تخرصات عنصرية ضد أبناء الوطن من الجنوب الحبيب

تخرصات عنصرية ضد أبناء الوطن من الجنوب الحبيب


12-25-2002, 12:05 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=5&msg=1040814351&rn=0


Post: #1
Title: تخرصات عنصرية ضد أبناء الوطن من الجنوب الحبيب
Author: Zaki
Date: 12-25-2002, 12:05 PM

Dears
Although I feel sick reading such racist propoganda from Hussein Khogali and his Alwan, nevertheless I feel all of us must see the mindset of the NIF and its dark plans for our beloved Sudan. What they claim Garang is planning is actually their own. Again like in this board and other Sudanese lists the writer is denying his/her NIF affiliation and pretending to be a communist who at the start described as anonymous then given a name at the end!!!

ولألوان كلمة
المقدمة
ما يزال مقال الاستاذ الطيب مصطفي يثير الكثير من اللغط والمناقشات من اقصي اليمين الي اقصي اليسار، وما بين مؤيد ومعارض .. ولان المقال اراد به صاحبه وجه العمل الوطني الخالص ولكي تثمر الحوارات والردود رأت «الوان» افساح هذا المكان للمقال التالي والذي ارسله صاحبه دون ذكر اسمه تحت توقيع مراقب : -
ما لا يعلمه الطيب مصطفى عما يكنه الجنوبيون من حقد على أبناء الشمال
كنت مسؤولاً عن دائرة الجنوب في الحزب الشيوعي السوداني وهذ1 أتاح لي من المعلومات والمتابعات ما لم يُتح للكثيرين ، وكنت متفرغاً لهذا العمل تماماً فملأت القضية كل جوانحي ، ولكن المسؤولين في الحزب ضاقوا بما كنت أعرضه عليهم من نتائج وخلاصات واعتبروها غير ثورية ، وبلغ الأمر ببعضهم أن إعتبرها "ردة " ، وهكذا عملوا على إقصائي من تلك المسؤولية . كان الأمر مؤلماً بعض الشئ أول الأمر لكنه أتاح لي فرصة التفكير الحر ، واعترف اليوم أنني أصبحت أكثر وطنية مما كنت حين كانت تقيدني سلاسل المسؤولية الثورية ، هذا من غير قدح في وطنية الرفاق ولكنه إختلاف في تقدير الأمور .
غير أنني أستميح القراء عذراً لأنني سأستخدم إسماً رمزياً تقديراً لروح " زمالة " لازلت أكنّها لكثير من زملاء ورفاق في الحزب الشيوعي السوداني ، فأنا لا أريد أن أكون أحمد سليمان آخر .
وأود تحديداً أن أشرك القراء الكرام في " بونانزا " من المعلومات أتاحها لي إمساكي بملف الجنوب وأثـّرت فيها لقاءات في نيروبي وممبسا وكمبالا ولندن وفي الخرطوم بالطبع مع عدد مقدر من قيادات حركة قرنق , وركَّزتها قراءات ومتابعات في الأدب السياسي الغربي وكتابات وإصدارات حركة قرنق ، هذا بالطبع بالإضافة لمطارحات خصني بها نفر من قيادات التجمع في الخارج ومتابعات لمواقف وآراء الأحزاب المختلفة في " المسألة الجنوبية " .
وأبدأ بلقاء ضمني مع أحد مسؤولي حزب الأمة كان مسؤولاً عن الإتصال مع حركة قرنق ، ضمني معه في نيروبي في حضور أحد الأبناء كان هرب حديثاً من صفوف مقاتلي حركة قرنق في نيروبي مع بضعة وعشرين شاباً أرسلهم حزب الأمة وقتها لقتال حكومة الإنقاذ في الجنوب ، وكان ذلك الرجل وقتها ضابط الإتصال بين حزب الأمة وحركة قرنق ، وكانت تجمعني معه صداقة غير أن المسكين لم يكن وقتها يعلم أنني شيوعي ومسؤول في الحزب ولا يهمني أن يعرف ذلك الآن ، فقد بعدت الشقة بيني والرفاق رغم أن أخلاق السودانيين تحول بيني وبين مهاجمة من أكلت معه "الملح والملاح" . أقول إن أهم إفادة بالنسبة لي خرجت من ذلك الفتى حديث الهروب من حركة قرنق : إن جنود الحركة وتحديداً الدينكا منهم مشبعون بكراهية لا حدود لها لكل شمالي بمن في ذلك هو ورفاقه المقاتلون معهم ورفاق خنادقهم فقط لأنهم (مندكرات) ولهذا كانوا يضغطون هؤلاء (المندكرات) ولا يعاملونهم معاملة (رفاق السلاح) بل يوكلون إليهم فقط الأعمال المهينة والوضيعة مثل كنس المعسكرات وغسيل ملابس الضباط وبعض الجنود وحمل متعلقاتهم الشخصية وحراستهم أثناء الممارسات الجنسية مع عشيقاتهم .
أما ثاني الوقائع المؤسفة فهي إفادة أحد أبناء الحزب من خريجي الجامعات وممن قاتل في صفوف الحركة ، وخلاصتها لدى لقائه بي بوصفي المسؤول عن الجنوب أنه يريد أن يُعفى من العمل العسكري في حركة قرنق لأن الحركة وكل منسوبيها من الجنوبيين (يكرهون الأضان الحمرا) . وأضاف (يكرهون بشدة كل الشماليين ولا يثقون حتى فيه هو الذي يقاتل معهم) ، ثم قال بأسى (مسكين ياسر عرمان كتل ود الأقرع فتورط وخايف من ثأر أهله في الشمال)!!!
وأستعير عبارة هذا الشاب الأخيرة لأقول مسكين الطيب مصطفى فقد أجهد نفسه في إيراد الحجج المعضدة لرأي فصل الجنوب رغم أنني إقتنعت بحكم متابعاتي اللصيقة للملف أن الغالبية العظمى والكثرة الكاثرة من أهل الشمال لم تعد تحتاج لمن يعدد لها منافع ، بل وضرورات الإنفصال .
وأخطر من ذلك الذي ذكره الطيب مصطفى هو (قوائم التصفيات) التي أعدتها الحركة والتي أعلم أن الرفيق نقد إطلع عليها ولم يأبه لها ، كما لم تثر اهتمام جل قيادات الحزب الشيوعي السوداني.
هذه القوائم تشمـل رموزاً وشخصيات لن يستطيع المجتمع السوداني أن يستغني عنهم ، وليتها إقتصرت على (الجبهجية) فقط ، لا وشرفي فقد شملت رؤساء تحرير صحف ورجال دين وأئمة وسياسيين بارزين وأطباء ومحامين ومهندسين وضباط جيش وأساتذة جامعات وإعلاميين ورأسماليين ، الجامع الوحيد بينهم أنهم (شماليون) مندكرات ، والمؤسف أن بعضهم يناصب الحكومة العداء وبعضهم لا صلة له بالسياسة البتة .
وقد ذكرني هذا بما قاله (نيال دينق نيال) القيادي في حركة قرنق الآن وابن السياسي الجنوبي المعروف وليم دينق ، قال ذات مرة في كمبالا إنهم في الحركة ترسخت لديهم القناعة أنه لا يمكن التفاوض مع أي حكومة في الشمال (لاحظ أي حكومة) إلاّ بعد أن يتساوى الشمال بما لحق بالجنوب من دمار ... عندها سيتساوى الشمال مع الجنوب وعندها فقط سيكون التفاوض بين (متساويين) . وأضاف نيال أنهم سيستمرون في الحرب لأنه ليس لديهم ما يخسرونه في الجنوب ، فلا مدارس للأطفال ولا كهرباء ولا بيوت فخمة ولا مستشفيات ولا جامعات.
والمتابعون يعلمون جيداً أن قرنق قال في خطاب أخير لجنوده بعد توقيع مشاكوس الأولى : (إنه لن يترك هؤلاء الجلابة المندكرات) حتى بعد الإنفصال ، وهذا الخطاب موجود ومسجل بالفيديو . أترى ستحلم الحكومة الآن وبعد هذا الخطاب (بالوحدة الطوعية) وماذا يريد قرنق من الوحدة طوعية كانت أم قسرية في ضوء ما يتوفر لدينا من معلومات عن ثروة قرنق التي فاقت المائة وخمسين مليوناً من الدولارات الجميلة ، وعما يعرف عن مزارعه في هراري والذهب ، نعم الذهب الذي فاض حتى بات يشتري به الرؤساء والمسؤولين في دول الجوار الجنوبي . وأرجو أن أذكر هنا أنه سبق أن حصل على ماكنيتين من جنوب أفريقيا ينقب بهما عن الذهب في جنوب كبويتا . ماذا يريد بالوحدة طوعية كانت أم قسرية وربيكا زوجته تنعم بالمرسيدس الذي إشترته من السفارة الإيرانية في نيروبي وقد كنت شاهداً على ذلك ، ويا له من مر سيدس وأبناؤه يسرحون ويمرحون في الملذات في بريطانيا وأمريكا وبلاد أوروبا الجميلة ومنهم بالطبع ابنه الأكبر مبيور المتخصص في عرض وتصميم الأزياء النسائية ويعيش حالياً في أمريكا ويلبس السلاسل الذهبية حول رقبته بينما يسوق قرنق أطفال الجنوب إلى الموت الزؤام صباح مساء .
ليس قرنق وحده الذي أصبح (لورد حرب (War Lord ، فالمتعة والثراء طال أليجا مالوك قريبه ودكتور جستن ياك اللذين كانا مسؤولين عن الأغاثة والعمل الإنساني يتناوبان عليه ويبيعان هما وبقية (الكماندرز) أسلاب الإغاثة في قولو وكنـقم اليوغنديتين ، وما أسهل وأمتع الرشاوى في بلاد الجنوب الأفريقي .
