدقة وعناية

وبدأت المظاهرة من اخر حى الملكية

وهى فى طريقها الى وسط المدينة...

فى هذاك الاثناء تحركت المظاهرة من بقية الشوارع والازقة وبدأت تختلط بمصدر المظاهرة..

يحتار المرء فى تلك اللحظة من مدينة كادقلى المليئة بالمفاجاءت...

صوت واحد هادر..

نموت... وتحيا كادقلى..

نموت...وتحيا كادقلى

نموت... وتحيا كادقلى..

الرصاص لن يثنيا...

نحن على هدى افندينا..

واضح من المشهد المهيب ان كادقلى قد خرجت عن بكرة ابيها..

واستمرت حتى وصلت المجلس البلدى ووقفت تهدر ويتعالى صوتها..

ثم استمر الجمع فى طريقهم الى (امبطاح) مبنى القيادة العسكرية

الامر الذى لم يحدث من قبل فى تلك المدينة شديدة الكبرياء

الامر الذى لم تتوقعه حكومة السيد الصادق او اى من حكومات الخرطوم..

لم ينفع اى تدخل من الحكومة

وجهاز الامن اختفى تماما وبدأ يتابع المظاهرة من خلف الابواب والشبابيك...

استمرت المظاهرة الى ما بعد منتصف النهار..

قتصرت المظاهرة على النوبة فقط

وبدا التجار يتلفتون يمينا وشمالا

كل منهم يفكر فى مستقبل تجارته...

لانه ومن الواضح ان تلك المظاهرة هى بداية شرارة

ونار سوف لن تخمد مرة ثانية...

ثم بدأ الجمع يتفرق...

تلك المظاهرة هزت السلطة

وبدأت عرباتهم بعد المظاهرة تسرع فى مختلف طرقات المدينة

لا يعرف لها احد هدف واضح...

بعد انتهاء المظاهرة طلب مدير المستشفى حضور كاكدلا الى مكتبه

فى التو والحال...

Post: #116
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-12-2005, 09:40 AM
Parent: #115

انت ما مشيت المظاهرة ليه يا كاكدلا؟

سؤال غريب يا دكتور..

جاوب على سؤالى...

انا شغال يا دكتور..

يعنى لو ما شغال كنت مشيت؟

انت دايرنى لى شنو بالظبط يا دكتور؟

فى نقص فى مخزن الدوا...

نقص كيف يعنى؟

الناقص شنو؟

فى شاش وقطن وحبوب ناقصة...

يا دكتور انا شغال فى المستشفى دى اكتر من عشرين سنة.. وماحصل وجهت لى تهمة زى دى..

انت عايز تصل لى شنو بالظبط يا دكتور؟

عايز اقول ليك يا كاكدلا الدوا دا بيمشى للمتمردين..

متمردين مين يا دكتور؟

يا كاكدلا ما تستهبل...انت بتتعاون مع المتمردين..

اولا اعرف مين هم المتمردين يا دكتور؟

ثانيا من غير المعقول تجى المستشفى ولا اقل من سنة وتتهم شخص بيعمل فى المستشفى

السنين دى كلها بعدم الامانه..

انا ملفى نضيف يا دكتور..

ولو عايز اى تهمة وخلاص , خليها فى حدود المعقول..

انت بتدينى اوامر؟

يا دكتور المناقشة دى هدفها واضح جدا..

انت عايز تلبسنى تهمة وخلاص..

ويجواا ناس الامن يقولوا خاين ومتمردين والكلام الانتوا بتقولوا فيه دا..

قول لى انت عايز تسلمنى لى ناس الامن وخلاص..

وهم ما دايرين ليهم تهمة بالمناسبة...

اخدونى قبل كدا من غير ما يقولوا لى السبب شنو زاتو..

انا بريحك من اللف والدوران دا كله..

لف ودوران يا كاكدلا؟

ايوا لف ودوران يا دكتور..

خلينا فى المهم انت داير منى شنو؟

انت موقوف يا كادقلى ومحال الى التحقيق..

انا عارف انى موقوف من ساعة ما ناديتنى...

فى حاجة تانية ولا اتوكل على الله؟

وانت الزيك بعرف الله؟

لا...لا..لا.. يا دكتور..

الكلام دا ما يطلع من واحد متعلم زيك..

تعليمك دا كله مشى وين فى اللحظة دى؟

برا يا كاكدلا..

حاضر يا دكتور.. سلام عليكم..

خرج كاكدلا من مكتب الدكتور وهو يعلم تماما ان نهايته قد حانت..

ذهب الى بيته راسا واخبر زوجته بأن تاخذ الاولاد وتذهب الى بيت ابيها..

رفضت الزوجة..

حمل هو الاطفال الى بيت جدهم وطلب من والد زوجته ان يأتى لاقناعها..

طلب منه(نسيبه) ان يغادر البلد..

فرد قائلا: ما انا البجرى من الموت يا عمى..

يعنى دا رايك فينى؟

ابدا يا ولدى ولكن ربنا سبحانه وتعالى برضو قال:

بسم الله الرحمن الرحيم

(ولا تلقوا بايديكم الى التهلكه)

صدق الله العظيم..

تهلكة اكتر من الاحنا فيه يا عمى؟

خرج كادقلى من منزل عمه وزار بعض الاصدقاء وقام ببعض الترتيبات ثم عاد الى بيته..

لم يكن مستغربا سماع الرصاص فى تلك الليله

حيث القمر ساطعا..

رافضا النوم..

ومصراعلى ان يشهد الله على تلك الجرائم..

فى صبيحة اليوم التالى وجد ستة عشر شابا من حجر المك قد تم اعدامهم رميا بالرصاص

ومن بينهم كاكدلا....

Post: #125
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-23-2006, 03:04 PM
Parent: #116

توفرت فى أفندينا عدة صفات لم يسع هو اليها فى يوم من الايام..

ولكن وبما لله فى خلقه شئون..

فان لكل من تلك الصفات وظيفة دقيقة تؤديها وبلا أدنى خلل..

منها الطول الفارع وضخامة الجسم..

الصوت الجهور..

النظرة الثاقبة كما لو أنه أحد الصقور التى أتخذت من سلخانة حى الموظفين مقرا لها..

ثم السخرية من كل ماهو غير منطقى..

ثم الاستقامة كما لو أنه عامود من الصلب...

وصل افندينا الى الجبال الغربية مساء ومعه بعض الشباب الذين قرروا أتباعه..

شاء هو ام ابا..

وكثرت اسئلتهم..

افندينا احنا فى حالة حرب؟

نعم يا ابنى؟

افندينا انحنا حنحارب منو؟

نحارب البيحاربونا..

و البيحاربونا هم منو يا افندينا؟

دا سؤال كبير....حا اجاوب عليه لمن ناخد فترة راحة..

أنفدينا..افندينا..

وهم بيحاربونا ليه؟

دايرين الارض..

وطيب الارض دى ما بتشيلنا كلنا افندينا؟

بتشيلنا كلنا.. بس هم ما دايريننا معاهم..

والكلام دا كيف افندينا؟

زى ما قلت ليك يا ابنى..

طيب وانحنا نمشى وين افندينا؟

أهو انت جاوبت على السؤال بتاع الحرب..

احنا نموت ..

ونموت كلنا افندينا؟

ونموت كلنا ياعبدالرحيم..

بدا عبدالرحيم شاردا..وبدا أنه لم يفهم شيئا..

طيب أفندينا(بحماس مفاجئ)....والنسوان والعيال الصغار ديل كلهم يموتوا كمان؟

أيوا يا عبدالرحيم..

بس أنت اصبر على شوية..

وانا حا أجاوب على كل الاسئلة دى..

حينئذ..

خرج صوت عبدالرحيم كما لو أنه كبر مائة عام فى عشرة دقائق..

هادئ..

وقور..

ممتلئ تصميم وارادة..

وادراك مفاجئ وكامل بكل ما يجرى..

.............

دى ما اسئلة يا افندينا؟

ومال شنو يا عبدالرحيم..

دى سكاكين كانت تقطع فينى حته حته..

وأنا من هنا ورايح افندينا..

ما يفرقنى منك الا الموت!

أموت معاك..

أحسن ما أموت ميتة رخيصة!

Post: #129
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-23-2006, 03:21 PM
Parent: #125

فيما كان أفندينا يبحث عن مأوى له ولمرافقيه من الشباب وسط الجبال..

وصلت الى أنوفهم رائحة الشواء..

تصاحبها صيحات وفوضى وجلب..

قطب افندينا حاجبيه..

وأفرد طوله كاملا..

ممددا أنفيه حتى يتأكد من مصدر تلك الروائح..

أحس بقبضة حادة..

وقليل من الدوار تحكم فيه فى لحظه..

واستعاد هدوئه فى الحال..

وفيما هو فى تلك الحالة..

برز عبدو ديجانقو من وسط الشباب..

افندينا دى شنو الريحة دى؟

دى ريحة اهلكم يا عبدو..

لم يفهم عبدو..

أهلنا؟

نعم عبدو..

دى واحدة من الغارات..

وفى الحالة دى بيحرقوا القرية بالناس الجواها..

وكمان البهايم..

بدأ عبدو ديجانقو فى الاستفراغ..

ثم قفز عبدالرحيم الى الامام..

افندينا أنت قلت بيكتلونا..لكين بيحرقوا الناس ليه؟

بيحرقوا القرية يا عبدالرحيم بكل الفيها..

بدا عبدالرحيم كمن فقد عقله..

افندينا لازم نمشى هسه ونعلمهم درس ما ينسوه..

تمشى وين يا عبدالرحيم؟

ديل معاهم سلاح متطور..

وعربات لاندكروزر..

يعنى ما حتقدر تلحقهم..

وبعدين انت ناسى عددنا كم يا عبدالرحيم؟

والعمل افندينا؟

الصبر يا عبدالرحيم..

والتخطيط الهادئ السليم..

افندينا ممكن اسأل سؤال؟

اتفضل عبدالرحيم..

طيب أحنا ماشين وين؟

ماشين الجبال الشرقية..

ليه؟

عشان نقابل الخلية البتحارب هناك..

وليه ما مشينا دغرى بدل ما نلف بالجبال الغربية؟

عشان فى حاجات حنعملها وحااوريكم ليها..

حاضر افندينا..

زى ما تقول..

أنحنا معاك ووراك لغاية ما توصل وتوصلنا محل داير..

ما محل داير يا عبدالرحيم..

طيب شنو افندينا؟

محل لازم نمشى!

Post: #130
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-23-2006, 04:08 PM
Parent: #129

أخيرا جدا عثر أفندينا على (كركور) واسع ليضمه هو وجماعته للمبيت..

أستغرق تنظيف الكركرور وقتا غير قليل للتاكد من خلوه من العقارب والثعابين..

ومن ثم بدا النقاش..

عبد ديجانقو:

افندينا الناس ديل حرقوهم ليه؟

سياسة حكومة.

سياسة حكومة كيف يا افندينا؟

يعنى يدرسوا المداخل والمخارج بتاعة القرية فى الاول..

يحصروا عدد الناس..

وبعدين الساعة تلاتة ولا اربعة صباحا يبتوا يحرقوا القرية.ز

بى اى وزول وأى حاجة..

برضو ليه يا افندينا؟
ليه دى سؤال صعب. لكن لو راجعنا تاريخ العصور المظلمة مثلا نلقاهم كانوا بيعملوا نفس الشئ, بس بيحافظوا على النسوان والاطفال عشان يستخدموهم فى اغراض تانية.زلكين اى راجل قادر على القتال بيكتلوه على طلو.ز

مثلا عندكم جنكيز خان هولاكو..

ودا يا ابنائى كان قائد من المغول.ز وعاش فى فترة ما بعد الاسلام..

المنطقة بتاعة آاسيا وتركيادى كلانت عبارة عن سهول ووديان بيعيشوا فيها الناس زى العرب الرحل عندنا.. وكانوا دايما بيتحاربوا على مناطق الكلاء والمرعى..

