هل يعود الإمام بالصيد السمين ؟

هل يعود الإمام بالصيد السمين ؟


11-12-2018, 11:15 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=499&msg=1542017742&rn=0


Post: #1
Title: هل يعود الإمام بالصيد السمين ؟
Author: اسماعيل عبد الله محمد
Date: 11-12-2018, 11:15 AM

10:15 AM November, 12 2018

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله محمد-
مكتبتى
رابط مختصر



هل يعود الإمام بالصيد السمين ؟

زعيم حزب الأمة و رئيس تحالف نداء السودان المعارض ,
صرح قبل أيام مضت عن رغبته في العودة لحضن الوطن المكلوم ,
والمحكوم بنظام الحزب الواحد منذ ثلاثين عاماً ,
وأعلن زعيم الأنصار عن نيته في إدارة حوار سياسي مع الحكومة ,
بغية التوصل إلى حل للأزمة الوطنية المستفحلة و المستحكمة ,
فهذه المرة يأمل المهدي في العودة عبر بوابة أخرى من بوابات سلسلة حلقات (تهتدون) ,
مترأساً لكيانات مسلحة شهيرة وقفت في وجه منظومة الحكم الانقاذي على مدى أمد طويل من السنين ,
فهل يا ترى قام حفيد الإمام الأكبر بهضم أجندة حملة السلاح ,
وأستوعب همومهم ومخاوفهم وشكوكهم ومحاذيرهم ,
ومن ثم سوف يعمل على إقناع نظام الخرطوم ,
بضرورة مخاطبة جذور أزمة شعوب الهامش السوداني الذين رفعوا من أجلها البندقية ؟,
وهل سيصدق الصادق هذه المرة ,
و يقف بحزم وعزم مع قضايا قاعدته الجماهيرية في غربي البلاد ؟ ,
أم أنه سيكرر ويعيد سيناريو المصالحة الوطنية مع نظام جعفر النميري في سبعينيات القرن الماضي؟ ,
ذلك السيناريو الذي حدثنا عنه الراحل الشريف حسين الهندي ,
حين قال أن الصادق و بعد أن عهدوا إليه بمهمة التفاوض مع النظام الدكتاتوري والعسكري ,
وما أن التقى الدكتاتور حتى قذف بورقة أجندة الجبهة الوطنية وراء ظهره ,
وتناول القضايا الخاصة به وبطائفته ,
من شاكلة قضية استعادة أملاك أهله وذويه التي صادرها المايويون ,
إنّ ذاكرة الشعب السوداني ما زالت حيّة و متقدة وحافظة لأحداث كثيرة ,
خيّب ظنهم فيها زعيم حزب الأمة وأحبطهم بشأنها إحباطاً مؤلماً ,
على سبيل المثال أزمة جيش الأمة التي اندلعت بينه وبين اولئك المقاتلين ,
الذين كانوا ضمن صفوف القوات المسلحة للتجمع الوطني الديمقراطي المعارض ,
حينما جاءوا بصحبته بعد عودته الثانية في (تهتدون) ,
عبر إتفاق عقده مع ذات النظام الأنقاذي في جيبوتي قبل عقدين من الزمان ,
حينها شكا أفراد جيش الأمة إهمال الامام وقيادة الحزب لهم ,
و رميهم على قارعة الطريق دون اكتراث لتوفيق أوضاعهم ,
من بعد ان قدموا التضحيات العظام وشاركوا في المعارك التي أدارها التجمع الوطني الديمقراطي ,
المتحالف مع الحركة الشعبية بقيادة الراحل جون قرنق ضد نظام الجبهة الاسلامية آنذاك ,
إنّ شخصية هذا الرمز السياسي السوداني العتيق تناولتها الأقلام بالكثير من الانتقادات ,
ودار ويدور حول مسيرتها الطويلة في الحياة العامة بالبلاد الكثير من الجدل و اللغط ,
وذلك نسبة لرمادية مواقفها المترددة والمهتزة حيال القضايا الوطنية الملحة ,
التي لا تحتمل أنصاف الحلول و لا تنسجم مع أدبيات الأطروحات السياسية القديمة ,
المنحصرة في تحقيق مصالح الطائفة و تأمين ممتلكات و حقوق ورثة هذه الطائفة ,
وسهر الاتباع على رعاية ورفاهية رموزها ,
أكثر من اهتمام هذه الشخصية بتلبية طموحات وآمال و أشواق عامة الناس ,
بحكم أن هؤلاء الناس هم الذين تستهدفهم مشروعات واجندة مثل هذه الأحزاب الطائفية .

