سبع قصص قصيرة لأدواردو غالينو .. ترجمة :بانقا الياس

سبع قصص قصيرة لأدواردو غالينو .. ترجمة :بانقا الياس


02-27-2006, 10:55 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=50&msg=1141034138&rn=0


Post: #1
Title: سبع قصص قصيرة لأدواردو غالينو .. ترجمة :بانقا الياس
Author: عبدالكريم الامين احمد
Date: 02-27-2006, 10:55 AM

سبع قصص قصيرة لأدواردو غالينو .. ترجمة :بانقا الياس
سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
26/2/2006 9:35 م
ترجمة :بانقا الياس

ولد الكاتب أدواردو غالينو في عام 1940 بمدينة منتفيدو بأرجواي.عمل منذ الثالثة عشر رساما للكاركاتيرفي صحيفة الحزب الشتراكي الأسبوعية ثم تحول إلى ممارسة فن الكتابة الصحفية حتي وصل إلى منصب رئيس التحرير. مارس النقد الذاتي على نفسه بعد صدور أول عمل روائي له قائلا بأن هذا من صنع الخيال المحض وأنه يود أن يكون أكثر إيجابيا وعليه أن يكتب عن القصص الحقيقية للذين كثيرا ما لا تروى قصصهم أو يسمع صوتهم من المقهورين والمهمشين. فقال " أكتب إلى أولئك المستضعفين الذين لا يقرأون ما اكتب، الذين مازالوا يصطفون منذ قرون كي يدخلو التاريخ،الذين لا يقرأون كتابا أو يستطيعون شراءه". وعندما سئل عن أسلوب كتاباته الجديدة قال " أنا أفترس الآخرين، أستلف أصواتهم واسرارهم، وما يقولون، وقصصهم،,الوانهم واسرق كلماتهم، أعتقد ربما يجب أن اعتقل."
منح في عام 1999 جائزة لانان للحرية الثقافية وهي جائزة مكسيكية تمنح لمن يحتفون في مجالاتهم بطريقة جسورة بحق الانسان في حرية الخيال،والبحث ، والتعبير. حيث أن الحرية الثقافية هي حق للأفراد والجماعات كي تعرف بنفسها وتدافع عن أساليب تنوعها الثقافي في الحياة المعاصرة المهددة بقيم العولمة الاستهلاكية. ومن الذين منحت لهم هذه الجائزة في عام 2001 للشاعر الفلسطيني محمود دروريش في الشعر في، وفي عام 2002 للكاتبة الهندية أرنداتي عن كتاباتها المناصرة للأقليات العرقية ولحماية البيئة، وفي عام 2000 للمصورة الصحفية كلوديا اندجار.
ونال غالينو العديد من الجوائز الأخرى مثل الجائزة الأمريكية للكتاب في عام 1989 عن كتابه شرايين أمريكا اللاتينية المفتوحة، وجائز الو الألمانية، وجائزة وزارة الثقافة في ارجواي، وجائزة لاكاسا دو امريكاس الكوبية.
تتميز كتابات غالينو بالبساطة والشفافية وكثافة المعنى والشاعرية. من أعماله( ذاكرة النار 1989)، و(أيام ليالي الحرب والحب) و(الكلمات السائرة) و(هداف تحت الظل والشمس)،ووكتاب النتواءات. وغيرها من الأعمال.




سبع قصص قصيرة


الدخلاء

داليا وفليبي من هنود التوجوبلال، لم يروا مدينة من قبل. سافروا من قريتهم الوادعة إلى مدربد برفقة أناس طيبين يأكلون ويشربون معهم. وطوال الطريق إالى مدريد لم يسألا عن أي شىء. وبعد ايام في مدريد أشاحا بنظرهما عن مشاهدة تدفق المارة والسيارات في مدريد فقد تيبست أعناقهم من كثرة التحديق إلى أعلى في البنايات العالية الكثيرة.
وعندما حان موعد الرجوع إلى قريتهم تجرأ داليا وفليبي وسألا مرافقيهم : كيف استطعتم أن تسكنوا فوق بعضكم البعض؟ وأين تزرعون الفاصوليا والذرة؟.


