الوزير والمستشار والسفير

الوزير والمستشار والسفير


12-28-2005, 01:31 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=50&msg=1135729875&rn=0


Post: #1
Title: الوزير والمستشار والسفير
Author: ALHALAWI
Date: 12-28-2005, 01:31 AM

مصطفى عثمان اسماعيل كان وزير الخارجية السودانية، وفي الاتفاق التاريخي الجنوبي مع حكومة الخرطوم دفع الثمن فخرج من الوزارة مكافأة بين ثلاث وزارات سيادية. الحكومة السودانية اهدت المنصب الى حركة الزعيم الراحل جون قرنق ضمن المشاركة في حكم السودان لقاء انهاء التمرد. اليوم وزير خارجية السودان اسمه لام اكول، جنوبي، ورث المنصب، وقد اكتفت الحكومة حتى الآن بانتدابه ليمثلها في العواصم الغربية، وخاصة في الاجتماعات التي تريد اظهار نجاح الاتفاق، وترجو منها الخرطوم مساعدات مالية. ولم تقتنع بعد الحكومة بإرسال اكول الى العواصم العربية، واجتماعات الجامعة العربية، مستمرة في تكليف وزيرها السابق عثمان الى كل مكان قريب بقبعة جديدة اسمها: مستشار الرئيس السوادني عمر البشير.

المستشار الجديد، والوزير السابق، دبلوماسي محنك، ووجه مألوف، حارب ممثلا لحكومته في كل المعارك السياسية التي عصفت بالسودان في العشر سنوات الماضية وكان يمثل الوجه الحسن لنظام انقلابي عسكري ديني، وكسب بالفعل معظم معارك بلاده الدبلوماسية. ولهذا السبب اختاره عمرو موسى بطلا لمغامراته الجديدة، وهي مرحلة جديدة قرر فيها الأمين العام للجامعة العربية مشكورا ان يمنحها للجامعة العربية لتكون طرفا وسيطا في الأزمات العربية بدل التفرج عليها.

المستشار السوداني، مندوب الجامعة العربية الجديد، فاجأ الجميع بتقديم مشروع وساطة بين لبنان وسورية بدعم علني من موسى، إلا أن المحاولة تعثرت سريعا لأن المستشار السوداني حرص على طمأنة الحكومة السورية، وهو أمر ضروري لأي وسيط لا يملك سلطة البند السابع، وأغضب الجانب الثاني اللبناني في الأزمة. ويبدو ان الوساطة دفنت مع أول تصريح لعثمان، وهو أمر مؤسف لأن العلاقة بين الجارين تزداد تدهورا مع الوقت وسيحتاج الطرفان مستقبلا الى وسطاء يرضى عليهم الجميع.

عمرو موسى قرر اختيار منطقة أقل صعوبة فأرسل المستشار السوداني الى الجحيم، حيث العراق اليوم. هناك تتصارع «القاعدة» والقوات الاميركية وميليشيات البعث والدعوة وغيرها. وعثمان ليس غريبا على مثل هذه الاجواء إلا ان مكتبه السابق في وزارة الخارجية اكثر أمنا من المنطقة الخضراء المسيجة. وعثمان، وإن كان يبدو مهذبا وودودا، لا تنقصه المخالب الحادة، فقبل ايام من تركه منصبه هدد اريتريا بشن حرب عليها بعشرة الاف اريتري لاجئ يقيمون داخل اراضي السودان إنْ لم تكف عن دعم المقاومة في شرق السودان.

العراق، مثل السودان، متورط في تدخلات جيرانه، وصراعات ميلشياته، ونزاعات داخل السلطة السياسية، وتهديدات بالانفصال ومتمردون في كل اتجاه.

الآن عثمان هو مبعوث الجامعة العربية الى العراق، ومن يدري فقد يكتب على يديه الاتفاق المأمول بين الاطراف المتنازعة، ويحل السلام في بلد لا ندري ان كان يدخل العام الجديد بروح سلام أم بعقد طويل من النزاعات والدماء.

عبد الرحمن الراشد
نقلاً عن جريدة الشرق الأوسط 28/12/2005م