مهر الزواج

مهر الزواج


01-29-2003, 05:53 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=5&msg=1043816026&rn=0


Post: #1
Title: مهر الزواج
Author: Elsadiq
Date: 01-29-2003, 05:53 AM


الدكتور حسن ميّ النوراني
(1)
كانت الجيوش المنتصرة في الحروب القديمة تأخذ نساء المهزومين غنائم لها، ويعاملن معاملة الرقيقات المستباحة جنسيا.
وكان اجدادنا القدامى يقومون بخطف النساء خلال غارات حربية عدوانية.
وما زالت القوة هي الوسيلة التي يجري بها  إلحاق النساء بالرجال، فيما هو معروف بالزواج. إن الزواج ممارسة إنسانية يقوم بها الذكور – باستثناء المجتمعات الأمومية - بأخذ النساء من ذويهن باستخدام القوة، لكن، بصورة أخرى من صور القوة، فالزواج لا يتم بالإغارة المسلحة، ولا باسترقاق ذكور الجيش المنتصر لإناث الجيش المنهزم، كما كان الحال في الماضي .. الزواج يتم بقوة المال، وهذه قوة من معطيات القوة الجسدية التي كان يستخدمها القدماء للهيمنة على النساء.
وقوة المال حلت محل القوة العضلية، والمهر الذي يدفعه الرجال للنساء المطلوبات للزواج أو لأهلهن، هو ممارسة لقوة المال، أو للقوة، بأسلوب عصري، أسلوب مزوق، وأقل همجية من أساليب الهيمنة على الأنوثة القديمة.
إن المهر ذو جذور في تاريخ الإنسانية الهمجي. وهو صورة جميلة للدموية القديمة، ولكن، تبقى بينهما علاقة الشئ بأصله.
(2)
تتعامل بعض المجتمعات البدائية مع مسألة المهر باعتباره عوضا اقتصاديا يدفعه الرجل للمرأة التي يطلبها للزواج. وتنظر هذه المجتمعات للمرأة باعتبارها عاملا إنتاجيا، مباشرة بما تقدمه من جهد في العملية الإنتاجية الاقتصادية، أو غير مباشرة بما تمنحه لزوجها، وعائلة أو قبيلة زوجها من أبناء سيقومون، فيما بعد، بالمشاركة في الإنتاج. وعائلة المرأة، قبل زواجها، تخسر، بانتقال ابنتها إلى عائلة أخرى، هي عائلة الزوج، تخسر عاملا إنتاجيا، أو يدا عاملة. والمهر تعويض عن هذه الخسارة.
وفي الإسلام، اعتبر القرآن المهر هدية يقدمها الزوج لعروسه (وآتوهن مهورهن نِحْلَة {=صدقة } . وليس ما في الإسلام ما يشي بأنه ينظر للمهر بأنه عوض مالي يقدمه الزوج لأهل عروسه.
ومع هذا، فإن المهر، في الإسلام، أو  في المجتمعات التي تعتبره عوضا ماليا، فإنه- أعني المهر - لا ينقطع عن الجذور القديمة التي أشرت إليها، حيث اعتقد أنه صورة مهذبة عن الأسلوب القديم الذي كان يتم فيه اغتصاب النساء من أهلهن في غارات حربية، يكون فيها من طحق المنتصرين أخذ النساء عنوة وإلحاقهن بالرجال من الفريق المنتصر. وظل سبي النساء في الحروب من المظاهر التي تصاحب الصراعت الإنسانية وإلى وقت غير بعيد. والإسلام عرف هذه الظاهرة في حروبه ضد الكفار.
إن كلا من الهدية، والعوض المالي الذي يقدمه الرجل للعروس، هو تأكيد على أن من يملك القوة المادية (العضلية أو المالية) هو الذي يحتل المركز القوى في معادلة الزواج. وهو المركز القوى ذاته الذي كان يخول المنتصر في الحروب القديمة حق (باطل) سبي نساء الفريق المهزوم.
وسيظل المجتمع الذكري، هو المناخ الذي سيستمر فيه عامل الغلبة المادية (العضلية أو المالية) هو العامل المعادل لرجحان كفة معادلة الحياة الإنسانية لصالح الظلم الإنساني.
وعندما تتحرر الإنسانية من هيمنة الظلم على علاقتها، سيكون عقد الأزواج هو عقد الحب، لا يبرمه الرجل من جانب واحد، ولكن تبرمه المرأة والرجل معا، لتشييد عالم أجمل لهما وللناس أجمعين.
(3)
لون ثوب الزفاف الأبيض الذي ترتديه العروس رمز لقبول أهلها بمسالمة أهل العريس (الغزاة المنتصرين في العرف القديم)، وهي مسالمة تستدعي رفع راية السلام بيضاء اللون التي يرفعها المنهزمون في الحروب.

http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?code=arabic&aid=4929