أسئلة

في نهاية عام 1949 أحرز هداف أرجواي لويس شالفرت هدفا تاريخيا في مرمى بوينس ايرس. فالهداف الموهوب بإحرازه الأهداف من على البعد سدد ضربة للكرة من بعد ثلاثين مترا. طارت الكرة إلى السحاب البعيد ونزلت مستقيمة في شباك الخصم.
تساءل الصحفي الرياضي كيف فعل الهداف ذلك؟ وماسر تلك الضربة؟ وكيف تسقط الكرة في خط مستقيم من ارتفاع كهذا؟
قال الهداف موضحا: لقد ضربت الكرة ملاكا وتحورت. ولكن لم يفكر أحد منا في فحص الكرة إذا كان عليها أي نقطة دم. لم نهتم حتى بالنظر إلى الكرة، وعليه فقد ضاعت علينا ولو بهذه الطريقةأن نعرف هل الملائكة يشبهوننا أم لا.!!


الأرض
هناك ولدت، وهناك تعلمت قدماها الصغيرتان أول خطوات المشي. عندما عادت رجوبرتا بعد سنوات لم تجد قبيلتها. لم يترك الجند من أثر ولو ذكرى اسم القبيلة. كانوا يسمونها شاميل الصغيرة أي التي حفظت في باطن الأرض. لقد أبادوا كل شىء الناس والقمح والدجاج وما تبقى من هنود هاربين ألجموا أفواه كلابهم حتى لا تدل عليهم في أعماق الغابات.
تجولت رجوبرتا في الضباب على سفوح الجبال والوهاد تبحث عن أنها طفولتها، فالمياه التي اغتسلت فيها قد جفت، أو ربما أحمرت بالدماء وغاضت بعيدا في باطن الأرض.
وتلك الأشجار المعمرة التي كان المرء يظن أنها ستخلد إلى الأبد،باغصانها التي كانت تحميها وجذوعها التي كانت تخبئها، لم يتبقى منها سوى أعواد جافة و سبخة. فيما بعد أخبرها أحدهم لقد استخدمت تلك الأغصان القوية لربط حبال المشانق وتلك الجذوع الضخمة كحوائط للأعدام. وكل الذين يعرفون اسماء اجمل الأشحار وأطولها عمرا قد لقوا حتفهم. وعندما لم تجد الأشجار من يسميها مرة أخرى سلمت نفسها للجفاف.
لقد سارت رجوبرتا في خلال الضباب الكثيف نقطة من غير ماء، ورقة من غير غصن. بحثت عن صديقتها زهرة اللوكسين في كل الأماكن التي كانت تتكاثر فيها ولم تجد إلا بقايا جذورها الميتة. زارتها زهور اللوكسين في المنام، كانت مستسرة الخضرة
بالأبيض، صفراء الزهرات في المنتصف،وفيما بعد عرفت أن زهر اللوكسن قد تلطخ بدماء من يحبونه فشاخ حزنا عليهم، ممزقا دواخله ونفسها كلها حتى الجذور.



كرامة الفن

لقد أحسنت صنعا عندما بدأ عزمي يوهن إذ تذكرت درسا في كرامة الفن تعلمته منذ سنوات مضت في مسرح أسيس بإيطاليا. ذهبت برفقة هيلينا لمشاهدة عرضا مسرحيا لمسرحية صامتة. ولم يحضر المشاهدون في تلك الليلة و عليه كنا أنا وهيلينا الجمهور بأكمله. وعندما خفضت الأضاءة انضم إلينا الحارس وبائع التذاكر. وبالرغم من ان عدد الممثلين على الخشبة كانوا اكثر من المشاهدين إلا أن الممثلين قد عملوا بجدية كأنهم يتحركون على مسرح مفتوح يعج بالمشاهدين تحت سماء صافية. لقد وضعوا أرواحهم وقلوبهم في أيديهم في لحظات العرض وأبلوا بلاءا حسنا. هزَ تصفيقنا أرجاء القاعة فلقد صفقنا حتى تورمت أيادينا. يا ترى لماذا يجعل المسرح الناس سعداء.

