🚫 يَخْلِطُونَ بين فَسَادِ الحَوْكَمَةِ و قَدَاسَة الدَّوْلَةِ!!

08:50 AM August, 06 2018 سودانيز اون لاين
دفع الله ود الأصيل-
مكتبتى
رابط مختصر
(1)
@ تجلى ذلك بوضوع من خلا مقولةٍ لكاتبنا الراحل/
الطيب صالح أطلقها جواباً لدى سؤاله عن بلده الحَبَّوب
في إحدى مطارات ترحاله الذي لا يكاد يضع عصاه عن
عاتقه ، إلى أن وافاه الأجل ، ، وحين قال: أنا من دولةٍ
تافهة و هو يعني بطيبعة الحال حكومة ( هؤلاء) .

🚫 إذن، أياكَ ، لا تـخـلـط بين الـحـكـومـة و الـوطـن ..‼
مـفـهـوم الخلط ما بين الـحـكـومة و الـوطن لدينا على نطاق
عالـمنا الـعـربي‼وردت الملاحظة عليه ضمن مقالٍ يستحق التأمل
للكاتب البريطانى: مراسل الأندبندنت البريطانية في الشرق الأوسط
و هو أحد ٌمن ألمع الصحفيين الغربيين القلائل الذين آثروا البقاء قابضين
علىجمرالمعاناة بين ظهرانينا، مناهضاً لسياسة بلاده و أمريكا و بالتالي
ممن يعرفونناجيِّداً، عاش ولا يزال رحداً من الزمان في بيروت و التي
تعتبرنسبياً(عروسة و في جبينا هلال) مقارنة ً بعواصمنا العربية.
و لكن للمفارقةأن أزمة النفايات التي عاشتها و شاهدها بأم عينه
تتكدسُ بها شوارعها ، منذ كم سنةٍ منحت الكاتب دافعاً
موضوعياً قووياً لتسجيل انطباعاته بكل تجردٍ
حول سلوك الناس بلاد العرب أوطاني.

# يقول روبـرت فـيـسـك : أتعلمون لماذا بيوت العرب
في غاية النَّظافة، بينما شوارعهم على النَّقيض من ذلك ..⁉
السببُ أنَّ العرب يشعرون أنَّهم يملكون بيوتهم، لكنهم لا
يشعرون أنَّهم يملكون أوطانهم ..❗

# فهل فعلاً شوارعنا وسخة وعفنة لأنَّنا نشعر أنَّنا لا نملكُ
أوطاننا ..⁉ إذاً ما السبب؟!! هذا يرجع إلى أمرين أحلاهما أَمَرُّ:
الأوَّل : أنَّنا نخلطُ بين مفهوم الوطن و مفهوم الحكومة، فنعتبرهما
روحاً واحدةٍ في جسدي توأم سياميًّ بحيث يتعذر فصلهما إلا بعلية
تدخلٍ جراحيٍّ مضمونة الفشل ، وهذه مصيبة بحدِّ ذاتها ..❗

# بيد أنَّ الحكومة هي إدارة سياسية لفترة قصيرة من عمر الوطن،
ولا حكومة تبقى للأبد .. بينما الوطن هو الهوية و مقوماتها من تاريخ
وجغرافيا،و ديمغرافيا و و تراب ضمَّ رُفاة الأجداد و تشرب بعرقهم
و دمائهم ، هو الفكر و الكتب، والعادات والتقاليد ..❗

# لهذا من حقِّ كل إنسان أن يكره الحكومة ولكن ليس من حقِّه أن يكره الوطن
والمصيبة الأكبر من الخلط بين الحكومة والوطن هو أن نعتقد أنَّنا ننتقم من
الحكومة إذا أتلفنا مقدرات الوطن ..!!.. وكأنَّ الوطن للحكومة و ليس لنا❗

# فما علاقة الحكومة بالشارع الذي أمشي فيه أنا وأنتَ، و بالجامعة
التييتعلم فيها إبني وإبنكَ، و بالمستشفى التي تتعالج فيها زوجتي وزوجتكَ ،
الأشياء ليست مِلك مَن يديرها وإنَّما مِلك مَن يستخدمه فنحن في الحقيقة ننتقمُ
من شخوصنا ممثلةً في شخص الوطن كمن بنس يكويه البحرفيصرته و ليس
من الحكومة.، و الحكومات تُعاقبُ بطريقة أُخرى لو كنَّا نحبُّ الوطن فعلاً ..‼

الثَّاني : أنَّ ثقافة الملكيَّة العامًَّة معدومة عندنا، حتى لنبدو أنَّنا نعاني
إنفصاماً ما .. فالذي يحافظ على نظافة مرحاض بيته هو نفسه الذي
يوسِّخ المرحاض العام .. والذييحافظ على الطاولة في البيت هو نفسه
الذي يحفر إسمه على مقعد المدرسة والجامعة .. والأبُّ الذي يريد من
إبنه أن يحافظ على النِّظام في البيت هو نفسه الذي يرفض أن يقف في
الطابور بإنتظار دوره .. والأُمُّ التي لا ترضى أن تُفوِّت إبنتها
محاضرة واحدة هي نفسها التي تهربُ من الدوام ..‼

خلاصة القول :
# الحكومة ليست الوطن شئنا هذا أَم أبَينا، ومشاكلنا مع الحكومة
لا يحلُّها تخريب الوطن .. إنَّ الشعب الذي ينتقم من وطنه لأنَّ حكومته
سيئة لا يستحقُّ حكومة أفضل ..❗ ورُقيِّنا لا يُقاس بنظافة حديقة بيتنا
وإنَّما بنظافة الحديقة العامَّة بعد جلوسنا فيها ..❗لو تأمَّلنا حالنا لوجدنا
أنَّنا أعداء أنفسنا، وأنَّه لا أحد يسيء لأوطاننا بقدر ما نفعل نحن ..❗

وصدق القائل : الإنسان لا يحتاج إلى شوارع نظيفة ليكون محترماً،
ولكن الشوارع تحتاج إلى أُناسٍ محترمين لتكون نظيفةً

يا دفع الله السودانيين لسا ما وصلو مرحلة الوطنية .. زيهم وزي كتير من الشعوب الافريقية والعربية .. لسا في مرحلة القبيلة والمنطقة وبعضهم لسا في مرحلة بيت فلان وحلة فلان .. ما تعصرو على الشعب السوداني كتير
الحكومات مفروض تبذل مجهودات كبيرة في اتجاه اعلاء قيم الدولة الجامعة والوطن والوطنية

أ*****(((((2)))))*****

[} سلمت يمناگ أخي ولتدعني أحيي فيك لفتتين بارعيتن:
أولاهما أنك جئتَ سبَّاقاً و لأول مرةٍ لتشرفني بنزول موكبك
المهيب ساحتي و هي تشكو قلة فئانها. ثانياً ، يبدو أن كلامي
حرك فيك كوامن الغيرة علىشعببلادي و الذي تجنبتُ هذه المرة
بالذات، عدم الإشارة إليه ببنان الملامة ، لسببٍ بدهي و هو كما
تفضلت ، لم يرق بعدُ للخروج من قشرة الفيه و مكفيه تماما گحال
(من نجت قذارة جلده منجى الذباب أن يُنالا). و لكن دعنا نقول :
حمداً لله أنك عينك لم تقع على بوست لي سابق كنتُ كتبته هنا عن
شعب بلاديهنابعنوان (شعبٌ سلحفائيالخطاوي ,، فولاذي المشاعر).

[} و لم يكن في مقالي ذاك سباحةٌ عكس تيارما نسبته إلينا تلك الكاتبة السعودية و غيرها منالمادحين ، و الذين في ظني أنهم نظروا إلينا فقط من طرف خفي و بعين رضا كليلةٍ عن عيوبنا ولم تر فوقنا سوى غشاوة االثناء إكليلاً حين قالت عنا الكاتبة:(وجدت فيهم الشعور بالمسئولية و الرغبة في القيام بالواجب عليالوجه الأكمل). بصراحة، ما داير أتشاءم و أقول إنو (الشكروه رقد)و لكن كدي رأيكم إنتو شنو؟! من وجهة نظري شخصياً شايف إنوأهم ما تجاهلته فينا أننا شعب كسول بامتياز! ربما صدق علينا ظنشياطين المخابرات المصرية زعمهم بأن حبة الفول السودانيمُنَوِمة ٌلأن شجرته ملقحة بمصل من ذبابة التسيتسي
فهل نحن فعلاً شعب بطيء الايقاعً حقاً؟ أم أننا بالعكس تماما ،
هميمون للغاية ، و لكننا محسودون و مفترى علينا ، ليس إلا؟!!

[}نقل لي أحد المغبونين شيئاًمن قبيل هذه السوافيت الطويلة
(جمع سافوتة)و قال: ما بال هذا البطءالمميت يسبب لنا الكثير
من الكوارث و يضيعمنا الكثير من الفرص الذهبية. و كأني بجين وراثيلعين يعبث بعذرية وجودنا منذ الأزل و بالتالي ما أن يخرج
المواطن السوداني منبطن أمه ليرىالنور حتى يكتب عند الله بطيئاً.

[} أ م لعلها تكون جرثومة خبيثة وناقلةلمرض معدٍ و خطير يجب أن نعترف بوجودهو نتفاكر حول التشافي منه قبل أن يُقعد هذه الأمة عن حتى ركب الأمم النائمة على قارعة طريق التنمية،و الراغبة في البقاء عائشةً و لو بربع أوقية كرامةٍ، أكثر مماهي مقعدة، لماذا نصر على مشي الهوينى كما يمشي الوجي الوحل في كافة شأننا العام والخاص و الرسميي و كأننا جلاميد صخر لا تهزنا ريح و لا تحركنا محن
أو خطوب أو نوائب دهر ؛ و لا نعتبر بالبلاءات.

[} (تخلو قواميسنا من مفردات مثل : {Urgent} رغم أسفارنا,
ضابرين أكباد الإبل عبربحار و أجواء المنافي ، لم تحرك فينا عادات
شعوب العالم في ساكناً في الإنجاز والسرعة ساكناً، لم يتبق لسكان العالم حولنا، من فرط سرعتهم وجديتهم إلا أنيكتبوا مثل هذه الشعارات و غيرها حتى في دورات مياههم ،أكرم الله السامعين ، و نحن ربما لا نجدها مكتوبة حتى على بعض غرف العناية المركزة بمستشفياتنا.
بينما نكتب فيدورات مياهنا سخافات يندى لها جبين الرضيع ؛
و يدنقر منها إبليس خجلا و ايس استحياءً.

(3)
[} جاءني أحد المحموقين يلفظ هواءه ساخناً و يتحسر
شاگياً لي ضعف حيلتنا و هواننا على الناس ، على خلفية
أزمة خدم المنازل التي نشبت مؤخراً بين الگويت و الفلبين.
و التي قامت لها سوق العمالة هناگ و لم تقعد أو تهدأ حتى تم
حسمها بالتوافق على شروطٍ صارمةٍ بحيث تُضمنُ بموجبها
لگل خادم(ة) ذي(ات) حقٍ حقه(ا) في ذمة مخدمه(ا). و هو ما
تحرص على عادةً فعله وزارات العمل حتى في أصغر جزر
المالدبف و موريشس و القابعة في بطن المحيط الهندي من
قيامها بزباراتٍ تفقديةٍ مگوگيةٍ لعمالتها في مشائخ و ديولات
{البترو دولار} الخليجية باعتباىها ثروة قومية ، تماما
گشأن ناس الراقصة فيفي عبدو، و قبلها ميمي جمال
و نجوى فؤاد على شارع هرم بأم الدنيا.

[} هذا ، بطبيعة الحال ، على النقيض تماماً
لأوضاع عمالة بلدي يا الحبوب بشقيها على حدٍ
سواء الماهرة منها أو الأقل مهارة و هي شتنتشر
هنا و هناگ سائبةً بلا وجيعٍ و لا دليلٍ، كقطعان الغنم
القاصية. فيا تُرَى ماذا يمكن أ ن يكون السبب؟!

{ 4}
[} الجواب لكل تجردٍ ، يكمن في وجود نفس الخلط
الذي ذگرناه ما بين مفهوم زفارة الدولة (رعاةً و رعيةً)
و بين قداسة زعفران تراب الوطن . خلطٌ نابعٌ من وجود
حالة انعدام ثقةٍ متفاقمٍ و متبادل بين الكل، بحيث لا تستثني
أحداً. عدم ترلضٍ و نفورٌ ناشئٌ بدوره من أزمة {لاهوية
و لاانتماء} لا نُحسدُ عليها. فلا تگاد تجد بيتاً ذات مرة ٍ
منتمياً إلى شارع ٍ و لا مسرحٍ . و لا جيلاً متفاهماً مع
جيلٍ سابقاً كان ام لاحقاً : و لا (ثوراً) أسود متصالحاً
مع نفسه التي بين جنبيه ، ناهيك عن آخرَ أبيضَ أو
( مشيقحٍ) حتى . و لعل العگس من گل ذلك
يكون صحيحاً ، اللهم عدا من رحم ربگ.

[} تمخض كل ذلك فولد لنا علقيةً جماعيةً
متحوصلة بقوقع (الأنا و لا أنت) و من بعدي
التسونامي ، مع تشكل ضميرٍ وجداني عام خاوٍ
من أية روح انتماءٍ أو قبول للآخر گائناً من گان ،
و مسكونٌ للنخاع بشعورٍ متأزمٍ بتضخم الذات
لدى كل من هب و دب على رجلين .

سلام يا ود الأصيل،
تعرف إنت هبشت موضوع مهم شديد.

