طريق الموت يفجع أهل فداسي!

طريق الموت يفجع أهل فداسي!


01-15-2017, 02:03 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=490&msg=1484485439&rn=0


Post: #1
Title: طريق الموت يفجع أهل فداسي!
Author: محمد التجاني عمر قش
Date: 01-15-2017, 02:03 PM

01:03 PM January, 15 2017

سودانيز اون لاين
محمد التجاني عمر قش-
مكتبتى
رابط مختصر

طريق الموت يفجع أهل فداسي!
محمد التجاني عمر قش
[email protected]
ظل طريق الموت، كما يطلق عليه أحياناً، الذي يربط العاصمة الخرطوم بقلب الجزيرة في مدني، يفجع القلوب ويحصد الأرواح بلا رأفة ولا رحمة والله المستعان! لكن أن تبلغ حصيلة الموتى أكثر من ثلاثين شاباً في مقتبل العمر فتلك لعمري كارثة يندى لها الجبين وتهتز لها القلوب وتبكي العيون وتورث الأسى والحزن؛ فهي بكل تأكيد مصاب جلل فإنا لله وإنا إليه راجعون. في يوم 25 نوفمبر 2016، فجعت قـرية فداسى الحليماب بحادث مروع؛ إذ شب حريق في ناقلة كانت تحمل مواد نفطية مشتعلة مما أودى بحياة أكثر مـن ثلاثين مـن شباب القرية المكلومة. وهذه ليست المرة الأولى التي تصاب فيها فداسي بمثل هذه الفاجعة المروعة بل هي واحدة من مصائب كثر شهدتها هذه القرية الوادعة، لا لشيء سوى أنها تقع على هذا الطريق القاتل، الذي يمثل، في ذات الوقت، أحد أهم الطرق التي تربط العاصمة بمينائي بورتسودان وسواكن وغيرها من مدن الشرق الحبيب. ولعل هذا ما يجعل طريق الموت مزدحماً بحركة السير طوال اليوم وبالتالي تزداد نسبة احتمالات الحوادث، واضعين في الاعتبار تدهور حالة الطريق الناجمة عن كثرة السيارات التي تمر به، مقترنة بسوء الصيانة أو انعدامها تماماً، وضعف الرقابة المرورية من أجل ضبط السرعة وتوفر مطلوبات السلامة المروية واتباع الأنظمة في هذا الصدد. ومع علمنا بأن الجهات ذات الصلة تجمع مبالغ طائلة من المركبات، التي تستخدم هذا الطريق الحيوي، إلا أننا، في واقع الأمر، لا ندري أين تذهب تلك الأموال التي يجب أن ينفق جلها في صيانة الطريق وتحسينه بشكل دوري حتى يكون موافقاً للمواصفات والمعايير المعمول بها دولياً فيما يتعلق بمثل هذه الطرق التي تعد قارية! إن الحادث الذي فجع فداسي مؤخراً يعد كارثة قومية بكل المقاييس؛ وإزاء تلك الفجيعة المؤلمة تحركت مشاعر الأستاذ الأمين بلة الأمين معزياً أهله وأرحامه في مصابهم؛ فجادت قريحته الشاعرية بهذا الفيض من الحزن الغامر، وقد حق له ذلك فهو أحد أبناء فداسي الذين ترعرعوا في هذه القرية التي ما فتئ طريق الموت يتخطف شبابها بين الفينة والأخرى تاركاً حزناً عميقاً في نفوس الأمهات والآباء الذين نسأل الله أن يجيرهم في مصابهم ويجبر كسرهم ويلهمهم الصبر والسلوان وأن يغفر لموتاهم أجمعين. كتب الشاعر الأمين بلة:
صبراً فــــداسى فالمصــاب عظيــم والجـرح دام والفـؤاد كليـــم
أضحى (طريق الموت) ذا متصدعاً لــم يجــد نفعــاً ذلك الترميــــم
صبـــراً بنــي وطني فتـلك مصيبــة مقســومة ومقـــــدّر محتــــوم
خرجت عـذاري الحي يندبن أخـوة والدمع فـوق خـدودهــنّ سجيم
يبكـيـن والأرواح كلمـــى حـــــزينة إن البكـاء علــى الشبــاب أليــم
والأمهـــات ثـــواكل قـــد راعهـــا خبر تسـربل بالأســى مشـــؤوم
يبكـيــن فـــلذات الكبــــود تحســراً والحـزن فــي أحشائـهن مقيــم
إنــي لأحسـب أنهــــم فــي جنـــة مخضلـّة ورحيقهـــا مختـــــوم
في صحبة الأخيـــار مـن أسلافنا يعلــو وجــوههــم سناً ونعيـــم
سبحانك اللهـــم حلمـــك واســــع أنت الـرؤوف بنــا وأنت حليــم
فالطــف بنـــا وبمــن أتـاك ملبّيـا فهـــو الشهيــد وكلنــــا مكلــــوم
وأفـــرغ علينا مـن لـدنك تصبّراً فلأنت بالشاكـــي إليــك رحيـــم
هذه القصيدة تصور بكل أسى حال الأهل في فداسي وتنقل لنا صورة إنسانية هي غاية في الكآبة والحزن تعمد الشاعر أن ينتقي لها كلمات ذات دلالات موحية تشي بقدر كبير من الألم واللوعة، سيما وأن الشهداء كان جلهم من الشباب، رحمهم الله وغفر لهم. من يقرأ قصيدة الأستاذ الأمين بله لا يملك إلا أن يذرف دمعة حرى مواساة لأهل فداسي وهم يفدّون من فقدوا في هذه الفاجعة. فكل أبيات هذه القصيدة تنضح بتعبير عن حزن عميق يكاد القارئ يراه بين السطور وليس أدل على ذلك من قول الشاعر في هذا البيت:
يبكـيــن فـــلذات الكبــــود تحســراً والحـزن فــي أحشائـهن مقيــم
فلاحظ، يا رعاك الله، انتقاء هذه المفردات:(يبكين، تحسراً، الحزن، مقيم) بطريقة تزيد المعنى قوةً، وتضاعف الشعور بالحزن؛ ذلك لأن القصد هو مشاركة الناس في مصابهم، ولذلك لا يمكن أن تكون القصيدة بخلاف ما كانت عليه من صدق المشاعر وتصوير لما يعتلج في النفوس من حزن وأسف؛ خاصة وأنها قد جاءت صادقة ومعبرة تماماً عن موضوعها شكلاً ومضموناً. وهذا ليس مستغرباً على هذا الرجل المرهف الأستاذ الشاعر الأمين بلة الذي أعرفه عن كثب، فقد ظللت على صلة به لما يقارب عشر سنوات؛ فوجدته أديباً أريباً وشاعراً مجيداً بيد أنه ضنين بشعره ولا يحب نشره إلى في أضيق نطاق. إن ما أصاب أهل فداسي يجب أن يحزن له كل ذي قلب رحيم، ولذلك نناشد السلطات المعنية ببذل مزيد من الجهد والاهتمام بهذا الطريق حتى لا نفقد أي عزيز من أبناء شعبنا، جراء الحوادث التي لا تنفك تفجعنا بين الفينة والأخرى، على هذا الطريق. ويا أهل فداسي جبر الله كسركم، وعظم أجركم، وغفر لشهدائكم، وجمعنا وإياهم في الفردوس الأعلى من الجنان، ولله الأمر من قبل ومن بعد.