Post: #1
Title: حلم رئاسي
Author: amin siddig
Date: 02-27-2018, 02:57 PM
01:57 PM February, 27 2018 سودانيز اون لاين amin siddig- مكتبتى رابط مختصر حلم رئاسي
طال إنتظاره أمام قاعة المحكمة .. بدأ يشعر بالقلق ، ولكن الطمأنينة عادت إليه بسرعة : فهناك من أخبره بأن كل الجرائم عقوبتها مخففة و لا سبب يدعو للقلق ، فهو لم يرتكب الجريمة الكبرى.
قضى فترة عقاب بسيطة – مرت عليه سريعا على أي حال فهو كان يذكر نفسه بما ينتظره بعد قضائها – خرج بعدها إلى منتجع وريف الحدائق . لاحظ أن هناك عصافيراً على شجرة قريبة منه ، تصدر أصواتاً جميلة. بدأ يقترب من تلك العصافير ببطء ، فقد لاحظ أنها تتوجس عندما يقترب منها و تخفت أصواتها.
توقف عن الحركة و تظاهر بالنوم ، و بعد فترة إطمأنت العصافير و بدأت بالتغريد مجدداً. بدا له و كأن تغريد العصافير قريب من كلام البشر. شك أن هذه تهيؤات من فعل الخمر التي شرب منها الكثير في ذلك اليوم، و لكنه عاد و تذكر أن خمر ذلك المكان لا تسكر، فواصل الإنصات إلى العصافير.
العصافير تنطق بعض الكلمات أثناء التغريد ، تنطقها بلهجة ليست غريبة عليه . لم يرق له ذلك فهو يفضل لهجة أخرى. نادى على جرسون المنتجع و أبلغه بإحتجاجه. و طالب بعصافير مختلفة، بدا التردد على الجرسون فذكره بأنه وعد بأن تحقق كل طلباته طيلة إقامته في المنتجع. أمر الجرسون العصافير بالذهاب فذهبت.
أتت مجموعة أخرى من العصافير، و كالمجموعة السابقة بدت متوجسة و صامته، فتظاهر بالنوم مرة مجدداً . بدأت العصافير التغريد و مرة أخرى بدا له و كأنها تنطق بعض الكلمات أثناء غنائها. هذه المرة بلهجات مختلفة و لغات غير مفهومة . أغضبه هذا فرمى حجراً على العصافير فطارت مذعورة.
نادى على الجرسون مرة أخرى و وبخه : ( منتجع زي ده و ما قادرين تجيبوا طيور بتعرف تغني ) إعتذر الجرسون ( معليش سعادتك ، بس عندنا نقص في الطيور ) - ( كيف يعني نقص في الطيور، إنتو مش في الإعلان قلتوا أي حاجة عاوزها بلقاها هنا) - ( سعادتك بس في حاجة مكتوبة بي خط صغير في نهاية الإعلان عن الطيور تكون ما إنتبهت ليها) - ( كيف يعني ؟ ) واصل الجرسون الشرح ( الطيور دي نحن ما بنتحكم في الإمداد بتاعها ، عشان كده بنقول أي نزيل مسؤول عن إحضار طيوره معاه ) - ( طيب جبيتوا لي الطيور دي ليه ، أنا ما جبتها معاي ) - ( جبتها سعادتك ) - ( جبتها كيف ؟ ) - (سعادتك عارف الأطفال أقل من عمر معين ما بيجوا المنتجع ده، فنحن بنطلب من الناس يخلوا أطفالهم بره. عندنا متعهدين – حسب العقد – بيمشوا بيت النزيل ، بيعدوا الأطفال النايمين و بدل كل طفل بيدوا النزيل طيرة تسليهو شوية) بدا التعجب على و جه النزيل فواصل الجرسون ( دي طيور من أمريكا الجنوبية ، المتعهد بيكون شايلها معاه في قفص لمن يمشي يعد الأطفال ، فهي بتسمع صوت الأطفال لمن يكونوا نايمين بيحلموا و بيتكلموا و بتقلدهم ـ عشان كده مرات بتسمعها بتتكلم )
- ( أنا ما خليت أطفال نايمين قدر ده ، ديل قريب المليون طيرة ) - (سعادتك خليني أتأكد من المتعهد الغلطة كانت وين و أرجع ليك )
قام النزيل بحمل إناء الخمر ، ووجد بالقرب منه قدراً به لبن و أخر به عسل فخلطهم مع الخمر و شربهم ، أنعسه هذا الشراب فنام على سرير بالقرب من غرفته. كان نزيلنا راضياً عن إقامته ، فبخلاف تلك العصافير الناطقة لم يكن هناك ما يعكر صفوه.