المنفى

عاد ليوناردو إلى وطنه من أطراف العالم الشمالية. لم تكن الرحلة من استكهولم إلى منتفيدو مريحة فقد تخللتها بعض مشاكل الانتقال من طائرة ألى أخرى. وصل ليوناردو في ساعة متأخرة من الليل لم يتوقعه فيها أحد.
تردد امام باب منزلهم هل يوقظ والديه في ساعة كهذه أم لا. بالرغم من انه كان يعيش في فترة منفى بعديدا عن أسرته طوال سنوات الدكتاتورية العسكرية العمياء، وبالرغم من أنه يتحرق شوقا أن يرى أفراد أسرته، لكنه قرر من الأفضل أن ينتظر.
تمشى في شوارع طفولته وهو واثق من أنها ستلاحظ وقع أقدامه. وامتلأ راسه بالأخبار القديمة والحكايا وبالقفشات الساذجة وبدأ كل شىء طازجا ومرحا. طلع قمر بكامل استدارته ليحييه وليضىء المدينة النائمة. لقد كانت ليلة شتوية قارصة البرودة تدثرت فيها المدينة بعباءة الصقيع، غير أنه تلذذ ببرودة الهواء كأنه يتجول في طقس مداري دافىء.
أستغرق الامر طويلا حتى انتبه ليوناردو أنه يحمل حقيبة تزن أكثر من شاهدة قبر أو ربما مقبرة بحالها. ولهذا ما أن وجد مساحة فارغة حتى وضع الحقيبة وجلس عليها مسندا ظهره على الحائط. لم يدع البرد النوم يتسلل إلى جفونه. وعندما نهض لاحظ على الحائط رسوما وكلمات على سطحه المتسلخ، قلوبا تخترقها سهام وتعهدات بالحب إلى الأبد، وبالانتقام في حالة ضياع الحب بالخيانة أوحتى باهانة بسيطة.
شكرا لضوء القمر فلقد استطاع ليوناردو أيضا أن يتذكر بعض الكلمات التي أوشكت على التلاشي مثل: وعليه أين كنت؟ وماذا كنت تقول؟ ولمن كنت تتحدث؟.


ملابس العمل

شوهد ابراهام لنكولن بعد مائة وخمسة ثلاثين عاما يتجول في شوارع بالتمور، وأنابولس، ومدن أخرى من ولاية ماريلاند.
كان لنكولن يدخل اي متجر من المتاجر الضخمة، يلمس حافة قبعته العليا، محدثا أنحناءة خفيفة، ثم يمسح بنظراته الحزينة التى لا تنسى أرجاء المتجر، بينما يقوم بتمسيد لحيته الغبراءمن دون شارب فوقها، وفجاءة يخرج من الجيب الخلفي لعباءته السوداء الصوفية الكثيفة مسدس ماغنوم عيار 357 . وبحذق من لايعرف أن يناور أو يخطىء هدفه يقول لعامل الخزينة الفلوس أو حياتك.
أرتدى كيفن جبسون في خلال شهر مايو عام 2000 زيا مثل الرئيس ابراهام لنكولن وتمكن من نهب احدى عشرة متجرا قبل أن يتم القبض عليه. سيمكث جبسون في السجن سنوات طويلة. غير أنه يتساءل لماذا؟ إن كل ما قام به هو أنه كان يقلد أكثر السياسيين نجاحا في بلاده.

المغنية

في البحث عن فرانز كافكا، تجولت في شوارع براغ. تسكعت في صمت محاطا بصمت بالرغم من جلبة الزحام وضجيج السيارات. لا يهم كيف كانت درجة الضوضاء ولا كم كان عدد الناس هناك، كانت براغ صامتة مثل كافكا، وحيدة وصامتة من اجله.
نهضت أمرأة من مقعدها المتحرك ومزقت صمت الليل بأجمل صوت سمعته في حياتي. عبرت المدينة من أقصاها إلى أقصاها. لقد كانت مظلمة عندما وصلت شارع )كليتنا( وفي ناصيته المطلة على ساحة المدينة شج صمت الليل صوت أمرأة تغني، نهضت من مقعدها المتحرك ومزقت صمت الليل بأجمل صوت سمعته في حياتي. كان الصوت