صدق الطيب مصطفى حين قال إن الجنوب هو الذي أفقر الشمال وكل السودان ولولا الجنوب لكـان السودان علـى أقل تقديـر مثل كوريا الجنوبية أو مثل ماليزيا . وليـت الساسة يجـدون الشجـاعة ليعلنوا ما صُرف على الجنوب تحديداً في الفترة 1973م - 1983م مما أعلمه وهو أكثر مما صُرف على الشمال ، ويقيني أن ما صرفته الحكومة الحالية على الجنوب وعلى الحرب يفوق تلك الأرقام أضعافاً مضاعفة .
ولم يكن الطيب مصطفى أول من جهر بفصل الجنوب ، فقد سبقه إليها من المعروفين السياسي الشهير خضر حمد حين كتب ذلك في الصحف السيارة في الستينات ، وسبقه إليها مؤخراً بروفيسير عبدالله علي إبراهيم والصحفي محمد طه محمد أحمد .
نعم لم يكن الصادق المهدي حين كان يحاور حسن الترابي في مكتب دكتور كامل إدريس في رئاسة منظمة (الوايبو) في جنيف ، لم يكن منتبهاً أن للحيطان آذان ، وأن مكتب كامـل إدريس كان Bugged ومغطى من قِبل المخابرات السويسرية ، وأوصلته للعزيزة الـ CIAوعلم به المصريون ثم التجمع وليس بعد التجمع سر . (بالطبع سينفي الصادق المهدي غداً أنه لا يمانع في فصل الجنوب) ، ولن ينجيه ذلك من قائمة التصفيات ، كما لن ينجي بعض من في التجمع الآن ، وحتى إن أنجاهم ما طعم الحياة بعد أن يستحيي قرنق النساء ويقتل الأبناء ، ما طعم الحياة بعد التباب والخراب وتقتيل الأهل والعشيرة ، بل وما طعم السودان بعد قتل شيخ الهدية والشريف الهندي ودكتور أبو صالح والفريق سيد أحمد حمد والنيل أبوقرون (ترى ما ذنب النيل فهو فكي ولا يعمل بالسياسة) ودكتور الكباشي وتيسير محمد أحمد ، نعم تيسير محمد أحمد ، بل وما لون السودان وما رائحته حين نصبح فلا نجد مبارك الفاضل وشيخ عبدالحي يوسف وعلي شمو ؟ ومحظوظ الفريق إبراهيم أحمد عبد الكريم فقد أنجاه عزرائيل من مجزرة شنيعة ، ونسيت القائمة المكونة من الصفحات ذوات العدد .
الذي أعلمه أن جون قرنق معجب بمدينة واحدة في كل الكرة الأرضية هي مدينة ممبسا الكينية التي تحولت في ظرف 15 سنة من مدينة عربية إسلامية إلى مدينة أفريقية مسيحية ، وحتى عمدتها أصبح مسيحياً أفريقياً ، وهذا نموذجه لمدينة الخرطوم وكل مدن الشمال الكبيرة ، فالرجل عاصر مجزرة العرب في زنجبار عام 1966م علي يد القس نايريري وقد كان قرنق حينها طالباً في جامعة دار السلام مع صديقه الوفي موسيفيني ، ولا يظنن غافل أن هذه الملايين من الجنوبيين الذين تغص بهم مدن الشمال جاؤا على نفقتهم الخاصة من كل أصقاع الجنوب ، لا فوراء هذه الهجرة المدبرة ملايين الدولارات للترحيل ثم الإسكان والإعاشة ، ودونكم خطة البابا POPE PLAN التي اُعلنت عام 1988م ، وأسألوا الصادق المهدي عن الذي توصلت إليه الـ AD HOC ommittee (اللجنة الخاصة) التي كونها هو لدراسة خطة البابا لإرجاع السودان لأصله المسيحي ، دعوه يحدثكم عن أكبر هجرتين منظمتين نزلت الأولى بكاملها من القطار في سوبا ، ونزلت الثانية بكاملها من القطار وإستقرت في دنقلا (لاحظ سوبا ودنقلا ، يعني بعربي جوبا الفصيح علوة والمقرة) ، ليت ساستنا يجدون الشجاعة ليعلنوا عما يعلمون !!
عملي السري في الحزب أقنعني أن كل السياسيين السودانيين الكبار يخافون من شئ واحد هو مصر ، بعضهم يخافها لأنها إطلعت على عوراته ونزواته ، وبعضهم يخافها لسطوة إعلامها السياسي ، وبعضهم يخافها لأنها تستطيع أن تسلط عليه رجالها في صحافة الخرطوم ومنتدياتها السياسية ، وهذا هو السبب الذي يجعلهم يرتعدون من ترداد كلمة (الإنفصال) فهي الكلمـة الحرام . وأنـا أعلم أن الدبلوماسية المصرية مجندة الآن بكاملها ـ كأولوية تفوق أولوية إسرائيل لدى مصر ـ ضد إنفصال جنوب السودان ، وتسلك لذلك دروباً شتى من بينها تخويف الغربيين من سيطرة المتطرفين المسلمين على الدولة في شمال السودان وإستغلال الرعب الذي أصابهم بعد سبتمبر إلى أقصى مدى ممكن من جماعة بن لادن "الجبهة" ، ومن بينها دعم أسياس أفورقي وأصدقائنا في التجمع والميرغني وجماعته . ونعلم في الحزب الشيوعي أن السياسة المصرية في السودان أعني الإستراتيجية السياسية الدائمة بغض النظر عن من يحكم السودان هي (أن يبقى الإقتصاد السوداني ضعيفاً وأن تحكمه حكومة ضعيفة) ، ولم يجد المصريون أفضل من حرب الجنوب لتحقيق هذه الغاية .
يشارك (الوحدويون المصريون!!) في ذلك رفاقي الذين بعدت بيني وبينهم الشقة . وقبل أن أنسى يجب أن أسجل هنا أن الذي صدمني من حركة القرنق وموقف الحزب هي معلومة كانت في قائمة التصفيات وهي أن أحد أقربائي العزيزين ، بل وأحد أولياء نعمتي ومن الذين أسهموا في تربيتي وتعليمي كان اسمه في القائمة ، وقد أثر ذلك وأسهم في (عودة الوعي) كما يقول توفيق الحكيم إذ قلت في نفسي ما جدوى الحياة بعد قتل هذا وأشباهه ... أي خيانة أكبر من السكوت على مثل هذا ؟؟!! هل يعني الحفاظ على شرفي الماركسي أن ألـوذ بالصمت إزاء تصفية الأهل والعشيرة ؟ وهل يعني (الإنتماء الوثيق) ـ كما يقول بعض الزملاء في الحزب ـ قبول تقتيل العرب الجلابة الشماليين ؟؟!! وسط من يعمل الحزب الذي تتكون الغالبية العظمى من كوادره من هؤلاء العرب الجلابة الشماليين ؟؟
من صلاتي السابقة مع الجنوبيين أيقنت أنهم ليسوا مثلنا في الشمال في شئ !! ليس ثمة رباط يجمعنا ، فالتباين الثقافي والبون الشاسع في هذا معلوم وهم ليسوا مسيحيين حتى نعقد مقابلة بينهم والمسلمين ، وكل شئ مختلف في تفكيرهم بيننا ، فوجدت أنني أحرث في البحر ، فالأرضية الوحيدة لدى الجنوبي هي قبيلته ، وكنت أتوهم أول الأمر أن انعدام أو ضعف الدين لديهم ميزة لعملنا الحزبي ، فاكتشفت أن الطروحات التي تحرك الشماليين لا تحرك فيهم ساكناً ، فالفكر مختلف وما يثير الشماليين لا يعني لديهم شئ (والمخلات بالشرف الوطني) مباحات لديهم ، فهم يحترمون (القبيلة) وهذا ما أضعف عملنا الحزبي بينهم كل هذه السنين ، ولذا ظللت أضحك من الذين يهدرون أموالهم لأغراض (التشريب العقائدي) بين الجنوبيين وينسون عامل القبيلة .
حتى (الخجل) مختلف البواعث بين شقي الوطن في الشمال والجنوب ، فما يخجلهم غير الذي يخجلنا ، بالطبع لا أريد أن أقول البتة إنه ليس لديهم قيمهم الخاصة ، ولكن أردت أن أشير إلى مواطن المفارقة والخلاف ، فمثلاً نجد أن المال العام ضعيف الحرمة لدى قادتهم ومتعلميهم إلاّ القلة وهذه من مصائب أفريقيا جنوب الصحراء بصفة عامة ، وأنا أعلم حساسية هذا ، ألم يقل فرنسيس دينق (إن الذي يفرقنا هو ما لا يُقال) ؟؟!!
الذي غاب على الطيب مصطفى ان دعوته لتكوين (حركة تحرير شمال السودان) ستكون محفوفة بالصعاب ، وليذكر أن جون قرنق قال لبونا ملوال حين حذره الأخير أن تشدده سيجعل الشماليين يميلون إلى فصل الشمال عن الجنوب ، فأجابه قرنق إن فصل الشمال ليس بالأمر السهل (They have to fight for it)(عليهم أن يقاتلوا من أجل ذلك) ، وهذا ما نشـره بونا ملوال وقـرأه الناس ، ولكـن الذي لم يدركه قرنق أن الحكومة الحاليـة ـ رغم خلافي معها وكرهي لها ـ علمت الشماليين كيف يقاتلون بضراوة (Tooth and nail).
أخيراً يبـدو أن للعمر تأثيراً ضخماً على بلورة الأفكار وأحياناً التمرد على المألوف ، ويبدو لي أن تقدمي في العمر الآن جعلني ألتفت إلى المخاطر المحدقة بأهلي من قِبل قرنق وأهلـه ، ولذا سأتبرع بمعلومتين للحكومة ـ ليس حباً فيها ، ولكن حفاظاً على أهلي ـ الأولى : إذا أرادت الحكومة شعبية حقيقية كاسحة فلتفصل الجنوب اليوم قبل الغد ، والثانية : راقبوا الذين يبيعون السجائر في نواصي الشوارع فهم الذين يراقبون كل الشخصيات الهامة في المجتمع وبتوصياتهم تعرف الحركة أين يقيم كبار الساسة والتنفيذيين وقوائم التصفية ، علاوة على المهام الإستخبارية الأخرى .
علي عبدالباقي علي
(شيوعي نص نص)

