الحشرة و الجواد.. الاشجار تموت واقفة

الحشرة و الجواد.. الاشجار تموت واقفة


02-28-2006, 00:16 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=50&msg=1141082205&rn=0


Post: #1
Title: الحشرة و الجواد.. الاشجار تموت واقفة
Author: bayan
Date: 02-28-2006, 00:16 AM

شكرا للصديق الاديب الذي برني بهذا المقال الجميل.. الذي يعبر عن اشياء اومن بها.

الحشرة والجواد




على مدى عمرى، صادفت الكتب التى لا تساوى الحبر الذى استهلكته من الغلاف إلى الغلاف. وهناك الكتب التى هى نسخة مشوهة، مبتورة، مسروقة، من «الأصل» ولا يتكلف المؤلف، أو المؤلفة عناء ذكر المرجع الأصلى الذى أخذ منه، أو «نقش» منه.. أو لنكن أكثر لياقة استلهم منه. وهناك الكتب التى تعيد، وتكرر، كلام الأقدمين، ولكن بصورة حديثة، ولغة عصرية، لكن المضمون لا يصلح لأى شكل من أشكال التقدم، والنهضة، وإعمال العقل الناقد، الحر، المبدع، السابح ضد التيار. وهناك كتب مثل اللب والسودانى والترمس، لاتنفع إلا للتسلية القاتلة للوقت، التى تكتم على «النفس» وعلى «العقل» معا. وهناك كتب تحمل أفكارا «لا بأس بها، لكنها لا ترقى إلى مستوى الكتب غير العادية، خارقة الموهبة، أصيلة العواطف، مخلصة النوايا، مثل هذه الكتب «العادية» نجدها مكتوبة بلغة مقعرة.. بالغة التعقيد والتركيب والصعوبة. مما يهبط بفكرها العادى، ويصيبنا بالإحباط، والعقد. وأعتقد أن مؤلف، أو مؤلفة، مثل هذه اللغة الحجرية، «يعيش دور» أنه «كاتب»، أو أنها «كاتبة». فهناك اعتقاد شائع، وخاطئ وساذج، أنه كلما جاءت اللغة مثل الديناصورات من العصور المنقرضة، كلما شعر الناس بأهمية الكتاب، وعظمة المؤلف أو المؤلفة. لكن الحقيقة هى العكس تماما. فعظمة الكلمات، وامتلاؤها بالإيماءات والأبعاد التى تحلق بنا بعيدا، وعزفها على أوتارنا الداخلية، من حزن أو فرح، أو تساؤل، أو دهشة أو إثارة العواطف المخبأة، أو قدرتها على استنفار التمرد، تأتى من بساطة اللغة.. والبساطة لا تعنى السذاجة، والضحالة، ومحدودية الموهبة، البساطة هى «السهل الممتنع» لتجلى الموهبة وهى فى ذروة صدقها، وتفردها وأصالتها العميقة المغروسة فى الأرض، والممتدة إلى السماء. وهنا أتذكر مقولة جان كوكتو حين كتب: «ليس الفن طريقة معقدة لقول أشياء بسيطة، ولكن طريقة بسيطة لقول أشياء معقدة». من الكتب التى صادفتنى، وينطبق عليها هذا القول المختصر البليغ، كتاب اسمه «شجاعة الإبداع».. للمفكر والطبيب النفسى د.رولو ماى. إنه أحد الكتب، التى كانت علامة، فى رحلة قراءاتى الممتعة، والموحية، والمضيئة، لقد قرأته باللغة الإنجليزية، التى صنعت تلك التوليفة النادرة السهولة الممتنعة، وبساطة التعبير، وفى الوقت نفسه، كل جملة، بل كل كلمة، كانت مبهرة فى تكسير القوالب المو########، وكيف مع كل سطر، ينفتح أفق جديد، غير متوقع من المعرفة، والحيوية، وحرارة الصدق المطل من بين السطور. لا أعرف إن كان هذا الكتاب، قد ترجم إلى العربية. لكنه من الكتب القليلة التى تحلل بالتفصيل «الشجاعة».. فى علاقتها بـ «الإبداع»، فى علاقتها بالتناقضات النفسية داخل الإنسان المبدع، والإنسانة المبدعة. يقول د.