اعتذار متأخر لك أيها القائد:‏إلى محمد أحمد المهدي

اعتذار متأخر لك أيها القائد:‏إلى محمد أحمد المهدي


10-22-2018, 08:35 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=499&msg=1540193740&rn=0


Post: #1
Title: اعتذار متأخر لك أيها القائد:‏إلى محمد أحمد المهدي
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 10-22-2018, 08:35 AM

08:35 AM October, 22 2018 سودانيز اون لاين
محمد عبد الله الحسين-
مكتبتى
رابط مختصراعتذار متأخر لك أيها القائد:‏إلى الوطني الغيور محمد أحمد المهدي...‏هو ليس اعتذار أو إعجاب ناجم عن تعصب قومي أعمى أو نوازع حزبية ضيقة..‏مقدمة :‏هذا الاعتذار جاء بمناسبة ذلك الاجتماع الذي ناقش ماضي بريطانيا الاستعماري.. فبرزت بعض آراء من اكاديميين بريطانيين ‏تفتخر بتاريخ بريطاني الاستعماري.. قائلة بأن ذاك الاستعمار كان لمصلحة الدول المستعمرة و لمصلحتها حيث هدف إلى ‏انتشالها من ظلماتها جهلها و تخلّفها.. ‏

Post: #2
Title: Re: اعتذار متأخر لك أيها القائد:‏
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 10-22-2018, 08:54 AM
Parent: #1

اعتذار متأخر لك أيها القائد:‏
إلى الوطني الغيور محمد أحمد المهدي...‏

اعتذار متأخر لك أيها القائد الذي قدِم من وسط البسطاء
اعتذار متأخر لك أيها القائد الهمام و لا عزاء للكولونياليين!‏
اعتذار متأخر لك و أنت الذيّ زلزلت عرش الامبراطورية في لحظات لم يسجلها التاريخ المتآمر.‏
التحية لك أيها القائد الذي استطاع تعبئة الملايين دون أن ينال دورات في (تطوير الذات) أو (كيف تكون قائدا)..أو ( كيف ‏تحقق النجاح بمواردك الذاتية).‏
تحية و اعتذار لك يا أيها القائد ‏
بالإنابة عن الوطن و المواطنين
بالإنابة عن التاريخ و المؤرخين ‏
بالإنابة عن السياسة و السياسيين
بالإنابة عن عننا نحن أحفادك و أبناءك و أبناء بلدك
قد يكون المستعمرون البريطانيون معذورون في محاول تلطيخ سمعتك أو محاولة محو اسمك من ذاكرة التاريخ أو محاولة ‏تصويرك كمارق أو آبق أو متمرد ...‏
بالطبع لن يكون البريطانيون و لا الخديويون معذورين لاستباحتهم أرضاً ليست أرضهم و لا استيلائهم غصبا على بلدٍ آمنٍ ‏و مواطنين مسالمين.‏
فإذا كان اتباع و حفدة المستعمرون البريطانيون لا يرون (كما جاء في مؤتمرهم الأخير) فيما فعلوا باستعمارهم البلدان ‏المستعمَرة إلا تفضّلا على تلكم البلدان...‏
‏ و كذلك قولهم أنهم ليسوا نادمون على ما فعلته امبراطوريتهم الكولونيالية في مستعمراتها من سخرة و تعذيب و تنكيل و ‏قتل و سجن و استغلال لموارد تلك البدان.‏
و لكن ما عذرنا نحن احفادك؟
فما هو العذر الذي يستعصم به أحفادك يا سيدتي لكي يتجاهلوا سيرتك..‏
‏ و لكي لا نردد سيرتك و لا نُعلي من شأنها و لا نتغنّى بإنجازاتك؟
و أمجادك هي أمجادنا و عزك هو عزنا و أمجادك؟
نحن نعترف بأنك رجل ليس من ذلك الزمان...فقد كنت متقدم على عصرك عقودا من الزمان.‏
لقد قاما المهدي بثورة في وطنية بحتة في وقت كانت كل دول العالم تغط في سبات وطني عميق. إما لأنها مُغَيّبة أو لأنها ‏أسيرة استعمارها
‏ لقد زلزل المهدي الإمبراطورية البريطانية و العثمانية . فعل كل ذلك بإمكانات بسيطة و بإيمان رجل بسيط. بثقافة ‏استقاها من تراب بلده و من حياة بني وطنه البسيطة.و من رسخ في ضميره و وجدانه من تعاليم دينية نلّقاها في خلاوى ‏القرى البسيطة ... ‏
‏ لملم طموحاتهم و جراحاتهم بكاريزما معجونة بتراب بلده و حبات عرق مواطنيه البسطاء. بثقافة وطنية بحتة لم يستقيها ‏من جامعة أو مؤسسة اكاديمية مرموقة و كقائد عسكري لم يتعلم في اكاديمية عسكرية ذات تاريخ و إرث عسكري باذخ ‏كما تخرج اعداؤه الذين قابلوها في ساحات الوغى..‏
لم يكن تحت أيديه حينما ناطح الثور الكولنيالي إلا سلاحا بسيطا.
و لم يكن في معيته إلا مستشارين و قادة لم يملكوا من ‏العلم العسكري المعلومات العسكرية و الاستراتيجية ‏ إلا ما حبتهم به الفطرة و الإيمان بالله و الوطن.
و لم يكن وراءه إلا ‏شعبا و جيشا من المواطنين البسطاء الذين اقتنعوا به قائدا و رأوا فيه منقذا .‏
قائد لم يطّلع على كيف تُنشأ الجيوش و لا كيف تُساس الدولة و لا كيف تعبأ الجماهير..و لا كيف تُكسب المعارك ..
و لكنه ‏فعل كل ذلك لم يرى بأعينه عواصم دولة أخرى و لا سافر خارج البلاد و لم ينتمي لأي مؤسسة العسكرية..................
........... و لم ينل ‏دراسات في العلوم السياسية أو الاستراتيجية و لا إدارة الدولة..
و لكنه استطاع بحنكة أعيت الأعداء و كسرت شوكة ‏طغيانهم أن ينتصر عليهم، و أن يحرر بلده في وقت لم تُعرف فيه إلا نادرا الثورات الوطنية للتحرر و لم يُعرف التمرد ‏على الامبراطوريات الكولونياليية..‏..

