حصر (الماشية) ام العقل ؟؟

حصر (الماشية) ام العقل ؟؟
عثمان ميرغني / جريدة الرأي العام

من الممكن لأي كائن ان "يحصر" أي أمر تحت ولايته بالصورة التي تتناسب مع قدرته على انفاذ ذلك الحصر .. لكن العقل والمنطق ليسا - لحسن الحظ - من الأمور التي تقع تحت ولاية آمر .. وحصرهما مرفوع عن القدرة البشرية.

في أخبار الأمس ..السيد وزير التجارة الخارجية وهو يعالج تعقيدات تصدير الماشية السودانية الي المملكة العربية السعودية لمقابلة احتياجات موسم الهدي ، دعا الوكيل المحلى للشركة التي تحتكر صادر الماشية السودانية في السوق السعودي الى (الاسراع في فتح الإعتمادات لانسياب صادرات الهدي) ..ثم (أكد بدء الإجراءات لتصدير 400 ألف رأس من الماشية خلال موسم الهدي) ولأن العقل والمنطق ليسا ضمن قائمة (الحصر) فإن سؤالاً حتميا ينشأ عن أي (هدي) يتحدث السيد الوزير ..؟؟

هل يقصد تلك الشعيرة التي ترتبط بموسم الحج والتي تبقى عليها أقل من اسبوعين؟ ..

على أىة سفرية من رحلات الخطوط الجوية تم الحجز لهذه الـ(400) ألف رأس لتدرك موسم الحج ؟؟.

من الواضح ان المرء يحتاج لبحث أيهما (المحصور) تصدير الماشية أم العقل ؟؟

(لو) بدأ رجل اليوم في اجراءات السفر الى الحج و حضور الموسم هناك لما أسعفه باقي الوقت أن يرتب أمر سفره في مثل هذه المدة القصيرة !! فكيف بماشية مرهونة بكثير من الإجراءات ..وأية ماشية هي .. (25) مرة ضعف عدد الحجاج السودانيين لهذا العام !!!

من الواضح للعيان أن (كارثة) توشك أن تعلن عن نفسها بفقدان السودان لحوالى (450) ألف رأس من الماشية كان في وسعه تسويقها في موسم الحج لهذا العام .. علما بأن السودان صدر في نفس هذا الموسم في العام السابق ضعف هذا العدد وحقق عائدا بالدولار بلغ قرابة الـ(50) مليون دولار ( في موسم الحج وحده).

الكارثة ليست في فقدان السودان لهذا المورد الكبير من العملة الصعبة فحسب بل في فاجعة قطاعات المنتجين والمصدرين والعاملين في الثروة الحيوانية الذين يتأثرون بكل رأس يتم أو تفقد فرصة تصديرها .. وهم قطاع حساس ينتج ثروة غير قابلة للتخزين فهي تستهلك يوميا موارد ضخمة في أكلها وشربها و أمنها ورعايتها .. ومحكومة بعمر افتراضي قصير .

صحيح أن الـ(10) ايام الباقية فيها متسع لمزيد من التصريحات والتصريحات المضادة لكن كل ذلك سينتهي أمام منصة الشعب السوداني كله بعد يوم واحد من عطلة عيد الأضحى ليسأل عن من تسبب في هذه الكارثة .. والى ان يحين ذلك الموعد دعونا جميعا (نحصر) عقولنا ونصدق أن (400) ألف خروف سوداني الصنع ستعبر البحر الأحمر .. وتسيل دماؤها قربانا في الأراضي المقدسة في موسم الحج هذا العام !!


©جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع صحيفة الراي العام 2002
Copyright © 2001 AL RAYAAM NEWSPAPER. All rights reserved