لو استطاع السيد الإمام الإتيان بالصيدين السمينين , (جبريل ومناوي) ,
إلى طاولة مفاوضات تجمعهما مع النظام الذي يسيطر عليه حزب المؤتمر الوطني ,
تكون المهمة التي خرج من أجلها حفيد المهدي قد أكتملت ,
فلقد ظل يعمل طوال سنين عمر الأنظمة المركزية بجد و اجتهاد ,
على ترويض المعارضة بشقيها المدني و المسلح ,
حتى يجعلها طيعة ومذعنة للمبادرات والتسويات التي تطلقها هذه الأنظمة ,
فهو مدمن على ممارسة إفشال المقاومة السياسية الجادة و القوية لانظمة الحكم المركزي ,
ولاعب متمرس في جرجرة المعارضين وتسليك وتعبيد الطرق ,
الممهدة لدخولهم في اتفاقيات سلام كسيحة و ماسحة على سطح الورم ,
وغير متناولة لجذور أزمة الحكم المركزي ,
ولا معالجة لاختلال ميزان العدالة القائم في السودان منذ الاستقلال ,
ويبدو للمراقب أن الطبخة ربما استوت تحت صقيع باريس القارص ,
و لعل هنالك ثمة مسودة لحزمة من التفاهمات أبرمت في غرف فنادق مدينة الفن و الجمال الحاضنة لبرج إيفيل ,
وما يدعونا لمثل هذا التكهن هو الموقف الدولي الذي اصابه الملل والضجر ,
والناتج عن الضبابية و التمترس و التمحور حول الذات ,
الذي حل برموز المنظمات السياسية المعارضة ,
وقادة الحركات المسلحة المقاومة لنظام حكم الانقاذ ,
ففي الوقت الذي يواجه فيه المجتمع الدولي تحدياته التي تشغل باله ,
أكثر من انشغاله بالقضايا التي حركت الضمير الانساني العالمي ,
مثل الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان وجرائم الحرب ,
فمن الجانب الآخر ترى هذه المنظومة العالمية مهمومة ,
ومزحومة بهواجس الطوفان البشري للمهاجرين غير الشرعيين ,
الذين يعبرون المتوسط يومياً ويحطون رحالهم على سواحل القارة العجوز ,
فنظام الخرطوم قد استثمر في تفاصيل هذه التقاطعات الإقليمية ,
و استغل تلك المصالح والمخاوف الدولية أيما استغلال ,
تماشياً مع المقولة الشائعة : (السياسة فن الممكن) ,
فبعد أن أرتفعت أسهم المناضلين الحاملين للواء التغيير قبل تسع سنوات و أكثر ,
عندما رجحت كفة قضيتهم العادلة كفة إدعاءات النظام القابض على مقاليد الأمور بيد من حديد ,
أليوم نلحظ ونشاهد انقلاب الموازيين و تبدل المواقف و تحول اتجاه إشارة سبابة اليد الدولية ,
إلى حيث وجود هذه المنظمات المسلحة ,
و رأينا ذات الإصبع التي كانت ولوقت قريب تكيل التهديد و الوعيد للنظام السياسي القابض في الخرطوم ,
قد اصبحت ما بين ليلة وضحاها تبتز وتساوم هذه المنظمات الحائرة ,
و تخيرها ما بين الارتماء في حضن عدوها اللدود ,
أو وضعها خلف قضبان نفس قفص الاتهام الذي أدخلت فيه ذات العدو من قبل.

إنّ قضية سكان هامش البلاد الذين حاق بهم ظلم الحكومات المركزية ,
تمر بمنعطف حرج و مثير للشفقة و الرحمة في آن واحد ,
فقد أرّقت هذه المتغيرات الجيوسياسية مضاجع قادة الحراك المطلبي لأطراف البلاد البعيدة ,
التي تشكو وتعاني قصوراً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ,
و وضعتهم هذه التطورات و تلك المستجدات في محكٍ بالغ الصعوبة ,
وطارت بهم هذه التداعيات إلى فضاءٍ ضيق الخيارات و شحيح البدائل ,
فما يمر به هؤلاء القادة الحركيون الآن يعتبر اختباراً حقيقياً لمصداقيتهم ,
وامتحاناً لكفائتهم ومقدرتهم على تجاوز هذه المحنة ,
و الخروج بهذه المؤسسات السياسية والمنظمات العسكرية التي اكتسبت زخماً شعبياً واسع النطاق ,
إلى مرحلة أخرى قادمة من التعاضد والتلاحم و التماسك المؤسسي ,
المفضي إلى الحفاظ على هذا الإرث النضالي العريق الذي بذلت فيه النفس والجهد و المال ,
وقدمت في سبيله القرابين النفيسة من الأرواح والمهج لطلاب وشباب مخضر العود ,
كان يحلم ويحمل آمالاً عراضاً و أمنيات كبيرة ,
ببزوغ فجر جديد يعيد صياغة أقاليمه المهمشة ويبني ويصون مدنه المسكونة بالعناكب ,
و يفك رهنها من مركزية السلطة القابضة التي حرمت بسببها أجيال متعاقبة ,
حقها في الاستنفاع بالموارد الطبيعية لهذه الأراضي والثروات الإقليمية ,
التي كان من الأوجب أن يغار عليها السيد الإمام ويقوم برعايتها ,
بأعتبار أنها تمثل قاعدة جمهوره الانتخابي ,
والسلم المتين الراكزة اوتاده على الارض ,
ألذي ظل دائماً و أبداً يأخذ هذا الزعيم الطائفي إلى قمم الأمجاد السياسية ,
فجذور الأزمة لن تحلها الترضيات والمجاملات ,
و لاحتى التنازلات المناصبية و لا المحاصصات , و إلا , خبرني بربك ,
لماذا ضحى هؤلاء الشهداء الثلاثة بحياتهم فداءً لهذه القضية العادلة ,
المتعلقة بحق شعبهم المقهور في الحياة الكريمة ,
والذي ما يزال يلتحف السماء و يفترش الأرض في مخيمات اللجوء و النزوح و معسكرات الهجرة ,
وهؤلاء الشهداء الثلاثة هم : الأستاذ يوسف كوة مكي , والمهندس داوود يحي بولاد , و الدكتور خليل ابراهيم.