مقولة أفصلوا بين النظام والدولة دي مستخدمينها كتيرين ليظهروا عدم وطنية من يعارض الحكومة وأنهم في معارضتهم لا مانع لديهم من تحطيم الوطن.

لما الواحد يقول (بالله دي بلد؟) ... مؤكد لا يريد أن ينال من الوطن .... لكن يسخط على الحال ... الحال هنا مثلاً عند تجمع مياه الخريف يعني عدم وجود نظام بلدي (يعني أولي الأمر) ... نفس الشئ لما يتأفف من الأوساخ في الشوارع ... المثال الجبتو فوق صحيح، السوداني ينظف بيته ويمشي في شارع وسخان ... ببساطة لأنو مسئول من نضافة بيتو، وبالنسبة للشارع بيدفع ضرايب وقصاد الضرايب مفروض هناك جهة تنظف الشارع، فهل من الإنصاف لومه على ترك الشارع وسخان؟

البيسخط من الخدمة المتردية في المطار مؤكد شاف مطارات تانية ومتحسر على حال مطار الوطن، رغم إنه يدفع أموال طائلة يفترض أن تذهب لتحسين شكل المطار وخدماته.

البيتأفف من حال البلد والأوساخ في الشارع وحال المطار والمدارس البتتهد في رؤوس الطالبات وصفوف العيش والبنزين وينقهر لأنو زولو مات في المستشفى لأنو ما لقوا ليهو أنبوبة أوكسيجين ... ده مواطن مغلوب على أمره وما دام بيتأفف مؤكد بيتمنى أن يكون الحال أفضل من أوطان تفوقت علينا فقط لأن حكوماتها تعمل لمصلحة الوطن والمواطن.

{5}
[} لك مني التجلة أجلها و الشگر أجزله أستاذي الأكرم
محمد، لتشريفگ هنا، و على قدر أهله يأتي {أبو العزائم}.
خاصةً و أن لدي شعوراً لعله كاذبٌ بأننا معرفةٌ قديمةٌ قد
التقينا آنفا ( بس أوعة تقول لي : يا زول ، بطل لُبَطْ)
و لكن يبدو إنو الزمهرير كابسنا، بقينا نقابض من طرف .
و لكن ثق بإنو القصد شريف جدن.
[} فلو استعرضْنا شريطاً لسجالاتٍ كانت قائمةً بين
رهط من أوناس مروا من هنا و جمع بيننا شعور الغباين
اللاتي يجمعن المَغابين، فلربما لوجدتني رجلاً فاقداً ظِلِّي
و هائماً على وجهي بين سواد أولئك النفر المتساجلين؟!

[} و تظل دعوتي مفتوحةً و مختزلةً في ساحة على
رضاب أثير الأسافير ، و لكن بحجمها الطبيعي ، إنما
هي نداء استغاثةٍ لِلَمْلَمَةِ شَغْثِ رقعــةٍ أوسع و خــارطةٍ
طريقٍذهنيةٍ لبلدٍ طريح الفراش ، و آيلٌ أمره إلى جثمان
غريق مُسَجَّىً على نعشٍ محمول على أكتــاف رجالٍ
متشاكسين بين ضَفَّتَيْ نَهَرٍ؛ أو دعنا نقول: كهدرة
"جمل شايل السُّقى و عطشان"
[} ولكن، يبدو أننا ما قدرناه حق قدره
و غلطناكثيراً في حقه، يوم أن هجره أربعون
مليون حراميٍاً من بيننا؛ ثم شلناه شمعةً ؛ و تأبطناه
خيراً ، ثم مرقنابونضرب به أكباد البحار و نتَطَهَّمُ
به مرافئ الغربة و ملاجئ الدنيا .ثم قعد كلٌّ منا
يبكي طول الليل و ينوح على ليلاه.

[} حتى أننا بتنا نخشى أن نفضل نتدهو ر من حالٍ
سيئ إلى ما هو ألعن و أظرط .. حتى تشرق شمسنا
من مغربها .. ثم نُبعثُ يوم القيامة و ليس في جعبتنا
مزعة وطنٍ . فبالله عليك يا صديقي، لو لا أن من الله
علينا بفتات هذه التقنيـات الشرقيـة و الغربية السلكيــة
منـها و اللا سلكية، و ما كنا لها مقرنين، فمن أين كان
لي و لك أن نتناجى بالهمس في الأذنين هكذا و يبث
كل منا حزنه و مرَّ شكواه في روع أخيه بحديث
القلب للقلب و بيننا بعد المشرقين.

[} عمومن ، گل هذا گان مجردَ مدخلٍ و ديباجة
ترحابٍ. و أما ردي على مداخلتگ الدثمة علايه،
فلسة الغريق جاييك . خصوصاً و أنگ يا دوبك
فتحت شهيتي لأبوح لگ بالگثيرالمثير مما هو
متغاضىً و مسكوتٌ عنه في حقنا جميعاً.

Quote: سلام يا ود الأصيل، تعرف إنت هبشت موضوع مهم شديد. .

(6)
فعلن مهم شديد يا بو الريش ، و بالمناسبة دي
ما أول مرة أهبش فيها متل السوافيت المزعجة دي.
و لكن ، تعال كدي خلينا نعترف أنتا و أنا بأننا مُحقين
كلٌ في ما ذهب إليه. فلا يمكن أخالفك في إنو المواطن
طالما سدد كل ما عليه من رسوم صحة و قمامة و عُشور
وقطان و قراحة و عتب و رش جمكسين إن كنت لا تزال
تذكر مصطلحات هذه السلالات المنقرضة الخدمات.

# متفق معاك كوقع الحافر على الحافر، في كل ما كتبتَ،
من نظرة متفائلة ، حتى لا نقول مثالية خالس، إلى نصف كوبنا
المترع ب( الهوى). و لعل هنا تكمن مشكلتنا: في عشوائية تعاطينا
لسماتنا السمحة. و گبف تگون الحكمة إذن، إن لم تكن هي وضع
الشيء في نصابه الصحيح!؟ أشكرك،و لي عودة أكيدة، لأضيف
نقاطا فارقة، بعد فواصلك التي و لا أروع.

# و لكن بالمقابل لا أظن كسلنا و اتكالنا كمواطنين على
أبوية الدولة(هذأ، إن وُدتْ دملةٌ ) مسألةٌ تخطؤهان عينُ،
اللهم عد عينً مكابر تنظر إلينا من طرفٍ خفيٍ و هي كليلةٌ
عن كل عيبٍ . و كمثال على ذلك أننا كنا أيام (البركس) نجي
سُفرة (المين) نلقىتكاسة من عرب العسيلات عاملين زحمة. الواحد
تلقاه يطرح يومو كلو و يجي ساعة الغذا والعشا يخزن و يختف صينتو
و يركب الصف يعبي مما لذ له و طاب. لدرجة يوم عمك طباخ حلفاوي
نهرلو واحد منهم شايفو 12 سنة بتردد على السفرة قاللقو : هوي ها إتا
متين (بتتهرج) لكن العربي مقرقح و سريع ا لبديهة قاللو: لا لا و إنتا
الصادق نحن لسةيادوب برالمة، بعدين تهرج نمش وين يا عمك نقوت
الملح دا. فالشاهد إننا ما عرفنا الفرق إلا لامن ابتعثونا إلى فرنسا
هناك شفنا كيف يكون نظام الظيبط ة الربط بدوك أعانة
شهرية تصرف منها بنفسك على سكنكو إعاشتك
في المدينة الجامعية ع شان تعرف ترشِّد.

(7)
صبحك و مساك الله أخي محمد أبو العزائم
بصباحات ٍ و أماسي رابحاتٍ و بكل خيرٍ نافحاتٍ ،
تحين قلت وين نلقى لينا مسعول كبيبر في مكتبو عشان
نتأفف ليه من ضبان وسخ الحواري و لا من خريات المجاري ؛
و لا من زلقة قدم على ظهر قشرة موزة تمرقنا في قسم الطوارئ ؟!!.
@ و لكن قل لي بربك في أي وطن تنتوي العثور على بقايا من حطام رفات
إنسان فقد ظله و ضاع الهمس منه مرتين؟! هل في ربوع هذا الببلدالذي إذا
ما شَغلت بالخلد عنه، نازعتني إليه في الخلد نفسي؟! أم يا تُرى في ذاك المحمول
جواً، و نحن فيه حملان في الحيشان ، و حالنا أسوأ من تلاتة أنفار قامت(أم رخم الله)
برفع دعوى ضدهم إلى أمين عام عصبة العِمم الأمريكية الملتحفة سواء أكان السابق،
السيد/ بان غي مون، أم الحالي السيد/ غو تي ريش ، قالت إين أم رخم الله ، إنها
مدعيةٌ تفوقَها عليهم حضارياً، حيث قالت: ألا و الثلاثةُ هم:_
- النزل إدلى البحر و جانا راجع بي جنابتو ؟!؛ و لا
- و لَّاداك الباني بيتو جاهز و لاكين ساكن مضايق نسابتو؟!؛
- و لا كمان مالك من داك المحكر وسط اللمة و كمان
قاعد يتلفت و و لسة بيسأل شن قالت رفاقتو؟!!
و كمان گسرة بجاي:_
@ و لعل أم رخم الله قد سكتت عن ذكر رابعٍ لهم ،
لعل ذلك من باب الشفقة عليه أكثر من الخوف منه\،
ألا هو شعب بلادي اللي هسي محقب يدينو و قاعد
يتفرج في (عواسة جماعتو)؟؟؟!!!
صدر تحت توقيعي بكامل قواي العقلية
المعتبرة شرعاً و قانوناً.و لنا عودةٌ أكيدة.

* ود ا لأصيل ،،،،

*******(((8)))*****
نقول قولنا هذا، و نحن الخمجنا البحر طحينة.
رغم كلما لدينا من إخفاقاتٌ بُطُولِيَّةٌ (Heroic Failures)
طبعن، معظمنا مريحين روحنا و عاملين
أضان الحامل طرشا لأننا شغالين بنظريات مُنَوِّمة
من قبيل : ( كل زول عاجبو الصارو) و الجعران في أمو
غزالة ) و هلم جرا . و لكن لعل البعض منا فقط و قليلٌ ماهم ،
ربما له عينان ثاقبتان كعيني زرقاء اليمامة فهو الذى يرى ما لايراه
الأخرون بأعينهم المجردة فى ذات الصورة و المشهد.كما عودنا على
ذلك عمنا البروف المخضرم/ حساس محمد حساس، من لفته النظر إلى
صورٍ نمطية عديدةٍ مقلوبةٍ عقباً على رأسٍ و ليس راساً على عقب. باعتبار
أن هذه الأخيرة تمثل وضعاً طبيعياً تماماً ،ف ي نظري شخصياً حيث أصاب
الخواجات في ترجمتهاإلى( Up-Side - Down). و لعله منهنا تحديداً، تبدأ
(القلبنة). من هنا نود توجيه عناية أولئك الذين يغالون في محدنا دوبيتاً و سجعاً
بقافية (نحنا و نحنا) إلى جدلية أن المطلوب من كل مادحٍ أن يتحلى ولو بحدٍ
أدنى من الأمانة ، و ليفتح الدفتر من دفته اليسرى . ثم ليقرأ بأم عينه
أنه كم هو عجيب أمرنا و أمر ما يجري لنا و أعجب منه أن
ندري و لكن قد لا ندري ي أننا تدري.
*******(((+++)))*******
# فلقد صرنا نتوجس خيفةَ أن يضغط أحدنا
بالغلت على «النجمة» و نشيــــل «النغمـــة»
فتعود علينا و بالاً و (نقمةً) لأن الذي سوف
نشيله هي النغمة السائدة في بلدنا
هذا في زماننا هذا تقول:
نحنا و نحنا كرمنا نيرانو بتوقد قج
و نحنا و نحنا سعنا بلبن الطيور بنخج
و نحنا و نحنا بنقنص النجم البنوّر صج
و نحنا ونحنا بنفقه الدود البكاتل رج
****
نحنا نسبنا من نسب الرسول مالخينو
ونحنا وشينا بي وسم الكرم شالخينو
نحنا قلبنا بي دم الأسد جالخينو
نحنا بلا فخر جلد النمل سالخينو
****
نحنا الليدنا جوادة وطبيعة كريمة
نحنا شيمنا لي شيم الصحابة غريمة
نحنا شكرنا مو عركة رجال وجريمة
نحنا الدود نعلقوا ونسولو صريمة
فشوف ليك بالله جنس بوبار .!!!

*******(((9)))*******
@ فأولاً بالتبادي.. النملة ليه تسلخوا جلدا ؛
يا ناس حرام عليكم «هذا إذا كان للنمل جلدٌ من أساسِه.
و إنتو قدرتو تسلخوه»؟ طيب، و ما هي «المَزِيَّة» في ذلك
و التي سنتبوأ بها مكانتنا بين الأمم التي تريد ا لريد البقاء عائشةً
و لو بنصف كرامة. حتى ولو سلخنا جلود جميع رعايا أمة النمل، ثم
صنعنا منها أكبر «مركوب» كطع جنينة لأتخن دراريش زول عندنا.
«أصلو جنكم مراكيب»؟ وبعدين تعالوهنا... ولماذا «بلا فخر»؟ نان
و طيب نحنا تعبانين ليه و مٌتًنْبِرين فوق أم كم إذا كان بلا فخر؟.
ولا يا زول حقوا تفخروا.. لأن هذا العمل لم تسبقكم إليه أمة
في الأولين وسوف لن تقلدكم فيه أمة من الأخرين..