إستيقظ على وقع خطوات قوية بالقرب منه ، نظر فوجد صديقه القديم بملابس العمل و حذاء ثقيل. إستغرب و سأله ( مالك ما لابس البيجامة زي باقي النزلاء ؟ ) - ( نحنا ناس إصابات العمل ، عندنا عرض خاص ، بنخش المنتجع بدون إجراءات و ما بنلبس بيجامات عشان الجرسونات ما يلخبطونا معاكم ) - (العرض الخاص فيهو شنو تاني ؟ ) - ( ممكن تدخل معاك سبعين من أصحابك المنتجع ) - ( ما يكون جابوا ليك طيورهم البتتكلم دي؟ ) - ( جابوا لي طيور بتتكلم رطانة كده ما فهمتها لكن ما غريبة على ) - ( أها و عملت شنو في المشكلة دي ) - ( ناديت الجرسون، قلت لي داير أتكلم معاك ، طلعت بيه السطوح بتاع المبنى ، لزيته وقع من فوق ، الطيور شافت المنظر طارت ما جات تاني ) - ( ياريت لو أنا زاتي عملت زيك كده عشان أحسم الموضوع ده )
قطع حديثهم هذا منظر غريب ، أحد أصدقائهم القدامى جاء يحمل سلسلة حديدية معلق في طرفها خزنة ضخمة بحجم بيت كامل. رغم ضخامة الخزنة فقد كانت خفيفة يحركها صديقهم النزيل الثالث مثل البالون، و يتجول بها في أرجاء المنتجع جزلاً كالطفل. - ( ده شنو يا زول ؟ ) صرخا فيه بعد تبادل التحايا و السؤال عن الأحوال إنبرى النزيل الثالث في الشرح : - ( متذكرين لمن كنت محبوس في فترة العقوبة المؤقتة ؟ ) - ( أيوة كانوا رابطين ليك الخزنة دي في رقبتك ) - ( بعد ما أطلقوا سراحي و مودني على المنتجع قلت ليهم داير أحتفظ بيها كتذكار ) - ( ما تقيلة لكن ؟ ) - ( أنا سمعت إنو في المنتجع ده في قوانين ما سارية ، منها قوانين الفيزياء و قانون النظام العام ، فعرفت إنو الخزنة حتكون خفيفة و زي ما إنتو شايفين كلامي طلع صاح ، هسي أنا بتسلى بيها و برضو بخوف بيها طيور المنتجع البتتكلم دي عشان ما تجي جمبي )
إقترب منهم كلب تبدو عليه الشراسة ، فبدا على النزلاء بعض التوجس ، حين إقترب الكلب منهم و إشتمهم زالت عنه الشراسة و بدا وديعاً و تمسح بأقدامهم. بعد جهد تذكر النزيل الأول أن هذا أحد كلاب صيده المفضلة ، لم يتعرف عليه في البداية فقد تغير لون الكلب بعد دخول المنتجع ، خاصة وجهه الذي أصبح أكثر بياضاً ، حتى يظن الناظر أن النور يشع منه. بدا عدم الرضا على صاحب الخزنة ، و حين سأله أصحابه عن السبب أجاب - ( ليه يخلوكم تدخلوا كلابكم ، أنا كنت قايل ممنوع إصطحاب الحيوانات الأليفة ) - ( لا هم من الأول قالوا مسموح بي إدخال حيوان أليف واحد ) - ( لو كنت عارف كنت جبت معاي الببغاء ) - ( و أنا لو كنت عارف كنت جبت الحربوية ) قام الكلب ببعض النباح و الزمجرة ، و كأنما يحتج على وضعه في مرتبة واحدة مع الببغاء و الحرباء.
جاءهم المشرف على البرنامج الترفيهي ليخبرهم عن برنامج تلك الليلة، و هو حفلة مشاهدة. تم أخذهم عند حلول المساء إلى مكان يشبه المسرح ، يجلس المشاهدون فيه على ارائك وثيرة. بدأ الحفل بإدخال قرود و خنازير إلي خشبة المسرح ، تبعهم رجال منكوشي الشعر يحملون زجاجات خمر فارغة ، و نساء شعورهم مصففة إلى الأعلى و يرتدين ملابس قصيرة ، و رجال من الأمازون ، و نسوة يابانيات ، و غيرهم من مختلف أشكال البشر ، كان عددهم يفوق عدد المشاهدين.
إنطلقت صافرة فدخل ملثمون يضربون من على المسرح بالسياط و العصى الكهربائية. و حين يتعالى صراخهم يقوم النزلاء المشاهدين بالتصفيق و الهتاف ( نحن ما قلنا ليكم ما سمعتوا كلامنا ). حتى الكلب إستمتع بحفلة المشاهدة هذه ، فظل طيلة مدة العرض يركض فرحاً بين خشبة المسرح و النزلاء المشاهدين. عند نهاية العرض قام الكلب بجر صاحبه النزيل من طرف بيجامته إلى مكان قرب المسرح ، و جد النزيل أن الكلب قد قام بإلتقاط سياط و سجائر و حبال من مخلفات العرض، و الكلب ينظر بفخر إلى سيده لحظة و إلى ما قام بجمعه لحظة أخرى. علق أحد أصدقاء النزيل ضاحكاً ( بوبي شكله إتذكر حركات الحوش زمان )
بعد أن إنتهاء الحفل قام النزلاء بالإنصراف إلى مقرات إقامتهم. حضر الجرسون إلى النزيل الأول: - ( سعادتك عرفنا سبب مشكلة الطيور) - ( السبب شنو ) - ( رجعت للمتعهد ، لمن مشى يسأل عن بيتك الناس قالوا ليه الحوش الكبير كله مسجل بإسمك ، فهو إعتبر كل الأطفال النايمين هناك تبعك ، و الناس قالوا ليهو إنت شخصياً أمرت بتنويمهم) تملك الغضب النزيل ، و قام بتحطيم كوب كان أمامه بعصاه ، ففر الجرسون مذعوراً. سرعان ما نسي النزيل غضبه ، فإقامته في المنتجع غير محددة ، و كان يمكن أن يكون الوضع أسوأ ، مثل وضع الذين يعذبون في حفلة المشاهدة. شعر براحة نفسية عظيمة و نام.
|
|