رولو ماى فى بداية الكتاب، أنه كان سيسمى مؤلفه «شجاعة الحياة».. وليس «شجاعة الإبداع». لكنه رأى أن شجاعة الإبداع، هى المعنى الذى يقصده، ويؤمن به، ويريد تأكيده للقراء. فهو يقول أن «الحياة» كما يعتقد لا تستحق كلمة الحياة، ولا تجعل الإنسان فخورا، بأنه يعيشها، إلا لأنها «حياة مبدعة» بأى شكل من الأشكال. فى رأيه، إذا غابت «الشجاعة»، غابت معها الحياة. ولذلك جاء كتابه المهم، والممتع والجميل (والذى قرأته أكثر من مرة) بعنوان «شجاعة الإبداع». والشجاعة، فى رأى رولوماى، ليست مجرد فضيلة من الفضائل كما يعتقد غالبية الناس. ولكنها «أم الفضائل» كلها. بدون الشجاعة، من المحال، وجود وازدهار أية فضيلة بشرية أخرى، هى «الجذر» الذى يتفرع منه، كل معنى نبيل وشامخ.. وكل سلوك يدهشنا بمدى رقيه، وسموه، وكبريائه. بدون شجاعة لا نتوقع فضيلة تماما مثل بدون أجنحة لا نتعشم فى الطيران. يقول رولوماى، الشجاعة، هى القدرة المدهشة التى تجعل الإنسان لا يتخلى عن الطريق الذى اختاره، ولا يتنازل عن القضايا، التى يعيش ويبدع من أجلها، ولا يفقد الأمل والتفاؤل والمثابرة والدأب، ولا يساوم، ولا يفاصل فى مبادئه، وكتاباته.. «رغم» كل ما يحيط به من يأس، وإحباط، والانتصار المؤقت للمزيفين، وعدم تقدير عصره لقيمة كتاباته وأفكاره.. وهى شجاعة تستلزم أعلى قدر ممكن من الإيمان بالذات والثقة بالنفس، وأيضا الثقة بأن الحياة مهما تنتكس، ففى النهاية لا يبقى إلا شجاعة الإبداع، فى النهاية»، قد تلدغ حشرة جوادا أصيلا.. لكن الحشرة تبقى حشرة، والجواد الأصيل يبقى جوادا أصيلا»، مهما يربح أقزام المواهب، أرباحا مؤقتة، يربح أصحاب الإبداع الشجاع أشياء أهم، أثمنها رضاؤهم عن أنفسهم، وتحديهم للمعوقات، ونهوضهم من جديد، كلما وقعوا.. وحين يموتون يموتون مثل الأشجار واقفين. إذا كانت «الشجاعة» أم «الفضائل».. فلا أمل فى أى إنسان يفتقدها.. ولا يجب أن نتوقع خيرا، من إنسان هجرته «أم» الفضائل مثلما لا يجب أن نتوقع غناء ممن لا صوت له. حينما نظرت حولى، وتأملت أصدقائى وصديقاتى، نساء، ورجالا، صدمتنى الحقيقة. حين طبقت مقياس رولوماى، عنرولوماى، عن معنى الشجاعة، وعن كونها أم الفضائل، والذى أؤمن به، لم أجد من الصديقات والأصدقاء، الذين يكلموننى عبر الهاتف، ويرسلون لى الخطابات ويتحاورون معى عن قضايا كوكب الأرض، ويتنزهون معى، ويرتادون السينما معى، ويسافرون معى، ويهدوننى الهدايا فى المناسبات ويتبادلون معى النكات، ويتناولون معى العشاء، وينصحوننى بأشياء، إلا واحدا فقط، بكل ثقة وضمير مرتاح، أستطيع القول أنه «شجاع». تصوروا فى كل هذا العالم المزدحم، المليان بشر.. واحد فقط شجاع!! لست أشكو.. يكفينى واحد بس فى العالم، وإن لدغته حشرات العالم.