# قال النملة نسلخ جلدها قال.ياخي النملة تطير عيشتا ظاطو!!
و هل تظنون أن النمل وهم أمم أمثالن ،ممكلةٌ هينة، ولا مقطوعة لينة؟
أمة عدد تعدادها يفوق عدد البشر بدشليونات المرات.. و كولهم شغاليــن
و لا توجد نملة واحدة عاطلة ومالية سدرا شهادات عُليا و لم يسجل التاريخ
منذ فجره ، يوم أن خلق الله النمل قبل 250 مليون سنةأية سابقةٍ بأن حفنة
من ضكور النمل قد خرجوا ذات يومٍ في انتفاضة (كرامةٍ) أو ثـورة
(خبز) أو حتي عصيان مدني( إن لو شاء الله بالنظر) لكونهِم مثلاً
ساخطون على الوضعالراهن. إنما تعمل مملكة النمل في رضا
تام و تناغم فطري منقطع النظير تحت مظلة العدالة
الاجتماعية الرفاهية ضمن الناموس الكوني الفسيح
الذي تعيشفي أرجائه. فلا يستوجب النفخة
الكضابة و قومة النَفَس اب اللحنا فيها دب.
و يا يتني كنت نملة سُكَّرٍ تُسَبِّح بحمد ربها
و لكن هيهات أنتفقهوا تسبيحي لأن تسبيحي
لعايش الدودة بين حجرين ،و راعي دبيب
النملة السوداء في الليلة الظلماء.

* ود ا لأصيل،،،

(10)
و لا كدي يا بو الريش خلينا قبال ندخل
في اللحم الحي نختم ليك بالجاياك دي:

@حيثُ إنَّنا ننصب مقاصلَ لقتل الزمن
و نحفرحُفَرَاً لوأد بنات الفِكْر.لِمَ نحن في حالة
صدام مباشر و حرب شعواءمع{سيوف الوقت}
لا تخطئها عين مراقب و لا يضاهيها غلاط مكابر.
تترجمها موقف متذبذبة، بلإنها متضاربة ما بين
التوجسمنه حيناً و الاستخفاف بقيمته أحيانا كثيرة.

# فهنالك مقولات قد تنسب جزافاً إلى المزاج الشعبي العفوي
البسيط و العقلية الجمعية {Social Mentality} و لكن بالعكس
تماماً،إنما نسمعها متداولة بكَثْرةٍ بين أوساط المتثاقفة في صالونات
الأدب و الثقافةو مجامع اللغة. ناهيك بطبيعة الحال عن صالات
الأفراح و سرادقات العزاء و الأتراح،و لعلها الأوسع رواجاً
و أذيع صيتاً في أروقة بورصات المال و التجارة و الأعمال.

# منها مثالاً لا حصراً ، قولهم:"الوقت كالسيف إن ام تقطعه قطعك".
هذا في مقابل نظرة أخرى مناقضة و لكنها سلبية أيضا؛ لدى من يرى
في الوقت ضيفاً ثقيل الظل،بحيث يتوجب التخلص منه بأسرع {وقت}
ممكن.حتى و لو استدعى الأمر {قتله}؛ و تبدبده و إبادته كما تباد
القوارض و الآفات الضارة.
# مثلما يحدث لدى رواد المقاهي
و سراي الليل في علب الليل و الملاهي
في لعب الورق و النرد (الضمنة) و حرفاء الشطرنج
و لعل من أحدث الصيحات المستحدثة في سبيل إضاعة
الوقت (سمبهاراً) هي ظاهرة غُرف الدردشة (المؤصدة)
و في عَمَدٍ ممتدةٍ على منصات التناصل اللااجتماعي . هذا
و ما خفي كان أعظم ، تحت جنح الظلام. و زي ما قالو و المثل
القديم ساير: {اليل غتاي الجبال}. إذن، الشاهد و السؤال هنا: ما
ذنب الوقت معنا كي نتخذ منه مشجباُ لنعلق عليه كل مخازينا؟!
نعيب زماننا و العيب فينا و ما لزماننا عيب سوانا و نهجو ذا
الزمان بغير ذنب و لو نطق الزمان لنا هجاناو ليس
الذئب يأكل لحم ذئب و يأكل بعضنا بعضا عيانا

(11)
ضع نقطة تحت الفاصلة و «افتح قوس»
فقد شتم أحدهم ــ من المتشنجين- رجلاً من العُبَّاد الزُهَّاد
و لعله حكيم زمانه الشيخ فرح ود تكتوك: قال له : يا كلب.
فقال له الشيخ: أنا كلب؟ فقال له: كلب و ابن ستين كلب كمان.
فرد عليه الشيخ قائلاً: نان يا با.. أنا الكلب بحصل مقامو؟
إت وضعتني في مقام أنا ما بحصلوا.. وأريتني أحصلوا.
الكلب هو صاحي وسيدو نايم. وأنا نايم وسيدي صاحي.
يلا «أقفل القوس». ونحنا يا ريتنا نحصل مقام
مملكة النمل و نعمل بقدرما ما بعملون .
**********(((+++)))**********
@ بعدين إيه حكاية الأسد دي؟ لامن واحد يقول ليك:
ونحنا قلبنا بدم الأسد جالخينو ؟علام تدل هذه العبارة
الفضفاضة التي وردت مذكرة تفسيرية بخصوصها في الكوبليه
الأخير من القصيدة: «نحنا الدود «الأسد» نعلقوا ونسولو صريمة».
وأصغر لاعب سيرك ممكن يرقص الأسد ويخليه يمشي على العجين
و ما يلخبطوش..و لكن إذا كان هناك فخر لهزيمة الأسد فهي لسيدنا عبد
الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما«عن عبد الله بن عمر بن الخطاب
رضي الله عنهما أنه خرج في بعض أسفارهفبينما هو يسير اذاهو بقوم
وقوف. فقال ما لهؤلاء القوم؟ قالوا: أسد على الطريق قدأخافهم.فنزل
عن دابته ثم مشى إلى الاسد حتى أخذ بأذنه ونحاه عن الطريق؛
ثم قال له:ما كذب عليك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:
إنما سلطت على ابن آدم لمخافته غير الله ولو أن ابن ادم
لم يخف الا الله تعالى لما سلطك عليه».
**********(((+++)))**********

(12)
@ فيا جماعة الخير، هل خفتم الله حتى لا يخيفكم الأسد؟
إن فعلتم ذلك فربما جاز لكم أن تتنبروا و تتفشرخورو «إن شا الله
ياخي بعداك، تمعطولو شنبو و ترسموا ليهو حواجبينو ظاطو». حيدر
قطامة الذي يسلخ جلد النملة أو يعمل من الناموسة بيرجقر أو «يفقه»رقبة
سبع البرمبة .لم يعد بكل المقاييس هو أنموذج البطل القومي المطلوب ، لنتغنى
بخوارق اعماله أو نحجي به أحفادنا قبل النوم. فنوع هذا البطل بالرغم من كل تلك
المعجزات لم يَعُدْ هناك لزوم له في زماننا هذا. نحتاج لبطل قومي بمواصفات أخرى.
فمثلاً البطل الذي نتغنى له هو الذي يقودنا لننتج أكثر مما نستهلك و نزرع أكثر مما نقطف
و ننظف أكثر مما نلوث و نترشد أكثر مما نبدد. و يوم أن نفعل كلَّ ذلك يحق لنا أن نتنبربأننا
أمة أمجاد و إنجازات لتتباهي بها وسط ما يفوق السبعة مليارات نسمةً من الجيران على ظهر
الكوكب ، كلهم بحاجة لأن يأكلوا معنا يومياً تلاتة وجبات أو يزيد ،و (يطلعون زي الناس)
مثلما نفعل تماماً. و لكن سلخ الناموسة أو النملة أو جعل الأسد كديسة تتمسح بالكرعين..
«حتى وإن تحقق»فسوف ينزل سعر كيلو (لحماك يا ملاك) إلى ماكانت عليه زمن النس
حُنان.و خير لنا أن نفتخر بإنجازاتٍ فعليةٍ، لا إخفاقاتٍ بطوليةٍ Heroic Failures
فضفاضةٍ، بل الأحرى بنا أن ندندن و نقول كالآتي: نحنا ونحنا مَشِينا في
وسط الشوارع لخمة نحنا و نحنا العندنا النشال بيذوب في الزحمة
نحنا اللي بتهاجر خرافنا ونحنا من غير لحمة
والباعوض يقرم فينا من غير رحمة
أقول ما تسمعون واستغفر
الله العظيم لي ولكم.

// لا يكرم نبي في قومه//
***(((13)))***
و قبل الخوض عميقاً في
مستنقع التواكل والكسل هذا ، فقد عرضت لي
ملاحظة رأيتها أجدرَ بالإشارة. ألا و هي برودنا
مشاعرياً و ليس بالضرورة (عاطفياً) حتى لا ندخل في حتات
ضيقة بعدين تغلبنا المرقة. وأعني بذلك. فتور تفاعلنا حيال صنائع
المعروف، لدرجة تثاقلنا حد التثاؤب بوجه من يسدي لنا جميلاً. و بالطبع
ليس ذلك نكراناً لذات الجميل ، بقدر ما هو ربما من فرط حسن ظننا
ببعضنا بعضاً. أو ربما خشيةً الوقوع في مظنة عيار النفاق الثقيل و
المداهنة الزائفة و الملق الزائد. كما نراه فنمقته في سلوكيات
شعوبٍ و مللٍ سوانا . هذه علماً بأنه من يشكر
الناس و هو بين ظهرانيهم،
أجدرألا يشكر الخالق
وهو لا يراه.

***(((14)))***
(Acknowledgement)
هي عبارة لاتيينةٌ متداولة و سائدةٌ في مجال
المعاملات الإدارية و التجارية و الخدمية بصفةٍ أشمل.
بمعنى الإفادة بالتَّسَلُّم و ليس (الاستلام) و ذاك خطأ لغويُّ شائع
و الصواب فيه بمعنى الاحتضان ( و منه استلام الحجر الأسود).
ما علينا ، لكن الشاهد و ما يهمنا هنا أكثر أنها تعني الإفادة من قبل
الجهة المعنية بتسلمها الرسالة أو البضاعة أو الخدمة المعينة؛و بالتالي
العمل على الوفاء بما يقتضيه الظرف المعين. و لكن الأعمق و أجمل من
كل أنها تنطوي أيضاً على بعدٍ إنسانيٍّ ثالثٍ أعمق ، و به نوعٍ من أريحة
إثبات الفضل إلى ذويه ، ناهيك عن رده إلى من هم أحق به و أهله. و تـــلك
صفةٌ تكاد تكون شبه منقرضةٍ في أوساطنا كأمةٍ متحضرةٍ . و بوجهٍ أخصَّ ما
بين ذوي القربى و الجيرة الجُنُبِو الصحبة بالجنب. فمن حسن ظنك بأخيك
و توخِّيك فيه دوماً أن يبذل أكيرَ ليغدق عليك في العطاء أكثر، فق يبدو لك
و كأنه مقصرٌ في حقك، بل لم يفعل شيئاً؛حتى و لو نقط ليك عسل
النحل في لهاتك ؛ ولا حلب ليك لبن الطير حوة جضومك.
*****(((((+)))))*****
تخــــريـــمــــة:
لعل أكثر من يعاني من جراء ظاهرة
ترهلٍ عاطفيٍّ كهذه، هم المغتربون كان الله
في عونهم ما دامو في عون إخوانهم و أهليهم

(((((15))))))
[} وعلى طاري المغتربين، خلوهنا نعمل استراحة
مع شوية خواطر (مُعْطَرِِبٍ*) عائدٍ لتوِّه كرتْ كرتونة.
و طبعن، (مُعْطَرِِبٍ) دي ، هي مغترب نفسها، و لكننا قد
اصطلحنا لها اسما مُشتقاً من العطرابة احتاراقاً بألم الفراق.

(متى من طول نزفك تستريح .. سلاماً
أيها الوطن الطريح الفراش جريحاً)

[} فلدى سقوطِ الطائرة (جُمْبُلُغ) كدا ، في مدرج ذلك
الحوش المسمى جُزَافاً، بالمطار يقول الراوي: منيت نفسي
الطماعة بعطلة ربيعيةٍ علَّها تعيد ليتوازني المفقود و الذي هتكته
صروف الدهر و رزاياه، فكل ما يدور حولك بين النوم والصحيان
يهد الحيل و تنوءُ بِحِملِه جال الشيل ، فيغدو عفوُ الخاطر كقطع البلور
المتهشم.. يدمي روحك كلما حاولت لملمة شعثه في زمان عز فيه الأمن
و الأمان. أحداث تترى و تنُذُر بقرب بظهور الدجال،شَرَِّ قادم ينظر،
أوحتى قيام الساعة و الساعة تكون حينها أدهى و أمر.

[} مِحنٌ أصابتنا برهاب مهجّن، يضيف إلى مأساتك الخاصة
ما فعله (هؤلاء) السفهاءُ منا بنا و بالوطن ، ممن قُيَّضَ لهم
تولي زمام أمرنا في زمان تفشي الكوليرا المسماة تدليعاً
بمجرد أسهالات مائتة؛ و لسان حالنا يقول لك مواسياً:
الكفارة ليك يا زول، و المرض ما بكتلُّو زول).

