بعد غياب لأكثر من خمسة أعوام شيئاً ما في مكان ما يثير جنون الكتابة هنا..
Post: #2 Title: Re: بوح الأماكن والأزمنة Author: رانية عمر عبدالله Date: 07-28-2018, 09:49 PM Parent: #1
*1*
بوح الأماكن والأزمنة
كنتُ هناك.. في مكان ما، خلف الظلمات المحفوفة بالصور الغريبة والوجوه الملوّنة والأصوات المتناثرة عبر فضاءات الغيب وغموض الإحتمالات. أتابع بشغف وتعجّب بعض محطات المستقبل، أشاهد بعضاً من تفاصيلها عبر شاشة كانت معلّقة على حائط الأزل الذي ظننت أنه بلا نهاية. كانت تغمرني تلك المتعة اللذيذة مع الذات، تلك العزلة التي تمنيت لوكانت إختيارية أو لو إستمرت لبعض الوقت قبل أن تقطعها حبال الحياة الدنيا. لم أكن أعلم أنني على موعد مع خروج نهائي من تلك الغرفة الدافئة الحميمة التي لطالما احتضنت الروح العاشقة للسمو وذلك الجسد العنيد الذي كان في سباق حامٍ مع الزمان والمكان وصراع عنيف مع الروح التي كانت تقاوم منطق الخروج إلى حياة قد تحمل الكثير من الدنس الذي لا ينسجم مع شفافيتها ولطفها، ويبدو أن أسلحة الجسد قد كانت أكثر ضراوة وحنكة، فحمل بدوره سلاح التحدي والتمرّد على الحدود المادية ليأخذ في التمددّ بشكل مخيف ومُربك حتى وصل بالروح إلى مرحلة الاستسلام بل والتصالح مع منطق التمرّد لتتحالف مع الجسد في ذروة العناد والثورة.. هناك عند بوابة الولوج إلى العالم الجديد
وتكون لحظة الميلاد..
Post: #3 Title: Re: بوح الأماكن والأزمنة Author: رانية عمر عبدالله Date: 07-28-2018, 09:52 PM Parent: #2
الجنس، اللون ، العرق ، القبيلة الدين، اللغة، العادات والتقاليد والإنتماءات الفكرية، الإجتماعية، والسياسية
تلك المنظومات البشرية الفائقة التعقيد والتي أنجبها التطور الطبيعي للكائن البشري مع مرور الزمن وعبر العديد من التحولات الإجتماعية والجغرافية التي لعبت دورها في تشكيل ملامح الأمم. نقرأ عن ملامح المجتمعات، نتابع بعضهم عبر شاشات وإذاعات وسائل الإعلام، نقابل بعضهم أو نسافر لنعايش تجاربهم بأبعاد أكثر عمقاً ومصداقية. نطرح الأسئلة تارة، ونجاوب على بعضها تارة أخرى، أو ربما نعجز عن إيجاد إجابات تشفي فضول السائلين عنّا أو التي تراونا وتغازل بنات أفكارنا: من نحن؟ من أين أتينا؟ ولماذا؟ ماذا لو تبدلت ملامحنا، أزماننا وأماكننا؟ هل سنعيش الحياة بنفس السيناريوهات الحالية؟ وماذا لو أتيحت لنا فرصة تغيير مصائرنا؟ هل سنختار نفس الملامح،الجنس،اللون،الدين،اللغة،الوطن. لنتخيل أنك أيها الإنسان لازلت معتكفاً في غرفتك الهادئة الحميمة، هناك في رحم أمك، حيث تتم تهيئتك لتصبح كائناً بشرياً واضح الملامح، وقبل أن تُفتح لك بوابة الحياة الجديدة، وبينما أنت هناك؛تقوم باستلام إستمارة يُطلب منك فيها تحديد منظومة حياتك بكامل إرادتك وأن تختار مصيرك، ديانتك، لونك،زمانك، مكانك ووطنك.. وعلى أساس إجاباتك يكون ملامح حياتك
