يوم حايم في المحطة الوسطى في بحري زهجان وقرفان والدنيا ضايقة بي، حايم من كشك لي كشك، ومن محل لي محل، أتفرج في الكتب المفروشة في الواطة، واتلفت يمين وشمال، فجأة
دن ن ن ن ن ن ن ن
دن ن ن ن ن ن ن ن
صوت رهيب، أضاني قربت تتقدا، اتلفتا شمالي لقيت مبنى كبير مكتوب فوق الباب بتاعو "كنيسة الراعي الصالح"، إيه الكلام الغريب دا ؟ وشنو الأجراس والازعاج دا ؟ قربتا من الباب لقيت ليك كمية من الناس جوه المبنى والمزيكا في السما، هااااا بالله دي الكنيسة البيقولوها، كدي خش، ما تخش، خش ما تخش، بسم الله دخلتا.
لقيت ليك شفع قاعدين يلعبوا قي الحوش والحوش مزروع نجيلة ومبنى في نص الحوش فوقو صلبان وتماثيل وحاجات ذكرتني بس الأفلام الإنجليزية. واقف أتلفت في تلفتي دا، جاني واحد قال لي "هلللو".
اتلفتا، لقيتو ليك واحد سوداني – طلع في النهاية ما سوداني – يبتسم ويسألني : ما خاشي الصلاة ؟ قلتا ليهو صلاة شنو ؟ عاين لي كدا مخلوع زي الشاف ليهو شيطان، قال لي صلاة الأحد، أممممك، ما عرفتا أقول شنو قلتا في نفسي أقوم أقول ليهو أنا ما مسيحي يقوم يجاهد فيني، قلتا ليهو آي ماشي الصلاة، يللا قووووم يا صاحبي سوقني معاهو جوا المبنى.
المبنى للماشاف كنيسة من جوه، عبارة عن حاجة زي المسرح كدا فنانة، وكمية من البينشات الناس قاعدة فيها بتسمع في كلام راجل واقف فوق في المسرح، ينضم في نضماً غريب "هذا ما يريده بعلزبول أمير الظلام"، "دع الموتى يحملون موتاهم"، "أنا هو القيامة والحياة"، "من آمن بي فسيحيا"، "أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون لكم ويطردونكم" !!
بديت أرجف غلبني أكمل المشوار وقفتا، ياللا يا للا وصلتا أقرب بينش قعدتا، بعد شوية الناس كلهم دنقروا على مساند الكراسي القدامهم، زي الطلبة كدا لمن يكونوا نايمين في الفصل، دنقرتا معاهم ولا كضبتا، رفعوا ريسينهم، رفعتها معاهم، بعد شوية الزول الجنبي وقف، وقفتا معاهو طوالي، ما غشيم، لقيت الناس الواقفين زي 10 كدا، ما فهمتا الحصل شنو قربتا أقعد تاني، المهم جاء واحد من هناك شايل ليهو صحن فيهو رغيف مقطع سغار سغار قدر ربع لقمة كدا، كل واحد من الواقفين أدوهو حتة، ومعاها كاس سغييير قدر المعلقة كدا مليان شي أصفر كدا.
يا كريم، بلعت الرغيف وشربتا الشي الأودنا ليهو وقعدتا، بس الله يخارجني الليلة من الشي العملتو دا. سرحان في سرحتي دي، جاء خاشي قطيع من الغزلان أو من الحور العين، أنا ما متأكد تماماً، لأنو النظر كعب، لكن جمالهن بشوفو العميان. طلعوا المسرح فوق جنب الراجل الكان بيخطب، وبعد شوية جاء الأورغن والمزيكا دورت والبنات غنن ..
تم الخلاص هللوا يا رنموا
تم الخلاص هللوا يا رنموا
.
.
.
لي ربنا .....
هااا هااا هههااا هاااههههاااااااااااااا
هااا هااا هههااا هاااههههاااااااااااااا
تاااارا رررراااااااا تيرااااااااا رررا
تاااارا رررراااااااا تيرااااااااا رررا
يا خوانا الحاصل شنو، انا زاتي بقيت محتار، دور الفاصل التاني ..
أمكث معي يا سيدي
أمكث معي يا سيدي
فالغمر غطى جسدي
فالغمر غطى جسدي
وليس لي من منقذي
وليس لي من منقذي
إن سرت في وادي البكاء
إن سرت في وادي البكاء
أراه مأنوساً بكَ
أراه مأنوساً بكَ
المهم انتهت المزيكا والصلاة تمت، مرقوا الناس الحوش، قلتا بس يا ود أمشي بيتكم وخلي الشلاقة، إنتا زاتك كان ما شليق البيدخلك جوامع النصارى شنو، أحيييي انا من روحي. قلتا أزوغ، لقيت ليك صاحبي القبيل، سلم علي وعرفني بي روحو، طلع أريتري ما سوداني، إسمه "مومفس"، زول لطيف وظريف، قعدتا أتونس معاهو المهم جاء الفطور في الكنيسة فطرنا، الفطور اتذكرو لي هسع فول ما مرا علي زيو.