[} لو لما( تعاين من الشباك) ، تعرف أنك في مطار لبلد إستثنائي،
مطار ليس كأيٍ أحدٍ من مطارات مطارات الدنيا؛ إذ تخلو ساحته من أي
ناقل معروف من تلك الأسماء التي زيَّنته قبل نصف قرن أو يزيد ، فقد حلت محل اللوفتهانزا والبريتيش أير ويز، و الفرنسية (AIR FRANCE ) والملكيةالهولندية (KLM) والسويسرية (SWISS AIR) و غيرها، قَرَمبَعات تحمل أسماءً تناسبنا تماماً، تقف شذر مذر و كيفما اتفق، لا تتخطى طموحاتها ارتفاعات نوارس
البحر وأعلى ما في خيل أحلامها مطارات الجوار، تقف إلى جوارها طائرات ال (UN) كزبون مستدام، وهذه الأخيرة لا تأتي إلا لإسعاف
بلاد دخلت غرف الإنعاش.

(16)
قبل توقفنا (الميمون) في المربط قام المسافرون منتصبي
القامة يمشون على أرجلهم لينتزعوا حقائبهم ووقارهم وجهلهم من
بطون الارفف المعلقة، يدفعهم لسلوكهم ذاك نياصُ شَفَّعٍ صاخبٍ في
تناوبٍ كورالي مُمِلٍّ لم ينقطع طوال رحلتنا بين مطبات السحاب مع
صياح الأمهات بأن يتم إنزال حقائبهن أولاً فتشعر لوهلة أنك ضمن
مشهد في أحد الأفلام السخيفة. سيداتٌ و آنساتٌ قد أعددن للسفر عدته
من حناء و مصوغات ذهبية مختلفة الأحجام والأوزان فتغدو الواحدة
منهن وتروح أمامك كفترينة متحركة تستهدف من مظهرها إثبات
الحالة الإغترابية لمن يهمهن الأمر فيربوع البلد المهزوم ، شبراً
شبراً ، و سبب حشد تلك المصوغات مع الإسراف في
الماكياج قد يكون توكيداً للمقولة اسائدة من ذ قديمٍ بأن:
, Women dress intends to please men,
but to displease women

{17}
ما علينا، الرجال يعملون في إصرار غريب على انتزاع الحقائب
عن الأرفف، غير آلهين بصيحات المضيفات المستنكرة الغاضبة
أن يبقوا على مقاعدهم ريثما تتوقف الطائرة، فتقرأ في ملامح
المضيفة ما يتردد في داخلها بكل وضوح؛ فهي قد عوقبت
سلفا باختيارها لمرافقة رحلة الشدة هذه.

[} لا أظنني أضيف جديداً إذا قلت أننا هبطنا في أسوأ
مطار في العالم بدءاً من حافلة نقلتنا إلى المبنى الذي يبدأ
بمدخل خَرِب يذكرك ببرقة ثهمد طرفة بن العبد، مستدعياً
عبرة البكاء على الأطلال، و ليس انتهاءا بما يجري بداخله.
يقف على جانبي المدخل أناس يرتدون ملابس مدنية رثة
بلون اللامبالاة؛ يبحلقون في وجوه القادمين و لا تدري من
هم، يحتفظون بقسمات غير مرحبة و غير مريحة، تتجاوزهم
و تدلف إلى صالة وصول أقرب إلى أن تكون وگراً مهجوراً أو
مغارة ورد وصفها في رواية لأغاثا كريستي. لكن دعنا نتفق أنها
أقرب ما تكون فرناً لحرق النفايات. مبنى يخلو من أدنى متطلبات
المرفق العام، سيما إذا كان ذلك المرفق هو ثغر البلد وواجهته
و نافذته التي يطل منها على لمطارات التي نعرف ولا نعرف،
هو في الواقع أقرب ما يكون إلى (الجملويتم فيها تبادل
المخدرات بالمال بين المافي في أفلام الآكشن الهوليودية.

(18)
@ طبعن برضو من باب ترطيب الأجواء العامة
و تلطيفاً لوطأة جلد الذات النحنا عاصرين يَدَّنا فيها دي،
ممكن نحكي حكاية نحاول نكسر بيها الجمود و بالمرة كمان
نرضِي بيها غرور جماعتنا اللي ماسكين لي في شطر ميتُ
شعاره:(نحنا و نحنا الخمجنا البحر طحينة) و نثبت ليهم
برضو إن إ ثبات الذات ممكن يكون نوع من المهانة.

# ففي سباقٍ للسرعة جرى تنظيمه بين شلة من
كلاب الصيد و الحراسة من جهة، و الفهود من جهة
أخرى ، لوحظَ لهاثُ قطيع الكلاب و قومةْ أنفاسها على
الفاضي من باب حرصها المحموم على كسب الرهان
بأي ثمنٍ كان . و قد تَحَقَّقَ لها ما أرادت بسهولةٍ.

# بينما لوحظَ ألَّا أحدَ من الفهود قد حَّركَ ساكناً حتى،
ليغادرَ قفصه قيدَ أنملةٍ . و لمَا أبدى الجمهور تململهم جراء
ما رأَوْهُ من خمول الفهود على غير ما قد كان منتظراُ منها،
لجأوا إلى اللجنة المنظمة للسباق لاستفهام ما يجري ، و شالتي
أفادتهم بعدما رأت ذلك المشهد، بأنَّ محاولة الإثبات عبثاً بأنك
الأفضل أحياناً قد تكون مهانةً في حق صاحبها. فالفهد وحشٌ
كاسرٌ و مجبولٌ على بذل طاقته المخزونة فقط للإمساك
بفريسته، و في غنىً تام عن إهدارهاً سُدَىً في اللهاث ركضاً
لكي يثبتَ للكلاب الضالة أنه الأقوى و الأسرع.


# و هكذاً ، أحياناً ما يحد البعض منَّا نفسه في مواقفَ
سخيفةٍ و هائفةٍ لا نُحسدُ عليها، و لسنا بحاجةٍ لخوضها
حتى نَلِغَ في آنية الكلاب كي نثبت لها أننا نحنُ فعلاً
(اللي رقصنا القرد عشرة بلدي وخرمنا التعريفة).

# إذاً، فكر فيها مليَّاً؛ و اعلم أنَّ عليك توفير طاقتك
فقط لِما تستحقُ أن تحرقها في سبيله. فشايف كيف؟!
* ود الأصيل>>>

{19}
[} يلا نرجع تاني نواصل رحلة قدومنا حيث يستقبلك العاملون
بصالة الجوازات و لسان حالهم و الذي يُغْني علن سؤالهم يقول لك:
على رسلكم يا عبدالله و با أمة الله ، و حبل المهلة يحل و يربط.
و درب الملامة للحول قريب؛ فبينك و بين الخروج سالما من هنا
(تستطيلُ حوائطُ لَيْلٍ و ينهض ألفُ بابٍ) . إنهم يضعون الأختام في جوازك بكلِّ أدبٍ و هدوءٍ وعلى بعد مترين منهم تلتقيك طاولة أخرى عليها زبانيــةٌ غـلاظٌ شِـدَادٌ ، يفحصون نفس الجواز، و بحوزتهم جهازٌ للفحص بالأشعة (سكانر) يتيمٌ لفحص حقائب القادمين. إنه جهازٌ وحدانيٌّ فلا شريك له، تتساءل في نفسك مع طيف الراحل محمود درويش: هلْ مرَّ من هنا محاربٌ من داعش و الغبراء؛ فإذا بامرؤ القيس يُناجيكم : قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ و مَنْزِلِ بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ ؛ إلى أن يقاطع ثلاثتكم عنترةَ ابن شدادٍ فائلا : هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ
منْ مُتَـرَدَّمِ،أم هَلْعَرَفْتَ الدَّارَ بعدَ تَوَهُّـمِ: ه !؟.

[} تغادر أولئك الموظفين الطيبين الذين خلت وجوههم من أي مشروع
حضاريٍّ لأية ابتسامةٍ مًرحبةٍ و تتجه إلى حيث انتظار سيرالحقائب، حيث
عنق الزجاجة لاحلك مراحل وعثاء السفر .. هنا سوف تفقه جيداً و كمنا لم تفقه من ذي قبل ماذا كان وعد سليمان للهدهد، في حال لم يأتيه من سبأْ بنبأٍ يقينٍ.تتقدم ببطء إلى صالة يقف فيها ألف منكوب حتى تصل إلى (السير) الناقل للحقائب، تسعى للحصول على عربة تحمل عليها الحقائب المتوقعة، و هذه تُعَدُّ جميلةُ و مستحيلةً رابعةً للعنقـاء و الغـول الخل الوفي ، تسأل أحد المحظوظين عن: من أين حازعليها، فيفيدك أن عليك جلبها من خارج المطار فتعمل بنصحه وتخرج إلى ساحة كأنها غشاها
طيران التحالف، لاتعرف أين تجد مبتغاك، تفرح حد النشوة حين تجد واحدةً في ركنٍ ركينٍ و مظلمٍ بين السيارات والركام . و لكن ثِق أنها لن تكون في حالةٍ يُرْثى لها و تعذر معها لأأن تؤدي لك الغرض من وجوده اهناك من أساسه؛ سيما بعد ان تقوم أنت تحميلها من الحقائب ما تنوء به العصبة أ ولى القوة فمعظم تلك الدرداقات على ما يبدو، صنعتْ محلياً ورغماً عن كلِّ ذلك تؤوب إلى صالة الوصول بالغنيمة وانت في منتهى الغبطة بحصولك على تلك الرولز رويس.

[} عليك أن تنتظر بصدرٍ رَحْبٍ و بصبر أيوبي خراساني المراس
تحرك (سير العفش) المهترئ، نعم، (حزام متحرك) أظنه، و لا أظن
كل الظن إثم، صنع من بقايا إطارات سيارات قديمه أو شئ نحو ذلك،
يتقافذ عليه الوليدات لأنهم بحس طفولتهم الغريزي و لامبالاتهم المكتسبة
من جراء برود أعصاب ذويهم يدركون تماماً أنه ، كجبل أحُدٍ ، سوف لن
تـدب فيه روح ليتحرك قريـاً، بل سيبقى ساكنـاً فلا تهزَّه ريحٌ و لساعات
طوال كأحلام المخدرين، حزام يتخذه بعض من أضناهم الألم و أنهكهم
السفر الطويل مجلساً و متكأ وهو ليس بأفضل حالٍ منهم حتى أنك لا
تدري من منهم يتكئ على الآخر، كشجر الحراز و قد جافاه المطر!!
© ود الأصيل >>>

دفع الله اخوي،
أرفع الراية البيضاء وأعلن أنني لن أستطيع مجاراتك في لغتك الفخيمة.
أنا زول بسيط، عندي حاجة داير أقولها قدر فهمي، بقولها بي كلام ونسة .... فعذراً.

كل القاصد أقولوا .... أنا كمواطن سوداني، ما عندي مانع أبداً أنضف الشوارع واعلم أولادي في مدارس خاصة واتعالج بالقروش.
في المقابل يتم حل كل من المحلية ووزارة التعليم ووزارة الصحة لأنها مرافق لا تقدم خدمة وهي في الأصل مرافق خدمية.
بعد ما نوصل لي حل الوزارات الأنا بقوم بدورها دي، حنشوف طريقة كمان للشرطة والجيش.
بس مافي زول كمان يسألني من رسوم نفايات ودمغة شنو ما عارف وتحسين شنو داك.
ما دام المواطن ياكل نارو .... أبعدوا لينا المعوّقات دي (الوزارات والإدارات الما منها فايدة) وخلونا نفضى لي أكل نارنا.

{20}
و بنفس الروح ، أخوي محمد أبو العزائم
أبو الريش، خلينا نوجد منطقة ىمادية وسطى
ما بين نسيم جنتك و ضحضاح ناري . لأتقرب
منگ ذراعا كلما دنوت مني باعا. و بگلام ونسة
ساي كدي، براگ شايفني منذ آخر تعقيب لي على
مداخلتك الفائتة ، لم أستثن أحدا من جريرة ما
يعانيه بلد طربح الفراش جريحا حدادي مدادي
و حاله أشبه ب(جمل شايل السقى و عطشان)
و تأخذ بتلابيب أمره عصابة قوامها أربعون
مليون حراميا سواء منهم {رعاة} گانوا أم
{رعية} و لم أعف أحدا حتى نفسي ، إلا
بحجة أن جعلت من نفسي (شاهد ملگ)
من أهلها، و ذلگ نظرا لتواگلي و أبناء
جيلي على حساب أبوية الدولة.

[} علينا أن نعترف جميعنا إذن، بأن أزمتنا
أزمة ضمير و تربية و قد تدارأنا فيها إلى أن
تفافمت إلى أزمة انتماء. و لعلگ تلحظ جيدن
أن خواطرنا المرية أعلاه على لسان (معطرب)
و التي جئنا نبوء بأثمنا لنبوح هنا ما هي إلا
من باب الدندنة في ذات السياق العام.

Re: 🚫 يَخْلِطُونَ بين فَسَادِ الحَوْكَمَةِ � (Re: دفع الله ود الأصيل)

(21)
@ صالة الوصول عبارةٌ عن جملون مزود بإضاءة
خافتة - لزوم الرومانسيه - بحيثُ قد تكفيك بالكاد للتعرف
على من حولك لكنها كافية لتكشف عيون الحبيبة وعمق الوجع
المقيم فيها؛ (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ
مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ
يَرَاهَا وَ مَن لَّمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّور).

