كلمات في التاسع من يوليو

06:25 PM July, 09 2018

سودانيز اون لاين
علي محمد الفكي-
مكتبتى
رابط مختصر

في مثل هذا اليوم من العام 2011م تم فرض واقع جديد وطويت صفحات طويله من الالام والمعاناة والغبن والدماء والمحبه والتواصل والتألف والزكريات وحتى الرحم .. كل هذه التناقضات طويت صفحتها في السودان المطبوع في تلابيب ذاكرتنا ومليون ميله المربع التي كانت مصدر فخرنا اصبحت من التأريخ .
الحرب الطويلة ولدت المعاناة وازهقت الارواح وعطلت التنميه في كل السودان وكرس للكراهيه والغبن .. والتواصل المباشر بين مكونات الوطن وروابط القربى والرحم والجيره والزماله والمزاج والثقافه نتج عنه محبه وتألف ونسب وصهر وذكريات .
التاسع من يوليو حقق احلام الساسه والنخبه من ابناء الشمال والجنوب وتوج مساهماتهم السالبه في نشر التوتر والحقد والكره والفرقه وتاجيج الحروب بإنتصار يشبه الهزيمه .. رغم انهم حققوا ما عجز عنه الاستعمار البريطاني بصولجان امبراطوريته التي لا تغيب عنها الشمس رغم انه سعى لذلك وسن القوانين والتشريعات التي تحقق له مراده في قسمة السودان فواقع الجغرافيا والتداخل بين كل المكونات هزم فكرة الدولتين لدى المستعمر واستعصت عليه فخرج والسودان مليون ميل مربع بخريطته المميزه التي كنا نرسمها ولو اغمضنا العيون .
ولكن الاستعمار وهو يخرج ترك وراءه من يحقق له اهدافه من ابناء جلدتنا ومهد لهم ليكونوا نخبه ورجال سياسه ومجتمع ليحققوا اهدافه من حيث لا يدرون ارضاء لما زرعه فيهم من طموح جامح نحو السلطه وولاء مطلق لها ثم ياتي بعد ذلك الوطن فساستنا من يوم الاستقلال الاول الى تأريخ الاستقلال الثاني للدوله الجديده افتقدوا الحكمة والقدره على ادارة التنوع فجعلوا منه بأفقهم الضيق واحلامهم الصغيره نقمه وضعف وشتات وهو في الاصل نعمه ومصدر للقوه والوحده ..
واتسال هل اذا قٌدر للناظر بابو نمر وللسلطان دينق مجوك ادارة هذا الملف او حتى اذا اتيح للمواطنين التواصل بعيد عن تأثيرات الساسة والمثقفين واهوائهم في تأجيج الصراعات هل كنا وصلنا الى محطة الانفصال في التاسع من يوليو 2011م .
اعلم ان الكثيرين بعواطفهم يحاولون رفض واقع الدولتين او على الاقل التمسك بالامل بانه حاله عابره وستمضي وفي بالهم ذكرياتهم وصداقاتهم وجيرتهم وملاعب صبا بادت .. فهل كانت تلك الروابط على بال سياسينا وهم يعملون من اجل الانفصال وهل دروا انهم اغتالوا مع سبق الاصرار والترصد ذكريات وتأريخ ووجدان شعب .
هناك من سيقول ان الانفصال تم في عملية استفتاء ديمقراطي وانه خيار اهل الجنوب ولكن من منا لا يعلم كيف تدار الانتخابات وان السياسيين هم اصحاب التأثير الاقوى في اي عملية اقتراع ولهم الخبره في كيف يسوقون الناس ضد توجهاتهم ورغباتهم بلحن القول وتنميق الكلمات والعزف على اوتار العواطف ثم لا ننسى التزوير الذي هم ديدن انتخابات العالم الثالث .
الانفصال كان بسبب فشل سياسينا ونخبنا ومثقفينا في إدارة التنوع وقبول الاخر .
وتجربتنا الفاشله في ادارة التنوع تحتاج منا لوقفة ومراجعه حتى لا تتكرر دولة جنوب اخرى في الشمال او الجنوب .. فالنخب ما زالت تلعب نفس اللعبه فهاهي الدولة الوليده في الجنوب تمزق رحاها الحرب الاهليه والاستقطاب القبلي وتقعد بها عن اللحاق بالركب وفي الشمال النخب يحدثونا عن صراع العرب والزرقه في دارفور ويحدثونا عن الهامش والمركز على اساس عرقي ويزكون نيران الفتنه والفرقه لتحرق الوطن ولتتكرر 9 يوليو اخرى ..
علينا ان نفكر ونعمل بطريقة اكثر ذكاء وحكمة من اجل ان يكون تنوعنا سبب قوتنا ووحدتنا ومن اجل ان نفوت الفرصه على ما يرسم لنا بليل لنحقق رغبات الساسه ومن اجل ان نخلق قيادات وساسه جدد يحملون هم الوطن والشعب لا همومهم الشخصيه وهموم تنظيماتهم .

تخيلوا معي لو فكر سياسينا بايجابيه
وفي 19 ديسمبر 55 ومن داخل البرلمان وبعد اجازة اقتراح الاستقلال
اجازوا اقتراح بنقل العاصمه الى ملكال او جوبا او واو
ومن ثم تم انتخاب سيرسيو ايرو رئيسا للجمهوريه
ثم في الميزانيه الاولى طريق يربط الخرطوم بجوبا وواو بنيالا وكبويتا بجوبا
الدمازين بالناصر والخرطوم
وعشرات المدارس في الجنوب وجامعه
وامتدت مشاريع التنميه والزراعه في الجنوب
ثم امتد في الموازنه التاليه الطريق من الفاشر الى الخرطوم مرورا بدنقلا
وانتظمت مشاريع الانتاج الحيواني والزراعي كل الغرب وتحولت الابيض الى مدينه صناعيه عالميه
وانتظم التعليم قمم جبال النوبه
هل لو فعلت النخبه الحاكمه ذلك هل كانت جوبا ستحتفل بالتاسع من يوليو
او يخرج دكتور خليل طالب العدل والمساواه
او حتى عرفنا الجنجويد ومثيلاتها

المخيف ان ذات سيناريو الجنوب يتكرر في مناطق جديده من السودان
دارفور ، جنوب كردفان و النيل الازرق
وبذات الاسباب والمبررات التي ساقت الجنوب للانفصال
فهل نصح
التعبئة العنصريه والسلبيه والتخندق حول القبيله ونشر الكراهيه والسعي بالفتنه بين مكونات المجتمع
وهذا يسعى به السياسيون ومجموعات المثقفين
المستفيده من هذا الواقع المؤلم والطامحه للصعود على خراب الوطن
التدخلات الخارجيه واطماع دول الجوار في السودان
وهي كلها بلا استثناء لها مطامع في السودان ولها مخالب داخل السودان
سؤ الاداره وسؤ توزيع الموارد والتنميه والذي ابتلينا به من فجر الاستقلال
التنظيمات السياسيه والتي لا تميز ما بين الوطن والحكومه وتضع اجندتها فوق الوطن
والحال في الجنوب ليس بافضل من الشمال فبذات الاسباب تدق الحرب طبولها هناك
وترشح مناطق منه للانفصال
فهل نصحو من غفلتنا ونتعلم من تجربتنا ونتعظ لنقي البلاد من انفصال اخر