كتبت إسراء الشاهر- وطني مبتور الرأس أم الساق ؟

كتبت إسراء الشاهر- وطني مبتور الرأس أم الساق ؟


03-17-2018, 01:44 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=499&msg=1521290670&rn=0


Post: #1
Title: كتبت إسراء الشاهر- وطني مبتور الرأس أم الساق ؟
Author: زهير عثمان حمد
Date: 03-17-2018, 01:44 PM

01:44 PM March, 17 2018

سودانيز اون لاين
زهير عثمان حمد-السودان الخرطوم
مكتبتى
رابط مختصر

اليوم،الكل غارق في محنته ، الجميع يحاولون التخلص من الرمال المتحركة التي تحاول إبتلاعهم .

اليوم سنبكي طويلاً ونحن جالسون على سجادة الصبر التي ركُنت فترة طويلة وطُويت دهراً

والصبر في حد ذاته أنواع .

ولا حديث لي عن أنواعه ، لأنني لم أتقنه،لكن على أمل الفوز به يوماً .

أتذكر الآن ، لحظات حاسمة حدثت، خبر يؤلم ويسعد فى الآن ذاته ، . تمنيت أن تسعفني الدقائق لأمتطي عجلة الوقت ، ولكن عقارب الساعة تشير أن الدقائق ما عادت كافية لإنجاز شيء ، ومع كل دقة تدق نواقيس الخطر والخوف داخلي .

المدينه تطالعني غاضبة ، ثائرة ، تنظر لي بعينين تتطاير الشرر واللؤم منهما ، تُبحلق في يدي المرتجفة خجلا، وأنا أحمل جواز سفري وأنوي المغادرة .

تدعوني على إنفراد ، تسألني في وجهي بملامح جادة .

_لماذا نويتي الرحيل ؟

أتعلثم في خجل ، أخفض رأسي في ذلل ، وأصمت طويلاً .

كررت السؤال عدة مرات ، وأنا بلا جواب .

فإذا بمدينتي ترفع رأسي لأعلى وتقتلني مجازاً ، وتلقنني درساً في الكرامة ، وتأمرني .

ألَا أخفض رأسي مرة أخرى ، وتسألني مجدداً .

_لماذا نويتي الرحيل ؟

ترقرقت أعيني بالدموع وأجبت وأنا خجلى .

_من أجل البحث عن مُدن أخرى تحتويني بلطف ، وتحنو علّي ، مدن لا تحتمل بكائي ولا ضجري ، ولا خوفي ، أثناء سردي لها عن مواصفات مدينة أحلامي

أسكتتني

في الحقيقه أصبت بنوبة هلع منها .

وأنا منحنية الرأس أختلس النظرات ، فإذا بي أراها تخرج من جيوبها المهترئة منديل قماش ممزق ، وتمسح عيناها الخضراء ، بعد إدعاء قيل مسبقاً أن هذا الوطن سلة غذاءٍ للعالم .

دارت في رأسي الآف القصص والأفكار لأفتح معها موضوعاً أعرف من خلاله سبب انتحابها المُر !

أعترف أني أتهمتها بالخبث ذات ذلة عقل،ولكن تذكرت نصاً في رواية قرأتها دون أن أعرف اسم كاتبها أو عنوانها أو انها بلا عنوان .

النص بقول

” المدن لا تبكي إلا صدقاً ، ولا تشفق على أبناءها إلا صدقاً ، ولا تجالسنا إلا صدقاً “

وأيقنت أني الكاذبة حينها وهي الصادقه ، وددت تمزيق أوراقي وجواز عبوري من نطاقها الحنون .

لوهلة شعرت أن بي شيئاً من سمات أبريل المخادع .

لم أرغب مواساتها .

من أنا حتى أخفف عن مدينة ألمها ؟

حتى المدن تتألم

تنتحب

تعاني

وتبكي حُرقة !

من المسؤول إذاً عن حرق قلب مدينتي البائسة ممزقة الجيوب ومهترئة الأطراف ؟

مدينة من وطن مبتور الساق أو الرأس .

ماهو الجنوب ؟

رأس وطن أم ساقه ؟

إن كان رأسه ، فقد بُتر الآن ، أنقطن في مكان لا يملك أعين ولا آذان ؟ ولا حتى أنف ، وطن بلا حواس ؟ دعك من ذلك كله ، أنعيش في وطن بلا عقل .

أمن العقل أن نعيش في وطن بلا عقل ؟

وأن كان الجنوب ساق .

أنعيش في وطن بلا ساق ؟ كيف يسير ؟ وكيف يلحق بعجله التنميه كما يدّعي ؟

أيسير وطني على كرسي متحرك ، أم يتكئ علي عصا من خيزران كادت أن تنكسر من الإتكاءات الطويلة المميتة ! أسيموت وطني ذات إنكسار عصا ؟

استيقظت من تأملي الطويل ومزقت جواز سفري وأخرجت منديلي الذي لم يتمزق بعد .

أهديته لمدينتي .

وماذا بعد .

أريد جواباً ، وطني مبتور الرأس أم الساق ؟