والقوى يا كل الضععيف.

جنكيز خان هولاكو كان قوى وكانت عنده طموحات.ز

والطموحات دى أنه يوحد القبائل المتناحرة دى فى حاجة اسمها confederacy

Post: #131
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-23-2006, 04:22 PM
Parent: #130

الconfederacy يعنى أتحاد القبائل ديك كلهاعشان تعيش بدون حروبات..

بس الخطأ بتاع جنكيز خان هولاكو فى رايى هو ممارسة الرق..

وكان عايز الناس تدين ليه بالولاء..

الحاصل لينا هسه دا هو نفس الكان بيعمله جكنيز خان هولاكو.

فقط الفرق بينه وبينهم هو انه جنكيز خان كان بيسعى للوحدة.

والناس دى فاتت جنكيز خان لانها عايزة تمسحنا من الوجود..

فى الوقت الكان جنكيز خان هولاكو بيقول انه قيمة الانسان هى أعلى قيمة..

عبدو ديجانقو:

يعنى يا افندينيا حكوماتنا دى جنكيز خان هولاكو أخير منها؟

بالضبط كدا..

والعمل؟

العمل يا اولاد هو زى ما قلت ليكم الصبر..

والعمل المتواصل..

دا مشوار طويييييييييييل...

ومش معروف حينتهى متين وكيف؟

يعنى حتى لو الحرب دى وقفت برضو حيكون فى مشاكل تانية..

الناس البتكتل فينا هسه ديل هم نفسهم ما عارفين نتيجة الحرب دى شنو؟

عبدالرحيم:

كيف يا افندينا؟

الحكومة يا عبدالرحيم قالت ليهم النوبة ديل كفار.

أنت شايفنا كفار ياعبدالرحيم؟

لا طبعا افندينا.

البقارة صدقوا.. والفلاته صدقوا..

مش لانه احنا كفار.هم عارفين انه الكلام دا ما صاح لانه احنا بنصلى فى نفس المسجد ونفس الكنيسة.

ولكن وعدوهم.

لو كتلتوا النوبة.. الارض دى حلالكم..

مافى فى تاريخ الدنيا ناس بتتمسح من الوجود.

البقارة والفلاته المتجاوبين مع الكلام داما فاهمين زاتو الحاصل شنو.. وماتنسى انه مستوى

التعليم بسيط.

عشان كدا بيستعملوا السلاح فى الكتل والسرقة والنهب والكلام دا كله.

لما يرجعوا اصحاب الحق..

أو حتى أولادهم بعد زمن طويل..

المشاكل دى حترجع تانى..

وبعدين البقارة والفلاته والبيحاربوا للحكومة ديل حيكتشفوا انه اتضحك عليهم.

حينئذ موقفهم حيكون صعب..

Post: #134
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-23-2006, 04:53 PM
Parent: #131

فيما كان افندينا يناقش خطته الدفاعية القتالية البسيطة فى استراتيجيتها..

والمعقدة فى مضمونها وغاياتها..

كان القمر قد بدأ يتلمس طريقه الى كبد السماء..

رقيقا...

حساسا..

ومستحيا كعادته حينما يطل على تلك البقعة المنسية من أرض الله..

وقف القمر حائرا..

وهائما أمام ذاك الكركور..

وبدأ يتصنط لما يدور بين افندينا ومجموعة الشباب التى تسانده..

بلا قيد ..

أو شرط..

أو عائد..

سوى كرامة الانسان..

والحق فى العيش الكريم..

خرجت كادقلى فى ذاك الوقت من المساء..

وهى على غير عادتها...

لم تتزين..

ولم تخرج بكامل هيئتها كما جرت العادة..

اصابها كثير من القلق..

تعكر وجهها وانعكس فى ضوء القمر رغما عنه..

وثار الغبار فى شوارعها...

كما لو أنه رياح الخماسين فى بداياتها..

ورغم (بركات)شهر نوفمبر..

موسم الحصاد..

وأخراج الارض لكل خيراتها.

ألا أن ذلك الكرنفال.

لم تصاحبه رقصات الكامبلا..

ونشاط الكجور..

ورقصات البخسة..

وكافة الطقوس التى تصاحب ذاك الموسم..

بل العكس..

سار الاهالى الى بيوتهم فى كادقلى كما لو انهم يشيعون جنائزا غالية..

أطبق الهدوء على مدينة كادقلى..

وبدت هى فى غاية القلق والتوتر...

على غير عادتها..

واخذ الحديث والضحك والرقص شكلا آخر...

هدوء مطبق..

وهمس متقطع..

ونظرات زائغة..

وعيون تتلفت ذات اليمين وذات اليسار..

وأنطلقت كادقلى تسأل عن افندينا وأستاذ حسن وصابر وميمونة..

وكل ابنائها الذين شكلوا ايامها بكل قيمها الجميلة..

والحبلى بالمجهول..

أفتقدت كادقلى ابنائها وبناتها..

سألت كادقلى عن صابر وميمونة..

عن فاتيمتو وزوجها الحلاق..

عن افندينا ومجموعته..

عن سيد ابن افندينا ووعيه وادراكه كما لو أنه هو الوحيد الذى يملك الاجابة لكل اسئلتها..

تأذت كادقلى كثيرا من صمت ابنائها فى موسم الحصاد..

الخطب حينئذ جلل!

ماذا هى فاعلة؟!

نظرت الى القمر فلم تجد عنده الاجابة الشافيه..

أطرقت الى ارضها المعطاء دائما وابدا..

فوجدتها صامته وباردة فى سطحها..

تغلى فى داخلها..

نظرت الى ثانوية تلو للبنين..

وقد كان ذلك آخر أملها فى الاجابة الشافية..

ولكنها روعت..

حينما أكتشفت ان ثانوية تلو للبنين..

والتى تحمل المفاتيح لكثير من الاسرار..

تطالعها فى صمت..

وحزن..

ولكن فى ارادة حديدية..

أحست معها كادقلى بالرعب يسرى فى اوصالها!

كانت تلك احدى الامسيات التى لم تعرفها كادقلى فى حياتها...

أحست بالعجز فى نهاية الامر..

ثم أطلقت العنان لتفكيرها ونظراتها الى حيث يجلس أفندينا وجماعته.ز

دون ان تدرى هى أنهم فى ذاك الاتجاه..

يرسمون المستقبل الذى تحلم به!

Post: #117
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: معتز تروتسكى
Date: 04-14-2005, 10:16 AM
Parent: #1

خالص التحايا..
ايها المدينه كادقلى..
ايتها المراءه كادقلى الاستاذه (نور)..

لازلنا عطشى من سيرة المدينه فااسقينا حكى ..
الا ان نروى جوفنا حقيقة هناك على ارضها..
و


فى البدء...كانت كادقلى

Post: #118
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-14-2005, 10:24 AM
Parent: #117

عزيزنا تروتسكى

ارد عليك مساء اليوم انشاء الله

حيث اننى الان فى عجلة من امرى...

Post: #120
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: محمد القاضى
Date: 03-05-2006, 09:25 AM
Parent: #1

بت كدوقلى أختى نور..
لك أهدى ..

أنحنى تبجيلا
بشعر مضئ
من الخيال المقدس
لاحيئ النساء الخضر ..

وكنا كعاشقين حقيقين
نهزى بذكريات حبنا الماضى
وأضفنا أن كــادوقلى
أجمل من زيوريخ
وأستدعينا الطفولة
بين الغابة والجبل
اه من البلاد التى شردتنا
غرباء تحت الجليد.

هذا الشعر هو نتاج هذه المدينة التى تمثل أجمل مارايت ليست لانها مسقط راسى ولاننى تصعلكت فى كل المدن لم ولن أجد أجمل منها طبيعة وأناس وتراث غنى بالبهجة والأساطير .
فى منزل جدى الكائن جوار بيت الراهبات فى حى السوق التحت جوار مدرسة الشرقية تقول لى جدتى أن المك رحال ذهب الأبيض عام 1922 وهو يبحث عن شخص يعلم الناس الكتابة فوجد الفكى حامد محمدنور وهو قادم من قرية الكتياب فجاء به وأعجبته جدتى وهى تورد الماء فى ميرى فتزوجها وأنجبوا ..والدتى أم الحسن حامد وخوالى محمدنور ويوسف حامد ومحمد أحمدأبودقن ومنح جدى أراضى وقام ببناء المسجد القديم جوار بار حبشى وتبع جدى من الكتياب ابى وهو ابناء محمد القاضى أول من درس ابن عمنا التجانى يوسف بشير القرأن فى خلوة الكتيابى باأمدرمان وجاء الجلابة من قرية الكتياب إلى كادوقلى وولا يوجد جلابى لم يتزوج من المنطقة عمر الخليفة وأبناء عبد الحفيظ و...

يعنى لاأريد أن أقول لك أن هذة المدينة لهذة الخليط دور فى تأسيسها بمحبة وسلام وهم مازالوا هناك لم يهاجروا مثلى ومثلك .. ولا تقولى بأن الجلابة شردوا ليس كذلك لاننا ببساطة لانعرف وطن غير تلك المدينة أينما يولد الناس ويعيشوا ويندمجوا فهى بلادهم مع الأحتفاظ للسكان الأصلييين بحقوقهم الثقافية والأعتراف بها .

إننى أشتركت فى البورد متأخر ولكننى يوما بعد أذنك سوف أكتب ما أعرف عن هجرة الجلابة فى حى السوق بكادوقلى منذ دخول جدى الفكى حامد عام 1922وأرتباطة بأسرة الفكى على الميراوى .

وتقبلى تحيات أسرتى الصغيرة معى هنا فى الغربة . واصلى ذكرياتك ونحن نتابع رصدك الجميل ولكن أهتمى يانور بالبعد الجمالى للفكرة فى اثناء سردك .مع حبنا لك .

Post: #121
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-05-2006, 11:26 AM
Parent: #120

القراء/ت الاعزاء...


الاخ المحترم محمد القاضى...

(بما أنك اول المتداخلين بعد أن انصرفت عن هذا البوست لمدة طويلة)..



قبل أن أدخل فى موضوعى..

أكرر شكرى أجزله للاخ بكرى أبوبكر..

الذى تفضل مشكورا بأحضار القصة من الارشيف..

وأوعد بتكملتها هذه المرة..

وسوف أعود مساء اليوم..

وسف ابدأ بالرد على مداخلة محمد القاضى..

Post: #122
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: عبدالرحمن عزّاز
Date: 03-05-2006, 10:05 PM
Parent: #121

كادقلى.......
يا لها من مدينة !
ننتظر هنا فى حى السوق، و أمام بوابة المستشفى...
كادقلى...
توتو كورو !
و يالجمالها ......
تحياتى أستاذة نور؛؛؛

Post: #123
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-23-2006, 02:41 PM
Parent: #122

الاعزاء:



محمد القاضى

تروتسكى

عزاز

اعود اليكم لاحقا...

Post: #124
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-23-2006, 02:44 PM
Parent: #123

الاخ العزيز بكرى ابوبكر


ماعارفة ليه أنا دايما متلومة معاك؟

وبدون قصد يشهد الله..

قلبت البوست قبل قليل...

بغرض الاستمرار فى الكتابة...

فاذا بى اجدك رفعت البوست!

والله لوم منى يا بكرى..

وعوجة شديدة خلاص..

وممسوحة فى وشى..

وعشان خاطرك...

وخاطر القراء..

حا أركز مهما كانت ظروفى..

ابشر بالاستمرار حتى نهاية القصة!

Post: #126
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: Shams eldin Alsanosi
Date: 03-23-2006, 03:16 PM
Parent: #1

كنت معتكفا هذه الايام امارس بعض اسباري
ووعدني الكجور الاعظم (أورو) بأنه سيحقق احد امنياتى

ففتحت عينى لاجد نفسي فى منتصف سوق كادقلى

فقررت المكوث

Post: #132
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-23-2006, 04:24 PM
Parent: #126

شكيتك على الله يا شمس الدين..

