في ذكري وعد بلفور

01:55 PM November, 03 2017

سودانيز اون لاين
طه جعفر-تورنتو..اونتاريو..كندا
مكتبتى
رابط مختصر

"التقت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، نظيرها الإسرائيلي الذي يزور لندن ذكرى مئوية الوعد البريطاني الذي مهد الطريق لإنشاء إسرائيل ( 2 نوفمبر 2017م).
وتأتي زيارة بنيامين نتنياهو في الذكرى المئوية لصدور وعد بلفور لدعم وطن قومي لليهود في فلسطين.
وينظر اليهود وإسرائيل إلى الوعد باعتباره خطوة مهمة جدا، بينما يراه الفلسطينيون ظلما تاريخيا حل بهم.
ورفضت بريطانيا مطالب دعتها إلى الاعتذار عما حدث، قائلة إنها فخورة بالدور الذي أدته.
ورفض زعيم حزب العمال، جيرمي كوربن، الذي ينتقد منذ فترة سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين، دعوة لحضور حفل عشاء لرئيس الوزراء الإسرائيلي الخميس مع ماي، وتحضره نيابة عنه وزيرة الخارجية في حكومة الظل، إميلي ثورنبيري.
وتظاهر الفلسطينيون في الضفة الغربية المحتلة محتجين وقد لوح مئات منهم برايات سوداء، وهم يسيرون إلى المركز الثقافي البريطاني في مدينة رام الله".
http://www.bbc.com/arabic/middleeast-41844075
هذا بالضبط هو عطاء مَنْ لا يملك لمَنْ لا يستحق. لم تكن بريطانيا غير محتلٍ بعيضٍ للاراضي الفلسطينية و لم تكن قيادات اليهود غير مجموعات من رجال الأعمال الذين يبحثون عن فرص للثراء علي حساب الشعوب الأخري علي طريقة اوربا الكولنيالية . لم يكن لليهود حينها دولة بل كان اليهود مضطهدون في الدول الاوربية. صدر وعد بلفور من وزير خارجية بريطانيا ارثر بلفور في الثاني من نوفمبر 1917م لأحد قيادات رجال الأعمال اليهود و هو الصيرفي لورد روثشيلد القيادي في الجالية اليهودية في لندن. في 2 نوفمبر 2017م احتفلت تيرازا ماي رئيسة وزراء بريطانيا بالذكري المئوية لوعد بلفور بحفل عشاء ضمّها مع نتينياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي.
تيرازا ماي ليست وحدها بل هي جزء من التيار اللبرالي الجديد الذي يقود العالم الرأسمالي بأجندة عنصرية ضد السود، السكان الأصليين، المسلمين و بالطبع ضد العمّال و النساء و اصحاب الإتجاهات الجنسية المغايرة. ليست صدفة أن تقود اللبرالية الجديدة اوربا الآن في ظل الإستقطاب الإجتماعي الحاد الذي يضرب العالم الرأسمالي و يهدد بأفوله تماماً. حالة الغيبوبة التي تصيب متوسطي الحال من ناحية الوعي في اوربا و امريكا الشمالية و استراليا نتيجة للدعاية الضخمة ضد اللاجئين السياسيين و المهاجرين ليست أكثر من دعاية رأسمالية جبانة تهدف بالاساس لشق وحدة الطبقة العاملة و تشويش الوعي و ابعاد الناس عن ادراك المشاكل الحقيقية التي تعانيها الرأسمالية تحت قيادة اللبراليين الجدد. ما يحدث في طبقة الرأسمال في اوربا و امريكا الشمالية و استراليا متشابه مع إختلافات طفيفة، المقصود أن البحث الحثيث عن الارباح الطائلة دفع الرأسمالية للبحث عن مراكمة الارباح بتقليل تكلفة الإنتاج لأبعد درجة و لقد تمّ ذلك للرأسمالية بنقل الصناعات من اوربا و امريكا الشمالية و استراليا إلي مستعمرات سابقة بما يسمي بالعالم الثالث حيث الحكومات الفاسدة و التابعة التي توفر الملجأ الآمن و الرخيص للرأسمال الأجنبي المهاجر. إغلاق المصانع في الدول المتقدمة و نقلها لحيث تكلفة الانتاج منخفضة نشر البطالة و الضنك و سوء العيش بين العمال و الشباب و هذا هو ما يجعل الدعاية العنصرية اكثر جاذبية كمحاولة متوسطة الحال من حيث الوعي لتفسير ازمات المجتمعات الرأسمالية.
بلاهة اللبراليين الجدد تتجلي في هذا العشاء البلفوري بأكثر الصور جلاءً في ظرف تعتمل فيه مسببات الهوس الديني المتطرف بعقول الشباب في الدول العربية الإسلامية و لمثل هذا الحفل البلفوري تثور ثائرة الشباب المتشنج في فلا يجدون غير داعش و القاعدة كأفضل ترياق للصلف الأمبريالي الذي يمارسه اللبراليون الجدد علي شاكلة تيريزا ماي.
مما سبق يمكننا ببساطة إدراك الصلات الحميمة بين تيارات الهوس الديني العنيف و الجهادي بالدول العربية و الإسلامية و اللبراليين الجدد في اوربا و امريكا الشمالية. الدور المناط بهذه التيارات المتشددة هو ضرب تيارات الإستنارة و الحريات بالمجتمعات العربية و الإسلامية للحد من المد الجماهيري الملحوظ الذي ينشط فيه دعاة التغيير نحو دولة المواطنة و الحريات و الحقوق بدلاً عن حكومات الشيخوخ، السلاطين و الملوك و الديكتاتوريات التي تمسك بخناق الشعوب في العالم العربي و الإسلامي إجمالاً و ليس من دليل علي ذلك أكبر مما سماه الصحفيون و الكتّاب بالربيع العربي.
سيظل إستغلال الدين و الفكر العنصري البغيض هما أكثر أدوات الرأسمالية للهيمنة علي الشعوب. في مثل هذه الظروف يتعاظم الدور المرجو من الأحزاب الساسية العلمانية و منظمات المجتمع المدني التي تضم تيارات الحركات النسوية و الطلاب و الشباب و المنظمات الجماهيرية التي تدافع عن الحقوق و الحريّات، يتعاظم الطلب للدور المرجو في نشر الوعي و فضح أساليب اللبراليين الجدد و اطروحتهم الكولينيالية الجديدة. لهذا الجهد ثمار عظيمة في بناء السلام و فتح الطريق نحو التحولات الديمقراطية و لجم هياج الهوس الديني المتشدد العنيف.


طه جعفر الخليفة
تورنتو كندا
3 نوفمبر 2017م

الإسلام السياسي بكافة اشكاله
هو احد ادوات الإخضاع من أجل تنفيذ اجندة الرأسمالية
الفاسدة منها و التي تنهب في حدود القانون ذو الطابع الطبقي