# هنا عليك بالصبر والسُّلْوان و الدعاء. عليك أن تنسى كل ما يتصل
بالذوق والجمال في حدوده الدنيا وأن تنسى إنسانيتك و احتياجاتك الطبيعية،
فمسألة المراحيض، على سبيل المثال لا الحصر، شئ آخر، والأفضل ألا تزرها
كي تحتفظ في جوفك بمحتوياته رغم أنها تُنْبِؤ عن نفسها بسبب رائحتها (النفاثة)
النفاذة . تقف إلى جانب حزام الحقائب لما يزيد على الساعة بانتـظار أن تُبَث فيـه
الروح ، لحظاتٌ كفيلة بتبديد ألف ميجاوات من الحنين للأهلو الصحاب و التراب،
شعور مصحوب بوجل من تلاشي حنين مزمن تمليه قوى خفية تمسك بتلابيب الخاطر
و (تقبقب) الروح حتى تُحار في ماهية ما تقمصك و أنت تمر بذات الوجع في كل مرة.
شعور متناقض يجتاحك ثم ينحسرمد إحساسك الطيب تجاه الأرض والناس بسبب فداحة
فاتورة اللقيا والثمن العالي الذي يهزم جيوش اشتياقك، رغم أن لقاء الأحباب أقرب إليك
من حبل الوتين. لكن مايلبث أن يرتد إليك ما تكن للأرض والأهل من مشاعر عند
أول عناق.عجيب أمر ذلك البلد، تخرج منه ولا يخرج منك حتى يواريك ثراه.

{22}[}
]} تمر ساعة من الونسات المؤقته المتبادلة و التذمر
المشترك الممزوج بالسخرية من المشهد ومن الذات ،
تسمع صافرة تعلن أن (السير) سيتحرك ، تنتظر في جَلَد
مريب حقيبتك دون إنذار مسبق، تمر من أمامك حقيبة
حُزمت بالحبال وومكتوب عليها إسم صاحبها بطريقة
تكشف لك أنه لم يخطط للعودة و لكنها أسعار زيت
الخليج (واهب اللؤلؤ والمحار و الردى) على رواية
السيَّاب ، تمر أمامك عدة مرات في كل مرة تمد
لسانها إليك في امتحان لصبرك أو بادرة
تسرية على نفسگ من الحزام من باب
(القحة ولا صمة الخشم).

[} بعد إحساسك بالدوار و فقد السوائل بسبب التعرق
والوقوف لساعات كحرس القصر تصل الحقيبة وهي شفي
الواقع "وصية" أرسلت معك، فنحن من أمة لا يتورع أهلها
أن يرسلوا معك حقيبة زنة ٢٠ كم ، الواحد منهم يسألك
عما إذا كنت (شايل معاك حاجة)؟.

[} فترد شايل همومي و ما قد يكون ضروريا لعطلتي،
فيفيدك أبنه سيرسل معك (شيئا بسيطا) فتومئ موافقاً
بحسبان أنه سيرسل دواءا أو مظروفا فتعرف أنها حقيبة
بالغة راشدة في كامل وزنها الإجتماعي و شحنتها گاملة
الدسم و گتلة حجمها المعتبره شرعا و قانونا.

[} تسأل نفسك سرا :أيظن أمثال هؤلا ء بأن
حقيبتك و متعلقاتك سوف ترسلها بالأيميل أو
الواتساب أو ترفعها على الآي كلاود لتتلقاها
طردا عبر الأسير في البلد الأمين؟!!

{23}
[} تصبر وبعد أن ينفد الصبر تصبر تارة أخرى. تبرز الحقيبة الأسطورة ضاحكة بسبب فتحات مستحدثة كنتيجة لل (هاندلنق) بين المطارات. تفرح على اجتماع الشمل فالله على كل شئ قدير، فرحة كالشهقة الناقصة بسبب ما لحق بالحقيبة من جراح، تنزل حقيبتك من على العربة وتتجه إلى المخرج وأنت لا تدري ما الذي ضاع منها، سرعان ما يعاجلك شخص يتطوع لوضع الحقيبه أو دفع العربة و قبل أن تشكره أنك لا تحتاج المساعدة يبادرك بطلب (الحلاوة) فتندهش كيف سافر هذا المصطلح
التعيس من شمال الوادي إلى ربوع بلادي عكس تيار النهر الخالد!!

{24}[} و أنت تهم بمغادرة (الهنقر) الحزين يعيدك بعض الموظفين و هم جلوس ممددي الأرجل، إلى قسم الجمارك بزعم أن متقلاتكتحتاج فحصاً، بينما البلد يعج بكافة أنواع السلاح الثقيل (قطاع خاص) فتعود إلى طاولة الجمارك بعد مناورة بالعربة لا يقدر عليها إلا فطاحيل الميكانيكا و الطلاسنة الحواة.
[} تغادر المبنى لتتنفس بعض صعداء التراب المغربل في الخارج حيث تصادف كل أنواع البشر والمهن و الحرف، الكل يريد ألا تفوته الفرصة لينل منك ما لا يستحق، يأتيك من يستقبلك فتخرج لگ من باطن الأرض گتيبة من العتالة ليرفعوا عفشگ الأسطورة إلى السيارة و يبادرك الناطق الرسمي باسم تلگ الجمهرة بأن تدفع (الفيها النصيب).

{25}
تتجه إلى خارج المطار وتسأل مرافقك عن الراعي فيجيبك أنه (في الحج)، رحم الله ابن الخطاب فالبلد كلها نوق عثرن بالشام وما من مجيب. تندهش أن بلدا بهذا الحال أنى لولاته أن يفكروا في مجرد السفر خارج الحدود بغض النظر عن مقاصدهم، و يختلج في الخاطر سؤال: أتراهم غادروا من نفس (المطار) أم من منفذ آخر؟ تجري سيارتك في الشوارع التي لا علاقة لها بالشوارع في مدينة حزينة تحتشد بأكوام أوساخ وحرائق صغيرة أشعلها البعض للتخلص من القمامة المختلطة بمياه الأمطار الخضراء جراء مساهمة الطحالب المعطونة بسفهِ السلطة مع جبال أنقاض تجاور مبان مطلية بأصباغ الفجيعة هي في حقيقتها قلاعا تمثل هزيمة أمة وتعبِّر بصدق عن ما تبخر من رجاء في وطن بطعم الوطن.

[} مبان كتب عنها أحد الزائرين الأجانب أنه لا يعرف ما إذا كانت تحت الإنشاء أم أنها جاهزة للهدم. تمر من إشارات المرور التي لا يحترمها جل السائقين فتحار في كيفية نيلهم رخص سواقة تلك القرمعبات، يمرون على إشارات المرور المضيئة بكل ألوان الطيف دون تردد، فمن أمِن العقوبة أساء الأدب، سرعان ما تتجاوزك سيارات من كل الأنواع سيما رباعية الدفع تلك التي لا تحمل لوحات، نعم، تتجول في كل مكان و زمان دون لوحات هي وعدد لا يستهان به من الدراجات النارية في غياب تام لأدنى أصول الأمن و السلامة و الإنضباط مع إعلان صريح للكافة ألا سلطة إلا لسائقيها وإلا كيف نبرر تلك الظاهرة؟!

[} بعض تلك السيارات مطلي بطلاء مموه بما يوحي أنها تتبع جهة (نظامية) ما، و على ذكر (نظامية) هذه، ففي و قرفستان أصبح للكلمات معنى غير الوارد في المعجم، فالنظام و الأمن لهما مدلول مختلف عما
هو متعارف عليه. تتجاوزك من جهة اليمين سيارة كآخر موديل من المرسيدس مسرعة بين الحفر والخيران والجداول المكشوفة التي تعج بالناموس ونبات العُشَر في توأمة مجيدة بين شتوتجارت و وسخستان، يتهادى على يسار الشارع لوري بدفورد (سفنجة) نزع منه كل ما يتعلق بالإضاءة و معايير السلامة والراجح أنه جيء به من متحف الشركة وتخريبه عمدا ليتماهى مع محيطه، عليه شحنة برسيم تعانق السماء مع هامش للتوزيع من البضاعة على الشوارع، فالناس شركاء في ثلاث النار والماء والكلأ وزدنا عليها (الزبالة). على يمينك حافلة تجري بالعذاب ولوري (أوستن) موديل ١٩٦٨ (أبيض ضميرك) ، رضي الطيب عبدالله أم أبى، يتهادى بشحنة خراف بعضها ملَت الدرب وكرهت المسير كما غنى سيد خليفة، وأخرى تتفرج بعيون ناعسات على سيدة القرى وتبكي النهاية.تمر من خلال طرق لا يأبه الناس بأدنى حقوقها، بشر يسيرون
في قارعة الطريق و على جنباته بلا هدى و لا هدف ولا غاية، يجرجرون أذيال خيبة مزمنة معها ما تبقى من أجسادهم وأسمائهم وأسمالهم بأسلوب العرض البطئ فتدرك أن (الزومبي) ليس خرافة.

(26)
(11)
[} عندما تبلغ بگ العير مشارف دارگ يدهشك غياب،
ليس فقط (عذارى الحي) ، بل و كلاب التي لم يبق منها
سوى من خانتها قواها على الرحيل، و بالسؤال يأتيك
الجواب أشد إدهاشا من دليلگ السياحي: أنه في ما
آلت إليه أسعار اللحوم صار العثور على عظام
الضلافين في أكوام القمامة ترف يشتهى.

[} تمر السيارة من خلال الأزقة لتصل منزلك،
في ذلك الحي الذي اقتطع الكثير من قاطنيه كل
منهم عدة أمتار على حساب الشارع و أقاموا عليها
سياجا لرگن سياراتهم أو زرعوا فيها نباتات أنانيتهم
المروية بسبات المسؤولين من أهل الكهف، فهولاء أيضا
لهم قضاياهم وهمومهم الخاصة لكنز ما خف وزنه و ثقل
ثمنه من غنائم التمكين و التزاوج مثنى فثلاث و رباع . أما
أصحاب الدكاكين فقد صادروا مساحات إضافية من الشارع
عرضوا عليها بضاعتهم فلم يعد بالإمكان المرور بيسر في تلك
الطرقات المنكوبة، أضف إلى ذلك المشهد ما خلّفه البعض
من مواد بناء في قارعة الطريق قبل أن تتكفل الأمطار
و مستنقعات الطحالب بإكمال اللوحة التراجيدية.

[} هنا يداهمني حنين غامر إلى نقيق الضفادع وكرنفالات
البعوض الملوِّن للمساءات بسيمفونيات الخلود، لن يجادلني
شش أحد أن بحيرة البجع من تأليف نيرون ولتشايكوفسكي
الحريق و حسن العزاء. كيف حدث هذا؟ سؤال يعلم الجميع
إجابته ولكن تخفيه ذاتك عن ذاتك خجلاً و انكساراً، فجميعنا
شريك في الجريمة وكما قال مظفر النواب: لا أستثني أحدا..

{27}
[} مرق في صبيحة اليوم التالي فيحلزونية
لأداء الواجبات الإجتماعية التي لا تحتمل أي تأجيل،
بدءا بتعزية الحزانى ممن فقدوا أحبابهم بأسباب تتعدد.
في الطريق تتوقف حركة السير لكي يمر رتل من العربات
المصفحة و مظللة الزجاج تسبقها صافرات (السارينا) فيقال
لك إنه موكب لأحد المتنفذين. فتظن أنو القبة تحتا مهاتير
محمد أو جواهر لال أو تيتو أو نكروما أو شارل ديجول أو
أنجيلا ميركل أو لي كوان يو وحبيبنا نيلسون مانديلا ، أو
أي ممن صنعوا أوطانا تناطح السحاب. و لكن، سرعان ما
يتمخض الموگب المهيب ليلد فأرا فيتبين لك أنه لأحد
الأراجوزات المروجين لوجبة ال (الهوت دوغ) السريعة.

[} موكب كل سيارة فيه تزيد قيمتها على المليارين
من الجنيهات بالجديد و المنتزعة من دماء الشعب
قطرة قطرة والأطفال يفترشون الأرض لتلقي العلم
في العراء ، وبعضهم أسلم الروح لغياب أدنى لوازم
التشافي. تلتفت إلى مقالب النفايات والزمان فتجد
طوابير المشردين تنبش فيها ليوفروا قوت يومهم .
تعيد السؤال لرفيقك: هل أنت جاد في قولك إن
ولاة الأمر وقوف على صعيد عرفات الله،و على
يقبن بأن الله سيتقبل منهم حجا مبرورا؟.

{28}
[} في سرادق العزاء تسمع عن كل شئ، تنطلق ألسن الناس
بلا كوابح، يتحدث بعض المعزين بصوت جهير عما دار بين بعض
(شيوخ البذاءة) من معارك وما تبودل على الملأ من ساقط أقوال
نقلتها وسائط التواصل الإجتماعي التي لولا طرائفها لمات الوالي
كمدا كما سمعنا. قالوا إن الأمر لن يمر كسحابة صيف ، لكن آخر يرى
أن ليس في الأمر عجب ، فما جرى هو الأصل و أن الجميع يتبادل
فاحش القول سرا و لن يُحاسب القائل و القاتل لأسباب لا تخفى حتى على تلاميذ مرحلة الحضانة ، بأسهم بينهم شديد و القاسم المشترك هو العيش (التعاشري) كما في قصة التمساح و الطائر الذي يتغذى على بقايا اللحم في أسنان التمساح فيشبع من تنظيف أسنان الأخير و هكذا تسير الأمور في ألمستان. إنه تحالف السلطة والمال، تصاهرتا فانصهر الشعب وتبخر أي أمل في أي زاوية من النفس بغدٍ جميل. في ناحية أخرى من تعلو الأصوات و لغط حول أسباب خسارة الفريق الفلاني و ليأن ذلك مرجعه إلى تولي الدخلاء مصير الرياضة فكل شئ في خذلانستان
يشترى بالمال بما في ذلك رئاسة الأندية والألقاب الأكاديمية فأصبح السواد الأعظم من سكان البلد من حملة الدكتوراه ودرجة الأستاذية حتى تخال أنك في وادي السيليكون أو معهد ماسيوسيتش للتكنولوجيا قبل أن يعيدك إلى صوابك من يقف للتبول في مجرى مواز للطريق وغير بعيد عن جار قرر التخلص من بقايا الأضحية عند باب بيتك.. فتتجاوز عن إساءته عملا بوصية (الدين) ولإدراكك أنها الفردانية الشرسة التي انتظمت البلاد نسجا على نول عشيقة لويس، أنا ومن بعدي الطوفان. ينصحك مرافقك أن دعه، فلديك ما يكفيك من حروب وليس هناك ما يستدعي المزيد منها. يقول حمزاتوف: شيئان في الدنيا يستحقان المنازعات الكبيرة وطن حنون وامرأة رائعة الجمال، أما بقية المنازعات فهي من اختصاص الديگة.

