*الهوية السودانية...بين العروبه و الزنوجه*

كنت قد اقتنعت بعد النقاش الطويل الذي دار حول هويه السودان ابان مرحله الديمقراطيه الثالثه (1985-1989), ان السودان عربي الهويه و قد تبنيت هذا الطرح و دافعت عنه دائما ,(( و ما زلت مقتنعا بهذا الطرح من من الناحيه اللغويه, اذ ان اللغه العربيه شكلت لسان الشعب السوداني في خطابه و ما زالت )). ولكن بعد ان اتيحت لي فرصه التعايش مع الشعب العربي في بعض الااقطار العربيه و ما تعرفت اليه من قيم و تقاليد في هذه البلاد : قفز الى ذهني سؤال ملح الا و هو: (هل الهويه تشكلها اللغه فقط ام ان هنالك عوامل اخرى تساهم في تشكيل الهويه)؟
في البدء فاني افهم ان الثقافه تعني القيم و التقاليد و الموروثات التي تميز الكيانات عن بعضها البعض و اللغه هي المحتوى الذي يعبر عن هذه القيم و الموروثات. من هنا كان السؤال اذا كنا نحن عربا لماذا تختلف قيمنا و تقاليدنا و موروثاتنا عن بقيه العرب في اقطار الخليج و الجزيره العربيه؟! لقد غرست فينا منذ ان جئنا الى هذه البسيطه ان النخوه و الشهامه و الكرم و الصدق و الامانه هي من القيم العربيه التليده, وكان حاتم الطائي هو المثال النموذج الاعلى في في الجود و الكرم , ولكن عندما تعايشنا مع اخوتنا في الاقطار العربيه لم نجد من هذه الصفات الا ما ندر في حين ان هذه الصفات تجدها و بلا تحيز في المجتمع السوداني و هي سماته اينما وجد , الامر الذي يجعلها غريبه عند اخوتنا العرب؟!
من المعروف ان شعبنا السوداني هو نتاج تمازج العرب الذين قدموا من الجزيره العربيه مع النوبه و الزنوج في السودان لياتي هذا الشعب الفريد , فهو ليس عربيا خالصا و لا نوبيا او زنجيا خالصا , و هذا واضح في قسماتنا و قيمنا و تقاليدنا التي نتفرد بها عن كافه الشعوب التي حولنا سواء كانت العربيه او الزنجيه. الامر الذي يدعونا للتفكير الجدي في هويتنا ببحث اسباب اخرى بالاضافه الى اللغه.
لذا فهذه دعوه للحوار لبناء الشخصيه السودانيه المتفرده ووصفها في قالبها العربي الزنجي و الاعتراف بهذا الواقع دون النزوع الى التطرف باتجاه العروبه و الزنوجه و النوبيه و هي دعوه لمثقفينا و ساستنا بمختلف الوان طيفهم للبحث الموضوعي في هذا الامر بما يعيد الوحده لهذا الشعب الذي كادت ان تعصف به الطروحات المتطرفه, و ما الجبهات المتعدده التي برزت الآن الا نتاج هذا التطرف, فالنوبه و الدينكا و الفور و البجه كل قد شكل جبهته التي تطالب بالتحرير و تقابلها دعوه برزت من الدوله و من بعض كوادرها المتنفذه بتشكيل جبهه لتحرير الشمال من الجنوب, فماذا بقي من السودان و مَن يطالب بالحرية. من مَن انها لعمري بدايه ضياع الوطن و تفتيه, فلنسارع لقطع الطريق امام هذا الطوفان من اجل الوطن و الشعب و الله من وراء القصد... و اعتقد ان هويتنا يلخصها شاعرنا الفذ اسماعيل حسن بقوله:
ديل اهلي عرب ممزوجه بدم الزنوج الحار
بعد ان عدد سمات هذا الشعب الفريد المتفرّد .

دعوه للتامل

في موضوع يجب علينا ان نتجاوزه

فالزمان يمر

والعدو بنا يتربص

ونحن مازلنا نحارب طواحيين الهواء

العزيز مشتاق
كتلنا الشوق للوطن الواحد الذي يبني ويعمر ولا يقتتل في الخبز والماء ولابد من البحث عن مخرج لهذه المتاهه والجبهات الكتيرة
مع المودة