Post: #2
Title: Re: تخرصات عنصرية ضد أبناء الوطن من الجنوب الحبيب
Author: Mandingoo
Date: 12-25-2002, 03:04 PM
Parent: #1

كلام خطير،
وقد كتب مثله منذ سنوات بابكر عوض الله المحامي والسياسي والوزير السابق، وكذلك المرحوم صلاح أحمد إبراهيم الشاعر الدبلوماسي
والله المستعان

Post: #3
Title: Re: تخرصات عنصرية ضد أبناء الوطن من الجنوب الحبيب
Author: Zaki
Date: 12-26-2002, 10:44 PM
Parent: #2

Salam Mandigno
Can you please furnish us with the articles written by Babiker Awadalla and Salah Ahmed Ibrahim?
Regards

Post: #4
Title: Re: تخرصات عنصرية ضد أبناء الوطن من الجنوب الحبيب
Author: Deng
Date: 12-27-2002, 06:32 AM
Parent: #1

الأخ / زاكي.

شكرا لنقلك هذه المقلة العنصرية بكل معانيها وهذا هو نقاشي الذي أريد بأن الفت نظر المثقفين الشماليين لهم ولكن هناك عدد كبير منهم ما زال مؤمن بهذا الخطرفة. ويوجد منهم بعضهم وسطنا في هذا البورد.


Deng.

Post: #7
Title: Re: تخرصات عنصرية ضد أبناء الوطن من الجنوب الحبيب
Author: عاطف عبدالله
Date: 12-27-2002, 07:13 AM
Parent: #4

أنها حقا تخرصات عنصرية وترهات تصب الزيت على النار ، كأنما الحرائق التي فينا لا تكفي
هناك الكثيرين الذين لهم مثل هذه الآراء العنصرية التي تفرق ولاتجمع
ولا تدعم خيار السلام والتعايش السلمي في السودان بل تساهم في تكريس الفرقة والشتات. ولست هنا بصدد الرد على كل المغالطات التي أثارها الكاتب, وهذا الكذب الصراح ولكن أسأل لماذا ننشر غسيل الوان الغذر على هذا البورد وإذا كان المراد هو المناقشة أو النقد يجب أن يتناول الناقد المقال ويعكس وجهة النظر المناؤه وليس إعادة نشر المقال وهذا هو ما رمت له الوان
وأتمنى من الأخوة في الحركة الشعبية والتجمع الرد على مثل هذه الإدعاءات

Post: #5
Title: Re: تخرصات عنصرية ضد أبناء الوطن من الجنوب الحبيب
Author: Yasir Elsharif
Date: 12-27-2002, 07:03 AM
Parent: #1

وها هي مقالة الطيب مصطفى التي ورد ذكرها في مقال ألوان وهي تكشف عقلية الجبهجية، وسآتي للتعليق.

