الترابي ومحمود محمد طه ..هل تتشابه النهايات ؟ ‏

الترابي ومحمود محمد طه ..هل تتشابه النهايات ؟ ‏


02-06-2006, 03:43 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=50&msg=1139197389&rn=0


Post: #1
Title: الترابي ومحمود محمد طه ..هل تتشابه النهايات ؟ ‏
Author: Faisal Al Zubeir
Date: 02-06-2006, 03:43 AM

إعداد/ لبابه جفون ‏
مع تجدد الجدل الفقهي والفكري حول آراء الترابي الأخيرة عن إمامة المرأة ونزول ‏المسيح وعودة سُحب تهم التكفير والخروج من الدين والتي جاءت متزامنة مع ‏ذكرى إعدام محمود محمد طه ذات التهمة التي كان للرجلين نصيب وافر منها ‏فبينما حكمت محكمة الخرطوم الشرعية بالردة على الأستاذ/ محمود وتكررت ذات ‏الفتوى من عدة هيئات إسلامية وعلماء فإن د. الترابي هو الآخر رفعت في وجهه ‏ذات التهمة مراراً وكان من بينها شريط (إعدام زنديق) لمحمد عبد الكريم.. بينما ‏ألمح الكودة الى تهمة التكفير عرضاً في الندوة التي عقدها أنصار السنة مؤخراً للرد ‏على آراء الترابي الأخيرة، والمقارنة بين الترابي ومحمود هي مقارنة في مستوى ‏مسير كل منهما والتحديات والنهايات التي خلص كل منهما إليها.‏
إجتهادات وجدل
فالحزب الجمهوري الذي عُرف به الاستاذ/ محمود محمد طه والذي إنتهى به الحال ‏إلى جماعة صفوية محصورة في نفسها بعد الاعدام المدوي لزعيمها المؤسس ‏محمود. وإنتهى الطريق بجماعة الاخوان المسلمين (الحركة الاسلامية) لاحقاً بعد ‏أن وصلت إلى سُدة الحكم ممثلة في الانقاذ إلى إنشقاقها الشهير وخروج منظرها ‏الاول د. الترابي معارضاً لنظام تلاميذه وحوارييه ومازالت فتاويه واجتهاداته ‏الفكرية تثير جدلاً واسعاً لدى الكثيرين وليس آخرها بالطبع آراؤه حول إمامة المرأة ‏والمسيح المحمدي.‏
وربما كان من أقدار السياسة أن يؤثر كلا الرجلين في مسيرة الآخر بوجه من ‏الوجوه.مما جعل بينهما عدداً من نقاط التلاقي وعدداً اكبر من نقاط الاختلاف.‏
فبتلمس بدايات الاستاذ/ محمود محمد طه الذي نشأ بمنطقة رفاعة وتخرج في كلية ‏غردون وأسهم في مقاومة الاستعمار حيث دخل السجن كأول معتقل سياسي وقتها. ‏مهد سجنه الأول فى بلورة الكثير من رؤاه السياسية والفكرية فعمل على تأسيس ‏الحزب الجمهوري بجانب حزبي الامة والاتحادي الديمقراطي كأول حزب لا يحمل ‏الصفة الطائفية . لتتداخل بعدها خطوط التصوف والفكر والسياسة لدى (الاستاذ) ‏محمود التسمية المحببة لمريديه والذي أضفى على حزبه طابع الجماعة الدينية ذات ‏الطقوس الخاصة بها والتي ميزتها عن الجماعات الدينية التقليدية المتمثلة في ‏المتصوفة وانصار السنة والاخوان المسلمين.‏
تكفير !‏
فكانت حلقات الانشاد الجماعية ومسيراتهم المشتركة مع عضوات الجماعة بثيابهن ‏البيضاء مظاهر مثيرة للانتباه العام. ونجح الحزب الناشيء في خلق حراك فكري ‏وسياسي إتخذ من أركان النقاش والندوات مسرحاً تطرح فيه آراء وإجتهادات ‏محمود محمد طه الفقهية والفكرية التي تضمنتها كتبه ومقالاته أو خطبه المباشرة ‏والتي أثارت جدلاً كثيفاً كان أبرزها صدور حكم غيابي بالردة عليه أصدرته ‏محكمة الخرطوم الشرعية العليا بعد صدور فتاوي التكفير ضده من مجمع الفقه ‏الاسلامي بالسعودية والازهر الشريف على خلفية كتابه (الرسالة الثانية) وذات ‏التهمة وهي (التكفير) كانت من نصيب الدكتور الترابي في إطار اجتهاداته الفكرية. ‏ويرى البروفيسور حسن مكي الذي عاصر كلا الرجلين يرى إختلافا في ‏اجتهاداتهما قائلاً :‏
الترابي دعا إلى تجديد الاسلام وليس الى (رسالة ثانية) محاولاً فك عقدة قفل باب ‏الاجتهاد. وقدم أطروحات تتعلق بتحرير المرأة في الثقافة الاسلامية وكان مشغولاً ‏بقضية الدستور الاسلامي. لكن محمود كان أساس رؤيته أن إنسانية القرن العشرين ‏يمكن ان تتقبل الاسلام في إطار أبعاده المكية. وأن القرآن المدني لا يتناسب ‏وإنسانية القرن العشرين وقدم أطروحات كبيرة في جانب الصلاة والسلام مع ‏إسرائيل ونسخ الشريعة والحدود مما جعله يدخل في صدام كبير مع الثقافة ‏الاسلامية السائدة او السلفيين والمتصوفة والرئيس النميري.‏