{29}
[} تغادر سرادق العزاء لمعاودة المرضى وأداء طقوس الوداع
الأخير لمن زرتهم و دعوت لهم بالشفاء جهرا و رددت سرا: أنتم
السابقون و نحن إن شاء الله بگم اللاحقون ، تتجه لتهنئة من دخلوا
القفص الذهلي أثناء غيابك ثم من صادفت احتفالهم معبرا لهم عن
فرحك بإنجازهم ، تبارك لهم شجاعتهم و جرأتهم و يتردد في حلقگ سؤال يعارض تسونامي حالة الحب و الغيبوبة التي تسبق عقد القران : ماذا أعددتم لقادم الأيام الكوالح المسهدات؟ و هل مهدتم الأرض لأبرياء في الطريق؟ تغشى صالات (الأفراح) فقط لتؤدي التزامات إجتماعية،
تلك المناسبات التي لم تعد لحظات لاحتفاء من القلوب المضرجة بالفرح كما عهدناها في الأيام الخضر بقدر ما هي سويعات من النفاق المكلف ، تلتقي العروسين و (أولياء أمورهم) الذين أفنوا مدخرات العمر لتحترق في ساعتين من التنافس في المظاهر الخادعة و الزار الدائري، تمر بين الطاولات لا تكاد تميز بين البنات فجميعهن بلمسة (ميدوزا) أصبحن بلون واحد و ملامح مشتركة و لولا الفوضى في كل شئ لظننت أنك في حفل بعلب الليل في شانغهاي، تلاشى لون بناتنا الأسمر و القمحي و الخمري الجميل دون سابق إنذار و الوجوه اشتعلت بدرة و دقيقا و أشياء أخرى، تحرص على مصافحة أهل (الفرح) المؤقت فقط لتسجل في دفتر الحضور كمراوغة خفية للعتاب، هنا لا تسمع من كلمات المجاملة
حرفا فالكل مشغول مع المغنية وهي تعوي: (انا جيتك يا خاينة
و أنتي صاحية و لا نايمة ... لو أنتي مرتو الاولى أنا ببقى
ليهو التانية .. مغرزة .... جب جب جب..)
[} ... تحث الخطى مغادرا ذلك المفاعل النووي الهيستيري
الخطير عائدا إلى حيث أتيت درءا لما يمكن أن يصيبك بسبب
الضجيج المنضّب والمظاهر التي تتضاد مع عموم الحال مدفوعا
بقلق على راحلتك في الخارج والتي يندر ألا تكون قد تعرضت
لاختفاء بعض أجزائها، تصلها وصدى العواء يلاحقك (خالتو
الشمشاره لافحة توبا لشمارا .. كان ما عجبتا الحالة تقعد
تربي عيالا، و برضو عروسنا حلوه حلا، الصفقة،
الصفقة، الصف.. الص).

{30}
[} تتلقى دعوة من صديق قديم لكوب شاي في ذلك الفندق
الأنيق الفاحش الغلاء فتلحظ بنظرة سريعة أن معظم الرواد
من فئة لا تخطئ العين أنهم من مستحدثي النعمة ، بفرضية أن
المال في يد البعض نعمة ، يتبدى ذلك جليا في طريقة الهندام
و مواضيع الحديث والقهقات العالية السمجة منزوعة الذوق
مع أحذية (تحلل) عنها أهلها تحت الطرابيظ مؤقتا لأغراض
(التهوية) و عمائم وضعت على الأكتاف و ثمة نفر بذلوا
جهدا للتفرنج في مظهر يبعث على شعور يتراوح بين
الرثاء والبكاء، كل المشهد يولد فيك إحساسا باليتم.

[} من السماعات تخرج مقطوعات صولو الساكفون
المعروفة لكيني جي، خجلى تكاد تتوارى، تجول بناظريك
حول المبنى والحضور فتحسب لوهلة أنك أمام لوحة سوريالية
لدالي أو في مشهد من مسرح العبث، فلا تدري هل ما ترى كونشيرتو لعوضية مفكات أم أنه ديسباسيتو بالكوارع.. تسأل محدثك كيف يديرون هذه الفوضى وكيف يتم التخطيط للغد في هذا البلد وما إذا كان هناك أدنى إحساس بأن الجميع في خطر عظيم وفي اتجاه واحد نحو الهاوية؟ يرد بابتسامة ساخرة وحزينة في آن، فالبلد جميعه غدا ضربا من مسرح اللامعقول، بلد لاشك أنه يدار ب (ست الودع أرمي الودع لي كشكشي)، ولأنك تحسب أن محدثك من العالمين ببواطن الأمور تسأله عن المآلات فيبادرك بالنصح أن تنسى هنا كل شئ تعرفه عن الخارج لأن وجعستان في كوكب آخر وأن عليك تغيير (السوفتوير بتاع برة) بمجرد دخولك أجواء البلد. الشئ الآخر أن عليك بالصبر حتى يعجز الصبر عن صبرك،
ثم بعد نفاد صبرك تصبر مرة أخرى حتى تذهل كل مرضعة عما أرضعت فجل من ترى تشجيهم رائعة العميد (فارِق لا تلم ...أنا أهوى الألم.

{31}
[} تؤدي الجمعة في المسجد القريب بتوقيت انقطاع التيار مستمعا
لخطبة عن تهجد ابن قتاده كدواء لمزمن الأمراض وكيف تكون جهنم
في فقه ابن معديكرب وما كان يردده أبو حنيفة في صلاة الميت و دعاء المتوفى عنها زوجها وما يجب أن ترتدي من ثياب في عدتها وكيف يكون عذاب القبر وفصيلة المامبا المكلفة بمعاقري الخمر والكوبرا المخصصة للمتبرجات، وكيف انطفأت (لمبات) حصن خيبر وكيف انتهت موقعة الأحزاب بالدفاع بالنظر، وعن رأي الحنفية في غسل الميت وما يفضله
البن حنبل من كفن وكم يلزم الأرملة من حزن طويل التيلة، ثم يذرف الدمع الهتون على القمرين النيرين، خطيبنا تحدث في كل شئ عدا موقعة الرغيف وفساد الذين استباحوا ما تبقى من البلد ولا ذِكر للحاويات التي تهربها قبيلة هوازن أو المال العام الذي استباحه بنو قينقاع يا أخا العرب، ولا السرطان والكوليرا وفشل السد والكٌلي الذي انتظم مضارب بني هلال.

[} يختم خطيبنا بالدعاء الدائري على أهل الكفر والإلحاد ذو العرب الذي أراد بالبلد سوءا فنحن مستهدفون لتمسكنا بديننا لكنها ابتلاءات فما لدنيا قد عملنا والأفضل أن ننساها ونعد النفس للآخرة، فتسأل نفسك: ما لهذا الرجل؟ يا رعاك الله أتظننا أحياءا؟ أولم تسمع قوى الشعب العامل تردد مع (الخُدير) وهو يحتضر: أنا ماني حي!

(32)
[} بلد تنصب فيه المحاكم السريعة لجلد الحرائر بجنحة ارتداء البناطيل و(تتحلل) فيه جيوش اللصوص ممن نهبوا بلدا بحاله فذهبوا بما غنموا دون أن نسمع مجرد صوت لوم أو تقريع لهم عن ما جنت أياديهم.
[} بلد تأكل الحرب منسأته و ينهش الساسة قلبه و تحفه المآزق من
كل جدب و صوب و الخطباء والساسة يدعون على الكفار لرل نهار
و يشحدون ترمب المدفع الرزام الدقاتو من حظرك سرا أن يرضى عنهم
و أنت تغادر المسجد يسبقك الإمام إلى سيارته الفارهة و يليله رفاقه من
أولي الأفهام و اللحى المعطرة يتضاحكون متكرشون حتى تفحمت الرقاب و في المقعد الخلفي لل (برادو) تتوهط بطيختان ضخمتان فتعرف من عناهم بالقمرين النيرين مع بعض صناديق التفاح اللبناني الذي باركه ميشيل عون وحلويات شامية بخاتم جيش النصرة!! گؤف و لم لا فالمؤمن حلوي بطبعه. الخميس كان مباركا وكذا ستصبح الجمعة
مثنى وثلاث ورباع حتى ليلة السبت و (يا حلوة العينين يا أنتي).

{33}
تمضي أيامك سراعا قبل أن تستوعب ما يجري فتحمل ما تبقى من حقيبتك المحشوة بتقرحات الروح وجسد غادرته بهجته وملَّته مهجته لتتقاذفك مطارات الدنيا، وأنت بصالة المغادرة تعيد شريط أحداث انقضت في لمح البصر، حزينا ترتل ما تيسر من سورة الحزن وتغرق في حال لخّصه القائل:

مَتى مِن طول ِنـَزْفِكَ تَستـَريحُ ؟
سَـلاماً أيـُّها الوَطـَنُ الجَريحُ !
تـَشابَكَت النـِّصالُ عليكَ تَهوي
وأنتَ بكلِّ مُنعـَطـَفٍ تـَصيحُ
وَضَجَّ المَـوتُ في أهليـكَ حتى
كأنْ أشـلاؤهـُم وَرَقٌ وَريـحُ !
سَـلاماً أيـُّها الوَطـَنُ الجَريحُ
وَيا ذا المُسـتـَباحُ المُستـَبيحُ
تـَعـَثـَّرَ أهلـُه ُبَعضٌ ببَعض ٍ
ذبيحٌ غاصَ في دَمِه ِ ذبيـحُ !
وأدري ..كبـرياؤكَ لا تـُدانَى
يـَطيحُ الخافِقـان ِوَلا تـَطيحُ
لذا سَتَظلُّ تـَنزفُ دونَ جَدوى
ويَشرَبُ نَزفـَكَ الزَّمَنُ القبيحُ !
سَـلاماً أيُّـها الوَطـَنُ الجَريحُ !

(34)
[} تغيب عن ما حولك وأنت تواجه بوابة المغادرة وفي النفس أمنية أن يأتي مندوبا من الناقل ليعلن أن الرحلة ألغيت وأننا سنعود إلى بيوتنا وأحبابنا وأحزاننا وأفراحنا وحتى من زرع الوجع فينا، لكن (الأماني إذ نشتهيها .. تعلقنا من سراويلنا في الهواء) لكن سرعان ما تأخذنا الحافلات إلى طائرة لها أثر التابوت في النفس .. تقلع طائرتك فتلقي نظرة أخيرة على النيل من النافذة دامعا:-وتقول سلاموتعيد سلامعلى ..نيل بلادناوشباب بلادناونخيل بلادنا

[} و حتى يعرض مسرح الوطن تراجيديا أخرى ذات
ميسرة، أو ريثما نعود بلا وثائق ولا حقائب ولا أشواق في
صندوق شحنة (كارقو) يتلقى المرسل إليهم العزاء مسرعين
به إلى حيث لا سلطة و لا مال و لا تعب و لا نصب و لا لغوب
و لا مولاة و معارطة و لا رفث و لاجدال و لا هم يحزنون .