وأشكر بحر الذي نشرها في سودان نيت
http://www.sudanforum.net/forum/viewtopic.php?topic=22629&forum=1&6




أما آن للشماليين المطالبة بتحرير شمال السودان من قبضة الجنوب ؟

لماذا يتشبث ساسة الشمال بجنوب السودان بينما لا يكترث لذلك ساسة الجنوب؟
أيهما جنى على الآخر الشمال أم الجنوب ؟

الطيب مصطفى



لازلت لا أفهم سر تلك اللحظة العبقرية التي تقرر فيها القبول بحق تقرير المصير لأبناء جنوب السودان بعد أربعين عاماً من إندلاع الحرب لأول مرة في أغسطس عام 1955م بالرغم من أن ذلك القرار كان أمراً بدهياً ينبغي أن يُتخذ قبل ذلك بوقت طويل ذلك أن المنطق الذي بُني عليه لم يكن ولا ينبغي أن يكون محل خلاف أو جدال بالنظر إلى أن الوحدة ينبغي أن تكون أمراً طوعياً لا قسرياً ، فإذا كان خالق الكون سبحانه لم يكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ، فمن باب أولى أن يُخيَّر الناس فيما دون ذلك ولا ينبغي بحال من الأحول أن يُساق الناس قسراً نحو وحدة لا يرغبون فيها ، فكان أن صدر ذلك القرار التاريخي الذي سحب البساط من تحت أقدام حركة التمرد وجردها لأول مرة من أمضى أسلحتها ، حيث لم يعد هناك مبرر للحرب طالما أن الوحدة أو الإنفصال متاحان بدون قتال ، ومثَّل ذلك القرار في نظري أكبر قفزة نوعية في منهج التفكير السياسي في السودان ذلك أن جميع الأحزاب الأخرى ما لبثت أن تبنته وما كان لها أن تفعل غير ذلك ، وكأني بالجميع قد إكتشفوا فجأة ما لايحتاج إلى إكتشاف مما كان موجوداً أمام ناظريهم على الدوام ، ولكنها الغفلة أو الغشاوة التي حجبت عن الجميع ولردح من الزمان أخطر وأهم قرار سياسي منذ الإستقلال .

أريد أن أمهِّد بحديثي هذا للدخول في لجة موضوع آخر أهم وأخطر وذلك بعد أن أقرر بأن الناس كثيراً ما يساقون نحو مسلمات وأوهام خاطئة يبقون أسرى لها لعقود من الزمان ويدمرون بتلك المسلمات أنفسهم وأوطانهم وأجيالهم بالرغم من أن الحق بيِّنٌ وواضح وضوح الشمس ، لكنها الغفلة أحياناً كما أسلفت والعجز في أحيان أخرى عن الخروج على المألوف وهو أسلوب القطيع في التفكير والسلوك وهو ذات الأسلوب الذي جعل الأمم الضالة ترفض الحق المبين إتباعاً لمألوف الآباء والأجداد وخوفاً من الجديد (بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون) .

لعل تلك المقدمة تجعلني أطرح سؤالاً ربما طُرح من قبل على إستحياء آملاً أن يسهم ذلك في ميلاد لحظة عبقرية كتلك التي عاد بها الوعي إلى ساسة السودان بعد غيبوبة طويلة ليطرحوا مبدأ تقرير المصير على جنوب السودان والسؤال هو:- لماذا يا ترى يتشبث الساسة في شمال السودان منذ فجر الإستقلال بجنوب السودان بينما لايبدي ساسة الجنوب معشار ذلك الحماس للتوحد مع الشمال ، بل يتخذون من قضية الوحدة وسيلة ضغط وإبتزاز على أهل الشمال ومن هو الطرف الأحق بالحرص على الوحدة من الآخر الشمال أم الجنوب ولعل ذلك يولد أسئلة أخرى كثيرة إختصرها في السؤال ... هل جنى ويجني الشمال على الجنوب أم العكس هو الصحيح ؟!

أطرح تلك التساؤلات بعد أن رأيت الإستفزاز الذي بلغ مداه في الجولة الأخيرة من مفاوضات مشاكوس ، فبربكم هل يجوز من الأساس أن تناقش تلك الطروحات التي تبناها وفد التمرد بما في ذلك المطالبة بنسبة 85 % من ثروات السودان جميعها بما فيها البترول أو قل 60 % لجنوب السودان ثم المشاركة في رئاسة الجمهورية (وبعد التنازل الكبير من جانب التمرد) أن يصبح قرنق نائباً أول للرئيس بسلطات إستثنائية تمنحه حق الفيتو على قرارات الرئيس ثم أربعين في المائة من مجلس الوزراء الإتحادي ، بل والخدمة المدنية جميعها بعد أن يحكم قرنق وأبناء الجنوب كل جنوب السودان بدون مشاركة من الشمال ثم تجريد العاصمة من الشريعة ثم إعادة النظر في حدود جنوب السودان ليُضاف إليه مناطق من شمال السودان سماها قرنق بالمهمشة ثم أن تظل قوات قرنق قائمة وممسكة بسلاحها طوال الفترة الإنتقالية في جنوب السودان وما سُمي بالمناطق المهمشة إلى جانب الجيش السوداني (جيشان في وطن واحد) !!

إنني لأعلم علم اليقين أن معظم أبناء الشمال قد ضاقوا ذرعاً بالجنوب لكن للأسف الشديد ما من أحد يفكر في إستطلاع آرائهم أو منحهم حق تقرير المصير الذي يبدو أن الوسيلة الوحيدة للحصول عليه يأتي من فوهة البندقية .

واسمحوا لي قبل أن أعلِّق على تلك المطالب المستحيلة من حركة التمرد أن أورد بعض الفقرات من مذكرة رفعتها مؤخراً مجموعة سمت نفسها بمجموعة أبناء الإستوائية إلى قرنق لكي تروا كيف ينظر مثقفو جنوب السودان للصراع الدائر بين حركة التمرد والحكومة وتروا الحقد الدفين الذي يملأ قلوبهم ، وكيف ينظرون لأبناء شمال السودان ... تقول المذكرة في بعض فقراتها :-

" إنه لمن دواعي سرورنا العظيم أن نحييك بإسم حركتنا وأن نقدم إليك بوجه خاص التهنئة كقائد للحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان على تحقيق أولى الإنجازات في نضالنا من أجل التحرير ... إن التطور الأخير ممثلاً في بروتوكول مشاكوس ما كان له أن يتحقق بدون جهود قواتنا الجسورة تحت قيادتكم التي أدت دون شك لإرغام العدو على التنازل وتوقيع البروتوكول ... وعندما أعلن القائد أوياي دينق أجاك على العالم أجمع أن وجهته (بعد تحرير توريت) هي جوبا فإن كل واحد من أبناء وبنات بل وكل واحد من أصدقائنا أحس بالسعادة الغامرة فأخيراً أصبح بوسعنا أن نتقدم بإتجاه الحرية عبر ميدان المعركة ... إننا نتوجه إليك بالشكر للوقت الذي أتحته لنا لقراءة آرائنا والإطلاع على رغباتنا وكلنا ثقة بأنه طالما أنك قد عقدت العزم على تحرير أرضنا من يد العرب وحلفائهم فإنك ستنظر في مطالبنا بعين الإهتمام التام ونحن من خلفكم " . وقد وقّع في ذيل المذكرة عدد من ممثلي المجموعة منهم أنجلو فوجا وبيتـر لادو ودكتور سامسون نابا ودكتور مارك زانجابيو وآخرون .

هذا هو رأي من نتفاوض معهم ليضمنا وطن واحد نسلم قيادته لجون قرنق كنائب أول للرئيس ... جون قرنق الذي ظل يردد ذات ما قاله موقعو المذكرة المشار إليها وزاد بقوله (إن العرب مكثوا في الأندلس أكثر مما مكثوا في السودان وكما خرجوا من الأندلس سيخرجون من السودان) ... جون قرنق الذي ظل يقول بأن (العرب في الشمال لا يختلفون عن البيض في جنوب أفريقيا) بما يعني أنه مانديلا الذي جاء ليحرر السودان من نير الإستعمار الشمالي العربي ولذلك لاغرو أن يسمي قرنق حركته وجيشه بالحركة الشعبية لتحرير السودان والجيش الشعبي لتحرير السودان .

