رحل طه الجاك رجل التعمير رقم 1

08:10 PM April, 07 2016

سودانيز اون لاين
Osman Musa-
مكتبتى
رابط مختصر

يقول الله تعالى في سورة البقرة : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ *
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) البقرة/ 155 – 157 .

مذكرات طه الجاك ..دكتور نجيب إبراهيم بخيت
11 - 05 - 2012
تعتبر هذه المذكرات، أو هذه السيرة، سيرة غيرية بمعنى أن السيد طه الجاك نفسه لم يقُم بتدوين مذكراته الشخصية، وإنما قام غيره بذلك، وهو الدكتور نجيب إبراهيم بخيت، والذي قال في بداية هذه المذكرات: (لم أعاصر طه الجاك طه إبان فترة عمله بمشروع الجزيرة، ولست من مجايليه.. لقد اختار التقاعد عن العمل بالمشروع في عام «1978م» ثلاث سنوات قبل أن ألتحق بمشروع الجزيرة في بداية حياتي المهنية كمفتش غيط. كان قد ملأ الدنيا وشغل الناس بما يُحكى عنه من قصص وأحاديث وطرائف أشبه بأساطير الأرض المروية.


لقد لخص الدكتور نجيب وقدَّم مفتاح شخصية السيد طه الجاك والتي عمادها إتقان العمل، ودقة التنظيم، وسرعة الإنجاز، والمقدرة على اتخاذ القرار وتحمل تبعاته.. وقد كان هذا ديدنه حتى تقاعد بالمعاش في عام «1978م».. وقد تميز هذا الرجل بميزة إدارية نادرة وهو أنه قد كان في ذلك الزمن يدون ويسجل ويأرشف كل ما يمكن أن يخدم التاريخ في يوم من الأيام.. وقد ساعد في الإدارة وقالوا عنه ما لم يستطِع حتى أن يقوله لو كتب سيرته الذاتية، وقد كانت شخصيته شخصية كاريزمية يلتف حولها الناس يتخذونها مثالاً ونموذجاً عملياً لهم.. وقد كان ملقباً بعدة أسماء كلها تدل على قوة شخصيته الإدارية فقد كان يطلق عليه (الأمين) (وود أبو عصا) (الجعلي) (والساطور) وقد كان معلماً في بداية حياته العملية، ثم اختار العمل الميداني (كمفتش غيط).. وقد قال كاتب هذه السيرة إنه أراد أن يكون في شخصية هذا الرجل نموذجاً وطنياً للإداري الناجح.. والذي أدار مشروعاً ضخماً تساوي رقعته الجغرافية حجم أربع دول إفريقية هي رواندا وبورندي والجامبيا، وسوازيلاند.
وُلد صاحب السيرة طه الجاك الجعلي في العام «1923م» في الموردة، بأم درمان، وتلقى تعليمه بالخلوة، والأولية بالخرطوم غرب، وبكلية غردون في العام «3991 1942م». وبمدرسة العلوم الإدارية وكذلك بمعهد في بخت الرضا ثم جامعة برنستون بالولايات المتحدة الأمريكية.. وتقلد عدة مناصب بمشروع الجزيرة.. حتى منصب رئيس مجلس إدارة المشروع.. وقد كان من أبرز إنجازاته تعمير مشروعي الجنيد وامتداد المناقل، ثم إنشاء مصلحة التخطيط والتنمية، وقد كان السيد طه الجاك من أهم الشخصيات التي تسلمت القيادة وسودنت الوظائف الحكومية عقب تأميم مشروع الجزيرة في العام «1950م». وقد كان خريج مدرسة كتشنر للعلوم، وترك مهنة التدريس ليطبق العلم في ميدان العمل (الغيط)، وقد كان يجيد الإنجليزية إجادة تامة، كتابة ومخاطبة، وقد شهد له الخبراء الأوربيون بأن قوة مشروع الجزيرة جاءت من الإدارة الجيدة في ذلك الزمان.
قد كان السيد طه الجاك رجلاً ميدانياً، وليس مكتبياً، فهو يخرج مبكراً في الصباح ويعود متأخراً في الليل.
ومما ساعد السيد طه الجاك في هذه العبقرية الإدارية، هو حبَّه ومتابعته للجديد، في مجالات المعرفة وتطبيقات العلوم الزراعية في مختلف مجالاتها التكنولوجية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية.
وقد كانت شهرة طه الجاك، وخبرته عالمية، فقد كان يكتب للمؤسسات والأفراد في كل المجالات التنموية التي تخص مشروع الجزيرة، فقد كتب لوزارة التنمية البريطانية لتدريب المزارعين على عمليات تسويق الفول السوداني في الجزيرة، ونشرت له منظمة الأغذية الزراعية (الفاو) موضوعات زراعية مختلفة على صفحات مجلاتها.
اشتهر طه الجاك حسب ما جاء في هذه المذكرات أو هذه السيرة الغيرية، بأنه كان شجاعاً في آرائه، وفق ما يراه صحيحاً ومناسباً، وكان يرى أن مجموعة من الأكاديميين لا يمكن أن يديروا مشروع الجزيرة.. وقد كان يمثل نموذج العملي الحق والإداري الناجح بعيداً عن البيروقراطية والعقلية المكتبية الضيقة.. كان يجوب أطراف المنطقة المروية، يحمل في عربته مصلاية وقليلاً من الموز وحافظة شاي، وعددًا من الخرائط ملفوفة وممدودة بالكنبة الخلفية وأوراقًا ودفاتر وأقلامًا يجلس دائماً بجوار السائق وليس خلفه.
ويعتبر هذا الرجل من أهم الشخصيات التي اهتمت بمجالات التنمية المختلفة في مشروع الجزيرة، الحركة التعاونية، الإنتاج الحيواني، الدورة الزراعية، التسويق، البحوث الاقتصادية والاجتماعية الزراعية، وتصنيع المحالج وفحص التربة والأسمدة الكيميائية والإرشاد الزراعي.. وقد قام بالتوثيق لكل إنجازاته، وهذا ما يدل على وعيه الوطني والإداري.
وصفه الكثيرون بالرجل الوطني الغيور، وقالوا عنه إنه قد قاد سفينة الإنشاء والتعمير فكان رباناً ماهراً.. البعض وصفه بأنه أسطورة في تحمل المشاق السفر الطويل.. وقد كان مثالاً للموظف المحب لبلده والعامل المخلص لعمله الأمين في قوله وفعله.