د. منى حلمى


















Post: #2
Title: Re: الحشرة و الجواد.. الاشجار تموت واقفة
Author: bayan
Date: 04-03-2006, 09:08 PM
Parent: #1

فوق

Post: #3
Title: Re: الحشرة و الجواد.. الاشجار تموت واقفة
Author: Biraima M Adam
Date: 04-03-2006, 09:54 PM
Parent: #2


الدكتورة بيان
Quote: الاشجار تموت واقفة

قلت ليك يادكتورة، منذ أن ظهر هذا التعبير الأعتباطى مثل صاحبته (حاشاك ما أنتى) لم أدر ماذا يعنى،
هل هو عزاء، شكر وعرفان أم غيظان لأهل الميت وتشفى فيهم بأن قريبهم مات كالشجرة الياسبه وهى واقفه، أستنفد كل ما به من مخزون حياة حتى الأرضة لم تستطيع أن تطلع منه بشى، ماذا يحمل هذا الكلام الخاوى من معانى للمواساة في فقد عزيز ..
وهذا الكلام أقوله وأنا خبير غابات .. لم أر أى سبب يجعل الشجرة التى تموت واقفه أفضل من تلك التى تهوى بها الريح، ولكن الكلام قد يحمل مفهوم إعتباطى في غاية الأعتباطية والعبط
كان هناك رجل في قريتنا ضعيف البنية ونحيل الجسم، نااااااااااشف، الله يكرمك ساقيه أفضل منهن ساقى الديك، ناشفااااااات تسخلهن بالسكين ما تطلع منهن بشئ .. كان يشبهه أهل حلتنا بالناشف أو النشيفان، مصغرة، فهو حى ولكن ناشف مروه ما فيهو .. يمشى متهالك ..
أها يادكتورة كن قال ليك واحد مات واقف ياهو عمنا في القرية..
كدى أطلعى لى بفلسفة مقنعة لحكاية الموت وقافى دي لأنها بتحمنى شديد ذى ما قلت ليك أنا خبير غاباتى وطالب مبرز فكيف تفوت علي هذه ..
ولكن أواسى نفسى إنها بلادة الشخص القال الكلام ما أنا البليد ..
بريمة

Post: #5
Title: Re: الحشرة و الجواد.. الاشجار تموت واقفة
Author: bayan
Date: 04-03-2006, 11:48 PM
Parent: #3

العزيز بريمة

شايف يا ناس الغابات الادب ما بيتلمي مع العلم..
لانه في شجر لما يموت بيقع وفي شجر زاحف بيموت منبطح. يعني انواع
لكن برضو في شجر بيموت ويتيبس ويظل واقفا شامخا..
اذكر عندما حضرت الى فلادلفيا كان في موسم المطر..
وكان قرب النافذة شجرة ملونة كانت تجربتي الاولى في الاشجار الملونة
اذ ان الشجر لدي اخضر.وصورته الذهنية بالنسبة لي خضراء فقط.
المهم اتي الشتاء وتساقطت الاوراق وتحولت الشجرة الى عيدان
لا ادري لماذا احسست بالحزن لانها كانت تبدو واقفة وميتة..
ثم اتى الربيع بدات الاوراق في العودة مرة اخرى
وسعدت لذلك انها تموت واقفة ثم تعود لها الحياة..
وكانه بعث من جديد..
مع العلم انني لا احب الحدائق ولا الاشجار لانها تصيبني
بنوبات الازمة.. ولكن احب الاشجار ووصفها ادبيا..

اها اصلا عبارة الاشجار تموت واقفة
التي اضعها منذ سنوات كشعار لي في ماسنجري
اتت من عنوان لمسرحية لا يحضرني اسم كاتبها.
وارى الان صرات هذه العبارة تستخدم في تابين الموتى
العظام..
وشكرا لك على المرور ومودة دائمة

Post: #4
Title: Re: الحشرة و الجواد.. الاشجار تموت واقفة
Author: Yassir Tayfour
Date: 04-03-2006, 10:09 PM
Parent: #2

د. بيان
فى رحلة "خورية" وجدت لك ما يشبهك تماما.
وتركت لك رسالة شاكرا لك توصيل الفكرة التى لم افلح فى توصيلها بالرغم من ايمانى التام بها.
لا ارغب فى نشر ما خطته يداك و تعليقى عليه، لحرصى على هذا المنبر الذى شاركت فى اختلال بوصلته رادا عليك او متداخلا معك.
وبهذا
اقول ل
صاحب الدار بكرى ابوبكر،
والقضية "العادلة" واصحابها


آســــــــــــــــــــــــــف

للمساهمة في جر منبركم وقضيتكم عن مساريهما المنشودين.

