..إحذروا فتاوى فقهاء السلطان..

..إحذروا فتاوى فقهاء السلطان..


01-21-2018, 10:08 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=499&msg=1516525705&rn=0


Post: #1
Title: ..إحذروا فتاوى فقهاء السلطان..
Author: اسماعيل عبد الله محمد
Date: 01-21-2018, 10:08 AM

09:08 AM January, 21 2018

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله محمد-
مكتبتى
رابط مختصر



إحذروا فتاوى فقهاء السلطان

منذ ما قبل العصور الوسطى درج غالبية الكهنة و القساوسة ورجال الدين على التمكين للطاغوت ومؤازرته ,
الا القليل منهم هو الذي يستفتي قلبه ويعمل بما يمليه عليه دينه و ضميره , فمعظم الفقهاء يزينون الباطل للحاكم ,
و يباركون له بطشه بشعبه حفاظاً على ما يجود به عليهم من فتات مائدته ,
ومع بزوغ فجر ثورة التحرير السودانية وبداية اشتعال نيرانها هذه الايام ,
أطل علينا فقهاء السلطان من على منابر بعض مساجد الاحياء والمدن ,
يثبطون الهمم و يخذّلون الشعب الذي ثار من اجل لقمة عيشه , فشطحوا في خطبهم المعادية للوطن و المواطن ,
و علت صرخاتهم المناشدة للناس بعدم الخروج على الحاكم , دون ان يقدموا هذه المناشدات و النصائح لولي الامر الذي قصّر في واحد من اوجب واجباته ,
وهو رعاية مواطنيه و توفير مخزون الذرة والقمح لتأمين عيشهم الكريم ,
فعندما يعجز الحاكم عن الوفاء بهذا الواجب الاساسي , فبعد ذلك ليس من الحق ان يطالب هؤلاء المتفيقهون المواطنين البسطاء ,
لأن يركنوا ويستسلموا للظلم الذي طال امعائهم , و حرمهم الخبز و الطحين و دقيق القمح , فكل خطيب يعتلي المنبر قبل اداء صلاة الجمعة ,
عليه ان يخطب في الناس بضرورة ازالة الحاكم الظالم , و اهمية الخلاص من الأمير الذي لا يهتم لأمر أمته ,
والذي يرى اطفالها جائعين تتلوى اجسامهم من فرط خواء المعدة ,
فالواجب الاخلاقي يحتم على الفقهاء وأئمة المساجد الوقوف في صف المحرومين و الكادحين ,
الذين لم توقد نار الطبخ في بيوتهم بسبب انعدام الرغيف ,
فان امر اطعام الرعية خشية وقوعها في براثن الجوع , وتأمينها من كل اسباب الخوف و الرعب ,
يعتبر من اكثر الواجبات قداسة , ومن الضرورات القصوى التي يجب على امير المؤمنين الايفاء بها.

اذا لم يتضامن دعاة الحق و الفضيلة من علماء الدين مع قضايا المواطنين ,
من غلاء طاحن في اسعار السلع الاستهلاكية وندرة في الخبز , فان العار سيلاحقهم اينما حلوا ,
لان الفضيلة ليست خطباً منمقة تلقى في بيوت الله التي يؤمها هؤلاء الجوعى ,
و ليست ارتهان للظلم ولا محاباة لاهل الرئاسة والسيادة وحرق البخور لهم ,
ان التبشير بالقيم والمثل النبيلة الذي نسمعه من افواه الكثيرين من الخطباء و الفقهاء عبر شاشات القنوات الفضائية ,
لا يكون فاعلاً و صادقاً الا بعد ان يتناول الهم العام للناس ,
خصوصاً في ايامنا هذه , فاليوم هو الامتحان الاكبر لكل من نصب نفسه راعياً للاخلاق ,
ومدافعاً عن الضعفاء و الفقراء والمساكين , ففيما سبق هذا الحاضر الثوري الذي صحى فيه الضمير الجمعي للأمة السودانية ,
كانت فتاوى علماء القصر السلطاني هؤلاء تتمحور حول زي المرأة وكيفية مشيتها في الطرقات,
و بعض القضايا التي تعتبر بحسب اولويات المرحلة الحالية انصرافية من الدرجة الاولى ,
فهذه المرحلة لها هم وقضية واحدة تنضوي حول مفهوم الآية الكريمة الرابعة من سورة قريش : (الذي اطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) صدق الملك الجبار ,
فاطعام الخالق لنا لن يتأتي الا عبر بوابة الحاكم العادل , من امثال الخليفة الثاني عمر بن الخطاب والخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز عليهما رضوان الله ,
فسيرة كلا الرجلين مليئة بالمواقف التي لا تحصى من قصص وفائهم لرعيتهم كامراء وخلفاء راشدون ,
فاين نحن اليوم من هذين العمرين ؟ ,

وهل هي سخرية القدر ان اتت الينا بعمر الذي لا يشبه ولا واحد من هذين العمرين في شيء ؟.