لقد رأيت بعيني رأسي في فيلم بثه تلفزيون السودان الذي كنت أديره حينها ، رأيت كاربينو كوانين محمولاً على أعناق الدبابين في النيل الأزرق بعد توقيعه إتفاقية الخرطوم للسلام مع رياك مشار . نسي الدبابون بسماحة أبناء شمال السودان ما فعله كاربينو بأخوانهم من قتل وتشريد وحملوه على الأكتاف ... لكن ماذا حدث بعد ذلك من الرجل الذي كان أول من بدأ التمرد في جولته الأخيرة عام 1983م والتي تولى جون قرنق قيادتها بعد ذلك ؟!

فهل ياترى سيزول ذلك الحقد العنصري الذي غذته أنهار من الدماء بين عشية وضحاها فور توقيع إتفاق سلام مع جون قرنق الذي رأينا منه من قبل صنوفاً من الغدر والخديعة في سبيل تحقيق إستراتيجيته لتحرير السودان المستعمر في نظره من قِبل العرب ، وهل نضمن في ظل هذا الحقد الدفين ألاّ يهب قرنق آخر متى ما خمدت أصوات الرصاص هذه المرة ؟!

أقول إن الحقد العنصري الذي يكنه هؤلاء لا يحتاج إلى دليل وأستطيع أن أزعم أن هذه الآراء الحاقدة تعبِِّر عن معظم مثقفي الجنوب ودونكم الطلاب الجنوبيين في الجامعات السودانية في الشمال وأرجو أن يجرى إستطلاع نزيه يحدد أين تقف الأكثرية الكاثرة من مثقفي الجنوب وهذا أمر لا يحتاج إلى إثبات فنتائج الإنتخابات بين التنظيمات الطلابية الجنوبية في الجامعات تكشف الحقيقة المرة ، وإذا رصدنا تصريحات باقان أموم وسامسون كواجي وغيرهما من قادة التمرد فإننا سنجد سيلاً يملأ كتباً من الأحقاد والضغائن التي أعتقد أنه من السذاجة بمكان التغافل عنها في سعينا لحل مشكلة الحرب في جنوب السودان والتي أرجو مخلصاً أن نأتي فيها برؤى جديدة تخرج على المألوف والمسلمات القديمة التي لم تورثنا غير الموت والدمار والتخلف ... رؤى جديدة تنظر في جذور المشكلة وتبحث في جميع الخيارات المتاحة بما في ذلك جدوى إستمرار الوحدة بين شعبين ما يفرق بينهما أكثر بكثير مما يجمع بينهما في وطن واحد ... وحدة فرضها علينا الإستعمار ولم نخترها نحن نتيجة بحوث ودراسات جدوى متعمقة ... وحدة جعلت السودان في ركاب الدول الأكثر فقراً في العالم بعد أن كان موعوداً ببلوغ الثريا تقدماً وعزاً عند نيله الإستقلال قبل ما يقارب النصف قرن من الزمان .

لقد قرأت في كتاب (الإسلام المقاتل (Militant Islamلمؤلفه الإنجليزي المسيحي المتعصب جيفري جينسين ، كيف إبتدع الإستعمار الإنجليزي سياسة فرق تسد (Divide & rule) وبرع في إستخدامها في شتى أنحاء العالم وكيف مارسها في السودان من خلال سن قانون المناطق المغلقة (Closed Districts Act) عام 1928م الذي أغلق الجنوب في وجه الشماليين مما نتج عنه تلك الجفوة التي فجرت الحرب قبيل رحيل الإنجليز من السودان وأشعلت مشكلة الجنوب التي أرادها الإستعمار شوكة بل سكيناً سامة في خاصرة السودان تنهش من لحمه إلى الأبد ، لذلك فلا غرو أن ينتج عن وقف التمازج الإجتماعي والثقافي والحضاري والتصاهر العرقي بين أبناء الشمال والجنوب هذه الفجوة والجفوة الكبيرة التي نراها ضعيفة بدرجات متفاوتة بين القبائل الشمالية ... لكن رغم ذلك نظل أسرى صنيع الإستعمار خوفاً من خطوة سبقنا إليها كثيرون في هذا العالم بدون أن تُراق قطرة دم واحدة أو يُهدر قرش واحد بينما ظللنا نصر على هذه الخطيئة التي أهدرت موارد السودان وأفقدته خيرة بنيه ، وأني لأتساءل هل فقدت باكستان بإنفصال بنغلاديش عنها أم أن ذلك كان نعمة عليها وخير كرهته في البداية وأرغمت عليه ولكنه جعل منها قوة نووية تنتج الصواريخ العابرة للقارات ... جمهورية التشيك وجمهوريات الإتحاد السوفيتي لماذا إنفصلت دون أن تُراق قطرة دم واحدة ؟ وأخيراً تيمور الشرقية لماذا فصلت من إندونيسيا في أقل من نصف عام من تفجر المشكلة ؟

أقول والحسرة تملأ جوانحي إن شعب السودان يستحق أن يكون في موضع غير الذي وضعته فيه هذه الحرب اللعينة فهو المتفرد بين الشعوب بتعدد الصفات الإيجابية في الشخصية السودانية والتي لا توجد في غيره من شعوب العالم وهذا كلام لا أقوله إنطلاقاً من شوفونية مغرورة بقدر ما أقوله نتاج تجارب كثيرة عايشت فيها خلال سنين الإغتراب الطويلة عن الوطن نماذج وأشتات من الشعوب والبشر الذين يكادون يجمعون على تفرد الإنسان السوداني ... وأتساءل ترى ما الذي وضع السودان وشعبه النبيل في هذا الدرك السحيق غير هذه الحرب اللعينة ؟ ترى ما الذي يجعل أريتريا بنت البارحة تتطاول علينا في شخص رئيسها الذي ربيناه فينا وليداً ليفرض نفسه على قضية جنوب السودان وتحتل قواته أرضنا مرات ومرات وفيما عدا غضبتنا الأخيرة هذه فقد ظللنا نتودد إليه على الدوام وأرجو أن تعقدوا المقارنة بين مواقفنا منه وموقف أثيوبيا عندما إعتدى عليها مرة واحدة ... ترى أي شئ غير حرب جنوب السودان أغرى أفورقي بالتطاول علينا والتحرش بنا ثم الرئيس اليوغندي موسيفيني الذي بلغ تسامحنا معه درجة السماح له بمطاردة حلفائنا بالأمس من داخل أرضنا وبالرغم من أن قواته لم تغادر السودان فقد صرح قبل حوالي شهر من الآن أو بالأحرى قبل تجديد مذكرة التفاهم مؤخراً والتي سمحنا بمقتضاها لقواته مجدداً بالبقاء في أرضنا ، صرح بقوله "لدينا بعض المؤشرات أن بعض العناصر في السودان تحاول إستئناف دعم السودان لقوات جوزيف كوني وليس لدينا براهين كافية ولا نزال نحقق في الأمر وإذا ثبتت صحة تلك المؤشرات فإننا سنقطع علاقاتنا بالسودان ونعود إلى المربع الأول" . موسيفيني يقول ذلك وهو الذي ظل يدعم قرنق صديقه من أيام الدراسة في جامعة دار السلام بتنزانيا ... ظل يدعمه حتى بعد أن سمحنا له بمطاردة حليفنا القديم جوزيف كوني من داخل الأراضي السودانية . ترى ما الذي إضطرنا إلى تجرع تلك المواقف التي تحط من كرامة وشرف الشعب السوداني الكريم غير حرب الجنوب ، وما الذي إضطرنا إلى الأخذ بفقه الحديبية الذي لا أجد مناصاً منه ونحن في هذه الحال غير حرب الجنوب ؟ .