ماذا لو حدث ذلك بالفعل؟ تُرى مَن ستصبح حينها؟ وأين؟ ومتى؟
يا سلام البنيه السمحة دي نموذج للتربية السليمة والصالحة زولة اتربت على إنها تعبر بكل الشجاعة وتقول الحق في وش الدنيا كلها وما تخلق حواجز من الخوف والخجل تمنعها من الوصول لطموحها ونحنا أكيد حنكون موعودين بجيل قادر انه ينهض ببلده لو عرفنا انه سر التغيير الحقيقي هو في التربية السليمة
Post: #20 Title: Re: بوح الاماكن والازمنة Author: عمر أبوعاقلة Date: 08-01-2018, 06:02 AM Parent: #19
يا سسلالالالالالام ياخ من مدة أول مرة الواحد يدخل بوست وما يقعد يتلفت يدخل وهو مطمن .. يخرج وهو مستمتع وما بين الدخول والخروج تكمن لذة البوح هنيئاً .. وعودا باهياً وجميلاً
كسرة: يا كوستا .. البنية هبشت عصب اللحم الحي
Post: #21 Title: Re: بوح الاماكن والازمنة Author: salah awad allah Date: 08-01-2018, 06:22 AM Parent: #20
لا يهم من أكون، وأين ومتى تحط رحال الروح والجسد لا يهم إلى متى سأظل هنا وكيف ستكون رحلتي ما يستحق الإهتمام حقاً هو أن يظل في داخلي ذلك الشغف العنيد ذلك العشق الذي يعطر النفس بطيب السمو والجمال ذلك الجنون الذي يجعل من الحياة حلماً يستحق المغامرة
أتيت إلى هنا ولست أدري كيف ستكون ملامحي وسماتي الظاهرية، لا أعرف شيئاً عن تفاصيل الزمان والمكان، الناس والحياة، لكنني كنت على يقين أنني على دراية وإحاطة تامة بملامح ذاتي، روحي وشغفي، بغض النظر عما سأكون عليه. وفي لحظة تحالف الروح مع الجسد قررت الخروج إلى هذا الكون الجديد، في ثمانيّات القرن الماضي، تلك الحقبة التي كان كل شيء فيها دسماً لذيذاً في ذاته وصفاته، كان للسماء صوت حميم (أظنني كنت الوحيدة التي كانت تنصت إليه) وكان لليل سحر آخر، وكان جهاز الهاتف الثابت ذو الأذنين (كما كنت أظن) أنيقاً رغم ضوضاء رنّاته، أما التلفاز فكان كوناً بذاته، كان أستاذاً وعالِماً، صديقاً ورفيقاً، شيخاً وزنديقاً أكثر براءة من زنادقة الميديا التي تقتحم العالم الآن. المهم .. قررت الخروج في بقعة لم يتسنى لي إختيارها، وأظن أنه لو تسنى لي ذلك لما كنت سأتمنى غيرها، هناك في مدينة الرياض وبين جدران المستشفى العسكري كانت الصرخة الأولى التي تلتها صرخات فرحة الممرضات بقدوم ذلك الكائن الصغير شديد البياض، دقيق العينين، والشبيه في ملامحه بأهل بلادهن. قالت إحداهن لوالدتي ببهجة: ماما هذا بيبي مافي سوداني، هذا فلبيني أنا في يآخذ هذا بيبي فلبين..
لم تكن تعلم أن ذلك الكائن الصغير لا يزال في طور التكوين وأنه بعد أيام معدودة سيتحول إلى حبة قمح سمراء وأن العينان الخفيّتان على وشك التمرّد على الظلام بحثاً عن أسرار الكون
ستتمرد، ستعيش بذات الشغف العنيد سمراء كانت أم بيضاء
وهل سيقرر اللون مصيرنا؟ للأسف بعضنا ظن ذلك حتى تحوّل الظن إلى يقين، ثم إلى كابوس مريع يحاصر سلام البشرية
*وللحديث عن جدليات اللون بقية وبقية...