(35)
لا يمككنا المرور كراماً من هنا ، دون أن نذكر شاعرنا
الراحل و المتأبط شراً / محمد الواثق و المتقمص لرداء وإزار
حطيئة العصر و الذي ، لكأننا صدقنا ظنه فينا ، فمنحناه ذريعةً جاهزةً و
فتحنا له (شهوته) العارمة كي يتصدى بهجائه المقذع لمعظم مدننا الفاضلة و
نجوعنا الوادعة النائمة على دروب التنمية . فلم يكد يدع سيرة أية ناحيةً و شأنها،
إلا و صب عليها جام السب و اللعن و (خت ليها مع الكلب الأكل الدريش) . أما في
ديوانه الأشهر(أم درمان تحتضر)، نال الواثف من قداسة أمدرمان وهي رمز عزة
السودان(الطابية الماقبلة النيل العافية التشد الحيل.) مما أثار ضده ضجة ً كبرىو حنقاً
شديداً ، خاصةً عندما نُشِرتْ له قصيدة (نساء أم درمان) ، ثم راحت تتواثب قصائده
تباعاً كما الألغام في ساحجات الفداء . و عندما بدأت بحار العواصف تسكن و أمواج
الغضب تهدأ، ألقم الواثق تلك المياه حجارة أخرى، عندما هجا مدناً و مناطق سودانية
أخرى وهي كسلا، مدني، الحيصاحيصا، توتي ، كوستي ،و حلفا و حتى نهر
النيل الخالد ، سليل الفراديس لم ينجُ من زفارة لسانه القذر . و كاد
بعض هذا الهجاء أن يزج به في هياهب السجون كما سنرى .
قال عن أمدرمان و حرائرها:
كيف العقارب فى لبات غانية
تخفى مساربها أثوابها القشب
أبدت مفاتنها هونا تراودهم
حتى استكانوا وزالت دونها الحجب
لانت عريكتها حتى أريكتها
نامت عليها رجال بعضهم جنب
الليل ما بذلوا مهر البغى له
والكأس ما طاف فى حافاتها الحبب
وغار كوكبهم ما انفض سامرهم
الخمر تسلب وام درمان تستلب
حتى اذ انتبهت خرقاء من سنة
وقد تحجر فى أجفانها التعب
تلمست جزعا أطمار عفتها
كان الذى افتقدت بعض الذى نهبوا
ثم استشاطت وقامت كى تناجزهم
وصرّح الشر فى عينيها والغضب
لكنّهم هربوا
حتى اذا همدت غلواء حدتها
عادت لسيرتها اذ شاقها الطرب
ياشيخة طرقت من قبل ما يفعت
مشت بسيرتها الركبان والحقب
يا امنا من أبونا ؟ ما حملت بنا
الا سفاحا فكيف اليوم ننتسب؟
هذى نساؤك يا أم درمان قد رضعت
من عار ثديك لم يحفل بهن أب
بهرجة من حريم بعضها نبهت
لكنها كرهت ماقالت الكتب
من كل ناعسة غيداء آنسة
اصباغها مسحة فالخد يلتهب
وصدرها هودج حينا ترجرجه
وردفها ما تباكت حوله العرب
والعرض يا سلعة أسواقها نفقت
ما كان يبتاعها الا الألى ذهبوا
@ ديوان الواثق قد لا يخلو من رمزية يفضي الى
مقاصد و مرامي قد لا يراها الناس العاديون بالعين المجردة.
و لكنه نظرالكثيرين لا يعدو كونه قاموساً يضم صنوفاً من الفُحْش
الإقذاع والبذاءةو هي سمات لا يتصف بها إلا سفيه قليل الأدب، رقيق الديانة).
ففي هجائه شئٌ غير يسيرٍ من الكراهية و الاحتقار النابع أصلاًمنعجز خلقي في
نفس يعقوب، مما دعاه لكل ذلك الفجور. تزاحمت الردود ما بين قادح يقول : إن
دافع محمدالواثق لهجاء المدن هو الحقد ، و البعض قال: بل إندافعه العبثية؛و قال
آخرون : إن غرضه تهديم واقعٍ مريرٍ لا يسر عدواً و لا صليحاً، لكي يبني على
أنقاضها مدائنَ أفلاطونية ٍفاضلياتٍ، لا وجود لها سوى في خياله الساهم
الواهم، و ذهبت طائفةٌ إلى وصمه بشيطان الاستعلاء الصفوي
الذي عادةً ما يتلبس بعض المتعلمين وأنصافهم

وهل كل ما تحتاجه منا الدولة هو المدح والثناء والتمجيد والفخر؟!
والله ذلك وحده لا ينفع ولا يشفع
بل فعل ذلك دون ما يلزم من إخلاص وجد وإنكار
لعبث العابثين بترابها يكون ذلك هبل وخبل.

(36)
بالطبع كَلَّا و ألف لا يا أخي منتصرـ
و لكن ليتنا لا ننسى مقاصد البوست و المعنون
"يَخْلِطُونَ بين فَسَادِ الحَوْكَمَةِ قداسة الدولة" بمعنى الوطن ،
® ولكن لما مدَّ الواثقِ لسانه طويلاً ، ليُقْذِعُ في هِجاءِ الناس المدن
بلا موضوعية حيث يقال ( إن القلب مرجلٌ و مغرافه اللسان)و إن شئت
فيرواية أخرى قلت: ( إن كلَّ إناءٍ بما فيه ينضحُ) . فالشاعر محمد الواثق
المتوفى مؤخراً و المُتَحَدِّر من حِليلة يقال لها (النَّيَّة) أو بالأحرى (النَّيِّئَة)،
إذا ما عرَّبناها. و هي قرية منسية نائية مرمية بأقاصيالريف الجنوبي لمدينة
بحري. إنه رجلٌ دميم الخلقة ذميمُ الخُلُقِ و نفسه بغير جمال و كأنما لم يرَ في
الوجود شيئاً جميلاً. و قد نال شهرته من باب نظرية:(خالف تذكر)؛ إذ اشْتُُهِِر
بالهجاء، حتى حاز على لقب (حطيئة زمانه) بلا منازع؛ لدرجة أن عينه
لم تكد تقع على أي مظهر لآلاء الحسن والجمال و إلاقَبَّحة بشعر
ركيك قلباً و قالباً مضموناً ينضح قدحاً و تشهيراً.

® ربما ليست للمدن قدسية بدليل أن الخالق عز وجل وصف مكة
بالبلد الظالم أهله؛ و أنها وادٍ غير ذي زرع ؛ رم أنه جعل فيهاأول
بيتٍوُضِع للناس و جعل منها أحب البقاع لأسيد ولد آدم نبيه محمد
ولا فخر.و حق لأي كائن أن يضيق ذرعا بأي مكان في بلاد الله
الواسعة بل طولب البشر بالمهاجرة من البلدان التي يجدون
أنفسهم فيها مستضامين أو مستضعفبن في الأرض.
********(∆∆∆)*******
∆ و بدورنا حق أن نتساءل: و من أين لفاقد ثقةٍ في كل شبر من أرجاء وطنه
أن يجد لها أثراً حيثما حل و ارتحل. و لعل من سوء طالعه أن توافي منيته أحداثاً
جساماً لم تدع لأحد مجالاً لسماعنا نبأه أو لحمل نعشه أو حتى اتباع جنازته؛ ليس بأقلها
فاجعة رحيل شاعر أفريقيا و ابنها البار الثائر/ محمد الفيتوري، ذاك الذي صدح بلحنه
الفرعون/وردي في " أصبح الصبح و لا السحن و السجان باقٍ". فشتان ما بين طودٍ
عظيمٍ أشم و بين (لاواثق)، أقل ما يقال عنه أن يأباه ذباب جلده، فيضيق به ذرعاً،
و قد امتشق قلماً لاذع المداد، ماسخ المفردة و قد ارتدى نظارةً حداد كالحة
السواد، و تقمص نفساً عاشت عمرها تتوخى قبل الرحيل الرحيلا.
********(++++)*******
¶ و لعل من أردأ مستنقعات هجائه جمعها في دوانه (أمدرمان تُحْتَضَرُ)
و الذي أفرد صفحات سوداء للقدح في سيرتها بأشنع ما قيل في حق بلدٍ.
و كذلك الخوض في أعراض نسائها ببذيء القول و بفاحش اللفظ:
إن زانها أدب
أو لونها الذهب
ما نفع مظهرها
لو جسمها خشب
قل للألي ضاجعوا أمدرمان واغتربوا
كيف المصارع بعد اللهو تنقلب؟
كيف العقارب في لبات غانية
تخفي مساربها أثوابها القشب؟
أبدت مفاتنها هوناً تراودهم
حتى استكانوا وزالت دونها الحجب
لأنت عريكتها حتى أريكتها
نامت عليها رجال بعضهم جنب
الليل ما بذلوا مهر البغي له
والكأس ما طاف في حافاتها الحبب
وغار كوكبهم ما انفض سامرهم
الخمر تسلب وأم درمان تستثب
حتى إذ انتبهت حرقاء من سنة
وقد تحجر في أجفانها التعب
تلمست جزعا أطمار عفتها
كان الذي افتقدت بعض الذي سبوا
ثم استشاطت وقامت كي تناجزهم
وصرح الشر في عينيها والغضب
لكنهم هربوا
*****
حتى إذا همدت غلواء جدتها
عادت لسيرتها إذ شاقها الطرب
يا شيخة طرقت من قبل ما يفعت
مشت بسيرتها الركبان والحقب
يا أمنا : من أبونا ما حملت بنا
إلا سفاحاً فكيف اليوم ننتسب؟
هذي نساؤك يا أمدرمان قد رضعت
من عار ثديك لم يحفل بهن أب
بهرجة من حريم بعضها نبهت
لكنها كرهت ما قالت الكتب
من كل ناعسة غيداء آنسة
أصباغها مسحة فالخد ملتهب
و لم تسلم من طعنه و لعنه مدن حلفا و كوستي و أرض المحنة
فيقلب الجزيرة و قطنها ، و طوفان نهر النيل الخالد و القادم لا
محالة ليهدد يمحو جزيرة توتي من على خارطة الطريق!؟.كلها
شتائم ذيلها بدواوين له تناولت بالرثاء حتى شقيقه و والده. يحث
استغاث فيه الواثق بالموت. قال (يا قطار العمر متى السفر).
فما ذنب و ما جريرة كل هؤلاء ليصب عليهم جام حقده؟!
********(+++)*******

(37)
® فهو قد هجا العديد من مدن السودان بتلاطيش قصائد مقززة بعد أن أفرد ديواناً أسماه كم أسلفنا:
(أم درمان تحتضر) للتطاول على محراب الفن و الجمال في بلادي ،حيث (الطابية المقابلة النيل).
و العافية التشد الحيل) و مفرخة الثوار، حيث (بوابة عبد القيوم) و( بيت الخليفة)ذلك السور العظيم
المشيد من الطين بثقوبه المنتظمة مقاوماً لعوامل التعرية عبر الدهور.كان تصديها بطولياً لجحافل
الغزو البريطاني و كان مجهوداً حربياً من رجال صنعوا مجداً لبلادي.
@ الطابية رمز يجدر بالعناية و قبلة للثوار و هي تقف مطلةً في صمتٍ صاخبٍ على الشط كأنها
تتحرق شوقاً ليوم فيه ذكرها؛بينما النيل من هنا يلثمها بأمواجه ، و تفرد له أعطاف بانها.و يا خوفي ،
إن صدقت أحاديث تدور الآن و تنذر بإزالة صرحك الشامخ الراسخ في جذوز وجدان أهل السودان
و الذي بزواله تكون أم درمان قد تيتمت.

¶ و للمفارقة ، أننا عثرنا على ردودٍ لا تخلو من طرافةٍ نشرتها صحف سيارة آنذاك، يقول الدكتور
خالد المبارك في إحداها: (و حينما وزع الشاعر/ اللاواثق، الأستاذ بشعبة اللغة العربية بجامعة الخرطوم ،
وزع بطاقات الدعوة بمناسبة زواجه غير الميمون، تساءل بعض المدعوين من ظرفاء قاع المدينة عن
الناحية التي تنتسب إليها عروسته تعيسة الحظ ؛ وجاءت الإجابة : "أنها من بنات قلب أم درمان" فابتسم
السادة/ الحضور بخبث، لأدركهم أخيراً لمدى حنكة و بلاغة رد هذه المدينة المفحمة على ترهات شاعرٍ
رويبضة أفتى في شأنها بهجاء موجع). و رغم كل ذلك جاء ود الواثق ، بجرة قلم ليذكرها كما غيرها
بكل سوء. و حتى النيل، سليل الفراديس/ هذا النهر الخالد لم يسلم من زفارة لسانه ، إذ يقول عنه:
و النيلُ أدْكنُ في سِلسالهِ كدَرٌ**
مِمَّا تبولُ عليه الناسُ والغنَمُ..

(38)
و تستمر مناحات هجاء المدن لدى الواثق لتمر مروراً عابراً بمدينة الحصاحيصا
و تصيبها بوابل من رشاش قاتل، ثم تنتهي بمدينة ودمدني التي جاءت في وصفه بخيلة
لا تجود. و في هذا استدعى الشاعر أخطر معاني الهجاء في الشعر القديم فأتى بما يشبه
التناص لبيت ومعنى للحطيئة مشهورين. يقول الواثق في قصيدته (مدني):

لولا العُلا لم تجب بي ما أجوب بها ** وجناءُ حرْفٍ ولا بصات ودمدني

أقول للحصاحيصا إذا مررت بها ** آويتِ من طردتِ يا بؤرة العفنِ

غادرتها وطريق الموت تحففه ** قرى الملاريا حذاء الجدول العطنِ

حتى توجهت والأقدار ماثلة ** لمعشر زعموهم سلة الوطنِ

قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم ** قالوا لأمهم بولي على القطنِ

شحت ببولتها وهو السماد لهم ** بئس السماد وبئس القطن يا مدني

(39)
® و لكن لما مدَّ الواثقِ لسانه طويلا ، ليُقْذِعُ في هِجاءِ
أرض المحنة و من قلب الجزيرة/ بود مَدَني ، فلا بد و أن يكون لنا و لي شخصياً،
معه شأنٌ آخر. بل و لا لد للدم أن يفور في عروقي لبشاعة ما قرأت و نا سمعت.
© حيث يقال ( إن القلب مرجلٌ و مغرافه اللسان)و إن شئت فيرواية أخرى قلت:
( إن كلَّ إناءٍ بما فيه ينضحُ).فالشاعر محمد الواثق المتوفى مؤخراً و المُتَحَدِّر من
حِليلة يقال لها (النَّيَّة) أو بالأحرى (النَّيِّئَة)، إذا ما عرَّبناها. و هي قرية منسية نائية
مرمية بأقاصي الريف الجنوبي لمدينة بحري. إنه رجلٌ دميم الخلقة ذميمُ الخُلُقِ
و نفسه بغير جمال و كأنما لم يرَ في الوجود شيئاً جميلاً. و قد نال شهرته من
باب نظرية:(خالف تذكر)؛ إذ اشتُهِر بالهجاء، حتى حاز على لقب(حطيئة
زمانه) بلا منازع؛ لدرجة أن عينه لم تكدتقع على أي مظهر للأل الحسن
و إلاقَبَّحة بشعر ركيك قلباً و قالباً مضموناً ينضح قدحاً و تشهيراً.
********((((39)*******
∆ و بما أنني لستُ بضليع في قرض الشعر و نظم القصيد
فقد آثرت النأي فالسمو بنفسي عن مجاراته في الإسفاف؛
ثم دفعت بالعجين إلى خبازيه المهرة.