وكت أت عندك أتصال مكثف بالكجور...

ليه ما اديتنى خبر...

عشان أديه اللسته بتاعة الطلبات المعلقة ليها الاف السنين؟!

Post: #127
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: Adil Osman
Date: 03-23-2006, 03:17 PM
Parent: #1

صور من كادقلى يا نور تاور





http://www.antoniocores.com/english/index.html



http://home.tiscalinet.ch/madagascar/imagepages/image1.htm

Post: #133
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-23-2006, 04:26 PM
Parent: #127

عادل عثمان



انا من غير ما اشوف الصور..

قلبى ببقى زى الهبابة لمن اتذكر كادقلى..

مالك على؟

عموما تشكر يا زوق..

Post: #128
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: Shams eldin Alsanosi
Date: 03-23-2006, 03:20 PM
Parent: #1

عفوا عادل عثمان

انك تقتلنى

شكرا ايها المتفرد

Post: #135
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-23-2006, 05:01 PM
Parent: #128

شمس الدين..

كتلك براك عادل عثمان؟

دا عمل فينى عملية صعبة جدا جدا..

وهسة محتاجة break...

عشان اقدر اواصل..

المشكلة يا شمس الدين انه احبابنا السودانيين ما قادرين يتخيلوا ارتباطنا (بالحتة ديك)..

شكله كيف..

وكادقلى بالذات..

بالنسبة لى هى معنى وجودى..

وقيمتى..

وكيانى..

وكل شئ..

يعنى من غير كادقلى..

لا اسوى شئ...

تخيل أنه أنسان يعيش أكتر من عشرين سنة وهو لا شئ!

دى مش قدرة الله سبحانه وتعالى فى اسمى معانيها؟!

Post: #136
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-24-2006, 02:57 PM
Parent: #135

توفر لدى أفندينا فى تلك الليلة أحدى وخمسون شابا ورجلا...

يحملون بنادق صيد وبعض الذخيرة..

الاسر التى بقيت خلفهم فى أول محطة زاروها أنتهت بكاملها فى الغارة التى حدثت فى اليومين

المتاليين لمغادرتهم تلك القرية...

هذا عدا الذين سيقوا الى معسكر مسور بالشوك قد بدأ الاعداد له حول مدينة كادقلى..

وأغلبهم من النساء والاطفال الناجين من النيران...

لم تتوفر لدى أفندينا ومجموعته معلومات عن نتائج الحريق الذى أندلع فى تلك الليلة..

حيث مازالت رائحة الشواء تزعج انوفهم..

وأستمر الاجتماع داخل الكركور..

كانت الخطة الاساسية هى تنبيه القرى المجاورة لموجة الشر الذى يزحف اليهم بخطى حثيثة..

أما المواجهات القتالية فهذا ما منعه أفندينا تماما..

نسبة الى محدودية عددهم..

وافتقارهم الى السلاح..

عبدالرحيم قلق بطبيعة الحال..

ومشتعل على الدوام..

وبما أنه لم يكن بمقدوره المواجهة فقد قرر الحصول على أجوبة لكافة الاسئلة التى تدور بخلده فى

ذاك الاجتماع..

افندينا..

نعم يا ابنى..

يعنى أحنا ما حنحاربهم كله كله؟

ما هسه يا عبدالرحيم ...طول بالك..

المواجهة فى الوكت دا معناها أنتحار جماعى..

يعنى أفندينا ممكن لى قدام يحصل؟

انشاء الله يا ابنى..

طيب افندينا والناس الفى كادقلى؟

ديل أحتمال ما يدخلوا ليهم عديل...

طيب كيف افندينا؟

يعنى حركة اغتيالات..

زى ما حصل لكاكدلا والمعاه؟

بالظبط كدا يا عبدالرحيم..

أأأأأأأخ..أنا كا لميت فوقهم..

حيحصل يا عبدالرحيم..

وان شا الله ما يحصل..

ذعر عبدالرحيم...كيف افندينا ما يحصل؟

أن شا الله الموت دا يقيف يا عبدالرحيم..

نظر عبدالرحيم الى وجه افندينا مليا..

ثم اردف قائلا وبتأكيد واضح:

افندينا..

نعم عبدالرحيم..

أنت متأكد أنه الكتل دا ماحيقيف..

للاسف ياعبدالرحيم كلامك صاح...

Post: #137
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-24-2006, 03:14 PM
Parent: #136

خرج صابر من قاعة المحاضرات ظهر ذاك اليوم وبدأ يتجول ببصره حول مقاعد كلية الحقوق بجامعة

الخرطوم..

حيث كان على موعد مع سليمان وداللمين..

وجد سليمان جالس وهو مطرق..

مهموم..

وقد لاحظ صابر أن يداه كانتا ترتعشان بشكل واضح..

وقف صابر أمامه..

فاردا طوله وجسمه النحيل..

وفى شفتيه ابتسامه قلقة أظهرت ما بداخل ذاك الفم من اسنان ناصعة البياض..

وأنتظر سليمان ليقل شيئا..

تلك العلاقة لم تحتج الى تحايا وبروتوكولات..

فهى صداقة طفوله..

تغلفها نسبة لا منتهية من الشفافية والحب والثقة..

ولكنها ايضا مغلفة بأحداث اكبر من هذين الشابين..

أحداث مدمرة..

نيران وقتل وبارود وحرائق وكل ما يخطر على قلب بشر من فظاعة..

ومستقبل أمة بالكامل يهتز كأوراق الشجر فى فصل الشتاء..

فى شنو يا سليمان؟ مالك؟

ما تتكلم يا أخى أنا ما ناقص..

الجبال..

أى جبال يا سليمان..

عندنا غيرها؟

حينئذ جلس صابره بهدوء كما لو أنه قد الم به مرض قاتل سرى فى جميع اوصاله..

وحصل شنو يا سليمان؟(علا صوته قليلا)..

فى غارات فى الجبال وباين كدا أنها برنامج مرسوم ومحدد..

طيب ما احنا عارفين دا كله حيحصل..

ما بالطريقة دى يا صابر؟

ومال كيف؟ الموت يا هو الموت يا سليمان..

دا ما موت..

بيحرقوا الناس والبهايم وبكتلوا اى واحد قادر يحارب. والباقين بلموهم ويودهم فى معسكرات

(مزروبة) بالشوك..

بدأ صابر يسأل بكلمات بطيئة مركزا على كل كلمة , وقد بح صوته تماما..

جبت الكلام دا من وين يا سليمان؟

ناوله سليمان خطابا تبدو عليه آثار عدوان سافر وقراءة متكررة الف مرة..

Post: #138
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-24-2006, 04:05 PM
Parent: #137

أستغرق صابر دهرا بكامله لقراءة الخطاب..

ثم ألتفت الى سليمان فى هدوء ممل وسأله..

وانت رايك شنو يا سليمان؟

أنتفض سليمان..

عيناه كما الجمر..

زادت ارتعاشة يديه..

وبدأ الزبد يخرج من شفتيه قبل أن يتحدث..

رأيى شنو يا صابر؟!

أنت عمرك ما وثقت فينى..

صابر مقاطعا..

دقيقة..دقيقة..دقيقة..

أولا ولمعلوميتك فى اربعة شخصيات شكلت حياتى..

سليمان مقاطعا وقد بدا عليه التاثر:

حبوبتك و جدك وأنا,...

صابر...

أنت عارف يا سليمان..

عارف..

المشكلة انه علاقتى بيك هى برضو الشكلت حياتى وانت واحد من الناس دى..

ولما تسالنى سؤال زى دا يا صابر...

يبقى حكم بالاعدام فى جريمة انا ما ارتكبتها..

أنا آسف يا سليمان..

ولكن..مش البقارة هم البيعملوا الحاجات دى؟

مش انت بقارى يا سليمان؟

أنا بقارى يا صابر..

لكين الجبال الشكلت شخصيتك ومبادئك , عملت فينى نفس الشئ..

دا وضع خطير...

وصعب..

وأكبر بكثير من العلاقة البينى وبينك..

وبعدين يا صابر بلاش الكلام البترمى فوقه يمين شمال..

صابر مقاطعا:

داير كلامى معاك يكون (منمق)؟ يا سليمان؟

مش القصد..

بس كلامك حار..

يعنى شنو البقارة البيعملوا كدا؟

يا سليمان.. أنا عارفه موقف صعب. و زى ما الجبال بتعنى كل شئ بالنسبة لى..بتعنى كل شئ بالنسبة

ليك..

لكين لما أهلك يعموا كدا.. أنت ما حتلومنى على اى حاجة..

صابر؟

نعم سليمان...

أولا عمك ود اللمين مات بالسكتة..

قفز صابر على رجليه..

متين؟ وليه؟

دى يا صابر ما دايرة ليها متين وليه؟

عمك عرف الحاصل والحيحصل..

أنا معاك فى الجامعة طالب...

يعنى لا شلت بندقية ولا حرقت نار..

ولكن فى ناس قالوا ليهم النوبة ديل كفار ولازم يموتوا..و انت عارف مستوى التعليم..

كلنا متساويين فيه..

سليمان ...أولا أن حزين لموت الوالد..

حزين جدا..

عارف يا صابر..

ولكن البيعملوة البقارة دا داير ليه تفسير..

أنت حالة فردية..

وصاحبى..

ومش صاحبى وبس...

حاجات كتيرة...

لكين الباقين نعمل فيهم شنو؟

ماشين ورا الحكومة ليه؟

أنت هسه يا سليمان عايش فى الخرطوم وأنا عايش فى الخرطوم..

عارف وضعنا شنو؟

عارف يا صابر...(غرابة)...

واحنا فخورين بكدا..

لكين قول لى اهلك البيفهمهم شنو؟

ما قاعد تسمع النكات عن العربى فى الخرطوم؟

بسمع يا صابر...

وبعدين يا اخى انت اخو مسملم..

بعد الجواب دا خليتهم يا صابر..

بحلق صابر عينيه عن آخرهما(خلتيهم؟!)

خليتهم..

الارض قبل أى حاجة تانية يا صابر..

أنا آسف يا سليمان عن أى كلمة قلتها ليك لحدى هسه..

الاعتذار ماليه معنى...

أنت قريت الجزء بتاع هانى العجلاتى فى الجواب؟

قريته...

ود ال..؟

بس ليه يوم..

المشكلة يا سليمان الزيك قلال..

فى نهاية الامر الناس دى عايزة تعملها نوبالاى وبقارى..

وعملوها يا سليمان..

عارف...

يعنى موقفك دا يا سليمان لا هو موثوق به من النوبة..

ولا هو مقبول من البقارة البيحاربوا للحكومة...

عارف يا صابر...

عرفت ليه انه انا مصيتى أكبر منك يا صابر؟!

عرفت يا سليمان..

Post: #139
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: عبدالرحمن عزّاز
Date: 03-26-2006, 08:43 AM
Parent: #138

*

Post: #140
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: معتز تروتسكى
Date: 03-26-2006, 10:36 AM
Parent: #139

كادقلى..

Post: #141
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-26-2006, 11:35 AM
Parent: #140

معتز...


أنت وين؟

المنبر خلا...

ولا قلت احسن صمة الخشم ولا القحه؟!

Post: #142
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-26-2006, 11:39 AM
Parent: #139

عبدالرحمن عزاز



وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.

بس لازم أنوم شويه قبل ما أكتب..

والا الكتابة كلها حتطلع غلط!

واقوم ادخل كادقلى فى شندى ...

وشندى فى كباكبية...

وكبابية فى رومبيك..

ورومبيك فى وادى حلفا..

ووادى حلفا فى بورتسودان...

وبورتسودان فى النيل الازرق!!!!

.....

ما أخير أنوم ؟!