الجميل المجروح جدا مشدودا على وهج الأسفلت الأسود. لقد غنت تلك المرأة الجرح الباكي لكل الناس الوحيدين في العالم.
كنت واجما، قرصت نفسي لأتأكد هل كنت نائما؟ أو كنت أحلم؟ وأي عالم كنت فيه؟ ولكن كان خلفي صبية يسخرون ويقلدون المغنية الكسيحة ويضحكون عاليا. توقفت المغنية عن الغناء ونكست رأسها. وعندها أيقنت، انني لست كنت نائما، بل مستيقظا جدا وفي منتصف هذا العالم تماما.

Post: #2
Title: Re: سبع قصص قصيرة لأدواردو غالينو .. ترجمة :بانقا الياس
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 02-28-2006, 04:46 AM
Parent: #1

أخي عبدالكريم الامين احمد:

لفت نظري إعادة نشركم نصوصا لإدواردو غاليانو. فأردت أن أشكرك أولا. وأعبر في اللحظة نفسها عن سروري الخاص أن ترجمة غاليانو تتم أخيرا على يد سوداني. ولا بد أن لي عودة إلى هذا الكاتب الذي تعرفت عليه في سن مبكرة من حياتي عبر مجلة (الكرمل), أما الآن فسأبدأ القراءة بتمهل.

Post: #3
Title: Re: سبع قصص قصيرة لأدواردو غالينو .. ترجمة :بانقا الياس
Author: عبدالكريم الامين احمد
Date: 02-28-2006, 10:24 AM
Parent: #2

شكرا ...عبد الحميد البرنس....

والف مبروك يا عريس...وانشاء بيت مال وعيال...

والشكر اولا للاستاذ الاديب..(بانقا الياس)

الذي منحنا هذه الترجمة الرائعة لهذا السفر المدهش..والعالم السحري لقصص ادواردو غالينو....

Post: #4
Title: Re: سبع قصص قصيرة لأدواردو غالينو .. ترجمة :بانقا الياس
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 02-28-2006, 11:17 AM
Parent: #3

السهل الممتع هو ما يميز أعمال غاليانو على وجه عام. تراه ينتقل من الفيزيقي والحسي إلى الميتافيزيقي والمجرد كما لو أنه يلقي تحية. كاتب تنطوي أعماله على شفافية عالية نسجت من قسوة الواقع وتضاريسه المفاجئة. يقول أشياء كثيرة بكلمات قليلة باعثا في ذهن القاريء تساؤلات متجددة حول موقعه في العالم ومغزى وضعيته الفانية في الحياة. ولعل كل ذلك ما جعل له بصمة خاصة ضمن عمالقة السرد في أمريكا اللاتينية أمثال خوان رولفو وماركيز وبورخيس وكالرلوس الفونتيس وأمادو وغيرهم. وحسب علمي, "كرة قدم" هو أحدث كتبه المترجمة إلى العربية الصادرة عن "دار الجمل" في ألمانيا.

Post: #7
Title: Re: سبع قصص قصيرة لأدواردو غالينو .. ترجمة :بانقا الياس
Author: Bannaga ELias
Date: 03-01-2006, 03:18 PM
Parent: #4

