نظرة متألمة لواقع التعليم

نظرة متألمة لواقع التعليم


05-16-2018, 08:14 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=499&msg=1526454860&rn=0


Post: #1
Title: نظرة متألمة لواقع التعليم
Author: وليد محجوب
Date: 05-16-2018, 08:14 AM

08:14 AM May, 16 2018

سودانيز اون لاين
وليد محجوب-جدة
مكتبتى
رابط مختصر


الناظر في مقدمة ابن خلدون يجد أنها تضجُ بطرائق التَعَلُّم التي استجد بعضها حديثاً في صناعة التعليم في دول الغرب المتبعين خطاها حرفاً بحرف حتى انفصلنا عن مصادرنا المعرفية الأصيلة، ذهبت إليهم ثم صرنا نتهافت نواتجها اليوم متباهين بمسايرتنا لمظاهر التطور، ولأنه لابد لنا من إصلاح شأن التعليم الذي لا يسر حاله أحد، إن أردنا إحساناً وتوفيقا، نجد أنه لا يتوجب علينا اتباع الطرق الصحيحة فحسب بل البحث عن طرق جاذبة لطلابٍ أصبحت المعرفة تتقلب بين أصابعهم ما تقلبت بين أزرار أجهزتهم الذكية، تلك التي قد لا تتاح للمُعَلِم، فراتبه لا يتعدى حدود الخبز الحاف وإن انتظم آخر كل شهر دون تأخير كما هي العادة.
انتقد ابن خلدون ممارسة الشدة على المتعلمين، وها نحن ندرك بعد تجارب مريرة وسنوات عجاف ندرك أن مقولة "ليكم اللحم ولينا العضم" ما كانت إلا معول هدم وارهاب مسلط فوق رؤوس الطلاب، وعادةً ما صاحبتها عبارات التحطيم والتأكيد على عدم جدوى الغرس في عقولٍ أعجفها طول البوار.
كما انتقد سكوت المتعلمين بعد انفاق العمر في مجالس العلم، كنايةً عن فقدان التفاعل بين المتعلمين بعضهم البعض من جهة وبينهم وبين المعلم أثناء العملية التعليمية من جهة أخرى، فالتعليم التفاعلي ميزة تُكسب الطلاب القدرة على الإنتاج المعرفي بدلاً من العناية أكثر بالحفظ الذي لا يُحفِز على النقاش والتحليل، وهما أساس التميز وليس فقط التفوق.
غير أن الأجهزة الذكية التي شغلت الصغار وشغفتهم حُباً يمكن استغلالها في كسر حدة رتابة التعليم التقليدي القائم على الإلقاء والتلقين، ويكون ذلك بالتحول إلى عالم التعليم الإلكتروني المبني على التفاعل بين المتعلمين وتبادل المشاركات من خلال منصات تعليمية عديدة صُمِّمَت لتُعبِد الطريق لتعليم شيق، حيث تضمن هذه المنصات مشاركة كافة الطلاب في وقائع الدرس بكل تفاصيله والمشاركة في التدريبات بمختلف مراميها وأشكالها، الشئ الذي لا يتوفر في التعليم التقليدي حيث تنحصر المشاركة في بعض الطلاب التواقين لها دون غيرهم من المُستحين والخائفين من ردة فعل أقرانهم الجارحة بسبب إجابة قد تثير الضحك أو السخرية، هناك أسباب كثيرة تصنع جداراً نفسياً في دواخل المتعلم ربما تعذر على المُـعلم علاجها، فيحتجب سريان المعرفة بشكلها الطبيعي عند الطلاب.
هنا يأتي دور التكنلوجيا الفعَّال في تأسيس واقع يضمن للجميع فرصة متساوية في تلقي المعرفة وبشكل سلس لا يعرف الرتابة والملل التي هي رديف التعليم التقليدي، حيث توفر هذه المنصات التعليمية الإلكترونية قدراً من التنافس والتآلف والتشويق يشحذ الهمم التي عادة ما تكِلُ مع أول عقبة تواجهها، وربما لازمتها بعد ذلك صفة الغباء والبلادة التي يؤكدها عنف لفظي يمارسه بعض المعلمين الذين انهكتهم مساغب الحياة وبؤس بيئة العمل وقلة المردود المادي بجانب قلة حيلتهم أمام ضعيفي المستوى من طلابهم.
