مدمن الكحول والمخدرات مريض بحاجة إلي العلاج وليس العقاب

10:29 AM November, 11 2017

سودانيز اون لاين
محمد الحسن حمدنالله-برستول بريطانيا
مكتبتى
رابط مختصر

هناك قُصور بيِّن من السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية في السودان في التعامل مع قضية الإدمان في تعاطي الكحول والمخدرات حيث تتعامل هذه السلطات مع المدمنين كمجرمين يستحقون العقاب لا مرضي يستحقون العلاج صحيح أن قانون المخدرات والمؤثرات العقلية تناول الأمر علي إستحياء حيث أورد أنه لا تُقام الدعوي الجنائية علي مدمن المخدرات الذي يطلب العلاج من تلقاء نفسه أو قبل تقديمه إلي المحاكمة والمتوقع هنا أن تُبادر الدولة إلي ذلك لا أن تنتظر المدمن ليتقدم لطلب العلاج علي أية حال هي خطوة متقدمة ويجب الإشادة بها لكن المؤسف هذا الإستثناء قاصر علي مدمني المخدرات ولم يمتد ليشمل مدمني الكحول مع إن عِلَّة عدم المساءلة الجنائية واحدة فالخمر تدخل ضمن المؤثرات العقلية

واضح أنه ليس في السودان مراكز متخصصة لعلاج الإدمان وإن وُجدت فهي أسماء لا أكثر حيث لا تتوفر لديها الأمكانيات والمعينات حتي تجعل منها مراكز ذات أثر فعّال وإن وُجدت في الخرطوم فليس هناك مراكز مماثلة في الولايات وظنّي أن ذلك مرده لأمرين أولهما عدم إهتمام الدولة بالأمر بإعتبار أن المدمنين فئة غير مرغوب فيها وهم من تسببوا فيما آلت إليه حالتهم بتعاطي المحرمات وبالتالي عليهم تحمُّل النتائج الأمر الثاني هو ضعف الميزانية المخصصة لوزارة الصحة والرعاية الإجتماعية وبرامج معالجة الإدمان مكلِّفة مادياً

الجهات العاملة في مجال العدالة الجنائية في السودان كالقضاء والنيابة والشرطة ليس لديها الإستعداد الكافي للتعامل مع المدمنين كشريحة مختلفة عن باقي المتهمين بحيازة أو تعاطي المخدرات والكحول بل وبصورة عامة تتعامل مع الجميع بصورة متساوية من حيث الإجراءات والعقوبات وفي هذا ظلم بيِّن للمدمنين فتجد مدمن الخمر يتردد علي نفس قسم الشرطة عدد من المرات في الشهر ويُعرض علي نفس القاضي وفي كل مرة ينتهي إلي نفس العقوبة الجلد وربما تُقرن بالسجن لغرض تشديد العقوبة!

لمعالجة مشكلة الإدمان في السودان المطلوب جملة إجراءات منها إصدار وتعديل التشريعات الموجودة بما يضمن عدم مساءلة المدمن جنائياً بل توفير الدعم المالي المناسب لإنشاء المصحات في كافة ولايات السودان لعلاج المدمنين وإعادة تأهيلهم ليسهل إدماجهم في المجتمع وعلي الدولة أخذ الأمر بجدية من خلال التوعية بمخاطر الإدمان والنتائج المترتبة عليه وتشجيع المدمنين وأسرهم علي طلب العلاج ولو بصورة سرية تحفظ للمدمن وأسرته خصوصيتهم والتعامل مع المدمنين بالإحترام اللائق بهم كآدميين ونقل رسالة للجميع بأن الإدمان ليس عيباً إنما هو مرض مثل سائر الأمراض يمكن علاجه مع تدريب القضاة ووكلاء النيابة وضباط وأفراد الشرطة علي كيفية التعامل مع المدمنين