الشرق مسكنه ، وكلنا في الهم غرب ..عزاء إلى أخي القاضي / منعم سليمان

الشرق مسكنه ، وكلنا في الهم غرب ..عزاء إلى أخي القاضي / منعم سليمان


02-07-2006, 10:54 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=50&msg=1139306062&rn=0


Post: #1
Title: الشرق مسكنه ، وكلنا في الهم غرب ..عزاء إلى أخي القاضي / منعم سليمان
Author: محمد ادم ابوكيفو
Date: 02-07-2006, 10:54 AM

الشرق مسكنه ، وكلنا في الهم غرب ..عزاء إلى أخي القاضي
توطئة
لئن غابت عنك ملامحها الرضية في التراب
ستظل من صلوات أمسها تعينك في الصعاب
وستظل أضواء طيفها تضيء دجى اغتراب

أخي أبوبكر القاضي
نحيا من مصيبة لتصدمنا مصيبتك من جديد ، لقد كنت فارس القلم الصامد في القتال ، و جالدت بالحقيقة ومن اجل الحقيقة بمهارة واقتدار . وحين كتبت كنت أنبل الكتاب في المجابهة والحوار ، وحين خطبت كنت اطهر الخطباء قولا . و كذلك عاشت كلماتك حرة تنطلق طاوية كضياء البرق كل الأمكنة ، متحدية غضب ألأزمنة ، صادقة الإنسانية كدعاء الأنبياء ،وهي تعبر حدود هذه المخلوقة الالكترونية. تعمل كآلة حق من اجل دك قصور الطغيان.غزيرة المعرفة ، شجية النغم كنقارة الكيرا.
نعيت فراقهم فكنت اصبر مؤبن، ورثيتهم فعرفت جميل صنيعهم العالمين، وحفظت محاسن من رحلوا بكل نبل إنساني.
ولئن كان الشرق مسكنك في السودان فجميعنا في الصبح والآمال شرق. وكلك كان غربا ، تشهد لك الساحات حربك كجهاد الملثمين في فيافي دارفور وشعاب جباله ،كنت تعلن الناس بجهد ضخم بان عودتنا غضبا قدسيا من صقيع قولوا ، قد أضحى يقيا . نمزق صحف التاريخ المكتوبة بأقلام العملاء ،نحاول أن نوقف هذه المأساة .
وصفت حدود موضعك وكفيت حين قلت عن نفسك انك من الهامش ،و معني بشكل خاص أن تكون متوفرا في محطات التقاء دعاة فكرة السودان الجديد .و فكر حركة العدل والمساواة -المئذنة التي اخترت أن تؤذن منها لذالك الوطن الحلم - ظلت صادحة كنشيد قومي يتوهج في ثغر الأجيال المعاصرة . فمن المستحيل لمؤسسات العدل أن تكون قاصرة على شعب إقليم واحد في دولة شبه قارة . فكنت من الشرق وآخرون يأتونها من كل الجهات وبثبات تتمكن تلك المؤسسة الثورية من التدحرج و هي تساهم في وضع معالم المسيرة نحو مستقبل أكثر إشراقا لشبه القارة السودانية ،والطريق إلى السودان المعاصر طويل ومهول .
وإنني سعيدا لك .فموضعك القومي هو من تمكن من جمع الاماتونج ومرة وطوكر والوادي بنخله وطينه في مواكب أحزانك، ونأمل في اجتماع بني الوطن في سعد ، فما عرفوك سوى عقول تسعى و تطوق إلى تحقيق أمل الوطن الواحد (السودان الجديد) واثنان :
يموت الضُر أن يبليهما السودان والأمل الذي لبنيه
نهواه والحق فوق جبال وان نام الشر في واديه
إن قصر غردون مسئول عن ماسينا كما هو مسئول عن ماساتنا وتشردنا ونكباتنا ومصائبنا كلها ،وهو وبعض من يسكنه وراء كل جريمة أخلاقية تهدر فيها قطرة من دماء السودانيين المقدسة أينما يموتون في الدوحة أو القاهرة ،و على سكان القصر المشئوم دفع ثمن المشردين القتلى الشهداء .
كان يمكن أن تكونوا بين قومكم في وطن يحترم آدميتكم ويصون حقوقكم ، وطن تتشرفون به ، وطن خلوق كشعبه الخلوق ، وكان يمكن أن يشهد الراحلين عنكم جنائزهم البيضاء باعتزاز ،هذا إن لم تأجل رحلاتهم فالمقادير رحيمة.
إنا مصابكم جلل آل القاضي .رحيل من انتقلوا وفق تدابير المقادير من عائلتكم نحو ذات الله في الأعالي، وفي جراح قلم أبي بكر الذي ألزمه سرير المشفى طويلا . وعزائي لك يا القاضي على طريقتي!! فليكن إقتداءك بآدم الأول ،وقد كان ادم أمثولة الأرامل الرجال بيد انه لم ينسى رسالته الحياتية في مواصلة مهمة خلافة الله في الأرض عبادة ، وهو صابر لم يزل راضيا بقضائه.مؤتكفا على إتباع تعاليمه الربانية.ولقد عرفتك طويل النفس والبال، ولقد قرأتك عميق التفكير والتفسير لظواهر الأشياء.
يعزيك في مصابك قلوب تفطرت بالأسى على حال من كنت تسطر عن حقهم المغتصب بقومية ممنهجة ، وتواسي ماساتهم بأصدق التعابير في إقليم تسنامي السودان .و يشاطرك الأسى قلوب مات أصاحبها من الأسى يوم استشهد السودان الغربي كله علي أيدي الأوغاد.ماتوا ومات خطط الطغيان وظلت صامدة جبال مرة هي آخر الأحياء.
تأبى الأقدار بكل قوة إلا أن تدنيك مليا من سكان زرائب الموت في دارفور، ومن جاورها من الدول : أيتام ينوحون و أرامل ثاكلات وثاكلين وجرحى وقتلى ، ومسئولية القصر المشئوم عنهم مباشر ، وتلك هي الأقدار مهما لعنا أسبابها لا شيء يوقف أمرها.
فليكن عزاءنا فيهم آل القاضي أنهم سبقونا خلف جبال الحياة ينتظرون قدومنا ، سيعدون المأوى ‘واستبشروا يوم تعودون ‘ بلقاؤهم تفرحون، وحتما سنلتقي فهناك في انتظارنا ربع مليون شهيد رجل وامرأة وطفل بينهم : كورتي ، وعبد الله أبكر ، وحسن مانديلا ، واحمد بخت .
شهداء ملحمة الجبال
مرة رمز العدالة والنضال
و الخطر دوما خلف عتمة هذه الدنيا التي نحن فيها والآن سارت جبل خلف سارية .
ولقد زود الرب دواخلنا بطاقات تقينا صدمات الحزن والأسى ،و الألم الشوق ،ولوعة الفراق ، وعنت التفكير في الغضب .تتمكن تلك النعم كي تثبت قلوبنا من التقطع حين نصاب ، وتقنعنا لنعيش ما بقي من عمر ، إنني ادعي كثيرا أن طاقات نفسي الداخلية كانت أكثر نعمي الربانية عرضة للامتحانات أمام تلك البلاوي والمحن.ذلك ما يجعلني لأعزيك بصدق الإخاء . أحاول تصور حجم مصابكم .

أعادك الله إلى الحياة معافا سليما . شفى الله جراحكم وجرحاكم .ألزمكم الله الصبر والسلوان فيمن رحلوا. وجعل الله الجنات مأوى الراحلين.
منعم سليمان
عبد المنعم سليمان