كم يا ترى خسر السودان إقتصادياً جراء حرب الجنوب والصرف على تمويل الحرب طوال العقود المنصرمة من الزمان منذ فجر الإستقلال ، وكم كانت كلفة تنمية الجنوب وهل كان ذلك يصرف من موازنة الشمال أم إيرادات الجنوب ، وكيف سيكون حال الشمال فيما لو صُرفت عليه تلك الأموال الطائلة التي اُهدرت في الحرب وفي تحمل عبء الجنوب ، وأيهما كان عالة على الآخر طوال تلك الفترة ، ومن يتحمل مسؤولية تدمير الجنوب وإعاقة تطور الشمال بالإصرار على الحرب كوسيلة لنيل الحقوق ؟!

المقاطعة الإقتصادية التي نتعرض لها من قِبل الغرب والعقوبات التي فُرضت علينا بما في ذلك قانون سلام السودان الذي اُجيز في أمريكا مؤخراً ما هو سببها غير حرب الجنوب ... التدخل الكثيف في الشأن السوداني من الصغار كأفورقي وموسيفيني والكبار كأمريكا وبريطانيا وغيرهما والإتهامات من قِبل المنظمات الدولية بما فيها منظمات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان ما هو سببها غير الحرب ... إلغاء ديون السودان التي تبلغ مليارات الدولارات تحت مظلة الدول المثقلة بالديون والأكثر فقراً الـ (Hipic)ماذا يمنعه غير حرب الجنوب ؟، وهكذا فإن سلسلة متصلة من التداعيات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية الأخرى بما فيها مقاطعة خطوط الطيران العالمية للسودان والإدانات والتجريم والتجريح وإشانة السمعة الذي يتعرض له السودان يومياً في المحافل ووسائل الإعلام الدولية ويشمل ذلك الصور المأساوية للجوع والعري الذي تطفح به الفضائيات مصورة حالة البؤس الذي تفرزه الحرب في الجنوب والإتهامات الزائفة حول تجارة الرقيق في السودان ، كل ذلك يمثل غيضاً من فيض الخسائر التي تعرضنا لها ولا نزال جراء الحرب المدمرة في الجنوب .

لقد تحدث أحد قادة مجلس الكنائس السوداني في لقاء صحفي اُجري معه مؤخراً عن الإستعلاء العرقي الذي يمارسه الشماليون مع أبناء الجنوب ، وتبنى الرجل كل طروحات قرنق بالرغم من أنه وصف نفسه بالمحايد وطالب بأن يتزوج المسيحي الجنوبي من المسلمة الشمالية ، وتحدث عن أهمية أن تكون العاصمة علمانية وعن كثير من الترهات التي يطلقها حليفه قرنق ، وهكذا فإننا مطالبون بالتخلي عن ديننا إسترضاءً لهؤلاء المغرورين ، فأي ضريبة ندفعها في سبيل المحافظة على وحدة لم تورثنا غير الموت والخراب والهوان ... يتحدثون عن الإستعلاء العرقي بالرغم من أنهم يعلمون تماماً أن ذلك يُمارس بشكل أقوى بين القبائل الجنوبية ولن أذكر رأي الدينكا في قبيلة الفرتيت حفاظاً على المشاعر ، كما يُمارس بدرجة أخف حتى بين القبائل الشمالية وكذلك يُمارس في شتى أنحاء العالم بما في ذلك أمريكا وأوروبا ويُمارس في الهند بشكل لا مثيل له ، لكن ذلك كله لم يفجِّر حرباً ضروساً كالتي يشهدها السودان ولم يتحول إلى سيل من الأكاذيب والأراجيف التي ملأت الدنيا ضجيجاً حول تجارة الرقيق في السودان ... ترى ما الذي أدى إلى ذلك التضليل والإفك وإشانة السمعة في حق أكرم وأنبل شعوب الدنيا غير حرب الجنوب؟

أما الشهداء فهؤلاء لا يمكن التعبير عنهم بلغة الأرقام لأنهم أغلى من كل تلك الموارد المهدرة بإعتبارهم (نقاوة) الشعب السوداني ، ويا لهفي ولهف كل أهل السودان الذي لم تنج عائلة واحدة فيه من فقد واحد أو أكثر من أعز أبنائها .

أذكر أن الرئيس عمر البشير كان قد قال في إحدى المناسبات الموثقة "إذا خُيِّرنا بين إستمرار الحرب والإنفصال فسنختار الإنفصال" فلماذا إذن ظلت الحرب مستمرة وفي المقابل لماذا يكون ثمن وقف الحرب تفكيك السودان الذي نعرفه ليحل محله مسخ مشوه لا لون له ولا طعم ولا رائحة ... مسخ لا مستقبل له بعـد أن يُجرد من ثرواته وموارده وهويته وسمته وسلامه وأمنه الإجتماعي والثقافي .

وهكذا فإن الجنوب يصبح بمثابة الغدة السرطانية التي إستنزفت الشمال خلال فترة الحرب المتطاولة ويُراد لها أن تستنزفه خلال فترة السلام وتجرده من هويته وتحرمه من عوامل النهوض كما حرمته طوال فترة الحرب ، والأدهى والأمر هو أنه إذا كانت المعارك بعيدة عن الخرطوم والشمال بصورة عامة خلال فترة الحرب الضروس فإنها ستنتقل إلى الخرطوم خلال فترة السلام ، حيث سيحكمها قرنق نائباً أول للرئيس مع وزرائه الذين يشكلون أربعين في المائة من الحكومة الإتحادية ، بل ومن قادة وقاعدة الخدمة المدنية في الشمال علاوة على حكم الجنوب بكامله بدون مشاركة من الشماليين ، نعم سيدخل قرنق الخرطوم فاتحاً وحاكماً بسلطات إستثنائية تُمنح لنائب الرئيس بعد أن قتل خيرة أبناء الشمال ، فأي إنتصار له أكبر من هذا وأي هزيمة ستلحق بنا وأي سودان سيصبح ذلك الذي يُسلم لرجل لم نعهد عليه غير الغدر والخداع ... رجل يحلم بسودان جديد الله وحده يعلم ما يضمره من تخطيط ومكر لتحقيقه بعد أن فرشنا له الطريق وعبدنّاه لدباباته الفاتحة لتحيل السلام والوئام الإجتماعي الذي ظللنا ننعم به في الخرطوم والشمال إلى كابوس من الخوف والرعب لندشن بذلك بداية مرحلة جديدة في التعاطي مع مشكلة الجنوب أخشى أن تجعلنا نتحسر على أيام الحرب (الجميلة) البعيدة عن الخرطوم !!

إن هذا السيناريو المخيف يضعنا أمام خيارات ثلاثة ينبغي أن نرتبها ترتيباً صحيحاً ... فإما سلام مُخزٍ وإما حرب مستمرة وإما إنفصال تام ولا أجد أدنى تردد في أن أحكم بأنه إذا خُيِّرت بين إستمرار الحرب أو الإنفصال فإني سأختار الإنفصال كما حدد الرئيس البشير من قبل ، أما إذا خُيِّرت بين السلام المُخزي وفقاً لسيناريوهات جون قرنق أو وفق ما عرضه وفد الحكومة عليه وبين إستمرار الحرب وبين الإنفصال فإني لن أتردد كذلك في تقديم الخيارين الأخيرين وأعني بهما الإنفصال وإستمرار الحرب على خيار الخزي والإستسلام ، وأستطيع أن أزعم أن هذا هو تفكير معظم أبناء الشمال ، وبالتالي فنحن كما ذكرت أمام ثلاثة خيارات أكثرها إستحالة هو الرضوخ لمطالب قرنق المستفزة حتى لو عُدِّلت وأفضلها وأيسرها هـو الإنفصال ، ويأتـي خيار إستمرار الحرب كبديل مر لا مناص من تقديمه على معاهدة مشاكوس التي لا أجد مثيلاً لها غير معاهدة نورمبرج المُخزية التي وقعها الحلفاء المنتصرون مع ألمانيا الجريحة في نهاية الحرب العالمية الثانية ، وإذا كان موقعو المذكرة المرسلة من بعض مثقفي الجنوب قد وصفوا نتائج بروتوكول مشاكوس الأول بأنه إنتصار أرغم عليه العدو فماذا يا ترى سيقولون عندما يفتح قرنق الخرطوم حاكماً رغم أنف الدبابين والشماليين بعد أن (يحرر) الجنوب ويحكمه بالكامل دون مشاركة شمالية ؟!