الناظر للشباب في الطرقات والبيوت يجد أن جهاز الهاتف المحمول لا يفارق أيديهم وسماعاته لا تفارق آذانهم، هذا واقع عصرهم المتخم بالمغريات المتاحة بيسر وسهولة، فقط يحتاج الواحد منهم لباقة انترنت لا تتعدى قيمتها جزء من مصروفه اليومي، وربما نلاحظ عقم النصائح المسددة في مرامي يضيق علينا فهمها، هي سنة الحياة، فلكل جيل واقعه المختلف عمن سواه.
إذاً لماذا لا نستغل هذه المعطيات بدلاً من تكرار نقدها بشكل يدعو للضجر؟ إن استغلال الأجهزة الذكية بما فيها الهاتف المحمول في العملية التعليمية يشكل منعرجاً مهماً نحو طريق لا مفر لنا من سلوكه مع التسارع الغريب في التطور التكنلوجي، فقد استثمرت كبرى الشركات الرائدة في مجالات التقنية مثل أبل وقوقل وويندوز وياهو وغيرها أموالاً طائلة في بناء منصات تعليمية مجانية تتيح للمعلم إلقاء الدرس كاملاً من خلال هذه الأجهزة دون الحاجه لكتاب يرهق ثمنه كاهل الآباء ويتيح للمعلم إدارة صفية فاعلة من خلال تقارير مفصلة يمكن مشاركتها مع إدارة المدرسة وولي الأمر، مما يؤكد على المشاركة الفاعلة للطلاب وعدم استخدام هذه الأجهزة استخداماً خاطئاً أثناء سير الدرس.
علماً بأن هذه التجربة يفترض بها التدرج حتى يألفها الناس، ومن ثم توفر الجهات الرسمية معيناتها بحيث لا تتعدي تكلفتها ما تنفقه الأسرة على شراء الكتب لعام دراسي واحد، وبذلك تعم كل المدارس في سائر أطراف البلاد وحواضرها.
إن التخلف عن ركب العلم ليس بالضرورة هو عدم ارتياد دور العلم، بل هو التخلف عن ركب التطور المتسارع بوتيرة تسابق الزمن، واتباع الأساليب التعليمية العقيمة التي عفا عليها الزمن والتمسك بالطرق التقليدية في التدريس حتى ضُرِبَتْ علينا محدودية الكسب العلمي وضيق الأفق، فالناظر لحال التعليم اليوم لا يملك إلا أن يشعر بالآسى، خاصة وأن طلابنا يمتلكون من المقومات ما يجعل مستوى الفائدة من مثل هذه التقنية ما يفوق توقعاتنا، كما أن معلمينا لم يتنازلوا عن قمة التميز لأحدٍ في كل بقاع الدنيا التي ارتادوها، إذاً كل مقومات التغير نحو مشهد تعليمي أفضل متوفرة في السودان، فقط بقليل من التبصر والخروج من عباءة المألوف نستطيع تحسين مستويات التحصيل المعتمد على التفكير والتجربة الشيء الذي يتطلبه تحقيق التنمية المستدامة التي ستغير وجه السودان وتنتقل به نحو مشارف جديدة.
أُنشِئت معظم هذه المنصات التعليمية بغرض التربح من ورائها، وهو أمر مرهق للمعلم المحدود الدخل، حيث يتطلب استخدامها اشتراك سنوي ربما تجاوز المئة دولار في العام، وحتى لا نتخلف عن الركب، يتوجب على وزارة التربية إنشاء منصة خاصة بها على غرار عدد من الدول العربية، مثل الأردن وفلسطين، علماً بأنه استثمار قليل التكلفة عالي المردود، ويتيح كل المعلمين في القطاعين الحكومي والخاص الدخول مجاناً وإنشاء دروس واختبارات تشكل نواة لبنك تعليمي متكامل يتبادل فيه المعلمون خبراتهم وجهودهم وأفكارهم وإن بعُدَت المسافات، ومن خلاله يتبين للقائمين على أمر التعليم مواطن الحاجه للتدريب، وسبل تطوير وتحسين المناهج المستخدمة في مدارسنا، من أجل غدٍ أكثر إشراقاً ووطن معافى.

Post: #2
Title: Re: نظرة متألمة لواقع التعليم
Author: Hafiz Bashir
Date: 05-16-2018, 08:35 AM
Parent: #1


وليد محجوب
كنا فرشنا السكة ورود
لو كلمتنا قبال الجية


Post: #3
Title: Re: نظرة متألمة لواقع التعليم
Author: وليد محجوب
Date: 05-16-2018, 08:39 AM
Parent: #2

أكرمك الله يا حافظ