[} و في ما يلي رَشَقات من قلمٍ أشهد له شهادةَ لعلها مجروحة
كونه توأماً لي لم تلده أمي، و كلي قناعةًبأن مسقط رأسه ( العريجاء)،
بلد الهامات الشوامخ ؛ و لو جاز لي لاشتققت لها اسماً من المعراج (أي: التَّرَقِّي)،
و ليس من العَرَج و الذي بدوره لم يطب لي إلا في مثل مقامها كونها (عريجاء)
و ما بها عرجٌ ، و لا حرجٌ و إلا فهل الهميجُ سكانها همجٌ؟! لا، بل بها علم، و على
هامته شعلة متقدة بحرارة أنفاسقلمٍ يجيد التخير لنطف مداده من رحيق مختوم . إنه
الحلمنتيشي الفحل / إسماعيل البشير المحينة الذي ورثت رفتقه و شَرُفْتُ بها منذ ثلاثة
عقود و نيف ظل خلالها يحرص على وخذنا بإبرسنانها رقة الإحساس الحي بضمير
الحنو و الإفلات إلى غابر اللحظات الأنيقة ؛ إبرثقوبها بحجم واحات نضرة غناء
تتسع ليحيا على زعفران صعيدها الجميع بلا استثناء.عرفته و أنا اختلس خطاي
واثقةً حثيثةً لسبر أعماق الثقافة، واحداً من تلك الوجوه العتيقة متوارياً في حقول
الحنطة الوادعة بينالسرابات الشاربة من زرقة السحناتالبسيطة. له نفسٌ تواقةٌ ل
لخروج من زحامات الأنا إلى براحات التلاقيمع و بين ظهراني العشيرة.
العريجاء فكم أنا سعيد بأنني منه و هو مني.

[} و الآن ، إلى إلى أجواء نص قصيدة رده العصماء:
في وجه على هجائية ذلك الذي يبدو أنه ليس واثقا من أي شيء.
و قد جاء ليقع في شر أفعاله. على نفسها جنت براقش!
[}>أرضَ الجزيـرةِ يا أُعْجُـوبةَ الزمَـنِ***حيَّا رُبوعَـكِ صَـوْبُ العارِضِ الهَتِنِ
مـاذا جَلَـوْتِ لِمُرتـادٍ، ومُرتَزِقٍ *** غيرَ الخَمـائلِ، ذاتِ المنظـرِ الحَسَنِ
حقولُكِ الخُضْرُ كم أهْدَتْ لقاصِدِها *** مـن كُـلِّ سُنْبُلَـةٍ زاداً بلا ثَمَـنِ
فيحاءُ كانتْ لقوتِ الشَّعْبِ صَوْمَعةً *** ذُخْـراً وحِرْزاً،وكانتْ سلَّـةَ الوطنِ
فكم شرِبنا بها من مـاءِ منسَكِـبٍ *** فيـه الشِّفـاءُ لداءِ الرُّوحِ و البـدَنِ
وكمْ سَمِعنـا بِهـا تَغريدَ ساجِعَـةٍ ***فاقتـادَتِ اللَّبَّ مِنَّا قَوْدَ ذِي رَسَـنِ
وكم شَمَمْنـا بها أنفـاسَ عاطِـرَةٍ *** من الأزاهِـرِ، قد قامَـتْ على فنَنِ
جزيرةَ الخيرِ كم أطعَمْـتِ جائِعَهمْ ***وكم كَسَوْتِهِمُـو ثوبـاً من القُطُـنِ
كم في رُبوعِكِ من صِمْصـامِ بادِرَةٍ ***عفِّ اللِّسـانِ على الأعراضِ مؤتَمَنِ
يجودُ للضَّيْفِ بالكَوْمَـاءِ، ينحَرُهـا *** فيُشْبِـعُ الضيفَ من لحْمٍ، ومن لَبَنِ
نهيـمُ بالحَصَحِيصَـا، وهْيَ مُونِقَـةٌ ***ونَعْشَـقُ العَيْشَ في أكْنافِ ودْ مدَني
مدينـةٍ رفَـلَـتْ في سُندُسٍ نَضِـرٍ *** بادِي الجِمـالِ ، فكانت دُرَّةَ الْمُدُنِ
تَغـارُ من حسنِها الزَّاهِي وبهجَتِهـا *** مدائنُ العُـرْبِ من حِمْصٍ إلى عَدَنِ
لتلك أصْبـُو، و لا أصْبـُو لنَيِّـئَـةٍ *** كريهَـةِ الطعْمِ ، لم تنضَجْ على الزمَنِ
قد عضَّها من دواهي الفقـرِ ماحِقَـةٌ *** لم تُبْقِ منها سِوى الأطـلالِ والدِّمَنِ.

********(((39)))*********
[} كذلك، أبت قريحة ابن قوز الرهيد الأخ/
الصديق ود عبد الرحمن ود طه إلا أن تتفتق عن
شاعريةٍ لا يُشقُ لها غبارٌ ، فيُدلي بأشطانِ دلوه عبر مساهمةٍ
على غِرار جهد المقل؛ إذ أردف قائلاً فيها:أولاً عذراً للغة العربية
و عذراً استاذي الجليل/ إسماعيل المحينة و عذراً لكل من نهل من حياض
بنت عدنان. فأنا لست بقارضٍ لقصيد الشعر و لكنني فقط متذوق له بنهمٍ شديدٍ.
و لله الحمد والمنة فإليكم مني هذا تعبير بائس قد لا يواكب بحور العروض و لكن
ما دفعني للتعليق هو الرد الشافي من الاستاذ/ إسماعيل الذي أبدع فيه وأجادفهو
أهل لذلك و لا شك و في ختام هذه المقدمة الجوفاء
اترككم مع محاولتي تلك البائسة:
[} أرضنا في الجزيرة و الله بيك فخورة
يا ترسانة دفاعنا نفوسنا بيك مسرورة
قول لود النية النفسو يوت مغرورة
أرجو الابتعاد دي المنطقة المحظورة
* * * *
لابس من نعيمة واكلته عيشة و فولة
تنكر للجميل و كمان اساءة خجولة
إت ناسي المحينة و وصفتو المعسولة
تجبر للعظام و حالاً تطيب زوووووووولا

(40)
نذكر كذلك ، الشاعر اللواء أبوقرون عبدالله أبوقرون
الذي نافح عن مدينة كسلا شعراً بعد أن سقطت على يد
جحافل محمد الواثق الهجائية وقوافيه الشعرية المدبجة بأسلحة
القول الفتاكة. فلما قال محمد الواثق عن كسلا حين قال:

ماذا تقولُ لقومٍ من كسالتهم ** سَمَّوا مدينتَهُم يا أُختنا كسلا

أوشيكَ أشعثَ مُغبَرٌ له ودكٌ ** لو فاض بالقرب منه القاش ما اغتسلا

إذا هممت لمجدٍ كان همهمُ ** البُن والتمر والتمباك والعَسلا

التاكا اسمى من التوباد عندهم ** وست مريم حاكت فيهم الرسلا
----------------------------------------------------------
# فتصدى له أبوقرون منافحاً عن كسلا بصاعٍ شعريٍّ
جميل جاء على نفس القافية و حركة الروي قال فيه:

إني أقولُ لقومٍ من بسالتِهم ** يغدو صغيرهم يوم الوغى بطلا

(تاماي) تعرفهم (هندوب) تذكرهم ** ما فرّ فارسهم يوماً وما انخذلا"17"

شُعْثٌ شعورهم سُمْرٌ وجوههم ** بيِضٌ سيوفهم سَلْ عنهموا كسلا

سَلْ كَبْلََنا عن قصيدٍ قالَه طرباً ** وسَلْ جرهام وسل مصطفى الهدلا"18"

إذا رأيت سماء الشرق صافية ** أيقن بأن هميلَ المُزْنِ قد نزلا

إذا رأيت أسود الشرق نائمة ** لا تحسبن نومها يا واثق كسلا

(41)
لعله لم يكن يخطر ببال محمد الواثق أن قصيدة له في ذم مدينة كوستي
سوف تودي به مكيشاً و مقتاداً إلى الحبس، و غلا لما كان نبص ببنت شفةٍ في حقها.
بيد أن هذا ما حدث عندما قام بعض مواطني كوستي بفتح دعوى جنائية ضده وعلى
إثرها تم اقتياده من مكاتب كلية الآداب بجامعة الخرطوم حيث يعمل أستاذاً بها إلى
قسم شرطة الخرطوم شمال كما يقاد الأشقياء، وكان ذلك في نحو العام 1995م.
جاءت قصيدته كوستي على النحو التالي:
سُميتِ باسمِ غريبِ الدار نازِحها ما **كان كوستي على قدرٍ من الشَرَفِ
أورَثَها مِن طباعِ الرُومِ ألونةً ** من الفسادِ تَراءتْ داخِلَ الغُرفِ
فصارَ باخُوسُ ربِّ الخمرِ ربهمُ ** ما بينَ مُنْهَمكٌ منهم ومُرتشِفِ
حتى كأنَّ أذانَ الفجرِ يبلغهم ** حيَّ على الشُرْبِ في حانوتِ مُنْحَرِفِ
قومٌ من الطيشِ لا تُرجى عقولهم ** كأنما العقلَ فيهم صِِيغََ من خَزَفِ
إنَّ الإمامَ الذي عَادُوا جزيرتَهُ ** قد كانَ يَخشى على كوستي من التلَفِ
يخشى الزمان الذي قَدْ عادَ مُنقلباً ** فكانَ يخشى عليهم غصةُ الأسفِ
أما تراني شددتُ الرحلَ مُنْصَرِفاً ** أُحاذِرُ الناسَ في حِلي ومُنْصَرَفي
لا أقربُ الدارَ تَستعلي النساءُ بها ** ولا أقيمُ بدارِ اللهثِ واللهَفِ
كوستي الرديف تُرى بانتْ نَصيحَتُنا ** لكلِ رادفةٍ فيها ومرتدِفِ

(42)
® كما قال الدكتور/أحمد محمد البدوي:ربما ليست للمدن قدسية .
و لكن الله تعالى وصف مكة بالبلد الظالم أهله؛ و أنها وادٍ غير ذي زرع ؛
و حق لأي كائن أن يضيق ذرعا بأي مكان في بلاد الله الواسعة بل طولب البشر
بالمهاجرة من البلدان التي يجدون أنفسهم فيها مستضامين أو مستضعفبن في الأرض.
********(∆∆∆)*******
∆ و بدورنا حق أن نتساءل: و من أين لفاقد ثقة في كل شبر من أرجاء وطنه أن يجد لها أثراً
حيثما حل و ارتحل. و لعل من سوء طالعه أن توافي منيته أحداثاً جساماً لم تدع لأحــد مجــالاً
لسماعنا نبأه أو لحمل نعشه أو حتى اتباع جنازته؛ ليس بأقلها فاجعة رحيل شاعر أفريقيا و ابنها
البار الثائر/ محمد الفيتوري، ذاك الذي صدح بلحنه الفرعون/وردي في " أصبح الصبح و لا السحن
و السجان باقٍ".فشتان ما بين طودٍ عظيمٍ أشم و بين لاواثق، أقلما يقال عنه أن يأباه ذباب جلــده ،
فيضيق به ذرعاً، و قد امتشق قلماً لاذع المداد، ماسخ المفردة و قد ارتدى نظارةً حداد كالحة
السواد، و تقمص نفساً عاشت عمرها تتوخى قبل الرحيل الرحيلا.
********(++++)*******
¶ و لعل من أردأ مستنقعات هجائه في مدنٍ وطنية أخرى، كان: الرحيل من حلفا،
و الطعن في الاسم الأفرنجي لمدينة كوستي، و طوفان النيل القادم، و الذي سوف يهدد
يمحو جزيرة توتي من على خارطة الطريق!؟ . كلها شتائم ذيلها بديوان له تناول بالرثاء
حتى شقيقه و والده. إذ استغاث فيه الواثق بالموت حينما قال: (يا قطار العمر متى السفر).
********(+++)*******
@ إلى أن جاء الدور على المنطقة المحظورة في أرض المحنة ومن قلب الجزيرة الخضراء
و واسطة عقدها في أم المدائن وعدن النيل الأزرق / (مدني) لتنال قسطها ذماً و ردحا و قدخا
و تجريحاً على لسان ذاك الساخط الذي لو نظر في مرآته لما نجت خلقته الدميمة من لسانه القَذِر.
********(+++)********
# تخريمة ـ و تكية خــــــط:
معذرة أخوتي و أخواتي القراء الأعزاء لاأكارم ،و لعلمي حد اليقين بأنكم هنا
تمثلون نخبة مثقفة ، و ليست معنية بصفة شخصيةٍلا بالهاجِي و لا بالمهجُو،
تعمدتُ أطرح هذه القضية كشأن عام . وإلا لكان الأحرى و أجدر أن أقصد
بها زاوية المنابر المتخصصة بالنقد الأدبي . كونها مادةً أدبيةً ثقافيةً محضة
* ود الحيشان التلاتة.