لقد جسّد ولاة امرنا في عهد الانقاذ اسوأ مثال للحكم الاسلامي ,
الذي تباعدت فيه الخطى بينهم وبين تعاليم الدين الاسلامي الواضحة و الصريحة ,
فيما يتعلق بنصرة الضعفاء و الكادحين , فلم يكونوا ابداً مثالاً للتواضع و لهفة المظلوم و كفالة اليتيم و ايواء عابر السبيل ,
و رعاية المصنفين من اهل الحاجة في مصارف الذكاة المعروفة , لقد بُني الصرح الذكوي العملاق في عهد الاسلاميين في العاصمة الخرطوم ,
و حُصّلت الذكوات من جميع انواع المداخيل , وما تزال امة الاسلام السودانية تعاني حالة من الفصام بينها وبين حكامها و وزرائها ,
فالامراء و الورزاء في عهد هذه العصبة الانقاذية اتخموا باكتناز الاموال المنهوبة والمختلسة من بيوت اموال المسلمين ,
لقد ضربوا بكل التوجيهات الربانية النبيلة عرض الحائط , فسجلوا أعلى نسبة للارقام القياسية في الفساد واكل اموال الناس بالباطل ,
فلو حدثت مثل هذه المخالفات المالية في ظل نظام حكم لاديني , لكان من الجائز والممكن ان يجد الناس العذر لمثل هكذا نظام ,
وذلك وبكل بساطة لانه لم يأت للحكم وقيادة الناس رافعاً الشعارات الدينية من شاكلة (الاسلام هو الحل) ,
و لم يسوق الناس بوعود ميتافيزيقية خيالية في امور عملية و واقعية لا تقبل التأجيل ,
إنّ قيادات ما يسمى بالحركة الاسلامية في السودان , قدموا أفشل نموذج لنظام حكم الاسلام السياسي الهادف الى الاصلاح ,
عبر إغتصاب السلطة واستخدامها كاداة لتنفيذ هذا الاصلاح , وجرّوا معهم في هذا المضمار الكثيرين من اتباع ورموز الجماعات الاسلامية لاخرى ,
المؤمنين باجندة ما اسموها الدولة الرسالية ومشروعها الحضاري ,
تلك الدويلة التي رسب قادتها في جميع امتحانات النبل و الاخلاق و النزاهة ,
فتاجروا بآيات الله و اشتروا بها بضاعة دنيوية كاسدة و وضيعة و وبخسة الثمن.

الم يقرأ هؤلاء الانقاذيون وفقهائهم سورة الماعون ؟ ,
ليعقلوا ما جاء فيها من رسالة صريحة , تحضهم على اطعام المساكين , أم على قلوبهم اقفالها ,
إنّ هذه السورة تحتوي على مقارنة بارعة بين حال من يتلو على الناس آيات الله ,
وما بين نشاز سلوكه الذي لا يتوافق مع معاني ما يتلوه من آي الذكر الحكيم ,
و تُحدثنا هذه السورة عن العاقبة الوخيمة التي سيؤول اليها المكذبون بالدين ,
الذين يدُعُّون اليتيم ولا يحضون على طعام المسكين , وكأن معاني هذه السورة قد فصلت لتناسب حال قادة التنظيم الاسلامي في السودان ,
خاصة عند وصفها للساهين عن صلاتهم بالمُرائين , والتصاق خصيصة منع ماعون الطعام عن الفقراء و المحتاجين بقادة هذا التنظيم الاسلاموي ,
فهذا هو ما قام ويقوم به قادة الدويلة الرسالية المزعومة , التي سخّرت العاطفة الدينية الفطرية والجياشة لافراد الشعب السوداني ,
لتحقيق مشاريعها الجشعة و التوسعية في جباية وتجنيب الاموال ,
هذه الاموال التي كان من باب اولى ان تذهب لبنود صرفها المستحقة في الخدمات و شئون معيشة الناس ,
فعلى جماهير ثورة التغيير الحاضرة ان يلا يعيروا فتاوى فقهاء الحاكم اي اهتمام ,
هؤلاء الفقهاء الوالغون في إناء مائدة السلطان المكدسة بطعام هذه الشعوب المحرومة ,
التي ضربها البؤس و الشقاء نتيجة لأنانية وجبروت هذا الأمير ,
فما على هؤلاء البؤساء الا أن يعضوا على مشروع انتفاضتهم بالنواجز , فهو السبيل الاوحد الذي بمقدوره إخراجهم الى البر الآمِنْ.