سألتوا ليك العيش الأكلناهو دا شنو ؟ قال لي دا لحم المسيح، والنبيذ ؟ قال لي دا دم المسيح، ما كعب، أها، والمزيكا، قال لي الموسيقى دي أصوات الملائكة ونحنا بنحاول نحاكيهم، جميل، وليه بتقولوا عيسى ابن الله، قال لي زي ما بتقول انتا علاء ابن السودان، ليست أبوة جسد، تفسير ما بطال، أها وأهم سؤال بلعزبول دا شنو ؟ قال لي دا ابليس اسمو في المسيحية بعلزبول، اهاااا، وطيب هسع دي صلاتكم خلاص كدا ؟ قال لي دي صلاتنا، قلتا ليهو يازول الله واحد، كل واحد يصلي على الجنب اليريحو.
اتناقشنا كدا واتونسنا في حاجات كتيرة الدين ما كان فيها، في النهاية اداني هدية، نسخة من الكتاب المقدس، أخدتها وفتا. مشيت المواصلات كان الوكت مغيرب كدا، ركبتا الحافلة لقيت ليك زول راكب في الكرسي الفي النص في الحافلة وصوتو أبداً ما بغباني، دا يا ربي ما عمر الحسين ؟ ياهو، بس حقو البد منو لأنو كان لما فيني الليلة حيبراني لحدي ما راسي يسخن أكتر مما هو مسخن.
قاعد منبرش فوق الكرسي وينبز بي أعلى حسوا "عمر البشير دا، ما بسوا تعريفة"، "ديل قتلة وسافكي دماء"، ياخوانا الزول دا بس الله يغتيني منو حيجيب لي الهبوب البارد، والخواف ربى عيالو، خليني لابد كدا لحدي ما نصل، بعد شويا قعدتا أضحك بيني وبين نفسي، اتذكرتا عمر دا زاتو ما كان كاتب معلقة في نميري ..
شدوا لك ركب فوق مهرك الجماح
ضرغام الرجال الفارس الجحجاح
اتخيلوا دا نميري البيوصفوهو بالأوصاف دي، ما عارف المشكلة شنو في الشعب السوداني، هي مشكلة في الشعب ولا مشكلة في الحكومات ولا شنو يا ربي.
وصلنا بي سلام مشيت البيت قلتا أصلي المغرب والعشاء وأستغفر الله، وأرقد أنوم، بالله نمتا جاتني ليك حاجات عجيبة، ريتشارد قلب الأسد، عكا، صور، معركة حطين، حاجات كدا عجيبة، المهم من كابوس لي كابوس صحيت الصباح قلتا يا هادي.
عندي أختي "أخت مسلمة" في البيت، قلتا أحكي ليها وأشوف المنظر شنو، بالله لسع ما تميت كلامي قرب يغمى عليها، وكنا في المطبخ قمتا قلتا ليها تعالي كدي نمرق الحوش عشان نتناقش بي هدوء في الهواء الطلق، طبعاً انا ما كايس الهدوء بس عاوز أزحها من جنب السكاكين الفي المطبخ لأنو يا روح ما بعدك روح.
أدتني درس في الأخلاق والتربية والدين والاسلام والسودان وحسن البنا، قلتا ليها يازولة ما في عوجة، عوجة ما في، بس خلاص، قالت لي لااااا، تمشي تستغفر وتصلي ركعتين، قلتا ليها كويس بس خارجيني من اللكشر دا، وحاتك لي الظهر انا في البحلني.
العصر جاء أبوي مشت كلمتو قالت ليهو حصل كدا كدا، قام ناداني قال لي أحكي، حكيت ليهو القصة لحدي نهايتها وحكيت ليهو قصة صاحبو عمر الحسين، قعد يضحك والله لمن دموعو جرت. القصة دي سمع بيها واحد صاحبي قريب مني متزمت شديد، قال لي انتا كافر ومرتد عن الاسلام، ولازم تتشهد من جديد وتعيد اسلامك، قلتا ليهو والله الاسلام البيعيدو دا ما سمعنا بيهو، غايتو جنس تنظيرات.
لكن خلاصة ما وصلتا ليهو، إنو الدين عقيدة وقناعة، وإنو مهماً الواحد حاول ينظر لأي دين تاني نظرة اعجاب، ما بقدر كان كسر رقبتو لأنو الدين زي جلد الزول، ما في زول بيقدر يسلخ جلدو، عشان كدا ما في كنيسة ممكن تحول مسلم للمسيحية وما في جامع بيحول مسيحي للإسلام. فقط المفروض الناس تحترم بعض زي ما مومفس احترمني في الكنيسة، المفروض أحترمو كان جاني في المسجد، لكن منو البيسمع الكلام.
.