حول اكذوبة ان الشعوب ليست مستعدة للديمقراطية

حول اكذوبة ان الشعوب ليست مستعدة للديمقراطية


02-13-2003, 02:09 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=5&msg=1045141793&rn=0


Post: #1
Title: حول اكذوبة ان الشعوب ليست مستعدة للديمقراطية
Author: Elsadiq
Date: 02-13-2003, 02:09 PM


ابراهيم عيسي
فلماذا نحن هكذا ونبقي هكذا وسنظل هكذا ؟
أسأل نفسي كل يوم هذا السؤال، وأضرب نفسي كل يوم لأنني ما زلت أسأله، بل لأنني ما زلت مهتما، وبت أقول وأعيد هذا الكلام مثل الأهبل الذي لا يتراجع أبدا أمام الصبية الذين يصرخون فيه العبيط أهو.. العبيط أهو لماذا لا أسكت وأتهبب آكل عيش وأوافق مع كل الموافقين وأنافق مع كل المنافقين وأتوافق مع كل المتوافقين ؟ ولأنني لا أفعل ذلك فلا شك أنني عيان، ومن ثم ليس علي المريض مثلي حرج في أن يعيد ويزيد ويقول نفس الكلام ويكتبه ويكرره في كل داهية كأنه لا يملك غيره أو كأنه مشغل شريط كاسيت مسفوف، وهذه فرصة طيبة أن ألفت نظر سعادتك أنك لو كنت من تعساء الحظ وقرأت لي من قبل، فربما لا تقرأ هذه المرة ولا كلمة جديدة عن المرة السابقة ومن ثم ممكن تذهب لأقرب مقال مجاور في الصفحة وترحم نفسك، أو تواصل قراءة ما لا أكتب غيره تقريبا وأهي تسلية يا راجل اذا لم يكن وراءك حاجة.
لقد وضعت ثورة يوليو من ضمن أهدافها الستة (كان آخر الأهداف) اقامة حياة ديمقراطية سليمة. وكأن هناك حياة ديمقراطية مكسورة ومريضة وأخري سليمة معافاة. وكانت هذه هي الكذبة الكبري التي زرعها نظام يوليو واستمرت حتي الآن، أصبح الحكام هم الذين يقررون ما هي الديمقراطية السليمة والمريضة. وجعلوا أنفسهم أوصياء علي الشعب والمواطنين فهذا معارض عذب فرات وهذا ملح أجاج، هذا سليم وذلك مكسور، هذا الأخ ديمقراطي سليم وهذا ديمقراطي مريض، كأن الديمقراطية السليمة المطلوبة هي الديمقراطية التي تعترف أن الحكام هم أعظم حكام وهم الملهمون الحكماء الراشدون وان الوطن يضيع من غيرهم والشعوب تنهار لو تركوننا، الديمقراطية المطلوبة والمسموحة من يومها هي التي لا تشاغب ولا تعارض ولا تحرك ولا تتحرك ولا تتظاهر ولا تغير حاكما ولا تسقط وزيرا ولا تحرك شارعا ولا تطمع في حكم ولا تفكر في سلطة.
ثم ظهرت الأكذوبة الأكبر وهي أن الشعب ليس مستعدا للديمقراطية وما زلنا نعلمه ونفطمه واحدة واحدة وخدي اللقمة ياكوتوموتو ياجماهير. وكخة ياوطن، وتاتا تاتا يا شعب. كأن الحكام يمنعون أبناء الوطن من مسك سلك الكهرباء أو اللعب في الفيشة السياسية، كأننا وطن من الأطفال أو المتخلفين عقليا في حاجة الي شرب اللبن قبل أن ننام. أو نفكر ونمارس السياسة وقد استمرت هذه الأكاذيب لتنتج واقعا سياسيا مشوها وهزائم وأزمات لا تنتهي وضعفا أمام العالم والغرب الذي يعاير بلادنا بالتخلف والعبودية للحكام وتوريث الشعوب وأولدت لنا ديمقراطية شكلية هشة ومضعضعة وعبارة عن مجرد هامش ديمقراطي مجرد لهو ولغو فارغ نضحك به علي العيال حتي يكبروا.
الجميع يتحدث عن الهامش الديمقراطي وليس الديمقراطية، عن الضمانات من أجل الديمقراطية وليس حقوق الديمقراطية.
ويبدو أنهم نجحوا في اقناع الشعب بأنه طفل وعيل فعلا في حاجة الي بزازة الحكومة الأم والحاكم الأب فصار الوطن أكثر استعدادا للعبودية وللوصاية ودخلنا في دائرة القبول بالأمر الواقع والرضا بالقسمة والمقسوم وسقطنا في جب وبئر من الخنوع والخضوع والدعاء علي الظالم لا مقاومته، انتظار فتات المائدة لا طعام المأدبة، منحة المرتب وليس علاوة العمل، اشراف القضاء علي التصويت وليس ابعاد الشرطة عن الناخبين، منذ خمسين عاما ومن يوم ما قرروا اقامة حياة ديمقراطية سليمة لم نشهد ديمقراطية ومن المؤسف أننا أيضا فقدنا من يتذكرها ونسينا أننا يمكن أن نحصل عليها.. ومنهم لله اللي كانوا السبب ومنهم لله اللي كانوا النتيجة.
الحاكم من هؤلاء لو شعر أن عرشه يهتز أو أنه لن يستطيع ترك منصبه لولده من بعده فانه يسارع بتقديم تنازلات فادحة ويوقع علي أي اتفاقية ويقوم بأي مبادرة ويوفق أي رأسين في الحلال، الحاكم العربي لا يري الا عرشه أو وراثة أبنائه لعرشه ومن ثم فكل ما يفعله علي كرسي الحـكم هو للبقاء أبد الدهر علي هذا الكرسي، لا شعبه يسـاوي عنـده مثقـال حبة من خردل، فقط مجموعة المنافقين وبطانة النعاج التـي تحيـط بـه هـم كـل ما يعرفه من شعبه، بلاط مملكته ووزراء عرشه أقنعوه انه اله أو علي أقل تقدير نبي خسارة في شعبه ولو ان شعبه يعرف النعمة التي تركب علي عرشه لسجد للحاكم وركع وصلي له وعليه كما يصلي للآلهـة والأنبياء، فالحاكم العربي لا يخطئ أبدا واذا قرأت أي صحيفة في العالم العربي من بغداد حتي الرباط تجدها تتحدث عن حكمة القائد وعظمة الحاكم وانبهار العالم برؤيته وانتظار أمريكا وأوروبا لكلمته وأن كل خطاب له خطاب تاريخي تتناقله وكالات العالم وكل زيارة له زيارة تاريخية وكل تصريح صحافي نبوءة وكل حوار تليفزيوني وحي، وكلما حدث شيء في العالم فقد كان الحاكم يعرف ويحذر ويا سلام لو كانوا سمعوا الكلام.

http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=2003\02\02-13\r...ة%20للديمقراطية(fff)