رفاق الحرف والحرمان والتسكع الأعزاء/ عبد الكريم،
البرنس،
فاروق موسى
وبيان
من أنا؟"أنا ابن المجاعات المررن على البلاد". عضو اتحاد الكتاب البريطانيين والسودانيين. فلاح من ريفي سنار ضل طريقه إلى الأدب. أشكر اهتمامكم واعدكم بمجموعة قصص أخرى لغالينو، وحوار معه.
عندما طالعت أول عمل يصادفني لغالينو أسرني هذا الاحساس الحميمي والدفء الانساني لشخوصه وصوره التي تتقافز حية من الرعب والوحشة والموت وحب الحياة والاحتفال بالجمال. عندها قررت أن أقاسم كل من يمكنني أن أصل إليه هذا العشق. ألا ترون أن غالينو وماركيز وجورج آمادو وبورخس وماريو فارغاس وايزابيل الليندي وماشادو دو اوسس أولاد خاله ولهذا السبب لاقت كتاباتهم قبولا عندنا وكلنا في الهم شرق أم إن صديقنا الشاعرمحمد طه القدال مخطئا عندما شنف أسماعنا بمسدار ابو السرة وقال أم رخم الله مكسيكية.؟
بعتبر غالينو من أشرس اصوات الضمير الاجتماعي في تعرية وجه أمريكا القبيح. وهو ضد العولمة وانتهاكها لسيادة الدول بالمسميات المختلفة من خلف ستار الشركات المتعددة الجنسيات وضد تدمير البيئة وضد تحويل العالم إلى متجر ماكدونالد كبير. ويضع فرقا بين الصدقة التي تقوم بمنحها المنظمات الطوعية وبين التضامن.لا يؤمن بالصدقة لكن بالتضامن. الصدقة مهينة لأنها دائما رأسية تأتي من أعلى إلى أسفل أما التضامن فهو أفقي. يحترم الآخرين ويتعلم منهم. هناك الكثير لأتعلمه من الآخرين وأنا في حالة تعلم مستمر ومصاب بحب الاستطلاع. ألتهم دائما أصوات الناس الآخرين، واسرارهم وأمزجتهم وحكاياتهم. أسرق كلماتهم ربما يجب أن أعتقل.. وأذكر فيما يرى النائم في حوار مع غالينو قال عن نفسه أشعر أحيانا وأنا أكتب أني اتخطى حدودا وأسعد في كل مرة يمكنني فيها فعل ذلك. ويبدو لي من المفترض أن اعمل مهربا وليس كاتبا لأن متعة تجاوز الحدود حتما تكشف في داخلي مهربا مهملا."
لكم جميعا مودتي وإلى اللقاء.

Post: #5
Title: Re: سبع قصص قصيرة لأدواردو غالينو .. ترجمة :بانقا الياس
Author: فارس موسى
Date: 02-28-2006, 11:04 PM
Parent: #1

عبدالكريم التحايا
لو سمحت نبذه صغيرونه عن المترجم
شكرا اولا وشكرا ثانيا
فارس

Post: #6
Title: Re: سبع قصص قصيرة لأدواردو غالينو .. ترجمة :بانقا الياس
Author: bayan
Date: 03-01-2006, 00:07 AM
Parent: #1

Quote: كرامة الفن

لقد أحسنت صنعا عندما بدأ عزمي يوهن إذ تذكرت درسا في كرامة الفن تعلمته منذ سنوات مضت في مسرح أسيس بإيطاليا. ذهبت برفقة هيلينا لمشاهدة عرضا مسرحيا لمسرحية صامتة. ولم يحضر المشاهدون في تلك الليلة و عليه كنا أنا وهيلينا الجمهور بأكمله. وعندما خفضت الأضاءة انضم إلينا الحارس وبائع التذاكر. وبالرغم من ان عدد الممثلين على الخشبة كانوا اكثر من المشاهدين إلا أن الممثلين قد عملوا بجدية كأنهم يتحركون على مسرح مفتوح يعج بالمشاهدين تحت سماء صافية. لقد وضعوا أرواحهم وقلوبهم في أيديهم في لحظات العرض وأبلوا بلاءا حسنا. هزَ تصفيقنا أرجاء القاعة فلقد صفقنا حتى تورمت أيادينا. يا ترى لماذا يجعل المسرح الناس سعداء.