( منقول )

من غــيــرنــا
الشاعر الأستاذ / محمد المكي إبراهيم


من غيرنا يعطي لهذا الشعب معنى أن يعيش وينتصرْ
من غيرنا ليقرر التاريخ والقيم الجديدةَ والسيرْ
من غيرنا لصياغة الدنيا وتركيب الحياةِ القادمةْ
جيل العطاءِ المستجيش ضراوة ومصادمةْ
المستميتِ على المبادئ مؤمنا
المشرئب إلى السماء لينتقي صدر السماءِ لشعبنا
جيلي أنا...

******

هزم المحالاتِ العتيقة وانتضى سيفَ الوثوقِ مُطاعنا
ومشى لباحات الخلودِ عيونهُ مفتوحةٌ
وصدوره مكشوفةٌ بجراحها متزينهْ
متخيرا وعر الدروب.. وسائراً فوق الرصاص منافحا
جيل العطاءِ لك البطولاتُ الكبيرةُ والجراحُ الصادحهْ
ولك الحضورُ هنا بقلب العصر فوق طلوله المتناوحهْ
ولك التفرّد فوق صهوات الخيول روامحا
جيل العطاءْ...
أبداً يزلُّ المستحيل لعزمنا .. وسننتصرْ
وسنبدعُ الدنيا الجديدةَ وفقَ ما نهوى
ونحمل عبءَ أن نبني الحياة ونبتكرْ

.....
الراحل طه الجاك هو الرقم وأحد لجيل العطاء الذي كتب عنه شاعر الأمة

له الرحمة والمغفرة
ولاله الصبر وحسن العزاء