أقول بأنه لا خيار أمامنا غير أن نعمل بجد في سبيل إنقاذ المستقبل حتى لايصيبه ما أصاب الماضي الطويل المهدر في غيابة جب الجنوب ، وأتساءل ببراءة ألم يجعل الله تعالى الطلاق حلاً لا غنى عنه ولا بديل عندما تستحيل الحياة الزوجية إلى جحيم لا يطاق ويتعذر الإمساك بمعروف ؟ ألا يكفي التعنت والتعقيد الذي ظل يتزايد يوماً بعد يوم في قضية الجنوب مبرراً لتغليب خيار الطلاق ؟ كيف كانت مشكلة الجنوب عند فجر الإستقلال ، وكيف أصبحت عام 1972م عند توقيع إتفاقية السلام بين نميري وحركة أنانيا بقيادة جوزيف لاقو والتي كانت تخاطب قضية جنوب السودان لوحدها ، وكيف صارت اليوم والجنوب حسب تعريف قرنق غير الجنوب بحدوده القديمة والحركة لا تخاطب قضية الجنوب التي قادها لاقو وإنما أصبحت حركة لتحرير السودان كله من (المستعمرين) العرب والتدخل الخارجي الذي لم يكن شيئاً مذكوراً أيام لاقو ، ولم يكن موجوداً أصلاً أيام وليم دينق عام 1965م لايمكن مقارنته بما صار عليه الحال اليوم والعالم كله بما فيه الصغار من حولنا يحشر أنفه في الشأن الجنوبي ، بل وفي مشاكل السودان السياسية من بوابة الجنـوب ... ألا يكفي كل ذلـك دليلاً على أن المشكلة تتفاقم مع الأيام ولا تتناقص مما يستدعي معالجتها بمنطق الحياة الزوجية الذي أشرت إليه آنفاً والذي أقره ديننا الحنيف ؟! ثم إذا ثبت أن قضية الجنوب تتفاقم ولا تتناقص وتتمدد جغرافياً ولاتتقلص وذلك على طريقة الإنتشار السرطاني ألا ينبغي أن نتعامل معها بمنطق الأطباء الذين يبترون العضو الموبوء بالسرطان قبل أن يعدي الأعضاء الأخرى ؟!





Post: #6
Title: Re: تخرصات عنصرية ضد أبناء الوطن من الجنوب الحبيب
Author: Yasir Elsharif
Date: 12-27-2002, 07:07 AM
Parent: #5

بقية المقال هنا نسبة لضيق الحيز المسموح به





إننا للأسف ننطلق في التعاطي مع مشكلة الجنوب من أوهام رددناها حتى صدقناها بأن الشمال قد ظلم الجنوب بالرغم من أن العكس هو الصحيح ، ولذلك نرضخ للإبتزاز والإستفزاز مثل ترديد كثير من قادة التمرد خلال الفترة الأخيرة بعد توقيع مشاكوس الأولى أن قيام الوحدة أو الإنفصال رهين بطريقة تعامل الشمال مع الجنوب خلال الفترة الإنتقالية ، أي أن على الشمال أن يتحلى بحسن السير والسلوك ويغدق على الجنوب والجنوبيين لكي يوافقوا على الوحدة وهذا يستدعي بالطبع أن يُمنح الجنوب والجنوبيون من السلطة والثروة أضعاف ما يُمنح للولايات الأخرى الفقيرة في الشمال التي لم ترفع السلاح وتنتزع حقوقها إنتزاعاً وهذه لعمري قسمة ضيزي لن يرضى بها إلاّ منهزم كسير اُكره على توقيع إتفاق تحت تهديد السلاح ، كما أنها تقوم على فرية كبرى وإفتراض ساذج يزعم مردوده بأن الجنوبيين رغم ثقلهم الكبير في الشمال وفي العاصمة سيختارون الإنفصال إن عُرض عليهم اليوم ، وللأسف فإن البدائية التي تسود حياتنا تحرمنا من تبني المنهج العلمي في إتخاذ القرارات الكبرى من خلال إستقصاء وإستطلاع الرأي العام فقد كان من اليسير القيام بإستطلاع رأي جنوبيي العاصمة والشمال لمعرفة رأيهم اليوم وليس بعد إنقضاء الفترة الإنتقالية حول الوحدة مع البقاء في الشمال أو الإنفصال والرحيل إلى الجنوب ولكن !! إنه لمن الغريب أن نرضى أن يُستنزف الشمال طوال الفترة الإنتقالية ولمدة ست سنوات ثم يتاح للجنوبيين أن يقرروا مصيرهم بعد ذلك ، فأي غفلة تلك التي تسوِّق هذا المنطق المقلوب !!

إن إحدى أكبر أخطاء مشاكوس أنها وحَّدت الجنوبيين جميعهم تقريباً خلف جون قرنق من خلال منحه حق التعبير عن أحلامهم وأشواقهم في السلطة والثروة بأكثر مما يستحقون ، وهذا لعمري مكسب كبير للرجل ، وسواء نجحت المفاوضات أو لم تنجح فقد حقق قرنق نجاحاً مذهلاً بانتزاعه من الحكومة إعترفاً بحقه في التعبير عن أبناء جنوب السودان جميعهم وفي المقابل فإننا حرمنا أنفسنا من أن نحشد خلفنا أبناء الشمال من خلال المواعين التنظيمية والسياسية التي تعبِّر عنهم ، بل إننا أتحنا لقرنق على الأقل تحييد أو ربما كسب قطاع معتبر من أبناء الشمال من المنضوين تحت راية التجمع الوطني الديمقراطي ونتج عن صنيعنا هذا أن حملنا عن التجمع والأحزاب الأخرى عبء إتخاذ مواقف سياسية قد تُحسب عليهم في مقبل الأيام ، ولا أظن أن الصادق المهدي أو الميرغني أو الترابي سيكونون أقرب إلى طرح قرنق المستفز لقواعدهم حول علمانية الخرطوم مثلاً أو الإستئثار بحصة كبيرة من السلطة والثروة لا تتناسب مع حجم الجنوب والجنوبيين ، وليتنا نستدرك ذلك في مقبل الأيام بشتى السبل حتى نحشد القوى الشمالية جميعها خلف رؤية وإستراتيجية واحدة وجديدة نتعاطى بها مع مشكلة الجنوب .

أقول بأن قضية الجنوب قد قعدت بالسودان وشوهت من صورته ومن صورة المشروع الإسلامي الذي تبناه في عهد الإنقاذ ولا أشك لحظة في أن شمال السودان كوطن منفصل سيصبح منطقة ضغط حضاري عال تهب منه الرياح إلى غيره بعد أن يمتلئ إسلاماً ، أما السودان الضعيف والمتنازع الهوية فإنه سيظل منطقة إنخفاض حضاري تهب عليه الرياح من كل حدب وصوب أو من الداخل والخارج لتجرده من هويته ومشروعه الإسلامي ، وهذا موضوع متشعب أرجو أن أعالجه في مقال آخر .

