|
Re: الذكرى السنوية للقاء الأثيري الملائكي: من (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
يا بشراى! و يا سعادتي! إنها ليست جدتي وحدها مَن جاءت. بل وراءها مجموعة يظهرون أمامي و تقف كل واحدة إثر الأخرى أمامي كأنهن يقدمن أنفسهن. الآن أنظر إليهنّ فأتعرف عليهم واحدة و احدة:. بشرية، زينب، سعاد، مدينة، فاطمة، فضلوا، نفيسة،زينب. هاهم يقفن أمامي ف حبور مزدحمين أمام نافذتي و إبتساماتهن الوضيئة تضيء ملامحهن الطيبة ، التي لا تخفى عليّ و لم أنسها. ثم أسمع صوتهن الأثيري: -ها نحن قد جئن لك خصيصاً... بعد أن دعوتنا. - ؟؟ - نعم..دعوتنا من خلال احتفالك بنا. -؟؟؟ - الم تحتفي بنا امس؟ و ألم تدعوا لنا في صلاتك أمس.. ؟ - آها....تذكرت( قلتها في خجل)...تقصدين) الرحمتات- يوم الجمعة اليتيمة( و بدات جدتي و صديقاتها يتزاحمن امام نافذتي ليكلمنني يحدثنني في شوق و كان كل واحدة ممثلة تؤدي دورها و تُلقي كلماتها أمام مخرج محتار لمن يعطي الفرصة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الذكرى السنوية للقاء الأثيري الملائكي: من (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
في تلك الدقائق كان الافق قد احتشد بضحكهن و بكلماتهن و اسئلتهن اللاهفة.بل و ارى اشواق السنين و توق الدهور تتبدى في ألق في عيونهن. - نراك لا زلت كما كنت بالأمس و أنت صغير! -ههههههه - ألا زلت تحب الحلوى، كما كنت زمان ام تراك كبرت و تركتها؟ - لقد اصابت لذلك صارت اسنانك مسوّسة...فلتعتني بنفسك يا حبيبي! - ....... ( في تلك اللحظات كانت الدموع قد سالت على جانبي وجهي). - تبكي؟ هل اشتقت لي؟ كفاك بكاء .أعرف أنك حنين و عطوف.
- نراك لم تزل كما تركناك ، لا تفتأ تتذكر أحبابك و أصحابك. - الحمد لله، لم تضع تربيتنا لك سدىً يا صغيري إذ لا زلت وفياً لذكرانا نحن العجائز الراحلات. و هكذا بدأ كانت الكلمات المضمخة بالتوق والحنين تتدفق في نغم آسر من شفاه جدتي و صديقاتها العزيزات. ثم ادنتني جدتي بجانبها كما كنت تفعل و انا صغير و بدات تسالني في حِنوٍ هامس: - ماذا فعل بك الزمان يا ولدي، ؟ - أحكي لجدتك بصدق هل زوجتك في نفس وسامتك؟ - قل لي هل زوجتك طيبة مثلك؟ - أم هي مثل زوجات هذه الأيام كالحات الوجوه و ثرثارات و نكديات؟ - كم عدد أبناءك؟ ما هي أسماؤهن؟ - هل يشبهونك؟ أم يشبهون أمهم؟ - هل لا زلت لا تحب طبيخ البامية المطبوخة؟ - لا اظنك الآن تخاف من كلاب الجيران كما كنت صغير. - هـه قل لي بصدق!هل تذكرني دوماً ؟ - كيف تذكرتي بالأمس؟ - أم أن طبق الزلابية الذي صنعته لك زوجتك الأمس هو الذي جعلك تتذكرنا؟ - هل تتذكر زلابيتي التي كنت تحبها؟ أتذكر حين كان يسيل زيت الزلابية ليسرح دوماً في ثيابك؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الذكرى السنوية للقاء الأثيري الملائكي: من (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
غيمة كثيفة من الحنين و الشجن حطّت بثقلها فوق قلبي و روحي رويداً رويدا. غلالة هلامية شفافة تنتشر امام ناظري لتحيط بالانحاء. و دون وعيٍ او إحساسٍ مني تنسال الكلمات من داخلي دون ان احس و دون ان تنتظر الامر مني: - انا لم أنساكٍ يوماً يا جدتي منذ أن غادرتي بيتنا فجأة ذات امسية حزينة. - لا زالت تفاصيلها في ذاكرتي كانها حدثت قبل ساعة. - لم أنساكِ يا جدتي. حتى صويحباتك و جاراتك العزيزات لم انساهن. الا ترينَ أني عرفتهن من أول وهلة؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الذكرى السنوية للقاء الأثيري الملائكي: من (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
بينما كانت الكلمات تنسال من فمي متدفقة كنت اراهن ينصتن في حبور. و في سعادة تتلألأ ابتساماتهن الحلوة في وجوههن الوضيئة و هن يزددن اقتراباً مني. لحظات مرت قبل أن تتوقف الكلمات مني برهة. دمعات حرّى تحجب الرؤيا عني..و يتهدج صوتي في عفوية مفاجئة و تتداعى الكلمات مني: لقد تغير الزمان بعدك يا جداتي و تغيرت الحياة. و صار الأشياء بلا طعم. كنّا في أيامِكُنّ نستمتع بطعم العلاقات و الأشياء.كنا نستطيب سمر الاصدقاء و الجيران و الوفاء للرفاق و الصحاب. كنا ننام على حكايات الليل التي تجيدن سردها و تتوه خيالاتنا معاها إلا أن يسرقنا النعاس و الوسن و الظلام يلف دثاره حولنا. إنني أشكو إليك يا جدتي حياتنا التي صارت حياتنا بعدكن جافة و ماسخة . و كيف تناسلت بعدكن الأحداث و المشاكل بعد أن كبرنا. لقد صارت مطالب المعيشة و الحياة اكبر من أن تتحملها كواهلنا المهدودة المقرورة. و أصبحنا يا جدتي نهباً للتشرذم الحياتي و المشاغل و النسيان و الخوف من جور الزمان. لقد صرنا نهبا للهواجس و المخاوف و صار الرهاب و الفوبيات بعبع حياتنا. و لا ازال يا كفكفت دموعي و خطوت لألمس يدي جدتي. - لا زلت احس يا جدتي احس في يدي ملمس يديك الحانيتين و هي تمسح عن قلوبنا اليافعة المخاوف و تطرد من مخيلاتنا الطفلة الظنون. ولا زلت أذكرك و انتٍ تضعين على وجوهنا الحالمة دثار من الاحلام المباركة إيذاناً بإنقضاء يومٍ سعيدٍ.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الذكرى السنوية للقاء الأثيري الملائكي: من (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
يا جداتي العزيزات لقد اختفيتنّ يا جداتي من حياتنا، هكذا في غفلة من الزمان. و تواريتنّ خلف الأيام دون أن نحسَّ ذهبتُّن وراء الغيب و الحُجُبْ. لقد كنتنّ جدات حقيقيات لكل أطفال في الحي. لقد كنتنّ جارات و صديقات و حارسات لأحلام طفولتنا البريئة. . كم ذا امتصت دعوات منكنّ صادقات و لمسات حانية على الرؤس شقاوة طفولية و مكر يافع و بريئ. لقد كنتنّ مدرسة حقيقية لنشر الحب و الوئام و السلام, مدرسة و منارات لتعليم الحب الشامل لكل الناس و ليس ذاك الحب المقتصر فقط على الأسرة أو العائلة أو الاقارب.
| |
|
|
|
|
|
|
|