Post: #143
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: Adil Osman
Date: 03-26-2006, 05:22 PM
Parent: #142

نور تاور وشمس الدين السنوسى.
شكرآ ليكم انتو. والله لقد تعلمت اشياء كثيرة مما تكتبانه هنا. وتعرفت على ما يجمع بيننا نحن السودانيين فى كافة ارجاء الوطن. التحية ليكم ولباقى الاخوة. والقومة ليك يا وطنى..

Post: #144
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-30-2006, 11:23 PM
Parent: #143

خرج صابر من الجامعة بعد أن ترك سليمان ود اللمين غارقا فى افكاره..

وسابحا فى ملكوت رب العالمين..

لا يتحرك فى تلك الكنبة أمام كلية القانون بجامعة الخرطوم..

حتى خيل الى المارة أنه تمثال أتت به أدارة الجامعة..

بدا كما لو أنه قد شاب فى بضعة ساعات..

كومة أنسان فارقتها الحياة وافقدتها القدرة على التحرك..

بدأت شمس الظهيرة تميل الى جهة الغرب..

فانعكست على رأسه ووجهه..

وأظهرت ذاك الرأس المستدير..

وشعر أسمر كثيف يغطى جبهته..

ثم كومة من الشعر على الحاجبين كما لو أنها (ربطة قش) القى بها صاحبها بعنف..

خرج صابر الى الشارع العام لا يلوى على شئ..

تعدى مبانى الجامعة ثم دلف الى أول بص قابله كمن يطارده مارد من الجان..

وجد بالقرب منه مقعدا فارغا..

ولكنه نسى أن يجلس..

تابط بضعة كتب..

وأهوال من الهموم..

نزل من البص ودلف الى مستشفى السلاح الطبى حيث تعمل زوجته ميمونة ممرضة..

وحالما رأته أحست بالبرود يسرى فى جميع أوصالها..

وخوف أشبه بالذعر..

صابر؟!

أنا زاتى..

مالك ؟فى شنو؟

ليه عشان جيت اشوفك؟

ما من عادتك تجينى محل الشغل..

مافى حاجة..داير أشوفك عاملة شنو.. وبرضو اقول ليك ماشى لاستاذ حسن وحاأتأخر معاه الليله..

انت مش عندك أمتحانات؟

عندى..

وبعدين؟

وبعدين شنو؟

أفندينا مالوه يا صابر؟

حينئذ قفز فى حركة لا ارادية وتلفت حوله بسرعة ثم خفض صوته واقترب من ميمونة أكثر..

الاسم دا ما تجيبه فى أماكن عامة..

تانيا افندينا بخير..

أكيد فى حاجة..

بصراحة فى حاجات..

فى شنو؟

البلد ولعت حريقة..

ذعرت وأحست بأن فى حلقها أرطال من الدقيق..

حاولت أن تبلع ريقها فلم تستطع..

كادقلى؟!

كادقلى ما ولعت حريقة بالمعنى الواضح...لكين فى حرق وكتل وجرايم فى المنطقة كلها..

المهم لما ارجع حا أحكى ليك كل حاجة..

خلى بالك من نفسك يا صابر..

وأنتى كمان..

على فكرة لو سيد اتصل بيك قولى ليه أنا عايزه...

سيد ودوه التدريب العسكرى فى جبل أوليا..

Post: #145
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-31-2006, 00:02 AM
Parent: #144

فى شوارع أمبدة المتعرجة..

يثور فيها الغبار فى حلقات داثرية ثم يختفى مع الاثير..

كانت الشمس قد أستقرت فى الجزء الغربى من المدينة..

وقد حولت نفسها الى كتلة من النيران الحمراء والصفراء والبنفسجية..

لم يبد عليها أنها تتعجل الخطى لمغادرة تلك المدينة التى تعج بالسكان والهموم..

كما لو أنها تشفق على مصير الكثيرين منهم عندما تغادر...

بدأ الليل يتقدم نحو المدينة..

وبلا حماس ايضا.....

وبدأ الجنود أيضا ينتشرون فى الشوارع مثل كتل الشر...

تتحرك فى كل الاتجاهات لتمارس جرائمها....

قلنا شوارع معرجة؟

نعم..

وصبيان يتصايحون هنا وهناك...

بملابس متسخة...

ووجوه لم تسمع عن براءة الاطفال منذ المهد..

بدأت اصوات الامهات والاباء تنادى على ابنائها..

اصوات تعانى من حشرجة الموت..

وضغوط سكان أطراف العدن السودانية الكبيرة..

أطرق صابر..

وبدأت خطوته تبطئ فى المسير..

كان ذهنه فى حالة هياج..

وخيل اليه أن ورشة (ود مسمار) نشطه فى عمل النجارة فى تلك اللحظة..

بدأت ضربات قلبه تتزايد كلما أحس بالاقتراب من منزل استاذ حسن..

شئ ما..

جعله يحس بالخوف على استاذ حسن..

وكان لسان حاله يقول..

لو حدث لاستاد حسن شئ..

سوف لن استطيع مواجهة الحياة...

فهو عامود من الصلب..

يرفع فوق رؤسنا سقف كرامتنا المهددة بالانهيار..

نعم هذا شعورى...

مصير المنطقة بالكامل..

قابع فى قلب وعقل وأحساس استاذ حسن..

هذا الرجل الخرافة..

هكذا كان يحدث نفسه...

حتى وجد نفسه أمام منزل استاذ حسن فى أطراف امبدة...

Post: #146
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-31-2006, 00:47 AM
Parent: #145

دهش صابر حينما وجد أستاذ حسن جالس فى كرسيه أمام الباب..

وما أن رأى استاذ حسن صابر حتى هرع اليه..

وأحتضنة بقوة...

ثم نادى على من بالداخل ليحضر له كرسيا آخر...

نظر صابر الى أستاذ حسن فى وجهه فترة ليست باقصيرة..

وقد سيطرت على صابر موجة من الحزن والكتئاب لم يستطع ان يداريها..

هزل أستاذ حسن وفقد كثيرا من وزنه..

بدأت الشعيرات البيضاء تتسرب الى شعره..

بدا كما لو أنه فى السبعين من عمره..

ما يزال شديد الكبرياء..

سمح المحيا..

تلقائى...

بسيط...

متواضع..

هادئ هدوء المؤمن بحق فى الله عز وجل..

نفس الابتسامة التى ينفطر لها الحجر أثنين..

وباختصار فان أستاذ حسن هو كل القيم الجمالية فى البشر..

قطع استاذ حسن لصابر تلك اللحظة وسأله..

صابر؟

انت مشيت وين يا ولدى؟

عاد صابر الى الواقع الملموس أمامه بقفزته اللارادية المعهودة...

ثم تلفت ذات اليمين وذات اليسار كمن يبحث عن شئ..

أنتبه الى وقوفهما الاثنان وجها لوجه..

صابر بطوله الفارع وجسمه النحيل..

واستاذ حسن مربوع القامة..

جيلين من الرجال..

يقفان أمام بوابة جهنم الحمراء الذى حالت بينها وبينهما فترة زمنية مجهولة الهوية!

ابدا أستاذ حسن.. بس أنت ضعفت شديد..

أنا كويس يا صابر...بس ما عندى نفس للاكل..

وما بنوم..

أحضر الكرسى وجلس الاثنان..

يا أستاذ حسن أنت قعادك فى خشم الباب دا خطر..

مافى خطر ولا حاجة يا صابر..

الناس ديل كان دايرنك بكسروا الباب وبيخشوا...

وأنت احوالك كيف يا استاذ حسن؟

كويس والحمد لله ..أتعالجت من وجع الضهر...ومنتظر اشارة عشان ارجع كادقلى..

ما افتكر الخلية حتوافق..

ليه يا صابر؟

ثم ناوله صابر الخطاب..

قراءه استاذ حسن .. ولدهشة صابر كان استاذ حسن هادئا و ملما بكل تفاصيل تلك الرسالة...

والعمل يا استاذ حسن؟

كدى هدى نفسك شوية يا صابر..

نشرب الشاى...

وبعدين نخش جوة نتكلم..

اتغديت يا صابر؟

أتغديت الحمد لله..

انا زاتى دايرك يا صابر...وكنت متأكد أنك حتجى...

عشان كدا أستنيتك..

Post: #147
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-31-2006, 01:13 AM
Parent: #146

جلس الاثنان فى غرفة عارية تماما..

يا مولاى كما خلقتنى..

ألا من سرير حديد أمامه طاولة صغيرة..

ودولاب ملابس نحيف كما لو يعانى من الانيميا..

وكرسى مقابل للسرير..

أطرق صابر كثيرا..

والقى براسه فى صدره كما لو أنه حمل ثقيل لا يقوى عليه..

وسرح بذهنه الى مدارس كادقلى الابتدائية والمتوسطة والثانوى..

برز وجه استاذ حسن فى تلك الفترة...

رجل من جيل العمالقة..

وفترة من الهدوء والجمال فى تاريخ السودان...

وفى كادقلى بالذات..

فى طريقها الى الزوال..

والى الابد..

جلس أستاذ حسن على السرير وهو ينظر الى هذا الشاب الجالس امامه..

يفيض حيوية وشبابا..

ويعانى من عشق البلد..

ومرارة الحياة القاسية التى قابلها فى طفولته..

ثم أرتال الهموم المستقرة فى وجدانه وعقله فى تلك الفترة..



قلت لى العمل شنو يا صابر؟

نعم أستاذ حسن(جلس فى حالة أنتباه شديد)..

قبل ما نتكلم عن الحلول...نشوف الناس دى زاتها دايرة شنو؟ بتعمل كدا ليه؟

عفوا أستاذ حسن... بسن أنحنا عارفين دا كله..

لا يا صابر يا ولدى..أحنا ما عارفين كل حاجة..

ما خفى أعظم..

البيحصل فى الجبال دا يا صابر ما حرب...

الحرب ليها ساحات وليها جنود بيواجهوا بعضهم البعض..

وليها اسباب...

لكين لما يغيروا على الناس وهم عزل ونايمن...

ما بتبقى حرب..

ولما يلموا الناس زى البهايم ويختوهم فى معسكرات مزروبة بالشوك...

دى ما بتبقى حرب..

دا مشروع أبادة يا صابر...

الناس دى ما دايرة تسمع بحاجة أسمها نوبة...

وبعدين يا صابر البقارة ديل والجندوهم عشان يحاربونا..

فاكرين أنه صحى النوبة حيتمسحوا من الوجود؟

بس يا استاذ حسن دى جريمة فى حق البشرية كلها مش فى حق النوبة بس..

أقول ليك يا أبنى..

لو لاحظت من التقارير البتجيك...الناس البتحارب دى مشحونة بنوع وكمية من الكراهية ضد النوبة

تحير..

مسالة كفار وما كفار..دا كله كلام فاضى..

هم عارفين أنه نحنا عندنا مساجد وكنايس وكله..

بس الناس دى عملوا ليها غسيل مخ جامد...

وفكوهمم فينا..

بس ياأستاد حسن لو ما كان فى أستعداد نفسى من اصله ما كانوا أستجابوا..

وأنا المحيرنى...

ليه؟

بينا وبينهم شنو؟

مافى بيننا وبينهم الا حسن الجوار والمصاهرة والصداقة وكل حاجة كويسة يا صابر..

بس يا أستاذ حسن بالطريقة دى الباقى من الموت حيعيش مع بعض كيف؟

لما يجى وكته يا صابر بعدين فى كلام...

لكين هسه..

النوبة حيحشوهم حش الجرجير..

فى عملية غدر وخيانة ما حصلت فى التاريخ..

الحرب لما تنتهى الحكومة حتقعد فى الخرطوم تتفرج علينا..

مسألة الكراهية ضد النوبة دى يا صابر يا ولدى دايرة ليها تفسير...

أنا لى هسه مالقيته...

