مقيلٌ بصدرِ أُمي

مقيلٌ بصدرِ أُمي


03-29-2016, 04:08 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=490&msg=1459264081&rn=0


Post: #1
Title: مقيلٌ بصدرِ أُمي
Author: بله محمد الفاضل
Date: 03-29-2016, 04:08 PM

03:08 PM March, 29 2016

سودانيز اون لاين
بله محمد الفاضل-جدة
مكتبتى
رابط مختصر



إلى أمي هُناااااااك والأشواق تطرزني غيماً مدرارا...



في هذا اليومِ البارِدِ يا أُمي،
في هذا اليومِ والشمسِ تدلّتْ لتُلاحِقَ جسدي الهزيلَ بالطُرقاتِ،
في هذا اليومِ كما كُلُّ يومٍ يا أُمي أبدأُ من حيثُ انتهيتُ معكِ هُناك،
نعم أُمي،
من حيثُ انتهيتُ أبدأُ:
في ليلةٍ لم يتوقفْ المطرُ فيها عن رشقِ جِدرانِ بيتِنا المُتآكِلِ،
كأنه يهزأُ من إدعائِهِ الصلابةْ،
أو ربما يختبرُ ثقتَنا بالجُدرانِ،
أو لمآرِبٍ أُخرٍ كالانسيابِ،
كالخضرةِ،
كالنماءِ الذي لا نطال سوى رأفتَهُ بالبصرِ والرُّوحِ ويقطفهُ الجُباةُ،
في تلك الليلةِ يا أُمي،
والقلقُ أحكمَ قبضتَهُ علينا ودسَّ الجُحوظَ بعيونِنا،
في تلك الليلةِ يا أُمي تسربَ بعضُ الماءِ إلى فِراشِكِ من ثُقبٍ حاكْهُ المطرُ في السَّطحِ،
وكدأبي في ذاك الحينَ إذ كانت تلفُّ جسدي فُحولةٌ تعبئُ روحي بالنخوةِ ويسبقُ ذلك كُلهُ هلعي من أن يمسّكِ سوءٌ،
تلفعتُ بملاءتي بعد أن أزحتَكِ وفِراشَكِ عن تصويباتِ الثُّقبِ المائيةِ،
وحملتُكِ إلى فِراشي البعيدِ عن موقعِ الخطرِ،
ودفعتُ بنفسٍ عميقٍ من دفءِ الغُرفةِ المملوءِ بأنفاسِكِ وأنتِ تسعلينَ في تلك الليلةُ لتأثيرِ ماءِ وهواءِ المطرِ على رئتيكِ،
دفعتُهُ إلى صدري شبه العاري لانشغالي بالإمساكِ والخبط على بطاريةٍ متأرجحة الضوء،
خرجتُ أعني السَّطحَ لسدِّ الثُقبِ، فانزلقتْ قدمي اليُمنى، وسقطتُ، فشججتُ رأسي،
والتوتْ قدمي..
وما هي إلا هُنيهةً
-وقد علا صراخي-
حتى وجدتُني محمولاً بين ذراعيكِ الواهنينِ مغموراً بدفءِ صدرِكِ الحنونِ،
أمي،
أتذكرُ تلك الليلةَ ضمنَ ما أتذكرُ من ليالٍ لم تضِنينْ فيها علينا وأنتِ في أوجِ الإعياءِ بالرِّعايةِ والحنانِ،
أمي،
كأن الأقدارُ ارتضتْ هكذا مآلٍ لنا،
أنتِ هُناكَ،
ونحنُ هُناكَ،
وبين الهُناكَ والهُناكَ مسافاتٌ تفصلُ الأجسادَ لكنها لم تقدرْ على الأرواحِ فبقيتْ حائمةً حولكِ كيفما وأينما اتجهَ بصرُكِ أو قدماك.
أُمي،
أنه يومٌ في شرنقةِ العلقمِ،
يومٌ يا أُمي أورثنا عرجاً في الأحاسيسِ حيال الأشياء المحدقة بنا،
عرجاً بقدمِ جدتي،
عرجاً بجدرانِ بيتنا وسقفه،
عرجاً في البقاءِ بمعيتِكِ،
عرجاً عرجاً عرجاً لا هوادة فيه بتفاصيلٍ ماكِثةٍ تفاصيلها فينا ونورثها يا أمي..
أُمي،
في هذا اليوم البارِد يا أمي،
يتبادرُ إلى ذهني كما كُلّ يومٍ يا أمي وصوتُكِ المشروخُ بدمعِ الشوقِ يتغلغلُ بمسامِ روحي،
يتبادرُ إلى ذهني يا أمي أن أضعَ قلمَ الترحالِ،
أن أُكسّرَهُ فيسيلُ مِدادُهُ القاني،
يتبادرُ إلى ذهني أن أتغلبَ على الحياءِ الذي يغمرُني من الإيابِ حامِلاً حقائبَ الخيبةِ مُنتعلاً جسداً تسولتَهُ الأرزاءُ وعقلاً أضحى مثقوباً كثيف الضوضاء وروحاً نهشتها أفاعيلُ العُزلةِ والحنين ولطماتُ الاغترابِ والحاجة،
يتبادرُ إلى ذهني يا أمي أن أحتويكِ لا كما تفعلُ كل يومٍ خيالاتي،
وإنما شوقاً لشوقٍ،
ولتشتعلَ المسافاتُ يا أمي..