وبسؤالنا للبروفيسور مكي حول ما اذا كان للترابي دور مشارك في إعدام محمود ‏محمد طه ، أجاب مكي : الترابي ربما كان متضايقاً في تلك الفترة من إرتفاع نغمة ‏الجمهوريين لكن بالتأكيد لم يكن له دور مباشر في إعدام محمود..‏
ويذهب نائب د. الترابي بالمؤتمر الشعبي عبد الله حسن أحمد في ذات الاتجاه قائلاً : ‏إن مسائل الفكر كما يرى الترابي غير موجبة للاعدام ولا الردة وضد طبيعة ‏تفكيره.‏
الشك
وطالب حنتوب حسن عبد الله الترابي الذي باشر الانضمام الى الاخوان المسلمين ‏باكراً ليصعد فيها سريعاً ويتزعمها متنقلاً بها في عدد من التحالفات حتى خرج ‏بالانقاذ حاكماً. والتي خرج منها معارضاً ولم تنقطع مسيرة تخريجاته واجتهاداته ‏الفقهية التي ما زالت تثير ذات الجدل وتهم التكفير.‏
ويرى د. احمد عبد الملك الدعاك متحدثاً عن نقاط التلاقي والاختلاف بين الرجلين ‏قائلاً : كليهما تمتع بقدرة مذهلة على إستنطاق المسكوت عنه والاقتراب من تخوم ‏المحرم الفكري والثابت المعرفي الاسلامي مستعيناً بأداة الشك التي لا ترى ثابتاً ‏بمنأي عن التساؤل حيث الشك ميزة معرفية تميز بها الفكر الديكارتي الفرنسي الذي ‏احتك به الترابي في فرنسا والفكر الصوفي الذي يعتبر الشك طريقاً إلى اليقين عند ‏‏(الغزالي) الذي تواصل معه الاستاذ محمود وأخذ منه ويضيف (الدعاك):‏
وتجمع الرغبة الجامحة بين الاثنين وقناعة أن الاسلام يحتاج الى تجديد في أصوله. ‏لكن ذهب محمود إلى تجديد واعادة النظر في أصول الفقه والعقيدة وأخذ الترابي ‏جانب تجديد مناهج التفكير الاسلامي (تجديد أصول الفقه).‏
لكن بالنظر الى المسيرة الفكرية والموضوعات نجد أن الاستاذ/ محمود محمد طه ‏ظل محفزاً فكرياً مهماً للشيخ الترابي والذي تأثر بغياب تلك الجدلية الحادة التي كان ‏ينسجها محمود فنجد كتاب «الايمان» والصلاة عماد الدين أو المرأة وتجديد أصول ‏الفقه هي استجابات فكرية لما إمتحن به محمود محمد طه العقل الاسلامي في ‏السودان في تلك المرحلة.‏
إختلاف
الاستاذ/ الحاج وراق الكاتب الصحفي يوضح وجهه نظره في الاختلاف بين ‏‏(الاستاذ) و (الشيخ) قائلاً : رغم ما بينهما من تشابه شكلي في بعض المواقف ‏والآراء هنالك اختلاف في الدوافع، فبينما تحرك الاستاذ محمود الدوافع الروحية ‏والفكرية. فإن الدكتور الترابي يتحرك بالاساس بدافع المصلحة السياسية وهنالك ‏كذلك إختلاف في المنهجية ، فرغم أن كلاهما مع التجديد الديني الا أن تجديد ‏الاستاذ محمود أكثر جذرية واكثر منهجية، فالاستاذ/ محمود يدعو للانتقال من ‏الشريعة إلى السنة ، ومن القرآن المدني إلى القرآن المكي ولكن في المقابل فإن د. ‏الترابي ورغم بعض آرائه التجديدية مثل رفضه لحد الردة ، واباحته للموسيقى ، ‏ودعوته لمساواة المرأة الا إنه يعتمد هذه الآراء دون منهجية متسقة وهذا ما يجعله ‏هدفاً سهلاً للسلفيين والاكثر ظلامية. ويمضي الاستاذ وراق في توضيحاته قائلاً : ‏وكذلك هنالك اختلافات في الخصائص الشخصية لكل منهما ، فبينما الاستاذ / ‏محمود شخصية مسالمة تمتع ... من النبع الصوفي القائم على الزهد فإن الدكتور ‏الترابي شخصية صراعية لا تتردد في إستخدام العنف.‏
وهذا لا يلغي بعض التشابه فكل من الرجلين شخصية كاريزمية ، لهما دور ‏مركزي وحاسم في جماعتيهما كما يرى وراق وكلاهما رفض الانتماء الى تكوين ‏سياسي جاهز وكابدا معاناة تأسيس حركة جديدة وكلاهما - مع فارق الثمار جزء ‏من حركة التجديد الديني في العالم الاسلامي.‏
ويرى المحبوب عبد السلام أحد المدافعين عن فكر الترابي واجتهاداته في مقاله ‏الأخير الذي كتبه دفاعاً عن آراء الاخير حول المسيح المحمدي يرى المحبوب : أن ‏الاجتهاد في الاصول وفروع الدين - هو ما دعا اليه غالب علماء حركة الدعوة ‏والبعث المعاصرة ، الا ان الدكتور الترابي ظل اكثرهم مقاربة لهذه الدعوة ‏وأوسعهم شمولاً وتأصيلاً لمواضيعها (بحسب ما قاله المحبوب).‏
وتبقى خاتمة القول إن المفكرين اللذين تتقاطع خطى سيرهما واجتهاداتهما قرباً ‏وابتعاداً ربما تعود خطاهما للتلاقي في (موقع ما).. كما يرى البعض!!‏
نقلا عن الرأي العام السبت 4 فبراير ‏