هل نعيش حالة عصبية بسبب الحرب؟

هل نعيش حالة عصبية بسبب الحرب؟


03-31-2003, 07:41 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=5&msg=1049092882&rn=1


Post: #1
Title: هل نعيش حالة عصبية بسبب الحرب؟
Author: AbuAla
Date: 03-31-2003, 07:41 AM
Parent: #0


لا شك بأن الحرب الظالمة التى تدور رحاها هذه الأيام قد أصابت البعض منا بالحيرة
والبلبلة...
فجلنا لديه قناعات بأن صدام حسين لم يدع لنا مثقال ذرة من الخير لندافع عنه. مثله مثل كل طغاة العصر، قتل وسحل وشرد الملايين من ابناء وطنه دونما رحمة أو شفقة.
... وفى الجانب الأخر، تقف الأدارة الأميريكية بكل صلفها وجبروتها، متحدية قرارات الشرعية الدولية، وضاربة بكل القيم الأنسانية نحو الحضيض...
وبينهما شعب ضارب بجذوره الى عمق التأريخ...
يريد ان يذهب صدام الى الجحيم...
ولكنه لا يرضى بالأجنبي الأميريكى يغزو بلاده بليل بدعوى ازاله صدام وبعثه العربي..
وبين كل هذا وذاك، أقف مترددا، وفاقدا للروءية المتزنة ومحاطا بسياج من الحزن لما آل اليه الحال...
وجدت هذا المقال للكاتب المستنير أحمد الربعى، فأحببت ان انقله لكم تعميما للنفع...



حالة عصبية راهنة
أحمد الربعي



يقول الفلاسفة ان التاريخ لا يعيد نفسه، ولكن يبدو ان الفلاسفة يعرفون التاريخ ولكنهم لا يعرفون الشرق الأوسط.
في الثمانينات كنا نخوض انتخابات برلمانية شرسة، ولم تكن المواجهة بيننا وبين منافس انتخابي، ولا مع الحكومة ولكن مع جمهور الناخبين، فقد كنا نطرح موقفا معاديا للحرب العراقية ـ الايرانية، وكنا نقف ضد صدام حسين في حربه مع ايران وكان هذا الموقف غير مقبول من «الجماهير» التي كانت تمجد صدام حسين وتدافع عن الحرب ضد «الفرس المجوس» وتصدق حكاية حماية البوابة الشرقية، وكنا امام موقفين لا ثالث لهما، إما ان نقف مع الحقيقة ونغضب الجمهور المنفعل وربما ندفع ثمن هذا الموقف فشلا انتخابيا ذريعا، واما ان نساير الجمهور ونركض مع الراكضين ونصفق مع المصفقين. واذكر اننا في اجتماع حاسم قررنا ان نربح انفسنا حتى لو خسرنا الانتخابات، وكانت النتيجة ان خسرنا عددا من الاصدقاء الذين اتهمونا بخيانة الأمة، وبالتخلي عن قوميتنا وغيرها من التهم الجاهزة، ورحنا نتحدث في الدواوين لتوضيح موقفنا وقلنا ان صدام حسين دكتاتور ولا يمكن ان يحرر فلسطين لأنه يستعبد شعبه، ولا يمكن ان تصدقوا قضية الحرية والاشتراكية والوحدة وهو يقتل شعبه بالاسلحة الكيماوية. واذكر كم كانت قسوة الجمهور وصعوبة التعامل مع حالة انفعالية وجنون جماعي مندفع وراء دكتاتور اعمى، ولكن المهم ان قائمتنا التي كانت تعاني الاتهام بالخيانة القومية اكتسحت ونجح معظم مرشحينا وظل الناس بين موقفين حتى جاء الاجتياح العراقي للكويت فحسم النقاش.
مواجهة الجمهور المنفعل هي تضحية كبيرة قد تخسر فيها احبة واصدقاء مخلصين واصحاب نيات طيبة معروفين بعروبتهم وانقياء كالثلج الأبيض، ولكن واجب من يدعي انه يمثل طليعة المجتمع ألا يستسلم في اللحظات العصيبة واكبر مأساة ان يتصرف المثقفون على طريقة «الجمهور عاوز كده»!!
الايام التي نعيشها عصيبة، فبين كراهية للولايات المتحدة بسبب مواقفها المشينة في القضية الفلسطينية، وبين رغبة جامحة بتحرير الشعب العراقي تختلط الرؤيا ويذهب الكثيرون الى درجة الغفران للطاغية عن كل جرائمه بحجة انه يقاتل الاجنبي، وتختلط الحقيقة بالخرافة، والاوهام بالوقائع، فنعيش حالة من فقدان التوازن، تحتاج الى مثقفين يقولون الحقيقة ويدافعون عنها حتى لو شعروا بأن الموجة طاغية والناس في حالة من الهستيريا.
واجبنا ان نقول الحقيقة، وهو واجب يحتاج الى دفع اثمان غالية ولكنها ضرورية.










All Rights Reserved © كل الحقوق محفوظة