ألا يستحق هذ القائد الثائر المناضل أن نُعلي من سيرته و أن نفخر بانتصاراته و أن نتغنى و ننشد انجازاته كقائد عالمي ‏أكبر كثير من قادة عسكريين يذكرهم العالم
مثل هوشي منه و الجنرال جياب و جيفارا و بقية الثوار العالميين؟

و كيف سيتم تقديره من الآخرين و نحن لم نعرّفه و نقدمه للعالم في سيرته الناصعة و بانتصاراته الباهرة و انجازاته ‏الأسطورية.

‏..و كيف نترك ساحات التعظيم و تمجيد الأبطال لمن هُزِموا و كانوا طاغين و مستعمِرين و نصمت نحن المنتصرون ‏أصحاب الحق ...
...و الذين يحق لنا أن نرفع رؤوسنا و هاماتنا و نرفع الصوت العالي مذكرين العالم باسم و سيرة و نضال و ‏انجازات هذا القائد الوطني..
الذي لم ينصفه التاريخ.. لم ينصفه التاريخ لأنه تاريخ كتبه المستعمرون. كتبوه وفق رؤيتهم ‏و وفق مكرهم و سوء نيتهم.

هو لم ينصفه التاريخ لأنه لم ننصفه نحن الذين ينتمي لنا و ننتمي له. ‏
كل الدول حينما تُذكر، يُذكر قوادها ة مناضلوها و من حرروها أو من ساهوا في تحريرها...‏
فتُسمى بأسمائهم المطارات و الميادين و حتى المدن...‏
إلا نحن ..‏
لربما لأننا لم نقرأ سيرتهم بالعمق الوطني الذي ينبغي... و لا نظرنا إليهم بعين التقييم الوطني الحقيقي. ‏
أو لربما أن سياسيينا و مؤرخينا لم ينظروا لما وراء الوقائع التاريخية... و لم يستلهم شعراونا و كتابنا سيرتهم كما ينبغي.. ‏
نعم قرأنا سيرة المهدي و عرفنا أي تعلّم و من حالف و من قابل و من نازل و إلى أين تحرك و إلى أين تحرك،
‏ .....و لكننا.,,, لم نقرا خلف الأحداث و الوقائع و ما قبلها من تفاصيل و خطط و توقعات و أولويات..‏
لنعرف حجم الجهد و رجاحة العقل و صفاء القلب و الذكاء الفطري و المهارات الفطرية في التكتيكات و الاستراتيجيات..‏
فالتاريخ ليس سرد رقمي للتواريخ والتوقيتات بل حياة ذاخرة من سيرورة طويلة للأمة فيها النضال و فيها الكفاح و و فيها ‏الأمل و فيها أيضا لحظات الانكسار و الخوف و القلق و التردد. ‏
فالتاريخ يجب أن تعاد صياغته ليشمل التفاصيل و ليشمل الأبعاد، و يشمل الأفراد و الثقافة و السياسة و المجتمع . ‏
و يشمل الأفكار و الطموحات و حتى الأنفاس التي في الصدور.‏
يجب أن يتسع التاريخ ليحدثنا عن التفاصيل و عن التأويل و عن الاساطير و المرويات و بنات الخيال لتكتسب الوقائع ‏أبعادها و الأبطال ألقهم و ليستعيد الوطن قوته الكامنة التي لم يعرف غير قادتها الحقيقيون قوتها الكامنة خلف الصمت و ‏النكوص و التراجع.. ‏