Post: #148
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-31-2006, 02:15 AM
Parent: #147

سمعت بالسلاح الجابه مبارك الفاضل من ليبيا يا أستاذ حسن؟

حزب الامة يا صابر عنده مشاكل كتيرة ومعقدة..

والحرب البدوها فى جبال النوبة دى وببرنامج تعريب وأسلمة والكلام دا كله ما بيعالج مشاكل

الحزب.

والاساليب الجديدة الدخلوها فى الحرب دى.. آثارها حتمتد لمئات السنين لى قدام..

برضو يا استاذ حسن فى ظواهر جديدة زى العيال الصغار البختفوا..

أحداث الضعين..

الاعتداء على الستات..

دى جرايم كبيرة جدا يا أستاذ حسن..

واظنك سمعت يا صابر حسب التقارير العندك أنه الحزب هسه بيعمل فى تعبئة عامة..

وعندة خطة عشان يمسح بيها النوبة من الوجود..

عموما يا أستاذ حسن..

أنا بتفق معاك فى أنه نواصل البحث فى الاسباب..ولكين كمان نواصل المتابعة..

بس لازم يكون فى حل..

يا صابر أحنا ممكن نتجه للمجتمع الدولى..

ومنظمات حقوق انسان...

دى بتعمل ضغط على الحكومات عشان تخفف من البتعمل فيه..

الضغط براه مش كفاية يا أستاذ حسن..

عارف..وأتفقنا أنه نشوف حكاية الحرب مع الجنوبيين..

الجنوبيين هسه يا أستاذ حسن بيعملوا غارات على الجبال عشان يضايقوا الحكومة زى ما أنت عارف..

والحكومة لقته مبرر وقالت أنه التعبئة دى عشان يصدوا الهجمات بتاعة الحركة...

وبالطريقة دى نكون نحنا بين نارين..

الحركة لما تغير على البقارة بتعمق المشاكل البيننا..

وما تنسى أنه القرية بيكون فيها نوبة وبقارة وكله..

وكل الاهالى بيكونوا أبرياء..

لما تنسحب الحركة..

تجى الحكومة تنتقم من النوبة...

يعنى المسالة شكلها كدا زى الحركة بتمهد للحكومة عشام تحاربنا..

الاسباب كثرة..

والمبررات اكتر يا صابر..

لكين زى ما قلت ليك...أتفقنا انه نحارب مع الجنوبيين.. لانه مافى حل غير كدا..

على فكرة سيد اخباره شنو يا صابر؟

مشى التدريب العسكرى فى جبل اوليا..

جانى شريط من أوبوه..

قفز صابر فى حركته الغير ارادية وبحلق عينية..

أفندينا؟!

نعم..

أفندينا زاااااتو..

وحا أسمعك الشريط هسه دى..

Post: #149
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: معتز تروتسكى
Date: 03-31-2006, 03:53 AM
Parent: #148

ياوالده يانور ازيك

واتتنى تباشير الخريف والدعاش الكردفانى وسالت نفسى..
هل حقا ذهبنا..!
وهل حقا اننا صرنا فى حافة التصديق بالاخبار السعيده من عدمها...
حب ..ومن حلم ..ومن امل ...ومن الم....ومن فال.....ومن فرح.....ومن غيم .....ومن اعياد...
ففى البدء...كانت كادقلى


...شلال كلبي كادقلي


صوره من كادقلي


وبجيكي صادي عشان صابر وعشان الناس الصابره سنين بالحاله المادغريه....

Post: #150
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-31-2006, 04:24 AM
Parent: #149

معتز..



الله يجازيك..

كان تقلب على المواجع..

اللى هى اصلا متقلبة..

(شلال كلبى) (بكسر الكاف وتسكين اللام) كان مكانى المفضل للزيارة فى طفولتى مع أحدى عماتى..

الله يرحمها ويحسن اليها..

ماتت من القهر...

لما لقت الناس القدامها كلهم يا كتلوهم يا ماتوا...

لاى سبب من الاسباب...

شلال كلبى دا يامعتز فيه فورة عجيبة..

تشوف الموية كأنها بتغلى..

وفيها زيد ورغوة..

وبعدين تعاين للجبال تحاصرك من كل حتة..

مغطية بالاعشاب الخضرا..

كأنهات فستان لطفلة يوم العيد..

وهى فى حالة هدوء مطبق..

ولكن تحس أن هدوئها هو أحسن الاصوات..

يهدر الشلال..

ودايما مستعجل..

وما تعرف اذا كان غضبان..

أو ميت من الفرحة..

عنده عناد وتحدى..

وكأنه داير يقول ليك..

أنا فى الرقة دى..

أقوى من الجبال..

بقدر أتسرب..

وادخل كل حته..

لكين الجبال بتقدر تعمل كدا؟

طبعا لا..

وتحس يا معتز أنك أنت ..

بقيت أنت...

كامل الوجود..

وكامل الانتماء..

وكامل الجذور..

وكامل الدسم..

ثم لا تملك الا أن تصلى ركعتين..

شكر لله..

Post: #151
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-31-2006, 04:56 AM
Parent: #150

أخرج استاذ حسن جهاز تسجيل صغير من دولاب ملابسه..

وأخرج معه الشريط الذى أرسله افندينا..

ثم ادار الشريط..

خرج ذاك الصوت الجهور..

الهادئ..

الواثق..

الحاسم والودود..

لاحظ أستاذ حسن أن يدى صابر قد بدات ترتعش وأن العرق قد بدأ يتصبب من جبينه...

....

أخى العزيز حسن..

وكل الاخوان والاخوات...


السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..


أتحدث اليكم الان من أحد سفوح الجبال..

فى منطقة تعرفونها جيدا بحكم متابعتكم لنا..

نحن بخير..

ونتمنى أن تكونوا كذلك..

الوضع كما نبلغكم به باستمرار...مخيف..

وهو يزداد سوءا كل يوم..

والموقف يتصاعد بشكل درامى سريع..

أنتشرت قوات عسكرية فى الجبال..

يملكون السلاح والعربات والذخيرة والزى والرتب العسكرية..

يحرقون..

وقتلون..

ويعتدون على النساء..

ويختطفون الاطفال..

ولديهم همجية فاقت حد تصور..

قوات الحركة فى مناوشات دائمة معهم..

وعند أنسحاب الحركة..

تأتى الحكومة وتدك الارض دكا..دكا..

بما فيها ومن فيها..

نحن الان تعدى عددنا الاربعين شخصا...

معظهم من الشباب..

هم الكنوز التى أستمتع بصحبتها الان..

شباب يحملون قلوب الاسود..

وعبدالرحيم أبن أخوك الترزى (أندو)..

عبارة عن قنبلة موقوته..

حماس منقطع النظير...

مهمتنا كما أتفقنا عليها هى جمع أكبر عدد من الشباب لتوعيتهم بما يحدث..

بكل التفاصيل..

مساعدة الاهالى فى أخلاء منازلهم..

والمهام الاخرى التى كلفتونا بها..

وهذا ما افعله الان..

وحريص كل الحرص ان اجاوب على كل اسئلة عبدالرحيم..

لانه مندفع وقد يقوم بعمل متهور..

المهم اقوم بارسالهم الى القرى والمدن المجاورة لننبههم بما يمكن ان يحدث..

أيضا نشجع الاهالى على الصعود فوق قمم الجبال والاحتماء بالكراكير..

ولكن الكراير نفسها شديدة الخطورة نسبة للثعابين والعقارب التى تتخذها سكنا لها..

هناك من يستجيب..

وهناك من يرفض ويفضل الموت فى بيته..

تعرفون أنتنماء النوبة لارضهم..

التفاصيل تصلكم اول باول..

لذلك ليس لدى الكثير الذى اقوله الان..

فقط نحن فى حاجة الى مجموعة من الاحذية القوية..

بعض االمضادات الحيوية والاسبرين ..الخ

المهم كلما يتعلق بالاسعافات الاولية...

وياحسن اعلم أنك قد بعت كثيرا من ارضك وحلالك لتصرف على الخلية..

ولكننى أرجوك أن تتوقف عند هذا الحد وتترك شيئا لابنائك..

لديكم شيكات كتبتها لكم بتواريخ مؤجلة...

أرجو صرف المبلغ بالكامل ودون تردد..

يا حسن خلى بالك من سيد..

لان مايخيفنى فيه...

هو أنه حتى الان لم يفصح عما يدور بعقله..

وهو كما تعلم عنيد وجبار..

وناوى على شئ!

ولا تقلقوا علينا...

نحن خرجنا حاملين أعناقنا فى أكفنا..

وصدقونى أن كل من يفقد حياته منا..

فقد مات سعيدا...

لاننا نواجه معركة كرامة..

ولو قدر لنا القيام بمظاهرة أخرى فى كادقلى...

فسوف يختلف الهتاف..

ليصبح هذه المرة..

نموت وتحيا الجبال!!

أنتظر يا حسن فى الخرطوم حتى ترد عليك الخلية وتبلغك بدورك الحالى..

تحياتى لميمونة وصابر..

وقل لصابر نحن فى انتظار شهادته الجامعية فى القانون..



والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..

Post: #152
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 03-31-2006, 03:55 PM
Parent: #151

خرج صابر من منزل استاذ حسن فى أطراف أمبدة فى وقت متأخر من الليل..

خرج مهموما حزينا.

أبطأ الخطى..

واطرق وجههه على الارض على غير عادته ألا فى الحالات المستعصية..

كان سكان الخرطوم قد آووا الى اسرتهم..

منهكين..

ومتعبين..

فئة أخرى على النغيض..

أوت الى اسرتها وهى متخمة..

منتفخة البطن..

وخاوية الرأس والضمير..

وصل صابر فى وقت مـاخر من الليل..

وجد ميمونة جالسة على كرسى بالقرب من الباب..

أنتى لسه صاحية؟

ودى بلد الواحد ينوم فيها لو فى زول فى البيت برا؟

أقوم أجهز ليك العشا...

أتعشيت مع أستاذ حسن والحمد لله..

طيب خش نوم عشان تقدر تمشى الجامعة بكرة..

نظر اليها باستغراب..

ما سألتينى الحاصل شنو؟

نتكلم بكرة يا صابر لانه الوكت متأخر وأنت وراك جامعة..

معاكى حق..

أنتى برضو وراكى شغل..

Post: #153
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: معتز تروتسكى
Date: 04-01-2006, 05:19 AM
Parent: #152


صوره من كادقلي


brb

Post: #154
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-01-2006, 02:25 PM
Parent: #153

معتز...



أعود مساء...

البطارية خلصت خلاص..



هل لديك صور للمنشآت والعمران الجديد فى كادقلى؟

صور لمنشآت أصبحت جزءا من كادقلى؟

سينما عمر الخليفة مثلا؟

ثانوية تلو التى تحتلها القوات الاجنبية التى تساعد النوبة العائدين فى الاستقرار الان؟

صورة لسوق كادقلى القديم والجديد؟

صورة للقاعدة العسكرية فى أمبطاح؟

صورة للشارع الخرافى الذى يربط مملكة المك رحال بقلب المدينة؟

مصنع نسيج كادقلى؟

الجبال فى فترة الخريف تغطيها الخضرة؟

حاجات زى دى...

Post: #155
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: معتز تروتسكى
Date: 04-06-2006, 04:47 AM
Parent: #154

سلامات الاستاذه نور..
كفينك ياوالده صحتك واخبارك بقيتى جافية عديل...
عموما ابحث عن الصور التى ذكرتيها ولو كان مابلدواخل يستطيع الشخص ان يطبعه على ورق لكنت قد ملات المكان بصور كادقلى..
فا لكادقلى مكانه خاصه وايام طفوله لاتُنسى..
يديك العافية واصلى..
وكل ما امتلكه من صور شخصه وما التقطه من الاصدقاء والنت هو رهن اشارتك الى ان نصل الى الحلم المنشود..هنــــــــــــــــــاك...