Post: #6
Title: Re: الحشرة و الجواد.. الاشجار تموت واقفة
Author: المسافر
Date: 04-04-2006, 01:02 AM
Parent: #4

بنتنا الجميلة

تألقي

شكراً لك لإعادة الموضوع


كم شجرة ظلت بعمر كم إنسان

واقفة

لم يرها

بل ودعها محمولا

في إنصياعه الأخير لقانون التراب

لا تهتمي

فهم من تراب

Post: #7
Title: Re: الحشرة و الجواد.. الاشجار تموت واقفة
Author: Magdi Is'hag
Date: 04-04-2006, 11:30 AM
Parent: #6

العزيزة د.بيان
المحلل النفسي رولو ماي لم يكن أحد أعمدة المدرسة الوجوددية للعلاج النفسي فقط ولكن له كتابات متعددة في وعي الفرد الوجودي والجنون والأبداع.
يعتبر كتابه المذكور من أكثر كتبه رواجا وذلك لتنامي التيار الوجودي في مجالات الكتابة والابداع وفشله في أن يجد نفس الأهتمام وسط علماء النفس وأخصائي العلاج النفسي.لا أدري ما هي الأسباب التي لم تسعد في أزدهار علم النفس الوجودي هل هو عدمية الوجود وصعوبة العلاج الذي يتوقع من المريض مراحل من التجاوز والصراع ضد التشيؤ وهي تتطلب مقدرة نفسية وذاتية عالية قد لا تتوفر في كثير من المرضي أم هناك عوامل أخري.
عنوان الكتاب هو الشجاعةللخلق أو للأبداع The Courage to create l مش الشحاعة والأبداع كما ترجمته د.مني حلمي ولايخفي عليك الفرق في المعني.وهذه الترجمة غير الدقيقة ساهمت سلبا في طرح أفكار مارلو.
لقد حاول ماي أن يعكس الفكرة الأساسية للمدرسة الوجودية الرافضة لروح القطيع والباحثة عن الذاتية لذا فأن الشجاعة هي عامل أساسي لخلق أي عمل أبداعي حقيقي حيث أن الأبداع يتطلب هدم العالم المكتسب والتحرر من معطياته لخلق عالم جمالي جديد.المبدع لا يخلق من العدم بل يخلق من واقعه المعطي ويحاول جاهدا نفيه بتجاوزه وخلق قيم جديد.ان محاربة القديم وهدمه تتطلب شجاعة حقيقة حيث لا توجد ثوابت والثابت الوحيد هو مقدرة المبدع في صناعة عالمه الخاص وقيمه الابداعية.أذن فالذي لا يمتلك الشجاعة الكافية لتجاوز الواقع لا يستطيع أن يخلق عملا أبداعيا بل يكتفي بالتقليد والعيش تحت جناح مبدع حقيقي ليحميه من مواجهةالحرس القديم و تراثه الثابت الذي لايقبل التجاوز.
شجاعة المبدع الحقيقي في غربته في غربة لافونتين أو غريب البرت كامو أو لامنتمي كولن ويلسون شجاعة الذي يستطيع أن يقف أمام التيار ليمتص منه عنفوانه وليخلق منه قيمة جديدة.الشجاعة الوجودية تتجسد في رفض فكر القطيع و القبول السلب بالمعطيات ومحاربة الذات في رغبتها الأنزواء والقبول بما هو موجود والاحتماء بدفء الجماعة بالمخاطرة في العراء والتعذب بصقيع الوحدة والتفرد.

لك الود