Quote:
الأرض
هناك ولدت، وهناك تعلمت قدماها الصغيرتان أول خطوات المشي. عندما عادت رجوبرتا بعد سنوات لم تجد قبيلتها. لم يترك الجند من أثر ولو ذكرى اسم القبيلة. كانوا يسمونها شاميل الصغيرة أي التي حفظت في باطن الأرض. لقد أبادوا كل شىء الناس والقمح والدجاج وما تبقى من هنود هاربين ألجموا أفواه كلابهم حتى لا تدل عليهم في أعماق الغابات.
تجولت رجوبرتا في الضباب على سفوح الجبال والوهاد تبحث عن أنها طفولتها، فالمياه التي اغتسلت فيها قد جفت، أو ربما أحمرت بالدماء وغاضت بعيدا في باطن الأرض.
وتلك الأشجار المعمرة التي كان المرء يظن أنها ستخلد إلى الأبد،باغصانها التي كانت تحميها وجذوعها التي كانت تخبئها، لم يتبقى منها سوى أعواد جافة و سبخة. فيما بعد أخبرها أحدهم لقد استخدمت تلك الأغصان القوية لربط حبال المشانق وتلك الجذوع الضخمة كحوائط للأعدام. وكل الذين يعرفون اسماء اجمل الأشحار وأطولها عمرا قد لقوا حتفهم. وعندما لم تجد الأشجار من يسميها مرة أخرى سلمت نفسها للجفاف.
لقد سارت رجوبرتا في خلال الضباب الكثيف نقطة من غير ماء، ورقة من غير غصن. بحثت عن صديقتها زهرة اللوكسين في كل الأماكن التي كانت تتكاثر فيها ولم تجد إلا بقايا جذورها الميتة. زارتها زهور اللوكسين في المنام، كانت مستسرة الخضرة
بالأبيض، صفراء الزهرات في المنتصف،وفيما بعد عرفت أن زهر اللوكسن قد تلطخ بدماء من يحبونه فشاخ حزنا عليهم، ممزقا دواخله ونفسها كلها حتى الجذور.


الاستاذ عبد الكريم
تحية واحترام

شكرا لك كثيرا على هذه الهدية الباهرة..
اسعدتني القصة الاولي كوني متخصصة في المسرح. لما فيها من معان في غاية الجمال
والسمو..
قديما كان الاستاذ يكرر انه ليس هناك دورا صغيرا او دورا كبيرا بل هناك ممثلا كبيرا
او ممثلا صغيرا..
وهذه القصة اضافت فهما آخرا ان عدد المشاهدين لا يهم كثيرا..

القصة الثانة بها لمسات انسانية قيلت ببساطة ولكنها تحمل معاني معقدة..
يا ترى ماذا سيقول الصغار الذين صاروا كبارا في معسكرات اللاجئين عند الرجوع الى ديارهم في درافور و الجنوب وكل اماكن المحارق..
قصة بارعة جدا وجميلة جدا... ومتوحشة وحزينة
شكرا لك كثيرا...

Post: #8
Title: Re: سبع قصص قصيرة لأدواردو غالينو .. ترجمة :بانقا الياس
Author: bayan
Date: 03-01-2006, 08:30 PM
Parent: #6

المقدر بانقا الياس

تحية طيبة وجميلة مثلك...

انت بيننا هنا ولم نعرفك يا للخسارة...
لغتك الجميلة نجحت في عمل نصا موزيا..
فترجمتك انيقة و جميلة تدل على انك كاتب واديب..
اختيارتك تشغف القلب..

اكتب احيك واشكرك على الامتاع....
ويوم شكرك ما يجي
في الانتظار دائما لجديد بانقا الياس..

ولك كل التقدير الذي يليق باديب مثلك وما اسعدنا بك..

اتمنى ان تمر على بعض القصص الكسيحة التي نشرتها هنا
هي مليئة بالاخطاء. اعتذر اذا احرقت متعتك بها..
كما مر على زقاق للجازلوت يدعي زقاق 2
نتمنى ان تشاركنا في النقاش
مودتي

Post: #9
Title: Re: سبع قصص قصيرة لأدواردو غالينو .. ترجمة :بانقا الياس
Author: عبدالكريم الامين احمد
Date: 03-02-2006, 12:37 PM
Parent: #8

الشكر لكل الاخوة المتداخلين...

وهاهو الاخ الاديب (بانقا الياس) قد بان...والجميل انه وعد بمزيد

من القصص المترجمة لادواردو غالينو...ونحن كلنا لهفة وانتظار

Post: #10
Title: Re: سبع قصص قصيرة لأدواردو غالينو .. ترجمة :بانقا الياس
Author: عبدالكريم الامين احمد
Date: 03-03-2006, 06:15 PM
Parent: #9

up