Post: #156
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: Adil Osman
Date: 04-06-2006, 06:34 PM
Parent: #155

http://www.nomadslandfilms.com/Hutchins%20Filming%20Mar...0Kadugli%20Sudan.jpg
فى سوق كادقلى..

Post: #157
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-07-2006, 02:39 PM
Parent: #156

عادل

ومعتز

أعود اليكما لاحقا..


وألف شكر يا شباب..

Post: #158
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-07-2006, 03:00 PM
Parent: #157

دخل صابر غرفته فى أطراف مدينة الحاج يوسف.

ثم بدأ يتقلب فى فراشه ذات اليمين وذات اليسار.

فارقه النوم فى عناد واضح..

خرج الى الفراتدة وجلس محاولا أن يركز على أحداث ذاك اليوم.

أخذ تفكيره منحى دائريا مملا..

عاد بذاكرته الى كادقلى...

الى جده الذى فارق الدنيا وتركه عرضة لكل التيارات المحيطة به.

الى جدته بهدوئها وثباتها وصبرها وقوتها وقدرتها الخرافية على أمتصاص ذاك الواقع المؤلم..

فهى حتى لا تحس بأن فى وقعها ألم..

هكذا علمتهم صاحبة الجلالة كادقلى..



ثم سار بخياله فى شوارع المدينة.

حتى وصل الى مدرسة كادقلى الابتدائية الشرقية.

حيث كانت البداية..

ووقف فى فناء المدرسة يستعرض كل تلك الوجوه البريئة..

الضحكات العالية..

عدم أدراك تلك الحلقة من الفقر المدقع..

حذاء مخروم.

صباح بدون أفطار.

كتاب ناقص.

ولكن سعادة مطلقة.

وبرائة ملائكية.

أين هم اليوم؟

فى الجامعات والخدمة المدنية والقوات النظامية..الخ..

فى تلك اللحظة تذكر سليمان وداللمين..

صديق عمره فانتفض!

Post: #159
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-07-2006, 03:28 PM
Parent: #158

وقف صابر كمن لدغه عقرب..

وبدأ يزرع الفراندة جيئة وذهابا..

ما الذى يمكن أن يحدث لسليمان وداللمين؟

ما الذى سبب الازمة القلبية الحادة لوالده حتى أودت به؟

أوليس العداء العسكرى موجه للنوبة فقط؟

ماهو مصير تلك العلاقات بين النوبة والبقارة؟

كيف يمكن معالجة الشرخ الذى يتسع الان بين قبائل جبال النوبة؟

تشهد البلاد فترة ديمقراطية..

وأنتخابات..

وميكرفونات..

فى فترة الثمانينات من عام 1900

وحزب وليد قوامه أبناء المنطقة وهو الحزب القومى السودانى..

وحمى السياسة التى أنتشرت كالهشيم فى جسم المجتمع..

و لكن فى نفس الوقت سلاح وقتل وحرق وخطف وبوابات جهنم تفتح على مصراعيها فى تلك المنطقة

الغالية من الوطن..

ماالذى يحدث فى السودان؟

ثم أفندينا وحركته الثورية المحدودة..

بلا سلاح أوذخيرة أوجنود..

هذه بحق خطوة أنتحارية!

ولكنهم حصلوا على موافقة الخلية.

أنصرف بتفكيره من أفندينا ومجموعته رأسا حينما تذكر موافقة الخلية على قيام تلك الحركة

الثورية..

كما لو أن فى موافقة الخلية درءا لهم من المخاطر..

أطمأن قليلا..

ولكنه عاد وتذكر شريط الكاسيت الذى أرسله عم كافى (أفندينا) لاستاذ حسن..

وأشارته الى هانى أبن بسطاوى العجلاتى..

ثم الاشارة اليه فى الخطاب الذى وصل لسليمان ود اللمين فى ذاك اليوم..

ماذا يفعل ذاك الشقى فى جبال النوبة فى تلك اللحظة؟!

فهو قد أختفى مع والده منذ ذاك اليوم الذى ذهب فيه افندينا الى بيتهم وأعطى هانى أبن بسطاوى

العجلاتى ووالده دروسا فى القيم الاجتماعية..

يارب؟!

ثم بدأ عقله يغلى كالمرجل..

دخل الى المطبخ..

أعد لنفسه كوبا من القهوة..

وعاد مرة أخرة الى تلك الدائرة اللعينة المملة من التفكير..

Post: #160
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-07-2006, 03:42 PM
Parent: #159

قضى صابر ليلة ليلاء لن ينساها مدى الحياة..

و كان قد قضاها يتقلب بين أفكاره..

أسيرا لتلك الدائرة اللعينة..

فى صبيحة اليوم الثالى وحينما نظر الى وجهه فى المرآة..

خيل اليه أنه قد شاخ وهرم فى تلك الليلة..

كبر صابر..

مع حجم الاحداث فى جبال النوبة..

والفوضى السياسية التى ضربت أطنابها فى البلاد..

ظهرت حول عينيه هالات بنفسجية وزرقاء..

أحس كمن خرج لتوه من علقة ساخنة...

أوجاعا غريبة مزقت جسمه أربا..

خرج مع زوجته ميمونة الى الطريق العام ليستقلا المواصلات العامة..

الى الجامعة والمستشفى العسكرى حيث تعمل ميمونة..

دلف رأسا الى كلية سليمان وداللمين.

ولكنه لم يجده..

عاد وأتجه نحو (البركس) barcass وهو المبنى السكنى لطلاب لطلاب جامعة الخرطوم...

Post: #161
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-07-2006, 04:41 PM
Parent: #160

دلف صابر الى غرفة سليمان ود اللمين ..

ووقف فى وسط الغرفة كمن زرع فى الارض زرعا.

ولم يكن وقوفه عاديا..

وهذه أحدى صفات صابر..

يحس الناظر اليه كأنه شجرة طلح..

متمكنة فى الارض رغم شكلهاالنحيل..

وجد سليمان قد أنتهى من أعداد حقيبته و جلس فى حافة السرير مطرقا..

نظر صابر الى سليمان طويلا..

دون أن ينبس بكلمة..

ثم جلس على الكرسى المقابل...

مسافر متين يا سليمان؟

ماشى بصات أمدرمان بعد شوية..

وحتآخد فى كادقلى قدر شنو؟

والله ما عارف يا صابر...

الوالدة محتاجة لى فى ظرف زى دا..

سليمان داير أسالك سؤال؟

أتفضل يا صابر...

عم اللمين مرض متين؟

كله حصل فجأة يا صابر..

فى حاجة محددة زعلته؟

عماتى الاتنين ماتن مكتولات فى الاحداث الحاصلة دى..

وأهلى فى الحلال الحوالين المجلد كتار ماتوا..

....

تذكر صابر أفندينا فأحس بالذعر..

هل يعقل أن أفندينا يقوم بغارات أنتقامية؟

لا..لا..لا ليس هذا من طبعة وليست هذه أهداف الخلية..

ماتوا فى الاحداث كيف يا سليمان؟

مش المراحيل هم البغيروا على النوبة؟

وأنت فاكر يا صابر النوباى بستسلم كدا وخلاص يموت؟!

أنت نوباى يا صابر..

طيب حصل كيف؟

كدى فهمنى واحدة واحدة..

النوباى يا صابر قبل ما يموت بيكون أخد قدامه عشرة على الاقل..

وبعدين فى مجموعات بتدخل الحلال بتاعة البقارة وتسوى الما بيقدروا يسووه المراحيل..

تقصد منو يا سليمان؟

أطمأن يا صابر..

دا مش أفندينا...

....

ذعر صابر حيث أن حركة أفندينا سرية للغاية.

أنا مافى زول قال لى عن افنديناأى حاجة يا صابر..

بس حسب معرفتى بيه..

وحسب أختفائه من كادقلى بالطريقة ديك..

وما موجود فى الخرطوم أو فى أى مدينة تانية , وأنت ما متزعج ,أكيد بسوى ليه فى حاجة..

فى نفس الوكت أنا عارف التركيبة الاخلاقية بتاعة افندينا..

وطول عمرى بتعامل معاه كأنه مخلوق من كوكب تانى..

أنت ناسى أنه أفندينا واحد من الرجال الربونا فى كادقلى؟

ديل شباب تانين يا صابر..

وعرفت كمان أنهم بسوو حاجات تشيب الراس..

تفتكر أنتقام يا سليمان؟

والما بيخليهم ينتقموا شنو يا صابر؟

أهو... ومن قولة تيت...

أهلى قرضوا..

وكمان بشيلوا البهايم وبيختفوا..

مافى زول عارف ليهم أتر..

أنت بتتكلم عن المتمردين يا سليمان؟

فى غيرهم؟

طيب قوم أرح محطة البصات..

والجامعة يا صابر؟ أنت عندك أمتحانات..

الكلام دا عيب يا سليمان ... كدى أرح وبطل الكلام الكتير..

Post: #162
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-13-2006, 02:29 PM
Parent: #161

أعود بعد قليل..

Post: #163
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-13-2006, 07:09 PM
Parent: #162

ستارة من ماء منهمر...

هى الامطار التى هطلت على كادقلى ذاك المساء..

خلت الشوارع تماما..

ووقفت الجبال عارية تستحم فى ذاك النهر المتدفق من السماء..

كانت تلك بداية الخريف...

لزم الاهالى منازلهم وبدأت أعمدة الدخان تتصاعد الى السماء..

هزيلة ونائية عن بعضها البعض..

لان من الاهالى من أخلد الى النوم باكرا قد هده البحث عن لقمة العيش..

ومنهم من جلس يتسامر أو يهمس بأحداث تلك الفترة..

أسئلة كثيرة حائرة لم تجد لها كادقلى أجابة..

هل ستدخل المراحيل الى المدينة؟

هل سيقتلون الناس فى الشوارع؟

هل سيحرقون البيوت بمن فيها كما يحدث فى القرى المجاورة؟

هل؟

وهل؟

وهل..

كانت كادقلى حبلى بالالام والمآسى فى عامها السادس..

فمنذ بداية تلك الاحداث المؤسفة عام 1983

وحتى عام 1988 لم يمر على كادقلى يوم واحد فى راحة وهناء..

فجأة تبسمت..

وشعرت بالارتياح والغبطة..

ونسيت للحظة القلق الذى أصبح جزءا ملازما لها..

ثم فتحت ذراعيها لذاك القادم النحيل..

رغم حزنه وهمه الباديان على وجهه..

أستقبلته فى موقف بصات كادقلى..

أحتضنته بحرارة..

ثم أنحدرت من خدها دمعة حارقة..

وقف سليمان وداللمين للحظة..

يتلفت ذات اليمين وذات اليسار..

وكأنه لم يصدق عودته الى كادقلى..

رغم غيابه عنها الذى لم يكمل شهرا واحدا..

ثم انحنى وحمل حقيبة ملابسه اليتيمة..

وتوجه صوب (حى الفقرا)...

Post: #164
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-13-2006, 07:35 PM
Parent: #163

لم يشعر سليمان وداللمين بالمشوار الطويل المرهق من السوق وحتى حى الفقرا..

فقد أصبح عقله مثل خلية النحل...

وبدأت الافكار تتسارع الى رأسه..

متضاربة ولا يربط بينها رابط..

جال بعقله حول مشوار حياته القصير..

ابتداء من مدرسة كادقلى الشرقية للبنين..

وحتى ثانوية تلو..

تذكر ثانوية تلو فقفز قلبه من مكانه..

فترة دراسية غريبة..

حملت الكثير من الغموض والتكهنات الاكثر غرابة..

لماذا تغير حال كادقلى الى تلك الدرجة؟

ولماذا كل تلك الاليات التى تزحف الى المنطقة فى شراسة وعنف؟..

أذا وضعنا فى الاعتبار بداية الازمة فى زمن الرئيس جعفر نميرى..