Post: #26 Title: Re: بوح الاماكن والازمنة Author: حسين يوسف مكى Date: 08-03-2018, 00:35 AM
للبوح صبابة يألفها المكان،والاشياء بطعم الازمنة. والكمنجات الانيقة تفتح شرفات الصباح لتمنح النيل قبلة الضياء. يا للبهاء
"لون البشرة" هو أحد المصطلحات التي لم تكن ضمن دائرة شغفك وأنت مسترخٍ هناك في غرفتك الصغيرة وقبل أن تحين ساعة الخروج إلى حياة فائقة التعقيد، ذلك التعقيد الذي أوجدته بنفسه لتصبح جزءاً لا يتجزأ منه؛ أيها الكائن البشري العنيد.. شغفك الأساسي كان في اكتشاف هذا العالم الغريب الذي كنت تتسائل منذ اللحظة الأولى عن أسراره وسرّ تواجدك فيه، وبينما أنت غارق في البحث عن أجوبة شافية، تباغتك تعقيدات البشر وبعض مفاهيمهم الحمقاء وتصنيفاتهم المعقدة. فمنذ اللحظة الأولى أنت مصنّف حسب لونك،جنسك،دينك،جنسيتك.. الخ وليس لك الحق بتاتاً في السؤال عن أسس وقواعد تلك التصنيفات، فما عليك سوى التسليم لها كما هي، سواءاً كانت سترفع من شأنك في نظر العالم أم ستلقي بك إلى الحضيض. لن تعرف إن كانت درجة لونك مستحبة أم مكروهة أم لا بأس بها حتى تصل إلى بداية إدراكك للأشياء في سنوات عمرك المبكرة. أذكر أنني لم أدرك التعقيدات المتعلقة بلون البشرة إلا في سن الرابعة تقريباً، هناك في شارع بيتنا المعتّق بالذكريات في مدينة الرياض؛ كانت المتعة تبلغ ذروتها عندما أتمسّك بيد أختي ونحن في طريقنا إلى البقالة لشراء بعض الحلوى أو الشيبس أو الآيس كريم، متعة كان يعكّر صفوها أحياناً تنمّر بعض أطفال الحي ومشاكساتهم المتكررة، وأذكر إن إحداهن كانت تثير تعجبي بمناداتي بـ "السوداء"!! وكيف يعتبر اللون آداة للسخرية والاستهزاء؟ لم أستوعب ذلك حينها! ولأنني قد سئمت من شهور من التجاهل تارة والرد بنفس الأسلوب تارة أخرى، قررت بعد عامين تقريباً مواجهة تلك الطفلة "المجوجوه" فاندفعت نحوها وشرارات الغضب تتطاير من وجهي وصرخت قائلة: - تعالي هناااا! انتي إيش لونك؟ - إييييش؟ - قلتَ ليك "إيـــــــش لوووونك"؟ - زَينة الحمد لله.. ليش تسألين؟ - ياخ لونك.. لون جلدك ده شنو؟ - حنطي - حنطي شنو؟ انت لونك أغمق من لوني وتقولي لي سودة وإنتي أسود مني ؟ بعدين ده لوني عارفاهو وعاجبني.. أمشي انتي شوفي نفسك في المرايه لو ما عارفة لونك شنو!..
لازلت أذكر وقع الصدمة على تلك الطفلة، وكأنني قد ضربتها بصعقة كهربائية زلزلت كيانها، كانت المسكينة تظن أن اللون الأسود وصمة عار فكانت تتبرأ منه وتنسب لنفسها لوناً آخر تظنه أقل سوءاً (كما يفترض بعضهم) وبذلك يطمئن قلبها قليلاً.. * ولنكون أكثر مصداقية، علينا أن نعتبر تصرفات الأطفال وفي أغلب الأحيان إنعكاساً لمفاهيم وتعقيدات مجتمعاتهم.
نكبر قليلاً لندرك أن بعض المصطلحات المستخدمة في البيوت وبشكل إعتيادي، كانت شكلاً من أشكال التصنيف أو التمييز الصريح أو المبطّن للبشر بناءاً على ألوانهم، ذلك التمييز الذي يصل في أحيان كثيرة حد العنصرية البغيضة.
عب، خادم، فرخة، ما نُضاف، حَلَبة، ملقّطين ... وغيرها من التسميات البغيضة (مع إعتذراي على سردها الذي لابد منه) كانت ولا زالت جزءاً لا يتجزأ من ملامح مجتمعنا وتعقيداته الكثيرة
هي بختصار "ما وجدنا عليه آبائنا الأولين"
وللحديث بقيّة...
Post: #31 Title: Re: بوح الاماكن والازمنة Author: محمد فضل الله المكى Date: 08-15-2018, 06:41 AM Parent: #30
يا السمحة جودي عليّ وادّيني منّك ضَيّ يمحيّ العذاب البَيّ يا سمحة يا سمرا..