Post: #2
Title: Re: مقيلٌ بصدرِ أُمي
Author: Muna Khugali
Date: 03-29-2016, 05:20 PM
Parent: #1

مقيل في صدر أمي

هو أجمل وأعمق تعبير لوصف الأمان والحنان

Post: #3
Title: Re: مقيلٌ بصدرِ أُمي
Author: حامد بدري
Date: 03-30-2016, 07:06 AM
Parent: #2

Quote: ودسَّ الجُحوظَ بعيونِنا

بوصفي سررراق عبارات

Post: #6
Title: Re: مقيلٌ بصدرِ أُمي
Author: بله محمد الفاضل
Date: 04-07-2016, 06:41 AM
Parent: #3

ههههههههه
حلال عليك يا حامد

وحتوديها وين؟ ههههههه

Post: #4
Title: Re: مقيلٌ بصدرِ أُمي
Author: بله محمد الفاضل
Date: 04-03-2016, 07:46 AM
Parent: #2

لا وصف بمقدوره أن يحاذي/يقابل امرأة أم يا منى
لا وصف على الإطلاق



التحايا والاحترام والمحبة لك
وأنت أم
وجدة كذلك
وشابة في أول العمر بعد..

Post: #5
Title: Re:
Author: عفاف أبو حريرة
Date: 04-03-2016, 08:03 AM
Parent: #4

ياريت لو في تفعيل خدمه يبين انك مريت ووقفته
من غير ماتكتب شي لانه احيانا في كتابات ما تقدر غير تقيف
قدامه واي تعليق ببقي زي ببقي شبه مستحيل يوصل احساسك
وكمان تمشي من غير ما تنصف تحسسك لهذ الجمال تكون ماانصفت
نفسك
وان تكتبي فتلك مصيبتا
وان لا تكتب فالمصيبة اعظمو

الله عليك وعلي جمال وصفك مقيلٌ بصدرِ أُمي
ياسيدي القومه ليك
وكتابتك تقوم النفس

Post: #7
Title: Re:
Author: بله محمد الفاضل
Date: 05-17-2016, 09:53 AM
Parent: #5

عجزت منذها أخيتي عفاف

سلمك الله وحفظك وأسرتك الجميلة


غاية المحبة والامتنان لك

Post: #8
Title: Re:
Author: عبيد الطيب
Date: 05-17-2016, 10:49 AM
Parent: #7

تحياتي ومعزتي الشاعر الشفيف بلة الفاضل
وشكرا علي هذه الكتابة الحنينة
عبق الأحبة قوت"ومقوت"، في ليالي الشّرف الطوال
بارك الله لك في أُمك، ورحم الله أُمي وأمهات الجميع
وتحايا خاصة للأخوات منا خوجلي وعفاف أبوحريرة، فهنّ أمهات النفل السمح،فكتابتهُنّ أيضا ضُل ومقيل من أوار سموم المنبر

Post: #9
Title: Re:
Author: معاوية المدير
Date: 05-17-2016, 11:11 AM
Parent: #8

هسّع نقول شنو ؟!.

علي العموم عندك وردة فوق ...

Post: #11
Title: Re:
Author: بله محمد الفاضل
Date: 06-05-2016, 07:15 AM
Parent: #9

الوردة منك ورود يا ود المدير
وليد كل أم
مع القبل الوفيرة لقلوبهن


محبتي لك

Post: #10
Title: Re:
Author: بله محمد الفاضل
Date: 05-19-2016, 09:15 AM
Parent: #8

تسلم صديقي الأنيق عبيد الطيب
الأمهات فوق كل كتابة تخوض في بحور الأخيلة
وفوق كل كلام قيل أو سيقال في الحب والحن...
بارك الله في أمهاتنا جميعاً ورحم من مضين منهن إلى دار القرار


المحبة لك