ثم المشير سوار الذهب..

نستطيع ان نجد مبررا أو معنى..

أذا كان للعنف أى مبرر..

أحدهما عسكرى ديكتاتورى..

والثانى أنتقالى سلمها للغير وذهب..

لا نستغرب العنف حينما يصدر منهم..

وحتى فى الفترة الانتقالية القصيرة تواصلت الاليات العسكرية..

وتوسعت الرتب العسكرية لتشمل كل من يرغب..

وجلجل العنف العسكرى بكل الاسلحة المتاحة..

أما فترة الديمقراطية الثالثة...

وهى فترة السيد الصادق المهدى فلماذا يتواصل هذا العداء؟

مامعنى الديمقراطية المسلحة؟!

ليس فى الامر أى علاقة بديانات النوبة لانهم موحدين..

مسلمين أو مسيحيين أو حتى اصحاب ديانات أخرى..

أما تبريرها للعنف بقصد صد هجمات المتمردين..

فهذا أيضا غير صحيح..

لان من يقتلونهم هم الاهالى..

وليس المتمردين..

هذا عدا النهب والسرقة وانتزاع الملكية..

ثم وفوق كل هذا وذاك..

أن الذى يحدث للبقارة اليوم فى غاية من الخطورة..

وهذه هى النتيجة فقدت من أهلى وأسرتى مالا يعرفه السيد الصادق..

ثم ما هو مصير علاقتى بصابر وبقية زملائى فى الدراسة؟

يا الهى..

تذكر مزمل ود التاجر محمد أحمد(السمين) الذى يدرس الاقتصاد..

تذكر سامى ابن بسطاوى العجلاتى..

ولماذا ورد فى ذاك الخطاب باسم هانى العجلاتى؟

حتى صابر من فرط همه لم يتبين الامر..

ماهو السر ياترى؟

هل هو نفس الشخص..

أم اخيه؟

أم ماذا؟

و ماذا يفعل مع المراحيل حتى أصبح الضابط هانى؟

سامى أبن بسطاوى العجلاتى يصبح الضابط هانى؟!

يبدو ان الخطب جلل..

لم يحس سليمان ود اللمين بالكلاب التى كانت تنبح فى أستقباله..

ولم يحس بالامطار التى واصلت غسلها لجسمه..

ولم يحس بالشوارع الخالية..

بل العكس خيل اليه ان أمطار كادقلى كانت رحيمة به..

حيث غسلت عن نفسه جبل من الهموم...

حتى وجد نفسه أمام منزلهم فى (حى الفقرا)..

Post: #165
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-13-2006, 10:18 PM
Parent: #164

تجمع حول أفندينا حتى ذاك العام 1988 أكثر من مائة وخمسين متطوعا معظمهم من الشباب..

كانوا فى طريقهم الى الجبال الشرقية ولكن بطرق أكثر التواءا..

لا يجتمعون فى مكان واحد..

ولكن يتم توزيعهم على الجبال والقرى المجاورة فى مهام محددة..

ثم يلتقون مع أفندينا والمجموعه التى حوله فى مكان معين لتقديم تقاريرهم...

ثم يكلفون بمهام جديدة..

ويتم استيدالهم حسب مايراه افندينا مناسبا ويوافقون عليه..

تمركز نشاطهم حول متابعة (أخبار العدو) ثم توصيل الاخبار الى القرى المعنية بالغارات التالية

لاخذ الاحتياطات اللازمة..

فى أحد سفوح الجبال عسكر أفندينا وحوله ثلاثة عشر شابا..

وقف أفندينا والقى نظرة على المنطقة السهلية الممتدة أمامه...

لم تكن الرؤيا وآضحة بسبب هطول الامطار..

كان الوقت عند الغروب.

ولكن الشمس أسرعت الخطى وأختفت خوفا من الامطار..

سرح أفندينا بخياله فى اللاحدود..

وبدأ يسأل نفسه..

ما الذى يمكن أن يحدث لاولئك الشباب عند وصولهم الى المحطة الاخيرة؟

ما الذى ينتظر أؤلئك الشباب الذين يملؤهم الحماس ويدفعهم الى نهايات مجهولة؟

ما الذى ينتظر أولئك الشباب الذين حرموا أنفسهم نعمة التعليم وقرروا النضال من أجل استرداد

الحق؟

نعم... لا يهم التعليم طالما أن الحق والكرامة أباحتهما الجيوش الغازية؟

ثم من هى الجيوش الغازية؟

أوليسوا من أبناء تلك الارض؟

حملوا السلاح واشهروه فى وجه النوبة؟

نعم...

أنقلب البقارة على النوبة 180 درجة..

حاربوا للفريق سوار الذهب فى الفترة الانتقالية..

ثم الصادق المهدى رئيس مجلس الوزراء اليوم...

وليت لهم هدف واضح ومحدد يمكن مناقشتهم فيه..

ولكهنا رغبة مدمرة تجتاح كل الذى امامها..

operations no living creature

هل يعقل أن البقارة كانوا يحملون للنوبة كل ذاك العداء؟

أم هل يعقل أن يكون للتضليل الاعلامى كل هذا التأثير؟

ما الذى يحدث هنا؟!

ولماذا؟!

ولمصلحة من؟!

أنتبه أفندينا على صوت عبدالرحيم يخاطبه فى همس..

أفندينا...أفندينا..

نعم ياابنى..

المطرة بلت هدومك كلها وكدا تجيك حمى وبعدين البقودنا منو؟

شكرا يا عبدالرحيم جاى هسة..

الشباب أتعشوا؟

نعم افندينا..أتاريه الزاكى شاطر فى العصيدة..

أفندينا.افندينا..

نعم ياابنى..

تفتكر الشريط الرسلناه لاستاذ حسن والجماعة وصل؟

من زمااااان..

طيب ما جا رد ليه؟

حيجى يا عبدالرحيم...انت ناسى الخريف والمطر..

وناسى انه (المرسال) حيلف ويدور عشان ما يقع فى يد العدو؟

آى... صحى والله..

بطل الشفقة يا عبدالرحيم..

حاضر...

افندينا افندينا...

نعم يا عبدالرحيم..

نعمل الشاى خلاص وتبتدى لينا الدرس؟

حاضر يا ابنى..

وحتكلمنا عن شنو الليلة؟

أنتوا فى بالكم موضوع معين يا عبدالرحيم؟

نعم أفندينا. الجماعة دايرينك تحكى لينا قصة الحكومة مع النوبة من الاستقلال لحدى هسه...

بيعادونا ليه؟

حاضر يا ابنى..

أمشى انت..انا جاى هسه....

ثم أخذ افندينا نفسا عميقا من عبق تراب الارض...

معطرا بالامطار والرياح والرعد ورائحة شواء الاهالى فى محرقة المراحيل..

أستنشقه بهدوء وحسرة وغصة فى الحلق..

أختلطت دمعة حارة فى عينة بماء المطر..

ثم لحق بعبدالرحيم..

Post: #166
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: معتز تروتسكى
Date: 04-20-2006, 05:17 AM
Parent: #165



فى البدء...كانت كادقلى

Post: #167
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-20-2006, 12:21 PM
Parent: #166

معتز..



أنت بتجيب الصور دى من وين؟

مشكلتى فى كتابة القصة هى أننى لا أستطيع أن أكتب متى شئت..

ولكن حينما تفرض القصة نفسها..

ولهذا السبب أعتذر للقارئ/ة شديد الاعتذار..

وأرجو ان أوفق فى الكتابة مساء اليوم..

Post: #168
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-21-2006, 02:23 AM
Parent: #167

لحق أفندينا بالشباب داخل (الكركور)...

كان دخول (الكركور) بالنسبة لافندينا تحديا حقيقيا وذلك لطوله وضخامة جسمه..

ولكنه أتسقر أخير وجلس على أحد الصخور..

كان المكان نظيفا جدا وصامتا..

صمت الجميع وركزوا أنظارهم على افندينا(كافى)..فى ترقب و شوق..

وجوه سمراء..

ناطقة بالحب والاحترام والاجلال لافندينا..

وترقب لسماع بعض المعلومات التى قد تبدو بديهية للعارف ولكنها بالنسبة اليهم مسألة مصير..

ووطن وأهل ومستقبل..

بأختصار مسالة حياة أو موت..

دأب أفندينا على أختصار و تبسيط المعلومات وترك المجال مفتوحا للاسئلة والحوار..

سيطر على مشاعره بسرعة ورسم أبتسامته العريضة الساحرة على وجهه..

ثم قطع أحدالشباب ذاك الصمت وهو يتلفت ذات اليمين وذات اليسار ليتأكد من أنه لم يرتكب خطام.

ثم وجه سؤاله افندينا..

أفندينا ممكن أسألك سؤال؟

أعتاد أفندينا على كثرة الاسئلة..

بل كان يشعر بسعادة طاغية وهو يجاوب على هذا ويداعب ذاك..

أنفضل يا أبنى..

أفندينا رغم (المطرة) صابة لكين برضو فى ريحة حريق..

الحريق جاى من بعيد يا أبنى..والمطر فى الحتة ديك (رشاش) بس..

ومع أتجاه الهوا..تصلك الريحة..

شكرا أفندينا..

أحضر عبدالرحيم كوب الشاى لافندينا كمن يقدم قربانا للالهة..

وعبدالرحيم فى فى حبه المطلق والتصاقه الدائم بافندينا اصبح مثل (جودس)

أحد حوارييى المسيح عليه السلام..

كا اقربهم اليه..

وكان أكثرهم حبا للمسيح عليه السلام وكذلك حب النبى له..

(جوداس) الذى قررت النبؤة أن يشى بالمسيح عليه السلام...

وفى اللحظات الاخيرة فى حياة عيسى عليه السلام...

كان المسيح ينظر الى (جوداس) فى حزن عميق..

ويأمره وهو أكثر حزنا قائلا:

افعل ما يجب أن تفعل..

حمل عبدالرحيم بين جوانحه حبا لا يمكن الافصاح عنه أو الكتابة عنه..

فقد كان أفندينا يمثل بالنسبة اليه كل أهدافه وأحلامه وتطلعاته فى الحياة..

أما ان يصل مع أفندينا الى حل نهائى لتلك الماساة الملهاة..

أو أن يموت..

هكذا حدث نفسه مرارا وتكرارا...

Post: #169
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-21-2006, 03:22 AM
Parent: #168

بدأ افندينا يتطلع فى تلك الوجوه السمراء التى تحيط به..

تطلع فى هدوء..

مركزا نظراته فى كل وجه..

وقد كان لسان حاله يقول:

ماهو مصيركم يا أبنائى؟

هل سوف تلتقون بعد عشر سنوات وأنت بكامل العدد؟

أين تقودنا هذه الظروف الغامضة المبهمة؟

وهل ساكون بينكم فى نهاية المطاف؟

نظر الى ملابسهم...

ملابس مدنية...

T (شيرتات)و قمصان بأكمام قصيرة أو طويلة..

أحذيه addidas أو باتا..

ثم بنادق..

وضعوا البنادق فوق أفخاذهم وهو يتطلعون الى أفندينا..

كانت تلك الحركة أتفاق صامت بينهم..

أن توضع البنادق فى ذاك الوضع المريح وهم فى فترة الاستراحة..

وبعد أن أستقر ببصره فى آخر شاب..

أستدار بسرعة غير متوقعة..

أعتدل فى جلسته..

ثم بدأ فى صوته الضخم والهادئ والعميق..

بدأ بالاسئلة...

كويسين يا شباب؟

كويسين أفندينا..

فى واحد عيان ولا حاجة؟

مافى أفندينا؟

(المونة) بتاعة السكر والشاى والصابون تكفينا أسبوع لى قدام؟

أسبوعين أفندينا...

طيب يا شباب...

نخش فى الموضوع...

Post: #170
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-21-2006, 03:35 AM
Parent: #169

أنتوا عايزين تعرفوا الوضع الاحنا فيه دا ليه..

