انطباعاتٌ عن الطّيور الراحلة جَنوباً/محمد عبد الحي - خاص: الممر و البعيد-

انطباعاتٌ عن الطّيور الراحلة جَنوباً/محمد عبد الحي - خاص: الممر و البعيد-


01-15-2017, 08:55 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=490&msg=1484466904&rn=0


Post: #1
Title: انطباعاتٌ عن الطّيور الراحلة جَنوباً/محمد عبد الحي - خاص: الممر و البعيد-
Author: بله محمد الفاضل
Date: 01-15-2017, 08:55 AM

07:55 AM January, 15 2017

سودانيز اون لاين
بله محمد الفاضل-جدة
مكتبتى
رابط مختصر

انطباعاتٌ عن الطّيور الراحلة جَنوباً*
محمد عبد الحي




(1)
على موجِ الرياحِ الناعمِ الشَّفاف أَبحَرتِ
وئيداً بالجناح الرخو، كانت آخر الأوراقْ
تُوَسوِسُ في الغصونِ السودِ، تَرقصُ رَقصةَ الموتِ
وتسكتُ فجأةً لتدور لحظاتٍ، وتَسقطُ دونما صوتِ
وضوءٌ ناعمٌ من دونما إشراقْ
يفيض ولا يفيض من السماوات الرماديّة،
سكونٌ في خلايا الريح والأحجار والشجرِ،
سكونٌ في انتظار حديقة الثلج التي تزهو مع السحرِ
سكونٌ ماكرٌ كالخمر، صمتٌ ناعمٌ كمخالبِ القطِّ، احتَمَت
منه النِمال، وأغلَقَت أكمامَها عنه الأزاهير الشتائية،
وقوَّسَ ظهرهُ الجرو الصغير ونامَ في زاوية البيتِ،
وأقفل نفسه الثعبان خوفاً في عروق الأرض يصغي كيف ينمو الصمت في الرعد
هي الأشياء لم تخرج من الأفق القديم ولم تعكِّر عينها الأحداث والغربة

(2)
لأنكِ تَرحلين إلى السواحل والفراديس الجنوبيَّة،
إذا انهَمَرَ الجليد وكفَّن المدن الصناعية،
نسيتِ (وربما لم تَعرفي أبداً) صحارى الرعب والوحدة،
وعار السقطة الأولى، وتلك الرجفةُ الحمراء كالوردة،
إذا التمعت بروقٌ في الظلام وذكّرتنا أننا غرباء أو سجناء،
وأنَّ الريحَ ممتلئٌ بصوتِ بكائنا المخبوء في ضحكاتنا، كلماتنا الجوفاء.

(3)
لماذا لا نغيبُ ولو للحظاتٍ مع الطيرِ
هنالك في الصفاء الناصع الممتدِّ كالبحرِ،
بلا ذكرى ولا أملٍ، بلا ماضٍ ولا مُقبلْ،
فلا نشتاق للآتي، ولا نأسى لما يَرحَلْ،
هنالك حيث لم تخرج من الأفق القديم ومن بحارِ نقائها الأوَّلْ
خُطَّى الأيامْ
هنالك حيثُ لا أيّامَ أو أيّام كالأحلامْ،
وحيث الطفل والأنثى
وماء النبع والقيثار
غبارٌ في يدِ الله استكانوا في انتظارٍ كلّه صبرٌ وإذعانٌ لما يشتَار.
هنالك ليس غير رؤى الـ(هنا) و(الآن)
يمرُّ الفصلُ، إثرَ الفصلِ، إثر الفصل والأزمان
يظلُّ لها نقاء الريح والينبوع،
وكلّ براءة الفجرِ.
لماذا لا نغيبُ ولو للحظاتٍ مع الطيرِ؟


إدنبره - يناير – 1962م 




* قصيدة لم تُنشر
** تم النشر تزامناً مع ملف الممر الثقافي الذي تُصدره جريدة السوداني 

http://www.albaeed.com/%D8%A7%D9%86%D8%B7%D8%A8%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%D9%8C-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%91%D9%8A%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%AD%D9%84%D8%A9-%D8%AC%D9%8E%D9%86%D9%88%D8%A8%D8%A7%D9%8B/http://www.albaeed.com/%D8%A7%D9%86%D8%B7%D8%A8%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%D9%8C-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%91%D9%8A%D9%88%D8%B1-%D8%A7...8%D8%A8%D8%A7%D9%8B/