محاولة للموت بدون عشاء (نص شعري)

الإهداء إلى صديقي الشاعر الكبير ياسين محمود في منفاه الاسكندنافي

تناول عشاءك يا مسكين
فالموت بدون عشاء يضر بك
وبإمعائك الغليظ
والدنيا لا تستاهل أن تموت فيها بدون عشاء
وقِدرُ الطعام على نارٍ هادئة
لعل به شعيرية من مصنع قديم
أو رأس خروف قرجاوي

*****

مسحة شنب

نادوني بإله الخمر
إله الشعر
وأنا لم أشرب خمراً
لم أكتب شعرا
وأنا الفحل المتحفز
ضنوا بمناداتي بزير النساء!
هل يختلف المقياس عند الخياطين
في سوق اللفة وقاردن سيتي؟
هل يرتجف مترك يا خياط عند قياس الأرداف؟

******

بط حزين

يتمطى البط في رمال الذاكرة
ويرنو لأفقٍ ما عاد يتراءى فوق الغيوم الماطرة
تتعارك خيول الصهيل الحافرة
من أجل فجرٍ يهرب مع ليالٍ ساحرة

******

نمنمات

ويلٌ للتاريخ من غضبي
ويل لي يا عجبي من حزنٍ عميق
منك أنت ومن روحٍ هائمة
في طرقاتٍ بريّة وذاكرة عائمة
في بركة ماضٍ سحيق

*******

هواء عليل

رجع الصدى إليك وحدك
متمدداً في غيابت الجب
وشمس الحرية غائبة
خلف شفقٍ قرمزي
وأحجارٍ كريمة الأصل
وشجرة مثمرة بعذابات السنين

******

خمرٌ حلال

وجهك يتجلّى فيه بهاء صباحاتي
وحزني الطويل في ليل الشتاء
روحي تخرج مني صباح مساء
تتعب خلفك يا جميلة الثغر
ويا نبيلة الحسن يا بلهاء
جميلةٌ هي تفاصيل الاشياء


هلسنكي في 13 شباط 2004

رائع هذا التسلسل القصيدي
انسان بلا عشاء
يمسح اشنابه
ثم يتمطي كالبط وحلا فى رماله الكثيفه
وينمنم والهواء العليل يردد صدي نمنمته
فى غياب الحرية
ويختم رحله بخمر حلال
شكرا نصر الدين على هذه الرحلة القصيرة الطويلة
وكنت اظنك فى البدء قد تعود بى الي (خربشات - يس - على جدار الزمن )
التى كان يتحفنا بها فى مجلس منطقة امدرمان او م م أ كما كان يحلو لك
واتكاءة الريس تحت ظل (درابته )
الى هنا اضع قلمى

عزيزي الرائع معاذ
حاولت قدر المستطاع أن أجاري المتفرد ياسين
صاحب الخربشات ولكن يظهر أنني فشلت في ذلك..
كنت (لا أخفي عليك) أود أن أكتب شيئاً مما يكتبه ياسين
ليتلاءم مع البهاء الجميل الذي يعيشه البورد هذه الأيام
وسوف أحاول إن شاء الله أن أرجم القراء بحجارة من سجيل
أسطرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً..
اشتقت يا أخي للتمرد والهيافة والهملة والانطلاقة..
فالبلد التي إبتلاها الله بي لا توجد بها غابة أعلن منها تمردي
وهأنذا أعلنه (أعني تمردي) من داخل هذا البورد..
أتيت (صدقني) لأشاركني في هذا البوست لأن المذهب الأباذري
(دعنا نتجاوز عن خطأ النسب) مذهب يحرضك أحياناً لأن تتشيع أو
تتمذهب به ، لأن الحوار مع الذات يسقط أقنعة كثيرة يحاول أن
يتخفى وراءها الإنسان ، وقد تؤتي أكلها في توصيل الرسالة التي تود.
لا أود في هذا الرد أن أكشف عورة أو قل سوءة ما بداخلي
لأن الانطباع الذي كنت آضعه لهذا المكان كان كبيراً
ولكن.. وجدت العرب ولم أجد المدينة كما قال أحد الأساتذة الظرفاء
أظنك يا ابن جني أعرف من دواخلي مني..
لك الشكر على الإطلالة وأعتذر عن تخييبي لظنك
الذي ما كنت أود أن أفعله ولكن الطبع يغلب التطبع
وليس كل الناس قادرة على صناعة القبح
وسوف أفعل في المرة القادمة إذا أراد الكريم..