مش كدا؟

نعم أفندينا..

زى ما ملاحظين يا شباب أحنا لا جيش ولا مدنيين..

يعنى ما عندنا زى ورتب وأسلحة بتاعة جيش..

نعم أفندينا..

وعارفين برضوا أنه نحنا رسالتنا ما عسكرية وما مدنية..

يعنى بنكتل دفاعا عن النفس وفى حالة أنه الزول أو الناس القدامنا بشكلوا خطر على المجموعة

أو الاهالى..

نعم افندينا..

وعارفين برضو أنه نحنا مهمتنا الاساسية أنه ننبه الناس قبل ما تحصل الغارة..

يعنى ننقذ ما يمكن أنقاذه..

نعم أفندينا..

طيب الوضع دا أحنا أخترناه لانه فى بشاعة حاصلة للاهالى..

وحاصلة لى أهلنا..

وحاصلة لينا نحنا..

ولكن فى نفس الوكت يا شباب بقول ليكم فى جيش بيتكون..

(أتسعت عينا عبدالرحيم عن آخرهما)..

الجيش دا جيش تحرير..

هم هسه دى بيتدربوا فى أثيوبيا.

وحنتقابل معاهم فى نقطة معينة..

بعد داك أنا حاأسلمكم للقائد عشان برضوا تتدربوا وتقاتلوا..

وأنا مهمتى حتتغير..

(لو أنهم أحسوا بالدهشة...

فأن ذلك لم يتضح فى وجوههم)..

طيب يا شباب..

الترتيبات دى كلها والحرب دى عشان شنو؟

والوصلنا لى دا كله شنو؟

دا موضوعنا الليلة...

Post: #171
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-21-2006, 03:50 AM
Parent: #170

الحضارة السودانية يا شباب حضارة نوبية..

السودان يا شباب أصله نوبة..

ودا تاريخ عريق عمرة ثمانية ألاف سنة..

كانت عندنا حضارة..

وتجارة..

وثقافة...

وفكر...

وعلم...

وكانت البلد فى حالة رفاهية..

كانت عندنا تجارة مع مصر...

وحاربنا كمان مع ناس أسمهم الاشوريين لمن أستنجدوا بينا...

يعنى كانت لينا علاقات دبلوماسية وتحالفات عسكرية مع دول بعيدة جدا..

بعدين يا شباب وبعد ظهور المسيحية أبتدا النوبة يدخلوا فى الدين المسيحى.

لانه ملكهم أول من أعتنق الديانة دى..

ومرت سنين طويلة جدا لغاية ما دخل الاسلام..

وجو قادة المسلمين فى مصر وقرروا ينشروا الاسلام برضو فى السودان..

حصلت مقاومة عنيفة..

وحصلت حروب...

فى نهاية الامر قرر ملوك النوبة مع عبدالله ابن ابى السرح قائد المسلمين فى مصر..

أنهم يوقعوا أتفاقية بى شروط معينة..

الاتفاقية دى أسمها أتفاقية البغط..

وهكذا وتدريجيا دخل الاسلام والمسلمين فى السودان...

دخلوا رجال مضطهدين دينيا..

أو عندهم مشاكل فى بلدهم...

أو تجار..

عشان كدا ما جوا بى أولادهم..

جوا براهم ونشروا الاسلام عن طريق الطرق الصوفية..

تزوجوا نساء النوبة..

لغاية ما طلعت لينا التركيبة السودانية الهسه دى...

والسؤال المهم جدا العايزكم تفكروا فيه دايما..

أنه النوبة بدل ما كانوا ملوك وأمراء وأصحاب البلد دى..

الوصلهم شنو للوضع دا؟!

Post: #172
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-21-2006, 04:07 AM
Parent: #171

صمت رهيب...

وهدوء تام الا من أصوات الحيوانات المفترسة وصوت المطر الذى بدأ يخف تدريجيا..

وآصل افندينا...

الموضوع طويل يا شباب...

والتاريخ أطول.عشان كدا كله ما حيتقال فى ليلة واحدة..

أنا بس حبيت أديكم نبذه عامة وسريعة..

والتفاصيل بتجى فى الاجابة على الاسئلة بتاعتكم..

النوبة يا شباب أتعرضوا لغارات وحروب داخلية باستمرار..

وبدأوا يزحفوا من أقصى الشمال...

لغاية ما وصلوا سنة 700 الى المنطقة الشرقية اللى هى العباسية تقلى..

جوا محازين للنيل الازرق..

بعضهم أستقر فى شمال كردفان..

والباقين وآصلوا لغاية ما وصلوا جبال النوبة..

المنطقة الاحنا بنحارب عشانها هسه..

فى نوبة طبعا أستمروا يعيشوا فى الشمال..

وهم الحلفاويين والمحس و بقية قبائل الشمال النيلى..

وحتى فى جبال النوبة حصلت غارات مستمرة..

وبرضو عشان تجارة الرقيق..

كانوا بيجوا يخطفوا الناس ويبيعوهم فى شمال غرب أفريقيا ولحدى الخليج الفارسى...

الكلام دا حصل أكتر حاجة فى زمن محمد على باشا..

اللى هو كان حاكم مصرى من أصل تركى...

قال جاى يفتش الدهب..

التجارة دى ذاتها لقت ليها منتفعين من السودان..

أقصد تجارة الرقيق..

زى الزبير باشا رحمة الادوكم ليه فى التاريخ...

دا كان تاجر رقيق مافى شك..

لحدى ما جا الاستعمار البريطانى يا شباب..

وأعلن السودان كدولة لاول مرة فى التاريخ...

والغى تجارة الرق..

لكن الاستعمار برضة كانت ليه مساوئه وليه مشاكلة...

ولانه البلد ما حقتهم..

آبائنا وأجدادكم حاربوهم لغاية ما طلعوا سنة 56.

Post: #173
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-21-2006, 05:07 AM
Parent: #172

أفندينا عندى سؤال..

وكت الاسئلة ما جا يا جابر..

الموضوع مضايقنى لمن ما قادر أركز..

قول يا جابر..

كانت يدا جابر ترتعش..

ظهرت على أنفه وجبهته حبات من العرق..

وبدآ وآضح الانفعال..

أفندينا شنو شروط أتفاقية البغط؟

عدد 350 من الشباب الامراء يرسلوهم لى مصر فى كل عام..

ويتم تبادلهم ببعض السلع التجارية..

بس حا أتأكد ليك من عدد الامراء..

فى تلك اللحظة بدأ جابر ترتعد بشكل وآضح وقد تسارعت أنفاسه..

أفندينا ديك كانت بداية الغلطة..

8 آلاف سنة وأحنا بندفع تمن الغلطة الفظيعة دى..

لغاية ما بقت تمن أبدى ما عنده حد...

كيف يا جابر؟

التبادل كان غلط وغير أنسانى...

وكان أنهزامى كمان..

الامراء ديل كان عبيد فى مصر!


أنا بتفق معاك تماما يا جابر..لكن الظروف حتمت كدا..

يعنى يضحوا بمجموعة من الشباب ولا الناس كلها تموت؟

الناس كلها تموت أفندينا..

ويفضل وآحد يوصل الرسالة من جيل لى جيل لغاية ما نرجع زى ماكان..

ماممكن نرجع زى ما كان يا جابر مهما عملنا..

تاريخ السودان أفندينا برجع زى ماكان..

هسة شوف الحرب دى ليها معنى؟

طبعا لا(مجاوبا نفسه)..

رجعوا يخطفوا الاطفال زى ما حصل زمان..

وبعدين أفندينا الرق فى فترة الانجليز أصلوا ما وقف..

كان تحت السطح..

وكتير من الرقيق رفضوا يسيبوا أسيادهم بعد ما حرروهم لانه ما عارفين يشموا وين..

وبعدين من سنة 56 لغاية هسه 1986 الرق وقف كم سنة أفندينا؟

عشرة سنوات؟

أها رجع تانى..

لانه الناس البتكتل هسه دى..

والبتحرق واحنا قاعدين هنا نشم ريحة البنى آدمين زى الشية..

بيخطفوا العيال وبيمارسوا همجية المغول...

مغول ليه؟(يسأل نفسه ويجيب)..همجية السودانيين!

أفندينا ...تاريخ السودان عمره ما تغير.

عشان كدا النقطة الجوهرية وبداية الانسان السودانى ذو الحضارة والتراث دى ممكن نرجع ليها..

لكين كل ما نقرب من النقطة الاساسية..

الموضوع يفلت ..

تعرف ليه افندينا؟

لانه نحنا شعب عنده شيزوفرينيا عرقية..

نوع أستعلائى لسه بيقول عن نفسه عربى..

ونوع أنهزامى بيطأطئ راسه..

العربى لسه بعد 8 الاف سنة تزاوج وتوالد فى السودان..

لسه عنده شيزوفرينيا عرقية وبيقول ليك عربى..

والنوبى فرط كتير فى حقة لغاية ما بقى رد الحقوق شبه مستحيل...

وأهو أحنا بندفع تمن الغلطات دى..



أطرق افندينا لفترة ليست بالقصيرة..

وبدا عليه الارهاق المفاجئ.

ولم يستطع أن يخف حزنه.

رفع راسه قائلا:

للاسف يا جابر ياأبنى ....

أنا بتفق معاك!

Post: #174
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: nour tawir
Date: 04-21-2006, 05:23 AM
Parent: #173

وآصل افندينا وقد تهدج صوته..

أستمرت التآمرأت على النوبة قبل وحتى اليوم..

لانه قبل الاستقلال..

وفى الفترة الكان بتتم مفاوضات عشان نحرر السودان من الانجليز...

الاحزاب التقليدية وشت النوبة للانجليز وقالت ليهم النوبة ديل عنصريين..

وعشان كدا ياشباب...

ورغم أنه نحنا حاربنا حرب شرسة ضد الانجليز..

الا وأنه النوبة ما شاركوا فى أول حكومة وطنية..

وأستمرت التآمرات..

لغاية ما وصلنا للكركور القاعدين فيه دا..

تنحنح كوكو تيه قليلا ثم قال..

أفندينا أعمل شاى فى فترة الاستراحة؟

أتفضل يا كوكو وكتر خيرك يا أبنى..

نحنا فعلا محتاجين لى كباية شاى..

وبعدين قدامنا مشوار طويل قبل ما الشمس تطلع..

جاهزين يا شباب؟

كلهم فى صوت واحد وفى حالة أنتباه تام(جاهزين أفندينا)...

فيما كان كوكو يقوم بعمل الشاى أستأذن جابر ليستنشق بعض الهواء فى الخارج..

ولكنه عاد فى عجلة من أمره وبدأ يهمس..

أفندينا؟

وقف افندينا فى حركة مفاجأة فى فترة لم يتدخل فيها الزمن..

فى حاجة يا جابر؟

فى مجموعة من (العدو) ماشين بى رجلينهم ومتجهين ناحية الشرق؟

عددهم كم يا جابر؟

القدرت أحسبهم خمسين..

دى غارة..

شكلهم كدا تقول طالعين الجبل!

ما حيطلعوا لغاية الكركور..

ليه أفندينا؟

هم عارفين أنه النوبة فى القرى الفاضية بكونوا طلعوا الجبل..

والحل؟

أحنا أصلوا متجهين جنوبا...أنت نسيت يا جابر؟

لا ما نسيت أفندينا.. لكين لو قابلناهم فى النص؟

أحنا عددنا كم يا جابر؟

أربعين..

نواجهم يا جابر..

تمام أفندينا..

Post: #175
Title: Re: فى البدء...كانت كادقلى
Author: عبدالرحمن عزّاز
Date: 04-21-2006, 11:36 PM
Parent: #174

الصمت فى حرم الجمال جمال...
نرفع لأجل كادقلى الجميلة,.,
و توتو كورو
و القراء..
تحياتى يا أستاذة..