يفتح الله وجه القسوة المرعب

يفتح الله وجه القسوة المرعب


02-13-2006, 10:24 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=50&msg=1139823243&rn=0


Post: #1
Title: يفتح الله وجه القسوة المرعب
Author: محمد عبد الله الريح
Date: 02-13-2006, 10:24 AM

يفتح الله
محمد عبد الله الريح

وجه القسوة المرعب
اليوم‮ ‬يتذكر العالم سربرنتسا التي‮ ‬اجتاحتها قوات الصرب بعد أن فتحت لهم‮ ‬القوات‮ ‬الدولية كبرياً‮ ‬ليمروا من خلاله ليبيدوا ثمانية الآف من سكانها المسلمين‮. ‬ لقد‮ ‬تم كل شئ تحت سمع وبصر القوات الدولية التي‮ ‬جاءت لتحمي‮ ‬المسلمين الأبرياء‮ ‬العاجزين عن حماية أنفسهم‮.‬ وعندما نقلت شبكات التلفزيون في‮ ‬جميع أنحاء العالم صورة الصبي‮ ‬البوسني‮ ‬زياد وقد‮ ‬تم إخلاؤه من المئات من بني‮ ‬جنسه من بلدة سربرنتسا المحاصرة لم‮ ‬يتنفس‮ ‬العالم‮ ‬الصعداء‮ . ‬بل شعر الناس بفداحة تلك الحرب وبشاعتها وقسوة الصرب وموت كل‮ ‬فضيلة‮ ‬إنسانية في‮ ‬داخلهم‮ .‬في‮ ‬تلك الأيام كنت بالمملكة العربية السعودية أشاهد‮ ‬تلك‮ ‬الأحداث المؤلمة ولا زالت صورة الصبي‮ ‬زياد عالقة بذهني‮.‬ زياد علي‮ ‬سرير المستشفي‮ ‬وحوله والدته وأخوه الأصغر اللذين حرم من رؤيتهما‮ ‬مدي‮ ‬الحياة‮ . ‬أنه‮ ‬يتحسس بيديه تلك‮ ‬الضمادات التي‮ ‬وضعت علي‮ ‬عينيه وهو‮ ‬يسأل أمه‮ : ‬هل شكلي‮ ‬بشع‮ ‬يا أمي‮ ‬؟ هل تشوهت كثيراً‮ ‬وتجيب والدته‮ : ‬لا‮ ‬يا بني‮ … ‬لا زلت وسيماً‮ ‬كما عهدناك‮ . ‬ويقرر زياد حقيقة‮ ‬يعرف هو مدى‮ ‬فداحتها عندما‮ ‬يقول‮ : ‬ولكنني‮ ‬فقدت بصري‮ ‬يا أماه‮ .‬ ويحكي‮ ‬زياد كيف فقد بصره فقد كان مع مجموعة من الصبية في‮ ‬مثل سنه‮ ‬يلعبون‮ ‬كرة‮ ‬القدم في‮ ‬فناء مدرستهم عندما صدقوا أن هناك وقفاً‮ ‬لإطلاق النار‮ . ‬وفجأة‮ ‬تسقط‮ ‬قذيفة عليهم وتنفجر محدثة فرقعة هائلة وتتطاير الشظايا وتصطاد أجساد‮ ‬الصبية‮ ‬ويقع بعضهم مضرجاً‮ ‬في‮ ‬دمه بينما‮ ‬يصاب زياد في‮ ‬وجهه وكان أخر منظر رآه هو‮ ‬منظر‮ ‬أحد أصدقائه قد سبح في‮ ‬بركة حمراء وتناثرت أمعاؤه عل أرض الملعب‮ ‬يقول زياد أن ذلك المنظر سيظل محفوراً‮ ‬في‮ ‬ذاكرته الى الأبد‮ . ‬أن الظلام‮ ‬الذي‮ ‬يعيش فيه الآن بعد أن فقد بصره ظلام أحمر قان مختلط بلون الدم ورائحة‮ ‬البارود‮ ‬وصياح الأطفال‮. ‬ويشير زياد بيديه علي‮ ‬أخيه ليقترب منه لكي‮ ‬يلمسه ويتحسس‮ ‬وجهه‮ ‬الذي‮ ‬حرم من رؤيته وتبتل أصابعه بدموع أخيه فيربت عليه ويطلب منه أن‮ ‬يكف‮ ‬عن‮ ‬البكاء‮ .‬ تلك صورة مأساوية لحرب قذرة تلتهم في‮ ‬أتونها كل شئ حي‮ … ‬أن الحروب التي‮ ‬كانت تشن في‮ ‬الماضي‮ ‬كانت تحكمها قوانين بعضها مكتوب وبعضها‮ ‬متعارف عليه‮ … ‬وبالرغم مما كانت تحدثه من دمار إلا أنها بمقاييس اليوم‮ ‬تعتبر‮ ‬حروباً‮ ‬رحيمة ونظيفة الى حد ما وكل أهدافها كانت تنحصر في‮ ‬هزيمة الطرف‮ ‬الآخر‮ ‬واحتلال أراضيه وفرض سيطرة المنتصر عليه وعندما‮ ‬غزت الجيوش النازية فرنسا‮ ‬وأقامت سلطة عسكرية نازية في‮ ‬باريس وفي‮ ‬كثير من المدن الفرنسية كان الناس‮ ‬تحت‮ ‬الاحتلال‮ ‬يمارسون حياتهم العادية وكانت المسارح تكتظ بروادها وكذلك‮ ‬المتاجر‮ ‬إلا‮ ‬في‮ ‬الحالات التي‮ ‬تداهم فيها قوات النازي‮ ‬الأوكار التي‮ ‬يختبئ فيها رجال‮ ‬المقاومة‮ ‬الفرنسية ولو حدثت إعدامات فهي‮ ‬تتم بمراسيم عسكرية ومحاكمة‮ ‬يمثل أمامها من‮ ‬تعتقد سلطات النازي‮ ‬بأنهم مجرمون ولكن مثل ذلك القصف العشوائي‮ ‬علي‮ ‬المدنيين دون‮ ‬أي‮ ‬أهداف محددة بل القصف من أجل القصف أو أحداث أكبر قدر من الدمار والموت‮ … ‬لم‮ ‬يعهده أحد‮ .. ‬إن الإنسان الآن في‮ ‬العراق وفي‮ ‬فلسطين‮ ‬يعاني‮ ‬من قسوة لا حدود لها‮ .. ‬قسوة‮ ‬بعض‮ ‬أفراده علي‮ ‬البعض الآخر‮ … ‬وقسوة القوة والهمجية والتسلط علي‮ ‬من لا حول لهم‮ ‬ولا‮ ‬قوة وفي‮ ‬مثل هذه الأوقات المظلمة والشر الذي‮ ‬أطبق مخالبه على الرقاب لا‮ ‬يسعنا‮ ‬إلا أن نتجه الى الله العلي‮ ‬القدير أن‮ ‬يجد لكل المستضعفين في‮ ‬الأرض مخرجاً‮ ‬وفرجاً‮ ‬قريباً‮ ‬لازمتهم فلا أحد‮ ‬يمكن أن‮ ‬يسمع شكواهم‮ ‬غيره‮ .‬