ستجلِسُ وحيداً في المقهى

ستجلِسُ وحيداً في المقهى


07-13-2017, 07:42 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=490&msg=1499928131&rn=1


Post: #1
Title: ستجلِسُ وحيداً في المقهى
Author: بله محمد الفاضل
Date: 07-13-2017, 07:42 AM
Parent: #0

06:42 AM July, 13 2017

سودانيز اون لاين
بله محمد الفاضل-جدة
مكتبتى
رابط مختصر



++++
1
أبسُطُ يدِي كلما خرجتُ
فيُحلِّقُ طائِرُ الحنِينِ
لِيحُطَّ بِقلبِ الشّارِعِ
فيُعِيدُهُ كما أنشأهُ أوّلَ مرّةٍ.

2
الضّوءُ الذي ينظُرُ إلى الشَّارِعِ
بِأنفاسٍ مُحتدِمةٍ
مِلءُ يديهِ عِطرُ نفسِهِ
يُوزِّعُهُ على صمتِ الشَّارِعِ
لِيدنُوا إليهِ قلِيلاً
ويهمِسُ في أُذنِهِ بِمحبّةٍ يرتجِيهَا
ويسهرُ كُلّ ليلةٍ لِكي يُوزِّعَها على يديِّ الشَّارِعِ

3
(1)
في هذه الأثناءِ
اِحتوَى صُراخُ طِفلٍ مفزُوعٍ
أخيلةَ شاعِرٍ
فهرعتْ تضمِدُ قلبَهُ المُوبوءَ بِالحربِ
وهو بعدُ لم ينطِقْ اِسمَهَا.
.
.
لِيصنعَ أغبَى العُلماءِ
قنابِلَ لا تُفزِعُ الأطفالَ..
(2)
في هذه الأثناءِ
يتآزرُ الكونُ بِأدمعِهِ (الجسورةِ)
مع الخُرُوجِ المُذِلَّ لِلسّامبَا
من نهائِيِّ كأسِ العالمِ 2014م!!!!!!!
(3)
في هذه الأثناءِ
تُضِيءُ أُمِّي العتمةَ بِصحُوِها
تماماً كما يُحِبُّ أن يراهَا اللهُ
وتغزِلُ من بين يديها بِصوتِها المفزُوعِ
أدعيتَها التي تجعلُنِي رغم ما أُكابِدُ
يرُجُّنِي النُّومُ الشّهِيُّ إلى ثناياه..
(4)
في هذه الأثناءِ
يُمارِسُ السّهوُ اِقتيادَهُ
كُلَّ هذا الاِحتِشادِ إلى براحاتِ الحُبِّ
والحربُ لم تزلْ تصطادُ
نبضَ أفكارِهِ ومداهُ..

4
لم أعُدْ أعرِفُ إلى أينَ
أحمِلُ حزنِي الفاتِنَ..
الطُّرُقاتُ اِبتسمتْ مرّةً
وأغلقتْ عينِيها عن صمتِهِ
اللّيلُ أرهقتهُ ضحكاتُهُ المُجلجِلةُ
فصافحَ الصّباحَ دُونَ موعِدٍ معقُولٍ
السِّيجارةُ في أصابِعِي اِنطفأتْ
حين حاولَ أن يُصافِحَهَا
المارةُ أفزعهُمْ فلجأوا إلى الموتِ
خشيةَ أن ينهمِرَ بِوجوهِهُمْ فيحرِقُهَا
لِيمشوا إلى بُيُوتِهُمْ دونَ أنفٍ يدُسُّونَهُ بِالوِسادةِ..
.
.
.
.
.
سأحرُقُهُ السّاعةُ
وأدُسُّ جِنازتَهُ
بِأُغنِيّةٍ مُهشّمةٍ..

5
ستجلِسُ وحيداً في المقهى، يُوزِّعُ الأصدِقاءُ كراسِيهِمْ بِجوارِكَ، فتتّسِعُ الدّائِرةُ واللّغطُ..
لكنك كما أنتَ، ستظلُّ وحِيداً تجلِسُ
تُشارِكُ تارةً بِتوجِيهِ دفةِ الحدِيثِ إلى جِهةٍ مُغلقةٍ لِتنصرِفَ إلى وحدتِكَ
أنتَ تُجابِهُ الجُمُوعَ بِمُفردِكَ، بِوحدتِكَ المُتشبّثةِ بِعينِيكَ، تُدِيرُهُمَا في الوُجُوهِ التي تتفرّسُ بِملامِحِ كلِماتِكَ الزّرقاء، أنت تحذِقُ هذا اللّونَ، تدُسَهُ بِحذقٍ بِحوافِ همسِكَ الرّقراقِ، وتضعُهُ بِحذقٍ أيضاً بين وُجُوهِهُمْ، وتضحكُ بِهدُوءٍ غير مشرُوحٍ وأنت ترى لونَكَ هذا الذي تحذِقُ وهو يقبِضُ على ملامِحِهِمْ البيضاءَ -من غيرِ سُوءٍ-، تبتهِجُ بِالزُّرقةِ التي تستشرِي في سماءِ ذلك المقهى...
ما خطبُ الوحدةُ، كلما ربيتُها ضربتْ موعِداً في الدّائِرةِ واِحتفتْ بِمُشاكسةِ الوُجُوهِ المُلوّنةَ فعبأتَها بِلونِها الجسُورِ الحذِرِ...
الأصدقاءُ نوافِذُ غِيابِي وألفتِي، أوقاتُ شُجُونِي وشجُوي وشجرِي..
كم من مرّةٍ تهيّأتُ بِقوسِ قزحٍ واِنتقيتُ من حدائِقِ الرُّوحِ أريجاً دفاقاً
فاِنتهينَا جميعاً بِأزرقِـــــــــــــــي..
عُذراً أيها المقهى المُلوّنُ، عُذراً أيها الأصدِقاءُ، أخلفتُ كدأبِي موعِدِي مع مقعدِي بينكُمْ
لقد حضرَ إِليكُمْ شُرُودِي ولم تلقُونِي
فاِنصرفتُمْ إلى أُنسِكُمْ
الذي دثرَنِي فاِبتهجتُ...

6
أرملتان
- - - -
على زمنينِ، بِالهِيئةِ عينُهَا، علّقنَا أعلانا الغيمَ والبحرَ، نحِينَا الأمواجَ والشّمسَ، وصوبنَا إلى الرِّيحِ أسانَا، أرملتا مُحارِبينَ غائِبينَ في المعركةِ أو الموتَ لا ندرِي، كُنّا دائِماً حاضِرتانِ في المشهدِ بذاتِ الهيئةِ، ولم يحفِلْ بنا إِلا الِانتِظارَ المُمِضُّ.

7
نحنُ بِالفِعلِ في الأسفلِ سيِّدِي
وستدوسُ علينا بِكُلِّ نشوةِ الطّاغِيةِ
لكِنّا نُنبِّهُكَ لِلمرّةِ الأخِيرةِ
كُلُّنَا مسامِيرُ ستثقُبُ قدميكَ
وتنفُذُ إلى قلبِكَ.
13/7/2016