أكرر في خاتمة مقالي هذا ما ذكرته بأننا في حاجة إلى طرح رؤى جديدة نعيد بها النظر في مفهوم عاطفي مغلوط ساد ردحاً من الزمن لدى الساسة الشماليين جعلهم يقدسون (نعم يقدسون) الوحدة بصورة بعيدة عن العقلانية مصمين آذانهم وأبصارهم عن أية نظرة جديدة لعلاقة الشمال بالجنوب ومغلقين الباب في وجه الخيارات الجديدة التي جربها وبنجاح تام كثيرون غيرنا في شتى بقاع العالم بدون أن يخوضوا حروباً مدمرة كالتي خضناها ، وفي المقابل كان الساسة الجنوبيون على الدوام لا يعيرون قضية الوحدة هذه إهتماماً يذكر ، بل على العكس فإنهم إتخذوا من موقف رصفائهم في الشمال وسيلة ضغط وإبتزاز ، ومعلوم أنه ما من شيئ يغري التاجر (الشاطر) بالمغالاة في أسعاره أكثر من تلهف المشتري على السلعة (وليتها كانت سلعة تستحق كل هذا العناء والعذاب) وهو ذات ما حدث كذلك بعد تفاهم مشاكوس الأول ، حيث فرحنا فرحاً غامراً أعطى إشارة خاطئة للطرف الآخر الذي أظهر وقاراً وأدار مشاعره بذكاء وحنكة ليبتزنا بعد ذلك أيما إبتزاز !!

أقول إنه إذا كانت الحكمة الأمريكية تقول " إن التاريخ يصنعه الخارجون على القانون" فإنها لا تقصد المعنى المباشر للعبارة بقدر ما تقصد أن تعبر عن روح الحضارة الغربية التي تحلت بالجرأة حين فتحت الأبواب الموصدة وحطمت الأغلال وأتاحت الحرية المطلقة للمبدعين في كل فن وعلم حتى صنعت النهضة والحضارة التي تربعت على عرش العالم بالرغم من طغيانها وتجبرها ونحتاج نحن كذلك إلى تبني تلك الحكمة بالخروج على المألوف القديم الذي كبلنا وحصرنا في حيز ضيق من التفكير سجنّا أنفسنا في غياهبه بدون وعي منا بالرغم من المآسي التي ذقنا مراراتها جراء إصرارنا على سجن النفس وتعذيب الذات لعقود من الزمان جعل من حربنا هذه اللعينة الأطول في تاريخ العالم الحديث ، وكان بمقدورنا أن نخرج من سجننا الكئيب لاستنشاق الهواء العليل وإستقبال الأفكار الجديدة مهتدين بتجارب أخرى جنَّبت فاعليها تلك الأخطاء التاريخية التي دمرنا بها بلادنا وقتلنا أبناءنا .

إنني أدعو لأن نضع في الإعتبار في نظرتنا الجريئة الجديدة أن أس المشكلة يكمن علاوة على الإعتبارات التاريخية في إنعدام عوامل التوحد بين أبناء الشمال وأبناء الجنوب سواء من حيث إختلاف الدين أو اللغة أو العرق أو العادات والتقاليد أو الوجدان والمشاعر المشتركة ، بل إن تلك العوامل متوافرة بين أبناء الشمال وكل من الشعبين التشادي والأريتري وكذلك مع الشعب المصري بأكثر مما هي متوافرة بين أبناء الشمال وأبناء الجنوب ، ولعل أبناء الجنوب أقرب من حيث المشاعر إلى الشعبين الأوغندي والكيني وعلى الأقل فهم لا يضمرون تجاههم مشاعر البغض التي يكنونها للعرب والجلابة وغير ذلك من التعريفات العنصرية التي يطلقونها على أبناء الشمال ، وعلاوة على مشاعر الكراهية والحواجز النفسية التي غذتها الحرب وأحدثت بها شروخاً وقروحاً يصعب إندمالها وخروقاً يتعذر رتقها فإن الفوارق الإجتماعية من حيث مستوى المعيشة والثقافة ستظل توغر الصدور الموغرة أصلاً بسيل من الأحقاد الدفينة .

إن إقدامنا على خطوة كهذه لا يختلف كثيراً عن قبولنا بتقرير المصير بعد عقود من (ركوب الرأس) ولا أدري سبباً مقنعاً لأية فتـرة إنتقالية تتجاوز العام الواحد ، كما لا أدري سبباً كذلك لحرمان أبناء الشمال من الحق في تحديد علاقتهم بالجنوب ذلك أنهم هم الخاسر الأكبر من الحرب قديماً وحديثاً ومن إستمرارها مستقبلاً ذلك أن عاماً واحداً كافٍ لإجراء الإستفتاء لكل من الشعبين الشمالي والجنوبي بحيث يصار إلى ما يقرره الشعبان ولا يجوز لأحدهما أن يقرر الوحدة في ظل رفض الآخر ، بمعنى أن قرار أي منهما بالإنفصال ينبغي أن يكون كافياً لفصل (البلدين) عن بعضهما حتى ولو قرر الآخر الإستمرار في الوحدة ولا ينبغي أن نرضى بأن يقرر الجنوبيون البقاء معنا في وطن واحد رغم أنفنا حتى ولو كنا كارهين ، وأعتقد أن هـذا العـام كافٍ تماماً للإتفاق حول الترتيبات الإنتقالية فيما لو تقرر الإنفصال ، وأرجو أن يطمئن أهل الشمال بأن مساحة بلادهم الجديدة ستكون ضعف مساحة مصر التاريخ والجغرافيا والحضارة وأن يثقوا في مستقبل كريم يسـوده السلام والوئام الإجتماعي في وطن يضم أعظم شعب في العالم .

إنني لأرجو أن يجد هذا الموضوع حظه من التداول الحر ، فقد ظل أبناء الشمال صامتين تاركين للحكومات المتعاقبة التقرير بشأن مشكلة الجنوب بالرغم من أنهم هم المكتوون بنار الحرب المتجرعون ويلاتها وآن لهم أن يقرروا مصيرهم بدلاً من ترك ذلك لأبناء الجنوب وحدهم وكأن الجنوب والجنوبيين هم الضحايا الوحيدون لهذه الحرب المتطاولة .

ولذلك فإني في الختام أجد كل المنطق في المطالبة بإنشاء حركة شعبية لتحرير شمال السودان من الجنوب ، واسمحوا لي أن أسميها " الحركة الشعبية لتحرير شمال السودان NSPLM" ، وأرجو أن أسمع وأقرأ رأي الأغلبية الصامتة أو بالأحرى الأغلبية المغيّبة من أبناء شمال السودان ، وسيتلو ذلك خطوات سيُعلن عنها في حينه إن شاء الله .


Post: #8
Title: Re: تخرصات عنصرية ضد أبناء الوطن من الجنوب الحبيب
Author: أحمد أمين
Date: 12-27-2002, 03:00 PM
Parent: #1

شكرا ياسر

الطيب مصطفي في مقاله لم يأتي بجديد فهو موقف معروف لدي كل المراقبين للسياسة في السودان:
فهو يبكي علي فشل خياره الاول ومشروعه الحضاري بما فيه أرغام الجنوب علي القبول بالاسلمة التعريب القهري
والاستسلام لحالة كونهم مواطنيين من الدرجة الثانية، أو فصلهم أو الانفصال عنهم لو فشل المشروع الاول

Post: #9
Title: Re: تخرصات عنصرية ضد أبناء الوطن من الجنوب الحبيب
Author: Deng
Date: 12-27-2002, 03:52 PM
Parent: #1



للجميع.

لقد عاصرت كثير من هولا العنصريين المهرجين ولقد كنت لا أكترث لهم كثيرا لأن مثل هولا الأفراد لا وزن لهم في شمال السودان ولقد كنت أعتقد بأن المواطن العادي في الشمال لا يمكن أن يصدق مثل هذه التخاريف.
لكن يا عزائي عندما يصدر مثل هذا الحديث من مثقفين مشهورين أمثال إبراهيم الشوش, خالد المبارك والطيب صالح فيجب أن تكون لنا وقفة, يجب بأن نقف ونراجع بكل حرص ما يكتبونه عن غير العرب في السودان خصوصا أهل الجنوب, ولقد كان قصدي في مقالي" العنصرية وسط عدد كبير من مثقفي أهل الشمال" هو مثل هولا المثقفين الذين يلقون بعض المكانة الخاصة والاحترام من عامة الشعب و أنا كنت واحد منهم.


Deng